الاثنين، 5 فبراير 2018

قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر هل هذه القاعدة صحيحة عمرو العدوي





أبو حبيبة

قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر هل هذه القاعدة صحيحة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر هل هذه القاعدة صحيحة
أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يرحمني يوم لا ينفع مال ولا بنون، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله.
من لم يكفر الكافر فهو كافر هل هذه القاعدة صحيحة
الجواب هذه القاعدة لا أصل لها بهذا الإطلاق في كتاب الله عز وجل ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما تأتي في كلام أهل العلم مقصودا بها الكافر الذي لا يختلف في كفره كاليهودي والنصراني كما سيأتي  والدليل على أن هذه القاعدة لا أصل لها بهذا الإطلاق : فإن العلماء ما زالوا يختلفون في الحكم على أعمال معينة هل هي كفر أو مما دون الكفر ، ومع ذلك ما كفر بعضهم بعضا لأجل ذلك مثلا تارك الصلاة قد اختلف فيه أهل العلم ، فالإمام أحمد وجمع من العلماء يرون أنه كافر ، وبقية الأئمة لا يرون أنه كافر ، فلم يقل الإمام أحمد : أنتم أيها القائلون بأنه ليس بكافر كفار ، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (3/229) : وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَتَنَازَعُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ لَا بِكُفْرِ وَلَا بِفِسْقِ وَلَا مَعْصِيَةٍ اهـ لكن من لم يكفر الكافر فهو كافر إذا لم يكفر النصارى ولم يكفر اليهود ، ومن سماه الله كافرا في القرآن الكريم ، كفرعون وأبي لهب ، فهؤلاء : من لم يكفرهم فهو كافر 0
قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ وقائلُ هذا كلهِ كافرٌ بالإجماعِ على كفرِ من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود، وكل من فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم أو شك انظر الشفا " (2/281)
وذكر ابن تيمية بعض الفرق الباطنية التي ثبت كفرها يقينا فقال : في مجموع الفتاوى (2/368) : وَأَقْوَالُ هَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنْ أَقْوَالِ النَّصَارَى وَفِيهَا مِنْ التَّنَاقُضِ مِنْ جِنْسِ مَا فِي أَقْوَالِ النَّصَارَى؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ بِالْحُلُولِ تَارَةً وَبِالِاتِّحَادِ أُخْرَى وَبِالْوَحْدَةِ تَارَةً فَإِنَّهُ مَذْهَبٌ مُتَنَاقِضٌ فِي نَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا يَلْبِسُونَ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْهَمْهُ. فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِإِجْمَاعِ كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ هَؤُلَاءِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَوْلِهِمْ وَمَعْرِفَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَافِرٌ كَمَنْ يَشُكُّ فِي كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ اهـ قال النووي في روضة الطالبين (10/ 70) : مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى، أَوْ شَكَّ فِي تَكْفِيرِهِمْ، أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ أَظْهَرَ مَعَ ذَلِكَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَقَدَهُ اهـ
وقال ابن تيمية : قال محمد بن سحنون: "أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر".
انظر الصارم المسلول (1/4) وقال الْبُهُوتِيُّ في كشف القناع (6/170) : لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ) أَيْ تَدَيَّنَ (بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى) وَالْيَهُودِ (أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ) فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] اهـ
وقد وقع في زمان الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن – من أئمة الدعوة النجدية وأحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب – أن بعض الغلاة توسعوا في التكفير لفهمهم الخاطيء لهذه القاعدة ، فكتب إليهم ينكر عليهم ويقول : وقد رأيت سنة أربع وستين، رجلين من أشباهكم، المارقين، بالأحساء، قد اعتزلا الجمعة والجماعة، وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم، يقولون: أهل الأحساء يجالسون ابن فيروز، ويخالطونه، هو وأمثاله، ممن لم يكفر بالطاغوت، ولم يصرح بتكفير جده، الذي رد دعوة الشيخ محمد، ولم يقبلها، وعاداها.
قالا: ومن لم يصرح بكفره، فهو كافر بالله، لم يكفر بالطاغوت ; ومن جالسه، فهو مثله ; ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين الضالتين، ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام، حتى تركوا رد السلام، فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم، وتهددتهم، وأغلظت لهم القول; فزعموا أولا: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم، بما حضرني في المجلس.
وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها، بعد قيام الحجة، وبلوغها المعتبر، كتكفير من عبد الصالحين، ودعاهم مع الله، وجعلهم أندادا له، فيما يستحقه على
 خلقه، من العبادات، والإلهية، وهذا مجمع عليه أهل العلم والإيمان، وكل طائفة من أهل المذاهب المقلدة، يفردون هذه المسألة بباب عظيم، يذكرون فيه حكمها، وما يوجب الردة ويقتضيها، وينصون على الشرك ; وقد أفرد ابن حجر هذه المسألة، بكتاب سماه: الإعلام بقواطع الإسلام.
وقد أظهر الفارسيان المذكوران، التوبة والندم، وزعما أن الحق ظهر لهما، ثم لحقا بالساحل، وعادا إلى تلك المقالة، وبلغنا عنهم تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك المصريين، بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والحور بعد الكور.
وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في مسائل من هذا الباب، كالكلام في الموالاة والمعاداة، والمصالحة والمكاتبات، وبذل الأموال والهدايا، ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله والضلالات، والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي، ونحوهم من الجفاة، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله، وأوتي الحكمة وفصل الخطاب.
والكلام في هذا يتوقف على معرفة ما قدمناه، ومعرفة أصول عامة كلية، لا يجوز الكلام في هذا الباب، وفي غيره، لمن جهلها، وأعرض عنها وعن تفاصيلها، فإن الإجمال والإطلاق، وعدم العلم، بمعرفة مواقع الخطاب، وتفاصيله، يحصل به من اللبس، والخطأ، وعدم الفقه عن الله، ما يفسد الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها، وبين فهم السنة والقرآن، قال: ابن القيم، في كافيته، رحمه الله تعالى:
فعليك بالتفصيل والتبيين فال ... إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطاال ... أذهان والآراء كل زمان
وأما التكفير بهذه الأمور التي ظننتموها، من مكفرات أهل الإسلام فهذا مذهب الحرورية المارقين، الخارجين على علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين، ومن معه من الصحابة انظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/467)
وقال علماء اللجنة الدائمة (2/151) : لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب لرئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز اهـ
وقال ابن باز في مجموع فتاوى (28/ 234) : وهكذا من قال: إن الزكاة لا تجب أي جحد وجوبها أو صيام رمضان جحد وجوبه، فهذا يكفر بذلك؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، ومكذب لإجماع المسلمين فيكون كافرا.
ومن شك في كفره فهو كافر بعد ما يبين له الدليل ويوضح له الأمر، يكون كافرا بذلك لكونه كذب الله ورسوله، وكذب إجماع المسلمين اهـ
وأيضا في فتاوى نور على الدرب سئل ابن باز رحمه الله (4/118) سمعت مؤخرا أن من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر، كما أن من يشك في كفر تارك الصلاة أو المستهزئ بحد من حدود الله فهو كافر، فهل هذا صحيح؟
ج: لقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب البراءة من المشركين واعتقاد كفرهم، متى علم المؤمن ذلك واتضح له كفرهم وضلالهم، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} سورة الزخرف الآية 26
 {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} سورة الزخرف الآية 27
 {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} سورة الزخرف الآية 28
 لعلهم يرجعون إليها في تكفير المشركين والبراءة منهم، والإيمان بأن الله هو المعبود بالحق سبحانه وتعالى، وقال عز وجل: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} سورة الممتحنة الآية 4
 فهذا هو دين إبراهيم وملة إبراهيم والأنبياء جميعا، البراءة من عابدي غير الله واعتقاد كفرهم وضلالهم، حتى يؤمنوا بالله وحده سبحانه وتعالى.
فالواجب على المسلم أن يتبرأ من عابدي غير الله، وأن يعتقد كفرهم وضلالهم حتى يؤمنوا بالله وحده سبحانه وتعالى، كما حكى الله عن إبراهيم والأنبياء جميعا، وهكذا قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة البقرة الآية 256، والكفر بالطاغوت معناه البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، وهذا الواجب على كل مكلف أن يعبد الله وحده، وأن يؤمن به ويعتقد أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، وأن ما عبده الناس من دون الله، من أصنام أو أشجار أو أحجار، أو أموات أو جن أو ملائكة أو كواكب أو غير ذلك، أنه معبود بالباطل، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} سورة الحج الآية 62 الآية من سورة الحج. فالمؤمن إذا علم أن فلانا يعبد غير الله وجب عليه البراءة منه، واعتقاد بطلان ما هو عليه وتكفيره بذلك، إذا كان ممن بلغته الحجة، ممن كان بين المسلمين أو علم أنه بلغته الحجة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} سورة الأنعام الآية 19، وقال تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} سورة إبراهيم الآية 52 فالله أوحى القرآن إلى نبيه صلى الله عليه وسلم وجعله بلاغا للناس، فمن بلغه القرآن أو السنة، ولم يرجع عن كفره وضلاله وجب اعتقاد بطلان ما هو عليه وكفره، ومنه هذا الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار أخرجه مسلم برقم 153 » . فبين عليه الصلاة والسلام أنه متى بلغه ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مات ولم يؤمن بذلك صار من أهل النار، يعني صار كافرا من أهل النار، لكونه لم يستجب لما بلغه عن الله وعن رسوله، وهذا هو معنى قوله سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} سورة الأنعام الآية 19، وقوله سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} سورة إبراهيم الآية 52 وفي الصحيح، صحيح مسلم، عن طارق بن أشيم رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه أخرجه مسلم برقم 23.
 » وفي لفظ آخر: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه أخرجه الإمام أحمد في مسند برقم 15448.
 » فجعل تحريم الدم والمال مربوطا بقوله: لا إله إلا الله، وبتوحيده الله وكفره بالطاغوت، فلا يحرم ماله ودمه حتى يوحد الله
وحتى يكفر بالطاغوت، يعني حتى يكفر بعبادة غير الله، الطاغوت كل ما عبد من دون الله، يعني حتى يكفر بعبادة غير الله، ويتبرأ منها ويعتقد بطلانها، وهو معنى الآية الكريمة السابقة: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة البقرة الآية 256 والذي يعلم الكافر وما هو عليه من الباطل، ثم لا يكفره أو يشك في كفره، معناه أنه مكذب لله ولرسوله غير مؤمن بما حكم الله عليه به من الكفر، فاليهود والنصارى كفار بنص القرآن ونص السنة.
فالواجب على المكلفين من المسلمين اعتقاد كفرهم وضلالهم، ومن لم يكفرهم أو شك في كفرهم يكون مثلهم، لأنه مكذب لله ولرسوله، شاك فيما أخبر الله به ورسوله، وهكذا من شك في الآخرة، بأن شك هل هناك جنة ولا ما هناك جنة؟ هل هناك نار ولا ما هناك نار؟ هل هناك بعث ولا ما هناك بعث؟ يعني عنده شك، هل هناك بعث ونشور؟ هل يبعث الله الموتى؟ هل هناك جنة؟ هل هناك نار؟ ما عنده إيمان ويقين، بل عنده شك، هذا يكون كافرا، حتى يؤمن بالبعث والنشور وبالجنة والنار، وأن الله أعد الجنة للمتقين المؤمنين، وأعد النار للكافرين، لا بد من إيمانه بهذا بإجماع المسلمين. وهكذا من شك في أن الله يستحق العبادة يكون كافرا بالله عز وجل، لأن الله سبحانه، يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} سورة الحج الآية 62 ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} سورة الإسراء الآية 23، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} سورة الفاتحة الآية 5 ، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} سورة البينة الآية 5
 ، والآيات في هذا كثيرة، وهكذا من شك في الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أعلم أن محمدا رسول الله، أو ما هو برسول الله، عندي شك. يكون حكمه حكم من أنكر رسالته أو كذب به، يكون كافرا حتى يؤمن يقينا أن محمدا رسول الله، وهكذا المرسلون الذين بينهم الله، كنوح وهود وصالح وموسى وعيسى وإبراهيم ونحوهم، من شك في رسالتهم أو كذبهم يكون كافرا، نسأل الله العافية، وهكذا من استهزأ بالدين، ومن سب الدين أو استهزأ بالحدود يكون كافرا، كما قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} سورة التوبة الآية 65، والذي يسب الدين ويسب الرسول مثل المستهزئ، أو أقبح وأكفر. أما من ترك الصلاة ولم يجحد وجوبها فهذا فيه خلاف بين العلماء، منهم من يرى تكفيره وهو الصواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد برقم 22428.
 » ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه مسلم برقم 82» ، وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد وجوبها، بل يكون عاصيا، ويكون كافرا كفرا دون كفر وشركا دون شرك، لكن لا يكون كافرا كفرا أكبر. هذا قاله جمع من أهل العلم، ومن شك في كفر هذا لا يكون كافرا لأجل الخلاف الذي فيه، من شك في كفر تارك الصلاة ولم يجحد وجوبها لا يكون كافرا، بل هذا محل اجتهاد بين أهل العلم، فمن عرف بالأدلة الشرعية أنه كافر وجب عليه تكفيره، ومن شك في ذلك ولم تظهر له الأدلة، ورأى أنه لا يكفر كفرا أكبر بل كفرا أصغر، هذا معذور في اجتهاده ولا يكون كافرا بذلك، أما من جحد وجوبها، وقال: الصلاة غير واجبة! هذا كافر عند الجميع، ومن شك في كفره فهو كافر نعوذ بالله، وهكذا من قال: إن الزكاة لا تجب، وجحد وجوبها، أو صيام رمضان جحد وجوبه، أو قال: إن الحج مع الاستطاعة لا يجب، هذا يكفر بذلك، لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومكذب لإجماع المسلمين فيكون كافرا، ومن شك في كفره فهو كافر بعد ما يبين له الدليل، ويوضح له الأمر يكون كافرا بذلك، لكونه كذب الله ورسوله، وكذب إجماع المسلمين، وهذه أمور عظيمة يجب على طالب العلم التثبت فيها وعدم العجلة فيها، حتى يكون على بينة وعلى بصيرة، وهكذا العامة يجب عليهم أن يتثبتوا وأن لا يقدموا على شيء حتى يسألوا أهل العلم، وحتى يتبصروا؛ لأن هذه المسائل عظيمة، مسائل تكفير ليست مسائل خفيفة، بل مسائل عظيمة. فالواجب على أهل العلم وعلى طلبة العلم أن يوضحوها للناس
بالأدلة الشرعية، والواجب على من أشكل عليه شيء ألا يعجل، وأن ينظر في الأدلة، وأن يسأل أهل العلم حتى يكون على بصيرة، وعلى بينة في ذلك، رزق الله الجميع التوفيق والهداية والعلم النافع والعمل الصالح اهـ
سئل الدكتور ناصر العقل هل هناك فرق بين قول: (من لم يكفر الكافر فهو كافر) وقول: (من لم يكفر المشركين فهو كافر)؟

الجواب لا شك أن هناك فرقاً؛ لأن أغلب الذين يقولون: من لم يكفر الكافر يقصدون الكافر بحكمهم هم، والناس قد يخالفونهم في حكمهم.
أما من لم يكفر المشرك فهذه مسألة لا شك أنها واضحة، فالمشركون لا شك في كفرهم، وكذلك المنافقون الذين علم الله نفاقهم، وإلا فلا نستطيع أن نعرف المنافق بعينه، وكذلك اليهود والنصارى، وكل من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر، ومن لم يكفره فالأصل فيه الكفر، لكن تحتاج المسألة إلى إجراء المعروف في التثبت في ماذا يقول وماذا يعرف؟ وهل يجهل أو لا يجهل؟ إلى آخره انظر شرح الطحاوية
وختاما : يجب على كل طالب حق عدم التسرع في التكفير بغير حق ، وليعلم هؤلاء أن الله تعالى كما أمرنا بالكفر بالطاغوت ، فأنه نهانا نهيا أكيد جازما عن تكفير المسلمين بغير حق عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ رواه البخاري (6104) ومسلم (60) واللفظ له قال الشوكاني رحمه الله في السيل (1/ 978) : اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن: "من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما" هكذا في الصحيح [البخاري "10/514"] ، وفي لفظ آخر في الصحيحين [البخاري "6045"، مسلم "61"] ، وغيرهما: "مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ "، أي رجع وفي لفظ في الصحيح: "فقد كفر أحدهما"، ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير اهـ
بهذا القدر نكتفي سائلين الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا  نسأل الله عز وجل أن يرفع راية الْإِسْلام والمسلمين عالية خفاقة وأن ينصر بنصره من أعان على نشر الْإِسْلَام في إرجاء المعمورة
ونسْأَله سبحانه أن يخذل من خذل الْإِسْلام والمسلمين وسعى لنشر الرذيلة وابتغى في  الأَرْض  وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك  محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق