الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الجزء الثاني عمرو العدوي



 صفة صلاة النبي الجزء الثاني
السابع عشر : ثم يكبر ويهوي إلى السجود ويسجد 0
 أَمَّا السُّجُودُ فَوَاجِبٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الرُّكُوعِ، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ رُكْنٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ: «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا» . وَالْخِلَافُ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِي طُمَأْنِينَةِ الرُّكُوعِ، وَيَنْحَطُّ إلَى السُّجُودِ مُكَبِّرًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّ الْهَوِيَّ إلَى السُّجُودِ رُكْنٌ، فَلَا يَخْلُو مِنْ ذِكْرٍ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ انظر المغني (1/ 369)
فوائد :
1- حد الطمأنينة:
الطمأنينة المكث زمنا ما بعد استقرار الاعضاء، قدر أدناها العلماء بمقدار تسبيحة.انظر فقه السنة (1/138)
2- النزول للسجود هل على اليدين أم الركبتين ؟
تنازع : العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : قالوا : يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وهو مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ينظر مجموع الفتاوى (22\ 449) وابن القيم ورجحه ابن باز وابن عثيمين 0
ودليلهم : عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ رواه أبو داود (838) قال الألباني في ضعيف أبي داود (1\ 333) (قلت: إسناده ضعيف، وضعفه الدارقطني وابن سيِّدِ الناس وعفان (من شيوخ أحمد) ، فقال: " حديث غريب ") انتهى قلت : بل هو حديث حسن لغيره قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وَقَالَ الْخطابِيّ: هُوَ أثبت من حَدِيث تَقْدِيم الْيَدَيْنِ وصححه الحاكم والذهبي وابن خزيمة (626) وابن حبان (1912) وحسنه الحازمي ينظر البدر المنير (3\ 656) وحسنه البغوي (642) وقواه الطحاوي واحتج به ابن القيم وابن باز وحسنه الأرنؤوط في سنن أبي داود (2\129)
ثانيا : عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ» رواه ابن خزيمة (628)
 قال ابن حجر في فتح الباري (2\291)
وَادّعى بن خُزَيْمَةَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ لَكِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ انتهى
وقال الألباني: إسناده ضعيف جدا اسماعيل بن يحيى بن سلمة متروك كما في التقريب وابنه ابراهيم ضعيف
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (11\33)
والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود هذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقدم يديه ولكن الأرجح أن يقدم ركبتيه ثم يديه لأن هذا ثبت من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه» وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه  فأشكل هذا على كثير من أهل العلم فقال بعضهم: يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه، وهذا هو الذي يخالف بروك البعير؛ لأن بروك البعير يبدأ بيديه فإذا برك المؤمن على ركبتيه فقد خالف البعير وهذا هو الموافق لحديث وائل بن حجر وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا ثم يضع يديه على الأرض ثم يضع جبهته أيضا على الأرض هذا هو المشروع فإذا رفع رفع وجهه أولا ثم يديه ثم ينهض هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي
صلى الله عليه وسلم وهو الجمع بين الحديثين، وأما قوله في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه » . فالظاهر والله أعلم أنه انقلاب كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله إنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر وما جاء في معناه انتهى
القول الثاني : مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى والأوزاعي يضع يديه قبل ركبتيه، ينظر معالم السنن (1\208) ومجموع فتاوى (22\ 449) وبه قال أحمد شاكر  والألباني ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ رواه أبو داود (840) قال الألباني في صحيح أبي داود (3\ 426) (قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الاشبيلي، وقوّاه ابن سَيدِ الناس، وقال النووي والزّرقاني: " إسناده جيد انتهى قال ابن حجر في البلوغ: ((وهو أقوى من حديث وائل بن حجر، فإن له شاهد من حديث ابن عمر صححه ابن خزيمة)) .
قال أحمد شاكر في " شرح الترمذي " (2 / 58 ـ 59) : " وحديث أبي هريرة نص صريح ومع هذا فإن بعض العلماء ومنهم ابن القيم حاول أن يعلله بعلةٍ غريبة فزعم أن متنه انقلب على راويه وأن صحة لفظه لعلها: " وليضع ركبتيه قبل يديه " ثم ذهب ينصر قوله ببعض الروايات الضعيفة وبأن البعير إذا برك وضع يديه قبل ركبتيه فمقتضى النهي عن التشبه به هو أن يضع الساجد ركبتيه قبل يديه. وهو رأي غير سائغ لأن النهي هو أن يسجد فينحط على الأرض بقوة وهذا يكون إذا نزل بركبتيه أولاً والبعير يفعل هذا أيضاً ولكن ركبتاه في يديه لا في رجليه وهو منصوص عليه في " لسان العرب " لا كما زعم ابن القيم " اهـ
القول الثالث : عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رِوَايَةٌ بالتخيير ينظر فتح الباري (2\291) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0
قال : شيخنا مصطفى العدوي والأمر في ذلك كله واسع لعدم ثبوت الأخبار عن رسول الله صل الله عليه وسلم  وبأي صنيع فعل المصلي فصلاته صحيحه والله أعلم انتهى  قلت : وكما علمت ان حديث أبي هريره صحيح وحديث : وائل بن حجر حسن لغيره 0
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22\ 449) أَمَّا الصَّلَاةُ بِكِلَيْهِمَا فَجَائِزَةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ الْمُصَلِّي يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فِي الْحَالَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي الْأَفْضَلِ انتهى قال الألباني رحمه الله : عن حديث أبي هريرة  ظاهر الأمر في الحديث يفيد الوجوب، ولم أر من صرح بذلك غير ابن حزم؛ فصرح في " المحلى " بفرضية ذلك، وأنه لا يحل تركه. وفي ذلك دليل على خطأ الاتفاق الذي نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى "على جواز كلا الأمرين من السجود على الركب، أو على اليدين، ولعله لم يستحضر هذا النص حين كتابته الفتوى.انظر أصل صفة صلاة النبي صل الله عليه وسلم (2/725) قلت : انصرف للاستحباب بحديث المسيء في صلاته وحديث وائل بن حجر السابق وكما سبق أن القولين سنة والله أعلم
3- من أراد الزيادة فلينظر إلى كتب نهي الصحبة عن النزول بالركبة لأبي إسحاق الحويني حفظه الله
4-  قوله: - أي سيد سابق - "وأما كيفية الرفع من السجود حين القيام إلى الركعة الثانية فهو على الخلاف أيضا. فالمستحب عند الجمهور أن يرفع يديه ثم ركبتيه وعند غيرهم يبدأ برفع ركبتيه قبل يديه".قال الألباني : قلت: الحق هذا الثاني لحديث مالك بن الحويرث أنه كان يقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي في غير وقت الصلاة فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا ثم قام فاعتمد على الأرض. أخرجه البخاري والشافعي في "الأم" والسياق له. فهذا نص قي أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد بيديه على الأرض وبه قال الشافعي. قال البيهقي:
"وروينا عن ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا نهض وكذلك كان يفعل الحسن وغير واحد من التابعين".قلت: وحديث ابن عمر رواه البيهقي بسند جيد عنه موقوفا ومرفوعا كما بينته في "الضعيفة" تحت الحديث 967 وفي "صفة الصلاة" ويأتي لفظه قريبا بإذن الله تعالى.ورواه أبو إسحاق الحربي بسند صالح مرفوعا عنه يرويه الأزرق بن قيس:رأيت ابن عمر يعجن في الصلاة: يعتمد على يديه إذا قام. فقلت له؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. وهو حديث عزيز - كما ذكرت هناك - لم يذكره أحد من المخرجين المتقدمين منهم والمتأخرين ثم سرقه المعلق على "الزاد" فنقله بالحرف الواحد من "الصفة" متشبعا بما لم يعط وكم له من مثل ذلك في تعليقه هذا وغيره! هدانا الله وإياه.قلت: ولازم هذه السنة الصحيحة أن يرفع ركبتيه قبل يديه. إذ لا يمكن الاعتماد على الأرض عند القيام إلا على هذه الصفة. وهذا هو المناسب للأحاديث الناهية عن التشبه بالحيوانات في الصلاة وبخاصة حديث أبي هريرة المتقدم في النهي عن البروك كبروك الجمل فإنه ينهض معتمدا على ركبتيه كما هو مشاهد فينبغي للمصلي أن ينهض معتمدا على يديه مخالفة له. فتأمل منصفا.وفي هذا الحديث مشروعية جلسة الاستراحة ويأتي الكلام عليها قريبا إن شاء الله تعالى انظر تمام المنة (1/196)
5- والسجود يكون على سبعة أعظم اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ السَّبْعَةِ الْأَعْضَاءِ القول الأول : وهو أحد قولى الشافعى، وبه قال أحمد وإسحاق، وهو مذهب ابن حبيب، إلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى جَمِيعِهَا انظر شرح البخاري لابن بطال (2/431) ورجحه الشوكاني وابن باز ودليلهم : 1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ،- وفي روايه وَكَفَّاهُ – وَالرِّجْلَيْنِ وفي روايه - وَرُكْبَتَاهُ -، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ رواه البخاري (809) ومسلم (490) قال الشوكاني رحمه الله : وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْضَاءَ السُّجُودِ سَبْعَةٌ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلسَّاجِدِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهَا كُلِّهَا انظر نيل الأوطار (2/298)  
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَمَسَّ أَنْفُهُ الْأَرْضَ» رواه الحاكم (997) قال الألباني : هو حديث صحيح على شرط البخاري كما قال الحاكم والذهبي انظر تمام المنة (1/170)
القول الثاني : وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: الْوَاجِبُ السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ فَقَطْ انظر نيل الأوطار (2/298)  
قلت : الراجح هو الْوَاجِبُ السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ والأنف فقط لحديث  الأعرابى الذى علمه النبي صل الله عليه وسلم قال له : وَإِذَا سَجَدْتَ فَأَمْكِنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الأَرْضِ والنبي صل الله عليه وسلم قال : «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ فالأنف تابع مصاحب للجبهة وحديث «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَمَسَّ أَنْفُهُ الْأَرْضَ» أما السجود على أَنْفِهِ والْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ فهو مستحب وليس بواجب أما حديث «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ
انصرف للاستحباب بما يلي
أولا - أن النبي صل الله عليه وسلم َإِذَا سَجَدَ قَالَ:سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» رواه مسلم ((771)) فلم يذكر غير الوجه - قلت : وكما سبق أن الأنف تابع مصاحب للجبهة قال في المغني (1/370) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْوَجْهِ، وَلِأَنَّ السَّاجِدَ عَلَى الْوَجْهِ يُسَمَّى سَاجِدًا، وَوَضْعُ غَيْرِهِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يُسَمَّى بِهِ سَاجِدًا، فَالْأَمْرُ بِالسُّجُودِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يُسَمَّى بِهِ سَاجِدًا دُونَ غَيْرِهِ
ثانيا - وقال النبي صل الله عليه وسلم للأعرابى الذى علمه: وَإِذَا سَجَدْتَ فَأَمْكِنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الأَرْضِ، (2604) حسنه البخاري والترمذي والألباني والأرنؤوط ولم يذكر يديه ولا ركبتيه ولا رجليه ولا يجوز تأخير البيان في وقت الحاجة
6- رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ، أَجْزَأَهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ عُضْوٌ وَاحِدٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ الْجَبْهَةَ أَشَارَ إلَى أَنْفِهِ، وَالْعُضْوُ الْوَاحِدُ يُجْزِئُهُ السُّجُودُ عَلَى بَعْضِهِ. وَهَذَا قَوْلٌ يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَالْإِجْمَاعَ الَّذِي قَبْلَهُ، فَلَا يَصِحُّ انظر المغني (1/371)
7- وهيئة السجود : السجود يكون على سبعة أعظم كما سبق ويستحب أن يضم أصابع يديه ويوجههما إلى القبلة ، ويجعل كفيه على الأرض حذو منكبيه ، وتارة يجعلهما حذو أذنيه ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ويرفع يديه عن الأرض – أي لا يفترشهما – ويباعدهما عن جنبيه وينصب قدميه والأدلة على ذلك : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» رواه البخاري (390) ومسلم(495) قَوْلُهُ (فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ بَاعَدَ بَيْنَهُمَا: أَيْ نَحَّى كُلَّ يَدٍ عَنْ الْجَنْبِ الَّذِي يَلِيهَا
قال ابن عثيمين رحمه الله : قوله: « وَيُجَافِي عَضُدَيْه عَنْ جَنْبَيْه » . الفاعل المُصلِّي السَّاجد، يجافي عضديه عن جنبيه، يعني: يبعدهما؛ لأنه ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنه كان يفعل ذلك، حتى إنَّ الصحابة يرِقُّون له من شدَّة مجافاته صلوات الله وسلامه عليه ، وحتى إنه ليُرى بياضُ إبطه من شدَّة مجافاته ، وحتى إنه لو شاءت أن تمرَّ البَهْمَةُ ـ وهي صغار الغنم ـ من تحته لمرَّت من شدَّة مجافاته ويُسْتثنى من ذلك: ما إذا كان في الجماعة؛ وخشي أن يؤذي جاره، فإنه لا يُستحبُّ له؛ لأذيَّة جاره، وذلك لأن هذه المجافاة سُنَّةٌ، والإيذاء أقلُّ أحواله الكراهة، ولا يمكن أن يفعل شيء مكروه مؤذٍ لجاره مشوِّش عليه من أجل سُنَّة، ولهذا استثنى العلماء رحمهم الله ذلك، فقالوا: ما لم يؤذِ جاره، فإن آذى جاره فلا يفعل. ولكن اعلمْ أنك متى تركت السُّنَّةَ لدرء المفسدة ـ والله يعلم أنه لولا ذلك لفعلت ـ فإنه يكتب لك أجرها، فإن الرَّجُلَ إذا تَرَكَ العملَ لله عوَّضه الله عزَّ وجلَّ، بل حتى إذا تركه بغير اختياره، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مَرِضَ العبدُ، أو سافرَ، كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ مقيماً صحيحاً»قوله: «وبطنَه عن فَخِذَيهِ» . أي: يرفعه عن فخذيه، وكذلك أيضاً يرفع الفخذين عن الساقين، فهذه ثلاثة أشياء: 1ـ التَّجافي بالعَضُدين عن الجنبين.2 ـ وبالبطن عن الفخذين.3 ـ وبالفخذين عن السَّاقين.ولهذا قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «اعتدلوا في السُّجود» أي: اجعلوه سجوداً معتدلاً، لا تهصرون فينزل البطنُ على الفخذ، والفخذ على السَّاق، ولا تمتدُّون أيضاً؛ كما يفعل بعضُ الناس إذا سجد يمتدُّ حتى يَقْرُبَ من الانبطاح، فهذا لا شَكَّ أنه من البدع، وليس بسُنَّة، فما ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ولا عن الصَّحابةِ ـ فيما نعلم ـ أن الإنسان يمدُّ ظهره في السُّجود، إنما مدُّ الظهر في حال الرُّكوع. أما السجود فإنه يرتفع ببطنه ولا يمدُّه. انظر الشرح الممتع (3/120) .
 عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ مرفوعا: فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلاَ قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ، رواه البخاري (828) وفي روايه و (كان يعتمد على كفيه [ويبسطهما] ) . ويضم أصابعهما. ويوجهها قبل القبلة (البيهقي قال الألباني : بسند صحيح) وعن وائل : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ» رواه ابن خزيمة (642) وصححه الألباني عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ رواه مسلم (486) في فتاوى الشبكة الإسلامية (11\ 6589) فقد ذكر بعض أهل العلم أن من السنة ضم القدمين في الصلاة حال السجود، بدليل ما رواه الإمام مسلم في صحيحه  ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها واستحب بعضهم التفريق بين القدمين في السجود. ففي المغني لابن قدامة: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَرِجْلَيْهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو حُمَيْدٍ قَالَ: وَإِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ غَيْرَ حَامِلٍ بَطْنَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَخِذَيْهِ. انتهى.وحديث أبي حميد رواه أبو داود في السنن، والبيهقي في سننه، وقد ضعفه الشيخ الألباني.وفي حاشيتي قليوبي وعميرة وهو شافعي: وفي الروضة: يستحب التفريق بين القدمين شبرا، ويقاس به التفريق بين الركبتين. انتهى.وفي منح الجليل المالكي: تفريقهما خلاف المعتاد قلة وقار؛ كإقرانهما وإلصاقهما زيادة تنطع. انتهى.لكن حديث عائشة المذكور قد يفيد ضم القدمين في السجود مع التفرقة بينهما قليلا، وبالتالي فلا منافاة بينه وبين استحباب التفرقة بينهما عند من قال ذلك. والله أعلم
.قال ابن عثيمين رحمه الله : قوله: «ويفرق ركبتيه» . أي: لا يضمُّ ركبتيه بعضهما إلى بعض، بل يفرِّقُهما، وأما القدمان فقد اختلف العلماءُ في ذلك:فمِن العلماء من يقول: إنه يفرِّق قدميه أيضاً ، لأن القدمين تابعان للساقين والرُّكبتين، فإذا كانت السُّنَّة تفريق الرُّكبتين، فلتكن السُّنَّة أيضاً تفريق القدمين، حتى إن بعض الفقهاء ـ رحمهم الله ـ قدَّروا ذلك بأن يكون بينهما مقدار شبر بالتفريق. ولكن الذي يظهر مِن السُّنَّة: أن القدمين تكونان مرصوصتين، يعني: يرصُّ القدمين بعضهما ببعض، كما في «الصحيح» من حديث عائشة حين فَقَدَتِ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فوقعت يدُها على بطن قدميه، وهما منصوبتان، وهو ساجد. واليد الواحدة لا تقع على القدمين إلا في حال التَّراصِّ، وقد جاء ذلك أيضاً في «صحيح ابن خزيمة» في حديث عائشة المتقدِّم: «أنَّ الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم كان رَاصًّا عقبيه». وعلى هذا؛ فالسُّنَّةُ في القدمين هو التَّراصُّ بخلاف الرُّكبتين واليدين.انظر الشرح الممتع (3\121)
عَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّهُ " رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَجَدَ، وَيَدَاهُ قَرِيبَتَانِ مِنْ أُذُنَيْهِ رواه أحمد (18845) صححه الأرنؤوط وَرَوَى الْأَثْرَمُ قَالَ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَجَدَ وَيَدَاهُ بِحِذَاءِ أُذُنَيْهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ انظر المغني (1/374)
 وعن أَبِي حُمَيْدٍ: انَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ رواه أبو داود (734) وصححه الألباني وَيَضَعَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ورواية عن أحمد انظر المغني (1/374) قال ابن قدامة : وَالْجَمِيعُ حَسَنٌ
8- نهي النبي صل الله عليه وسلم أن يفترش ذراعيه في السجود افتراش الكلب ؟ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ رواه البخاري (822) ومسلم (493)
قال ابن قدامة رحمه الله : (وَيَكُونُ فِي سُجُودِهِ مُعْتَدِلًا) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أَهْلُ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ الِاعْتِدَالَ فِي السُّجُودِ، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ، وَلَا يَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُهُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي لَفْظٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَسْجُدْ أَحَدُكُمْ وَهُوَ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ» .وَهَذَا هُوَ الِافْتِرَاشُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، كَمَا تَفْعَلُ السِّبَاعُ، وَقَدْ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ: وَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا  رواه البخاري (828) - انظر المغني (1/373)
9- في الموسوعة الفقهية الكويتية (24/209) ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَجَمْعٌ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ، كَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ كَشْفِ الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُودِ، وَلاَ تَجِبُ مُبَاشَرَةُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ بِالْمُصَلَّى بَل يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى كُمِّهِ وَذَيْلِهِ وَيَدِهِ وَكَوْرِ عِمَامَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْمُصَلِّي فِي الْحَرِّ أَوْ فِي الْبَرْدِ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَْرْضِ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ.- رواه البخاري (385) مسلم (620)-00. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ.وَعَنِ الْحَسَنِ قَال: كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُونَ وَأَيْدِيهِمْ فِي ثِيَابِهِمْ وَيَسْجُدُ الرَّجُل عَلَى عِمَامَتِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدُهُ فِي كُمِّهِ.- قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 493) وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ - وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى وُجُوبِ كَشْفِ الْجَبْهَةِ وَمُبَاشَرَتِهَا بِالْمُصَلَّى وَعَدَمِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَى كُمِّهِ وَذَيْلِهِ وَيَدِهِ وَكَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ قَلَنْسُوَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ وَيَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الأَْرْضِ الْحَدِيثُ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَْرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَا أَشْكَانَا اهـ
قلت : القول الأول هو الراجح أم الرد على كلام الشافعي رحمه الله قال ابن قدامة : وَلَنَا مَا رَوَى أَنَسٌ ثم ذكر الحديث 00وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سَجَدَ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ» ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. فَأَمَّا حَدِيثُ خَبَّابٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْهُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ، أَوْ تَسْقِيفَ الْمَسْجِدِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يُزِيلُ عَنْهُمْ ضَرَرَ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ، أَمَّا الرُّخْصَةُ فِي السُّجُودِ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا طَلَبَهُ الْفُقَرَاءُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَائِمُ، وَلَا أَكْمَامٌ طِوَالٌ يَتَّقُونَ بِهَا الرَّمْضَاءَ، فَكَيْفَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الرُّخْصَةَ فِيهَا؟ وَلَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ، فَلَمْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ؟ وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ فِي الْأَكُفِّ. انظر المغني (1/371)
10- ما حكم وضع سجادة ترفع الساق عند السجود لأسباب مرضية قلت : لا يجوز ذلك 
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ مَرِيضًا، وَأَنَا مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى عُودٍ فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْعُودِ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فَطَرَحَ الْعُودَ وَأَخَذَ وِسَادَةً فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهَا عَنْكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِلَّا فَأَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكِ» رواه الطبراني في الكبير (13082) وصححه الألباني سئل ابن عثيمين رحمه الله : عن امرأة تعاني من ألم في المفاصل، وتصلي وهي جالسة، هل يجب عليها عند السجود أن تضع شيئاً تسجد عليه مثل وسادة أو غيرها؟
فأجاب فضيلته بقوله: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمران بن حصين: "صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"
فإذا كانت هذه المرأة لا تستطيع القيام، قلنا لها: صلي جالسة وتكون في حال القيام متربعة، كما صح ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ، ثم تومئ بالركوع وهي متربعة، ثم إن استطاعت السجود سجدت وإلا أومأت برأسها أكثر من إيماء الركوع، وليس في السنة أن تضع وسادة أو شيئاً تسجد عليه، بل هذا إلى الكراهة أقرب؛ لأنه من التنطع والتشدد في دين الله، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون" انظر مجموع فتاوى (13/184)
11- ولا يجوز أن يقرأ القرآن وهو ساجد كما تقدم في الركوع 0
12- سئل ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن يسجد المسلم على ظهر أخيه عند الزحام؟فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة للعلماء فيها ثلاثة أقوال:القول الأول: أنه يسجد على ظهر أخيه إذا كان زحام.
القول الثاني: قال بعض العلماء إنه يومئ إيماء.القول الثالث: أنه ينتظر حتى يرفع من السجود ثم يسجد.فهذه ثلاثة أقوال، والمشهور من المذهب أنه يسجد على ظهر أخيه أو رجله.ولننظر ما الراجح من هذه الأقوال:إذا قلنا: إنه يسجد على ظهره ففيه مشكلة وهي: التصرف في الغير، والتشويش عليه، ثم إن السجود لا يتم في الواقع؛ لأنه إذا سجد عليه لا يكون على هيئة الساجد لأن الظهر مرتفع.وإذا قلنا: إنه يومئ، فإن الإيماء له أصل في الشرع وهو: أن العاجز عن السجود يومئ، وهذا في الحقيقة عاجز عن السجود؛ لأن السجود إنما يكون على الأرض وهنا لم يمكن.وإذا قلنا: إنه ينتظر فله وجه؛ لأنه تخلف عن الإمام لعذر، فهو كالنائم، فإنه يوجد بعض الناس ينام وهو يصلي إذا سجد السجدة الأولى بقي، فيقوم الإمام ويجلس بين السجدتين ويسجد للثانية وهو على نومه فماذا يصنع إذا استيقظ؟نقول: يقوم من السجود ويجلس بين السجدتين، ويسجد الثانية، ويلحق الإمام؛ لأنه تخلف لعذر، هذا إن كان نومه غير عميق، فإن كان نومه عميقاً بطلت صلاته، واستأنفها من جديد. والله الموفق. انظر مجموع فتاوى (13/ 189)
13- قال ابن القيم رحمه الله : وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَرَجَّحَتْ طَائِفَةٌ الْقِيَامَ لِوُجُوهٍ.أَحَدُهَا: أَنَّ ذِكْرَهُ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ، فَكَانَ رُكْنُهُ أَفْضَلَ الْأَرْكَانِ.وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] [الْبَقَرَةِ: 238] .الثَّالِثُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» ) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: السُّجُودُ أَفْضَلُ، وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ) . وَبِحَدِيثِ معدان بن أبي طلحة قَالَ: «لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ؟ فَقَالَ: " عَلَيْكَ بِالسُّجُودِ " فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً) قَالَ معدان: ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ»وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربيعة بن كعب الأسلمي وَقَدْ سَأَلَهُ مُرَافَقَتَهُ فِي الْجَنَّةِ: ( «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» ) .وَأَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةُ (اقْرَأْ) عَلَى الْأَصَحِّ، وَخَتَمَهَا بِقَوْلِهِ: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] [الْعَلَقِ: 19] .وَبِأَنَّ السُّجُودَ لِلَّهِ يَقَعُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا عُلْوِيِّهَا وَسُفْلِيِّهَا، وَبِأَنَّ السَّاجِدَ أَذَلُّ مَا يَكُونُ لِرَبِّهِ وَأَخْضَعُ لَهُ، وَذَلِكَ أَشْرَفُ حَالَاتِ الْعَبْدِ، فَلِهَذَا كَانَ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ مِنْ رَبِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ،وَبِأَنَّ السُّجُودَ هُوَ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّ الْعُبُودِيَّةَ هِيَ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ، يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ، أَيْ ذَلَّلَتْهُ الْأَقْدَامُ وَوَطَّأَتْهُ، وَأَذَلُّ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ وَأَخْضَعُ إِذَا كَانَ سَاجِدًا.وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: طُولُ الْقِيَامِ بِاللَّيْلِ أَفْضَلُ، وَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالنَّهَارِ أَفْضَلُ، وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ قَدْ خُصَّتْ بِاسْمِ الْقِيَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] [الْمُزَّمِّلِ: 1] ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا» ) ، وَلِهَذَا يُقَالُ: قِيَامُ اللَّيْلِ، وَلَا يُقَالُ: قِيَامُ النَّهَارِ، قَالُوا: وَهَذَا كَانَ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ ( «مَا زَادَ فِي اللَّيْلِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» ) .( «وَكَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي بِالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ» ) ، وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ كَانَ يُخَفِّفُ السُّنَنَ.وَقَالَ شَيْخُنَا: الصَّوَابُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَالْقِيَامُ أَفْضَلُ بِذِكْرِهِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ، وَالسُّجُودُ أَفْضَلُ بِهَيْئَتِهِ، فَهَيْئَةُ السُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ هَيْئَةِ الْقِيَامِ، وَذِكْرُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ السُّجُودِ، وَهَكَذَا كَانَ هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ إِذَا أَطَالَ الْقِيَامَ أَطَالَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، كَمَا فَعَلَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَفِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَكَانَ إِذَا خَفَّفَ الْقِيَامَ خَفَّفَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي الْفَرْضِ، كَمَا قَالَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: ( «كَانَ قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ وَاعْتِدَالُهُ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ» ) انظر زاد المعاد (1/228)
14- سئل ابن عثيمين رحمه الله : هل ورد أن العلامة التي يحدثها السجود في الجبهة من علامات الصالحين؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس هذا من علامات الصالحين، وإنما هو النور الذي يكون في الوجه، وانشراح الصدر، وحسن الخلق وما أشبه ذلك، أما الأثر الذي يسببه السجود في الوجه فقد تظهر في وجوه من لا يصلون إلا الفرائض لرقة الجلد، وقد لا تظهر في وجه من يصلي كثيراً ويطيل السجود انظر مجموع فتاوى (13/188)

الثامن عشر : ثم يكبر ويجلس ؟
كما في حديث المسيء في صلاته قال له النبي صل الله عليه وسلم ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا،رواه أبو داود (857) وصححه الألباني  وفي رواية البخاري (757) ومسلم (397) ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» قلت : فيه دليل على وجوب الجلوس بين السجدين وَالطُّمَأْنِينَة فلا تصح الصلاة إلا بهما  وهو مذهب الجمهور  قال النووي رحمه الله : فِي مذاهب العلماء في الجلوس بين السجدين وَالطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ: مَذْهَبُنَا أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِمَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَجِبُ الطُّمَأْنِينَةُ وَلَا الْجُلُوسُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ عَنْ الْأَرْضِ أَدْنَى رَفْعٍ وَلَوْ كَحَدِّ السَّيْفِ وَعَنْهُ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمَا قَالَا يَجِبُ أَنْ يَرْتَفِعَ بحيث يكون الي العقود أَقْرَبَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُمَا دَلِيلٌ يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ انظر المجموع (3/ 440)
فوائد :
1- صفة القعود : أن يجلس مفترشا قدمه اليسرى جالسا عليها ، وينصب اليمنى موجها أصابعها إلى القبلة كما سبق أدلة ذلك وعن ابن عمر قال : «إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاَةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ اليُمْنَى وَتَثْنِيَ اليُسْرَى» رواه البخاري (827)
2- جواز الإقعاء في هذه الجلسة : عن طَاوُس قال : قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ، فَقَالَ: «هِيَ السُّنَّةُ»، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه مسلم (536) قال الشوكاني رحمه الله : قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَنْهَى – أي النبي صل الله عليه وسلم -  عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ) – رواه مسلم (498)- 00وَفَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ بِالْإِقْعَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ. وَقَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: هِيَ أَنْ يَفْرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ ثم قال : الْإِقْعَاءُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَصَاحِبُهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال : نَهَانِي رسول الله صل الله عليه وسلم عَنْ ثَلَاثٍ وذكر منها وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ رواه أحمد (8106) وحسنه الألباني - وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ثم قال : وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ وَمَا رُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: إنَّهُ السُّنَّةُ، فَقَالَ لَهُ طَاوُسٍ: إنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى يَقْعُدُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَيَقُولُ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ» - حسنه الألباني وصححه الحافظ في " التلخيص " (3/482) - .وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُقْعِيَانِ. وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يُقْعُونَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَأَسَانِيدُهَا صَحِيحَةٌ. فَقَالَ الْخَطَّابِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ الْإِقْعَاءَ مَنْسُوخٌ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِالنَّسْخِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْإِقْعَاءَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِيرِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَالْإِقْعَاءُ الَّذِي صَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ هُوَ وَضْعُ الْأَلْيَتَيْنِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالرُّكْبَتَانِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا الْجَمْعُ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ وَالْمُعَارِضُ لَهَا يُرْشِدُ إلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَلِمَا فِي أَحَادِيثِ الْعَبَادِلَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَعَلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: مِنْ السُّنَّة أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْك أَلْيَتُك» - رواه الطبراني في " المعجم الكبير "( 10950) صححه الألباني في الصحيحة (383) - وَهُوَ مُفَسِّرٌ لِلْمُرَادِ فَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ غَفْلَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَعَمَّا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ مِنْ جَهْلِ تَارِيخِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَعَنْ الْمَنْعِ مِنْ الْمَصِيرِ إلَى النَّسْخِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِعْلُهُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ فَقَدْ عَرَفْت تَفْسِيرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَارِدًا لِلْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَلَا يَكُونَ مُنَافِيًا لِلْقُعُودِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ كَوْنُ الْإِقْعَاءِ الْمَرْوِيِّ عَنْ الْعَبَادِلَةِ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ مُسْنَدًا بِمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِهِ.انظر نيل الأوطار (2/320/319)
قال ابن باز رحمه الله : الإقعاء المكروه في الصلاة هو أن ينصب فخديه وساقيه ويعتمد على يديه حال جلوسه، كإقعاء الكلب والذئب ونحو ذلك، ويسمى عقبة الشيطان، كما في حديث عائشة: «نهي عن عقبة الشيطان » وحديث آخر: «نهى عن إقعاء كإقعاء الكلب » وهو إذا جلس بين السجدتين أو للتشهد ينصب فخذيه وساقيه ويعتمد على يديه، هذا هو الإقعاء المنهي عنه، وهناك إقعاء مشروع ذكره ابن عباس رضي الله عنهما، وأنه من السنة، (وهو أن يجلس على عقبيه بين السجدتين ويداه على فخديه، ويجلس على عقبيه) ، هذا من السنة، ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من السنة، ولكن الأفضل منه أن يفترش اليسرى وينصب اليمنى حال جلوسه بين السجدتين أو التشهد الأول، يفرش اليسرى وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، والأكثر في الأحاديث. وفي التشهد الأخير من الظهر والعصر والمغرب والعشاء يتورك؛ يجلس على الأرض ويجعل رجله اليسرى تحت رجله اليمنى عن يمينه، هذا هو الأفضل للتشهد الأخير في الرباعية والثلاثية، أما الجلسة التي في التشهد الأول أو بين السجدتين فهذا الجلوس يشرع فيه أن يجلس على رجله اليسرى ويفرشها، وينصب اليمنى وإن أقعى بين السجدتين - أي جلس على عقبيه - نصب رجليه وجلس على عقبيه بين السجدتين، فهذا أيضا من السنة، لكن الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الافتراش.انظر مجموع فتاوى (9/238)
3- قال ابن القيم رحمه الله : ثُمَّ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا غَيْرَ رَافِعٍ يَدَيْهِ، وَيَرْفَعُ مِنَ السُّجُودِ رَأْسَهُ قَبْلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى.
وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَنْصِبَ الْقَدَمَ الْيُمْنَى، وَاسْتِقْبَالُهُ بِأَصَابِعِهَا الْقِبْلَةَ، وَالْجُلُوسُ عَلَى الْيُسْرَى، وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ جِلْسَةٌ غَيْرُ هَذِهِ «وَكَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَيَجْعَلُ مِرْفَقَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَطَرَفَ يَدِهِ عَلَى رُكْبَتِهِ، وَيَقْبِضُ ثِنْتَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ وَيُحَلِّقُ حَلْقَةً، ثُمَّ يَرْفَعُ أُصْبُعَهُ يَدْعُو بِهَا وَيُحَرِّكُهَا» ) هَكَذَا قَالَ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ عَنْهُ.وَأَمَّا حَدِيثُ أبي داود عَنْ عبد الله بن الزبير أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا وَلَا يُحَرِّكُهَا» ) فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي صِحَّتِهَا نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ مسلم الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، بَلْ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ» .وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أبي داود عَنْهُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ.وَأَيْضًا لَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَكَانَ نَافِيًا، وَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ مُثْبِتًا وَهُوَ مُقَدَّمٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، ذَكَرَهُ أبو حاتم فِي " صَحِيحِهِ ".انظر زاد المعاد (1/230) وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أما بالنسبة لليُسرى: فتكون مبسوطة مضمومة الأصابع موجهة إلى القبلة، ويكون طرف المرفق عند طرف الفخذ، بمعنى: لا يُفرِّجها، بل يضمُّها إلى الفخذ.أما اليمين: فإن السُّنَّة تدلُّ على أنه يقبض منها الخنصر والبنصر، ويُحَلِّقُ الإبهام مع الوسطى، ويرفع السَّبَّابة، ويُحرِّكُها عند الدُّعاء. هكذا جاء فيما رواه الإمام أحمد من حديث وائل بن حُجْر بسند قال فيه صاحب «الفتح الرباني» : «إنه جيد». وقال فيه المحشِّي على «زاد المعاد» : إنه صحيح،- وصححه الألباني - وإلى هذا ذهب ابنُ القيم رحمه الله.أما الفقهاء: فيرون أن اليد اليُمنى تكون مبسوطة في الجلسة بين السجدتين كاليد اليُسرى ، ولكن اتِّباعُ السُّنَّة أَولى، ولم يَرِدْ في السُّنَّة لا في حديث صحيح، ولا ضعيف، ولا حَسَن أن اليد اليُمنى تكون مبسوطة على الرِّجْلِ اليُمنى، إنما وَرَدَ أنها تُقبض، يقبض الخنصر والبنصر، ويُحلِّق الإِبهام مع الوسطى ، أو تضم الوسطى أيضاً، ويضم إليها الإبهام إذا جلس في الصَّلاة ، هكذا جاء عامًّا، وفي بعض الألفاظ: «إذا جلس في التشهُّد»  وكلاهما في «صحيح مسلم» ، فنحن إذا أخذنا كلمة «إذا جلس في الصلاة» قلنا: هذا عام في جميع الجلسات، وقوله: «إذا جلس في التشهد» في بعض الألفاظ لا يدلُّ على التخصيص؛ لأن لدينا قاعدة ذكرها الأصوليون، وممن كان يذكرها دائماً الشوكاني في «نيل الأوطار» والشنقيطي في «أضواء البيان» أنه إذا ذُكِرَ بعضُ أفراد العام بحكم يُطابق العام، فإن ذلك لا يَدلُّ على التَّخصيص، إنما التخصيص أن يُذكر بعضُ أفراد العام بحكم يُخالف العام.مثال الأول: قلت لك: أكرمِ الطَّلبةَ، هذا عام يشمل كلَّ طالب، ثم قلت: أكرم فلاناً وهو من الطلبة، فهل يقتضي هذا ألاَّ أُكْرِمَ سواه؟ الجواب: لا، لكن يقتضي أن هناك عناية به من أجلها خَصَّصْتُهُ بالذِّكر.ومثال الثاني: أكرمِ الطَّلبةَ، ثم قلت: لا تكرم فلاناً وهو من الطلبة، فهذا تخصيص؛ لأنني في الأول ذكرت فلاناً بحكم يوافق العام لدخوله في العموم، وهنا ذكرته بحكم يخالف العام، ولهذا يقولون في تعريف التَّخصيص: تخصيص بعض أفراد العام بحكم مخالف. أو: إخراج بعض أفراد العام من الحكم. فلا بُدَّ أن يكون مخالفاً، أما إذا كان موافقاً فإن جمهور الأصوليين كما حكاه صاحب «أضواء البيان» يرون أنه لا يفيد التَّخصيص، وهو ظاهر كما في المثال الذي ذكرناه. وعلى هذا فيكون بعض ألفاظ حديث ابن عمر الذي خَصَّ القبض بالتشهد لا يقتضي التخصيص من بعضِ ألفاظه الدَّالة على العموم. أمَّا الفقهاء ـ رحمهم الله ـ فقالوا: في هذه الجلسة يبسط يده اليُمنى كما يبسط يده اليُسرى، وبناءً على كلام الفقهاء: تكون كلُّ جلسة من جلسات الصلاة مخالفة للأخرى من أجل التمييز. فالجلسة بين السَّجدتين: افتراش مع كون اليدين مبسوطتين.وفي التشهد الأول: افتراش لكن اليُمنى تقبض.وفي التشهد الأخير: تَورُّك، وإن كان يوافق التشهد الأول في قَبْضِ اليد، فهم ـ رحمهم الله ـ يجعلون لكلِّ جلسة صفة تميّزها عن الجلسات الأخرى.انظر الشرح الممتع (3/128) قال شيخنا عادل العزازي حفظه الله : لم يأت في الأحاديث نص صريح في موضع اليدين في هذه الجلسة ، والذي رآه الفقهاء أن اليدين تكونان مبسوطتان على الفخذين ، لكن ورد في صفة الجلوس في الصلاة وصفين لوضع اليدين 0 ذكرتا عموما في الصلاة ، فحملها البعض على الجلوس بين السجدين وجلوس التشهد ، وفيها الأشارة بالسبابة وتحليق الوسطى مع الإبهام وهذا ما ذهب إليه الشيخ ابن عثيمين وابن القيم والله أعلم 0 والراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن اليدين تكونان مبسوطتان على الفخذين في هذا الموطن ، وأما الصفة المذكورة فهي في الجلوس للتشهد كما ورد في روايات أخرى انظر تمام المنة (1/260)
4- قال ابن القيم رحمه الله : وَكَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطَالَةَ هَذَا الرُّكْنِ بِقَدْرِ السُّجُودِ، وَهَكَذَا الثَّابِتُ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ» ) – رواه البخاري (821) ومسلم (473) واللفظ له - وَهَذِهِ السُّنَّةُ تَرَكَهَا أَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَلِهَذَا قَالَ ثابت:وَكَانَ أنس يَصْنَعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ،يَمْكُثُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ نَسِيَ أَوْ قَدْ أَوْهَمَ.- متفق عليه- وَأَمَّا مَنْ حَكَّمَ السُّنَّةَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى مَا خَالَفَهَا،فَإِنَّهُ لَا يَعْبَأُ بِمَا خَالَفَ هَذَا الْهَدْيَ انظر زاد المعاد (1/232)
5- الأذكار الواردة بين السجدين 0
عن حذيفة أن النبي صل الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي» رواه أبو داود (874) صححه الألباني
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي»
رواه أبو داود (850) قال : الألباني (قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي والعسقلاني) انظر صحيح أبي داود (3/436) وقد اختلف العلماء في حكم هذا الدعاء على قولين :
القول الأول : وَاجِبٌ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَدَاوُد ورواية عن أحمد  القول الثاني :  أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ.وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ انظر المغني (1/362) الراجح هو القول الثاني
التاسع عشر : ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية :
وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، سَجَدَ سَجْدَةً أُخْرَى عَلَى صِفَةِ الْأُولَى، سَوَاءً. وَهِيَ وَاجِبَةٌ إجْمَاعًا. وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ انظر المغني (1/377)
العشرون : ثم يرفع رأسه مكبرا ويجلس جلسة خفيفة 0
الحادي والعشرون : ثم يقوم للثانية 0
وهذه الجلسة تسمى جلسة الاستراحة وقد ثبتت مشروعية هذه الجلسة عن مَالِك بْن الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيُّ، أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا رواه البخاري (823) ومعنى فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ أي بعد الركعة الأولى أو الثالثة قال الشوكاني رحمه الله :  الْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهِيَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَبْلَ النُّهُوضِ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِهَا وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا الْأَكْثَرُ، وَاحْتَجَّ لَهُمْ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى وَصْفِ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذِهِ الْجِلْسَةَ بَلْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنَّهُ قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ مِنْ أَجْلِهَا، لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَوَّى ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمَ الْعِلَّةِ، وَبِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَحِكَايَاتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ
وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّهُ تَرَكَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ لَا عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا، عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَّفِقْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ فِي نَفْيِ هَذِهِ الْجِلْسَةِ، بَلْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِإِثْبَاتِهَا. وَأَمَّا الذِّكْرُ الْمَخْصُوصُ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا اُسْتُغْنِيَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ لِلْقِيَامِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمَا عَلَى نَفْيِ كَوْنِهَا سُنَّةً بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ إنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا عَنْ مَجْمُوعِهِمْ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا بِمَا وَقَعَ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِلَفْظِ «كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ اسْتَوَى قَائِمًا» وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ لَا مَنْ قَالَ بِالِاسْتِحْبَابِ لِمَا عَرَفْت، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ وَائِلٍ قَدْ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الضَّعِيفِ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ «كَانَ يَقُومُ كَأَنَّهُ السَّهْمُ» وَهَذَا لَا يَنْفِي الِاسْتِحْبَابَ الْمُدَّعَى عَلَى أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ، وَقَدْ عَرَفْت مِمَّا قَدَّمْنَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْمُسِيءِ أَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ مَذْكُورَةٌ فِيهِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ لَا كَمَا زَعَمَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ، وَذِكْرُهَا فِيهِ يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُوبِهَا لَوْلَا مَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ إشَارَةِ الْبُخَارِيِّ إلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْجِلْسَةِ وَهْمٌ وَمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهَا أَحَدٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِنَفْيِ اسْتِحْبَابِهَا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمُ قَبْلَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَمَا رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَفِي الثَّالِثَةِ قَامَ كَمَا هُوَ وَلَمْ يَجْلِسْ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ لِأَنَّ التَّرْكَ لَهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ إنَّمَا يُنَافِي وُجُوبَهَا فَقَطْ وَكَذَلِكَ تَرْكُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَهَا لَا يَقْدَحُ فِي سُنِّيَّتِهَا لِأَنَّ تَرْكَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ جَائِزٌ. انظر نيل الأوطار وقال النووي رحمه الله (3/ 442)(وَاعْلَمْ) أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى هَذِهِ الْجِلْسَةِ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ فِيهَا وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ الصَّحِيحِ لَهَا وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْمُتَسَاهِلِينَ بِتَرْكِهَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) وقال تعالي (وما أتاكم الرسول فخذوه) قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ قَامَ مِنْ الْجِلْسَةِ أَوْ مِنْ السَّجْدَةِ يُسَنُّ أَنْ يَقُومَ مُعْتَمِدًا بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ (2/312) ورجح ابن القيم وابن عثيمين أنها مشروعة لمن كان عاجزاً عن النهوض من السجود إلى القيام, وأما إذا كان قادراً ونشيطاً فالأفضل ألا يجلس  وأجيب عن ذلك قال صاحب تحفة الأحوذي (2/ 144) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْكِبَرِ وَرَدَّهُ صَاحِبُ بَحْرِ الرَّائِقِ حَيْثُ قَالَ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلُّوا كما رأيتموني أصلي انتهى وقال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الدِّرَايَةِ هَذَا تَأْوِيلٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَلَمْ يُفَصِّلْ لَهُ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى قال الألباني رحمه الله : فيجب الاهتمام بهذه الجلسة والمواظبة عليها رجالا ونساء وعدم الالتفات إلى من يدعي أنه صلى الله عليه وسلم فعلها لمرض أوسن لأن ذلك يعني أن الصحابة ما كانوا يفرقون بين ما يفعله صلى الله عليه وسلم تعبدا وما يفعله لحاجة وهذا باطل بداهة انظر تمام المنة (1/ 212)
فوائد :
1- الصحيح أنه يكبر مع قيامه من السجود ، ثم ينهض من غير تكبير آخر  وإذا سجد المصلي للتلاوة فلا يشرع في حقه جلسة الاستراحة انظر تمام المنة
2- إذا كان الإنسان مأموماً فهل الأفضل له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سُنَّة، أو متابعة الإمام أفضل؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :الجواب: أنَّ متابعةَ الإمام أفضل، ولهذا يَتركُ الواجبَ وهو التشهُّد الأول، ويَفعلُ الزَّائدَ؛ كما لو أدرك الإمامَ في الرَّكعةِ الثانية، فإنه سوف يتشهَّدُ في أول ركعة؛ فيأتي بتشهد زائد مِن أجل متابعة الإمام، وسوف يترك التشهُّد الأول إذا قامَ الإمامُ للرابعة، مِن أجل متابعة الإمام، بل يتركُ الإنسانُ الرُّكنَ من أجل متابعة الإمام، فقد قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «إذا صَلَّى قاعداً فصلُّوا قعوداً» فيترك رُكنَ القيام، ورُكنَ الرُّكوع فيجلس في موضع القيام، ويومئ في موضع الرُّكوع، كلُّ هذا من أجل متابعة الإمام فإن قال قائل: هذه الجِلْسة يسيرة، لا يحصُل بها تخلُّف كثير عن الإمام.
فالجواب: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا رَكَعَ فاركعوا وإذا سَجَدَ فاسجدوا » فأتى بالفاء الدَّالة على الترتيب والتعقيب بدون مُهلة، وهذا يدلُّ على أن الأفضل في حَقِّ المأموم ألا يتأخَّر عن الإمام ولو يسيراً، بل يبادر بالمتابعة، فلا يوافق، ولا يسابق، ولا يتأخَّر، وهذا هو حقيقة الائتمام.فإن كان الأمرُ بالعكس، بأن كان الإمامُ يرى هذه الجِلْسَة وأنت لا تراها، فإن الواجب عليك أن تجلس؛ لأنك لو لم تجلس لقمت قبل إمامك وهذه مسابقة للإمام والمسابقة حرام، لقول النبيِّ عليه الصلاة والسلام: «أما يخشى الذي يرفعُ رأسَه قبل الإمام أن يحوِّلَ اللَّهُ رأسَه رأسَ حِمَارٍ، أو يجعلَ صورتَهُ صورةَ حِمَارٍ» وقد يقول: أنا لا أقوم قبله، لكن أتأنَّى في السُّجودِ حتى أظنَّ أنه قام، قلنا: إنك حينئذٍ لم تفعل محرَّماً؛ لكنك تركت سُنَّة وهي المبادرة بمتابعة الإمام، فإذا كنت لا ترى أنها مستحبَّة، والإمام يرى ذلك فاجلسْ مع إمامك؛ كما أنك تجلس معه في التشهُّد الذي ليس في محلِّ تشهُّدك مِن أجل المتابعة.
انظر الشرح الممتع (3/ 138) قلت : وقد نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال: إن الأفضل متابعة الإمام ولا يجلس.
3- كيف يقوم للركعة الثانية ويقف ؟ قلت : يقوم معتمدا على يديه كما سبق من كلام الألباني وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد ورجحه الألباني
الثاني والعشرون : (وَيَفْعَلُ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى) يَعْنِي يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى مَا وُصِفَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَفَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» . وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ نَعْلَمُهُ، إلَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ تَنْقُصُ النِّيَّةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِفْتَاحَ؛ 00وَلَا نَعْلَمُ فِي تَرْكِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا، فِيمَا عَدَاالرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ انظر المغني (1/381) قلت : وكذلك الاستعاذة لا يأتي بها في باقي الركعات كما سبق
الثالث والعشرون والرابع والعشرون : التشهد الأوسط والجلوس له :
التشهد الأوسط والجلوس له:
لأمره صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته به -في حديث رفاعة- بقوله: «.. «فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ، وَافْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى ثُمَّ تَشَهَّدْ رواه أبو داود (860) حديث حسن وحسنه الألباني والأرنؤوط وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ ولسائر الأدلة التي تقدمت في ركنية التشهد الأخير، وإنما لم نقل بركنية التشهد الأوسط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نسيه لم يعد إليه وجبره بسجود السهو عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، قَالَ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ سَلَّمَ» رواه البخاري (1230) ومسلم (570) ، ولو كان ركنًا لم ينجبر به وبوجوب التشهد الأوسط قال أَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُد وَأَبُو ثَوْرٍ انظر نيل الأوطار (2/ 314) وابن حزم.وقال - الجمهور - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوْسَطَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ، وَلَا أَنْكَرَ عَلَى أَصْحَابِهِ مُتَابَعَتَهُ فِي التَّرْكِ وَجَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَرَجَعَ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ عَلَى أَصْحَابِهِ مُتَابَعَتَهُ، وَلَمْ يَكْتَفِ فِي تَجْبِيرِهِ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ: الرُّجُوعَ عَلَى تَسْلِيمِ وُجُوبِهِ لِلْوَاجِبِ الْمَتْرُوكِ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا ذَكَرَهُ الْمُصَلِّي وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ سَبَّحُوا بِهِ فَمَضَى حَتَّى فَرَغَ كَمَا يَأْتِي، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ عَلِمَ بِهِ وَتَرْكُ إنْكَارِهِ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ بِهِ مُتَابَعَتَهُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ تَرْكُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالسَّنَدُ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ وَتَجْبِيرُهُ بِالسُّجُودِ إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا سَلَّمْنَا أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ إنَّمَا يُجْبَرُ بِهِ الْمَسْنُونُ دُونَ الْوَاجِبِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ انظر نيل الأوطار (2/ 314)
 قال ابن عثيمين رحمه الله :
 أما التشهُّد الأول فنقول: إن عَدَمَ رجوع الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليه لا يمنع الوجوب، لكنه يمنع القول بالرُّكنية، بل قد يقال: إنَّ سجودَه للسَّهو لتركه يدلُّ على الوجوب، لأن الأصل مَنْعُ الزيادة في الصَّلاةِ، وسُجود السَّهو قبل السَّلام زيادة في الصَّلاة، ولا ينتهك هذا المَنْع إلا لفعل واجب، فإذا وَجَبَ سجود السَّهو لتركه دَلَّ ذلك على وجوبه، وإلا لكان وجودُه وعدمه سواء انظر الشرح الممتع (3/325)
فوائد : 1- وصفة هذا الجلوس : الافتراش ومعنى الافتراش أن يكون مفترشا قدمه اليسرى ناصبا قدمه اليمنى كما سيأتي 0
2- وأما وضع اليدين في هذا الجلوس فقد ورد في ذلك حالتان :
الأولى : أن يضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ، ويده اليمنى على ركبته اليمنى عَنِ ابْنِ عُمَرَ:  «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ» رواه مسلم (580) قال الشوكاني رحمه الله : وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ حَالَ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.انظر نيل الأوطار (2/ 328)
الثانية : أن يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ، ويده اليسرى على فخذه اليسرى عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أيضا «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، فَدَعَا بِهَا وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا» رواه مسلم (580) ويلاحظ في وضع اليد اليمنى أن يكون حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ؛ لحديث وائل بن حجر في صفة صلاته صل الله عليه وسلم : 000وَوَضَعَ كَفِّهِ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ وَرُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ حَدَّ مِرْفَقِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَبَضَ اثْنَتَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ وَحَلَّقَ حَلْقَةً، ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا رواه النسائي (889) و صححه ابن خزيمة وابن حبان والنووى وابن القيم والألباني انظر الإرواء (2/ 69) في فتاوى الشبكة الإسلامية قال الشيخ ابن باز رحمه الله: السنة للمصلي حال التشهد أن يقبض أصابعه كلها أعني أصابع اليمنى، ويشير بالسبابة ويحركها عند الدعاء تحريكاً خفيفاً إشارة للتوحيد، وإن شاء قبض الخنصر والبنصر وحلق الإبهام مع الوسطى، وأشار بالسبابة. كلتا الصفتين صحتا عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما يده اليسرى فيضعها على فخذه اليسرى مبسوطة ممدودة أصابعها إلى القبلة، وإن شاء وضعها على ركبته، كلتا الصفتين صحتا عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. وننبهكَ إلى أن هذه الكيفية في وضع اليد في التشهد مُستحبة وليست واجبة، فمن تركها فصلاته صحيحة، ولا نعلم أحداً من الفقهاء يقول بوجوب هذه الكيفية في التشهد انتهى
ومما تقدم من الأحاديث يتبين أن أصابع اليدين تكون على النحو الآتي : أ- أصابع اليد اليسرى تكون مبسوطة على الفخذ أو الركبة كما تقدم 0
ب- أصابع اليد اليمنى لها حلات :
الأولي : أن يقبض الأصابع كلها ويشير بالسبابة لحديث ابن عمر المتقدم 0
الثانية : أن يعقد ثلاثة وخمسين بأن يضم الْخِنْصَر وَالْبِنْصِر و الْوُسْطَى ، ويشير بالمسبحة ، ويجعل الإبهام أسفل الْمُسَبِّحَة على حرف راحة اليد
الثالثة :  يَقْبِضُ مِنْهَا الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ، وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ مَعَ الْوُسْطَى، ويشير بالمسبحة كما تقدم في حديث وائل بن حجر 0
هل تحريك الأصبع في الصلاة من السنة
 عن وائل بن حجر السابق ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا رواه النسائي (889) و صححه ابن خزيمة وابن حبان والنووى وابن القيم والألباني انظر الإرواء (2/ 69) وأما حديث ابن الزبير عند أبي داود (989) «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا، وَلَا يُحَرِّكُهَا» فضعيف ضعفه الألباني وابن القيم كما في ضعيف أبي داود (1/368) اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
1. أما الحنفية: فيرون رفع السبابة عند النفي في الشهادتين، يعني: عند قوله: " لا "، ويضعها عند الإثبات.
2. وأما الشافعية: فيرون رفعها عند قوله: " إلا الله ".
3. وعند المالكية: يحركها يميناً وشمالاً إلى أن يفرغ من الصلاة.
4. وعند الحنابلة: يشير بإصبعه كلما ذكر اسم الجلالة، لا يحركها.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: هذه التحديدات والكيفيات لا أصل لشيء منها في السنة، وأقربها للصواب مذهب الحنابلة لولا أنهم قيدوا التحريك عند ذكر الجلالة." ويبدو أنه ليس من أحمد نفسه فقد ذكر ابن هانئ في "مسائله" ص 80 أن الإمام سئل: هل يشير الرجل بإصبعه في الصلاة؟ قال: نعم شديدا.وظاهر حديث وائل المتقدم الاستمرار في التحريك إلى آخر التشهد دون أي قيد أو صفة وقد أشار إلى نحو هذا الطحاوي في "شرح المعاني" 1 / 153.انظر تمام المنة " (ص 223) .
وقد استدل الشيخ ابن عثيمين بهذا الحديث (يحركها يدعو بها) على أن تحريك السبابة في التشهد يكون عند كل جملة دعائية. قال رحمه الله في الشرح الممتع: قوله: «في تشهده» : «في» للظَّرفية، والظَّرفُ أوسعُ مِن المظروف، فهل المراد: يُشيرُ بها في تشهُّدِه مِن حين ما يبدأ إلى أن ينتهي، أو المراد: يُشيرُ بها في تشهُّدِه في موضع الإشارة؟
كلامُ المؤلِّف فيه احتمال، لكن غيره بَيَّنَ أنه يُشيرُ بها عند وجودِ سبب الإشارة. وما هو سبب الإشارة؟سببُهُ ذِكْرُ الله، واختلف الفقهاءُ في معنى كلمة «ذِكْر الله» فقيل: عند ذِكْرِ الجلالة، وعلى هذا؛ فإذا قلت: التحيات لله ـ تُشِيرُ، السَّلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله ـ تُشِيرُ، السَّلام علينا وعلى عباد الله ـ تُشِيرُ، أشهد أنْ لا إله إلا الله ـ تُشِيرُ، هذه أربع مرَّات في التشهُّدِ الأول. اللَّهم صَلِّ ـ خَمْس؛ لأن «اللهم» أصلُها «يآلله» ، ـ اللَّهُمَّ بارك ـ سِتٌّ، أعوذ بالله مِن عذاب جهنم ـ سبع.وقيل: المراد بذِكْرِ الله: الذِّكْر الخاصُّ وهو «لا إله إلا الله» ، وعلى هذا؛ فلا يُشيرُ إلا مَرَّةً واحدةً، وذلك عندما يقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله.هذا اختلاف الفقهاء، ولكن السُّنَّة دَلَّت على أنه يُشير بها عند الدعاء فقط لأن لفظ الحديث: «يُحرِّكُها يدعو بها» وقد وَرَدَ في الحديث نَفْيُ التَّحريك وإثباتُ التحريك  . والجمعُ بينهما سهل: فنفيُ التَّحريك يُراد به التَّحريكُ الدَّائم، وإثباتُ التَّحريك يُراد به التَّحريكُ عند الدُّعاء، فكلما دعوت حرِّكْ إشارة إلى علوِّ المدعو سبحانه وتعالى، وعلى هذا فنقول:«السلام عليك أيُّها النبيِّ» فيه إشارة؛ لأن السَّلامَ خَبَرٌ بمعنى الدُّعاءِ، «السَّلامُ علينا» فيه إشارة، «اللهم صَلِّ على محمَّد» فيه إشارة، «اللهم بارك على محمَّد» فيه إشارة، «أعوذ بالله من عذاب جهنَّم» فيه إشارة، «ومِن عذاب القبر» فيه إشارة، «ومِن فتنة المحيا والممات» فيه إشارة، «ومِن فتنة المسيح الدَّجَّال» فيه إشارة، وكُلَّما دعوت تُشيرُ إشارةً إلى عُلُوِّ مَنْ تدعوه سبحانه وتعالى، وهذا أقربُ إلى السُّنَّة.انظر الشرح الممتع (3/145)
قلت الصحيح : بجواز الأمرين: التحريك وعدمه كما هو اختيار الصنعاني في "سبل السلام" 1 / 290 – 291 أما دليل التحريك فقد سبق وأما الدليل : على عدم التحريك عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَاوِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: رَآنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَانِي فَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: «كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى رواه مسلم (116 - (580))
-- تكون الإشارة بالأصبع إلى القبلة ؛ ويرمى ببصره إليها 0 وقد ثبت هذا من حديث ابن عمر عند ابن خزيمة في صحيحه (719) قال الأعظمي: إسناده صحيح وصححه الألباني
3- الحكمة من الإشارة بالأصبع ما ورد في الحديث  عن عبد الله بن عمر قال : قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَهِيَ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الْحَدِيدِ " يَعْنِي السَّبَّابَةَ رواه أحمد (6000) وحسنه الألباني والأرنؤوط
4- لا يجوز الإشارة بِالسَّبَّابَتَيْنِ مِنْ الْيَدَيْنِ ، وإنما بسبابة اليمنى فقط عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَدْعُو بِأُصْبُعَيَّ، فَقَالَ: «أَحِّدْ أَحِّدْ»، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ رواه أبو داود (1499) وصححه الألباني لِأَنَّ سُنَّةَ الْيُسْرَى أَنْ تَسْتَمِرَّ مَبْسُوطَةً الأصابع ، وعلى هذا لَوْ كَانَتْ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةً سَقَطَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ فَلَا يُشِيرُ بِغَيْرِهَا انظر المجموع (3/455)
5- إذا ترك التشهد الأول وقام تماما فلا يجوز له العود إلى القعود ، وأما إذا تذكر أثناء تحركه وقبل أن يستتم قيامه ، فإنه يعود إلى جلوسه للتشهد وهو مذهب الجمهور وذلك لحديث عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ، وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ رواه ابن ماجه (1208) وصححه الألباني قال النووي رحمه الله : قَدْ سَبَقَ أَنَّ فَوَاتَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ جُلُوسِهِ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ فَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَاسِيًا لِلتَّشَهُّدِ أَوْ جَلَسَ وَلَمْ يَقْرَأْ التَّشَهُّدَ ثُمَّ نَهَضَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَذَكَّرَ بَعْدَ الِانْتِصَابِ قَائِمًا فَيَحْرُمُ الْعَوْدُ إلَى الْقُعُودِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ السَّابِقُ وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَوْدُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَعُودَ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ الْعَوْدِ فَإِنْ عَادَ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ عَادَ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُومَ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَيَكُونُ سُجُودُ السَّهْوِ هُنَا لِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ لِأَنَّهُ زَادَ جُلُوسًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ وَالْجُلُوسَ فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ عَادَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ قَالُوا أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالنَّاسِي لِأَنَّهُ يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ وَبِهَذَا قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ انظر المجموع (4/130)
6- صيغ التشهد :
أولا- عن عَبْد اللَّهِ بن مسعود قال : كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا: السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ رواه البخاري (831) ومسلم (402)
قال الترمذي في سننه (289) وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ
ثانيا- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» رواه مسلم (403) وقال الترمذي (290) وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّشَهُّدِ»
ثالثا - عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : إِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رواه مسلم (404)
7- قال ابن قدامة وَالسُّنَّةُ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَجْهَرُ بِهِ، إذْ لَوْ جَهَرَ بِهِ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَتْ الْقِرَاءَةُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مِنْ السُّنَّةِ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد – صححه الحاكم والذهبي والألباني انظر صحيح أبي داود (906) - وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ غَيْرُ الْقِرَاءَةِ لَا يُنْتَقَلُ بِهِ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ، فَاسْتُحِبَّ إخْفَاؤُهُ، كَالتَّسْبِيحِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا انظر المغني (1/391)
الخامس والعشرون : هل يصلي على النبي صل الله عليه وسلم بعد التشهد الأوسط ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : لَا يُشْرَعُ وَبِهِ قطع أبو حنيفة وأحمد وإسحق وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالشُّعَبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ انظر المجموع (3/ 461) ورجحه ابن عثيمين وهو الراجح القول الثاني : قالوا : تُشْرَعُ وهو قول الشافعي انظر المجموع (3/ 461) ورجحه ابن باز ودليلهم : 1- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ رواه مسلم (405)
2- عن عائشة قالت : كنا نُعِد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- سواكَه وطهورَه؛ فيبعثُه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوكُ ويتوضأُ، ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربه ويصلي على نَبيّه، ثم يَنْهَضُ ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربه، ويصلي على نبيه -صلى الله عليه– ويدعو رواه أبو عوانه (2349) وصححه الألباني قال الألباني في تمام المنة (1\224) ففيه دلالة صريحة على أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ذاته صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول كما صلى في التشهد الآخر وهذه فائدة عزيزة فاستفدها وعض عليها بالنواجذ ولا يقال: إن هذا في صلاة الليل لأننا نقول: الأصل أن ما شرع في صلاة شرع في غيرها دون تفريق بين فريضة أو نافلة فمن ادعى الفرق فعليه الدليل اهـ قلت : الحديث رواه مسلم (746) بدون ويصلي على نبيه فهي ضعيفه فيها قتادة معروف بالتدليس ولم يصرح بالتحديث قال ابن عبد البر : وَقَالُوا لَا يُقْبَلُ تَدْلِيسُ الْأَعْمَشِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ أَحَالَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ يَعْنُونَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ إِذَا سَأَلْتَهُ عَمَّنْ هَذَا قَالَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ وَعَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ وَالْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ انظر التمهيد (1/31) قلت : مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ قال في ميزان الاعتدال : كذبه أبو بكر بن عياش.وقال يحيى والدارقطني: ضعيف. وَعَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ قال في ميزان الاعتدال : من غلاة الشيعة وَالْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ قال ابن حجر في التقريب : صدوق يخطىء ، و رمى بالقدر ، و كان يدلس
قال العلامة الدويش رحمه الله  في تنبيه القاريء (1/ 187) وأما ما ذكره من حديث عائشة – أي الألباني- الذي رواه أبو عوانة فهو من رواية قتادة وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث في صحة الحديث الذي لم يصرح فيه قتادة بالتحديث كما تقدم في كلامه على حديث عبد الله بن سرجس نهى أن يبال في الجحر. ومسلم وإن كان روى هذا الحديث كما قاله لكنه لم يذكر ما ذكره أبو عوانه وهو الشاهد من الحديث فيتوقف في ثبوته إلى أن يوجد ما يدل على سماع قتادة لهذه الزيادة. والله أعلم.
قال ابن عثيمين رحمه الله : ظاهر كلام المؤلِّف أنه لا يزيد في التشهُّدِ الأولِ على ما ذَكَرَ. وعلى هذا؛ فلا يستحبُّ أن تُصلِّيَ على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في التشهُّد الأوَّل، وهذا الذي مشى عليه المؤلِّف ظاهرُ السُّنَّة، لأنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يُعلِّم ابنَ مسعود وابنَ عباس إلا هذا التشهُّد فقط، وقال ابنُ مسعود: «كُنَّا نقولُ قبلَ أن يُفرضَ علينا التشهُّدِ» وذكر التشهد الأول فقط؛ ولم يَذكرِ الصَّلاةَ على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في التشهُّدِ الأول. فلو كان سُنَّةً لكان الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يعلِّمهم إيَّاه في التشهُّدِ.وأما قولهم: «يا رسولَ الله، أمَّا السَّلامُ عليك فقد عَرفنَاه، فكيف نُصَلِّي عليك  إذا نحن صَلَّينا عليك في صلاتِنا؟» ، فهو سؤال عن الكيفيَّة وليس فيه ذِكْرُ الموضع، وفَرْقٌ بين أن يُعَيَّنَ الموضع أو تُبَيَّنَ الكيفيَّة، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» : كان من هدي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم تخفيف هذا التشهد جدًّا، ثم ذَكَرَ الحديث أنه كان كأنَّما يجلس على الرَّضْفِ ـ يعني: الحجارة المحمَّاة ـ من شِدَّة تعجيله ، وهذا الحديث وإن كان في سنده نظر، لكن هو ظاهر السُّنَّة، أي: أنه لا يزيد على هذا، وفي «صحيح ابن خزيمة» : « أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم إِذا كَانَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ نَهَضَ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ تَشَهُّدِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهَا دَعَا بَعْدَ تَشَهُّدِهِ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ » - رواه ابن خزيمة (708) حديث حسن وصححه ابن خزيمة وقال الأعظمي: إسناده حسن وضعفه الألباني - ومع ذلك لو أن أحداً مِن النَّاس صَلَّى على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الموضع ما أنكرنا عليه، لكن لو سألنا أيُّهما أحسن؟ لقلنا: الاقتصار على التشهُّدِ فقط، ولو صَلَّى لم يُنْهَ عن هذا الشيء؛ لأنه زيادة خير، وفيه احتمال، لكن اتباع ظاهر السُّنَّة أَولى انظر الشرح الممتع (3/161)
فوائد : 1- قال ابن عثيمين : قوله: «صلِّ على محمد» قيل: إنَّ الصَّلاةَ مِن الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدُّعاء.فإذا قيل: صَلَّتْ عليه الملائكة، يعني: استغفرت له.وإذا قيل: صَلَّى عليه الخطيبُ يعني: دعا له بالصلاة.وإذا قيل: صَلَّى عليه الله، يعني: رحمه.وهذا مشهورٌ بين أهل العلم، لكن الصحيح خِلاف ذلك، أن الصَّلاةَ أخصُّ من الرحمة، ولذا أجمع المسلمون على جواز الدُّعاء بالرحمة لكلِّ مؤمن، واختلفوا: هل يُصلَّى على غير الأنبياء؟ ولو كانت الصَّلاةُ بمعنى الرحمة لم يكن بينهما فَرْقٌ، فكما ندعو لفلان بالرحمة نُصلِّي عليه.وأيضاً: فقد قال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] فعطف «الرحمة» على «الصلوات» والعطفُ يقتضي المغايرة فتبيَّن بدلالة الآية الكريمة، واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة في موضع، والرحمة في موضع أن الصَّلاة ليست هي الرحمة.وأحسن ما قيل فيها: ما ذكره أبو العالية ـ رحمه الله ـ أنَّ صلاةَ الله على نبيه: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى فمعنى «اللَّهمَّ صَلِّ عليه» أي: أثنِ عليه في الملأ الأعلى، أي: عند الملائكة المقرَّبين.فإذا قال قائل: هذا بعيد مِن اشتقاق اللفظ، لأن الصَّلاة في اللُّغة الدُّعاء وليست الثناء.فالجواب على هذا: أن الصلاة أيضاً من الصِّلَة، ولا شَكَّ أن الثناء على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الملأ الأعلى من أعظم الصِّلات؛ لأن الثناء قد يكون أحياناً عند الإنسان أهمُّ من كُلِّ حال، فالذِّكرى الحسنة صِلَة عظيمة.وعلى هذا؛ فالقول الرَّاجح: أنَّ الصَّلاةَ عليه تعني: الثناء عليه في الملأ الأعلى.وقوله: «على محمَّد» قد يقول قائل: لماذا لم يقلْ على النبيِّ أو على نبيك محمَّد، وإنما ذَكَرَه باسمه العَلَم فقط.الجواب: أنَّ هذا من باب الخبر، والخبر أوسع من الطَّلب.قوله: «وعلى آل محمَّد» . أي: وصَلِّ على آل محمَّد.وآل محمد، قيل: إنهم أتباعه على دينه؛ لأن آل الشخص: كلُّ مَنْ ينتمي إلى الشخص، سواءٌ بنسب، أم حمية، أم معاهدة، أم موالاة، أم اتِّباع كما قال الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] .فيكون «آله» هم أتباعُه على دينِهِ. وقيل: «آل النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم» قرابته المؤمنون ، والقائل بذلك خَصَّ القرابة المؤمنين، فخرج بذلك سائر الناس، وخَرَجَ بذلك كُلُّ مَن كان كافراً مِن قرابة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولكن الصحيح الأول، وهو أن الآل هم الأتباع، لكن لو قُرِنَ «الآل» بغيره فقيل: على محمد وآله وأتباعه. صار المراد بالآل المؤمنين مِن قرابته انظر الشرح الممتع (3/164)
2- سئل ابن تيمية رحمه الله : عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ الْأَفْضَلُ فِيهَا سِرًّا أَمْ جَهْرًا؟ وَهَلْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {أَزْعِجُوا أَعْضَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ} أَمْ لَا؟ وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْجَهْرِ لِيَسْمَعَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ "؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.فَأَجَابَ:أَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُرْوَى فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِثْلَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا الْبَاعَةُ لِتَنْفِيقِ السِّلَعِ أَوْ يَرْوِيهَا السؤال مِنْ قُصَّاصٍ وَغَيْرِهِمْ لِجَمْعِ النَّاسِ وَجِبَايَتِهِمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ هِيَ دُعَاءٌ مِنْ الْأَدْعِيَةِ كَمَا عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ حِينَ قَالُوا: {قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْك فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْك فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَالسُّنَّةُ فِي الدُّعَاءِ كُلِّهِ الْمُخَافَتَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ يُشْرَع لَهُ الْجَهْرُ قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وَقَالَ تَعَالَى عَنْ زَكَرِيَّا: {إذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} . بَلْ السُّنَّةُ فِي الذِّكْرِ كُلِّهِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا مَعَهُ فِي سَفَرٍ فَجَعَلُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا وَإِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ} وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فَكُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ الْعَبْدَ إذَا دَعَا أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يَدْعُو لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ الدُّعَاءِ سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ كَالصَّلَاةِ التَّامَّةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَتَّى عَقِيبَ التَّلْبِيَةِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ عَقِيبَ ذَلِكَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو سِرًّا وَكَذَلِكَ بَيْنَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ إذَا ذَكَرَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ وَإِنْ جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ لَا يَجْهَرُ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَ الصَّلَاةِ مِثْلَ أَنْ يَذْكُرَ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَحِبَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَفْعَ الصَّوْتِ بِذَلِكَ فَقَائِلُ ذَلِكَ مُخْطِئٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ أَوْ الرِّضَى الَّذِي يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمُؤَذِّنِينَ قُدَّامَ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ فِي الْجَمْعِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُصَلِّي عَلَيْهِ سِرًّا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَسْكُتُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انظر مجموع الفتاوى (22/ 468)

السادس والعشرون : فإذا صلى الثالثة أو الرابعة جلس متوركا ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؟
القول الأول : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ ينظر المجموع (3\450)  إلى أن المصلي يفترش في أي تشهد كان سواء التشهد في الثنائية أو التشهد الأوسط في الثلاثية أو التشهد الأوسط في الرباعية أو التشهد الأخير وحملوا ما روي بخلاف ذلك على أن النبي صل الله عليه وسلم إنما فعل خلاف ذلك لحاجة ودليلهم : عن عائشة في صفة صلاة رسول الله صل الله عليه وسلم وفيه أنها قالت : 000 وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى رواه مسلم (498)
2- عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ، فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى، ثُمّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ رواه أحمد في المسند (18995) حسنه الألباني وصححه ابن حبان
القول الثاني : ذهب مالك إلى التورك في كل تشهد ينظر تحفة الأحوذي (2\154) ودليله : عن عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ» رواه مسلم (579)
القول الثالث : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَفْتَرِشُ فِي الْأَوَّلِ وَيَتَوَرَّكُ في الأخير ينظر المجموع (3\451) أي يتورك في التشهد الذي يعقبه السلام بكل حال سواء كانت الصلاة فيها تشهد واحد - مثل صلاة الفجر- أو تشهدان؛ورجحه شيخنا مصطفى العدوي ودليلهم : قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وفيه « فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رواه البخاري (828)
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ فَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ وَبَاقِي الْأَحَادِيثِ مُطْلَقَةٌ فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى مُوَافَقَتِهِ فَمَنْ رَوَى التَّوَرُّكَ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَمَنْ رَوَى الِافْتِرَاشَ أَرَادَ الْأَوَّلَ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَا سِيَّمَا وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ وَافَقَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ينظر المجموع (3\450) 
القول الرابع : قَالَ أَحْمَدُ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ افْتَرَشَ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا افْتَرَشَ فِي الْأَوَّلِ وَتَوَرَّكَ فِي الثَّانِي ينظر المجموع (3\450) ورجحه ابن باز وابن عثيمين  وهو القول الراجح 0 والدليل :  إنْ كَانَتْ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ افْتَرَشَ 1- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَضْجَعَ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَنَصَبَ أُصْبُعَهُ لِلدُّعَاءِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى»، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُمْ مِنْ قَابِلٍ فَرَأَيْتُهُمْ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْبَرَانِس رواه النسائي (1159) وصححه الألباني قال الألباني في أصل صفة صلاة النبي صل الله عليه وسلم  (3\ 829) والحديث نص ظاهر في الافتراش في الصلاة الثنائية كصلاة الصبح ، وأحظى الناس بهذا الحديث الإمام أحمد 2- عن عائشة في صفة صلاة رسول الله صل الله عليه وسلم وفيه أنها قالت : 000 وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى رواه مسلم (498) قال ابن قدامة رحمه الله في "المغنى" (1/ 318): "جَمِيعُ جَلَسَاتِ الصَّلَاةِ لَا يُتَوَرَّكُ فِيهَا إلَّا فِي تَشَهُّدٍ ثَانٍ. لحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى , وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى). وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا يُسَلِّمُ فِيهِ وَمَا لَا يُسَلِّمُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ , وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَانِ يَقْضِيَانِ عَلَى كُلِّ تَشَهُّدٍ بِالِافْتِرَاشِ , إلَّا مَا خَرَجَ مِنْهُ، لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي , فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى قَضِيَّةِ الْأَصْلِ , وَلِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ , فَلَا يَتَوَرَّكُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ , وَهَذَا لِأَنَّ التَّشَهُّدَ الثَّانِيَ , إنَّمَا تَوَرَّكَ فِيهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ , وَمَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ , فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ " انتهى باختصار
وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا افْتَرَشَ فِي الْأَوَّلِ وَتَوَرَّكَ فِي الثَّانِي والدليل : قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وفيه فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رواه البخاري في صحيحه  (828) وقد دل هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس في التشهد الأول مفترشاً، وفي التشهد الثاني متوركاً.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 364): " ثُمَّ يَجْلِس فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ، فَأَكْثَر مُتَوَرِّكًا؛ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، فَإِنَّهُ وَصَفَ جُلُوسَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مُفْتَرِشًا، وَفِي الثَّانِي مُتَوَرِّكًا , وَهَذَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا , وَزِيَادَة يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا , وَالْمَصِيرُ إلَيْهَا , وَحِينَئِذٍ لَا يُسَنَّ التَّوَرُّكُ، إلَّا فِي صَلَاةٍ فِيهَا تَشَهُّدَانِ أَصْلِيَّانِ، فِي الْأَخِيرِ مِنْهُمَا " انتهى سئل ابن باز رحمه الله في نور على الدرب (8\352) : هل السنة في الصلاة الثنائية الافتراش أو التورك؟
ج: السنة فيها الافتراش كالتشهد الأول، هذا هو الأفضل، والتورك يكون في التشهد الأخير من الرباعية والثلاثية في المغرب والعشاء والظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحا في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، فالسنة للمؤمن في صلاته أن يفترش بين السجدتين في التشهد الأول، ويتورك في التشهد الأخير.
سئل ابن عثيمين رحمه الله في نور على الدرب (8\2)
نعلم بأن التورك سنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني لا أتورك إلا إذا كان موضع جلوسي يسمح لي وذلك خوفاً من أن أوذي المسلمين في الجلوس أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: التورك كما قال السائل سنة لكنه في التشهد الأخير من كل صلاة فيها تشهدان فيكون في المغرب ويكون في الظهر وفي العصر وفي العشاء أما الفجر وكل صلاة ثنائية فليس بها تورك والتورك يكون في التشهد الذي يعقبه سلام فلو قدر أن أحداً من الناس دخل مع الإمام في صلاة الظهر في الركعة الثانية فإنه إذا تشهد الإمام التشهد الأخير سيبقى على هذا المسبوق ركعة فلا يتورك في هذه الحال لأن توركه وإن كان تشهداً أخيراً بالنسبة لإمامه لكنه ليس تشهداً أخيراً بالنسبة له فلا يتورك فيه مع الإمام ولكنه إذا قضى مع الإمام الصلاة تورك وللتورك ثلاث صفات:
الصفة الأولى: أن ينصب رجله اليمنى أي ينصب القدم ويظهر الرجل اليسرى من تحت الساق لتكون الرجل اليسرى عن يساره.
والصفة الثانية: أن يسدل رجله اليمنى واليسرى من الجانب الأيمن وتكون الرجل اليسرى تحت ساق الرجل اليمنى.الصفة الثالثة: أن يسدل رجليه من الجانب الأيمن وتكون الرجل اليسرى بين ساق الرجل اليمنى وفخذها. هكذا ثبت في صحيح مسلم فإذا فعل هذا مرة وهذا مرة كان خيراً وإن اقتصر على واحدة كان خيراً لكن ينبغي أن نبين قاعدة مهمة وهي أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة الأفضل فيها أن يفعلها على هذه الوجوه كلها هذه مرة وهذه مرة لفوائد ثلاث:الفائدة الأولى العمل بكل من السنتين.والفائدة الثانية أن يحفظ كلتا السنتين لأنه إذا عمل بواحدة وهجر الأخرى نسيها.الفائدة الثالثة أن هذا أقوى لاستحضار القلب لأنه إذا استمر على سنة واحدة صارت كالعادة له وعلى هذا فيكون التورك مرة بهذا ومرة بهذا أما كون الإنسان لا يتورك إذا كان في الصف لئلا يؤذي غيره فهذا حق إذا كان هناك ضيق ولم يتمكن الإنسان من التورك إلا بأذية أخيه فإنه لا يتورك وهنا يكون ترك سنة اتقاء أذية..انتهى
فائدة : سئل ابن عثيمين رحمه الله في نور على الدرب (8\2)
 إذا ترك المصلى التورك في التشهد الأخير هل يأثم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يأثم لأن التورك في التشهد الأخير في الثلاثية والرباعية سنة والافتراش في التشهد الأول وفي التشهد الأخير في صلاةٍ ليس فيها إلا تشهد واحد كذلك سنة وليس بواجب إن فعل فهو أفضل وإن لم يفعل فلا حرج
السابع والعشرون : ثم يتشهد :
قلت : تنازع العلماء في التشهد الأخير على قولين :
القول الأول : لَمْ يُوجِبْهُ مَالِكٌ، وَلَا أَبُو حَنِيفَةَ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْجَبَ الْجُلُوسَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ. وَتَعَلُّقًا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ الْأَعْرَابِيَّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ انظر المغني (1/387)
القول الثاني : وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ عُمَرُ، وَابْنُهُ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّافِعِيُّ. (1/387)
قلت : الراجح هو القول الثاني : فإن قيل لم يكن التشهد في حديث المسيء في صلاته أقول كما سبق إن ثبت أن هذا الأمر كان بعد حديث المسيء صلاته فهو واجب فهذا التشهد كان بعد حديث المسيء في صلاته والدليل : عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُولُوا هَكَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ السَّلَامُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  رواه النسائي (1277) وصححه الدارقطنى والبيهقي  وابن حجر والألباني انظر إرواء الغليل (2/24) الشاهد من الحديث : قول ابن مسعود كنا نقول فلما رجعنا إلى حديث المسيء صلاته ما وجدنا التشهد فيه فعلمنا يقينا ان حديث بن مسعود بعده

قال ابن قدامة رحمه الله : وَلَنَا، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ فَقَالَ: قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ.» وَأَمْرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَفَعَلَهُ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ، قَبْلَ أَنْ يُفْرَضُ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: 00وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ فُرِضَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مَفْرُوضًا، وَحَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَ تَعْلِيمَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ أَسَاءَ فِي تَرْكِهِ انظر المغني (1/387)
الثامن والعشرون : ويصلي على النبي صل الله عليه وسلم :
تنازع العلماء في ذلك ؟ القول الأول : وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وظاهر مذهب أحمد انظر المغني (1/388) قالوا : وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْد التَّشَهُّدِ ودليلهم : عن فَضَالَة بْن عُبَيْدٍ،قال: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجِلَ هَذَا»، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ» رواه الترمذي (3477) وصححه الترمذي والألباني  الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالدُّعَاءِ بِمَا شَاءَ
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ» رواه الترمذي (593) قال الترمذي والألباني حَسَنٌ صَحِيحٌ
القول الثاني : وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْهُمْ - مَالِك، وَالثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْيِ،-وَأَبُو حَنِيفَةَ - وَأَكْثَر أَهْل الْعِلْمِ  انظر المغني (1/388) قلت : مذهب الجمهور هو الراجح
قال الشوكاني رحمه الله : وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي مِنْ الْأَدِلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَطْلُوبِ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهِ فَتَرْكُ تَعْلِيمِ الْمُسِيءِ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ» قَرِينَةٌ صَالِحَةٌ لِحَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ ثم قال : وَبَعْدَ هَذَا فَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجَلِّ الطَّاعَاتِ الَّتِي يَقْتَرِبُ بِهَا الْخَلْقُ إلَى الْخَالِقِ وَإِنَّمَا نَازَعْنَا فِي إثْبَاتِ وَاجِبٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ يَقْتَضِيه مَخَافَةَ مَنْ الْمُتَقَوِّلِ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَمْ يَقُلْ وَلَكِنْ تَخْصِيصُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِمَّا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ لَا تَخْتَصُّ بِالْأَخِيرِ انظر نيل الأوطار (2/332)
فائدة : صيغ الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم :
1- عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ رواه البخاري (3369) ومسلم(407)
2- عن ابْن أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» رواه البخاري (4797) ومسلم(406)
3- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ» رواه البخاري (4798)
4- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ رواه مسلم (405)
التاسع والعشرون : ثم يتعوذ بالله من أربع : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ رواه مسلم (588) قال الصنعاني رحمه الله : وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِعَاذَةِ مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ؛- والإمام أحمد في إحدى الروايتين ورجحه الألباني- وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ مِنْهُمْ: وَيَجِبُ أَيْضًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، عَمَلًا مِنْهُ بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ " طَاوُسٌ " ابْنَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لَمَّا لَمْ يَسْتَعِذْ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ، وَبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَهَا، انظر سبل السلام (1/289) قلت : الصحيح أن الاستعاذة من هذه الأربع مستحبة وهو مذهب أكثر أهل العلم انظر سبل السلام (1/289) وصرف الأمر في قوله فَلْيَتَعَوَّذْ إلى الاستحباب بحديث ابن مسعود عن النبي صل الله عليه وسلم قال : ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو رواه البخاري (835) ومسلم (402) وقال البخاري : بَابُ مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَلَيْسَ بِوَاجِب ثم ذكر هذا الحديث  قلت : أيضا صرف بحديث المسيء في صلاته النبي صل الله عليه وسلم لم يعلمه هذا الدعاء
  قوله «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ» ") قَالَ الطِّيبِيُّ: تَصْرِيحٌ بِاسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ فِي الْأَوَّلِ – أي التشهد الأوسط - لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّحْفِيفِ اهـ
قال الصنعاني رحمه الله : وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى ثُبُوتِ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَالْمُرَادُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنْ الِافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالَاتِ، وَأَعْظَمُهَا - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: هِيَ الِابْتِلَاءُ مَعَ عَدَمِ الصَّبْرِ. وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ، قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا: الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ، أُضِيفَتْ إلَيْهِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا فِتْنَةُ الْقَبْرِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَا السُّؤَالَ مَعَ الْحَيْرَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ: «إنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» وَلَا يَكُونُ هَذَا تَكْرِيرًا لِعَذَابِ الْقَبْرِ لِأَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: " فِتْنَةُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ " قَالَ الْعُلَمَاءُ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْفِتْنَةُ: الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَالتُّهْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ " وَالْمَسِيحُ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَفِيهِ ضَبْطٌ آخَرُ، وَهَذَا الْأَصَحُّ، وَيُطْلَقُ عَلَى الدَّجَّالِ، وَعَلَى " عِيسَى "، وَلَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ الدَّجَّالُ قُيِّدَ بِاسْمِهِ، سُمِّيَ الْمَسِيحَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ. أَمَّا عِيسَى فَقِيلَ لَهُ الْمَسِيحُ: لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ؛ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إلَّا بَرِئَ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ أَنَّهُ جَمَعَ فِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ خَمْسِينَ قَوْلًا انظر سبل السلام (1/289)
فصل : الدعاء قبل السلام وأنواعه
1- عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: " قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ رواه البخاري (834) ومسلم 48 - (2705)
2- عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ " فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ» رواه البخاري (832) ومسلم 129 - (589) معنى الْمَأْثَمِ مِنَ الْإِثْمِ وَالْغُرْمِ وَهُوَ الدَّيْنُ
 3- عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، يكون آخر ما يقول بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» رواه مسلم 201 - (771)
4- عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى رواه أبو داود (1495) صححه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني
5- عن مِحْجَن بْن الْأَدْرَعِ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ، وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: فَقَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ» ثَلَاثًا رواه أبو داود (985) قال الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود (905) (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة، وقال الحاكم: " على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي!) اهـ
هل يجوز أن يدعو بغير ما ذكر في الأحاديث المأثورة  : قال النووي رحمه الله : مَذْهَبُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا بِكُلِّ مَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ مِنْ أُمُورِ الدين والدنيا وله اللهم الرزقي كَسْبًا طَيِّبًا وَوَلَدًا وَدَارًا وَجَارِيَةً حَسْنَاءَ يَصِفُهَا وَاَللَّهُمَّ خَلِّصْ فُلَانًا مِنْ السِّجْنِ وَأَهْلِكْ فُلَانًا وغير ذلك ولا يبطل صلاته شئ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وابو ثور واسحق وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ إلَّا بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْقُرْآنِ قَالَ الْعَبْدَرِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ بِمَا يُطْلَبُ مِنْ آدَمِيٍّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ إنْ دَعَا بِمَا يَقْصِدُ بِهِ اللَّذَّةَ وَشِبْهَ كَلَامِ الْآدَمِيِّ كَطَلَبِ جَارِيَةٍ وَكَسْبٍ طَيِّبٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاحْتُجَّ لهم بقوله صلى الله تعالي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصِحُّ فيها شئ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ " وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ " فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ " وَهُمَا صَحِيحَانِ سَبَقَ بَيَانُهُمَا فَأَطْلَقَ الْأَمْرَ بِالدُّعَاءِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فَتَنَاوَلَ كُلَّ مَا يُسَمَّى دُعَاءً وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي مَوَاضِعَ بِأَدْعِيَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَجْرَ فِيهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ في حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ " ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ مَا اعجبه واحب إلَيْهِ وَمَا شَاءَ " وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هريرة " ثم يدعو لفنسه مَا بَدَا لَهُ " قَالَ النَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ " اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَعَيَّاشَ بن ابى ربيعة وسلمة بْنَ هِشَامٍ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وطأتك علي مضر واجعلهما عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " وَهَؤُلَاءِ قَبَائِلُ مِنْ الْعَرَبِ وَالْأَحَادِيثُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ كَثِيرَةٌ: وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِهِمْ أَنَّ الدُّعَاءَ لَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ النَّاسِ وَعَنْ التَّشْمِيتِ وَرَدِّ السَّلَامِ أَنَّهُمَا مِنْ كَلَامِ النَّاسِ لِأَنَّهُمَا خِطَابٌ لِآدَمِيٍّ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم اهـ
الثلاثون : ثم يسلم :
حكم التسليم : قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين : القول الأول قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/351): وَذَهَبَ إلَى الْوُجُوبِ أَكْثَرُ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ اهـ ودليلهم : عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» رواه أبو داود (61) قال الألباني في صحيح أبي داود (55) (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم وابن السكن وكذا الحافظ،وحسّنه النووي، وأورده المقدسي في "الأ حاديث المختارة اهـ
 قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/351) وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَتَحْلِيلُهَا تَقْتَضِي الْحَصْرَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَمِيعُ تَحْلِيلِهَا التَّسْلِيمُ: أَيْ انْحَصَرَ تَحْلِيلُهَا فِي التَّسْلِيمِ لَا تَحْلِيلَ لَهَا غَيْرُهُ اهـ
قال النووي في المجموع (3\ 481)احتج أصحابنا بحديث " تحليلها لتسليم " وَبِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ مَعَ " قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أصلي اهـ 
القول الثاني : وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ السَّلَامُ وَلَا هُوَ مِنْ الصَّلَاةِ بَلْ إذَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِمَا يُنَافِيهَا مِنْ سَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ اهـ وقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: «إِذَا تَشَهَّدَ وَلَمْ يُسَلِّمْ أَجْزَأَهُ» انظر سنن الترمذي (2/261) وَاحْتَجَّوا أولا : بحديث المسئ صَلَاتَهُ وأجيب قال النووي رحمه الله في المجموع والجواب عن حديث المسئ صَلَاتَهُ أَنَّهُ تَرَكَ بَيَانَ السَّلَامِ لِعِلْمِهِ بِهِ كَمَا تَرَكَ بَيَانَ النِّيَّةِ وَالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَهُمَا وَاجِبَانِ بِالِاتِّفَاقِ اهـ ثانيا : استدلوا : بِحَدِيثِ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ وَقَالَ «إِذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ» رواه أبو داود (970) " قال النووي في المجموع (3/481) وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ قَوْلَهُ " فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ أَوْ قُضِيَتْ صَلَاتُهُ " إلَى آخِرِهِ زِيَادَةٌ مُدْرَجَةٌ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّفَاقِ الحفاظ وقد بين الدارقطني وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا ذَلِكَ اهـ
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/351) وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ: إنَّهُ كَالشَّاذِّ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ كَالشَّاذِّ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ لَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَفْصُولَةً مِنْ الْحَدِيثِ وَلَا مُدْرَجَةً فِي آخِرِهِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ الْحَسَنِ فَجَعَلَهَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْحَسَنِ فَأَدْرَجَهَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ، وَرَوَاهَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْهُ مَفْصُولَةً كَمَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيّ. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا يُخَالِفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِلَفْظِ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَانْقِضَاؤُهَا التَّسْلِيمُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقُمْ إنْ شِئْت قال : : وَهَذَا الْأَثَرُ صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: قَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إيجَابُ السَّلَامِ فَرْضًا، وَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي الْأَحْوَصِ هَذِهِ عَنْهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ تَعْلِيمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ لِابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ قَبْلَ فَرْضِ التَّسْلِيمِ ثُمَّ فُرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مُدْرَجَةُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْحُفَّاظِ مِنْهُمْ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: ذَهَبَ الْحُفَّاظُ إلَى أَنَّ هَذَا وَهْمٌ مِنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ.وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهَا مُدْرَجَةٌ انْتَهَى. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مَعَ اتِّفَاقِ كُلِّ مَنْ رَوَى التَّشَهُّدَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَعَنْ غَيْرِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى ذَلِكَ اهـ
وقال الألباني في صحيح أبي داود (4/121) (قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: إذا قلت هذا ... شاذ، أدرجه بعضهم في الحديث! والصواب أنه من قول ابن مسعود موقوفاً عليه، كما قال ابن حبان والدارقطني والبيهقي) -
 ثالثا : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى الْإِمَامُ الصَّلَاةَ وَقَعَدَ فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَمَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِمَّنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ رواه أبو داود (617)
 قال الألباني في ضعيف أبي داود (1/ 211) (قلت: إسناده ضعيف؛ من أجل عَبْد الرَّحْمَنِ بْن زِيَادِ بْن أَنْعُم. وقال البيهقي: " لا يصح، تفرد به ابن زياد، ولا يحتج به ". وقال الترمذي: " هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي ". وقال النووي: " حديث ضعيف باتفاق الحفاظ ". وفي متنه اضطراب شديد، بينه الامام الطحاوي) اهـ
 رابعا : عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " إذَا جَلَسَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدْ تمت صلاته قال النووي رحمه الله : وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ ابن عمرو فضعيفان باتفاق الحفاظ، ضعفهما مَشْهُورٌ فِي كُتُبِهِمْ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ بَعْضِ هَذَا فِي ذِكْرِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ التَّشَهُّدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انظر المجموع (3/481)
قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 352) وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ " تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ " وَهُوَ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ تَأَخُّرِهِ عَنْ حَدِيثِ الْمُسِيءِ لِمَا عَرَّفْنَاك فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ إلَّا بِمَا عُلِمَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، " فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك " كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ. إذَا عَرَفْت هَذَا تَبَيَّنَ لَك أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَكُونُ حُجَّةً يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَأَخُّرِهِ وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ،- قلت : موقوف عليه - وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَحْدَثَ الرَّجُلُ وَقَدْ جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَكَ الْقَوِيِّ، وَقَدْ اضْطَرَبُوا فِي إسْنَادِهِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ لِعَدَمِ قُوَّةِ إسْنَادِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْأَفْرِيقِيَّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ قَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ – قلت : وفي رواية لابن معين ضعيف وهو حديث ضعيف كما سبق - وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال لِلْوُجُوبِ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْمُتَقَدِّمِ – يقصد حديث - عَنِ الْحَسَنِ،عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ رواه أبو داود (1001) حسنه الحافظ وصححه ابن خزيمة والحاكم  -فَهُوَ أَيْضًا لَا يَنْتَهِضُ لِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ تَأَخُّرِهِ لِمَا عَرَفْت، عَلَى أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَمْرُ الْمُؤْتَمِّينَ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ، عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ صِيغَتُهُ غَيْرُ صِيغَةِ السَّلَامِ الَّذِي لِلْخُرُوجِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَمَّا اعْتِذَارُ صَاحِبِ ضَوْءِ النَّهَارِ عَنْ الْحَدِيثِ بِهَجْرِ ظَاهِرِهِ بِإِسْقَاطِ التَّحَابِّ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّحَابَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فَلَمْ يُهْجَرْ ظَاهِرُهُ وَقَدْ احْتَجَّ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَلِّمُوا} [النور: 61] وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ سَبَبِهِمَا. فَإِنْ قَالَ الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَزِمَهُ إيجَابُ السَّلَامِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ. فَإِنْ قَالَ: الْإِجْمَاعُ صَارِفٌ عَنْ وُجُوبِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ قُلْنَا:سَلَّمْنَا فَحَدِيثُ الْمُسِيءِ صَارِفٌ عَنْ الْوُجُوبِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّأَخُّرِ اهـ
فوائد : 1- قال النووي : فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمَةٍ أَوْ تَسْلِيمَتَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وعن عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ وَعَلْقَمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ التَّابِعِينَ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ* قَالَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَسَلَمَةُ ابن الْأَكْوَعِ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ قال ابن المندر عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ كَانَ مَسْجِدُ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ فِيهِ تَسْلِيمَتَيْنِ وَمَسْجِدُ الْمُهَاجِرِينَ يُسَلِّمُونَ فِيهِ تَسْلِيمَةً وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ وَدَلِيلُ الْجَمِيعِ يُعْرَفُ مِنْ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انظر المجموع (3/481)
2- قال النووي : مَذْهَبُنَا الْوَاجِبُ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تَجِبُ الثَّانِيَةُ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَوْ كُلُّهُمْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزَةٌ – قلت : عمرو بل خالف في ذلك أحمد في روايه فأوجب التسليمتين وبه قال الحسن بن صالح وابن حزم فالمسألة ليست فيها إجماع كما قال ابن المنذر – قال النووي : وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ أَوْجَبَ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَبِهِمَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انظر المجموع (3/482) قلت : الصحيح هو قول : الجمهور والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ رواه الترمذي (296) وصححه الألباني  2- عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» رواه الطبراني في الأوسط (8473) وقال الألباني في الصحيحة (1/629) وجملة القول: أن هذا الحديث صحيح،- حديث أنس - وهو أصح الأحاديث التي وردت في التسليمة الواحدة في الصلاة، وقد ساق البيهقي قسما منها، ولا تخلو أسانيدها من ضعف،ولكنها في الجملة تشهد لهذا، وقال البيهقي عقبها:" وروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، أنهم سلموا تسليمة واحدة، وهومن الاختلاف المباح، والاقتصار على الجائز ".وذكر نحوه الترمذي عن الصحابة. ثم قال:" قَالَ الشَّافِعِيُّ: «إِنْ شَاءَ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ»".قلت: التسليمة الواحدة فرض لابد منه لقوله صلى الله عليه وسلم:" ... وتحليلها التسليم ".والتسليمتان سنة، ويجوز ترك الآخرى أحيانا لهذا الحديث.ولقد كان هديه صلى الله عليه وسلم في الخروج من الصلاة على وجوه:الأول: الاقتصار على التسليمة الواحدة. كما سبق. الثاني: أن يقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم.-  قلت : عمرو والدليل : عن وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ كَانَتْ؟ قَالَ: " فَذَكَرَ التَّكْبِيرَ، قَالَ: يَعْنِي وَذَكَرَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ عَنْ يَسَارِهِ رواه النسائي (1321) وقال الألباني حسن صحيح -
 الثالث: مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في الثانية أيضا: " ورحمة الله – قلت : والدليل : سيأتي حديث عن سمره رواه مسلم (431) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» رواه أبو داود (996) قال الألباني في صحيح أبي داود (914)(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان. وهو في "صحيح مسلم " و "أبي عوانه" من طريق أخرى عن ابن مسعود مختصراً) اهـ
 الرابع: مثل الذي قبله، إلا أنه يزيد في التسليمة الأولى " وبركاته ".- - قلت : والدليل : عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»، وَعَنْ شِمَالِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» رواه أبو داود (997) قال الألباني في صحيح أبي داود (915)(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي والعسقلاني، وصححه ابن دقيق العيد أيضا، وابن سيد الناس-
قال الألباني :  وكل ذلك ثبت في الأحاديث، وقد ذكرت مخرجيها في " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " فمن شاء راجعه اهـ
قلت : أيضا يجوز ((السلام عليكم)) ، وهو قول مالك والليث بن سعدٍ، وروي عن علي وغيره.انظر فتح الباري لابن رجب (7/ 376) قال ابن عثيمين رحمه الله : لو قال: «السَّلام عليكم» فقط، فهل يجزئ؟فيه خلاف بين العلماء :مِنهم مَن قال: لا يجزئ، وهو المذهب ومِنهم مَن قال: يجزئ، وهو رواية عن أحمد ؛ لأنه قد وَرَدَ في حديث جابر بن سَمُرَة قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنَّا إِذَا سَلَّمْنَا قُلْنَا بِأَيْدِينَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ... » بدون ذِكْرِ «ورحمة الله» - رواه مسلم (431)- وعلى هذا فيكون قوله: «ورحمة الله» سُنَّة، وليس بواجب انظر الشرح الممتع (3/210)
3- جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (27/71) اتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ؛ 00وَلَفْظُهُ الْمُجْزِئُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ".قَال الْمَالِكِيَّةُ: فَلاَ يُجْزِئُ سَلاَمُ اللَّهِ، أَوْ سَلاَمِي، أَوْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، وَلاَ بُدَّ - أَيْضًا - مِنْ تَأَخُّرِ " عَلَيْكُمْ " وَأَنْ يَكُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ.وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ تَقَدُّمَ " عَلَيْكُمْ " فَيُجْزِئُ عِنْدَهُمْ " عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ " مَعَ الْكَرَاهَةِ. قَالُوا: وَلاَ يُجْزِئُ السَّلاَمُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تَبْطُل بِهِ الصَّلاَةُ؛ لأَِنَّهُ دُعَاءٌ لِلْغَائِبِ، وَلاَ عَلَيْكَ وَلاَ عَلَيْكُمَا، وَلاَ سَلاَمِي عَلَيْكُمْ، وَلاَ سَلاَمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ،وَلاَ تُجْزِئُ  أَيْضًا – سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ.وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ صِيغَتَهُ الْمُجْزِئَةَ:السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَقُل " وَرَحْمَةُ اللَّهِ " فِي غَيْرِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ. وَقَال: {صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَهُوَ سَلاَمٌ فِي صَلاَةِ وَرَدَ مَقْرُونًا بِالرَّحْمَةِ فَلَمْ يُجْزِئْهُ بِدُونِهَا كَالسَّلاَمِ فِي التَّشَهُّدِ. فَإِنْ نَكَّرَ السَّلاَمَ، كَقَوْلِهِ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، أَوْ عَرَّفَهُ بِغَيْرِ اللاَّمِ، كَسَلاَمِي، أَوْ سَلاَمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أَوْ نَكَّسَهُ فَقَال عَلَيْكُمْ سَلاَمٌ أَوْ عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ، أَوْ قَال: السَّلاَمُ عَلَيْكَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَمَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّهُ يُغَيِّرُ السَّلاَمَ الْوَارِدَ، وَيُخِل بِحَرْفٍ يَقْتَضِي الاِسْتِغْرَاقَ اهـ
4- إذا سلم المصلي تكون يداه قارتين على فخذيه ، أو ركبتيه ولا يشير بهما عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ، وَشِمَالِهِ»
رواه مسلم (431) لُهُ: (أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ) هُوَ مِنْ الدَّوَابِّ النُّفُورِ الَّذِي يَمْتَنِعُ عَلَى رَاكِبِهِ، وَمِنْ الرِّجَالِ: صَعْبُ الْخُلُقِ
5- وَيَنْوِي الْإِمَامُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ وَعَلَى المأمومين من ناحيته في صفه وورائه وَقُدَّامِهِ وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قُدَّامَهُ نَوَاهُ فِي أَيِّ التَّسْلِيمَتَيْنِ شَاءَ وَيَنْوِي الْمُنْفَرِدُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَبِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى سَمُرَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ قلت : عمرو رواه أبو داود (1001) بلفظ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ»
 وقال الألباني ضعيف وعلته أن الحسن لم يسمع من سمرة قلت : قد سبق الكلام عن ذلك وقلت : الصحيح أنه سمع منه وذكرت من قال ذلك وصحح هذا الحديث ابن خزيمة والحاكم وحسنه ابن حجر - وَرَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا يَفْصِلُ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ – رواه الترمذي ( 429) وحسنه وصححه الألباني - وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَنْوِ مَا سِوَاهُ جَازَ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ سُنَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَ أَبُو العباس ابن سريج وابو العباس اهـ
6- يستحب للمأموم أن لا يبتدي السلام حتى يفرغ الإمام من التسليمتين ، ويجوز أن يسلم بعد فراغه من الأولى ، وإنما الخلاف في الأفضل كذلك يستحب للمسبوق أن لا يقوم ليأتي بما فاته إلا بعد أن يسلم الإمام التسليمتين ، ويجوز أن يقوم بعد فراغه من التسليمة الأولى ، فإن قام قبل شروع الإمام في التسليم بطلت صلاته انظر تمام المنة
7- لو بقي على المأموم إتمام التشهد والصلاة على النبي صل الله عليه وسلم بعد فراخ الإمام فله أن يتمه ، ولا يخرجه ذلك عن المتابعة ، لأنها انتهت بتسليم الإمام انظر تمام المنة0


8- قال النووي رحمه الله : قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ سلم التسليمتين عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَجْزَأَهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ بَدَأَ بِالْيَسَارِ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ  انظر المجموع (3/477)
9- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «حَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ» رواه الترمذي (297) وقال : «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وأقره الْإِشْبِيلِيّ وصححه ابن خزيمة والحاكم والسيوطي وحسنه البغوي وضعفه الألباني وهو الراجح وَالْحَذْفُ هُوَ مَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنْ لَا يَمُدَّهُ مَدًّا: يَعْنِي يَتْرُكُ الْإِطَالَةَ فِي لَفْظِهِ وَيُسْرِعُ فِيهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِبُّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ. انظر نيل الأوطار (2/348)
10- عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ، مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ رواه ابن ماجه (856) وصححه ابن خزيمة (574) والألباني والأرنؤوط والأعظمي وفي الزوائد هذا إسناد صحيح. ورجاله ثقات. احتج مسلم بجميع رواته.

الذكر بعد الصلاة :
هي أذكار وأدعية تقال بعد التسليم من صلاة الفريضة :
(1) يجوز أحيانا رفع الصوت بالذكر عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،قال: «أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ، بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ» رواه البخاري (841) ومسلم (583) قال النووي رحمه الله : هَذَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ عَقِبَ الْمَكْتُوبَةِ وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّهُ مِنَ المتأخرين بن حزم الظاهري ونقل بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَالتَّكْبِيرِ انظر شرح مسلم (5/84)
(2) عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: " كَيْفَ الْاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ رواه مسلم(591) (3) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» وَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ رواه مسلم (594)
(4) عن المُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ، ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ، إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» رواه البخاري (6615) ومسلم (593) (5) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً رواه مسلم (596) (6) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ رواه مسلم (597) (7) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ» رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (124) صححه ابن حبان والألباني وشيخنا مصطفى العدوي (8) عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»، فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ، فَقَالَ أَبِي: أَيْ بُنَيَّ، عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ قُلْتُ عَنْكَ، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ رواه النسائي (1347) وصححه ابن خزيمة والألباني والأعظمي
 (9) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ رواه أبو داود(1523) وصححه ابن خزيمة والألباني والأعظمي (10) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقَالَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِك رواه أبوداود(1522) وصححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني (11) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَلَّتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، أَلَا وَهُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا "، قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالَ: «فَتِلْكَ خَمْسُونَ، وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي المِيزَانِ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ تُسَبِّحُهُ وَتُكَبِّرُهُ وَتَحْمَدُهُ مِائَةً، فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي المِيزَانِ، فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ»؟ قَالُوا: فَكَيْفَ لَا نُحْصِيهَا؟ قَالَ: " يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، حَتَّى يَنْفَتِلَ، فَلَعَلَّهُ أَلَّا يَفْعَلَ، وَيَأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ، فَلَا يَزَالُ يُنَوِّمُهُ حَتَّى يَنَام رواه الترمذي (3410) وقال «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» وصححه الألباني (12) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدْيرٌ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ، كَانَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلَ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَى مَا قَالَ رواه الطبراني في الكبير (8075) وحسنه الألباني  قال المنذري (1 / 168) : " رواه الطبراني في " الأوسط بإسناد جيد. وقال الهيثمي (10 / 108) : رواه الطبراني في " الكبير و الأوسط ، ورجال الأوسط ثقات "وقال الألباني : وفي الحديث شهادة قوية لحديث شَهْر بْنِ حَوْشَبٍ الذي فيه هذه الجملة: " وهو ثان رجليه "وكنت لا أعمل بها لضعف (شهر) حتى وقفت على هذا الشاهد، وفيه التهليل (مائة) مكان (عشر) والكل جائز لثبوتهما. فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله انظر الصحيحة (6/354) قلت : يقصد حديث (13) عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ إِلَّا الشِّرْكَ بِاللَّهِ ": رواه الترمذي (3474) وقال «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيب وحسنه ابن حجر في (نتائج الأفكار 304/2) وقال الألباني في الترغيب (472) حسن لغيره فوائد : 1- سئل شيخنا مصطفى العدوي هل أذكار الصلاة تُعد ختاما للصلاة ؟ فأجاب الأذكار التي بعد الصلاة ليست من الصلاة ، وذلك لأن النبي صل الله عليه وسلم قد قال في شأن الصلاة :  تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» فما بعد السلام ليس من الصلاة إلا أن من أهل العلم من أشار إلى معنى من المعاني حاصله أن هذه الأذكار تجلب لقائلها حسنات تُعوِّض ما قد يكون قد اعترى الصلاة من خلل أو انشغال فالله أعلم 
 2- سئل ابن باز رحمه الله : أنا بعد أن أصلي أبدأ في التسبيح، وعندما يكلمني أحد أرد عليه في أثناء التسبيح، هل في ذلك شيء؟ ولكني أيضا أنسى كم مرة سبحت، أرجو توجيهي، جزاكم الله خيرا ج: لا حرج في ذلك، كون الإنسان يذكر الله بعد الصلاة ويتكلم عند الحاجة لا بأس، وإذا نسي يعيد حتى يأتي بالمشروع، إذا شك أنه سبح ثلاثا وثلاثين أو أقل يكمل، يعمل بالحيطة ويكمل حتى يحصل له الأجر.انظر نور على الدرب (9\ 121)
3- هل أذكار الصلاة محددة بوقت ، بمعنى لو قلت الأذكار بعد وصولي للبيت أو جزء في المسجد والباقي في الطريق هل يجوز ذلك أم لا الجواب  عنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً رواه مسلم (596) قال الألباني رحمه الله (معقبات) أي كلمات تقال عقب الصلاة، والمعقب ما جاء عقب قبله.قلت: والحديث نص على أن هذا الذكر إنما يقال عقب الفريضة مباشرة، ومثله ما قبله من الأوراد وغيرها، سواء كانت الفريضة لها سنة بعدية أو لا، ومن قال من المذاهب بجعل ذلك عقب السنة فهو مع كونه لا نص لديه بذلك، فإنه مخالف لهذا الحديث وأمثاله مما هو نص في المسألة.والله ولي التوفيق. انظر الصحيحة (102) قال في كشاف القناع : (1/365) يُسَنُّ ذِكْرُ اللَّهِ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ (كَمَا وَرَدَ) فِي الْأَخْبَارِ عَلَى مَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي الشَّرْحِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمَا أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَاعِدٌ وَلَوْ قَالَهُ بَعْد قِيَامِهِ وَفِي ذَهَابهِ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُصِيبٌ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا، إذْ لَا تَحْجِيرَ فِي ذَلِكَ.وَلَوْ شُغِلَ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَذَكَرَهُ، فَالظَّاهِرُ حُصُولُ أَجْرِهِ الْخَاصِّ لَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ قَرِيبًا لِعُذْرٍ، أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ فَالظَّاهِرُ فَوَاتُ أَجْرِهِ الْخَاصِّ، وَبَقَاءِ أَجْرِ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ لَهُ اهـ وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"إذا طال الفصل بين الصلاة والذكر فات محله ، والطول عرفي [يعني : ليس له حد معين ، وإنما يُرجع في تحديده إلى العرف] ، أما إذا كان الفصل يسيراً ـ ومنه صلاة الجنازة ـ فلا يفوت انتهى من شرح "عمدة الأحكام"
ملاحظات :
 (1) ما حكم اتخاذ السبحة
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : وهو عن أبي هريرة وسلمان الفارسي وأبي الدرداء واختيارالشوكاني والسيوطي انظر نيل الأوطار (2/ 366) واختيار شيخ الإسلام وابن الجوزي وأبي الحسنات اللكنوي ورجحه ابن باز وابن عثيمين والألباني في رواية وشيخنا مصطفى العدوي وشيخنا حسن أبو الأشبال قالوا : جواز اتخاذ السبحة والذكر بها ولكن باليد أفضل وهو الراجح والدليل : عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوَاةٌ، أَوْ قَالَ: حَصَاةٌ تُسَبِّحُ بِهَا، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ».رواه الترمذي (3568) قال الألباني رحمه الله : (قلت: إسناده ضعيف؛ خزيمة مجهول، وابن أبي هلال كان اختلط) قلت : بل هو حديث حسن لغيره وله شاهد يحسن به هذا الحديث رواه الترمذي عَنْ صَفِيَّةَ بسند ضعيف (3554) وبهذا الشاهد يحسن الحديث بمجموع طرقه وقال الترمذي عن حديث عَائِشَة بِنْت سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وصححه ابن حبان وصححه الحاكم ووافقه الذهبي  وصححه السيوطي في الحاوي (2/ 2 ) وقال المنذري في الترغيب (2/360) إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما  وحسنه ابن حجر في نتائج الافكار 01/76) وحسنه شعيب الارنؤوط في ت سنن أبي داود  قال الشوكاني : وَالْحَدِيثَانِ الْآخَرَانِ يَدُلَّانِ عَلَى جَوَازِ عَدِّ التَّسْبِيحِ بِالنَّوَى وَالْحَصَى وَكَذَا بِالسُّبْحَةِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ لِتَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَرْأَتَيْنِ عَلَى ذَلِكَ. وَعَدَمُ إنْكَارِهِ وَالْإِرْشَادُ إلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ. قَدْ وَرَدَتْ بِذَلِكَ آثَارٌ ثم ذكر أثارا عن الصحابة في التسبيح بالحصى والنوى انظر نيل الأوطار (2/366)
القول الثاني : قالوا : استخدام السبحة بدعة وهو ما روى عن ابن مسعود وإبراهيم النخعي ورواية عن الألباني انظر الضعيفة (83) قلت : سيأتي إن شاء الله أن الشيخ الألباني رحمه الله رجع عن هذا القول 0
وحجتهم : 1- أنه مخالف لهديه صل الله عليه وسلم عن يُسَيْرَة: قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ، وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ» رواه الترمذي (3583) وحسنه الألباني قلت : بل هو حديث ضعيف فيه هَانِئ بْن عُثْمَان قال ابن حجر مقبول وأمه حُمَيْضَة بِنْت يَاسِر قال ابن حجر مقبولة ومعنى مقبول عند ابن حجر أي حيث يتابع وإلا فلين – أي ضعيف-كما ذكر هو (رحمه الله) في مقدمة التقريب قال شيخنا مصطفى العدوي : أما حديث يُسيرة الذي يكثر الاستدلال به في هذا الباب فهو حديث لا يثبت عن رسول الله صل الله عليه وسلم ففي سنده هَانِئ بْن عُثْمَان وهو إلى الجهالة أقرب وكذا أمه حُمَيْضَة اهـ ومعنى بِالأَنَامِلِ  هي أطراف الأصابع  وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَدِهِ» رواه الترمذي (3486) وقال «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وصححه الألباني وأجيب بأن تسبيح النبي صل الله عليه وسلم بيده ليس فيه النهي عن التسبيح بغير اليد من الحصى والنوى ونحوهما لا بالمنطوق ولا بالمفهوم بل هو أمر مسكوت عنه في هذا الحديث وقد أقر النبي صل الله عليه وسلم من فعل ذلك في الحديث السابق  قال المباركفوري (9/322) وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْأَنَامِلِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ يُسَيْرَةَ الذي أشار إليه الترمذي بأن الأنامل مسؤولات مُسْتَنْطَقَاتٌ يَعْنِي أَنَّهُنَّ يَشْهَدْنَ بِذَلِكَ فَكَانَ عَقْدُهُنَّ بِالتَّسْبِيحِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ أَوْلَى مِنَ السُّبْحَةِ وَالْحَصَى وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ عَدِّ التَّسْبِيحِ بِالنَّوَى وَالْحَصَى حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاص 00 اهـ 2- عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ قَالَ: " مَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا تَسْبِيحٌ تُسَبِّحُ بِهِ , فَقَطَعَهُ وَأَلْقَاهُ , ثُمَّ مَرَّ بِرَجُلٍ يُسَبِّحُ بِحَصًا , فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ سُبِقْتُمْ , رَكِبْتُمْ بِدْعَةً ظُلْمًا , أَوْ لَقَدْ غَلَبْتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمًا» رواه ابن وضاح (21) وسنده منقطع.وله طريق عند الدارمي في السنن (210) مطولا وصححه الألباني في الصحيحة (2005)
  قلت : ما روي عن ابن مسعود فلا تصح معارضته للأحاديث السابقة ، لتطرق الاحتمال إليه لأنه ربما أنكر عليهم لاجتماعهم، أو لصدور الأمر بذلك من بعضهم بقوله (سبحوا كبروا) ثم إن هذا قول صحابي على فرض صحته لا يجوز أن يعارض به ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن لأن الحجة فيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خالفه من الصحابة، فمن بعدهم فإنه يلتمس له العذر حيث يستحق ذلك، والله تعالى إنما يسأل الناس يوم القيامة عن إجابتهم الرسل، قال الله تعالى: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين سورة القصص (65) فالراجح جواز التسبيح بالسبحة
قال ابن تيمية رحمه الله وَعَدُّ التَّسْبِيحِ بِالْأَصَابِعِ سُنَّةٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: {سَبِّحْنَ وَاعْقِدْنَ بِالْأَصَابِعِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ} . وَأَمَّا عَدُّهُ بِالنَّوَى وَالْحَصَى وَنَحْوُ ذَلِكَ فَحَسَنٌ وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَدْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُسَبِّحُ بِالْحَصَى وَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُسَبِّحُ بِهِ.وَأَمَّا التَّسْبِيحُ بِمَا يُجْعَلُ فِي نِظَامٍ مِنْ الْخَرَزِ وَنَحْوِهِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكْرَهْهُ وَإِذَا أُحْسِنَتْ فِيهِ النِّيَّةُ فَهُوَ حَسَنٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَأَمَّا اتِّخَاذُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ إظْهَارُهُ لِلنَّاسِ مِثْلُ تَعْلِيقِهِ فِي الْعُنُقِ أَوْ جَعْلِهِ كَالسُّوَارِ فِي الْيَدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا إمَّا رِيَاءٌ لِلنَّاسِ أَوْ مَظِنَّةُ الْمُرَاءَاةِ وَمُشَابَهَةِ الْمُرَائِينَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ: الْأَوَّلُ مُحَرَّمٌ وَالثَّانِي أَقَلُّ أَحْوَالِهِ الْكَرَاهَة اهـ
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في نور على الدرب 
لا حرج فيها كونه يسبح بخرز أو شيء يسبح به، أو حصى أو نوى فلا بأس لكن الأصابع أفضل، كونه يسبح بأصابعه كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل، فقد روي عنه- صلى الله عليه وسلم - أنه رأى بعض نسائه يسبحن بالحصى فلم ينكر ذلك عليه الصلاة والسلام، وكان بعض السلف يسبح بالحصى وبعضهم بغيره فالأمر في هذا واسع، لكن الأصابع أفضل، ولهذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للنساء أمرهن أن يعقدن بالأنامل وقال: (إنهن مسئولات مستنطقات)وكان يعقد بأصابعه - صلى الله عليه وسلم - فالأفضل بالأصابع، ومن فعل بغير ذلك فلا بأس، لكن في مجالس الناس في المساجد يكون بالأصابع، أما في بيته فلا حرج الأمر واسع إن شاء الله.انتهى
قال شيخنا حسن أبو الأشبال في شرح مسلم الشيخ الألباني عليه رحمة الله قد ذهب إلى بدعية التسبيح على المسبحة، ثم رجع عن هذا الحكم وقال بالجواز بعد ذلك لما طبع الدعاء للطبراني واطلع على هذه النصوص رجع عن فتواه.
(2) يجوز مسح الوجه بعد الدعاء والدليل : عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، لَمْ يَحُطَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ» رواه الترمذي (3386) ضعفه الألباني وصححه الترمذي وحسنه ابن حجر والسيوطي والمنياوي والصنعاني والشوكاني قلت : الراجح حديث حسن بشواهده فيه حماد بن عيسى الجهنى قال ابن معين: شيخ صالح وصحح حديثه الترمذي وضعفه غيره وقال ابن حجر : ضعيف كما فى " التقريب وله شاهد سنده ضعيف , لجهالة حفص بن هاشم  , وضعف ابن لهيعة.كما في التقريب وشاهد أخر عن ابن عباس بسند ضعيف  ويتقوى الحديث بمجموع هذه الشواهد قال صاحب توضيح الأحكام (7/ 557) قلتُ: ولكن الغريب قد يكون من أنواع الصحيح،وله شواهد مجموعها يعضد بعضها بعضاً، وبهذا يقوى الحديث بمجموع طرقه، واختار قوته جمع من العلماء، منهم: إسحاق، والنووي في أحد قوليه، وابن حجر، والمناوي، والصنعاني، والشوكاني، وغيرهم اهـ
قال الصنعاني رحمه الله : وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَمَجْمُوعُهَا يَقْضِي بِأَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَسْحِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الدُّعَاءِ. قِيلَ وَكَأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ لَا يَرُدُّهُمَا صِفْرًا فَكَأَنَّ الرَّحْمَةَ أَصَابَتْهُمَا فَنَاسَبَ إفَاضَةَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ وَأَحَقُّهَا بِالتَّكْرِيمِ انظر سبل السلام (2/709) قلت تنازع العلماء في ذلك على قولين القول الأول : قال ابن عثيمين رحمه الله : قوله: «ويمسح وجهه بيديه» . ظاهرُ كلام المؤلِّف: أنَّه سُنَّة، أي: أنَّ مَسْحَ الوجه باليدين بعد دُعاء القُنُوت سُنَّة.ودليل ذلك: حديث عُمَرَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا رَفَعَ يديه لا يردُّهما حتى يمسح بهما وجهَهُ. لكن هذاالحديث ضعيف، والشَّواهد التي له ضعيفة، ولهذا رَدَّ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية هذا القول، وقال: إنه لا يمسحُ الدَّاعي وجهه بيديه ؛ لأن المسحَ باليدين عبادة تحتاج إلى دليل صحيح، يكون حُجَّةً للإنسان عند الله إذا عمل به، أما حديث ضعيف فإنه لا تثبت به حُجَّة، لكن ابن حَجَر في «بلوغ المرام» قال: «إن مجموع الأحاديث الشاهدة لهذا تقضي بأنه حديث حسن» فَمَن حَسَّنَه كان العملُ بذلك سُنَّة عنده، ومَن لم يُحَسِّنُه بل بقي ضعيفاً عنده كان العملُ بذلك بدعة، ولهذا كانت الأقوال في هذه المسألة ثلاثة:القول الأول: أنه سُنَّة.القول الثاني: أنه بدعة.القول الثالث: أنه لا سُنَّة ولا بدعة، أي: أنَّه مباح؛ إنْ فَعَلَ لم نُبدِّعه، وإنْ تَرَك لم نُنقِصْ عَمَله.والأقرب: أنه ليس بسُنَّة؛ لأنَّ الأحاديثَ الواردة في هذا ضعيفة، ولا يمكن أنْ نُثبتَ سُنَّة بحديث ضعيف، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن فيه أحاديث كثيرة في «الصحيحين» وغيرهما تثبت أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يدعو ويرفع يديه ولا يمسحُ بهما وجهه، ومثل هذه السُّنَّة التي تَرِدُ كثيراً؛ وتتوافر الدَّواعي على نَقْلِها إذا لم تكن معلومةً في مثل هذه المؤلَّفات المعتبرة كالصحيحين وغيرهما، فإن ذلك يَدلُّ على أنها لا أصل لها.وعلى هذا؛ فالأفضل أنْ لا يمسح، ولكن لا نُنكرُ على مَن مَسَحَ اعتماداً على تحسين الأحاديثِ الواردة في ذلك؛ لأنَّ هذا مما يختلف فيه النَّاسُ.انظر الشرح الممتع (4/39) القول الثاني : مَسْحَ الوجه باليدين بعد دُعاء سُنَّة وهو رواية عن أحمد والشافعي وهو الراجح للحديث السابق تنبيه : قَال الْخَطَّابِيُّ: وَقَوْل بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي فَتَاوِيهِ: وَلاَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ عَقِبَ الدُّعَاءِ إِلاَّ جَاهِلٌ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذِهِ الأَْحَادِيثِ اهـ
3- قال شيخنا عادل العزازي حفظه الله : ما يفعله كثير من المصلين بمصافحة بعضهم بعضا بعد كل صلاة يقول أحدهم حرما والآخر جمعا أو نحو ذلك لا أصل له من الشرع بل هو من البدع المحدثة التي ينبغي أن تمحى ومن البدع كذلك ما يفعله بعض المصلين من السجود بعد الصلاة للدعاء أو للشكر ونحوه وذلك لو كان مشروعا لكان الأولى به النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه انظر تمام المنة (1/284)
4- يجوز الدعاء بعد الصلاة وهو مذهب البخاري والنووي وابن حجر وغيرهم قلت : يجوز ان صح الحديث عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ» رواه الترمذي (3499) قال الترمذى: حسن وأقره النووي في (رياض الصالحين 429/1) وحسنه لغيره الألباني وقد بوب النسائي لهذا الحديث فقال في سننه الكبرى (9/47) مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الدُّعَاءِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ  ويجوز رفع اليدين في الدعاء وهو مذهب البخاري أيضا وغيره لعموم حديث عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» رواه الترمذي (3556) وقال هذا حديث حسن غريب وصححه الألباني
في فتاوى الشبكة الإسلامة (11/6950) والحاصل بعد هذا كله أن الدعاء دبر الصلوات بعد الفراغ من الذكر المشروع مشروع ثابت، وأن رفع اليدين في الدعاء أيضاً مشروع ثابت، وعليه فمن دعا بعد كل صلاة ورفع يديه حال الدعاء لا ينكر عليه فعله، ولو داوم على ذلك، وما روي عن بعض أهل العلم من كراهة ذلك مرجوح بما تقدم من الأدلة وأقوال أهل العلم اهـ
تنبيهات عامة ؟
5- إذا انتهت الصلاة فإن كان خلف الصفوف نساء استحب للإمام أن يلبث قليلا حتى ينصرف النساء فعن أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ» رواه البخاري (849)
6- في الشرح الكبير لابن قدامة (4/460) (ويُكْرَهُ للإمامِ إطالَةُ القُعُودِ بعدَ الصلاةِ، مُسْتَقِبلَ القِبْلَةِ) لِما رَوَتْ عائشةُ، قالت: كان رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا سَلَّمَ لم يَقْعُدْ إلَّا مِقْدارَ ما يقولُ: «اللَّهُم أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَام». رَواه ابنُ ماجه.- قلت : رواه مسلم (592) - ولأنَّه لا يُسْتَحَبُّ للمَأْمُومين الانصِرافُ قبلَ الإمامِ، فإذا أطال الجُلُوسَ شَقَّ عليهم. فإن لم يَقُم اسْتُحِبَّ أن يَنْحَرفَ عن قِبْلَتِه؛ لِما رُوِيَ عن سَمُرَةَ، قال: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا صَلَّىَ صلاةً أقْبَلَ علينا بوَجْهِه. أخْرَجَه البخاريُّ . وعن عليٍّ، رَضىَ اللهُ عنه، أنَّه صَلَّى بقَومٍ العصرَ، ثم أسْنَد ظَهْرَه إلى القِبْلَةِ فاسْتَقْبَل القَوْمَ. رَواه الأثْرَمُ. قال الأثرَمُ: رَأيْتُ أَبا عبدِ الله إِذا سَلَّمَ يَلْتَفِتُ ويَتَرَبَّعُ. قال أبو داودَ: رَأْيْتُه إذا كان إمامًا فسَلَّمَ انْحَرَفَ عن يَمِينِه. وروَى جابرُ بنُ سَمُرَةَ، قال: كان رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا صَلَّى الفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِه حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حسَنًا. وفي لَفْظٍ: كان إذا صَلَّى الفَجْرَ جَلَس في مُصَلّاه حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. رواه مسلمٌ .اهـ
7- يجوز للإمام أن ينصرف عن يمينه أو عن يساره ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ» رواه البخاري (852) ومسلم(707) عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: كَيْفَ أَنْصَرِفُ إِذَا صَلَّيْتُ؟ عَنْ يَمِينِي، أَوْ عَنْ يَسَارِي؟ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ» رواه مسلم (708)
 قال الشوكاني : قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَنْصَرِفَ) أَيْ يَرَى أَنَّ عَدَمَ الِانْصِرَافِ حَقٌّ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ "وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: أَكْثَرُ مَا «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ» الْمُنَافَاةُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ صِيغَةُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا، فَأَخْبَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ وَإِنَّمَا كَرِهَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يُعْتَقَدَ وُجُوبُ الِانْصِرَافِ عَنْ الْيَمِينِ انظر نيل الأوطار (2/363)
8- هل صلاة النافلة في البيت أفضل أم في المسجد الأحسن أن تصلي في البيوت عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا رواه البخاري (432) ومسلم (777) قال النووي : مَعْنَاهُ صَلُّوا فِيهَا وَلَا تَجْعَلُوهَا كَالْقُبُورِ مَهْجُورَةً مِنَ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ به صَلَاةُ النَّافِلَةِ أَيْ صَلُّوا النَّوَافِلَ فِي بُيُوتِكُم انظر شرح مسلم (6/67) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا»
قال المناوي (إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده) يعني أدى الفرض في محل الجماعة وخص المسجد لأن الغالب إقامتها فيه (فليجعل لبيته) أي محل سكنه (نصيبا) أي قسما (من صلاته) أي فليجعل الفرض في المسجد والنفل في بيته لتعود بركته على البيت وأهله كما قال (فإن الله تعالى جاعل في بيته من صلاته) أي من أجلها وبسببها (خيرا) أي كثيرا عظيما كما يؤذن به التنكير لعمارة البيت بذكر الله وطاعته وحضور الملائكة واستبشارهم وما يحصل لأهله من ثواب وبركة وفيه أن النفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو بالمسجد الحرام: أي إلا ما سن جماعة وركعتا الإحرام والطواف وسنة الجمعة القبلية فبالمسجد أفضل عند الشافعية. قال العراقي: وفيه أيضا أن الصلاة جالبة للرزق كما قال تعالى {وأمر أهلك بالصلاة وأصبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك} قال ابن الكمال: وفيه أن المكتوبة حقها أن تقضى في المسجد انظر فيض القدير (1/418)
قال النووي رحمه الله : فِيهِ اسْتِحْبَابُ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ فِي الْبَيْتِ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ غَيْرُهَا وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَسَوَاءٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ رَاتِبَةُ فَرَائِضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ الِاخْتِيَارُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ كُلِّهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ الْأَفْضَلُ فِعْلُ نَوَافِلِ النَّهَارِ الرَّاتِبَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَاتِبَةِ اللَّيْلِ فِي الْبَيْتِ وَدَلِيلُنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ انظر شرح مسلم (6/9) قلت : هذا من باب التفضيل ، أما من ناحية الجواز : فأن التنفل في المسجد مباح قال النووي : قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا صَلَّى النَّافِلَةَ فِي الْمَسْجِدِ جَازَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَهَا وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ – وفي روايه عند مسلم وَالْجُمُعَةُ،- فَفِي بَيْتِهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ – (1172) - وَمُسْلِمٌ - (729)- وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَاقِيَ صَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ليالي في رمضان في المسجد غير المكتوبات انظر المجموع (3/492)
9- لكنه إن صلى النافلة في المسجد فلا يصل صلاة النافلة بالفريضة حتى يفصل بينهما بكلام ، أو يتحول عن مكانه والدليل :  عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ فَقَامَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَرَآهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِصَلَاتِهِمْ فَصْلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحْسَنَ ابْنُ الْخَطَّابِ رواه أحمد (23121) وصححه الأرنؤوط  قال الألباني رحمه الله : قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري، وجهالة الصحابي لا تضر انظر الصحيحة (6/ 105) وعن عُمَر بْن عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ - ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ - يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: نَعَمْ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: «لَا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ، فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ، أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ» رواه مسلم (883) قال الصنعاني رحمه الله : فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ فَصْلِ النَّافِلَةِ عَنْ الْفَرِيضَةِ، وَأَنْ لَا تُوصَلَ بِهَا، وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَلَيْسَ خَاصًّا بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ الرَّاوِي عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذِكْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِحَدِيثٍ يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا قِيلَ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ الْفَرْضُ بِالنَّافِلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ذَلِكَ هَلَكَةٌ.وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّحَوُّلُ لِلنَّافِلَةِ مِنْ مَوْضِعِ الْفَرِيضَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى بَيْتِهِ فَإِنَّ فِعْلَ النَّوَافِلِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَإِلَى مَوْضِعٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ تَكْثِيرٌ لِمَوَاضِعِ السُّجُودِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ يَعْنِي السُّبْحَةَ» وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ» وَلَمْ يَصِحَّ النَّهْيُ انظر سبل السلام (1\410) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَالسُّنَّةُ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا بِقِيَامٍ أَوْ كَلَامٍ} فَلَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. يَصِلُ السَّلَامَ بِرَكْعَتَيْ السُّنَّةِ فَإِنَّ هَذَا رُكُوبٌ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي هَذَا مِنْ الْحِكْمَةِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَغَيْرِ الْفَرْضِ كَمَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِ الْعِبَادَةِ. وَلِهَذَا اُسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفُطُورِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَالْأَكْلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَنُهِيَ عَنْ اسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَهَذَا كُلُّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الصِّيَامِ وَغَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْفَصْلِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا. وَهَكَذَا تَمْيِيزُ الْجُمُعَةِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ مِنْ غَيْرِهَا. انظر مجموع الفتاوى (24/202)
قال الألباني رحمه الله : والحديث نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج، كما يفعله كثير من الأعاجم وبخاصة منهم الأتراك، فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا وهناك قياما إلى السنة انظر الصحيحة (6/ 105) قال ابن رجب : اختلف العلماء في تطوع الإمام في مكان صلاته بعد الصلاة، فأما قبلها فيجوز بالاتفاق -: قاله بعض أصحابنا:فكرهت طائفةٌ تطوعه في مكانه بعد صلاته، وبه قال الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالكٌ وأحمد وإسحاق.وروي عن علي -رضي الله عنه -، أنه كرهه.وقال النخعي: كانوا يكرهونه.ورخص فيه ابن عقيلٍ من أصحابنا، كما رجحه البخاري، ونقله عن ابن عمر والقاسم بن محمدٍ.فأما المروي عن ابن عمر، فإنه لم يفعله وهو إمامٌ، بل كان مأموماً، كذلك قال الإمام أحمد،وأكثر العلماء لا يكرهون للمأموم ذلك، وهو قول مالكٍ وأحمد انظر فتح الباري لابن رجب (7/430)
10- هل يجوز للمأموم الانصراف قبل إمامه ؟
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ رواه مسلم (426) قال النووي رحمه الله وَالْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ السَّلَامُ انظر شرح مسلم (4/ 150) قال صاحب ذخيرة العقبي (15/325) قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في "الأم" هو الراجح عندي.وحاصله أن الإمام إن شاء جلس في مصلّاه، وإن شاء قام، ولا كراهة في شيء من ذلك، وأما المأموم فهو بالخيار بعد السلام، إن شاء جلس مع الإمام، وهو الأحبّ، وإن شاء انصرف، ولا كراهة في ذلك، إلا إذا كان هناك نساء يخاف الاختلاط معهن، فلا يقوم حتى ينصرفن.وأما القول بكراهة الانصراف قبل الإمام مستدلاً بالحديث المتقدّم، وهو قوله: "ولا بالانصراف" فهو غير صحيح عندي، لأن معنى الانصراف هنا -والله أعلم- هو السلام، بدليل أنه -صلى الله عليه وسلم- قابله بالركوع، والسجود، والقيام، فنهى عن مسابقته بالركوع، والسجود، والقيام، والانصراف أي السلام، فلا يجوز للمأموم أن يسلّم قبل الإمام، إلا فيما استُثنِيَ بالنصّ، وهو ما إذا طوّل الإمام الصلاة، فللمأموم أن يسلم، ويصلي وحده، لقصة معاذ -رضي الله عنه المشهورة والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب اهـ
. وسئل ابن باز رحمه الله : حكم إنصراف المأموم قبل أن ينصرف الإمام إلى المأمومين بعض الناس بالنسبة لانصراف الإمام أو التفات الإمام للمأمومين يقول: لا يجوز للمأموم أن يفارق المسجد ما لم ينصرف الإمام إليه، هل هذا صحيح أم لا؟ محتمل، والأقرب أنه غير صحيح، لكنه يستحب، يستحب له، والأولى له أن لا ينصرف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف) والمشهور في الانصراف هنا أنه السلام، ما هو بالانصراف إليهم، المشهور في الصلاة أنه السلام، مثل ما قال ثوبان: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً" انصرف يعني سلم، أما انصرافه إليهم فالأولى أن يصبروا حتى ينصرف إليهم، هذا هو الأولى، ولكن لو قاموا قبل ذلك فالظاهر أنه لا حرج؛ إذ الانصراف في الحديث المراد به السلام، هذا هو الظاهر من الأحاديث.
11- تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)
عن أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ رواه البخاري (707) قال صاحب عون المعبود (2/355) وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرِّفْقِ بِالْمَأْمُومِينَ وَمُرَاعَاةِ مَصَالِحِهِمْ وَدَفْعِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَإِيثَارُ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ إِذَا أَحَسَّ بِرَجُلٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ رَاكِعًا لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ الرَّكْعَةِ فِي الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْذِفَ مِنْ طُولِ الصَّلَاةِ لِحَاجَةِ إِنْسَانٍ فِي بَعْضِ أُمُورِ الدُّنْيَا كَانَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَأَوْلَى وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَشَدَّدَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ شِرْكًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ انْتَهَى قُلْتُ تَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ فِي التَّطْوِيلِ هُنَا زِيَادَةَ عَمَلٍ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مَطْلُوبٍ بِخِلَافِ التَّخْفِيفِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ انْتَهَى وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَتَفْصِيلٌ وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ وَفِي التَّجْرِيدِ لِلْمَحَامِلِيِّ نُقِلَ كَرَاهِيَتُهُ عَنِ الْجَدِيدِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ شِرْكًا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ في فتح الباري اهـ
12- قال شيخنا عادل العزازي حفظه الله : المستحب أن يكون شروع المأموم في أفعال الصلاة من الرفع والوضع بعد فراغ الإمام منه ، ويكره فعله معه في قول أكثر أهل العلم  فعَنِ الْبَرَاءِ بْن عَازِبٍ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ، حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا رواه البخاري (690) ومسلم (474) ولا يجوز للمأموم أن يسبق إمامه لقوله صل الله عليه وسلم لَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ رواه مسلم (426) وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ رواه البخاري (691) ومسلم (427) والظاهر من كلام الإمام أحمد أنه إن سبق إمامه عمدا بطلت صلاته وثبت ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وقد تقدم قول الجمهور : أنه أساء وصلاته صحيحه ثم قال : إن سبق الإمام المأموم بركن كامل مثل أن يركع ويرفع قبل ركوع المأموم لعذر من نعاس أو زحام أو عجلة الإمام فإنه – أي المأموم – يفعل ما سبق به ، ويدرك إمامة ولا شيء عليه وإن سبقه بأكثر من ركن وأقل من ركعة لعذر أيضا فالمنصوص عن الإمام أحمد أنه يتبع إمامه ولا يعتد بتلك الركعة 0 وأما عند الشافعي : يأتي بما فاته ، واستدل على ذلك بصلاته صل الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف وهذا ما رجحه ابن قدامة في المغني وإن سبق بركعة كاملة فإنه يتبع إمامه ويقضي ما سبقه فيه الإمام أي إن سبقه بركعة فيقضي بعد انتهاء الصلاة ركعة كاملة هذا كله إذا كان لعذر ، وأما إن كان لغير عذر بطلت صلاته 0 قال ابن قدامة رحمه الله : وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الِائْتِمَامَ بِإِمَامِهِ عَمْدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثم قال : ينبغي كتابعة الإمام بحيث لا يتأخر المأموم عن إمامه لتطويل السجود مثلا كما يفعله بعض العوام عند السجدة الأخيرة ، فهذا من جهلهم وقلة فقههم
 انظر تمام المنة (1/286)  
13- هل تفارق المرأة الرجل في شيء من هيئتها في الصلاة ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي لم نقف على أي دليل صحيح مرفوع إلى النبي صل الله عليه وسلم يوضح أي فرق بين صفة صلاة المرأة وصفة صلاة الرجل ، وكذلك لم نقف على شيء ثابت صحيح عن أصحاب النبي صل الله عليه وسلم في ذلك وعلى ذلك فمن تمسك بالأصل ألا وهو حديث رسول الله صل الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي وسوى بين المرأة والرجل في جميع هيئات الصلاة فلا جناح عليه ولا غبار على فعله أبدا ورأيه هو الأسد ويزداد قوة وسدادا إذا كانت المرأة تصلي بمفردها هذا بينما ذهب فريق من أهل العلم وهم كثير إلى أن الأستر للمرأة في صلاتها يفعل ، ولخص البيهقي مقالاتهم فقال : وجماع ما تفارق المرأة فيه الرجل من أحكام الصلاة راجع إلى الستر ، وهو أنها مأمورة بكل ما كان أستر لها وهذا الرأي له وجهه أيضا وعليه عمل كبير من السلف الصالح رحمهم الله والله تعالى أعلم انظر أحكام النساء (5/102)
14- يجوز حمل الطفل في الصلاة 0
والدليل : عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا رواه البخاري (516) ومسلم (543)
قال النووي في شرح مسلم (5/ 31)
(باب جَوَازِ حَمْلِ الصبيان في الصلاة)
وان ثيابهم محمولة على الطهارة حتى يتحقق نَجَاسَتُهَا وَأَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وكذا إذا فرق الافعال فِيهِ حَدِيثُ حَمْلِ أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَفِيهِ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ حَمَلَ آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا طَاهِرًا مِنْ طَيْرٍ وَشَاةٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّ ثِيَابَ الصِّبْيَانِ وَأَجْسَادَهُمْ طَاهِرَةٌ حَتَّى تَتَحَقَّقَ نَجَاسَتُهَا وَأَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَأَنَّ الْأَفْعَالَ إِذَا تَعَدَّدَتْ وَلَمْ تَتَوَالَ بَلْ تَفَرَّقَتْ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَفِيهِ تَوَاضُعٌ مَعَ الصِّبْيَانِ وَسَائِرِ الضَّعَفَةِ وَرَحْمَتُهُمْ وَمُلَاطَفَتُهُمْ وَقَوْلُهُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ عَلَى عَاتِقِهِ هَذَا يَدُلُّ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ وَحَمَلَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّافِلَةِ وَمَنَعُوا جَوَازَ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ فَاسِدٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَؤُمُّ النَّاسَ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ وَادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَكُلُّ هَذِهِ الدَّعَاوِي بَاطِلَةٌ وَمَرْدُودَةٌ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهَا بَلِ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِكَوْنِهِ فِي مَعِدَتِهِ وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى هَذَا وَالْأَفْعَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ وَفَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَتَنْبِيهًا بِهِ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَهَذَا يَرُدُّ مَا ادَّعَاهُ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ هَذَا الفعل يشبه ان يكون كان بغير تَعَمُّدٍ فَحَمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ تَتَعَلَّقُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَدْفَعْهَا فَإِذَا قَامَ بَقِيَتْ مَعَهُ قَالَ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ حَمَلَهَا وَوَضَعَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى عَمْدًا لأنه عمل كثير ويشغل القلب واذ كان الخميصة شغله فَكَيْفَ لَا يَشْغَلُهُ هَذَا هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ بَاطِلٌ وَدَعْوَى مُجَرَّدَةٌ وَمِمَّا يَرُدُّهَا قَوْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَإِذَا أقام حَمَلَهَا وَقَوْلُهُ فَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا وقوله في رواية غير مُسْلِمٍ خَرَجَ عَلَيْنَا حَامِلًا أُمَامَةَ فَصَلَّى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْخَمِيصَةِ فَلِأَنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ بِلَا فَائِدَةٍ وَحَمْلُ أُمَامَةَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَإِنْ شَغَلَهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَوَائِدُ وَبَيَانُ قَوَاعِدَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ فَأُحِلَّ ذَلِكَ الشَّغْلُ لِهَذِهِ الْفَوَائِدِ بِخِلَافِ الْخَمِيصَةِ فَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَهُوَ جَائِزٌ لَنَا وَشَرْعٌ مُسْتَمِرٌّ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وأختم كتابي هذا بكفارة المجلس:
" سبحانك اللهم! وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وآخر دعوانا:{أن الحمدُ لله رب العالمين}