الاثنين، 23 يناير 2017

الجزء الثاني الف فتوى سألتها لشيخنا مصطفى العدوي عمرو العدوي



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد:-
هذا هو الجزء الثاني من كتاب الف فتوى سألتها لشيخنا مصطفى العدوي  كما سبق في الجزء الأول أن فتوى الشيخ ذكرتها مع أقوال العلماء 0
 حكم دم الانسان هل هو نجس أم لا ؟---
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟:
القول الأول ذهبوا على نجاسة الدم وهو مذهب الجمهور ينظر المجموع (1\234) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي
واستدلوا: أولا قال الله عز وجل {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} سورة الأنعام (145) فاستلزموا من التحريم النجاسة - كما فعلوا في الخمر – قلت : واجيب عن ذلك قال صديق خان في الدرر البهية (1\115) ولو قام الدليل على رجوع الضمير في قوله - تعالى -: {فإنه رجس} إلى جميع ما تقدم في الآية الكريمة - من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير -؛ لكان ذلك مفيداً لنجاسة الدم المسفوح والميتة، ولكنه لم يرد ما يفيد ذلك، بل النزاع كائن في رجوعه إلى الكل أو إلى الأقرب؟ ! والظاهر رجوعه إلى الأقرب - وهو لحم الخنزير؛ - لإفراد الضمير، ولهذا جزمنا ههنا بنجاسة لحم الخنزير دون الميتة، والدم الذي ليس بدم حيض، ولا سيما وقد ورد في الميتة ما يفيد أنه لا يحرم منها إلا أكلها، كما ثبت في " الصحيح " بلفظ: " إنما حُرِّم من الميتة أكلها ".ومن رام تحقيق الكلام في الخلاف الواقع في مثل هذا الضمير المذكور في الآية؛ فليرجع إلى ما ذكره أهل الأصول في الكلام على القيد الواقع بعد جملة مشتملة على أمور متعددة.انتهى
قلت : حتى على رجوع الضمير في قوله - تعالى -: {فإنه رجس} إلى الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير فإن الآية تفيد التحريم  والتحريم لا يلزم النجاسة فإن المخدرات محرمه وهي طاهرة  قال الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار (1\ 26) ويجاب عنه بما قدمنا من أن المراد بالرجس هنا الحرام كما يفيده سياق الآية والمقصود منها فإنها وردت فيما يحرم أكله لا فيما هو نجس فإن الله سبحانه قال: {قُلْ لا أجد فِي مَا أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أو دَماً مَسْفُوحاً أو لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] . أي حرام. ولا تلازم بين التحريم والنجاسة فقد يكون الشيء حرأما وهو طاهر كما في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] ، ونحو ذلك
ثانيا : استدلوا بالإجماع وقالوا : نقل الإجماع ابن عبد البر في التمهيد (22/ 230):وابن العربي في أحكام القرآن (1/ 79):والنووي في المجموع (2/ 576): وقد نقل ابن حزم في مراتب الإجماع: اتفاق العلماء على نجاسة الدم.وكذا نقل -هذا الاتفاق - الحافظ في «الفتح» (1/ 420). قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/ 240):سئل أحمد: الدم والقيح عندك سواء؟ قال: لا، الدم لم يختلف الناس فيه.وقال مرة: القيح والصديد والمدة عندي أسهل من الدم. اهـ.
قلت : هذا الإجماع فيه نظر من عدة وجوه ؟
1-            أثرعمر بن الخطاب صَلَّى عُمَرُ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَماً.سيأتي تخريجه من المستحيل أن عمر رضي الله عنه يفعل شيء لا يجوز شرعا ثم يسكت عنه أصحاب النبي صل الله عليه وسلم أو التابعين في عهد عمرمن غير نكير فيعتبر هذا مذهب عمر رضي الله عنه على طهارة الدم 
2- قال الألباني رحمه الله في تعليقه على الدرر البهية (1\115) وفيه نظر فقد صح أن ابن مسعود نحر جزورا فأصابه من دمه فقام وصلى وعليه الدم أخرجه الطبراني اهـ
3- وقَالَ الْحَسَنُ: مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِى جِرَاحَاتِهِم - ذكره البخاري معلقا بغير إسناد وقد وصله ابن أبي شيبة قال الألباني في تمام المنة (1\50) بإسناد صحيح كما في "الفتح ": 1 / 281.والحسن هذا هو الحسن البصري وهو تابعي، وهذا القول منه أنه يشمل الصحابة رضوان الله عليهم فهذا نصاً في طهارة الدم وعدم ثبوت الإجماع وسيأتي كلام ابن عثيمين رحمه الله
.4 - وقد ذكر الخلاف الإمام النووي نفسه في المجموع قال :وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَجَاسَةُ الدَّمِ وَالْفَضَلَاتِ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَخَالَفَهُمْ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَقَالَ الْأَصَحُّ طَهَارَةُ الْجَمِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انظر المجموع (1\234) فعلى هذا فهذه المسألة ليس فيها إجماع قال الألباني في السلسلة الصحيحة (1/610) وجملة القول: أنه لم يرد دليل فيما نعلم على نجاسة الدم على اختلاف أنواعه،إلا دم الحيض، ودعوى الاتفاق على نجاسته منقوضة بما سبق من النقول، والأصل الطهارة، فلا يترك إلا بنص صحيح يجوز به ترك الأصل، وإذ لم يرد شيء من ذلك فالبقاء على الأصل هو الواجب. والله أعلم.
القول الثاني : ذهب الْقَاضِي حُسَيْن والشوكاني وصديق خان والألباني وابن عثيمين -رحمهم الله- إلى القول بطهارته لعدم ثبوت الإجماع كما سبق  وهو الراجح؟
ودليلهم أولا : بحديث الصحابي الْأَنْصَارِيّ الذي قام يصلي في اليل فَرَمَاهُ المشرك بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، وَثَبَتَ قَائِمًا، ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، وَثَبَتَ قَائِمًا، ثُمَّ عَادَ لَهُ بِثَالِثٍ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ،ومضى في صلاته وهو يموج دمًا» رواه أحمد (14704) قلت : هذا حديث حسن وقال الألباني إسناده حسن، وكذا قال النووي، وصححه ابن خريمة وابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي ينظر صحيح أبي داود (1\357)
وقال الأعظمي: إسناده حسن وحسنه الارنؤوط رحمهم الله
قال الألباني  -رحمه الله – في تمام المنة (51): وهو في حكم المرفوع، لأنه يُستبعد عادة أن لا يطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فلو كان الدم الكثير ناقضًا لبينه صلى الله عليه وسلم، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو معلوم من علم الأصول، وعلى فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم خفى ذلك عليه، فما هو بخاف على الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، فلو كان ناقضًا أو نجسًا لأوحى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر لا يخفى على أحد. اهـ.
ثانيا : عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ»، فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ،رواه البخاري (309)
ثالثا : عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ، «فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ» وَفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا رواه البخاري (463) ومسلم (1769)
 ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصب الماء عليه لا سيما وهو في المسجد كما أمر بالصب على بول الأعرابي.
رابعا : أثرعمر بن الخطاب صَلَّى عُمَرُ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَماً.- أي يتفجر-أخرجه مالك (1/39/51) وصححه الألباني في الإرواء (209)
قال العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع (1\441)
والقول بأن دم الآدمي طاهر ما لم يخرج من السَّبيلَين قول قويٌّ، والدَّليل على ذلك ما يلي.
1- أنَّ الأصل في الأشياء الطَّهارة حتى يقوم دليل النَّجاسة، ولا نعلم أنَّه صلّى الله عليه وسلّم أمَر بغسل الدَّمِ إِلا دم الحيض، مع كثرة ما يصيب الإِنسان من جروح، ورعاف، وحجامة، وغير ذلك، فلو كان نجساً لبيَّنه صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى ذلك.
2- أنَّ المسلمين ما زالوا يُصلُّون في جراحاتهم في القتال، وقد يسيل منهم الدَّمُ الكثير، الذي ليس محلاًّ للعفو، ولم يرد عنه صلّى الله عليه وسلّم الأمرُ بغسله، ولم يَرِدْ أنهم كانوا يتحرَّزون عنه تحرُّزاً شديداً؛ بحيث يحاولون التخلِّي عن ثيابهم التي أصابها الدَّم متى وجدوا غيرها.
ولا يُقال: إِن الصَّحابة رضي الله عنهم كان أكثرهم فقيراً، وقد لا يكون له من الثياب إِلا ما كان عليه، ولا سيَّما أنهم في الحروب يخرجون عن بلادهم فيكون بقاء الثِّياب عليهم للضَّرورة.
فيُقال: لو كان كذلك لعلمنا منهم المبادرة إِلى غسله متى وجدوا إِلى ذلك سبيلاً بالوصول إِلى الماء، أو البلد، وما أشبه ذلك.
3- أنَّ أجزاء الآدميِّ طاهرة، فلو قُطِعَت يده لكانت طاهرة مع أنَّها تحمل دماً؛ ورُبَّما يكون كثيراً، فإِذا كان الجزء من الآدمي الذي يُعتبر رُكناً في بُنْيَة البَدَن طاهراً، فالدَّم الذي ينفصل منه ويخلفه غيره من باب أولى. 4- أنَّ الآدمي ميْتَته طاهرة، والسَّمك ميْتته طاهرة، وعُلّل ذلك بأن دم السَّمك طاهر؛ لأن ميتته طاهرة، فكذا يُقال: إِن دم الآدمي طاهر، لأن ميتته طاهرة.
فإِن قيل: هذا القياس يُقابل بقياس آخر، وهو أنَّ الخارجَ من الإِنسان من بولٍ وغائطٍ نجسٌ، فليكن الدَّم نجساً.........
فيُجاب: بأن هناك فرقاً بين البول والغائط وبين الدَّمِ؛ لأنَّ البول والغائط نجس خبيث ذو رائحة منتنة تنفر منه الطِّباع، وأنتم لا تقولون بقياس الدَّم عليه، إِذ الدَّم يُعْفَى عن يسيره بخلاف البول والغائط فلا يُعْفَى عن يسيرهما، فلا يُلحق أحدُهما بالآخر.
فإِن قيل: ألا يُقاس على دَمِ الحيض، ودم الحيض نجس، بدليل أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أَمَرَ المرأة أن تَحُتَّه، ثم تقرُصَه بالماء، ثم تَنْضِحَه، ثم تُصلِّي فيه  ؟.
فالجواب: أن بينهما فرقاً:
أ- أن دم الحيض دم طبيعة وجِبِلَّة للنساء، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ هذا شيءٌ كتبه اللَّهُ على بنات آدم» ، فَبَيَّنَ أنه مكتوب كتابة قَدريَّة كونيَّة، وقال صلّى الله عليه وسلّم في الاستحاضة: «إِنَّه دَمُ عِرْقٍ»  ففرَّق بينهما.
ب- أنَّ الحيضَ دم غليظ منتنٌ له رائحة مستكرهة، فيُشبه البول والغائط، فلا يصحُّ قياس الدَّم الخارج من غير السَبيلَين على الدَّم الخارج من السَّبيلَين، وهو دم الحيض والنِّفاس والاستحاضة.
فالذي يقول بطهارة دم الآدمي قوله قويٌّ جداً؛ لأنَّ النَّصَّ والقياس يدُلاّن عليه.
والذين قالوا بالنَّجاسة مع العفو عن يسيره حكموا بحكمين:
أ- النَّجاسة.
ب- العفو عن اليسير.
وكُلٌّ من هذين الحُكْمَين يحتاج إِلى دليل، فنقول: أثبتوا أولاً نجاسة الدَّمِ، ثم أثبتوا أنَّ اليسير معفوٌّ عنه، لأنَّ الأصل أنَّ النَّجس لا يُعْفَى عن شيء منه، لكن من قال بالطَّهارة، لا يحتاج إِلا إِلى دليل واحد فقط، وهو طهارة الدَّم وقد سبق .فإِن قيل: إِنَّ فاطمة رضي الله عنها كانت تغسل الدَّمَ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في غزوة أُحُد  ، - رواه البخاري (2911) ومسلم (1790) - وهذا يدلُّ على النَّجاسة.أُجيب من وجهين:أحدهما: أنَّه مجرَّد فِعْل، والفعل المجرَّد لا يدلُّ على الوجوب.الثاني: أنه يُحتَمَل أنَّه من أجل النَّظافة؛ لإِزالة الدَّم عن الوجه، لأنَّ الإِنسان لا يرضى أن يكون في وجهه دم، ولو كان يسيراً، فهذا الاحتمال يبطل الاستدلال

--- ما حكم الصلاة في ثوب به مني ؟
قلت عمرو : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي طَهَارَةِ مِنِّيِ الْآدَمِيِّ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حنيفة إلى نجاسته إلا ان أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ يَكْفِي فِي تَطْهِيرِهِ فَرْكُهُ إِذَا كَانَ يَابِسًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ رَطْبًا وَيَابِسًا وَقَالَ اللَّيْثُ هُوَ نَجِسٌ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْهُ انظر شرح مسلم  3/197/198
 واستدلوا : عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ المَنِيِّ، يُصِيبُ الثَّوْبَ؟ فَقَالَتْ: «كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ، وَأَثَرُ الغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ» بُقَعُ المَاءِ
 رواه البخاري 230 ومسلم 289 قالوا والغسل لا يكون إلا  لشىء نجس
وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص وبن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَدَاوُدَ وَأَحْمَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ انظر شرح مسلم 1/198   ورجحه الألباني وشيخنا مصطفى العدوي وهو الصحيح
عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ بِعَائِشَةَ، فَأَصْبَحَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «إِنَّمَا كَانَ يُجْزِئُكَ إِنْ رَأَيْتَهُ أَنْ تَغْسِلَ مَكَانَهُ، فَإِنْ لَمْ تَرَ نَضَحْتَ حَوْلَهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْكًا فَيُصَلِّي فِيهِ» رواه مسلم 288
فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يَكْفِ فَرْكُهُ كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 21/606
الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ. كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَأَمَّا كَوْنُ عَائِشَةَ تَغْسِلُهُ تَارَةً مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفْرُكُهُ تَارَةً فَهَذَا لَا يَقْتَضِي تَنْجِيسَهُ فَإِنَّ الثَّوْبَ يُغْسَلُ مِنْ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ وَالْوَسَخِ وَهَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا: إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ أَمِطْهُ عَنْك وَلَوْ بإذخرة.
قال الشيخ ابن عثيمين في  مجموع فتاوى  12/371
المني طاهر، فلو صلى الإنسان في ثوب فيه مني فصلاته صحيحه، سواء كان عمداً أو نسياناً، ولو كان فيه بول ثم صلى وهو ناس أو جاهل ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة«
تنبيه سئل ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى  10/178
س-إذا كان الشخص نائما واستيقظ ورأى على ثيابه ماء، أو أثر ماء، لكنه لا يدري ما نوعه، وهو لا يعرف الفرق بين المني وغيره، وقد صلى ولم يغتسل، ثم تذكر بعد ذلك أنه احتلم، فماذا يجب عليه، هل يعيد الصلوات التي صلاها؟
ج- إذا تذكر أنه احتلم وعرف أن الماء مني وجب أن يغتسل غسل الجنابة، ويعيد الصلاة التي صلى بعد الاحتلام وقبل الاغتسال، أما إن كان لم يتذكر شيئا من ذلك، والماء اشتبه عليه لا يعرف هل هو مني أو مذي أو بول؟ فإنه يغسل ثوبه للحيطة، ولا يلزمه غسل الجنابة، إلا إذا غلب على ظنه أنه مني، فالمذي يرش منه الثوب، والبول يغسله غسلا ويعصره، أما المني فهو طاهر لا يجب غسله، لكن يستحب غسله إن كان رطبا، وفركه إن كان يابسا، أما إذا كان عن تفكير ومداعبة عند النوم، فإنه في الغالب يكون مذيا أو منيا، وهما يختلفان.
فالمني: يقول العلماء: أن له رائحة تشبه رائحة لقاح النخل، وهو أيضا يعرف بالغلظة، بعكس المذي الذي يعرف بالرقة، أما الودي: بالدال المهملة، فهو يقع بعد البول متصلا به، وحكمه حكمه.
والله ولي التوفيق.
---  التسمية هل هى واجبة أم مستحبة في الوضوء 0  
قلت : ذهب إلى الوجوب الظاهرية –ابن حزم-وإسحاق وإحدى الروايتين عن أحمد واختاره صديق خان والشوكاني  ورجحه الألباني انظر تمام المنه 1/89
واستدلوا أولا عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ»
أخرجه أبو داود 101 وصححه الألباني في سنن أبي داود 0
 وقد قواه الحافظ المنذرى والعسقلانى , وحسنه ابن الصلاح وابن كثير. انظر الإرواء 1/122
ثانيا : عَنْ أَنَسٍ قَالَ: طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟» فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ وَيَقُولُ: «تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ». فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ قَالَ ثَابِتٌ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ تُرَاهُمْ؟ قَالَ: نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ
أخرجه النسائي(78) وصححه الألباني
القول الثاني : قالوا التسمية سنة وليست بواجبة وهو مذهب أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ورجحه النووي وشيخنا مصطفى العدوي  استدلوا أولا :
قالوا أدلة إيجاب التسمية مصروفة إلى الندب بحديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته أنه صلى الله عليه وسلم قال للمسيء: «إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين أخرجه أبو داود 858 وصححه الألباني  قالوا فلم يذكر التسمية فيما أمر الله به
ثانيا- قالوا -ولأن كثيراً من الذين وصفوا وُضُوء النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لم يذكروا فيه التَّسمية، ومثل هذا لو كان من الأمور الواجبة التي لا يصحُّ الوُضُوء بدونها لذُكِرَت.انظر الشرح الممتع(1/159)
قال الامام النووي في المجموع 1/346
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَلَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا صَحَّ وُضُوءُهُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ: وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ وَأَصْحَابُنَا عَنْ إِسْحَاقَ  بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أَوْ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسْتَحَبَّةٍ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أَنَّهَا بِدْعَةٌ وَرِوَايَةٌ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ لَا فَضِيلَةَ فِي فِعْلِهَا وَلَا تَرْكِهَا0
قلت : القول الصحيح أن التسمية مستحبه وليست بواجب
ما حكم المضمضة والاستنشاق في الطهارتين (الوضوء والغسل) --
قلت : تنازع العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؟
القول الأول : أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَشَرْطَانِ لِصِحَّتِهِمَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَحَمَّادٍ وَإِسْحَاقَ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ عَطَاءٍ ينظر المجموع (1\363) وهو ما رجحه ابن باز وابن عثيمين قالوا : أولا الأدلة : على الوجوب في الوضوء 1- عن لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، قال : إن النبي صل الله عليه وسلم قال «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ رواه أبو داود (144) وصححه الألباني
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا، وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ» رواه مسلم (237) قالوا : أمر بهما رسول الله صل الله عليه وسلم والْأَمر يُفِيد الْوُجُوب قلت : أدلة إيجاب المضمضة والاستنشاق مصروفة إلى الاستحباب كما سيأتي 0
·      ثانيا : الأدلة : على الوجوب في الغسل. 1- قال تعالى : { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } [المائدة: 6] قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1\ 362) وهذا يَشْمُل البَدَنَ كُلَّه، وداخل الأنْفِ والفَمِ من البَدَنِ الذي يجب تطهيره، ولهذا أَمَرَ النبي صلّى الله عليه وسلّم بهما في الوُضُوء لِدُخولهما تحت قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ، فإذا كانا داخلَين في غَسْل الوَجْه، وهو ممَّا يجب تطهيره في الوُضُوء، كانا داخلَين فيه في الغُسْل لأن الطَّهارة فيه أَوْكَدُ.انتهى
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا البَشَرَ»،رواه أبو داود (248)  قَالُوا وَفِي الْأَنْفِ شَعْرٌ وَفِي الْفَمِ بَشَرَةٌ قلت : ضعفه الشافعي وقال البيهقي: " أنكره أهل العلم بالحديث: البخاري وأبو داود وغيرهما وضعفه الترمذي والخطابي وقال أبو حاتم: " حديث منكر وضعفه الألباني ينظر ضعيف أبي داود (1\ 100) قلت : ولو صح هذا الحديث فحَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَجَوَابٌ ثَاني لِلْخَطَّابِيِّ أَنَّ الْبَشَرَةَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَدَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ لَيْسَ بَشَرَةً وَأَمَّا الشَّعْرُ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَلَى الْبَشَرَةِ ينظر المجموع (1\366)
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  «جَعَلَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ لِلْجُنُبِ ثَلَاثًا فَرِيضَةً رواه الدَّارَقُطْنِيُّ (409) وقال هَذَا بَاطِلٌ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا بَرَكَةُ , وَبَرَكَةُ هَذَا يَضَعُ الْحَدِيثَ
4- عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ» قَال عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي ثَلَاثًا، وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ رواه أبو داود (249) وضعفه النووي والألباني
القول الثَّاني : الِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَدَاوُد وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ ينظر المجموع (1\363) ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا، وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ»
رواه مسلم (237) قالوا : فقد ورد الأمرُ بالاستنشاق والاستِنثَار ، والأمر المطلَقُ للوجوب ، ولم نَعلَم في المضمضة خبرا للوجوب قلت : فهو مَحْمُول عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كما سأتي 0
القول الثالث : وَاجِبَتَانِ فِي الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ - أي مستحبة في الوضوء - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ينظر المجموع (1\363)
القول الرابع : قال : النووي في المجموع (1\362) أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَكَمِ وَقَتَادَةَ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَرِوَايَةٌ عَنْ عطاء وأحمد والمذهب انتهى:ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح
والدليل أولا : على الاسحباب في الوضوء : 1- أدلة إيجاب المضمضة والاستنشاق مصروفة إلى الندب بحديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته أنه صلى الله عليه وسلم قال للمسيء: «إِنَّهَا لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ...» الحديث قال الألباني في صحيح أبي داود (4\8) (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! انتهى .فلم يذكر المضمضة أو الاستنشاق فيما أمر الله به، فوافق الآية الكريمة، وذكر الوجه فيهما ليس مجملاً حتى يقال إنه مبين بالسنة.
  قال النووي في المجموع (1\365)
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم للأعرابي توضأ كما أمرك الله وَهُوَ صَحِيحٌ سَبَقَ بَيَانُهُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَهُوَ مَا حَصَلَتْ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ دُونَ بَاطِنِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ الْأَدِلَّةِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ صَلَّى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُحْسِنْهَا فَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الصَّلَاةَ الَّتِي تُفْعَلُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَتُشَاهَدُ أَعْمَالُهَا فَعَلَّمَهُ وَاجِبَاتِهَا وَوَاجِبَاتِ الْوُضُوءِ فَقَالَ صَلَّى الله عليه وسلم توضأ كما أمرك الله وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سُنَنَ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ لِئَلَّا يَكْثُرَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْبِطَهَا فَلَوْ كَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبَتَيْنِ لَعَلَّمَهُ إيَّاهُمَا فَإِنَّهُ مِمَّا يَخْفَى لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ هَذَا الرجل خَفِيَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ الَّتِي تُشَاهَدُ فَكَيْفَ الْوُضُوءُ الَّذِي يَخْفَى انتهى
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) في الأم (1\39) قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْوَجْهَ الْمَفْرُوضَ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ - مَا ظَهَرَ دُونَ مَا بَطَنَ وَأَنْ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَغْسِلَ عَيْنَيْهِ وَلَا أَنْ يَنْضَحَ فِيهِمَا فَكَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ أَقْرَبَ إلَى الظُّهُورِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ أَعْلَمْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فَرْضًا وَلَمْ أَعْلَمْ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ لَوْ تَرَكَهُمَا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ انتهى قلت : المسألة فيها خلاف كما سبق
ثانيا : والدليل أن المضمضمة والاستنشاق في الغسل سنة
1- عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ.رواه الترمذي (124) وقال وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ "وصححه الألباني قالوا: والبشرة ظاهر الجلد، فلا تشمل داخل الفم والأنف.
2- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «لَا. إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ رواه مسلم (330)
هدذا الحديث يدل دلالة أكيدة على أن القدر المجزئ في الغسل هو المذكور وليس فيه ذكر المضمضة والاستنشاق، ولا يقال: إنهما داخلان في قوله (ثم تفيضين عليك الماء) فإن معنى الإفاضة لا يتناولهما كما هو واضح
فائدة:1- سُئل فضيلة الشيخ:ابن عثيمين في مجموع فتاوى (11\225)  عن صفة الغسل؟
فأجاب ـ أجزل الله له المثوبة ـ بقوله: صفة الغسل على وجهين:
الوجه الأول: صفة واجبة، وهي أن يعم بدنه كله بالماء، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق،- قلت : قد سبق أنهما من السنة - فإذا عمم بدنه على أي وجه كان فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر وتمت طهارته، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) الوجه الثاني: صفة كاملة وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه، ثم يغسل فرجه وما تلوث من الجنابة، ثم يتوضأ وضوءا كاملا ـ على صفة ما ذكرناه في الوضوء ـ ثم يغسل بالماء ثلاثا تروية ثم يغسل بقية بدنه. هذه صفة الغسل الكامل.انتهى
2- قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ – أي الإمام أحمد -  يُسْأَلُ: أَيُّمَا أَعْجَبُ إلَيْك؛ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ؟ قَالَ: بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ. ينظر المغني (1\89) والدليل :  أن النبي صل الله عليه وسلم مَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا،رواه البخاري (186) ومسلم (235)
قال ابن قدامة وَإِنْ أَفْرَدَ الْمَضْمَضَةَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، وَالِاسْتِنْشَاقَ بِثَلَاثٍ، جَازَ انتهى  قلت : استدل بذلك عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «دَخَلْتُ - يَعْنِي - عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَرَأَيْتُهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (139) قال : الألباني في ضعيف أبي داود (1\ 44)  (قلت: إسناده ضعيف، وضعفه الصنف وغيره، كما سبق (رقم 15) ،وكذلك ضعفه البيهقي، وقال النووي: " ولم يثبت في الباب حديث أصلاً ") .
سئل ابن باز رحمه الله في نور على الدرب (5\50)
حكم المضمضة والاستنشاق في آن واحد
س: المضمضة والاستنشاق هل تكون في آن واحد، أم كل على حدة؟
ج: السنة جميعا، يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة، هذا هو السنة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة ثلاث مرات ، وإن أخذ لكل مرة غرفة؛ للمضمضة غرفة،وللاستنشاق غرفة فلا حرج.انتهى
3- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:- البخاري -  «وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَرْضَ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ ينظر صحيح البخاري (1\ 39)
--- الوضوء من القيء – أي الترجيع – واجب أم مستحب ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : قالوا بالوجوب وهو قول أبي حنيفة ينظر نيل الأوطار (1\237) وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ الْكَثِيرَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَا حَدَّ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ يَكُونَ فَاحِشًا ينظر المغني (1\137) ورجحه ابن باز  ودليلهم : عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ، فَتَوَضَّأَ»، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: صَدَقَ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ، رواه الترمذي (87) جَوَّدَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ هَذَا الحَدِيثَ وصححه الألباني 0
القول الثاني :  قالوا : الوضوء من القيء مستحب وهو قول مالك والشافعي وابن حزم ينظر الاستذكار (1\173) والمحلى (1\235)
واختيار ابن تيمية وابن عثيمين والألباني وشيخنا مصطفى العدوي 0
قال شيخ لإسلام ابن تيمية: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَلَا النِّسَاءِ وَلَا خُرُوجِ النَّجَاسَاتِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَلَا الْقَهْقَهَةِ وَلَا غُسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَ الْمُوجِبِينَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ بَلْ الْأَدِلَّةُ الرَّاجِحَةُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُتَوَجِّهٌ ظَاهِرٌ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ مَسِّ النِّسَاءِ لِشَهْوَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْقَيْءِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا فِي السُّنَنِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَتَوَضَّأَ} وَالْفِعْلُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ
 مجموع فتاوى شيخ الإسلام 20/526.
قال الشيخ الألباني بعد أن ذكر حديث أبي الدرداء وصححه قال: [فائدة: استدل المصنف بالحديث على أن القيء ينقض الوضوء وقيده بما إذا كان فاحشاً كثيراً كل أحد بحسبه! وهذا القيد مع أنه لا ذكر له في الحديث البتة. فالحديث لا يدل على النقض إطلاقاً لأنه مجرد فعل منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب وغايته أن يدل على مشروعية التأسي به، وأما الوجوب فلا بد له من دليل خاص، وهذا مما لا وجود له هنا ولذلك ذهب كثير من المحققين إلى أن القيء لا ينقض الوضوء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى له وغيرها] إرواء الغليل 1/ 148.
قال الشيخ ابن عثيمين مبيناً عدم نقض القيء للوضوء: [الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء قل أو كثر إلا البول والغائط وذلك أن الأصل عدم النقض فمن ادّعى خلاف الأصل فعليه الدليل وقد ثبتت طهارة الإنسان بمقتضى دليل شرعي وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي ونحن لا نخرج عما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأننا متعبدون بشرع الله لا بأهوائنا فلا يسوغ لنا أن نلزم عباد الله بطهارة لم تجب ولا أن نرفع عنهم طهارة واجبة. فإن قال قائل: قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ؟ قلنا: هذا الحديث قد ضعفه أكثر أهل العلم ثم نقول: إن هذا مجرد فعل ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب لأنه خال من الأمر ثم إنه معارض بحديث وإن كان ضعيفاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ وهذا يدل على أن وضوءه من القيء ليس للوجوب. وهذا القول هو الراجح أن الخارج من بقية البدن لا ينقض الوضوء وإن كثر سواء كان قيئاً أو لعاباً أو دماً أو ماء جروح أو أي شيء آخر إلا أن يكون بولاً أو غائطاً مثل أن يفتح لخروجهما مكان من البدن فإن الوضوء ينتقض بخروجهما منه] فتاوى الطهارة ص198.
--- هل لمس الذكر ينقض الوضوء أم لا ؟
قلت : تنازع : العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؟ .
 القول الأول : الوضوء من مسِّ الذكر مستحب مطلقًا وليس بواجب: وهو مذهب أحمد في إحدى الروايتين وشيخ الإسلام ابن تيمية،ينظر مجموع الفتاوى (20/526)  وشيخنا مصطفى العدوي كان يرى بالوجوب ثم قال بالاستحباب وهو الراجح والدليل عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ»، أَوْ قَالَ: «بَضْعَةٌ مِنْهُ رواه أبوداود (182) وَصَحَّحَهُ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ وَقَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إسْنَادُهُ مُسْتَقِيمٌ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ بِخِلَافِ حَدِيثِ بُسْرَةَ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ ينظر نيل الأوطار (1\250) وصححه الألباني ، فحملوا حديث بسرة على الاستحباب وحديث طلق على أن السؤال فيه كان عن الوجوب.
قال شيخ لإسلام ابن تيمية: [والأظهر أنه لا يجب الوضوء من مس الذكر ولا النساء] مجموع فتاوى 20/526.
القول الثاني  : مس الذكر يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُرْوَةَ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ.- ورواية عن أحمد المغني (1\131) ودليلهم:
أ- عن بُسْرَة بِنْت صَفْوَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ رواه أبو داود (181) وصححه الألباني
ب - أنه لو صح حديث طلق لكان حديث بسرة- مقدمًا عليه لأن طلقًا قدم المدينة وهم يبنون المسجد، وأبو هريرة أسلم عام خيبر بعد ذلك بست سنين فيكون ناسخًا لحديث طلق وأجيب قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (1\ 279)  وأما دعوى أن حديث طلق بن علي منسوخ، لأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني مسجده أول الهجرة، ولم يعد إليه بعد. فهذا غير صحيح لما يلي:
1- أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، والجمع هنا ممكن.
2 - أن في حديث طلق علة لا يمكن أن تزول، وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول فإن الحكم لا يمكن أن يزول؛ لأن الحكم يدور مع علته، والعلة هي قوله: (إنما هو بضعة منك) ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكر الإنسان ليس بضعة منه، فلا يمكن النسخ.
3 - أن أهل العلم قالوا: إن التاريخ لا يعلم بتقدم إسلام الراوي، أو تقدم أخذه؛ لجواز أن يكون الراوي حدث به عن غيره.
بمعنى: أنه إذا روى صحابيان حديثين ظاهرهما التعارض، وكان أحدهما متأخرا عن الآخر في الإسلام، فلا نقول: إن الذي تأخر إسلامه حديثه يكون ناسخا لمن تقدم إسلامه، لجواز أن يكون رواه عن غيره من الصحابة، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث به بعد ذلك.انتهى
القول الثالث : لَا وُضُوءَ فِيهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَعِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ – أبو حنيفة- – ورواية عن أحمد – ينظر المغني (1\132) ودليلهم :حديث طلق السابق 0
القول الرابع : ينقض إذا كان مس الذكر بشهوة ولا ينقض إذا مسَّ بدونها: وهو رواية عن مالك، واختاره العلامة الألباني وابن عثيمين 
قال ابن عثيمين في نور على الدرب (7\2)
إذا اغتسل ثم لمس عورته فهل عليه شيء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليه شيء - يعني - أن مس الذكر لا ينقض الوضوء لكن إذا كان لشهوة فإنه ينقض الوضوء لأنه بهذا التفصيل تجتمع الأدلة فإن (النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء؟ قال لا إنما هو بضعة منك) أي جزءٌ منك ومس الإنسان لجزءٍ من نفسه لا يعتبر ناقضا للوضوء فهو كما لو مس رجله بيده فإن وضوءه لا ينتقض والحديث الآخر حديث بسرة بنت صفوان (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ) يدل على وجوب الوضوء من مس الذكر والجمع بينه وبين الحديث الأول أن يقال إن مسه الإنسان لشهوة فإنه يخالف مس بقية الأعضاء فينتقض وضوؤه وأما إذا مسه لغير شهوة فإنه لا ينتقض وضوؤه وليعلم أن المس هو المس بلا حائل أما إذا كان مع حائل فإن ذلك لا يعد مساً فلا ينقض الوضوء حتى لو كان لشهوة فإنه لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه ما يوجب الوضوء انتهى
قال الألباني في تمام المنة (1\103) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. والله أعلم انتهى .قلت : قوله : وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. رحمه الله قلت : بل مذهب ابن تيمية القول الأول كما سبق فجل َّ من لا يسهو فالقول الصحيح هو القول الأول واختاره ابن تيمية كماسبق فجمع بين الحديثين، أي بين حديث بسرة وبين حديث طلق فحمل حديث بسرة على الاستحباب وحمل حديث طلق على نفي الوجوب.فعلى ذلك يكون المعنى في حديث طلق: فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ»، أَوْ قَالَ: «بَضْعَةٌ مِنْهُ أي لا يجب عليك الوضوء، ولم ينف الاستحباب بخلاف حديث بسرة فلفظه: (من مس ذكره فليتوضأ) فهذا يحمل على الاستحباب والله أعلم
فوائد : 1- المرأة إذا مست فرجها من المستحب أيضا أن تتوضأ: والأصل أن النساء شقائق الرجال في الأحكام،كما قال النبي صل الله عليه وسلم إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ رواه الترمذي (113) وصححه الألباني
2- مس المرأة فرج زوجها لا ينقض وضوءها إذ ليس هناك دليل صريح في ذلك 0انظر أحكام النساء لشيخنا 1/41
3- مس المرأة دبرها لا ينقض وضوءها إذ ليس هناك دليل على ذلك وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد 0 انظر المغني (1/134) وكذلك الرجل 0    
4- مس المرأة ذكر طفلها لا ينقض وضوءها  إذ ليس هناك دليل على ذلك 0وهو قول مالك و الزهري والأوزاعي 0 انظرالكافي لابن عبد البر (1\149) والاوسط (1\210)
5- سئل  ابن تيمية رحمه الله إذَا تَوَضَّأَ وَقَامَ يُصَلِّي أَحَسَّ بِالنُّقْطَةِ فِي صَلَاتِهِ، فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا أَصَابَ النُّقْطَةَ يَغْسِلُ الثَّوْبَ؟
الْجَوَابُ: مُجَرَّدُ الْإِحْسَاسِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» ، وَأَمَّا إذَا تَيَقَّنَ خُرُوجَ الْبَوْلِ إلَى ظَاهِرِ الذَّكَرَ، فَقَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَعَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ إذَا فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.الفتاوى الكبرى(1/281)ا
--- هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء 0
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : يجب على من أكل لحوم الإبل مَطْبُوخة وَنِيئة وَمَشْوِيّة أن يتوضأ،وهو ما ذهب إليه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وبن خُزَيْمَةَ وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ ينظر شرح مسلم نووي (4\ 48)  وابن حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ينظر مجموع الفتاوى (21\260)ورجحه  ابن باز وابن عثيمين والألباني وشيخنا مصطقى العدوي وهو الراجح والدليل : عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ» قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ رواه مسلم (360) وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى نَقْضِ لُحُومِ الْإِبِلِ لِلْوُضُوءِ، وَأَنَّ مَنْ أَكَلَهَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ،وجه الدَّلالة: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم علَّق الوُضُوء بالمشيئة في لحم الغَنَم، فدلَّ هذا على أنَّ لحم الإِبل لا مشيئة فيه ولا اختيار، وأن الوُضُوء منه واجب.
القول الثاني : لا يجب الوضوء من أكل لحوم الإبل وإنما يستحب وهو مذهب  الاكثرين مِمَّنْ ذَهَبَ إليه ابن مسعود وابي بن كعب وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو طَلْحَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَجَمَاهِيرُ التَّابِعِينَ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ ينظر شرح مسلم نووي (4\ 48)
ودليلهم : 1- عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله  قَالَ: «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ رواه أبو داود  (191) وصححه النووي و الألباني
ووجه الدلالة أن قوله: «مما مسَّت» عام يشمل الإِبل وغيرها، وقد صرَّح بقوله: «كان آخرُ الأمرين» ، وإِذا كان آخر الأمرين، فالواجب أن نأخذ بالآخر من الشَّريعة؛ لأن الآخر يكون ناسخاً للأول.
وأجيب عن ذلك قال النووي رحمه الله في المجموع (2\ 59)وَأَمَّا النَّسْخُ فَضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الوضوء ممامست النَّارُ عَامٌّ وَحَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ سَوَاءٌ وَقَعَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ انتهى
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1\305)
أما حديث جابر: «كان آخر الأمرين ترك الوُضُوء مما مسَّت النار» ، فلا يعارض حديث الوُضُوء من لحم الإِبل، فضلاً عن أن يكون ناسخاً له؛ لأنه عام، والعام يُحمل على الخاصِّ، باتِّفاق أهل العلم، فيخرج منه الصُّور التي قام عليها دليل التَّخصيص، ولا يُقال بالنسخ مع إِمكان الجمع؛ لأن النَّسخ مع إمكان الجمع إبطال لأحد الدَّليلين، مع أنه ليس بباطل. والغرض من حديث جابر: بيان أن الوُضُوءَ مما مسَّت النَّار ليس بواجب؛ فإِن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان قد أمر بالوُضُوء مما مَسَّت النارُ، وصحَّ عنه الأمر بذلك، فقال جابر: «كان آخُر الأمرين تركَ الوُضُوء مما مسَّت النار» .والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذا أمر بأمرٍ وفعل خلافه، دَلَّ على أن الأمر ليس للوجوب.وأصَّلَ بعضُ أهل العلم أصلاً ليس بأصيل، ومالَ إِليه الشَّوكاني وهو أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم إِذا أمرَ بأمرٍ، وفعل خلافه، صار الفعلُ خاصًّا به، وبقي الأمر بالنسبة للأمة على مدلوله للوجوب.وهذا ضعيف؛ لأنَّ سُنَّة الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم تشمل قوله صلّى الله عليه وسلّم وفعله، فإِذا عارض قولُه فعلَه، فإِن أمكن الجمع فلا خصوصية؛ لأننا مأمورون بالاقتداء به قولاً وفعلاً، ولا يجوز أن نحمله على الخصوصية مع إِمكان الجمع، لأن مقتضى ذلك ترك العمل بشطر السُّنَّة، وهو السُّنَّة الفعلية.ثم قال رحمه الله فظهر بذلك ضعفُ دليل من قال: إِن لحمَ الإِبل لا ينقضُ الوضوءَ، ويبقى حديثُ الوُضُوءِ من لحمِ الإِبل سالماً من المعارض المقاوم، وإِذا كان كذلك، وجب الأخذ به، والقول بمقتضاه.
انتهى
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، َقَالَ: " إِنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ،رواه البيهقي في الكبرى (8253) قال النووي  في المجموع (6\317)رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ قالوا :فَمُرَادُه تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ قال النووي وَبِمِثْلِ هَذَا لَا يُتْرَكُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر المجموع (2\59).
قال ابن حزم في المحلى (1\225)
وَأَكْلُ لُحُومِ الْإِبِلِ نِيئَةً وَمَطْبُوخَةً أَوْ مَشْوِيَّةً عَمْدًا وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهُ لَحْمُ جَمَلٍ أَوْ نَاقَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَكْلُ شُحُومِهَا مَحْضَةً وَلَا أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهَا غَيْرَ لَحْمِهَا، فَإِنْ كَانَ يَقَعُ عَلَى بُطُونِهَا أَوْ رُءُوسِهَا أَوْ أَرْجُلِهَا اسْمُ لَحْمٍ عِنْدَ الْعَرَبِ نَقَضَ أَكْلُهَا الْوُضُوءَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كُلُّ شَيْءٍ مَسَّتْهُ النَّارُ غَيْرَ ذَلِكَ ثم قال ابن حزم (1\227): وَأَمَّا كُلُّ حَدِيثٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَنَحْوُ ذَلِكَ -: فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ أَحَادِيثَ إيجَابِ الْوُضُوءِ هِيَ الْوَارِدَةُ بِالْحُكْمِ الزَّائِدَةِ عَلَى هَذِهِ الَّتِي هِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَلَوْلَا حَدِيثُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ – يقصد حديث كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ-  الَّذِي ذَكَرْنَا لَمَا حَلَّ لِأَحَدٍ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ خَصَّصْتُمْ لُحُومَ الْإِبِلِ خَاصَّةً مِنْ جُمْلَةِ مَا نُسِخَ مِنْ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْأَمْرَ الْوَارِدَ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ فِيهَا خَاصَّةً، سَوَاءٌ مَسَّتْهَا النَّارُ أَوْ لَمْ تَمَسَّهَا النَّارُ، فَلَيْسَ مَسُّ النَّارِ إيَّاهَا - إنْ طُبِخَتْ - يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْهَا، بَلْ الْوُضُوءُ وَاجِبٌ مِنْهَا كَمَا هِيَ، فَحُكْمُهَا خَارِجٌ عَنْ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَبِنَسْخِ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا أَكْلُهَا بِنِسْيَانٍ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِ أَنَّهُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: 5] فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ وَتَرْكُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ فِي إيجَابِ حُكْمِ النِّسْيَانِ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
سئل العلامة ابن عثيمين في نور على الدرب (7\2)
هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الراجح أن أكل لحم الجزور ناقض للوضوء موجب له (لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال نعم قال أنتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت) فلما جعل الوضوء من لحوم الغنم راجعا إلى مشيئة الإنسان علم أن الوضوء من لحم الإبل ليس راجعا إليه وأنه واجب إذ لو كان غير واجب لكان راجعا إليه وقد جاء الأمر بذلك صريحا حيث قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (توضؤوا من لحوم الإبل) والأصل في الأمر الوجوب وعلى هذا فلو أكل الإنسان لحم إبل نيئا أو مطبوخا قليلا أو كثيرا هبرا أو كبدا أو كرشا أو مصران أو أي شيء من أجزائها فإن وضوءه ينتقض وعليه أن يتوضأ من جديد لكن ليس عليه أن يغسل فرجه لأنه لم يَبُل ولم يتغوط.
فائدة 1-: قال النووي في المجموع (2\ 60) وَلِأَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ شُرْبِ لَبَنِ الْإِبِلِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَيْهَا
* وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً لَا وُضُوءَ مِنْ لَبَنِهَا: وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بِحَدِيثٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَالْحَاءُ مُهْمَلَةٌ وَالضَّادُ مُعْجَمَةٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال (لا توضؤا من ألبان الغنم وتوضؤا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (496) بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ – قلت وضعفه الألباني – قال النووي  فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْأَصْلَ الطهارة وَلَمْ يَثْبُتْ نَاقِضٌ انتهى قلت الدليل على أن لا يجب الوضوء من شرب لبن الإبل عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ «فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا» رواه البخاري (233) ومسلم (1671) ، ولو كان شرب لبنها ناقضاً للوضوء لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (10\158)
أما المرق من لحم الإبل، وهكذا اللبن، فلا يبطلان الوضوء، وإنما يبطل ذلك اللحم خاصة؛ انتهى
2- اشتهرت بين العوام قصة يرددونها إذا سمعوا بعض طلاب العلم يذكر وجوب الوضوء من لحم الإبل وخلاصتها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم، فخرج من أحدهم ريح، فاستحيا أن يقوم بين الناس، وكان قد أكل لحم جزور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستراً عليه! : من أكل لحم جزور فليتوضأ! فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا!.
قال الألباني في الضعيفة (1132) وهذه القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت، فإن أثرها سيىء جدا في الذين يروونها، فإنها تصرفهم عن العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أكل من لحم الإبل أن يتوضأ، كما ثبت في " صحيح مسلم " وغيره: قالوا: يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا، قالوا: أفنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضأوا.فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل، لا تشريعا! وليت شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة ويؤمنون بها، مع بعدها عن العقل السليم، والشرع القويم؟ ! فإنهم لوتفكروا فيها قليلا، لتبين لهم ما قلناه بوضوح، فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية. ثم لا يبين للناس تلك العلة، حتى يصير الأمر شريعة أبدية، كما وقع في هذا الأمر، فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث والفقه، فلوأنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان، حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق! ولكن قبح الله الوضاعين في كل عصر وكل مصر، فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدت كثيرا من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم، ووفق الآخرين للاقتداء بهم في ذلك وفي اتباع كل سنة صحيحة. والله ولي التوفيق.انتهى
--- ما حكم غسل يوم الجمعة
تنازع العلماء  في ذلك على ثلاثة أقوال
القول الأول : قالوا غسل الجمعة واجب حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَحَكَاهُ بن حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ وَجَمْعٍ جَمٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ انظر فتح الباري (2\361) ورجحه ابن عثيمين والألباني ودليلهم : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ رواه البخاري(877) ومسلم (844) وأحاديث اخرى بمعناه قالوا : قوله فَلْيَغْتَسِلْ هَذَا دَلِيلُ فِي إيجَاب غُسْلَ الْجُمُعَةِ قلت : توجد أكثر من قرينة تصرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب كما سيأتي
القول الثاني : قالوا غسل الجمعة سنة وليس بواجب وهومذهب أكثر أهل العلم وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ورواية عن أحمد انظر المغني (2\256) ورجحه العلامة ابن باز
استدلوا أولا عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ» أخرجه الترمذي (497) وحسنه الترمذي والألباني قالوا النبي صل الله عليه وسلم خير بين الغسل وهو الأكمل وبين الوضوء وهو الجائز
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا»
رواه مسلم  (857) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَمَا مَعَهُ مُرَتِّبًا عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ كَافٍ انظر فتح الباري
ثالثا : عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ، فَقَالَ: وَالوُضُوءُ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ رواه البخاري (878) ومسلم  (845)
قال الخطابي في معالم السنن (1\106)
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَشْبَهَ أَنْ يَأْمُرَ عُمَرُ عُثْمَانَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَيَغْتَسِلَ فَدَلَّ سُكُوتُ عُمَرَ وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ يَجُوزُ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ انتهى
وقال ابن حجر في فتح الباري (2\361)
وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ عَوَّلَ أَكْثَرُ الْمُصَنِّفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَابْنِ خُزَيْمَةَ والطبري والطَّحَاوِي وبن حبَان وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَلُمَّ جَرًّا وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَافَقُوهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ انتهى
رابعا : عن عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ»  رواه البخاري (880) ومسلم (846) مختصرا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الِاسْتِنَانِ وَالطِّيبِ لِذِكْرِهِمَا بِالْعَاطِفِ فَالتَّقْدِيرُ الْغُسْلُ وَاجِبٌ وَالِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ كَذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ اتِّفَاقًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِذْ لَا يَصِحُّ تَشْرِيكُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَعَ الْوَاجِبِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيّ والطَّحَاوِي انظر فتح الباري (2\362)
قال ابن باز في مجموع فتاوى (10\171)
غسل الجمعة سنة مؤكدة للرجال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك ويتطيب» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من راح إلى الجمعة فليغتسل  » ، في أحاديث أخرى كثيرة، وليس بواجب الوجوب الذي يأثم من تركه، ولكنه واجب بمعنى: أنه متأكد؛ لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام  وقوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل  » .
وبذلك يعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: " واجب " ليس معناه الفرضية، وإنما هو بمعنى: المتأكد، كما تقول العرب في لغتها: حقك علي واجب، والمعنى: متأكد، جمعا بين الأحاديث الواردة في ذلك؛ لأن القاعدة الشرعية في الجمع بين الأحاديث: تفسير بعضها ببعض إذا اختلفت ألفاظها؛ لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا، وهكذا كلام الله عز وجل في كتابه العظيم يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا.
ومن اغتسل عن الجنابة يوم الجمعة كفاه ذلك عن غسل الجمعة، والأفضل أن ينوي بهما جميعا حين الغسل. ولا يحصل الغسل المسنون يوم الجمعة إلا إذا كان بعد طلوع الفجر. والأفضل أن يكون غسله عند توجهه إلى صلاة الجمعة؛ لأن ذلك أكمل في النشاط والنظافة.
والله ولي التوفيق.
القول الثالث : وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : وَيَجِبُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ لَهُ عَرَقٌ أَوْ رِيحٌ يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ انظر الفتاوى الكبرى  (5\307) ويستحب لمن ليس له رائحة وهو الصحيح والدليل : عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ، فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا رواه البخاري (902) ومسلم (847)
فوائد 1- وَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا تَصِحُّ بِدُونِهِ. انظر فتح الباري (2\361)
2- من أجنب يوم الجمعة لا يلزم بغسلين غسل للجمعة وغسل للجنابة بل يكفيه ويجزئه غسل واحد عن الجنابة وعن الجمعة وهذا قول أكثر أهل العلم
قال النووي وَلَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ
وَالْجُمُعَةِ حَصَلَا جَمِيعًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ000 وَلَوْ كَانَ عَلَى امْرَأَةٍ غُسْلُ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ فَنَوَتْ أَحَدَهُمَا صَحَّ غُسْلُهَا وَحَصَلَا جَمِيعًا بِلَا خِلَافٍ انظر المجموع (1\ 326)
3- ومن مس ذكره بعد الغسل لا يلزم بالوضوء ولكن من المستحب له أن يتوضأ
4- لا يجب الغسل على من لم يحضر الجمعة قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2\ 359) في شرح حديث«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ وَاسْتُدِلَّ مِنْ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يُشْرَعُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ- يعني أكثر أهل العلم -
5 - قال شيخنا مصطفى العدوي في فتاوى مهمة (1\55) بداية الغسل يوم الجمعة : ومن المعلوم أن اليوم يبدأ من الفجر، فعليه فغسل الجمعة بدايته من الفجر ، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم ، وغسل الجمعة بدايته من الفجر وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم - من خرج منه ريح بعد أن اغتسل ولبس ثيابه أو قضى حاجته فلا يلزم بإعادة الغسل مرة ثانية بل يجزئه الوضوء وهذا رأي الجمهور
--- من غسَّل ميتًا، هل يغتسل؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على أربعة أقوال  ؟
القول الأول :  رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ومذهب ابن حزم  ينظر المحلى (1/270) أَنَّ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ
ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه أبو داود (3161) وصححه الألباني 0قلت : وإن كان ظاهر هذا الحديث الوجوبُ، إلاَّ أنّ هذا الوجوبَ صرف إلى الاستحباب كما سيأتي
2- عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِنَ الحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ رواه أبو داود (348) وضعفه الألباني 0
القول الثاني : َأَوْجَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الْوُضُوءَ مِنْهُ ينظر شرح مسلم (7\6) ودليلهم : حديث أبي هريرة السابق 0
القول الثالث : وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ ينظر نيل الأوطار(1\298) ودليلهم : حديث ابن عباس سيأتي 0
القول الرابع : لا يجب بغسل الميت الغسل ولا الوضوء، وإنما يستحب، وهذا ثابت عن ابن عباس وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم بأسانيد صحيحة ينظر الغسل والدفن (120-125) وهو مذهب المالكية والشافعية ينظر الفقه الإسلامي وأدلته (1\543) ورجحه الشوكاني والألباني وابن باز وابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل :  1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوهُ إِنَّ مَيِّتَكُمْ لَمُؤْمِنٌ طَاهِرٌ وَلَيْسَ بِنَجَسٍ فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيكُمْ "رواه البيهقي في الكبرى (1461) حسنه الألباني ثم ضعفه في الضعيفة (6304) وقال البيهقي:"هذا ضعيف وحسنه ابن حجر ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي،
2- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي»، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ  فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» تَعْنِي إِزَارَه رواه البخاري (1253) ومسلم (939)
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (7\5) وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ مَوْضِعُ تَعْليمٍ فَلَوْ وَجَبَ لَعَلِمَهُ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ انتهى
 3- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، غَسَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، حِينَ تُوُفِّيِ. ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ. وَإِنَّ هذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ، فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غَسْلٍ؟ فَقَالُوا: لاَ.رواه مالك في الموطأ (753)
بسند صحيح قال الشوكاني في نيل الأوطار (1\299)
وَهُوَ – أي حديث أسماء - مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ دُونَ وُجُوبِهِ، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ الْقَرَائِنِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ غَايَةَ الْبَعْدِ أَنْ يَجْهَلَ أَهْلُ ذَلِكَ الْجَمْعِ الَّذِينَ هُمْ أَعْيَانُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاجِبًا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَعَلَّ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ جُلَّهُمْ وَأَجَلَّهُمْ؛ لِأَنَّ مَوْتَ مِثْلِ أَبِي بَكْرٍ حَادِثٌ لَا يُظَنُّ بِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَدِينَةِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ وَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَتَفَرَّقُوا كَمَا تَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدُ.انتهى
4- عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ:  «كُنَّا نُغَسِّلُ الْمَيِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ» رواه الدَّارَقُطْنِيُّ (1820) صححه ابن حجر والألباني ينظر أحكام الجنائز (1\54)
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح (2/238 ) - قال حديث أبي هريرة - الحديث بظاهره يدل على وجوب الغسل على من غسل الميت. وقد اختلفوا فيه، والراجح عندي أنه مندوب، والأمر فيه للاستحباب، أمر به ندباً احتياطاً لدفع ما يتوهم من إصابة نجاسة بالبدن بواسطة أن بدن الميت لا يخلو عنها غالباً. والله أعلم. والدليل على كون الأمر للندب لا للوجوب حديث ابن عباس مرفوعاً: ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، إن ميتكم يموت طاهراً، وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم. أخرجه البيهقي، وقد حسن الحافظ إسناده، وقال: فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة بأن الأمر على الندب، أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما صرح به في هذا - انتهى. وحديث ابن عمر: كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل. قال الحافظ في التلخيص: إسناده صحيح، وهو يؤيد أن الأمر في حديث أبي هريرة للندب، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث- انتهى. وحديث أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق: أنها غسلت أبا بكر حين توفى، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إن هذا يوم شديد البرد وأنا صائمة، فهل علي من غسل؟ قالوا: لا. رواه مالك في المؤطا. قال الشوكاني: وهو من الأدلة الدالة على استحباب الغسل دون وجوبه، وهو أيضاً من القرائن الصارفة عن الوجوب. قال: والقول بالاستحباب هو الحق، لما فيه من الجمع بين الأدلة بوجه مستحسن- انتهى. (رواه ابن ماجه وزاد أحمد, والترمذي وأبوداود، ومن حمله فليتوضأ) هذا يدل على وجوب الوضوء على من حمل الميت. والظاهر أن الأمر فيه أيضاً للندب، يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: فحسبكم أن تغسلوا أيديكم، في حديث ابن عباس المتقدم. وقال المناوي: معناه من أراد حمل الميت، فليكن على وضوء، ليتأهب للصلاة عليه حين وصوله المصلى خوف الفوت. قال المجد بن تيمية في المنتقى: وقال بعضهم: معناه من أراد حمله ومتابعته، فليتوضأ من أجل الصلاة عليه- انتهى قال القاري: ويجوز أن يكون لمجرد الحمل فإنه قربة- انتهى. والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه وابن حبان من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. قال الحافظ في الفتح: هو معلول، لأن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة- انتهى. وقال ابن دقيق العيد في الإمام: هي معلولة وإن صححها ابن حبان وابن حزم، فقد رواه سفيان عن سهيل عن أبيه عن إسحق مولى زائدة عن أبي هريرة. قال الحافظ: إسحق هذا أخرج له مسلم، فينبغي أن يصح الحديث، وأخرجه أحمد والبيهقي من رواية ابن أبي ذئب عن صالح مولى التؤمة عن أبي هريرة، وصالح صدوق، اختلط بآخره. قال ابن عدي لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج، وأخرجه أبوداود من رواية عمرو بن عمير، وأحمد أيضاً من رواية شيخ يقال له: أبوإسحق، كلا هما عن أبي هريرة. وأخرجه البزار من رواية العلاء عن أبيه، ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ومن رواية أبي بحر البكراوي، عن محمد ابن عمرو عن أبي سلمة كلهم عن أبي هريرة. وذكر البيهقي له طرقاً، وضعفها، ثم قال: والصحيح أنه موقوف. وقال ابن دقيق العيد: أما رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة فإسناد حسن إلا أن الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفاً. قال الحافظ في التلخيص (ص50) : وفي الجملة هو لكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسناً، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض. وقد قال الذهبي في مختصر البيهقي: طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء ولم يعلوها بالوقف بل قدموا رواية الرفع - انتهى. وقد أجاب أحمد عن هذا الحديث بأنه منسوخ، وكذا جزم بذلك أبوداود. وفيه أن النسخ لا يثبت بالاحتمال، بل إذا وجد ناسخ صريح وهو متأخر.اه
---ما الصعيد الذي يجوز التيمم به؟
لأهل العلم في «الصعيد» الذي يجوز التيمم به رأيان:
القول الأول : أن الصعيد هو التراب ولا يجزئ غيره:
وهذا مذهب الشافعي وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَدَاوُد ينظر المجموع (2\213) ومما احتجوا به:
1 - زيادة وردت في حديث عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " 000 وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ "رواه مسلم (522)  قالوا: فهذه الرواية مخصصة لرواية: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». حملوا معنى التربة في الحديث على التراب قلت : فيه نظر من وجهين:
 الأول - فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ: «خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ،000 الحديث رواه مسلم (2789) قال في «لسان العرب»(1\ 227)  وَفِي الْحَدِيثِ:خَلَقَ اللهُ التُّرْبةَ يَوْمَ السَّبْتِ. يَعْنِي الأَرضَ انتهى
الثاني - قال الصنعاني في سبل السلام (1\138)  بعد أن ذكر حديث جابر بن عبد الله وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ التُّرَابَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَالْمَاءِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الطَّهُورِيَّةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ الَّذِي لَهُ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بِهِ كَالْمَاءِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ؛ وَفِي رِوَايَةٍ: «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ كُلُّهَا وَلِأُمَّتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا» 000وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الصَّحِيحِ «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى اشْتِرَاطِ التُّرَابِ، لِمَا عَرَفْت فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ لَا يُخَصَّصُ بِهِ، ثُمَّ هُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ لَا يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ؛
2 – عن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هُوَ قَالَ؟: " نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ رواه أحمد (763) صححه الألباني  في الصحيحة ( 3939.) قلت جوابه أيضا بما سبق 0
القول الثاني : قالوا : كُل مَا كَانَ وَجْهَ الْأَرْضِ مطلقًا سواء الْحَصْبَاءِ وَالْجَبَلِ وَالرَّمْلِ وَالتُّرَابِ وهذا مذهب : مَالِك وَأَبي حنيفة ينظر شرح مسلم نووي (5\4) واختاره شيخ الإسلام، وابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0 والدليل : 1 - قَوْلُهُ تَعَالَى (صَعِيدًا زَلَقًا) الكهف 40 (وصعيدا جرزا) الْكَهْفِ 8 وَالْجُرُزُ الْأَرْضُ الْغَلِيظَةُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا ينظر الاستذكار (1\ 309)
2 – عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " 000 وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا رواه البخاري (335) ومسلم (521)
3 - قوله صلى الله عليه وسلم:قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ رواه البخاري (3340) ومسلم (3005) واللفظ له  أي: أرض واحدة.
4- قال ابن القيم في زاد المعاد (1\193) - أن النبي صل الله عليه وسلم - َلَمَّا سَافَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَطَعُوا تِلْكَ الرِّمَالِ فِي طَرِيقِهِمْ وَمَاؤُهُمْ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ حَمَلَ مَعَهُ التُّرَابَ وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ فِي الْمَفَاوِزِ الرِّمَالَ أَكْثَرُ مِنَ التُّرَابِ، وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْحِجَازِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا قَطَعَ بِأَنَّهُ كَانَ يَتَيَمَّمُ بِالرَّمْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.انتهى
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (5\309) وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِغَيْرِ التُّرَابِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَجِدْ تُرَابًا انتهى
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (1\390)
قوله: «ويَجبُ التيمُّمُ بتُرابٍ» ، هذا بيان لما يُتيمَّم به. وقد ذكر المؤلِّفُ له شروطاً:الأول: كونه تراباً، والتُّراب معروف، وخرج به ما عداه من الرَّمل، والحجارة وما أشبه ذلك.فإِنْ عَدِم التُّرابَ كما لو كان في بَرٍّ ليس فيه إِلا رَمْل، أو ليس فيه إِلا طِين لكثرة الأمطار فيصلِّي بلا تيمُّم، لأنَّه عادِم للماء والتُّراب. والدَّليل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وجُعِلت تربتُها لنا طَهُوراً»، وفي رواية: «وجُعِل التُّراب لي طَهُوراً»  قالوا: هذا يُخصِّص عُموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وجُعِلتْ لي الأرض مسجداً وطَهُوراً» . لأن الأرض كلمة عامَّة، والتُّراب خاصٌّ، فيُقيَّد العام بالخاص.ورُدَّ هذا: بأنه إِذا قُيِّد اللفظ العام بما يوافق حُكْم العام، فليس بِقَيد.وتقرير هذه القاعدة: أنَّ ذكر بعض أفراد العام بحُكم يوافق حُكم العام، لا يقتضي تخصيصه.....مثال ذلك: إِذا قلت: «أكرِم الطَّلَبَة» فهذا عام، فإِذا قلت: أكرم زيداً وهو من الطَّلبة؛ فهذا لا يُخصِّص العام، لأنك ذكرت زيداً بحُكْمٍ يوافق العام.لكن لو قلت: لا تُكْرم زيداً، وهو من الطَّلبة صار هذا تخصيصاً للعام؛ لأنِّي ذَكرته بِحُكْم يُخالف العام.ومن ذلك قول بعض العلماء في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وفي الرِّقَةِ رُبع العُشرِ»، أنه يخصِّص عموم الأدلَّة الدَّالة على وجوب الزكاة في الفضَّة مطلقاً ، لأنه قال: «وفي الرِّقَة» ، والرِّقَة: هي السِّكَّة المضروبة.فيقال: إِن سلَّمْنا أن الرِّقَة هي الفِضَّة المضروبة، فذِكْرُ بعض أفراد العام بِحُكْم يوافق العام لا يقتضي تخصيصه.وهذه القاعدة ـ أعني أن ذكر أفرادٍ بِحُكْم يوافق العام لا يقتضي التخصيص ـ إِنَّما هو في غير التقييد بالوصف، أما إِذا كان التَّقييد بالوصف فإِنه يفيد التَّخصيص، كما لو قُلت: أكرِم الطَّلبة، ثم قلت: أكرِم المجتهد من الطَّلبة، فذِكْر المجتهد هنا يقتضي التَّخصيص؛ لأنَّ التَّقييد بِوَصْف. ومثل ذلك لو قيل: «في الإِبل صدقة» ، ثم قيل: «في الإِبل السَّائمة صدقة» . فالتَّقييد هنا يقتضي التَّخصيص فتأمَّل.
والصَّحيح: أنَّه لا يختصُّ التَّيمُّم بالتُّراب، بل بِكلِّ ما تصاعد على وجه الأرض، والدَّليل على ذلك:
1 ـ قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] ، والصَّعيد: كلُّ ما تصاعد على وجه الأرض، والله سبحانه يَعْلَم أنَّ النَّاس يطْرُقون في أسفارهم أراضي رمليَّة، وحجريَّة، وتُرابيَّة، فلم يخصِّص شيئاً دون شيء.
2 ـ أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، في غزوة تبوك مَرَّ برِمالٍ كثيرة، ولم يُنقل أنَّه كان يحمِل التُّراب معه، أو يصلِّي بلا تيمُّم.....
طَهُورٍ..........
قوله: «طَهُور» ، هذا هو الشَّرط الثَّاني لما يُتيمَّم به. وهو إِشارة إِلى أن التُّراب ينقسم إِلى ثلاثة أقسام:....
1- طَهُور.2- طاهر.3- نجِس.
كما أن الماء عندهم ينقسم إِلى ثلاثة أقسام .
فخرج بقوله: «طَهُور» التُّراب النَّجس كالذي أصابه بَوْل،
ولم يَطْهُر من ذلك البول، والدَّليل قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] ، والطَّيب ضدُّ الخبيث، ولا نعلَم خبيثاً يُوصَف به الصَّعيد إِلا أن يكون نجساً.وخرج أيضاً: التُّراب الطَّاهر كالذي يتساقط من الوجه أو الكفَّين بعد التَّيمُّم، وكذا لو ضَرَبْتَ الأرضَ وغبّرت ومسَحْت وجهك، ثم أتى شخص وضَرب على يديك ومَسَح فلا يجزئ؛ لأن التُّراب الذي على اليدين مستعمل في طهارة واجبة، فيكون طاهراً غير مطهر.أما لو تيمَّمت على أرض، ثم جاء آخر فضرب على موضع ضَرْب يديك فهذا طَهُور، وليس بطاهر، وقد نَصَّ الفقهاء على ذلك ، وهذا شبيه بما لو توضَّأ جماعة من بِرْكَة واحدة، فإِن ماء البِرْكة يبقى طَهُوراً.والصَّحيح: أنه ليس في التُّراب قِسْم يُسمَّى طاهراً غير مطهِّر كما سبق في الماء  . غير محتَرقٍ له غُبار..........
قوله: «غير محتَرِق» ، هكذا في بعض النُّسَخ، وهذا هو الشَّرط الثَّالث من شروط المتيمَّم به. فلو كان محترِقاً كالخَزَفِ والإِسمنت، فلا يجوز التَّيمُّم به.وهذا ضعيف، والصَّواب: أنَّ كلَّ ما على الأرض من تُراب، ورَمْل، وحجر محتَرِق أو غير محتَرِق، وطين رطب، أو يابس فإِنه يُتيمَّم به.قوله: «له غبار» ، هذا هو الشَّرط الرَّابع من شروط المتيمَّم به. فإِن لم يكن له غبار لم يصحَّ التَّيمُّم به كالتُّراب الرَّطب، وعلى هذا لو كنّا في أرض أصابها رَشُّ مطر حتى ذهب الغُبَار فلا نتيمَّم عليها، بل نصلِّي بلا تيمُّم.........والدَّليل على ذلك قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ، قالوا: «من» للتَّبعيض، ولا تتحقَّق البعضيَّة إِلا بغبار يَعْلق باليد، ويُمْسَح به الوجه واليدان.
والصَّحيح: أنه ليس بشرط، والدَّليل على ذلك:
1- عموم قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] .
2- أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يسافر في الأرض الرمليَّة، والتي أصابها مطر، ولم ينقل عنه ترك التيمُّم.
وأما قولهم إِن «من» تبعيضيَّة فالجواب عنه أن «من» ليست تبعيضيَّة بل لابتداء الغاية فهي كقولك: سرت من مكَّة إِلى المدينة، وهذا وإِن كان خلاف الظَّاهر إِلا أنَّه الموافق لِسُنَّة النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم حيث لم يكن يَدَعْ التيمُّم في مثل هذه الحال.ومما يُبيِّن هذا أن آية «النِّساء» ، ليس فيها «من» ، قال تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] ، وآية «النساء» سبَقت آية «المائدة» بسنوات.وأيضاً: في حديث عمَّار رضي الله عنه الذي رواه البخاري: أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لما ضَرَبَ بكفَّيهِ الأرض نَفَخَ فيهما  ، والنَّفْخُ يُزيل الغبار، وأثر التُّراب. واشترط الأصحاب أن يكون التُّراب مُبَاحاً، فإِن كان غير مباح فلا يصحُّ تيمُّمُه منه كما لو كان مسروقاً.وهذه المسألة خِلافيَّة ، والخِلاف فيها كالخِلاف في اشتراط إِباحة الماء للوُضُوء والغُسْل.أما لو كان التُّراب ترابَ أرضٍ مغصوبة، فإِنَّه يصحُّ التَّيمُّم منه، كما لو غَصب بئراً فإِنه يصحُّ الوُضُوء من مائها، ولكن قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: يُكرَه الوُضُوء من ماء بئر في أرض مغصوبة.انتهى
--- حكم الصفرة والكدرة : بأن ترى المرأة دما أصفر أو متكدرًا بين الصفرة والسواد 0
آراء أهل العلم فيهما:
القول ألاول : أن الصفرة والكدرة ليستا من الحيض مطلقا، وهذا مذهب سعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي وابن حزم رحمهم الله تعالى.[انظر: المحلى لابن حزم (1/ 165)]،
 واستدلوا أولا: عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «كُنَّا لاَ نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا» أخرجه البخاري في صحيحه (326)
ومعنى قولها: شيئا؛ أي شيئا من الحيض، وظاهر اللفظ العموم.
ثانيا : عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ، فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي»
( رواه أبو داود)(304).وحسنه الألباني رحمه الله 0
قالوا: إن هذا الحديث نص - أي لا احتمال فيه- في كون الحيض هو الدم الأسود، وأن ما عداه لا يعد حيضا ومن ذلك الصفرة والكدرة، والقاعدة في الأصول: [أن النص يجب العمل به، ولا يدخله التأويل].
القول الثاني : أنهما حيض مطلقا: وهو قول المالكية 0 المحلى (1/388) ودليله ما ثبت عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، مَوْلاَةِ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنينَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسِاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِ الصُفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلاَةِ. فَتَقُولُ لَهُنَّ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ. رواه مالك في الموطأ 128 وصححه الألباني في الارواء 198
وَالدُّرْجَة َهِيَ خِرْقَةٌ أَوْ قُطْنَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ تُدْخِلُهُ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا ثُمَّ تُخْرِجُهُ لتنظر هل بقى شئ مِنْ أَثَرِ الْحَيْضِ أَمْ لَا والكرسف القطن والقصة البيضاء ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض 0
 القول الثالث : قالوا الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وإن رأت ذلك قبل العادة أو بعدها فليس بحيض .. فتصلي وتصوم .. ولزوجها أن يجامعها وهو مذهب الجمهور - أي أكثر أهل العلم - انظر نيل الأوطار (1/341) واختاره ابن تيميه رحمه الله ورجحه شيخنا مصطفى العدوي ،  ودليلهم على ذلك : أولا  قول الله تعالى: [ويسألونك عن المحيض قل هو أذى]  فالصفرة والكدرة داخلة في عموم الآية، فهما حيض في زمن العادة، قال صاحب المغني عن الآيه (1/241) وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ ثانيا عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (كنا لا تعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا) رواه أبو داود (307) وصححه الألباني 0
 فهذا القيد الذي ذكرته أم عطية يدل دلالة واضحة على أن هذا الدم إن كان قبل الطهر فهو حيض أي في أيامه، وما عداها لا يكون حيضا
قال الشوكاني – رحمه الله – في كلامه على حديث أم عطية رضي الله عنها :والحديث يدل بمنطوقه – يعني مع زيادة ( بعد الطهر ) أنه لا حكم للكدرة والصفرة بعد الطهر ، وبمفهومه أنهما وقت الحيض حيض كما ذهب الجمهور0 انظر أحكام النساء لشيخنا(5/68)
ثالثا عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، مَوْلاَةِ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنينَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسِاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ  فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِ الصُفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلاَةِ. فَتَقُولُ لَهُنَّ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ.رواه مالك في الموطأ 128 وصححه الألباني في الارواء 198
قالوا فقولها رضي الله عنها: [انتظِرْنَ لا تَعجَلِنَّ حتّى تَرينّ القَصّةَ البَيْضَاء] واضح في الدلالة على أنها إعتبرته حيضاً، وأمرت بالإنتظار حتى ترى السائلةُ علامةَ الطُّهر، وهي القصة البيضاء فدلّ على أنّ الصُّفرة والكُدرة حيض في زمان الحيض.وهذا هو القول الراجح ؛
قال ابن عثيمين رحمه الله :
النوع الثالث: صفرة أو كدرة بحيث ترى الدم أصفر كماء الجروح أو متكدرًا بين الصفرة والسواد فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلًا به قبل الطهر فهو حيض نثبت له أحكام الحيض، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض لقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا) . رواه أبو داود بسند صحيح، ورواه أيضًا البخاري بدون قولها بعد الطهر، لكنه ترجم له بقوله: باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض. قال في شرحه فتح الباري: " يشيرُ بذلك إلى الجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها حتى ترين القصة البيضاء وبين حديث أم عطية المذكور في الباب، بأن ذلك أي حديث عائشة محمول على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في أيام الحيض، وأما في غيرها فعلى ما قالت أم عطية ". اهـ. وحديث عائشة الذي أشار إليه هو ما علّقهُ البخاري جازمًا به قبل هذا الباب، أن النساء كُنَّ يَبعثن إليها بالدرجة (شيء تحتشي به المرأة لتعرف هل بقيَ من أثر الحيض شيء) فيها الكرسف (القطن) فيه الصفرَة فتقول: " لا تعجلْنَ حتى تريْنَ القصة البيضاء ". والقصة البيضاء ماء أبيض يدفعُهُ الرحم عند انقطاع الحيض.الدماء الطبيعية (1/18)
--- هل يجوزللرجل أن يطأ- يجامع - زوجته إذا رأت الطهر قبل أن تغتسل  ؟
قلت : اختلف العلماء في ذلك على قولين 0
القول الأول : قال مالك، والليث، والثورى، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: لا توطأ – أي لا تجامع _ حتى تغتسل بالماء 0 انظر شرح البخاري لابن بطال (1/408) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  واستدلوا بقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] قالوا الطهر هنا هو الغسل وقالوا في  إجماع نقله النووي وابن المفلح وغيرهما قلت المسألة ليس فيها إجماع، سيأتي من خالف في ذلك
القول الثاني : وهو مذهب  عطاء وطاوس وابن حزم  ورجحه الألباني  وهو القول الراجح ،  بأن المرأة إذا طهرت من حيضها وانقطع الدم عنها فهي مخيرة بين الغسل أو الوضوء أو غسل الفرج أي ذلك فعلت جاز له أن يجامعها لأن كل هذا يقع عليه اسم الطهارة فهي لفظة مشتركة مجملة
قال ابن حزم رحمه الله :
وَأَمَّا وَطْءُ – أي جماع- زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا لَهَا إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِأَنْ تَغْسِلَ جَمِيعَ رَأْسِهَا وَجَسَدَهَا بِالْمَاءِ أَوْ بِأَنْ تَتَيَمَّمَ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَبِأَنْ تَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ أَوْ تَتَيَمَّمَ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَبِأَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهَا بِالْمَاءِ وَلَا بُدَّ، أَيَّ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ فَعَلَتْ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا.- أي جماعها-
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] فَقَوْلُهُ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] مَعْنَاهُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُنَّ الطُّهْرُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْحَيْضِ وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] هُوَ صِفَةُ فِعْلِهِنَّ وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا يُسَمَّى فِي الشَّرِيعَةِ وَفِي اللُّغَةِ تَطَهُّرًا وَطَهُورًا وَطُهْرًا، فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَتْ فَقَدْ تَطَهَّرَتْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] فَجَاءَ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ بِأَنَّهُ غَسْلُ الْفَرْجِ وَالدُّبُرِ بِالْمَاءِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فَصَحَّ أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْجَنَابَةِ وَلِلْحَدَثِ طَهُورٌ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» يَعْنِي الْوُضُوءَ.
وَمَنْ اقْتَصَرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] عَلَى غَسْلِ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ كُلِّهِ دُونَ الْوُضُوءِ وَدُونَ التَّيَمُّمِ وَدُونَ غَسْلِ الْفَرْجِ بِالْمَاءِ، فَقَدْ قَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَادَّعَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ بَعْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بِلَا بُرْهَانٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَيُقَالُ لَهُمْ: هَلَّا فَعَلْتُمْ هَذَا فِي الشَّفَقِ؟ إذْ قُلْتُمْ أَيُّ شَيْءٍ تَوَقَّعَ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّفَقِ فَبِغُرُوبِهِ تَدْخُلُ صَلَاةُ الْعَتَمَةِ، فَمَرَّةً تَحْمِلُونَ اللَّفْظَ عَلَى كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ، وَمَرَّةً عَلَى بَعْضِ مَا يَقْتَضِيهِ بِالدَّعْوَى وَالْهَوَسِ.
فَإِنْ قَالَ: إذَا حَاضَتْ حَرُمَتْ بِإِجْمَاعٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِإِجْمَاعٍ آخَرَ، قُلْنَا هَذَا بَاطِلٌ، وَدَعْوَى كَاذِبَةٌ، لَمْ يُوجِبْهَا لَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، بَلْ إذَا حَرُمَ الشَّيْءُ بِإِجْمَاعٍ ثُمَّ جَاءَ نَصٌّ يُبِيحُهُ فَهُوَ مُبَاحٌ، مَا نُبَالِي أُجْمِعَ عَلَى إبَاحَتِهِ أَمْ اُخْتُلِفَ فِيهَا، وَلَوْ كَانَتْ قَضِيَّتُكُمْ هَذِهِ صَحِيحَةً لَبَطَلَ بِهَا عَلَيْكُمْ أَكْثَرُ أَقْوَالِكُمْ، فَيُقَالُ لَكُمْ: قَدْ حَرَّمْتُمْ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْمُجْنِبِ بِإِجْمَاعٍ، فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا إلَّا بِإِجْمَاعٍ وَلَا تُجِيزُوا لِلْجُنُبِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ شَهْرًا فَلَا إجْمَاعَ فِي ذَلِكَ، بَلْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْأَسْوَدُ لَا يُجِيزُونَ لَهُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ، وَأَبْطَلُوا صَلَاةَ مَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَسْتَنْشِقْ، لِأَنَّهُ لَا إجْمَاعَ فِي صِحَّتِهَا، وَأَبْطَلُوا صَلَاةَ مَنْ تَوَضَّأَ بِفَضْلِ امْرَأَةٍ وَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَجَمِيعِ الشَّرَائِعِ، فَصَحَّ أَنَّ قَضِيَّتَهُمْ هَذِهِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ فِي ذَاتِهَا، وَفِي غَايَةِ الْإِفْسَادِ لِقَوْلِهِمْ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا.  0المحلى (1/391)-
--- ما الذي يمنع من الاستمتاع بالحائض
قلت اختلف العلماء في ذلك على قولين القول الاول قالوا يحرم على الزوج أن يجامع زوجته في فرجها وهي حائض، وله أن يباشرها فيما عداه وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذلك عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَصْبَغُ وَإِسْحَاقُ بْنُ راهويه وأبو ثور وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا انظر شرح مسلم نووي 3/205 وابن حزم انظر المحلى (1/176) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي 
ودليلهم 1- عن أنس رضي الله عنه  أنه لما نزل قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» رواه مسلم (302). إلا النكاح يعني: الجماع
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" عند شرح حديث رقم (2167) من عون المعبود: وَحَدِيث " اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلا النِّكَاحَ" ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّحْرِيم إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَوْضِع الْحَيْض خَاصَّة , وَهُوَ النِّكَاح , وَأَبَاحَ كُلّ مَا دُونه.
2- عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا» رواه ابو داود (272) وصححه الألباني
3- حديث مسروق أنه قال لعائشة: إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي! فقالت: إنما أنا أمُّك وأنت ابني، فقال: ما للرجل ما امرأته وهي حائض؟ قالت: «له كل شيء إلا فرجها» رواه ابن جرير في التفسير (4/378) وصححه شيخنا مصطفى العدوي
ولا شك أن عائشة من أعلم الناس بحكم هذه المسألة لأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: وهو مذهب مَالِك وَأَبُي حَنِيفَة وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء مِنْهُمْ سَعِيد بْنُ الْمُسَيَّبِ وَشُرَيْح وَطَاوُس وَعَطَاء وَسُلَيْمَان بْنُ يَسَارٍ وَقَتَادَة انظر شرح مسلم نووي 3/205 قالوا أن ما يجوز للرجل الاستمتاع به من امرأته الحائض هو كل شيء ما عدا ما بين السرة إلى الركبة ودليلهم أولا عن مَيْمُونَةَ رضي الله عنها ، قالت  كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا، فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ» رواه البخاري (303) ومسلم (294)
ثانيا : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها  قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلاَنَا جُنُبٌ» وَكَانَ يَأْمُرُنِي، فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ» رواه البخاري (299)( 300)
قال شيخنا مصطفى العدوي حفظه الله :
بإمعان النظر فيما ورد وساقته أمهات المؤمنين ميمونة وعائشة وأم سلمة لا نجد فيه نهيا عن الوطء بين الفخذين مثلا إنما هو وصف حال فقط فلا تعارض بينه وبين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنعوا كل شيء إلا النكاح انظر أحكام النساء (1/141)
 ثالثا : عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ»، رواه أبو داود (212) وصححه الألباني
قال العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع 1/480
أي يستمتعُ الرَّجل من الحائض بما دون الفَرْج فيجوز أن يستمتعَ بما فوق الإِزار، وبما دون الإزار، إِلا أنَّه ينبغي أن تكون متَّزرة؛ لأنَّه صلّى الله عليه وسلّم كان يأمر عائشة رضي الله عنها أن تَتَّزِرَ فيباشرها وهي حائض ، وأَمْرُه صلّى الله عليه وسلّم لها بأن تتَّزِرَ لئلاَّ يَرى منها ما يكره من أثر الدَّم، وإِذا شاء أن يستمتع بها بين الفخذين مثلاً، فلا بأس. فإِن قيل: كيف تجيب عن قوله صلّى الله عليه وسلّم لما سُئِلَ ماذا يَحِلُّ للرَّجُل من امرأته وهي حائض؟ قال: «لك ما فوق الإِزار» ، وهذا يدلُّ على أن الاستمتاع يكون بما فوق الإِزار.
فالجواب عن هذا بما يلي:
1- أنَّه على سبيل التنزُّه، والبعد عن المحذور.
2- أنه يُحمَلُ على اختلاف الحال، فقولُه صلّى الله عليه وسلّم: «اصنعوا كلَّ شيء إِلا النكاح»  ، هذا فيمن يملك نفسه، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لك ما فوق الإِزار» ، هذا فيمن لا يملك نفسه إِما لقلَّة دينه أو قوَّة شهوته.
وإِذا استمتع منها بما دون الفَرْج فلا يجب عليه الغُسْل إِلا أن يُنزِلَ. والمرأة إِذا أنزلت وهي حائض استُحِبَّ لها أن تغتسل للجنابة، لئلا يبقى عليها أثر الجنابة، سواء حَدَثت لها الجنابة بعد الحيض كما لو احتلمت، أو كانت على جنابة حين الحيض، هكذا قال العلماء انتهى
قلت :  الصحيح  الذي يمنع من الاستمتاع بالحائض هو الفرج  فقط فللزوج أن يتلذذ من امرأته الحائض بكل شيء ما عدا الجماع في الفرج ،
 قال صاحب عون المعبود (1/313)
قَالَ النَّوَوِيُّ إِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ عَنِ الْفَرْجِ وَيَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِاجْتِنَابِهِ إِمَّا لِضَعْفِ شَهْوَتِهِ أَوْ لِشِدَّةِ وَرَعِهِ جَازَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ
قُلْتُ ( أي صاحب عون المعبود )مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ بِالْحَائِضِ بِجَمِيعِ عُضْوِهَا مَا خَلَا الْجِمَاعَ هُوَ قَوْلٌ مُوَافِقٌ لِلْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
0 تنبيهات:
1- ما سبق  تستوي فيها الحائض والنفساء.
قال ابن قدامة رحمه الله بعد أن ذكر أقسام مباشرة الرجل لامراته وهي حائض، قال: والنفساء كالحائض في هذا اهـ المغني (1/419) .
2- لا يجوز للمرأة أن تمتنع من جماع زوجها إذا طلبها:
لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح"رواه البخاري (5193)، ومسلم (1436).
3- لا يجوز لأحد الزوجين أن ينشر أسرار الجماع:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله يوم القيامة، الرجل يُفضي إلى المرأة وتُفضي إليه ثم ينشر سرَّها"مسلم (1437)  لكن يجوز هذا لمصلحة شرعية كما كانت زوجات النبي صلى الله عليه
وسلم ينشرن ذلك لبيان هديه صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت هناك مصلحة شرعية من ذكره فلا بأس والله أعلم.انظر صحيح فقه السنة189/3
4-يباح للزوج في جماع زوجته - غير الحائض - جسدها كله ما عدا الدُّبُر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» رواه أبو داود2162 وحسنه الألباني
سئل ابن باز رحمه الله
ما حكم إتيان الزوج امرأته في دبرها، وإذا حدث هذا عدة مرات، هل تطلق، وإذا كان الزوجان قد تابا من هذا العمل، فما حكمهما؟ جزاكم الله خيرا
ج: إتيان المرأة في دبرها من كبائر الذنوب؛ لكونه مخالفا لقوله سبحانه وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} سورة البقرة الآية 223 ومحل الحرث هو القبل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ملعون من أتى امرأته في دبرها  » . ومن تاب تاب الله عليه، والمرأة لا تطلق بذلك. لكن عليهما جميعا التوبة النصوح من ذلك. لقول الله عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}سورة النور الآية 31
  وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له »أخرجه ابن ماجه  (4240) . ، والله ولي التوفيق.
--- لو جامع رجل امرأته وهي حائض هل عليه كفارة 0
قلت إن كان جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه وأما إن كان متعمدا فقد ذهب إِلَى إِيجَاب الْكفارة أحمد وغيره وقال أكثر العلماء أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، بَلْ الْوَاجِبُ الِاسْتِغْفَارُ وَالتَّوْبَةُ.انظر عون المعبود(1/308) ورجح قول أكثر أهل العلم شيخنا مصطفى العدوي وضعف حديث ابن عباس  ولكن الصحيح أن عليه كفاره والدليل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: «يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ» رواه أَبُو دَاوُد (264)  قال الألباني رحمه الله : وهذا سند صحيح على شرط البخارى , وصححه الحاكم , ووافقه الذهبى وابن القطان وابن دقيق العيد وابن التركمانى وابن القيم وابن حجرالعسقلانى واستحسنه الإمام أحمد انظر الارواء (1/218)
قال الشوكاني وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، نيل الْأَوْطَار (1/347)
تنبيه: قيمة الدينار، بالوزن: (4.25) غراما تقريبا، فالواجب عليه أن يتصدق بهذه القيمة، أو نصفها.والله أعلم. انظر موقع الاسلام سؤال وجواب(5/374) وَهَلْ تَلْزَمُ الْمَرْأَةَ كَفَّارَةٌ؟
قال ابن قدامة في المغني (1/245) الْمَنْصُوصُ أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ 0 وَقَالَ الْقَاضِي: فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجب
قلت وهو الصحيح قال شيخنا مصطفى العدوي في احكام النساء 5/181وحتى إن صح هذا الحديث فهو خاص بالزوج ليس للمرأَة فيه شيء
--- هل ورد حديث عن النبي صل الله عليه وسلم عن وجوب تغطية الرأس عند دخول الخلاء للنساء والرجال
قال شيخنا مصطفى العدوي لم يثبت حديث عن النبي صل الله عليه وسلم في ذلك
قلت : ورد بسند ضعيف عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ غَطَّى رَأْسَهُ، وَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ غَطَّى رَأْسَهُ "رواه البيهقي في الكبرى (455)وضعفه البيهقي والألباني في الضعيفة  (4192) قلت:صح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه تغطية الرأس  عند دخول الخلاء  قال البيهقي وَرُوِيَ فِي تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ عَنْهُ صَحِيحٌ قلت : وأثر أبي بكر الصديق رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1127)
،  عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَظَلُّ حِينَ أَذْهَبُ إِلَى الْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ مُغَطِّيًّا رَأْسِي اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي»
قال ابن قدامة في المغني (1\123)
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ، أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ وَلِأَنَّهُ حَالَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَيَسْتَحْيِي فِيهَا. وَيَلْبَسُ حِذَاءَهُ؛ لِئَلَّا تَتَنَجَّسَ رِجْلَاهُ.
قال النووي في المجموع (2\ 93)
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ يستحب أن لايدخل الْخَلَاءَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا وَضَعَ كُمَّهُ عَلَى رَأْسِهِ ويستحب أن لايدخل الْخَلَاءَ حَافِيًا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي كِتَابِ الْأَقْسَامِ انتهى
سُئل فضيلة الشيخ:ابن عثيمين في مجموع فتاوى (11\ 110)
 عن حكم دخول الحمام مكشوف الرأس؟
فأجاب بقوله: دخول الحمام مكشوف الرأس لا بأس به، لكن استحب الفقهاء تغطية الرأس عند دخول الخلاء.انتهى
---ما صحة حديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ.رواه الترمذي (241) قال شيخنا مصطفى العدوي حديث ضعيف قلت : بل هو حديث حسن وحسنه الألباني
قال في مرقاة المفاتيح (3\880)
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَلَّى لِلَّهِ) أَيْ: خَالِصًا (أَرْبَعِينَ يَوْمًا) أَيْ: وَلَيْلَةً (فِي جَمَاعَةٍ) : مُتَعَلِّقٌ بِصَلَّى (يُدْرِكُ) : حَالٌ (التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى) : ظَاهِرُهَا التَّكْبِيرَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ مَعَ الْإِمَامِ، فَاحْتَمَلَ أَنْ تَشْمَلَ التَّكْبِيرَةَ التَّحْرِيمِيَّةَ لِلْمُقْتَدِي عِنْدَ لُحُوقِ الرُّكُوعِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ إِدْرَاكَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ يَتِمُّ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى. (كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ) أَيْ: خَلَاصٌ وَنَجَاةٌ مِنْهَا يُقَالُ: بَرِئَ مِنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْبِ: خَلُصَ (وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: يُؤَمِّنُهُ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْمُنَافِقِ وَيُوَفِّقُهُ لِعِلْمِ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ، وَفِي الْآخِرَةِ يُؤَمِّنُهُ مِمَّا يُعَذَّبُ بِهِ الْمُنَافِقُ وَيَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافِقٍ يَعْنِي: بِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى، وَحَالُ هَذَا بِخِلَافِهِمْ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِي عَدَدِ الْأَرْبَعِينَ سِرٌّ مَكِينٌ لِلسَّالِكِينَ نَطَقَ بِهِ كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسُنَّةُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " «مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ» " فَكَأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنَ الزَّمَانِ مِعْيَارًا لِكَمَالِهِ فِي كُلِّ شَأْنٍ كَمَا كَمُلَتْ لَهُ الْأَطْوَارُ كُلُّ طَوْرٍ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأَسْرَارِ وَدَقَائِقِ الْآثَارِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا نَقَلَهُ مِيرَكُ.
قُلْتُ: وَمِثْلُ هَذَا مَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَمَوْقُوفُهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ وَمَعَ ذَلِكَ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَرَوَى الْبَزَّارُ، وَأَبُو دَاوُدَ، خَبَرَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ وَصَفْوَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى، فَحَافِظُوا عَلَيْهَا» ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ إِدْرَاكُهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً، وَكَانَ السَّلَفُ إِذَا فَاتَتْهُمْ عَزَّوْا أَنْفُسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِذَا فَاتَتْهُمُ الْجَمَاعَةُ عَزَّوْا أَنْفُسَهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ اهـ. وَكَأَنَّهُمْ مَا فَاتَتْهُمُ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَعَزَّوْا أَنْفُسَهُمْ سَبْعِينَ يَوْمًا
---ما هي آخر وقت صلاة العشاء ؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال 0
القول الأول قالوا : آخره إلى ثلث الليل وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب مالك وبه قال الشافعي في الجديد انظر الفقه الميسر (1\274) وحجتهم
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ رواه أبو داود (393) وصححه الألباني 0
القول الثاني :قالوا آخره نصف الليل وبه قال الثوري وابن المبارك وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي والشافعي في القديم وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية انظر المغني والمحلى (2\211ومجموع الفتاوى (22\75) إلا انه عند أصحاب الرأي يجزىء بعده مع الكراهة وعند الشافعي هو وقت الاختياروإنه لا يفوته إلى الفجر ودليلهم عن عبد الله بن عمرأَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: 000  فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» رواه مسلم (612) القول الثالث قالوا : آخره طلوع الفجر الصادق ولو لغير اضطرار وهو قول الجمهور منهم عطاء وطاوس وعكرمة وداود الظاهري وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة واختاره ابن المنذر وهو الراجح والدليل : عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: 000«أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى رواه مسلم (681 قال النووي في شرح مسلم (5\187)
فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الْخَمْسِ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى وَهَذَا مُسْتَمِرٌّ عَلَى عُمُومِهِ فِي الصَّلَوَاتِ إِلَّا الصُّبْحَ فَإِنَّهَا لَا تَمْتَدُّ إِلَى الظُّهْرِ بَلْ يَخْرُجُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْح انتهى
قال شيخنا مصطفى العدوي  أما أنا فأختار رأي الجمهور القائلين بأن آخر وقت صلاة العشاء هو طلوع الفجر ذلك لحديث أبي قتادة قالوا خرج بذلك الفجر بالإجماع لأن وقته ينتهي بطلوع الشمس ويمكن توجيه حديث عبد الله بن عمر بأن المراد وقت الفضيلة انتهى
--- لو رأيت الإمام راكع وركعت هل تحسب لي ركعة
قلت : اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين
القول الأول : قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَرَكَعَ وَأَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ فَقَدْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَقَدْ فَاتَتْهُ السَّجْدَةُ أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَيَسْجُدُهُمَا هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وبن مسعود وزيد بن ثابت وبن عُمَرَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وميمون بن مهران انظر الاستذكار(1\ 63) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي ، وهو الراجح
والدليل : أولا عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ» رواه البخاري (783) ولم يأمره بقضاء الرَّكعة التي أدركَ ركوعها، دون قراءتها، ولو كان لم يدركها لكانت قد فاتته، ولأمره النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بقضائها، كما أمَرَ المسيءَ في صلاتِهِ أن يعيدَها، فلما لم يأمره بقضائها عُلِمَ أنه قد أدرك الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة، فهذا دليل من النصِّ.
والمعنى يقتضي ذلك: لأن هذا المأموم لم يدرك القيام الذي هو محلُّ القراءة، فإذا سقط القيامُ سَقَطَ الذِّكْرُ الواجبُ فيه وهو القراءة. كما يسقطُ غَسْلُ اليد إذا قُطعت مِن فوق المرفق. إنَّ فَقْدَ المحلِّ يستلزمُ سقوط الحال.انظر الشرح الممتع (3\ 299)
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» رواه أبو داود (893) وصححه الحاكم والذهبي والألباني انظر الإرواء (496) قلت : بل هو حديث حسن قالوا : هذا الحديث يدلنا على أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها
ثالثا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ رواه البخاري (580) ومسلم(607) حمل جمهور العلماء لفظ «ركعة» على أن المراد الركوع.
القول الثاني قالوا مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَواختاره بن خُزَيْمَةَ وَالضُّبَعِيُّ والبخاري وابن حزم ورجحه الشوكاني عون المعبود (3\104\107) ورجحه شيخنا محمد عبد المقصود فك الله أسره من كل شر آمين
استدلوا  أولا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا رواه البخاري (636)
قالوا : أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ لِلْأَمْرِ بِإِتْمَامِ مَا فَاتَهُ، لِأَنَّهُ فَاتَهُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ، قلت : هذا الحديث عام والأحاديث السابقة خاصة فيُحمل العام على الخاص كما هو في أصول الفقه يعني أي يتم ما فاته إلا في الركوع فمن أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة، وسقطت عنه ما فاته من قبل الركوع والله أعلم
ثانيا : عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ»
رواه البخاري (756) ومسلم (394) وجه الاستدلال: أن الحديث دل على وجوب قراءة الفاتحة والمسبوق الذي أدرك الركوع لم يقرأ الفاتحة فيجب عليه قضاءها.قلت : هذا الحديث عام والأحاديث السابقة خاصة فيُحمل العام على الخاص كما هو في أصول الفقه يعني لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ إلا في الركوع فمن أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة والله أعلم
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (12\159)
قد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين: أحدهما: لا يعتد بهذه الركعة؛ لأن قراءة الفاتحة فرض ولم يأت به، 000والقول الثاني: يعتد بها،000وهذا القول أرجح عندي؛ لحديث أبي بكرة الذي في البخاري فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقضاء الركعة، ولو كان ذلك واجبا عليه لأمره به؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، وقوله في الحديث: «زادك الله حرصا ولا تعد  » يعني لا تعد إلى الركوع دون الصف؛ لأن المسلم مأمور بالدخول مع الإمام في الصلاة على أي حال يجده عليها. ومن أدلة الجمهور أيضا على ذلك ما رواه أبو داود، وابن خزيمة، والدارقطني، والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة  ، وفي لفظ لابن خزيمة،والدارقطني، والبيهقي: «ومن أدرك ركعة في الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه  » . فهذا الحديث نص واضح الدلالة لقول الجمهور من وجوه: أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم في السجود: ولا تعدوها شيئا فإنه يفهم منه أن من أدرك الركوع يعتد به. الثاني: أن لفظ الركعة إذا ذكر مع السجود يراد به الركوع كما جاء ذلك في أحاديث، منها حديث البراء: «رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته  » الحديث، ومنها أحاديث الكسوف وقول الصحابة فيها: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات في أربع سجدات » يعنون أربع ركوعات. الوجه الثالث: قوله في رواية ابن خزيمة، والدارقطني، والبيهقي «قبل أن يقيم صلبه» نص واضح في أنه أراد بالركعة الركوع. وحديث أبي هريرة المذكور قد جاء من طريقين يشد أحدهما الآخر، وتقوم بمثلهما الحجة على ما قد تقرر في مصطلح الحديث، ويعتضد بعمل من ذكر الصلاة من الصحابة بما دل عليه. وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب صفحة (215) (مجلد 4) بعد كلام سبق ما نصه: (وهذا الذي ذكرناه - من إدراك الركعة بإدراك الركوع - هو الصواب الذي نص عليه الشافعي وقاله جماهير الأصحاب، وجماهير العلماء، وتظاهرت به الأحاديث، وأطبق عليه الناس، وفيه وجه ضعيف مزيف أنه لا يدرك الركعة حكاه صاحب التتمة عن إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة من أكبر أصحابنا الفقهاء المحدثين، وحكاه الرافعي عنه، وعن أبي بكر الصبغي من أصحابنا، وقال صاحب التتمة: هذا ليس بصحيح؛ لأن أهل الأمصار اتفقوا على الإدراك به، فخلاف من بعدهم لا يعتد به) انتهى كلامه.وقد حكى الحافظ ابن حجر في (التلخيص) عن ابن خزيمة ما يدل على موافقته للجمهور على أن الركعة تدرك بإدراك الركوع. والله أعلم.
فوائد 1- قال ابن باز : إذا أدرك المأموم الإمام راكعا أجزأته الركعة ولو لم يسبح المأموم إلا بعد رفع الإمام؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة  خرجه مسلم في صحيحه. انظر مجموع فتاوى (11\ 246)
2- سئل ابن باز رحمه الله : إذا حضر المأموم إلى الصلاة والإمام راكع هل يكبر تكبيرة الافتتاح والركوع أو يكبر ويركع؟ .
ج: الأولى والأحوط أن يكبر التكبيرتين: إحداهما: تكبيرة الإحرام، وهي ركن ولا بد أن يأتي بها وهو قائم، والثانية: تكبيرة الركوع يأتي بها حين هويه إلى الركوع فإن خاف فوت الركعة أجزأته تكبيرة الإحرام في أصح قولي العلماء؛ لأنهما عبادتان اجتمعتا في وقت واحد؛ فأجزأت الكبرى عن الصغرى، وتجزئ هذه الركعة عند أكثر العلماء انظر مجموع فتاوى (11\ 245)
3- قال النووي في المجموع (3\ 296) يَجِبُ أَنْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ قَائِمًا حَيْثُ يَجِبُ الْقِيَامُ وَكَذَا الْمَسْبُوقُ الَّذِي يُدْرِكُ الْإِمَامَ رَاكِعًا يَجِبُ أَنْ تَقَعَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِجَمِيعِ حُرُوفِهَا فِي حَالِ قِيَامِهِ فَإِنْ أَتَى بِحَرْفٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ حَالِ الْقِيَامِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ فَرْضًا بِلَا خِلَافٍ انتهى
--- ما حكم الأذان والإقامة صفة الأذان:
قلت:تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : قالوا فرض وهو قول عطاء ومجاهد وداود وابن حزم ينظر المحلى (2\ 166) ودليلهم : قوله - صلى الله عليه وسلم - لمَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ -رضي الله عنه-:  فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ رواه البخاري (628)
وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهما في حال سفرهما بالأذان، والأمر يقتضي الوجوب واستدلوا بعدة أحاديث أخرى ولكن هذه الأحاديث صرفت إلى الاستحباب كما سيأتي
قال ابن حزم في المحلى (2\163) وَلَا تُجْزِئُ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ - اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا - إلَّا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي وَقْتِهَا، أَوْ كَانَتْ مَقْضِيَّةً لِنَوْمٍ عَنْهَا أَوْ لِنِسْيَانٍ، مَتَى قُضِيَتْ، السَّفَرُ وَالْحَضَرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ، فَإِنْ صَلَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُمْ، حَاشَا الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ بِمُزْدَلِفَةَ؛ فَإِنَّهُمَا يُجْمَعَانِ بِأَذَانٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِقَامَةٍ لِلصَّلَاتَيْنِ مَعًا لِلْأَثَرِ فِي ذَلِكَ.- ثم ذكر حديث مَالِك بْن الْحُوَيْرِثِ وغيره
القول الثاني :  فرض كفاية: وهو مذهب الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الألباني  ينظر الثمرالمستطاب (1\ 202) ورجحه ابن باز وابن عثيمين واستدلوا : بالحديث السابق قالوا : الحديث دليل على أن الأذان فرض على الكفاية لأن النبي صل الله عليه وسلم أمر أن يؤذن من الجماعة واحد فقط ، ولم يأمر الجماعة كلها بالأذان 
الأذان فرض كفاية للصلاة، يجب على الجماعة في الحضر وفي السفر أن يؤذن واحد منهم ويقيم الأذان هذا هو الصواب، إنهما فرض كفاية إذا قام به واحد من الجماعة في قرية أو في سفر كفى عن الباقين ولكن ليس شرطا للصلاة، بل هما فرض كفاية خارج الصلاة، فإن فعلهما البعض فقد أحسن ويؤجر وإن تركهما أثم وصلاته صحيحة، وصحتها لا تتوقف على الأذان والإقامة لكن تعتبر ناقصة بدون أذان وبدون إقامة عمدا تكون ناقصة بدون أذان أنقص من الصلاة بأذان وإقامة فهي أكمل وأفضل، ولا يجوز للمسلم تعمد ترك الأذان والإقامة، بل الواجب أداء الأذان والإقامة من أحد الجماعة الحاضرين من أهل المدارك ظاهر العدالة، ممن يقيم الأذان مؤذن واحد منهم إذا كان بهذه الصفة بألفاظه وظاهر العدالة فإنه يعتمد عليه في الأذان، وينبغي له أن يكون معروفا بعدالة ظاهرة، وأن يكون يقيم الأذان ليؤذن في الحضر أو في السفر، أما إذا كان فردا واحدا في السفر فله أن يؤذن أيضا أما الوجوب عليه ففيه خلاف ونظر والأفضل له الأذان والسنة في حقه أن يؤذن لما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة رواه البخاري (609) فدل ذلك على الأكيد بحق الواحد أما الوجوب فلا يجب عليه وفيه خلاف ومحل نظر ولكن ينبغي ألا يدع الأذان، وإذا كانوا جماعة يجب عليهم أن يؤذنوا يؤذن واحد منهم، ويقيموا كذلك انتهى
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (28\4)وأما الفرق بين قولنا: إنه واجب وقولنا: إنه فرض كفاية فهو أن القول بالوجوب يجعل كل جماعة يلزمها التأذين إلا في المساجد العامة، وأما على القول بالفرضية على الكفاية فيسقط هذا الوجوب عند قيام بعض المصلين بهذا المأمور به، فهذا الفرق بين القول بالوجوب والقول بالكفاية انتهى
القول الثالث : قال النووي في المجموع (3\82) مَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا – أي الأذان والإقامة- سُنَّةٌ لِكُلِّ الصَّلَوَاتِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ لَا يَجِبَانِ بِحَالٍ فَإِنْ تَرَكَهُمَا صَحَّتْ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ واصحابه واسحق بْنُ رَاهْوَيْهِ وَنَقَلَهُ السَّرَخْسِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ - أي أكثر أهل العلم – ورواية عن مالك- والشافعي انتهى وهو الراجح
والدليل : 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسيئ في صلاته قال له النبي صل الله عليه وسلم «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ رواه البخاري (757) ومسلم (397) وفي رواية عند البخاري (6251) ومسلم (397) «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ قلت : أدلة إيجاب الأذان والإقامة مصروفة إلى الاستحباب بهذا الحديث لأن النبي صل الله عليه وسلم أمر المسيء في صلاته بالوضوء ، واستقبال القبلة ، وأركان الصلاة ، وواجبتها ، ولم يذكر معها الأذان ، والإقامة
قال النووي في المجموع (3\81) وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ لِكَوْنِهِمَا سُنَّةً قَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم للاعرابي المسيئ صَلَاتَهُ افْعَلْ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ انتهى
قلت : أما رواية عند الترمذي وحسنها (302) وصححها الألباني في سنن الترمذي وضعفها في الثمر المستطاب كما سيأتي  وهي أن النبي صل الله عليه وسلم قال : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تَشَهَّدْ فَأَقِمْ 000 الحديث قلت : هذه الرواية ضعيفه تفرد بها يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي ولم يوثقه غير ابن حبان وهو معروف بالتساهل وقال ابن القطان: مجهول وقال الحافظ ابن حجر في التقريب مقبول أي حديثه مقبول عند المتابعة ومردود غير مقبول عن الانفراد انتهى  وقد خالفه محمد بن عجلان ومحمد بن عمرو ومحمد بن إسحاق وداود بن قيس وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فرووه عن علي بن يحيى بن خلاد به دون قوله: " ثم تشهد فأقم " وأصْل الْحَدِيثِ فِي البخاري ومسلم عن أبي هريرة وغيره رَضِيَ اللَّهُ عَنهم كما سبق ولم يذكر الأذان والإقامة وعليه فهذه الرواية لا تصح وضعفها شيخنا مصطفى العدوي قال الألباني في الثمر المستطاب (1\ 204) ولكن في ثبوت ذلك في الحديث نظر ولو ثبت ذلك لكانت الإقامة واجبة في حق المنفرد لأمره صلى الله عليه وسلم له بها ولكنها لا تثبت لأنه تفرد بها يحيى بن علي بن يحيى وهو غير موثق بل هو مجهول فقد ذكر الذهبي في (الميزان) وساق له هذا الحديث ثم قال:(قال ابن القطان: لا يعرف إلا بهذا الخبر روى عنه إسماعيل بن جعفر وما علمت فيه ضعفا قلت: لكن فيه جهالة) هذا كلام الذهبي فالرجل إذن مجهول لا يعرف فمثله لا يثبت حديثه وقول الترمذي بعد أن ساقه: (حديث حسن) إنما يعني به أصل الحديث لا كل ما ورد فيه من الألفاظ ويدلك على ذلك أن الحديث رواه جمع من الثقات عن علي بن يحيى والد يحيى بن علي بن يحيى فلم يذكر أحد منهم الإقامة في الحديث وهم داود بن قيس ومحمد بن عجلان ومحمد بن عمرو وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن إسحاق خمستهم عن علي بن يحيى لم يذكر أحد منهم الإقامة كما ذكرنا وسيأتي تخريج طرقهم هذه في كتاب الصلاة: استقبال القبلة
ثم وجدت حديث يحيى بن علي بن يحيى هذا في (مسند الطيالسي): ثنا إسماعيل بن جعفر المدني قال: ثني يحيى بن علي بن خلاد به إلا أنه لم يذكر الإقامة فاتفقت روايته مع رواية الثقات فدل ذلك كله على عدم ثبوت هذه الزيادة في الحديث فلا يغتر أحد بورودها في الحديث مع تحسين الترمذي له ولا بسكوت الحافظ ابن حجر عليها في (فتح الباري) وهذا تحقيق لا تراه - فيما أظن - في كتاب والله تعالى هو الملهم للصواب انتهى
 2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا رواه البخاري (615) ومسلم (437) ووجه الدلالة أن النبي صل الله عليه وسلم لم يأمر بالأذان وإنما اكتفى بالحث عليه والترغيب فيه ، كما حث على الصف الأول ورغَّب فيه ، فدل على أن الأذان سنة مؤكد  
3- عَنِ الْأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، قَالَا: أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: أَصَلَّى هَؤُلَاءِ خَلْفَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: فَقُومُوا فَصَلُّوا، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ رواه مسلم (534)
فائدة : 1- قال ابن باز رحمه الله في نور على الدرب" (2/689)
 الأذان والإنسان لابس النعلين ليس فيه بأس، لا مكروه ولا حرام، بل جائز ولا بأس به، بل تصلي في النعلين فكيف الأذان؟! والرسول صلى الله عليه وسلم صَلَّى في نعليه، فإذا كان أجاز الصلاة في النعلين فالأذان من باب أولى.فالحاصل: أنه لا حرج في ذلك" انتهى.
2- يصح الأذان والإقامة بدون طهارة، والأفضل أن يكون المؤذن والمقيم على طهارة، وهكذا الصلاة صحيحة،ولو كان المؤذن والمقيم على غير طهارة، وإذا كان المؤذن والمقيم صلى على غير طهارة لزمه الإعادة كغيره من الناس. والله الموفق.من مجموع ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (10 / 338) .
3- سئل ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (1\439)
ما حكم الأذان، والإقامة في قبر الميت عند وضعه فيه؟
ج: لا ريب أن ذلك بدعة ما أنزل الله بها من سلطان؛ لأن ذلك لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم والخير كله في اتباعهم وسلوك سبيلهم كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}  الآية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد  » وفي لفظ آخر قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وقال صلى الله عليه وسلم: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة » أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
4- قال ابن حزم في المحلى (2\ 169) وَلَا أَذَانَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا إقَامَةَ؛ فَإِنْ أَذَّنَّ، وَأَقَمْنَ فَحَسَنٌ.بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَذَانِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» وَلَيْسَ النِّسَاءُ مِمَّنْ أُمِرْنَ بِذَلِكَ، فَإِذَا هُوَ قَدْ صَحَّ فَالْأَذَانُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِقَامَةُ كَذَلِكَ؛ فَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا فِعْلٌ حَسَنٌ
5- قال ابن حزم في المحلى (2\ 180) وَيُجْزِئُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ قَاعِدًا وَرَاكِبًا وَعَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَجُنُبًا، وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ -، وَأَفْضَلُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُؤَذِّنَ إلَّا قَائِمًا إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى طَهَارَةٍ؟ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، فِي الْأَذَانِ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وَغَيْرِهِمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا نَهْيٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] . فَصَحَّ أَنَّ مَا لَمْ يُفَصَّلْ لَنَا تَحْرِيمُهُ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَإِنَّمَا تَخَيَّرْنَا أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ عَلَى طَهَارَةٍ قَائِمًا إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.
--- ما هى عورة الرجل ؟
القول الأول :قالوا : أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وهو مذهب مَالِك وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ الشافعي وأَحْمَدَ انظر المجموع (3\169)
 استدلوا :1- عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ جَرْهَدٌ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا وَفَخِذِي مُنْكَشِفَةٌ فَقَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ» رواه أبو داود (4014) وصححه الألباني 0
2- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«َإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» رواه أبو داود (496) وحسنه الألباني
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (3\167) (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالسُّرَّةُ والركبة ليسا مِنْ الْعَوْرَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هُمَا مِنْ الْعَوْرَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحّ انتهىُ وقال الشيخ أبو اسحاق الحويني حدود عورة المرأة مع المرأة كحدود عورة الرجل مع الرجل من السرة إلى الركبة 0
القول الثاني : ذهب : عَطَاءٌ وَدَاوُدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الإِْصْطَخْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ رِوَايَةُ أَحْمَدَ - وابن حزم انظر الموسوعة الفقهية (32\ 56) ورجحه ابن عثيمين انظر مجموع فتاوى (12\ 266)
قالوا : أَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ مِنَ الْعَوْرَةِ.
استدلوا : 1- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاَةَ الغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رواه البخاري (371) ومسلم (1365)
قال ابن بطال في شرح البخاري (2\ 33)
احتج بحديث أنس، 000 من قال: إن الفخذ ليست بعورة؛ لأنها لو كانت عورة يجب سترها ما كشفها النبى يوم خيبر، ولا تركها مكشوفة بحضرة أبى بكر وعمر- يقصد حديث رواه مسلم ((2401))
2- عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ، قَالَ: أَخَّرَ ابْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ، فَجَاءَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الصَّامِتِ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ كُرْسِيًّا، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ صَنِيعَ ابْنُ زِيَادٍ، فَعَضَّ عَلَى شَفَتِهِ، وَضَرَبَ فَخِذِي، وَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَضَرَبَ فَخِذِي كَمَا ضَرَبْتُ فَخِذَكَ، وَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَضَرَبَ فَخِذِي كَمَا ضَرَبْتُ فَخِذَكَ، وَقَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ فَصَلِّ، وَلَا تَقُلْ إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي» رواه مسلم (648)
قال ابن حزم في المحلى (2\243)
فَلَوْ كَانَتْ الْفَخِذُ عَوْرَةً لَمَا مَسَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِي ذَرٍّ أَصْلًا بِيَدِهِ الْمُقَدَّسَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَخِذُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَوْرَةً لَمَا ضَرَبَ عَلَيْهَا بِيَدِهِ: وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَمَا يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدِهِ عَلَى ذَكَرِ إنْسَانٍ عَلَى الثِّيَابِ، وَلَا عَلَى حَلْقَةِ دُبُرِ الْإِنْسَانِ عَلَى الثِّيَابِ، وَلَا عَلَى بَدَنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى الثِّيَابِ أَلْبَتَّةَ
وقال أيضا  ابن حزم وَالْعَوْرَةُ الْمُفْتَرَضُ سَتْرُهَا عَلَى النَّاظِرِ وَفِي الصَّلَاةِ -: مِنْ الرَّجُلِ: الذَّكَرُ وَحَلْقَةُ الدُّبُرِ فَقَطْ؛ وَلَيْسَ الْفَخِذُ مِنْهُ عَوْرَةً ثم قال فَصَحَّ أَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَتْ عَوْرَةً وَلَوْ كَانَتْ عَوْرَةً لَمَا كَشَفَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُطَهَّرِ الْمَعْصُومِ مِنْ النَّاسِ فِي حَالِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ؛ وَلَا أَرَاهَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَلَا غَيْرَهُ، وَهُوَ تَعَالَى قَدْ عَصَمَهُ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي حَالِ الصِّبَا وَقَبْلَ النُّبُوَّةِ انظر المحلى (2\241)
القول الثالث : قد جمع ابن القيم بين القولين فقال رحمه الله في تهذيب السنن (11\ 36) وَطَرِيق الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْأَحَادِيث مَا ذَكَرَهُ غَيْر وَاحِد مِنْ أَصْحَاب أَحْمَد وَغَيْرهمْ أَنَّ الْعَوْرَة عَوْرَتَانِ مُخَفَّفَة وَمُغَلَّظَة فَالْمُغَلَّظَة السَّوْأَتَانِ - أي الدبر والقبل يحرم إبداؤها -وَالْمُخَفَّفَة الْفَخْذَانِ وَلَا تَنَافِي بَيْن الْأَمْر بِغَضِّ الْبَصَر عَنْ الْفَخِذَيْنِ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَة وَبَيْن كَشْفهمَا لِكَوْنِهِمَا عورة مخففة – أي يُتساهل في إبدائها بعض الأحيان - وهو مذهب ابن قتيبه وابن رشد وهو ما رجحه الالباني انظرالإرواء (1/301)  وشيخنا مصصطفى العدوي وهو الراجح 0
قال شيخنا مصطفى العدوي الأحاديث المستدل بها لكون الفخذ عورة أحاديث لا تكاد تخلو من مقال ، وعلى فرض ثبوتها فيلزم الجمع بينها وبين الأحاديث التي وردت في كشف فخذ رسول الله صل الله عليه وسلم أحيانا وكذا ما أوردناه في ثنايا ما تقدم – يقصد حديث أنس وغيره- ، فيقال وبالله التوفيق 0 إن الفخذ عورة ، لكن ليس بالعورة المغلظة التي يحرم إبداؤها مطلقا ، ولكن يتسامح في إظهارها الأحيان كما صدر من النبي صل الله عليه وسلم في بعض الأحيان 0 فتكون على هذا العورة عورتان مخففة وهي الفخذ ، ومغلظة وهي السوءتان والله تعالى أعلم 0انظر فتاوى مهمة 3\259
فوائد 1 : قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (22\ 116)
 وَإِنْ جَوَّزْنَا لِلرَّجُلِ النَّظَرَ إلَى ذَلِكَ. فَإِذَا قُلْنَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد: أَنَّ الْعَوْرَةَ السَّوْأَتَانِ وَأَنَّ الْفَخْذَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةِ فَهَذَا فِي جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَيْهَا؛ لَيْسَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَكْشُوفَ الْفَخْذَيْنِ سَوَاءٌ قِيلَ هُمَا عَوْرَةٌ أَوْ لَا. وَلَا يَطُوفَ عُرْيَانَا انتهى
2- قال البخاري حَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ – أي أصح إسنادا- وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى (12\ 266) فكأن البخاري رحمه الله يقول الأحاديث الصحيحة تدل على أن الفخذ ليس بعورة، لأنه بدا من النبي صلي الله عليه وسلم  والنبي صلي الله عليه وسلم أشد الناس حياءً، ولو كان الفخذ عورة ما كشفه الرسول عليه الصلاة والسلام 0
3- قال شيخنا مصطفى العدوي  الجمهور – أي أكثر أهل العلم - يقولون: إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل.
4- سئل شيخنا مصطفى العدوي في سلسلة التفسير (51\30)
ما هي عورة المرأة المسلمة بالنسبة للمرأة النصرانية؟ وهل المراد بالنساء في قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:31] إلى قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور:31] جنس النساء، أو المراد بالنساء نساء المؤمنين؟ الجواب
 فيه قولان لأهل العلم، والذي يترجح أن المراد جنس النساء؛ لأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دخلت عليها يهودية فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كذبت يهود) ، ثم أوحيَ إليه أن هذه الأمة تبتلى في قبورها.
ففي هذا الحديث كانت اليهودية تدخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها.فالحاصل أن عورة المسلمة بالنسبة لغير المسلمة على هذا التأويل الثاني تكون كعورتها بالنسبة لسائر النساء، وهو ما يظهر غالباً من المرأة للمرأة، والله أعلم.
--- ما حكم صلاة المرأة كاشفة القدمين
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الْأَول : قالوا جَمِيعُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وهو مذهب مالك وأحمد وابن حزم قال أحمد: المرأة تصلي ولا يرى منها شيء ولا ظفرها. انظر معالم السنن 1/179  والمحلى 2/241 ورجحه ابن باز في مجموع فتاوي10/409
واستدلوا : 1- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَارٌ؟، قَالَ: «إِذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا»،رواه أبو داود 640 قلت حديث ضعيف ضعفه أبو داود وافقه عبد الحق والحافظ ابن حجر، وقال الألباني  والحديث على كل حال لا يصح، لا مرفوعاً ولا موقوفاً؛انظر صحيح أبي داود 1/222
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ»:رواه الترمذي 1173 وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وصححه الألباني- َ
3-عن ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ جَرَّ ذَيْلَهُ خُيَلَاءَ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا. فَقَالَتْ: إذَنْ تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ»/ أخرجه الترمذي  3/47  وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وصححه الألباني َ0
قالوا فهذا يدل على وجوب تغطية القدمين 0
قال الألباني رحمه الله 0
وفي الحديث دليل على أن قدمي المرأة عورة، وأن ذلك كان أمرا معروفا عند النساء في عهد النبوة، فإنه لما قال صلى الله عليه وسلم: " جريه شبرا،قالت أم سلمة: " إذن تنكشف القدمان " مما يشعر بأنها كانت تعلم أن القدمين عورة لا يجوز كشفهما، ولذلك أمرها صلى الله عليه وسلم أن تجره ذراعا.وفي القرآن الكريم إشارة إلى هذه الحقيقة، وذلك في قوله تعالى: (ولايضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن 0 السلسلة الصحيحة 1/828
القول الثاني : وهو مذهب أَبِي حنيفة وابن تيمية انظر مجموع الفتاوى 22/114 ورجحه ابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي قالوا إنه لا يجب ستر القدمين ولا الكفين  لكن الاحتياط أولى وهو أن تستر المصلية كفيها وقدميها.
قال ابن تيمية رحمه الله 0
 الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالْقَدَمَانِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْدِيَ ذَلِكَ لِلْأَجَانِبِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ النَّسْخِ بَلْ لَا تُبْدِي إلَّا الثِّيَابَ. وَأَمَّا سَتْرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَجُوزُ لَهَا إبْدَاؤُهُمَا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. فَكَذَلِكَ الْقَدَمُ يَجُوزُ إبْدَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَقْوَى. فَإِنَّ عَائِشَةَ جَعَلَتْهُ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ، قالت: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قالت: "الْفَتْخُ" حَلَقٌ من فِضةٍ تكون في أصابع الرجْلين. رواه ابن أبي حاتم. فهذا دليلٌ على أن النساء كُنّ يُظهرن أقدامهن. أوّلاً: كما يُظهِرن الوجه واليدين، كنّ يُرخين ذُيولَهُن. فهي إذا مشت، قد يظهر قدمها. ولم يكنّ يمشين في خِفافٍ وأحذية. وتغطية هذا في الصلاة فيه حرجٌ عظيم. وأم سلمة قالت: "تصلي المرأة في ثوبٍ سابِغٍ يغطي ظهر قدميها". فهي إذا سجدت، قد يبدو باطن القدم . وَبِالْجُمْلَةِ: قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ أَنْ تَلْبَسَ الْجِلْبَابَ الَّذِي يَسْتُرُهَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا خَرَجَتْ. وَحِينَئِذٍ فَتُصَلِّي فِي بَيْتِهَا وَإِنْ رُئِيَ وَجْهُهَا وَيَدَاهَا وَقَدَمَاهَا 0 مجموع الفتاوى 22/114  
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله 0    
هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم هل كفا المرأة وقدماها عورةٌ في الصلاة أو لا وليس هناك شيء صريحٌ صحيح من السنة يبين ذلك ولكن الاحتياط أن تستر المرأة كفيها وقدميها إلا أنها لو لم تفعل وصلت فصلاتها صحيحة لأنه ليس هناك دليل على أن الكفين والقدمين عورةٌ في الصلاة. فتاوى نور على الدرب 2/8
قال شيخنا مصطفى العدوي حفظه الله 0
هذه هي الأشياء المرفوعة في الباب أولها حديث المرأة عورة وهو صحيح وهو يفيد أن المرأة تستر قدميها إذا صلت بحضرة الأجانب والثاني حديث أم سلمة وهو نص في الباب الإ أنه ضعيف فلا يشتغل به والثالث حديث ابن عمر الإ أنه لم يرد أن ذلك في الصلاة فهو عام عند خروج المرأة أو أثناء صلاتها أمام الأجانب فعلى ذلك فهناك تفصيل وهو إذا صلت المرأة أمام   الأجانب فعليها أن تستر قدميها لحديث المرأة عورة وحديث ابن عمر وإذا صلت بحضرة محارمها أو النساء المسلمات فلا يجب عليها ستره لفقدان الدليل على ذلك وإذا صلت أمام  الأجانب وانكشف قدمها فقد أخطأت وأثمت إن صنعت هذا عن عمد لكن هل تبطل صلاتها بذلك لا نعلم دليلا على بطلان صلاتها والله تعالى أَعلم 0انظر احكام النساء( 1/332)
--- كيف يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة
تنازع : العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : قالوا :الْوَضْعَ يَكُونُ تَحْتَ السُّرَّةِ وَهُوَ مذهب أَبي حَنِيفَةَ وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ انظر نيل الأوطار (2\ 219) ودليلهم : . عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَضْعُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ تَحْتَ السُّرَّةِ رواه أبو داود (756) ضعفه الألباني وقال النووي في شرح مسلم (4\115) ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ
القول الثاني : قَالَ الْجُمْهُورُ منهم الشافعية ورواية عن أحمد إلَى أَنَّ الْوَضْعَ يَكُونُ تَحْتَ صَدْرِهِ فَوْقَ سُرَّتِهِ. ينظر نيل الأوطار ودليلهم : عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُمْسِكُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الرُّسْغِ فَوْقَ السُّرَّةِ»، رواه أبو داود (757) الشيخ الألباني مره يضعفه ومره يحسنه  قلت : حتى ولو صح فهو من فعل علي رضي الله عنه وليس بمرفوع إلى النبي صل الله عليه وسلم في تحفة الأحوذي (2\79) ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَوْقَ السُّرَّةِ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ مِنَ السُّرَّةِ أَيْ عَلَى الصَّدْرِ أَوْ عِنْدَ الصَّدْرِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍوَفِي حديث هُلْب الطائي ومرسل طاؤس
القول الثالث : رواية عن أحمد أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَرْجِيحَ وَبِالتَّخْيِيرِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي بَعْضِ تَصَانِيفِهِ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ شَيْءٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ ينظر نيل الأوطار  ورجحه شيخنا مصطفى العدوي
القول الرابع : وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: الْإِرْسَالُ، وَصَارَ إلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ انظر سبل السلام (1\252)
القول الخامس : بِأَنَّ الْوَضْعَ عَلَى الصَّدْرِ وهوقول ابن عباس واختاره ابن القيم والشوكاني ينظر إعلام الموقعين (2\289) ونيل الأوطار (2\ 220) والمباركفوري ورجحه ابن عثيمين والألباني وهو الراجح والدليل : عنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ» رواه ابن خزيمه في صحيحه (479) سألت :  شيخنا طارق بن عوض الله عن هذا الحديث فقال لي ضعيف قلت : بل هو حديث حسن له شواهد وصححه ابن خزيمة  والشوكاني والمباركفوري والألباني والأعظمي
قال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي (2\80)
فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ – ابن حجر - هَذَا أَنَّ حَدِيثَ وَائِلٍ عِنْدَهُ صحيح أو حسن ثم قال رحمه الله فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ صَحِيحٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ فِي الصَّلَاةِ تَامٌّ صَحِيحٌ انتهى
قال الشيخ ابن عثيمين:
وذهب بعضُ العلماء: إلى أنه يضعها فوق السُّرة، ونصَّ الإِمام أحمد على ذلك.وذهب آخرون مِن أهل العِلم: إلى أنه يضعهما على الصَّدرِ، وهذا هو أقرب الأقوال، والوارد في ذلك فيه مقال، لكن حديث سهل بن سعد الذي في البخاري ظاهرُه يؤيِّد أنَّ الوَضْعَ يكون على الصَّدرِ، وأمثل الأحاديث الواردة على ما فيها من مقال حديث وائل بن حُجْر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يضعُهما على صدرِه) .
"الشرح الممتع" (3/36، 37)
--- ما حكم الاستعاذة في الصلاة
قلت : ذهب أكثر أهل العلم مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ اصحاب الرأى واحمد واسحق وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ على أن الاستعاذة سنه – ورجحه شيخنا مصطفى العدوي- وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَتَعَوَّذُ أَصْلًا لحديث " المسئ صَلَاتَهُ انظر المجموع (3\ 325) وقال سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَدَاود وابن حزم الاستعاذة واجبه واستدلوا :  بقوله تعالى : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] قالوا : وفي الآية أمر بالاستعاذة ، والقاعدة أن الأمر يفيد الوجوب قلت : هذه الآية فعل أمر انصرفت للاستحباب بحديث المسىء في صلاته قال له النبي صل الله عليه وسلم «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، أخرجه البخاري( 757 ) ومسلم (397) ولم يأمره بالاستعاذة فلو كانت الاستعاذة واجبه لأمره النبي صل الله عليه وسلم بها ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة  فالصحيح : أن الاستعاذة سنه 0
قال الشافعي في الأم (1\ 129)
وَإِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ عَامِدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَلَا سُجُودُ سَهْوٍ وَأَكْرَهُ لَهُ تَرْكَهُ عَامِدًا وَأُحِبُّ إذَا تَرَكَهُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ أَنْ يَقُولَهُ فِي غَيْرِهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ آمُرَهُ أَنْ يُعِيدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ رَجُلًا مَا يَكْفِيهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ» (قَالَ) : وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِتَعَوُّذٍ وَلَا افْتِتَاحٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ افْتِتَاحَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتِيَارٌ وَأَنَّ التَّعَوُّذَ مِمَّا لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ إنْ تَرَكَهُ
فوائد 1- : وَأَمَّا مَحَلُّهُ فَقَالَ الْجُمْهُورُ- وَبِذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.- هُوَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ مَعْنَاهَا إذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ فَاسْتَعِذْ وَهُوَ اللَّائِقُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ انظر المجموع (3\ 325) والمغني (1\ 343)
 قلت : الصحيح هو مذهب الجمهور والدليل  عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ اسْتَفْتَحَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ»  رواه الترمذي (242) وصححه الألباني
2- هل الاستعاذة تكون سرا أم جهرا ؟                                                                      
قلت : الصحيح لا يسن الجهر بالاستعاذة لحديث أَنَسٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]  أخرجه البخاري ( 743 ) ومسلم ( 399 )
قال النووي في المجموع (3/326) وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالتَّعَوُّذِ فِي الْجَهْرِيَّةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَجْهَرُ وَقَالَ ابْنُ لَيْلَى الْإِسْرَارُ وَالْجَهْرُ سَوَاءانتهى
3- هل الاستعاذة في كل ركعه :
قلت : للعلماء في هذه المسألة قولان ؟
القول الأول : قالوا يستعيذ في الركعة الأولى فقط وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد انظر الشرح الممتع (3/195) ورجحه ابن القيم والشوكاني وغيرهم  وأما باقي الركعات فيبدأها بقراءة الفاتحة مباشرة دون استعاذة  واستدلوا : عن أَبَي هُرَيْرَةَ، قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَمْ يَسْكُتْ» رواه مسلم (599)
قال الشوكاني في نيل الأوطار (2\313)
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ السَّكْتَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّعَوُّذِ فِيهَا وَحُكْمُ مَا بَعْدَهَا مِنْ الرَّكَعَاتِ حُكْمُهَا، فَتَكُونُ السَّكْتَةُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ مُخْتَصَّةً بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا انتهى
القول الثاني قالوا يستعيذ في كل ركعة وهو مذهب ابن حزم المحلى 2/287 ورجحه ابن حجر والألباني وحجتهم في ذلك قول الله تعالى : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]
قلت : القول الأول هو الصحيح لحديث أبي هريرة رضي الله عنه 0
سئل الشيخ ابن عثيمين هل الاستعاذة في كل ركعة أو في الأولى فقط؟
فأجاب: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في الصلاة سنة.
واختلف العلماء - رحمهم الله - هل يستعيد في كل ركعة، أم في الركعة الأولى فقط بناء على القراءة في الصلاة هل هي قراءة واحدة أم لكل ركعة قراءة منفردة والجواب: الذي يظهر لي: أن قراءة الصلاة واحدة، فتكون الاستعاذة في أول ركعة، إلا إذا حدث ما يوجب الاستعاذة، كما لو انفتح عليه باب الوساوس، فإن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر الإنسان إذا انفتح عليه باب الوساوس أن يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. فقد روى مسلم أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليَّ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً انظر مجموع فتاوى (13\110)
4- ما هي صفة الاستعاذه :
1-  (أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ انظر المجموع 3/325
قلت : ورد في ذلك حديث ولكنه ضعيف ضعفه الألباني في الإرواء (2\53) ولكن استدلوا بقوله تعالى : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]
قال ابن قدامة في المغني (1\ 343)  وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ
2- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم  مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْثِهِ، وَنَفْخِهِ رواه أحمد  (3828) مرفوعا  وصححه الألباني في الإرواء (2/57)
3- «أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ» رواه أبو داود (775) مرفوعا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وصححه الألباني
4 - (أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وهو عن الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَحَكَى صَاحِبُ الشَّامِلِ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ واحتج بقول الله تعالى : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36] انظر المجموع 3/325
  قال ابن قدامة في المغني (1\ 343) وَهَذَا كُلُّهُ وَاسِعٌ، وَكَيْفَمَا اسْتَعَاذَ فَهُوَ حَسَنٌ،
--- حكم جهر الإمام بالبسملة في الجهرية ؟
 تنازع العلماء في ذلك إلى ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : قال ابن قدامة : وَلَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَهْرَ بِهَا غَيْرُ مَسْنُونٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمَّارٍ. وَبِهِ يَقُولُ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ،وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.انتهى ورجحه الألباني انظر المغني (1\345) تمام المنة ( 1/196)
واستدلوا: 1- عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]  أخرجه البخاري ( 743 ) ومسلم ( 399 ) وأحاديث أخرى بمعنى حديث أنس 0
2- عَنْ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، أَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ إِيَّاكَ وَالحَدَثَ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَبْغَضَ إِلَيْهِ الحَدَثُ فِي الإِسْلَامِ - يَعْنِي مِنْهُ - قَالَ: " وَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَ عُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُهَا، فَلَا تَقُلْهَا، إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَقُلْ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] رواه الترمذي (244) ضعفه الألباني 0
القول الثاني : يسن الجهر بها وهو قول عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، الْجَهْرُ بِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ انظر المغني (1\ 345)
واستدلوا عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقَالَ: «آمِينَ». فَقَالَ النَّاسُ: آمِينَ وَيَقُولُ: كُلَّمَا سَجَدَ «اللَّهِ أَكْبَرُ»، وَإِذَا قَامَ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الِاثْنَتَيْنِ قَالَ: «اللَّهِ أَكْبَرُ»، وَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه النسائي (905) وضعفه الألباني قلت : الصحيح أنه حديث صحيح صححه ابن خزيمة  والحاكم  ووافقه الذهبي وصححه ابن حبان  وقال الدارقطني حديث صحيح،  وقال : البيهقي رُوَاته ثِقَات مجمع عَلَى عدالتهم مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح "..وقال : الخطيب صَحِيح وصححه النووي انظر خلاصة الأحكام (1\370) وقال شعيب الأرنؤوط في  صحيح ابن حبان  إسناد صحيح على شرط مسلم 5/100 وقال الشيخ مقبل الوادعي حسن 0
ثانيا : عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «كَانَتْ مَدًّا»، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ
البخاري (5046) ويجاب عنه: بأنه غير صريح بأنه سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، بل الثابت عنه عدم الجهر كما تقدم.
القول الثالث : وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَكَمِ أَنَّ الْجَهْرَ وَالْإِسْرَارَ سَوَاءٌ  انظر المجموع (3\342)  واختاره ابن القيم ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الصحيح  
وقد جمع ابن القيم بين المذهب الأول والثاني فقال وَكَانَ - أي النبي صل الله عليه وسلم - يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَارَةً، وَيُخْفِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجْهَرُ بِهَا)  انظر زاد المعاد (1\ 199) قلت : وهو الصحيح 0قال ابن تيميةفي مجموع الفتاوى (22\274)           وَأَمَّا الْبَسْمَلَةُ: فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يَجْهَرُ بِهَا وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ لَا يَجْهَرُ بِهَا بَلْ يَقْرَؤُهَا سِرًّا أَوْ لَا يَقْرَؤُهَا وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَجْهَرُونَ بِهَا أَكْثَرُهُمْ كَانَ يَجْهَرُ بِهَا تَارَةً وَيُخَافِتُ بِهَا أُخْرَى وَهَذَا لِأَنَّ الذِّكْرَ قَدْ يَكُونُ السُّنَّةُ الْمُخَافَتَةَ بِهِ وَيُجْهَرُ بِهِ لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ مِثْلِ تَعْلِيمِ الْمَأْمُومِينَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ جَهَرَ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّهَا سُنَّةٌ.
فائدة : قال  ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22\ 405)
وَأَمَّا التَّعَصُّبُ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا فَمِنْ شَعَائِرِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ الَّذِي نُهِينَا عَنْهَا؛ إذْ الدَّاعِي لِذَلِكَ هُوَ تَرْجِيحُ الشَّعَائِرِ الْمُفْتَرِقَةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ أَخَفِّ مَسَائِلِ الْخِلَافِ جَدًّا لَوْلَا مَا يَدْعُو إلَيْهِ الشَّيْطَانُ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الْفُرْقَةِ انتهى
--- ما حكم التسبيح في الركوع والسجود
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول :  ذهب أحمد بن حنبل -في رواية- وإسحاق وداود وابن حزم قالوا : يقول المصلِّي في ركوعه: «سبحان رَبِّي العظيم» واجب، وفي سجوده: «سبحان رَبِّي الأعلى» واجب. ينظر    المحلى (2\290) واختاره ابن تيمية في الفتاوى (22\550) ورجحه ابن عثيمين ودليلهم أولا : عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ»، فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قَالَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ رواه أبو داود (869) وضعفه الألباني
قال الخطابي قلت في هذا دلالة على وجوب التسبيح في الركوع والسجود لأنه قد اجتمع في ذلك أمر الله وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم وترتيبه في موضعه من الصلاة فتركه غير جائز ينظر معالم السنن (1\ 213) وعلى القول بالوجوب، فإن من تعمد ترك التسبيح، أو تعمد أن يقول في الركوع: سبحان ربي الأعلى، دون أن يقول: سبحان ربي العظيم، فصلاته باطلة؛ لأنه تعمد ترك واجب،
ثانيا : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: 000 فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ رواه مسلم (479)
القول الثاني : إلى أن التسبيح في الركوع والسجود سنة وليس بواجب وهو مذهب : الجمهور منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ينظر شرح مسلم نووي (2\437) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح   قال النووي : وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يأمره به ولو وجب لأمره به وقال شيخنا مصطفى العدوي والذي أذهب إليه الاستحباب لوجود صيغ متعددة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
--- النزول للسجود هل على اليدين أم الركبتين ؟
تنازع : العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : قالوا : يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وهو مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ينظر مجموع الفتاوى (22\ 449) وابن القيم ورجحه ابن باز وابن عثيمين 0
ودليلهم : عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ رواه أبو داود (838) قال الألباني في ضعيف أبي داود (1\ 333) (قلت: إسناده ضعيف، وضعفه الدارقطني وابن سيِّدِ الناس وعفان (من شيوخ أحمد) ، فقال: " حديث غريب ") انتهى قلت : بل هو حديث حسن لغيره قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وَقَالَ الْخطابِيّ: هُوَ أثبت من حَدِيث تَقْدِيم الْيَدَيْنِ وصححه الحاكم والذهبي وابن خزيمة (626) وابن حبان (1912) وحسنه الحازمي ينظر البدر المنير (3\ 656) وحسنه البغوي (642) وقواه الطحاوي واحتج به ابن القيم وابن باز وحسنه الأرنؤوط في سنن أبي داود (2\129)
ثانيا : عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ» رواه ابن خزيمة (628)
 قال ابن حجر في فتح الباري (2\291)
وَادّعى بن خُزَيْمَةَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ لَكِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ انتهى
وقال الألباني: إسناده ضعيف جدا اسماعيل بن يحيى بن سلمة متروك كما في التقريب وابنه ابراهيم ضعيف
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (11\33)
والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود هذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقدم يديه ولكن الأرجح أن يقدم ركبتيه ثم يديه لأن هذا ثبت من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه» وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه  فأشكل هذا على كثير من أهل العلم فقال بعضهم: يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه، وهذا هو الذي يخالف بروك البعير؛ لأن بروك البعير يبدأ بيديه فإذا برك المؤمن على ركبتيه فقد خالف البعير وهذا هو الموافق لحديث وائل بن حجر وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا ثم يضع يديه على الأرض ثم يضع جبهته أيضا على الأرض هذا هو المشروع فإذا رفع رفع وجهه أولا ثم يديه ثم ينهض هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي
صلى الله عليه وسلم وهو الجمع بين الحديثين، وأما قوله في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه » . فالظاهر والله أعلم أنه انقلاب كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله إنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر وما جاء في معناه انتهى
القول الثاني : مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى والأوزاعي يضع يديه قبل ركبتيه، ينظر معالم السنن (1\208) ومجموع فتاوى (22\ 449) وبه قال أحمد شاكر  والألباني0
ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ رواه أبو داود (840) قال الألباني في صحيح أبي داود (3\ 426) (قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الاشبيلي، وقوّاه ابن سَيدِ الناس، وقال النووي والزّرقاني: " إسناده جيد انتهى قال ابن حجر في البلوغ: ((وهو أقوى من حديث وائل بن حجر، فإن له شاهد من حديث ابن عمر صححه ابن خزيمة)) .
قال أحمد شاكر في " شرح الترمذي " (2 / 58 ـ 59) : " وحديث أبي هريرة نص صريح ومع هذا فإن بعض العلماء ومنهم ابن القيم حاول أن يعلله بعلةٍ غريبة فزعم أن متنه انقلب على راويه وأن صحة لفظه لعلها: " وليضع ركبتيه قبل يديه " ثم ذهب ينصر قوله ببعض الروايات الضعيفة وبأن البعير إذا برك وضع يديه قبل ركبتيه فمقتضى النهي عن التشبه به هو أن يضع الساجد ركبتيه قبل يديه. وهو رأي غير سائغ لأن النهي هو أن يسجد فينحط على الأرض بقوة وهذا يكون إذا نزل بركبتيه أولاً والبعير يفعل هذا أيضاً ولكن ركبتاه في يديه لا في رجليه وهو منصوص عليه في " لسان العرب " لا كما زعم ابن القيم " اهـ
القول الثالث : عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رِوَايَةٌ بالتخيير ينظر فتح الباري (2\291) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0
قال : شيخنا مصطفى العدوي والأمر في ذلك كله واسع لعدم ثبوت الأخبار عن رسول الله صل الله عليه وسلم  وبأي صنيع فعل المصلي فصلاته صحيحه والله أعلم انتهى  قلت : وكما علمت أن حديث أبي هريره صحيح وحديث : وائل بن حجر حسن لغيره 0
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22\ 449) أَمَّا الصَّلَاةُ بِكِلَيْهِمَا فَجَائِزَةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ الْمُصَلِّي يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فِي الْحَالَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي الْأَفْضَلِ انتهى .
فائدة : 1- من أراد الزيادة فلينظر إلى كتب نهي الصحبة عن النزول بالركبة لأبي إسحاق الحويني حفظه الله فهو ممتع 
--- هل يجلس الرجل في صلاته ، أثناء التشهد مفترشا أو متوركا ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؟
القول الأول : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ ينظر المجموع (3\450)  إلى أن المصلي يفترش في أي تشهد كان سواء التشهد في الثنائية أو التشهد الأوسط في الثلاثية أو التشهد الأوسط في الرباعية أو التشهد الأخير وحملوا ما روي بخلاف ذلك على أن النبي صل الله عليه وسلم إنما فعل خلاف ذلك لحاجة 0سيأتي ما معنى الافتراش والتورك0
ودليلهم : عن عائشة في صفة صلاة رسول الله صل الله عليه وسلم وفيه أنها قالت : 000 وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى رواه مسلم (498)
2- عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ، فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى، ثُمّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ رواه أحمد في المسند (18995) حسنه الألباني وصححه ابن حبان
القول الثاني : ذهب مالك إلى التورك في كل تشهد ينظر تحفة الأحوذي (2\154) ودليله : عن عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ» رواه مسلم (579)
القول الثالث : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَفْتَرِشُ فِي الْأَوَّلِ وَيَتَوَرَّكُ في الأخير ينظر المجموع (3\451) أي يتورك في التشهد الذي يعقبه السلام بكل حال سواء كانت الصلاة فيها تشهد واحد أو تشهدان؛
 ورجحه شيخنا مصطفى العدوي ودليلهم : قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وفيه « فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رواه البخاري (828)
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ فَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ وَبَاقِي الْأَحَادِيثِ مُطْلَقَةٌ فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى مُوَافَقَتِهِ فَمَنْ رَوَى التَّوَرُّكَ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَمَنْ رَوَى الِافْتِرَاشَ أَرَادَ الْأَوَّلَ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَا سِيَّمَا وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ وَافَقَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ينظر المجموع (3\450) 
القول الرابع : قَالَ أَحْمَدُ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ افْتَرَشَ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا افْتَرَشَ فِي الْأَوَّلِ وَتَوَرَّكَ فِي الثَّانِي ينظر المجموع (3\450) ورجحه ابن باز وابن عثيمين  وهو القول الراجح 0 والدليل :  إنْ كَانَتْ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ افْتَرَشَ 1- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَضْجَعَ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَنَصَبَ أُصْبُعَهُ لِلدُّعَاءِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى»، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُمْ مِنْ قَابِلٍ فَرَأَيْتُهُمْ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْبَرَانِس رواه النسائي (1159) وصححه الألباني قال الألباني في أصل صفة صلاة النبيصل الله عليه وسلم  (3\ 829) والحديث نص ظاهر في الافتراش في الصلاة الثنائية كصلاة الصبح ، وأحظى الناس بهذا الحديث الإمام أحمد 2- عن عائشة في صفة صلاة رسول الله صل الله عليه وسلم وفيه أنها قالت : 000 وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى رواه مسلم (498)
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغنى" (1/ 318): "جَمِيعُ جَلَسَاتِ الصَّلَاةِ لَا يُتَوَرَّكُ فِيهَا إلَّا فِي تَشَهُّدٍ ثَانٍ. لحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى , وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى). وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا يُسَلِّمُ فِيهِ وَمَا لَا يُسَلِّمُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ , وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَانِ يَقْضِيَانِ عَلَى كُلِّ تَشَهُّدٍ بِالِافْتِرَاشِ , إلَّا مَا خَرَجَ مِنْهُ، لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي , فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى قَضِيَّةِ الْأَصْلِ , وَلِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ , فَلَا يَتَوَرَّكُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ , وَهَذَا لِأَنَّ التَّشَهُّدَ الثَّانِيَ , إنَّمَا تَوَرَّكَ فِيهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ , وَمَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ , فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ " انتهى باختصار
والدليل : وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا افْتَرَشَ فِي الْأَوَّلِ وَتَوَرَّكَ فِي الثَّانِي قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وفيه فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رواه البخاري في صحيحه  (828) وقد دل هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس في التشهد الأول مفترشاً، وفي التشهد الثاني متوركاً.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 364): " ثُمَّ يَجْلِس فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ، فَأَكْثَر مُتَوَرِّكًا؛ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، فَإِنَّهُ وَصَفَ جُلُوسَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مُفْتَرِشًا، وَفِي الثَّانِي مُتَوَرِّكًا , وَهَذَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا , وَزِيَادَة يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا , وَالْمَصِيرُ إلَيْهَا , وَحِينَئِذٍ لَا يُسَنَّ التَّوَرُّكُ، إلَّا فِي صَلَاةٍ فِيهَا تَشَهُّدَانِ أَصْلِيَّانِ، فِي الْأَخِيرِ مِنْهُمَا " انتهى
سئل ابن باز رحمه الله في نور على الدرب (8\352) : هل السنة في الصلاة الثنائية الافتراش أو التورك؟
ج: السنة فيها الافتراش كالتشهد الأول، هذا هو الأفضل، والتورك يكون في التشهد الأخير من الرباعية والثلاثية في المغرب والعشاء والظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحا في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، فالسنة للمؤمن في صلاته أن يفترش بين السجدتين في التشهد الأول، ويتورك في التشهد الأخير.
سئل ابن عثيمين رحمه الله في نور على الدرب (8\2)
نعلم بأن التورك سنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني لا أتورك إلا إذا كان موضع جلوسي يسمح لي وذلك خوفاً من أن أوذي المسلمين في الجلوس أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: التورك كما قال السائل سنة لكنه في التشهد الأخير من كل صلاة فيها تشهدان فيكون في المغرب ويكون في الظهر وفي العصر وفي العشاء أما الفجر وكل صلاة ثنائية فليس بها تورك والتورك يكون في التشهد الذي يعقبه سلام فلو قدر أن أحداً من الناس دخل مع الإمام في صلاة الظهر في الركعة الثانية فإنه إذا تشهد الإمام التشهد الأخير سيبقى على هذا المسبوق ركعة فلا يتورك في هذه الحال لأن توركه وإن كان تشهداً أخيراً بالنسبة لإمامه لكنه ليس تشهداً أخيراً بالنسبة له فلا يتورك فيه مع الإمام ولكنه إذا قضى مع الإمام الصلاة تورك وللتورك ثلاث صفات:
الصفة الأولى: أن ينصب رجله اليمنى أي ينصب القدم ويظهر الرجل اليسرى من تحت الساق لتكون الرجل اليسرى عن يساره.
والصفة الثانية: أن يسدل رجله اليمنى واليسرى من الجانب الأيمن وتكون الرجل اليسرى تحت ساق الرجل اليمنى.الصفة الثالثة: أن يسدل رجليه من الجانب الأيمن وتكون الرجل اليسرى بين ساق الرجل اليمنى وفخذها. هكذا ثبت في صحيح مسلم فإذا فعل هذا مرة وهذا مرة كان خيراً وإن اقتصر على واحدة كان خيراً لكن ينبغي أن نبين قاعدة مهمة وهي أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة الأفضل فيها أن يفعلها على هذه الوجوه كلها هذه مرة وهذه مرة لفوائد ثلاث:الفائدة الأولى العمل بكل من السنتين.والفائدة الثانية أن يحفظ كلتا السنتين لأنه إذا عمل بواحدة وهجر الأخرى نسيها.الفائدة الثالثة أن هذا أقوى لاستحضار القلب لأنه إذا استمر على سنة واحدة صارت كالعادة له وعلى هذا فيكون التورك مرة بهذا ومرة بهذا أما كون الإنسان لا يتورك إذا كان في الصف لئلا يؤذي غيره فهذا حق إذا كان هناك ضيق ولم يتمكن الإنسان من التورك إلا بأذية أخيه فإنه لا يتورك وهنا يكون ترك سنة اتقاء أذية..انتهى
فائدة : سئل ابن عثيمين رحمه الله في نور على الدرب (8\2)
 إذا ترك المصلى التورك في التشهد الأخير هل يأثم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يأثم لأن التورك في التشهد الأخير في الثلاثية والرباعية سنة والافتراش في التشهد الأول وفي التشهد الأخير في صلاةٍ ليس فيها إلا تشهد واحد كذلك سنة وليس بواجب إن فعل فهو أفضل وإن لم يفعل فلا حرج
--- ما صحة حديث عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ» رواه النسائي في الكبرى (9848) قال المنذري رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح. وقال شيخنا أبو الحسن :"هو على شرط البخاري"، وابن حبان في "كتاب الصلاة"  وصححه.ينظر الترغيب والترهيب(2\258) وصححه الألباني في الصحيحة (972) وضعفه شيخنا العدوي 0
--- حكم صلاة الضحى:
اختلف أهل العلم في حكم صلاة الضحى على ستة أقوال ، أشهرها أربعة :
الأول: تستحب مطلقًا، ويستحب المواظبة عليها، وهو مذهب الجمهور ينظر المجموع (4\ 40) مِنْهُمْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  وحجتهم:
1 -عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى رواه مسلم (720)
2- عن أَبِي بُرَيْدَةَ  سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ، مَفْصِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ» قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا، وَالشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ رواه أبو داود (5242) وصححه الألباني
قال الشوكاني في نيل الأوطار (3\78) والْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى عِظَمِ فَضْلِ الضُّحَى وَكِبَرِ مَوْقِعِهَا وَتَأَكُّدِ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَأَنَّ رَكْعَتَيْهَا تُجْزِيَانِ عَنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ صَدَقَةً، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَقِيقٌ بِالْمُوَاظَبَةِ وَالْمُدَاوَمَةِ
3 -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: «صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ رواه البخاري (1178) ومسلم (721)
4- عَنِ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» رواه مسلم (748)
5- حديث مُعَاذَةُ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَمْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى؟ قَالَتْ: «أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ رواه مسلم (719)
6- عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ «يُصَلِّي الضُّحَى»
رواه النسائي في الكبرى (471) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ انظر نيل الأوطار (3\ 75)
7- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ رواه أبو داود (558) قال النووي في الأحكام (1\313)رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن أَو صَحِيح.وحسنه الألباني وصححه الأرنؤوط وَقَوْلُهُ: «لَا يُنْصِبُهُ» أَيْ: لَا يُتْعِبُهُ، وَلا يُزْعِجُهُ إِلا ذَلِكَ، وَأَصْلُهُ مِنَ النَّصَبِ، وَهُوَ مُعَانَاةُ الْمَشَقَّةِ
8- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الجَنَّةِ» رواه الترمذي (473)
وضعفه الترمذي والنووي والألباني قلت : بل هو حديث حسن
 قَالَ الْحَافِظُ:ابن حجر وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ لَكِنْ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ قَوِيَ وَصَلُحَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ ينظر فتح الباري (3\ 54) وقواه الزرقاني في شرح الموطأ (1\ 526)
9 - وأما المواظبة عليها فلقوله صلى الله عليه وسلم: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» رواه البخاري (6464) ومسلم (782) واللفظ له
قال الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 76):
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، ثم قال وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ بِإِثْبَاتِهَا قَدْ بَلَغَتْ مَبْلَغًا لَا يَقْصُرُ الْبَعْضُ مِنْهُ عَنْ اقْتِضَاءِ الِاسْتِحْبَابِ وَقَدْ جَمَعَ الْحَاكِمُ الْأَحَادِيثَ فِي إثْبَاتِهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ عَنْ نَحْوِ عِشْرِينَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَكَذَلِكَ السُّيُوطِيّ صَنَّفَ جُزْءًا فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إثْبَاتِهَا اهـ.
القول الثاني: يستحب فعلها تارة وتركها أخرى، ولا يواظب عليها: وهو رواية عن أحمد انظر زاد المعاد (1\ 342) واستدل:
1 – عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الصَّلاَةَ مَعَكَ، وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا، «فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا، وَنَضَحَ طَرَفَ الحَصِيرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الجَارُودِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا إِلَّا يَوْمَئِذ رواه البخاري (670)
2 - عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ العَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا رواه البخاري (1128) ومسلم (718)
 الثالث: لا تشرع إلا لسبب: كفوات قيام الليل ونحوه وهذا ما اختاره ابن القيم انظر زاد المعاد
واحتج القائلون به بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا بسبب، واتفق وقوعها وقت الضحى وتعدد الأسباب:
1 – قَالُوا: وَصَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ضُحًى، إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَجْلِ الْفَتْحِ، وَأَنَّ سُنَّةَ الْفَتْحِ أَنْ تُصَلَّى عِنْدَهُ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ الْأُمَرَاءُ يُسَمُّونَهَا صَلَاةَ الْفَتْحِ.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَارِيخِهِ" عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: (لَمَّا فَتَحَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحِيرَةَ، صَلَّى صَلَاةَ الْفَتْحِ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ لَمْ يُسَلِّمْ فِيهِنَّ، ثُمَّ انْصَرَفَ) قَالُوا: وَقَوْلُ أم هانئ "وَذَلِكَ ضُحًى". تُرِيدُ أَنَّ فِعْلَهُ لِهَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَ ضُحًى، لَا أَنَّ الضُّحَى اسْمٌ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ.انظر زاد المعاد (1\ 343)
2 - وَأَمَّا «قَوْلُ عائشة: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ مَغِيبِهِ» ، فَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْأُمُورِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَهَا إِنَّمَا كَانَتْ لِسَبَبٍ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» )
فَهَذَا كَانَ هَدْيُهُ، وعائشة أَخْبَرَتْ بِهَذَا وَهَذَا، وَهِيَ الْقَائِلَةُ: ( «مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الضُّحَى قَطُّ» فَالَّذِي أَثْبَتَتْهُ فِعْلُهَا بِسَبَبٍ، كَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ، وَفَتْحِهِ، وَزِيَارَتِهِ لِقَوْمٍ وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ إِتْيَانُهُ مَسْجِدَ قُبَاءٍ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ينظر زاد المعاد (1\ 344)
3- قَالُوا: وَفِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى هَذَا، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُصَلِّيهَا يَوْمًا، وَيَدَعُهَا عَشَرَةً، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّيهَا، فَإِذَا أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ، صَلَّاهَا، وَكَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ.
وَقَالَ سفيان، عَنْ منصور: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَيْهَا كَالْمَكْتُوبَةِ، وَيُصَلُّونَ وَيَدَعُونَ، قَالُوا: وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «عَنْ أنس، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ ضَخْمًا، فَقَالَ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ، فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، وَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ، وَنَضَحَ لَهُ طَرَفَ حَصِيرٍ بِمَاءٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أنس: (مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى الضُّحَى غَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
4- وَأَمَّا أَحَادِيثُ التَّرْغِيبِ فِيهَا، وَالْوَصِيَّةُ بِهَا، فَالصَّحِيحُ مِنْهَا كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وأبي ذر لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَوْصَى أَبَا هُرَيْرَةَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَخْتَارُ دَرْسَ الْحَدِيثِ بِاللَّيْلِ عَلَى الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُ بِالضُّحَى بَدَلًا مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَلِهَذَا أَمَرَهُ أَلَّا يَنَامَ حَتَّى يُوتِرَ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ أبا بكر وعمر وَسَائِرَ الصَّحَابَةِ.
قال ابن القيم: وَمَنْ تَأَمَّلَ الْأَحَادِيثَ الْمَرْفُوعَةَ وَآثَارَ الصَّحَابَةِ، وَجَدَهَا لَا تَدُلُّ إِلَّا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ  ينظر زاد المعاد (1\ 346).
وقد اختار شيخ الإسلام الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ: مَنْ كَانَ مُدَاوِمًا عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ أَغْنَاهُ عَنْ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ، وَمَنْ كَانَ يَنَامُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ فَصَلَاةُ الضُّحَى بَدَلٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ.انظر  الفتاوى الكبرى (2\ 128)
القول الرابع : قال : النووي وَثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يَرَاهَا بِدْعَةً وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَهُ دَلِيلُنَا الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ وَيُتَأَوَّلُ قَوْلُهُ بِدْعَةً علي انه لم يبلغه الاحاديث المذكورة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّ الْجَهَارَةَ فِي الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا بِدْعَةٌ وَإِنَّمَا سُنَّةُ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ انظر المجموع (4\ 40)
قال صاحب صحيح فقه السنة (1\ 424)  قلت: ولا يخفى أن القول الأول أصحُّ، لعموم الترغيب في فعل صلاة الضحى، وكونها تجزئ عن الثلاثمائة والستين صدقة التي كل إنسان، وأما ما ورد عن بعض الصحابة من إنكارها كابن مسعود وابن عمر وغيرهما فلا يقدح في المشروعية، لأن غيرهما قد أثبت مشروعيتها وكلٌّ روى ما رأى من علم حجة على من لم يعلم.
وكذلك فما ورد من تركه صلى الله عليه وسلم لها هو أو بعض أصحابه في بعض الأوقات لا ينفي مشروعيتها فإنه ليس من شرط المشروعية مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم بل هي مشروعية مرغَّب في فعلها لما تقدم في فضلها، ولذا قالت عائشة: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبِّحها، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيُفرض عليهم»  والله تعالى أعلم
وقال الصنعاني في سبل السلام عن اختلاف عائشة رضي الله عنها في صلاة الضحى (1\ 355)
فَإِنَّ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا دَائِمًا لِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ كَانَ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، وَالثَّانِيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّيهَا إلَّا فِي حَالِ مَجِيئِهِ مِنْ مَغِيبِهِ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا. بِأَنَّ كَلِمَةَ كَانَ يَفْعَلُ كَذَا لَا تَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ دَائِمًا بَلْ غَالِبًا، وَإِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ صَرَفَتْهَا عَنْهُ كَمَا هُنَا فَإِنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ صَرَفَهَا عَنْ الدَّوَامِ وَأَنَّهَا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا " لَا. إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ "نَفْيَ رُؤْيَتِهَا صَلَاةَ الضُّحَى وَأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ يَفْعَلُهَا إلَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ إخْبَارٌ عَمَّا بَلَغَهَا فِي أَنَّهُ مَا كَانَ يَتْرُكُ صَلَاةَ الضُّحَى إلَّا أَنَّهُ يُضَعِّفُ هَذَا قَوْلُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِهِ فَلَوْ قَالَ وَلَهُمَا كَانَ (عَنْهَا) أَيْ عَائِشَةَ «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَطُّ سُبْحَةَ الضُّحَى» بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْبَاءِ أَيْ نَافِلَتَهُ (وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا) فَنَفَتْ رُؤْيَتَهَا لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا وَأَخْبَرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ تَفْعَلُهَا كَأَنَّهُ اسْتِنَادٌ إلَى مَا بَلَغَهَا مِنْ الْحَثِّ عَلَيْهَا وَمِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا فَأَلْفَاظُهَا لَا تَتَعَارَضُ حِينَئِذٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا رَأَيْته سَبَّحَهَا أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يُرَجَّحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ رِوَايَةُ إثْبَاتِهَا دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ وَهِيَ رِوَايَةُ نَفْيِهَا قَالَ: وَعَدَمُ رُؤْيَةِ عَائِشَةَ لِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُقُوعِ الَّذِي أَثْبَتَهُ غَيْرُهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.قُلْت: وَمِمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي إثْبَاتِهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّهُ أَوْصَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ لَا يَتْرُكَ رَكْعَتَيْ الضُّحَى " وَفِي التَّرْغِيبِ فِي فِعْلِهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَفِي عَدَدِهَا كَذَلِكَ: مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ. انتهى
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (4\84)
وظاهر قوله: «تُسَنُّ صلاة الضُّحى» أنها سُنَّة مطلقاً.ودليل ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه  وأبي الدرداء  وأبي ذَرٍّ  أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أوصاهم بصلاة ركعتين في الضُّحى، قال أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي صلّى الله عليه وسلّم بثلاثٍ: ركعتي الضُّحى، وأن أوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة أيَّام من كلِّ شهر» .فظاهر هذا أنَّها سُنَّة مطلقاً في كُلِّ يوم.وذهبَ بعض أهل العلم: إلى أنها ليست بسُنَّة؛ لأن أحاديث كثيرة وردت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه كان لا يصلِّيها  .وفصَّلَ بعضُهم فقال: أمَّا مَن كان مِن عادته قيامُ الليل؛ فإنه لا يُسَنُّ له أن يُصلِّيَ الضُّحى، وأمَّا مَن لم تكن له عادة في صلاة الليل فإنها سُنَّة في حَقِّهِ مطلقاً كلَّ يوم.والقول الرابع: أنها سُنَّةٌ غيرُ راتبة، يعني: يفعلها أحياناً وأحياناً لا يفعلها.والأظهر: أنها سُنَّة مطلقة دائماً، فقد ثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «يُصبِحُ على كُلِّ سُلامى مِن أحدِكُم صَدَقةٌ ... » الحديث  .وقد صَحَّ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «أنَّ الله خلق ابنَ آدم على ستين وثلثمائة مفصل» .والسُّلامى: هي العظام المنفصل بعضها عن بعض. فيكون على كُلِّ واحد من النَّاس كُلَّ يومٍ ثلاثمائة وستون صدقة، ولكن هذه الصدقة ليست صدقة مال، بل كُل ما يُقَرِّبُ إلى الله؛ لقول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «فكُلُّ تسبيحةٍ صَدقةٌ، وكُلُّ تحميدةٍ صَدقةٌ، وكُلُّ تهليلةٍ صَدقةٌ، وكُلُّ تكبيرةٍ صَدقةٌ، وأمرٌ بمعروف صَدقةٌ، ونَهيٌ عن مُنكرٍ صَدقةٌ، ويجزىء مِن ذلك ركعتان يركَعُهُما مِن الضُّحى» وبناءً على هذا الحديث نقول: إنه يُسَنُّ أن يُصلِّيهما دائماً؛ لأن أكثر النَّاس لا يستطيعون أن يأتوا بهذه الصَّدقات التي تبلغ ثلاثمائة وستين صدقة. انتهى
فوائد : 1-وقت صلاة الضحى:
يبتدئ وقتها من بعد ارتفاع الشمس وانتهاء وقت الكراهة إلى قبيل زوالها ما لم يدخل وقت النهي عند الجمهور (1) قلت: وعليه فيبتدئ بعد قُرابة ربع ساعة من طلوع الشمس.
وأفضل وقتها: أن تؤخر إلى أن يشتد الحر، لحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الأوَّابين حين تَرْمِضُ الفصال»  وَقَوْلُهُ: تَرْمَضُ الْفِصَالُ أَيْ: يَشْتَدُّ حَرُّ النَّهَارِ، فَتَجِدُ الْفِصَالُ حَرَارَةَ الرَّمْضَاءِ. انظر زاد المعاد (1\ 336) وهذا يكون قبيل الزوال بدقائق وَالْفِصَالُ جَمْعُ فَصِيلٍ: وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِفَصْلِهِ عَنْ أُمِّهِ.
2-قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله  
أقلُّ صلاة الضُّحى ركعتان، لأن الرَّكعتين أقلُّ ما يُشرع في الصَّلوات غير الوِتر، فلا يُسَنُّ للإنسان أن يتطوَّع برَكعة، ولا يُشرع له ذلك إلا في الوِتر، ولهذا قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم للرَّجُل الذي دخل وهو يخطب يوم الجُمُعة: «قُمْ فصَلِّ رَكعتين، وتَجَوَّزْ فيهما ولو كان يُشرع شيءٌ أقلُّ من ركعتين؛ لأمره به مِن أجل أنْ يستمع للخُطبة، ولهذا أمره النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يتجوَّز في الرَّكعتين.ودليلُ ذلك أيضاً: حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: أوصاني خليلي صلّى الله عليه وسلّم بثلاثٍ: «صيامُ ثلاثة أيام مِن كُلِّ شهر، وركعتي الضُّحى، وأنْ أوتِرَ قبل أن أنام.والصَّحيحُ: أنَّ التطوُّع بركعة لا يصحُّ، وإنْ كان بعضُ أهل العلم قال: إنه يصحُّ أنْ يتطوَّعَ بركعة، لكنه قولٌ ضعيف كما سبق.ينظر الشرح الممتع (4\84)
3- قال ابن عثيمين رحمه الله قوله: «وأجر صلاة قاعد على نصف أجر صلاة قائم» أي: تصحُّ صلاة القاعد لكنها على النِّصف مِن أجر صلاة القائم، والمراد هنا في النَّفل، ولهذا ساقها المؤلِّفُ رحمه الله في صلاة التطوُّع.أما الفريضة؛ فصلاةُ القاعدِ القادرِ على القيام ليس فيها أجر؛ لأنها صلاة باطلة، لأنَّ مِن أركان الصَّلاة في الفريضة القيام مع القدرة.وقوله: «أجر صلاة قاعد» مراده إذا كان قاعداً بلا عُذر، أما إذا كان قاعداً لعُذر، وكان من عادته أن يُصلِّي قائماً، فإنَّ له الأجر كاملاً لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ؛ كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيماً صحيحاً» وهذه مِن نِعَمِ الله التي تستوجب على العاقل أن يُكثر من النَّوافل ما دام في حال الصِّحَّة؛ لأن جميع النَّوافل التي يعملها في صحَّته إذا مَرِضَ وعَجِزَ عنها كُتبتْ له كاملة كأنه يفعلها.أما إذا كان لغير عُذر فهو على النِّصفِ مِن أَجْرِ صلاة القائم، فإذا كان أَجْرُ صلاة القائم عشرَ حسناتٍ، كان لهذا القاعد خمسُ حسناتٍ، ووَرَدَ في الحديث أنَّ أجْرَ صلاةِ المُضْطجعِ على النِّصفِ من أجْرِ صلاةِ القاعد لكن هذا الشَّطر مِن الحديث لم يأخذ به جمهورُ العلماء، ولم يروا صِحَّة صلاة المضطجع إلا إذا كان معذوراً.وذهب بعضُ العلماء: إلى الأخذ بالحديث. وقالوا: يجوز أنْ يتنفلَ وهو مضطجع، لكن أجره على النصف من أجر صلاة القاعد، فيكون على الرُّبع مِن أجر صلاة القائم.ـ وهذا قولٌ قويٌّ؛ لأن الحديث في «صحيح البخاري» ، ولأنَّ فيه تنشيطاً على صلاة النَّفل؛ لأن الإنسان أحياناً يكون كسلاناً وهو قادر على أنْ يُصلِّي قاعداً؛ لكن معه شيء مِن الكسل؛ فيُحِبُّ أنْ يُصلِّي وهو مضطجعٍ، فمن أجل أنْ ننشِّطَهُ على العمل الصَّالح نَفْلاً نقول: صَلِّ مضطجعاً، وليس لك إلا رُبع صلاة القائم، ونصف صلاة القاعد، ولهذا رَخَّصَ العلماءُ في صلاة النَّفل أن يشرب الماء اليسير من أجل تسهيل التطوُّع عليه، والتطوُّع أوسع من الفرض.ينظر الشرح الممتع (4\80)
--- ما عدد ركعات صلاة  الضحي ؟---
تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
 القول الأول : أكثرها اثنتا عشرة ركعة: وهو مذهب الحنفية ووجه مرجوح عند الشافعية ورواية عن أحمد، انظر صحيح فقه السنة (1\425) ودليلهم  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الجَنَّةِ» رواه الترمذي (473)
وضعفه الترمذي والنووي والألباني قلت : بل هو حديث حسن
 قَالَ الْحَافِظُ:ابن حجر وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ لَكِنْ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ قَوِيَ وَصَلُحَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ ينظر فتح الباري (3\ 54) وقواه الزرقاني في شرح الموطأ (1\ 526)
القول الثاني قالوا : أكثرها ثمان ركعات وهو مذهب أكثر أهل العلم منهم  مالك والشافعي وأحمد انظر الفقه الميسر لأختنا أم تميم (1\157)
ودليلهم :  عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ»
رواه البخاري (1103) ومسلم (336) قالوا أن هذا أكثر ما ورد من فعله صل الله عليه وسلم والأصل في العبادة التوقف  (43) .
القول الثالث وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْهُمْ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ وأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْحَلِيمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا حَدّ لِأَكْثَرِهَا ينظر فتح الباري (3\54) ورجحه ابن باز وابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي وهو الصحيح والدليل :  عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ رواه مسلم (719)
 قال ابن عثيمين رحمه الله والصَّحيح: أنه لا حَدَّ لأكثرها؛ لأنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي الضُّحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله» أخرجه مسلم  ، ولم تُقَيِّد، ولو صَلَّى مِن ارتفاع الشَّمس قيدَ رُمْحٍ إلى قبيل الزوَّال أربعين ركعة مثلاً؛ لكان هذا كلّه داخلاً في صلاة الضُّحى ينظر الشرح الممتع (4\85)
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (11\ 401)
صلاة الضحى سنة مؤكدة فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرشد إليها أصحابه وأقلها ركعتان، فإذا حافظت على ركعتين فقد أديت الضحى، وإن صليت أربعا أو ستا أو ثمانا أو أكثر من ذلك فلا بأس على حسب التيسير، وليس فيها حد محدود ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى اثنتين وصلى أربعا وصلاها يوم الفتح ثمان ركعات يوم فتح الله عليه مكة، فالأمر في هذا واسع.
وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله  » . وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام  .
وفي الصحيحين عن أم هانئ - رضي الله عنها -: «أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم فتح مكة الضحى ثمان
ركعات  فمن صلى ثمانيا أو عشرا أو اثنتي عشرة أو أكثر من ذلك أو أقل فلا بأس؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى  فالسنة أن يصلي الإنسان اثنتين اثنتين يسلم لكل اثنتين، وأقل ذلك ركعتان من الضحى بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها عند الظهر هذا كله ضحى، والأفضل أن تصلى حين يشتد الضحى وحين تحتر الشمس؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال  رواه مسلم في صحيحه والمعنى حين تحتر الأرض على أولاد الإبل.فلو صليتها يوما وتركتها يوما فلا بأس، ولكن الأفضل المداومة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل. فالمداومة أفضل.
ومن ترك سنة الضحى دائما أو بعض الأيام فلا حرج
والحمد لله؛ لأنها نافلة غير واجبة.
ثم السنة أن تقرئي مع الفاتحة ما تيسر من السور أو الآيات، وليس في هذا حد محدود؛ لأن الواجب الفاتحة فما زاد فهو سنة، فإذا قرأت معها " والشمس وضحاها " أو " الليل إذا يغشى " أو " والضحى " أو " ألم نشرح " أو " والتين " أو " اقرأ " أو غير ذلك من السور فلا بأس، أو قرأت آيات معدودات أو آية واحدة بعد الفاتحة فكله طيب، وكله حسن والحمد لله. وفق الله الجميع.
--- ما صحة حديث صلاة التسابيح ؟
قلت : والحديث هو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: " يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّاهُ، أَلَا أُعْطِيكَ، أَلَا أَمْنَحُكَ، أَلَا أَحْبُوكَ، أَلَا أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ، إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ: أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ، قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ  رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً " رواه أبو داود (1297)
قلت هذا الحديث مختلف فيه ضعفه أحمد وقيل رجع عن تضعيفه والترمذي وابن العربي وابن تيمية ينظر صحيح فقه السنة (1\ 428) والصحيح قلت الصحيح أنه حديث حسن لغيره قال : الألباني في صحيح أبي داود (5\ 40) (قلت: حديث صحيح، وقد قوَّاه جماعة من الأئمة، منهم أبو بكر الأجُرِّي وابن منده وأبو محمد عبد الرحيم المصري وأبو الحسن المقدسي والمنذري وابن الصلاح) انتهى وقال ابن المبارك: صلاة التسبيح مرغب فيها، يستحب أن يعتادها في كل حين ولا يتغافل عنها وقوى الحديث مسلم وأبوداود والحاكم والبيهقي وابن حجر وأحمد شاكر ينظر صحيح فقه السنة (1\ 428) وقال الارنؤوط حسن لغيره وحسنه شيخنا مصطفى العدوي
قوله: "ألا أحبوك" أي: أعطيك
--- إذا سمعت الحائض الآية فيها السجدة فلا نعلم مانعا لها من السجود بل يجوز لها أن تسجد فالوضوء ليس شرطا لسجدة التلاوة فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالإِنْسُ»  رواه البخاري (1071)ويبعد أن يكون الجميع على وضوء حينئذ 0وبنحو هذا القول قال الزهري وقتادة ورجحه شيخنا مصطفى العدوي 0
قال الشوكاني رحمه الله: لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ أَنْ يَكُونَ السَّاجِدُ مُتَوَضِّئًا وَقَدْ كَانَ يَسْجُدُ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ حَضَرَ تِلَاوَتَهُ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْوُضُوءِ، وَيَبْعُد أَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا مُتَوَضِّئِينَ. وَأَيْضًا قَدْ كَانَ يَسْجُدُ مَعَهُ الْمُشْرِكُونَ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُمْ أَنْجَاسٌ لَا يَصِحُّ وُضُوؤُهُمْ.... وَأَمَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَقِيلَ: إنَّهُ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا.نيل الأوطار( 3\125)
--- هل يصح حديث دخول المسجد باليمين والخروج منه بالشمال ؟
قال : شيخنا مصطفى العدوي الحديث الوارد في ذلك سنده ضعيف 0
قلت : بل ثبت بسند حسن عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ، يَقُولُ: «مِنَ السُّنَّةِ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُمْنَى، وَإِذَا خَرَجْتَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُسْرَى» . أخرجه الحاكم 1/218 وقال الحاكم «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ووافقه الذهبي قلت : وهو ليس على شرط مسلم  قال ابن حجر في التهذيب لكنه أي حديثه عند مسلم في الشواهد انتهى قلت : الصحيح أنه  حديث حسن كما قال الألباني في الصحيحه (2478  ) قلت : فيه راوي اسمه شداد بن سعيد وثقه أحمد وابن معين وأبو خيثمة والنسائي وقال الدارقطني: " يعتبر به ". وقال الحاكم أبو أحمد: " ليس بالقوي عندهم وضعفه عبد الصمد بن عبد الوارث انظر تهذيب التهذيب وقال الحافظ في التقريب صدوق يخطيء
قال ابن حجر في فتح الباري (1\523)
الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ انتهى
قلت : والدليل أيضا على  دخول المسجد باليمين والخروج منه بالشمال 0
قال البخاري بَابُ التَّيَمُّنِ فِي دُخُولِ المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ ثم ذكر حديث عائشة عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وعن أبيها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ» رواه البخاري (426) مسلم (268)
قال النووي عن حديث عائشة في شرح مسلم (3\160)
هذه قاعدة مستمرة فى الشرع وهى انما كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّشْرِيفِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالسِّوَاكِ وَالِاكْتِحَالِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَهُوَ مَشْطُهُ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَالسَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَسْلِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُصَافَحَةِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِيهِ وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ وَذَلِكَ كُلَّهُ بِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا
--- هل مرور المرأة الحائض أمام المصلى هل يبطل صلاته 
قلت اختلف العلماء في ذلك على قولين ؛
القول الأول :قالوا مرور المرأة أمام الرجل يقطع صلاته  : وهو روايه عن أحمد ومذهب ابن حزم وغيرهما انظر المحلى (4/8) ورجحه ابن القيم ، واستدلوا عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْحِمَارُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ» قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الْأَحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الْأَصْفَرِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ رواه مسلم (510)
 وقد وردت أحاديث أخرى بمعنى هذا الحديث
القول الثاني : ذهب جمهور أهل العلم إلى أن مرور المرأة أمام الرجل لا يقطع الصلاة  روى ذلك عن عثمان، وعلى، وحذيفة، وابن عمر، ومن التابعين: الشعبى، وعروة، وهو قول مالك، والثورى، وأبى حنيفة، والشافعى، وأبى ثور، وجماعة، انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال ( 2/141) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي 0
وقد احتج جمهور أهل العلم على أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة بما ثبت في الحديث عَنْ عَائِشَةَ  رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلاَيَ، فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا»، قَالَتْ: وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ رواه البخاري (382) ومسلم (512)
ثانيا : وكذلك احتجوا بما جاء في رواية أخرى عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ، وَاللَّهِ «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ، فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ» رواه البخاري (514) ومسلم.(512)
قالوا فلو كانت تقطع صلاته ما استمرَّ في صلاته.
ثالثا : عَنْ أَنَسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ فَمَرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حِمَارٌ , فَقَالَ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ , فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «مَنِ الْمُسَبِّحُ آنِفًا سُبْحَانَ اللَّهِ؟» , قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ أَنَّ الْحِمَارَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ , قَالَ:  «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في السنن (1380) وقال الحافظ في " الدراية "
(ص 104) :" إسناده حسن وصححه أحمد شاكر في تعليقه على " الترمذي "(2/164- 166) ، وعلى " المحلى " (4/13- 15)
وقال الهيثمي ِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.محمع الزوائد 2/62
وضعفه الألباني ولكن الصحيح انه حديث حسن بشواهده
قالوا بأنَّ حديث (يَقْطَعُ صَلَاتَهُ …) منسوخ بهذا الحديث انظر التمهيد [21/ 168].وقال بعض العلماء عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ نَقْصُ الصَّلَاةِ لِشُغْلِ الْقَلْبِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَالَهَا
رابعا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً، قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاَةَ عَلَيَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا، فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: رَبِّ {هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}  فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا رواه البخاري 1210 ومسلم  وجه الاستشهاد  أن الشيطان مر  أمام رسول الله ولم يقطع صلاته فكذلك الكلب الاسود لا يقطع الصلاة فهو شيطان  أيضا ومن ثم المرأة والحمار للاقتران الوارد في الحديث والله  أَعلم انظر أَحكام النساء لشيخنا العدوي 5/111
قال ابن عبد البر في التمهيد 2/345
وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَوْ كَانَ خِنْزِيرًا وَإِنَّمَا يَقْطَعُهَا مَا يُفْسِدُهَا مِنَ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ - مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ
--- هل تسقط صلاة الجمعة عن المسافر ؟
تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : قالوا : المسافر ليس عليه صلاة جمعة ولو سمع النداء ولكن يصليها ظهرا ركعتين قال صاحب المغني (2\250) وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. قَالَهُ مَالِكٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ – وأحمد-انتهى ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0
والدليل : أولا : عَنِ ابْنِ عُمَرَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  «لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ» رواه الدارقطني (1582) وصححه الألباني وله شواهد انظر الإرواء (3\61)
ثانيا : قالوا : قد ثبت فى حديث جابر الطويل فى صفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: " حتى أتى عرفة ... فصلى الظهر , ثم أقام فصلى العصر رواه مسلم (1218) وقد كان ذلك يوم جمعة كما فى البخاري (45) ومسلم (3017)
قال ابن المنذر في الأوسط (4\20)
وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي إِسْقَاطِ الْجُمُعَةِ عَنِ الْمُسَافِرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَرَّ بِهِ فِي أَسْفَارِهِ جُمَعٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ جَمَعَ وَهُوَ مُسَافِرٌ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِعَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى أَنَّ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَيَّنُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ بِكِتَابِهِ، فَسَقَطَتِ الْجُمُعَةُ عَنِ الْمُسَافِرِ  اسْتِدْلَالًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى
القول الثاني : قالوا بوجوب الجمعة على من سمع النداء ولو كان مسافرا وهو مذهب الأوزاعي والزهري وابن حزم (3\252).
ودليلهم عموم قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] قلت : هذا الاستدلال مردود بالأدلة المخصصة للعمومات السابقة 0
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (5\10)
المسافر لا جمعة عليه، ودليل ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم في أسفاره لم يكن يصلي الجمعة، مع أن معه الجمع الغفير، وإنما يصلي ظهراً مقصورة انتهى
--- هل صح حديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ»رواه الحاكم فى " المستدرك " (2/368) وصححه قلت : وقع فيه خلاف في رفعه أي إلى النبي صل الله عليه وسلم ووقفه والراجح الوقف أي من كلام أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وليس من كلام النبي صل الله عليه وسلم وهو ما رجحه النسائي والدارقطني والطبراني والبيهقي وابن القيم والذهبي وابن كثير
 وشيخنا مصطفى العدوي قلت :  مثل هذا ما يقال بالرأي فيكون له حكم الرفع والألباني رحمه الله مره يرجح الرفع كما في الترغيب (736) ومره يرجح الوقف كما في الصحيحة (6\ 314) قال الألباني  في الإرواء (3\ 94)
ثم هو وإن كان موقوفا , فله حكم المرفوع ; لأنه مما لا يقال بالرأى كما هو ظاهر وبعض أهل العلم منهم الشيخ أبو إسحاق الحويني قال أن الصحيح موقوفا وبدون تحديد يوم الجمعة فيتحقق الفضل في أي يوم من أيام الإسبوع قلت : الصحيح ما ذكرته
قال ابن باز في نور على الدرب (13\ 292) هذه السورة ينصح بقراءتها يوم الجمعة؛ لأن فيها أحاديث فيها ضعف، ولكن ثبت عن بعض الصحابة أنه كان يقرؤها، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ويروى عن ابن عمر، وهذا يدل على أن لها أصلا، فإن الصحابي لما واظب عليها دل على أنه عنده علم من ذلك فأفضل قراءتها يوم الجمعة.
` قال شيخنا مصطفى العدوي الخبر الوارد عن النبي صل الله عليه وسلم ضعيف لكن ورد عن أبي سعيد من قوله ليس بمرفوع إلى النبي وقال بعض أهل العلم هذا لا يقال من قبيل الرأي  وليس بمتلقى من الإسرائيليات فلهذا
ذهب جمهور العلماء – أي أكثر أهل العلم - إلى استحباب قراءتها يوم الجمعة والله أعلم     
--- ما حكم اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد
فللعلماء فيمن صلى العيد يومئذ  ثلاثة أقوال
القول الاول الرخصة لأهل البر والبوادي في ترك الجمعة ويصلونها ظهرًا.
وهو قول الشافعي، ورواية عن مالك. انظر عقد الجواهر (1/ 244).
وحجة هذا القول عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: (أيها الناس، إنّ هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحبّ أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحبّ أن يرجع فقد أذنت له)  رواه البخاري (5572).
قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار 3/ 187
أَنَّ الْمُرَادِينَ بِالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ هُمْ أَهْلُ الْعَوَالِي الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ لَيْسَتِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَاجِبَةً ; لِأَنَّهُمْ فِي غَيْرِ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَار, وَالْجُمُعَةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِِ 187الدليل الثاني: ما روي عن عمر بن عبد العزيز قَالَ: " اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ فَلْيَجْلِسْ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ ". رواه البيهقي في الكبرى 6290 والحديث مرسل ضعيف جدا ،
القول الثاني: أنّ الجمعة واجبة على كل من صلى العيد.
وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن مالك، واختيار ابن حزم، وابن المنذر، وابن عبد البر. المحلى (5/ 89)، الأوسط (4/ 291)، التمهيد (10/ 277).ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  وهؤلاء العلماء يرون أن عموم الأدلة التي أوجبت الجمعة منها قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الْجُمُعَة: 9] ، قالوا ولم يخص عيدًا من غيره، فوجب أن يحمل على العموم. قالوا وما ورد من أحاديث وآثار في المسألة لا يصح تخصيصها للعموم عندهم لما فيها من مقال.
القول الثالث: تسقط عنه الجمعة: لكن يستحب للإمام أن يقيمها ليشهدها من شاء ومن لم يصلِّ العيد، وهو قول الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مروي عن عمر وعثمان وعليٍّ وابن عمر وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم. مجموع الفتاوى (24/ 213).والمغني 2/ 265 ورجحه ابن باز وابن عثيمين
ودليلهم  عن إياس بن أبي رملة قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخَّص في الجمعة، قال: «من شاء أن يصلي فليصلِّ»  أخرجه أبو داود (1070) وصححه الألباني
2 - ما رُوى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمِّعون»أخرجه أبو داود (1073) وصححه الألباني
3- عن عطاء قال: «صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج، فصلينا وحدنا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا له ذلك، فقال: «أصاب السنة» أخرجه أبو داود (1071)،وصححه الألباني
4-عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: اجتمع عيدان في عهد عليٍّ فصلى بهم العيد ثم خطب على راحلته، فقال: «أيها الناس، من شهد منكم العيد فقد قضى جمعته إن شاء الله» وفي رواية: «من أراد أن يجمع فليجمع ومن أراد أن يجلس فليجلس [قال سفيان: يعني: يجلس في بيته]» سنده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 7)
قلت الصحيح هو القول الثالث ان الجمعة تسقط عمن صلى العيد  لِلْأَحَادِيث المتقدمة الصحيحة وعدم ورود ما يخالفه. وَمَا احْتَجُّوا بِهِ مَخْصُوصٌ بالأدلة السابقة، والله أعلم
َسُئِلَ  ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (24/ 210 - 211)
عَنْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي الْعِيدِ إذَا وَافَقَ الْجُمُعَةَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ وَلَا يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ؛ وَقَالَ الْآخَرُ: يُصَلِّيهَا. فَمَا الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، إذَا اجْتَمَعَ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ. كَمَا تَجِبُ سَائِرُ الْجُمَعِ للعمومات الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ. وَالثَّانِي: تَسْقُطُ عَنْ أَهْلِ الْبِرِّ مِثْلَ أَهْلِ الْعَوَالِي وَالشَّوَاذِّ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عفان أَرْخَصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ. وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ: كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ. وَأَصْحَابُ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اجْتَمَعَ فِي يَوْمِهِ عِيدَانِ صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ وَفِي لَفْظٍ أَنَّهُ قَالَ: {أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ قَدْ أَصَبْتُمْ خَيْرًا فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ فَلْيَشْهَدْ فَإِنَّا مُجْمِعُونَ} . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ الْعِيدَ حَصَلَ مَقْصُودُ الِاجْتِمَاعِ ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي وَقْتِهَا وَالْعِيدُ يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْجُمُعَةِ. وَفِي إيجَابِهَا عَلَى النَّاسِ تَضْيِيقٌ عَلَيْهِمْ وَتَكْدِيرٌ لِمَقْصُودِ عِيدِهِمْ وَمَا سُنَّ لَهُمْ مِنْ السُّرُورِ فِيهِ وَالِانْبِسَاطِ. فَإِذَا حُبِسُوا عَنْ ذَلِكَ عَادَ الْعِيدُ عَلَى مَقْصُودِهِ بِالْإِبْطَالِ وَلِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدٌ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ عِيدٌ وَمِنْ شَأْنِ الشَّارِعِ إذَا اجْتَمَعَ عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَدْخَلَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى. كَمَا يُدْخِلُ الْوُضُوءَ فِي الْغُسْلِ وَأَحَدَ الْغُسْلَيْنِ فِي الْآخَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.انتهى
وفي اللجنة الدائمة 7/ 119
وبناء على هذه الأحاديث المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى هذه الآثار الموقوفة عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وعلى ما قرره جمهور أهل العلم في فقهها، فإن اللجنة تبين الأحكام الآتية:
1- من حضر صلاة العيد فيرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها ظهرا في وقت الظهر، وإن أخذ بالعزيمة فصلى مع الناس الجمعة فهو أفضل.
2- من لم يحضر صلاة العيد فلا تشمله الرخصة، ولذا فلا يسقط عنه وجوب الجمعة، فيجب عليه السعي إلى المسجد لصلاة الجمعة، فإن لم يوجد عدد تنعقد به صلاة الجمعة صلاها ظهرا.
3- يجب على إمام مسجد الجمعة إقامة صلاة الجمعة ذلك اليوم ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد إن حضر العدد الذي تنعقد به صلاة الجمعة، وإلا فتصلى ظهرا.
4- من حضر صلاة العيد وترخص بعدم حضور الجمعة فإنه يصليها ظهرا بعد دخول وقت الظهر.
5- لا يشرع في هذا الوقت الأذان إلا في المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة فلا يشرع الأذان لصلاة الظهر ذلك اليوم.
6- القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غير صحيح، ولذا هجره العلماء وحكموا بخطئه وغرابته؛ لمخالفته السنة وإسقاطه فريضة من فرائض الله بلا دليل، ولعل قائله لم يبلغه ما في المسألة من السنن والآثار التي رخصت لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور صلاة الجمعة، وأنه يجب عليه صلاتها ظهرا والله تعالى أعلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
تنبيهات :
1- فأما الإمام فلم تسقط عنه لقول النبي صلى الله عليه و سلم [وإنا مجمعون] وعن النعمان بن بشير المتقدم في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في العيدين والجمعة بالأعلى والغاشية، قال: «وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين»رواه مسلم رواه مسلم (878)
 ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه بخلاف غيره من الناس. المغني - (ج 2 / ص 212)
2- من صلى العيد وتخلَّف عن الجمعة فهل يلزمه الظهر؟
قَالَ عَطَاءٌ: اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ، وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: «عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ»، فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً، لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ
أخرجه عن عطاء أبو داود (1072). وصححه الألباني
قال الشوكاني ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ، وَفِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا سَقَطَتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُسَوِّغَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ.وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ الْأَصْلُ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي افْتَرَضَهُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هُوَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَإِيجَابُ صَلَاةِ الظُّهْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا أَعْلَمْ.«نيل الأوطار» (3/ 336).
قلت: القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غير صحيح، فلا أعلم أن أحدًا من الصحابة وافقه عليه، على أنه قد جاء عن عطاء -نفسه- قال: «اجتمع عيدان في عهد ابن الزبير فصلى بهم العيد، ثم صلى بهم الجمعة صلاة الظهر أربعًا». إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (5842).
سئل فضيلة الشيخ ـابن عثيمين  رحمه الله تعالى ـ في مجموع الفتاوى:1031: من المعلوم أنه
إذا وفق العيد يوم الجمعة سقطت الجمعة عمن صلى العيد،
فهل تجب الظهر أم أنها تسقط كلية؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصواب في ذلك أنه يجب عليه إما صلاة الجمعة
مع الإمام، لأن الإمام سوف يقيم الجمعة، وإما صلاة الظهر؛ لأن عموم
قوله تعالى: {أَقِمِ الصلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ
إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (يعني لزوالها) {إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ
وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} يتناول يوم العيد
الذي وافق يوم الجمعة. وعلى هذا فيجب على المرء إذا صلى مع الإمام يوم العيد الذي وافق يوم الجمعة، يجب عليه إما أن يحضر إلى الجمعة التي يقيمها الإمام، وإما أن يصلي صلاة الظهر، إذ لا دليل
على سقوط صلاة الظهر، والله تعالى يقول: {أَقِمِ الصلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ اِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}
والظهر فرض الوقت وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«وقت الظهر إذا زالت الشمس»." اهـ
وانظر كلام اللجنة الدائمة السابق 
--- هل يجب على المرأة تغطية شعرها عند قراءة القرآن كما في الصلاة ؟
قال :  شيخنا مصطفى العدوي لا تجب لها ذلك إذ لا دليل على ذلك
قال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب (2/5)
 يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وشعرها مكشوف وذراعاها مكشوفتان وكذلك القدمان لأنه لا يشترط لقراءة القرآن ما يشترط في الصلاة من السترة.انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين أيضا وسجود التلاوة يكون حال قراءتها للقرآن، لا بأس بالسجود على أي حال ولو مع كشف الرأس ونحوها لأن هذه السجدة ليس لها حكم الصلاة " الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 1/249.
--- أناما صحة حديث عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ حَسَنَةً» رواه الطبراني في مسند الشاميين (2155)
قال شيخنا : حديث ضعيف قلت : بل هو حديث حسن كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 210) والألباني في صحيح الجامع(6026)
--- ما حكم النعي
أولا : ما معنى النعي هو أن يبعث من ينادي في الناس ومساجدهم ونواديهم ألا أن فلانا قد مات فاشهدوا جنازته ومن ذلك أيضا ما يحصل في الصحف والفضائيات وغير ذلك  
ثانيا :
ما حكم النعي
قلت : فيه خلاف بين أهل العلم
القول الاول  : ذهب جماعة من أهل العلم إلى عدم الإخبار بموت الميت خشية أن يكون ذلك من النعي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 قال البيهقي وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ - يَعْنِي النَّهْيَ عن النعي - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ , وَأَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ عَنْ عَلْقَمَةَ , وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ , وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ 4/ 123
واستدلوا  أولا : عن عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ، فَإِنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَالنَّعْيُ: أَذَانٌ بِالمَيِّتِ، رواه الترمذي 984  وأجيب بأنه حديث ضعيف ضعفه الألباني
ثانيا : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ: «إِذَا مِتُّ فَلَا تُؤْذِنُوا بِي، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ» رواه الترمذي 986 وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وحسنه  الألباني  
وأجيب عن هذا الحديث بأنه محمول على النعي الذي كانت الجاهلية تفعله. جَمْعًا بَيْنَ الأَحَادِيثِ.الآتية
قال النووي في "شرح مسلم" )7/21)
" فِيهِ: اِسْتِحْبَاب الإِعْلام بِالْمَيِّتِ لا عَلَى صُورَة نَعْي الْجَاهِلِيَّة , بَلْ مُجَرَّد إِعْلَام للصَّلَاة عَلَيْهِ وَتَشْيِيعه وَقَضَاء حَقّه فِي ذَلِكَ , وَاَلَّذِي جَاءَ مِنْ النَّهْي عَنْ النَّعْي لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ هَذَا , وَإِنَّمَا الْمُرَاد نَعْي الْجَاهِلِيَّة الْمُشْتَمِل عَلَى ذِكْر الْمَفَاخِر وَغَيْرهَا " انتهى.
القول الثاني قالوا : أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالنَّعِيِّ وهوعَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد
انظر المجموع 5/216 وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي هَذَا؛ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ.انظر المغني(2/425 ) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي
 واستدلوا أولا : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا»
رواه البخاري( 1245 )ومسلم(951)
وهذا الحديث ظاهر في إباحة الإعلام بالموت لأجل الصلاة، بل هو دال على الاستحباب، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته.
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: «أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا» البخاري 458 ومسلم956
ثالثا  عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَى زَيْدًا، وَجَعْفَرًا، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ، فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ»"رواه البخاري (3757).
ففي هذا الحديث نعى النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم، ولم يكن ذلك النعي لأجل الصلاة عليهم إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم وما جرى لهم في تلك الوقعة. وعليه فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح كالدعاء له وتحليله وما أشبه ذلك نهاية المحتاج (3/ 20).
قال النووي في المجموع (5/216)
 (وَالصَّحِيحُ) الذى تقتضيه الاحاديث الصحيحة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ الْإِعْلَامَ بِمَوْتِهِ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ إنْ قُصِدَ بِهِ الْإِخْبَارُ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذِكْرُ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ وَالتَّطْوَافِ بَيْنَ النَّاسِ يذكره بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهَذَا نَعِيُّ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَقَدْ صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ بِالْإِعْلَامِ فَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهَا وَبِهَذَا الْجَوَابِ أَجَابَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ المحققين والله اعلم
قَالَ بن الْعَرَبِيِّ :
يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى إِعْلَامُ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ فَهَذَا سُنَّةٌ الثَّانِيَةُ دَعْوَةُ الْحَفْلِ لِلْمُفَاخَرَةِ فَهَذِهِ تُكْرَهُ الثَّالِثَةُ الْإِعْلَامُ بِنَوْعٍ آخَرَ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يَحْرُمُ انظر فتح الباري 3/117 قلت وهو الصحيح
ثالثا : هل يجوز إعلان وفاة شخص باستخدام مكبرات الصوت في المساجد، وهل يعتبر هذا من النعي المحرم، ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي  في فتاوى مهمة 3/96
أَمَّا عن النعي في المساجد فلا أرى مانعا منه ثم إنه تعاون على البر والتقوى وأيضا فهنالك من الْأَخْبار ما يشهد لذلك منها
أثر إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ لِي: «مِمَّنْ أَنْتَ؟» قُلْتُ: مِنْ مُزَيْنَةَ قَالَ: «إِنِّي لَأَذْكُرُ يَوْمَ نَعْيِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النُّعْمَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ» أَخرجه ابن أبي شيبة 33909 في المصنف بسند صحيح إِلي سعيد بن المسيب ومن أهل العلم من يتكلم في سماع سعيد بن المسيب من عمر ، ولكن مثل هذا الأثر ينبغي أن يستثنى من الخلاف
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ،-يعني قتل - ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ،
00 فذكر الحديث البخاري( 2798) ومسلم( 1878)
والغالب أن الخطبة تكون في المسجد وقد وردت رواية فيها التصريح بأن ذلك كان على المنبر لكن في سندها مقال وإن كان أصل الحديث يشهد لها
وفي قصة موت رسول الله صل الله عليه وسلم أن أبا بكر نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها 000 الحديث وفيه ثم خرج على الناس فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ وهذا يغلب على الظن أنه كان في المسجد البخاري 1241 وخاصة مع وجود رواية في سندها مقال عند ابن ماجه ولفظها فقام أبو بكر فصعد المنبر عند ابن ماجة 1718 بسند ضعيف
وعند الْإِمام أحمد من حديث أبي قتادة رضي الله قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ، فجَعْفَرٌ. بن أبي طالب فذكر الحديث وفيه ثم إِن رسول الله صل الله عليه وسلم صعد المنبر وأَمر أن ينادي الصلاة جامعة فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي إِنَّهُمْ انْطَلَقُوا حَتَّى لَقُوا الْعَدُوَّ، فَأُصِيبَ زَيْدٌ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ» فذكر الحديث أحمد في مسنده 5/299 من طريق الاسود بن شيبان عن خالد بن سمير وفي النفس شىء من تفرد خالد بن سمير /قلت عمرو صححه الألبانيفي فقه السيرة 365 /368 - قال شيخنا فعلى ذلك فلا مانع من  الإعلان عن موت شخص ما في المسجد كي يشهد الناس الصلاة عليه وحتى ترد الحقوق إِلَي أَهْلِه أو من كانت له حقوق أخذها انتهى
وفي فتاوى يسألونك (13/ 99)
وينبغي أن يعلم أن استعمال مكبرات الصوت في المساجد للإعلان عن وفاة الميت، إنما هو استخدام لوسيلة حديثة لإخبار الناس عن وفاة الشخص، وهذا أمر جائز لا بأس به ما دام الهدف منه هو مجرد الإخبار فقط، وهذا من النعي الجائز شرعاً، والنعي ليس كله محرم، وإنما المحرم نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المآثر والمفاخر، وعلى هذا يحمل النهي الوارد عن النعي كما في الحديث عن حذيفة رضي الله عنه قال: (إذا متُّ فلا تؤذنوا بي، إني أخاف أن يكون نعياً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي)
---ما صحة حديث 0عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَمَنْ كَفَّنَ مَيِّتًا كَسَاهُ اللَّهُ مِنَ السُّنْدُسِ، وَإِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ حَفَرَ لِمَيِّتٍ قَبْرًا فَأَجَنَّهُ فِيهِ أُجْرِيَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أُسْكِنَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه الحاكم (1\354) وصححه الحاكم والذهبي والألباني وقال المنذري في الترغيب (4/ 174): رواه الطبراني في الكبير، ورواته محتج بهم في الصحيح".وقال الهيثمي في المجمع (3/ 21):  رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر في الدراية (1/ 230): "إسناده قوي".
تنبيه : في رواية : «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً،... )
قال الألباني رحمه الله تعالى شاذ بلفظ: كبيرة انظر الضعيفة (6781)
شرح الحديث ؟
قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (89\7)
بيان ما يستحب لمن يغسل ميتاً
قال الإمام النووي رحمه الله: [باب الكف عما يرى في الميت من مكروه].أي: إذا توفي إنسان واطلعت منه على شيء مكروه فلا تفضحه بهذا الذي اطلعت عليه، وفي ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم منها حديث أبي رافع واسمه أسلم وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: كان عبداً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم- فيقول صلى الله عليه وسلم في حديثه: (من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة).فهذا الحديث العظيم فيه أن الذي يغسل الأموات له أجر عظيم، ولكن بشرط أن يكتم عنه، أما أن يحكي ويقول مثلاً: كنا نغسل الميت وكانت ريحته سيئة جداً، أو الميت له أكثر من يوم وريحته صارت كريهة، أو الميت ينزل دماً، أو الميت كان فيه غائط، أو بول، أو كان فيه كذا ويفضح هذا الإنسان فلا يستحق ذلك الأجر.ولذا فعليك أن لا تفضحه، بل استر عليه، فكما أنك تحب أن يستر عليك الناس في حياتك ومماتك فكذلك استر عن أخيك ولك هذا الأجر العظيم عند الله، بأن يغفر الله لك أربعين مرة، وهذا من كرم الله وفضله سبحانه وتعالى.ولكن من أثني عليه شراً، أليست فضيحة لهذا الإنسان؟! الفرق هنا بين أن تغسل ميتاً فترى شيئاً من الأشياء العادية التي ترى من أي إنسان كأن يخرج منه ريح، أو بول، أو غائط، أو دم كثير، أو أنه يتعب الناس في تغسيله، بأن كان ثقيل الجثة، فثقل أن يقلبوه ويعدلوه، أو يحدث أشياء في أثناء التغسيل لعلها تضايق من يقف ويغسل فيها، فتكتم هذه الأشياء وتسترها ولا تحكيها بين الناس، أما الإنسان الذي يكون شريراً، كأن سب دين الله عز وجل، ثم جاءت سيارة وصدمته فمات، فهذا إنسان يستحق أن يفضح بذلك؛ حتى يكون عبرة للخلق، أو يكون قد استهان بالمصحف فقصمه الله وفعل به كذا، فهذا يستحق أيضاً أن يفضح حتى يكون على ألسنة الناس، فيثنوا عليه شراً.
إذاً: التحديث بما يحدث للظلمة من انتقام الله عز وجل وكسره إياهم جائز، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة ذلك.
ولكن عندما يرد الأمر بذكر محاسن الموتى، فهذا يراد به الإنسان المؤمن، أو الإنسان الذي ستر نفسه ولم يفضحها، أما الفاسق صاحب المعاصي الذي يموت على ذلك، فيحذر الناس من عمله، كأن نجد رجلاً يرقص ويشرب الخمر والحشيش بالليل ثم يصبح ميتاً، فهذا يخبر الناس عنه؛ حتى يتعظوا من هذه النهاية الأليمة الذي حصلت لهذا الإنسان فلا يفعلون فعله.إذاً: هنا فرق بين أن تستر على ميت بأشياء عادية تحدث منه ومن غيره ولكنها قد تكون شيئاً من الأذى، بحيث أنه يتأذى بها الحي أن يذكر عن ميته، فهذا شيء، وأن يكون الميت إنساناً مجرماً ظالماً فاسقاً كافراً يعصي الله عز وجل، ويحارب دين الله سبحانه، فيجعله الله عبرة حتى يتحدث الناس بآية من آيات الله عز وجل نزلت به فهذا شيء آخر وهو جائز.وليس الأجر العظيم مقصوراً على تغسيل الميت فقط، ولكن الحديث طويل رواه الإمام الحاكم والبيهقي من حديث أبي رافع وصححه الحاكم والذهبي، وكذلك الشيخ الألباني رحمة الله على الجميع.وفيه: (من غسل مسلماً فكتم عليه غفر الله أربعين مرة، ومن حفر له فأجنه) أجنه أي: أخفاه وواراه بمعنى: دفنه، قال: (جرى عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة)، فالمقبرة التي تجعلها للناس كلما دفن فيها شخص كان لك أجر ذلك، وكأنك أجرت له منزلاً إلى يوم القيامة، والأجر عند الله عز وجل ولا يتحول إليك إلا يوم القيامة.قال صلى الله عليه وسلم: (ومن حفر له فأجنه) أي: دفنه في القبر وستره بالتراب، (جرى عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة).قال: (ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس وإستبرق الجنة) أي: من كفن ميتاً كساه الله سبحانه وتعالى من سندس وإستبرق الجنة، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى.وانظر عندما يكون الناس يوم القيامة عرايا حيث يقومون من قبورهم حفاة عراة غرلاً، فإذا بالله يكسو هذا الإنسان في يوم تعرى فيه الخلق؛ لكونه كفن إنساناً مؤمناً توفي.انتهى
--- الصلاة على الغائب:
للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
الأول: أنه تجوز الصلاة على الغائب وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ انظر زاد المعاد (1\ 500)
قال ابن حزم في المحلى (3\399)
وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ بِإِمَامٍ وَجَمَاعَةٍ.
قَدْ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّجَاشِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ - وَصَلَّى مَعَهُ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ صُفُوفًا» ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ؟
وقال أيضا (3\362)
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ فَقَدْ جَاءَ بِهِ نَصٌّ قَاطِعٌ، أَغْنَى عَنْ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ تَجِبُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» عُمُومٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَائِبُ وَالْحَاضِرُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِهِ أَحَدُهُمَا، بَلْ فَرْضٌ فِي كُلِّ مُسْلِمٍ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَهِيَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ نَدْبٌ.- ثم ذكر ابن حزم أحاديث صلاة النبي صل الله عليه وسلم على النجاشي رضي الله عنه -
ثم قال : وَمَنَعَ مِنْ هَذَا: مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَادَّعَى أَصْحَابُهُمَا الْخُصُوصَ لِلنَّجَاشِيِّ، وَهَذِهِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ بِلَا بُرْهَانٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.فَإِنْ قَالُوا: هَلْ فَعَلَ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْنَا لَهُمْ: وَهَلْ جَاءَ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ زَجَرَ عَنْ هَذَا أَوْ أَنْكَرَهُ؟ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ تَعَالَى: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]
القول الثاني: وَقَالَ أبو حنيفة، ومالك: هَذَا خَاصٌّ بِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، قَالَ أَصْحَابُهُمَا: وَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ رُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى صَلَاتَهُ عَلَى الْحَاضِرِ الْمُشَاهَدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ مِنَ الْبُعْدِ، وَالصَّحَابَةُ وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ، فَهُمْ تَابِعُونَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ. قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا، أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى كُلِّ الْغَائِبِينَ غَيْرَهُ، وَتَرْكُهُ سُنَّةٌ، كَمَا أَنَّ فِعْلَهُ سُنَّةٌ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ يُعَايِنَ سَرِيرَ الْمَيِّتِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ، وَيُرْفَعُ لَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى لَى معاوية بن معاوية الليثي وَهُوَ غَائِبٌ، قال ابن القيم وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ العلاء بن زيد، ويقال ابن زيدل، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ محبوب بن هلال، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أنس. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ.انظر زاد المعاد (1\ 501) وَأَمَّا قَوْلُهُمْ رُفِعَ لَهُ سَرِيرُهُ 000فَجَوَابُهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالى لقادر عليه وأن محمدا لَأَهْلٌ لِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ وَإِنَّمَا ذكره الواحدي عن بن عَبَّاسٍ بِلَا سَنَدٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلِذَا قال بن الْعَرَبِيِّ وَلَا تُحَدِّثُوا إِلَّا بِالثَّابِتَاتِ وَدَعُوا الضِّعَافَ انظر عون المعبود (9\9)
القول الثالث: وفيه تفصيل أنه تجوز الصلاة على الغائب الذي مات في أرض لم يُصلِّ عليه فيها أحد، وإن صلى عليه حيث مات لم يُصلَّ عليه صلاة الغائب لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه
وهو قول : الْخَطَّابِي وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ وَتَرْجَمَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ فَقَالَ: بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي بَلَدٍ وشيخ الإسلام ابن تيمية انظر نيل الأوطار (4\62)، واختاره العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-ورجحه شيخنا مصطفلى العدوي وهو الراجح
والدليل : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالَ: «صَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ» قَالُوا: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: «النَّجَاشِيُّ رواه ابن ماجه (1537) وصححه الألباني
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ: الصَّوَابُ أَنَّ الْغَائِبَ إِنْ مَاتَ بِبَلَدٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فِيهِ، صُلِّيَ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْغَائِبِ، كَمَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّجَاشِيِّ، لِأَنَّهُ مَاتَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ حَيْثُ مَاتَ، لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ بِصَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى الْغَائِبِ، وَتَرَكَهُ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سُنَّةٌ، وَهَذَا لَهُ مَوْضِعٌ، وَهَذَا لَهُ مَوْضِعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ فِي مَذْهَبِ أحمد، وَأَصَحُّهَا: هَذَا التَّفْصِيلُ، انظر زاد المعاد (1\501)
قال الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز (1\93)
ومما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يصل أحد من المسلمين عليهم صلاة الغائب. ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم.انتهى
--- االصلاة على قاتل نفسه:
للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يصلى عليه وهو مذهب عمر بن عبد العزيز، والأوزاعي انظر شرح مسلم نووي (7\47) وحجتهم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ رواه مسلم (978)
قَوْلُهُ: (بِمَشَاقِصَ) جَمْعُ مِشْقَصٍ كَمِنْبَرٍ: نَصْلٌ عَرِيضٌ أَوْ سَهْمٌ فِيهِ ذَلِكَ، وَالنَّصْلُ الطَّوِيلُ أَوْ سَهْمٌ فِيهِ ذَلِكَ يُرْمَى بِهِ الْوَحْشُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ.
القول الثاني: وَقَالَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ زَجْرًا لِلنَّاسِ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَهَذَا كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ زَجْرًا لَهُمْ عَنِ التَّسَاهُلِ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَعَنْ إِهْمَالِ وَفَائِهِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ قَالَ الْقَاضِي مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَحْدُودٍ وَمَرْجُومٍ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ وولد الزنى انظر شرح مسلم (7\47) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  وفي نيل الأوطار (4\58)وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ زَجْرًا لِلنَّاسِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا عِنْدَ النَّسَائِيّ بِلَفْظِ: " أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ " وَأَيْضًا مُجَرَّدُ التَّرْكِ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ الْمُدَّعَاةِ.
القول الثالث: وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَى قَاتِلِ النَّفْسِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ) انظر تحفة الأحوذي (4\152) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
وهو الراجح.والدليل  عَنْ ابْنِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ رواه النسائي (1964) وصححه الألباني
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (24\290)
فَيَجُوزُ لِعُمُومِ النَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَئِمَّةُ الدِّينِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ، فَإِذَا تَرَكُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ زَجْرًا لِغَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا حَقٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
--- هل من قتل نفسه كافر ؟
قلت : لا ليس بكافر والدليل : عَنْ جَابِرٍ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنْعَةٍ؟ - قَالَ: حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي ذَخَرَ اللهُ لِلْأَنْصَارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ، فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ، فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ رواه مسلم (116) قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (2\ 131) أَمَّا أَحْكَامُ الْحَدِيثِ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِقَاعِدَةٍ عظيمة لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً غَيْرَهَا وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا يُقْطَعُ لَهُ بِالنَّارِ بَلْ هُوَ فِي حُكْمِ الْمَشِيئَةِ 000 وَفِيهِ إِثْبَاتُ عُقُوبَةِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي فَإِنَّ هَذَا عُوقِبَ فِي يَدَيْهِ فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَضُرُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ولكن كيف نجمع ذلك مع الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا رواه البخاري (5778) ومسلم (109)
 الجواب : إذا انتحر وقد استحل الانتحار مات كافرًا؛ لأنه أحل ما حرم الله، فيكون في حكم من أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة.
والله أعلم.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (5\352)
مسألة: ما الجواب عن قوله صلّى الله عليه وسلّم فيمن قتل نفسه: «خالداً مخلداً فيها أبداً» .الجواب: هذا الحديث نظير الآية من بعض الوجوه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا *} [النساء] ، وقد أجاب العلماء عن هذا بأجوبة كثيرة منها:أن هذا فيمن كان مستحلاً للقتل، وعرض هذا الجواب على الإمام أحمد فضحك وقال: سبحان الله، إذا استحل القتل فهو كافر سواء قتل أو لم يقتل.ومنهم من قال: إنه على شرط، أي هذا جزاؤه إن جازاه الله.ومنهم من قال: إن هذا سبب، والسبب قد وجد فيه مانع وهو الإيمان.ومنهم من قال: إن هذا على ظاهره أن من فعل هذا فإنه يختم له بسوء الخاتمة فإن تاب تاب الله عليه، ويؤيده قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً»  ، وهذا والذي قبله أحسن الأجوبة.
وقال العلامة  بن باز:في مجموع فتاوى (30\ 303 )
فإن الخلود خلودان: خلود لا نهاية له، وهذا هو خلود الكفار نعوذ بالله، لا يخرجون منها أبدا كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} سورة البقرة (167) ، ويقول عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} المائدة (37)، نسأل الله العافية.
الخلود الثاني: خلود مؤقت، له نهاية، وهو خلود بعض العصاة، كالقاتل لنفسه والزاني والمرابي ونحو ذلك، كما سمعتم في قوله جل وعلا في قراءة هذه الليلة: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} ثم قال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} الفرقان (68)  {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} الفرقان (69) .
فالخلود هنا يشمل المشرك والقاتل والزاني، فالمشرك خلوده دائم. نسأل الله العافية، والقاتل والزاني خلودهما مؤقت،
إذا كانا لم يستحلا القتل، والزنا، وهو خلود له نهاية..
--- هل يرفع يديه في صلاة الجنازة في أول تكبيرة فقط أم في كل تكبيرة
قلت : أولا رَفْعِ الْأَيْدِي فِي تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي كِتَابَيْهِ الْأَشْرَافِ وَالْإِجْمَاعِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ينظر المجموع (5\ 232)
ثانيا : هل يرفع يديه في صلاة الجنازة في أول تكبيرة فقط أم في كل تكبيرة
قال شيخنا مصطفى العدوي الأمر واسع فبأي الرأيين أخذ فلا حرج
: تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟ قلت
القول الأول : وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مَقَامُ رَكْعَةٍ، وَلَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ.ينظر المغني (2\366) وهو مذهب ابن حزم واختاره الألباني ودليلهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، وَوَضَعَ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى.رواه  الترمذي (1077) حسنه الألباني وقال الترمذي  هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ قلت:/ يعني ضعيف، وهو حديث ضعيف  فيه  يزيد بن سنان، أبو فروة ضعفه أحمد وغيره  قال الحافظ ابن حجر ولا يصح فيه شىء انظرنيل الأطار 4/77
وضعف هذا الحديث الدارقطني والْعُقَيْلِيّ وابن القطان والنووي والشوكاني وابن حجر والمباركفوري وقال الألباني حديث أبي هريرة له شاهد عن ابن عباس وهو
ثانيا : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لَا يَعُودُ» رواه الدارقطني (1832) قلت :هذا الشاهد منكر  فيه الْفَضْل بْن السَّكَن ضعفه الدارقطني وغيره وخالفه إبراهيم بن موسى الفراء فرواه عن ابن عباس موقوفا عليه  رواه عبد الرزاق في مصنفه، (6362).بسند منقطع وإبراهيم بن موسى الفراء الذي خالف الفضل في هذا الحديث ثقة حافظ، كما في تهذيب التهذيب (1/ 148).
وأيضا الدليل على أن هذا الشاهد منكر: قد صح عن ابن عباس موقوفا عليه مخالف لهذا الحديث قال الحافظ ابن حجر وَلَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِ الجنازة رواه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. ينظر التلخيص (2\333) قلت : أي في كل تكبيرة فهذا الشاهد لا يقوي حديث أبي هريرة السابق والله أعلم فإذن هذا القول استدل بحديث ضعيف
قال ابن حزم في المحلى (3\351)
 وَأَمَّا رَفْعُ الْأَيْدِي فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَفَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ تَكْبِيرِ الْجِنَازَةِ إلَّا فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ فَقَطْ،- قلت : عمرو قد علمت ضعف الحديث في ذلك - فَلَا يَجُوزُ فِعْلُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ، وَإِنَّمَا جَاءَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعٌ وَلَا خَفْضٌ؟ وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: بِرَفْعِ الْأَيْدِي فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْعِهِ مِنْ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –انتهى
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (4\77)
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي غَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى شَيْءٌ يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَفْعَالُ الصَّحَابَةِ وَأَقْوَالُهُمْ لَا حُجَّةَ فِيهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى الرَّفْعِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِي غَيْرِهَا إلَّا عِنْدَ الِانْتِفَالِ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا انْتِقَالَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ.
القول الثاني : يرفع يديه في جميع التكبيرات وبه قال أكثر أهل العلم منهم ابْنُ عُمَرَ وعمر بن عبد العزيز وعطاء وسالم والزهرى وقيس ابن أبى حازم والاوزاعي – وابن المبارك - والشافعي وأحمد واسحق – وروايه عن مالك - وداود واختاره بن الْمُنْذِرِ ينظر المجموع (5\ 232) وسنن الترمذي . (1077) ورجحه ابن باز وهو الراجح والدليل :
أولا :  عموم حديث عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ
 رواه أحمد في المسند (18849) وحسنه الألباني في الإرواء (2\ 36) وصححه شعيب الأرنؤوط في مسند أحمد 
قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ.انظر المغني (2\ 283)
ثانيا : عن ابن عمر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَإِذَا انْصَرَفَ سَلَّمَ رواه  الدارقطني في علله (2776) قلت : هذا الحديث جيد كما قال ابن باز  وضعفه ابن حجر والألباني في الضعيفة (1045 ) وشيخنا مصطفى العدوي ورجحوا وقفه وأيضا رجح الدارقطني في العلل وقفه، عن ابن عمر  لأنه لم يرفعه سوى عُمَر بْنِ شَيْبَة. والأظهر عدم الالتفات إلى هذه العلة، لأن عمر المذكور ثقة وثقه الدارقطني وابن حبان والخطيب وغيرهم انظر التهذيب  وقال ابن حجر في التقريب صدوق وقال الذهبي في أعلام النبلاء ثقه   فيقبل رفعه، لأن ذلك زيادة من ثقة، وهي مقبولة على الراجح عند علماء الحديث، كما في أصول الحديث فالقول الصحيح هو القول الثاني يرفع يديه في جميع التكبيرات والله أعلم)
قال العلامة ابن عثيمين في مجموع فتاوى (17\ 112)
وأما رفع اليدين في تكبيرة صلاة الجنازة فالصحيح أنه يكون في كل التكبيرات، لأنه صح عن ابن عمر موقوفاً، وروي أيضاً مرفوعاً، وقد صحح رفعه جماعة من أهل العلم، فالصواب أن اليدين ترفعان في كل تكبيرة.انتهى
وقال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (13\ 148)
السنة رفع اليدين مع التكبيرات الأربع كلها؛ لما ثبت عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يرفعان مع التكبيرات كلها، ورواه الدارقطني مرفوعا من حديث ابن عمر بسند جيد.انتهى
فوائد : 1- قال ابن باز في مجموع فتاوى (13\ 149)
السنة لمن فاته بعض تكبيرات الجنازة أن يقضي ذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فامشوا إليها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا  ، وصفة القضاء: أن يعتبر ما أدركه هو أول صلاته وما يقضيه هو آخرها لقوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» ، فإذا أدرك الإمام في التكبيرة الثالثة كبر وقرأ الفاتحة، وإذا كبر الإمام الرابعة كبر بعده وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سلم الإمام كبر المأموم المسبوق، ودعا للميت دعاء موجزا، ثم يكبر الرابعة ويسلم، وفق الله الجميع لما يرضيه.انتهى قلت : روى ذلك عن سعيد بن المسيب، وعطاء، والنخعي، والزهري، وابن سيرين، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وابن حزم
2- هل يُشرع الاستفتاح في صلاة الجنازة؟
ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يشرع الاستفتاح في صلاة الجنازة،
قال النووي في المجموع (5\234)
(وَأَمَّا) دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْكِتَابِ وَذَكَرَهُمَا طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ مَعَ الْمُصَنِّفِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَرْكُهُ وَبِهَذَا قَطَعَ جُمْهُورُ الْمُصَنِّفِينَ انتهى
قال ابن قدامة في المغني(2\362)  وَلَا يُسَنُّ الِاسْتِفْتَاحُ. قَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعْت أَحْمَدَ يُسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك؟ قَالَ: مَا سَمِعْت قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسْتَفْتَحَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَمْ نَجِدْهُ فِي كُتُبِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مِثْلُ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ لِأَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ فِيهَا مَشْرُوعَةٌ فَسُنَّ فِيهَا الِاسْتِفْتَاحُ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
وَلَنَا، أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ شُرِعَ فِيهَا التَّخْفِيفُ، وَلِهَذَا لَا يُقْرَأُ فِيهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، انتهى
قلت وأيضا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ قَالَ: «لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ رواه البخاري (1335)
 وفي رواية  عند النسائي (1987) فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ وَجَهَرَ حَتَّى أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقٌّ»
صححه النووي  والألباني فيه دليل : إلى عدم مشروعية دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، إذ لم يجهر به ليعلمهم إياه كما جهر بالفاتحة.
---قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة:
لأهل العلم في حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ثلاثة أقوال ؟
القول الأول: تجب قراءتها: وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ  انظر المغني (2\362) وابن حزم ودليلهم:1 - عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ رواه البخاري (756) ومسلم (394)
 قالوا: واسم الصلاة يتناول صلاة الجنازة. قال الشوكاني في السيل الجرار (1\217) صلاة الجنازة صلاة من الصلوات التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فهذا يكفي في كونها فرضا في صلاة الجنازة بل في كونها شرطا يستلزم عدمها عدم الصلاة فكيف وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في صلاة الجنازة فاتحة الكتاب.انتهى
2- عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ قَالَ: «لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ رواه البخاري (1335) قال ابن حزم في المحلى (3\351) فَإِذَا كَبَّرَ الْأُولَى قَرَأَ (أُمَّ الْقُرْآنِ) وَلَا بُدَّ، وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ دَعَا لِلْمُسْلِمِينَ فَحَسَنٌ، ثُمَّ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ فِي بَاقِي الصَّلَاةِ؟ أَمَّا قِرَاءَةُ (أُمِّ الْقُرْآنِ) فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهَا صَلَاةً بِقَوْلِهِ «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»
القول الثاني قال : شيخ الإسلام أن قراءتها في الجنازة مستحبة لا واجبة.
القول الثالث : وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَقْرَأُ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ؛  انظر المغني (2\362)  وبه قال ابن عمر وعبادة بن الصامت من الصحابة، وحجتهم:
- عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ «لَا يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ» رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (11404)
 يمكن حمل هذا الأثر على أنه لا يقرأ غير أم القرآن،.
قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى (13\ 133)
وأما قول السائل: هل يجوز ترك قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة؟
فجوابه: أن صلاة الجنازة صلاة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، فتدخل في عموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، فإذا صلى أحد على الجنازة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب فإن الصلاة لا تصح، ولا تبرأ بها الذمة، ولا تقوم بما يجب قيامه جهة أخينا الميت من حق، وقد ثبت في صحيح البخاري أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأ سورة الفاتحة في صلاة الجنازة وقال: "لتعلموا أنها سنة أو ليعلموا أنها سنة" ، ومراده بالسنة هنا الطريقة، وليست السنة الاصطلاحية عند الفقهاء، وهي التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها؛ لأن السنة في عرف المتقدمين تطلق على طريقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواء كانت واجبة أم مستحبة، كما في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال (أي أنس) : "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً"  والمراد بالسنة هنا السنة الواجبة.
وعلى هذا فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في نفسه، وأن يرجع فيما يتعبد به لله، أو يعامل به عباد الله إلى كتاب الله، وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففيهما الكفاية، وفيهما الهدى والنور والشفاء.
انتهى
فائدة : قال النووي في المجموع (5\ 234) يُسْتَحَبُّ سُورَةٌ قَصِيرَةٌ واستدل : في رواية  عند النسائي (1987) عن ابن عباس  فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ وَجَهَرَ حَتَّى أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقٌّ» صححه النووي  والألباني
--- في صلاة الجنازة هل يسلم تسليمة واحدة أم تسليمتين ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي الأمر واسع فبأي الرأيين أخذ فلا حرج
تنازع العلماء في ذل على قولين ؟
القول الأول : َرُوِيَ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ.وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحَارِثُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ سَلَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَتَيْنِ فَهُوَ جَاهِلٌ جَاهِلٌ، ينظر المغني (2\ 366) ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الْجِنَازَةِ» رواه الحاكم ((1/ 360) قال الألباني اسناده حسن ،
القول الثاني : وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَسْلِيمَتَانِ، وَتَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِي.وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.انظر المغني وهو الراجح والدليل : عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " ثَلَاثُ خِلَالٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُنَّ، تَرَكَهُنَّ النَّاسُ , إِحْدَاهُنَّ: التَّسْلِيمُ عَلَى الْجِنَازَةِ مِثْلُ التَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ "رواه البيهقي في الكبرى (6989)  قال النووي (5/ 239): " إسناد جيد  وفي " مجمع الزوائد " (3/ 34): " رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات وحسنه الألباني
قال الألباني في أحكام الجنائز (1\ 127)
ثم يسلم تسليمتين مثل تسليمه في الصلاة المكتوبة إحداهما عن يمينه، والاخرى عن يساره لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:: " فذكر الحديث السابق 000وقد ثبت في " صحيح مسلم " وغيره عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين في الصلاة، فهذا يبين أن المراد بقوله في الحديث الأول: " مثل التسليم في الصلاة " أي التسليمتين المعهودتين.
ويحتمل أنه يعني بالاضافة إلى ذلك أنه كان يسلم تسليمة واحدة أيضا، بالنظر إلى أن ذلك كان من سنته صلى الله عليه وسلم في الصلاة أيضا، أي أنه صلى الله عليه وسلم كان تارة يسلم تسليمتين وتارة تسليمة واحدة لكن الأول أكثر، غير أن هذا الاحتمال فيه بعد لان التسليمة الواحدة وإن كانت ثابتة عنه، صلى الله عليه وسلم لكن لم يروها ابن مسعود فلا يظهر أنها تدخل في قوله المذكور " مثل التسليم في الصلاة ". والله أعلم.وللحديث شاهد، يرويه شريك عن إبراهيم الهجري قال: " أمنا عبد الله بن أبي أوفى على جنازة ابنته فمكث ساعة، حتى ظننا أنه سيكبر خمسا ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ قال: إني لاأزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.أخرجه البيهقي (4/ 43) وسنده ضعيف من أجل الهجري كم تقدم في المسألة السابقة وقد صح عنه من طريق أخرى بعضه مرفوعا، وبعضه موقوفا، كما ذكرنا هناك، وروى أحمد في " مسائل أبي داود عنه " (153) عن عطاء بن السائب قال: " رأيت ابن أبي أوفى صلى على جنازة فسلم تسليمة (واحدة) " لكن إسناده ضعيف فيه أبو وكيع الجراح بن مليح، وهو يضعيف واتهمه بعضهم 0000 وقال: " لكن يستحب زيادة ورحمه الله وبركاته ". ويجوز الاقتصار على التسليمة الأولى فقط، لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، فكبر عليها أربعا، وسلم تسليمة واحدة ".أخرجه الدارقطني (191) والحاكم (1/ 360) وعنه البيهقي (4/ 43) من طريق أبي العنبس عن أبيه عنه.قلت: واسناده حسن كما بينته في " التعليقات الجياد ".ويشهد له مرسل عطاء بن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم على الجنا " تسليمة واحدة.أخرجه البيهقي معلقا.ويقويه عمل جماعة من الصحابة به، فقد قال الحاكم عقبه: " قد صحت الرواية فيه عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي هريرة أنهم كانوا يسلمون على الجنازة تسليمه واحدة ".قلت: وقد وافقه الذهبي، وأسند البيهقي غالب هذه الاثار، وزاد فيهم " واثلة ابن الاسقع وأبي إمامة وغيرهم ".وفي اطلاق الصحة على رواية ابن أبي إوفى نظر عندي، لان في سندها الجراح بن مليح وهو ضعيف كما سبق قريبا، إلا أن يكون وقع للحاكم من طريق أخرى، وذلك مما لا أظنه، وإلى هذه الاثار ذهب الامام أحمد في المشهور عنه، وقال أبو داود (153): " سمعت أحمد سئل عن التسليم على الجنازة؟ قال: هكذا، ولوى عنقه عن يمينه (وقال: السلام عليكم ورحمة الله) ".قلت وزيادة " وبركاته " في هذه التسليمة مشروعة خلافا لبعضهم، لثبوتها في بعض طرق حديث ابن مسعود المتقدم في التسليمتين في الفريضة، ومثلها في هذه المسألة صلاة الجنازة كما سبق، وذكر ابن قاسم الغزي في شرحه استحبابها هنا في التسليمتين، ورد ذلك عليه الباجوري في حاشيته (1/ 431) فذهب إلى عدم مشروعيتها هنا ولا في الفريضة والصواب ما ذكرنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق