الاثنين، 23 يناير 2017

2 تابع الجزء الثاني



--- ما حكم  زيارة النساء للقبور ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؛   
الْقَوْل الْأَوَّل : تحريم زيارة النساء للقبور .
 ، وَهُوَ رواية عَن الإِمَام أَحْمد ، وَهُوَ اخْتِيَار شيخ الْإِسْلَام ابن تَيْمِية وتلميذه ابْن الْقيم وغيرهم ، رحمهم الله تعالى . ينظر كشف الستور في نهي النساء عن زيارة القبور 1/30 . ورجحه ابن باز ، وابن عثيمين رحمهما الله تعالى . ينظر نور على الدرب 1/251 ، ومجموع فتاوى  عثيمين  9/431 :
واستدلوا بما يلي :
أَوَلَا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ . رواه الترمذي (1056) . وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .  وحسنه الألباني
قالوا : دل الحديث على لعن زوارات القبور ، وهذا دليل على حرمة هذا الفعل . قلت : قال المبيحون :هذا الحديث لا إشكال فيه لأنه يمكن  أن يجمع بين الاحاديث المبيحة (ستأتي) وبينه بأن المنع لمن تكرر زيارتها ، وهو الذي يدل عليه صيغة المبالغة في قوله : "زوارات" .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رحمه الله :
اللَّعْنُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُكْثِرَاتِ مِنْ الزِّيَارَةِ ؛ لِمَا تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ، وَلَعَلَّ السَّبَبَ مَا يَقْتَضِي إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوْجِ وَالتَّبَرُّجِ، وَمَا يَنْشَأُ مِنْ الصِّيَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَقَدْ يُقَالُ : إذَا أَمِنَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِذْنِ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَ الْمَوْتِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ . قال الشوكاني عقب كَلَامِ الْقُرْطُبِيّ:وَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمُتَعَارِضَةِ فِي الظَّاهِر . ينظر نيل الأوطار 4/135 .
قلت عمرو : ولكن الصحيح أن هذا الحديث منسوخ سياتي  إن شاء الله تعالى؛
ثانيا : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما ، قَالَ: قَبَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي مَيِّتًا - فَلَمَّا فَرَغْنَا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْصَرَفْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا حَاذَى بَابَهُ وَقَفَ، فَإِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ مُقْبِلَةٍ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَرَفَهَا ، فَلَمَّا ذَهَبَتْ إِذَا هِيَ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَخْرَجَكِ يَا فَاطِمَةُ مِنْ بَيْتِكِ؟» . فَقَالَتْ: أَتَيْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ فَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ مَيِّتَهُمْ - أَوْ :عَزَّيْتُهُمْ بِهِ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى؟. » قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِيهَا مَا تَذْكُرُ . قَالَ: «لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى» فَذَكَرَ تَشْدِيدًا فِي ذَلِكَ ، فَسَأَلْتُ رَبِيعَةَ عَنِ الكُدَى؟ فَقَالَ: «الْقُبُورُ فِيمَا أَحْسَبُ»
. رواه أبو داود (3123) 
قالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم رتب عقوبة على الزيارة ،  وهذا دليل على حرمة الزيارة بالنسبة للنساء .
قلت : الحديث ضعيف ؛ ضعفه النووي. ينظر المجموع 5/278 . والألباني في سنن أبي داود " قلت  فلَا حجَّة لَهُم فِي هَذَا الحديث .
ثالثا : عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ جُلُوسٌ، فَقَالَ: «مَا يُجْلِسُكُنَّ ؟ » قُلْنَ: نَنْتَظِرُ الْجِنَازَةَ . قَالَ: «هَلْ تَغْسِلْنَ ؟ » قُلْنَ: لَا . قَالَ: «هَلْ تَحْمِلْنَ ؟»  قُلْنَ: لَا . قَالَ: «هَلْ تُدْلِينَ فِيمَنْ يُدْلِي ؟ » قُلْنَ: لَا . قَالَ: «فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» . رواه ابن ماجه ( 1578) .
أي عليكن الإثم، ولا أجر لكنّ.
قلت : هذا الحديث ضعيف ؛ ضعفه النووي في المجموع 5/277 . والألباني في سنن ابن ماجه .
القول الثاني: تكره زيارة النساء للقبور ولا تحرم  وهو مذهب الْجمْهور    يعني أكثر أهل العلم - ينظر المجموع (5/310) ورجحه شيخنا 
؟ حسن ابو الاشبال ؟
واستدلوا :   
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا .رواه البخاري (1278) ، ومسلم (938) .
 قالوا : وَلَمْ يعْزمْ عَلَيْنَا . أَيْ . وَلَمْ يُؤَكِّدْ عَلَيْنَا فِي الْمَنْعِ كَمَا أَكَّدَ عَلَيْنَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ .
القول الثالث : تجوز زيارة النساء للقبور بلا كراهة مع أمن الفتنة ، وبه قال مالك  وبعض الاحناف  ورواية عن الشافعي وأحمد .  .ينظر المجموع( 5/310 )  وفقه السنة (1/566) ورجحه العلامة الالباني.في أحكام الجنائز( 1/181)  وشيخنا مصطفى العدوي والعلامة ( أبو اسحاق الحويني حفظه الله ) وهو الراجح 0
واستدلوا :
أولا :عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ» . قِيلَ: وَمَا القِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» .رواه البخاري( 1325) ومسلم ( 945)
 : فدخل في عموم ذلك الرجال والنساء .
ثانيا : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي» . رواه البخاري(7154) ، ومسلم (926) . ووجه الدلالة من هذا الحديث إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها وعدم إنكاره عليها، فلم يقل: لم فعلت هذا المحرم؟ أو: لم جلست عند المقابر؟ أما علمت أنني قد نهيت وحرمت زيارة المقابر على النساء؟ لو كانت زيارة النساء المقابر حراما لنهاها النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز تأخير البيان في وقت الحاجة . فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليها ولم يقرها كما تزعمون وذلك من قوله:" اتق الله ". فنهاها عن وجودها عند القبر.
واجيب بان : قوله: "اتق الله". جاء تفسيره بالذي بعده من قوله :" واصبري " . فدل على أنه طالبها بتقوى الله في مسألة الصبر ، وهذا يرد هذا الإشكال ،
 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :  وموضع الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة 0 ينظر فتح الباري 3/148.
وقال العيني رحمه الله :
 وفيه جواز زيارة القبور مطلقا، سواء كان الزائر رجلا أو امرأة: وسواء كان المزور مسلما أو كافرا، لعدم الفصل في ذلك . انظر العمدة (3/ 76)
ثالثا : عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه إلى البقيع ليلا . الحديث . وفيه : قالت عائشة : كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال قولي: " السلام على أَهْل الديار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستاخرين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ". رواه مسلم (974).
قلت : وهذا التعليم لها يدل على مشروعية زيارة القبور لها ، وقوله :" قولي لهم ". أي عند زيارتها لهم ، وهو صريح الدلالة على زيارة النساء المقابر ، فلو كان لا يجوز زيارة النساء  المقابر لما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك
رابعا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ»رواه مسلم (976)
قوله فزوروا القبور عام يدخل فيه النساء مع الرجال فهن يحتجن لهذه الموعظة والذكرى كالرجال 0
خامسا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ «تَزُورُ قَبْرَ عَمِّهَا حَمْزَةَ كُلَّ جُمُعَةٍ فَتُصَلِّي وَتَبْكِي عِنْدَهُ» رواه الحاكم (ج1ص377)
قالَ شيخنا مصطفى العدوي وهذا الحديث ضعيف لا يثبت عنها رضي الله عنها ،وقد قال  الْحَاكِم رحمه الله : هذا الحديث "رُوَاته عَن آخِرهم ثِقَات, فتعقبه الذَّهَبِي بقوله : "هَذَا مُنكر جدا وَسليمَان (أحد رواته)ضعيف وقال البيهقي:انه منقطع0 احكام النساء (1/574)
 سادسا  : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جِنَازَةٍ، فَرَأَى عُمَرُ امْرَأَةً، فَصَاحَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعْهَا يَا عُمَرُ ؛ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ» . رواه ابن ماجه (1587) ، وصححه ابن حبان ،والحاكم  - ووافقه الذهبي – وصححه ابن حزم . وقال ابن حجر : رجاله ثقات . ينظر المحلى 3/388 ، التلخيص الحبير 2/319 ، فتح الباري 3/145 .
سابعا : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْمَقَابِرِ ،  فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ . فَقُلْتُ لَهَا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ قَدْ نَهَى، ثُمَّ  أمر بِزِيَارَتِهَا . أخرجه الحاكم 1/376 . وقال الذهبي : صحيح . وقال البوصيري : إسناده صحيح ، رجاله ثقات . وقال الحافظ العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في " القبور" ، والحاكم بإسناد جيد  وصححه الألباني . ينظر احكام الجنائز 1/181 .
ثامنا : عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوها ". رواه مسلم (1977) .قلت وهذا عام للرجال والنساء والقاعدة في الأصول: (أن الأصل في العام أن يبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه).
قال الألباني رحمه الله:
والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور؛ لوجوه : الأول: عموم قوله صلى الله عليه وسلم :" فزوروا القبور ".  فيدخل فيه النساء ، وبيانه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن زيارة القبور في أول الأمر ، فلا شك أن النهي كان شاملا للرجال والنساء معا، فلما قال  :"كنت نهيتكم عن زيارة القبور". كان مفهوما أنه كان يعني الجنسين ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول الأمر من نهي الجنسين، فإذا كان الأمر كذلك كان لزاما أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث ، وهو قوله: "فزوروها". إنما أراد به الجنسين أيضا. ويؤيده أن الخطاب في بقية الأفعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بريدة المتقدم آنفا: "ونهيتكم عن لحوم الاضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ، ولا تشربوا مسكرا " أقول: فالخطاب في جميع هذه الأفعال موجه إلى الجنسين قطعا كما هو الشأن في الخطاب الأول: "كنت: نهيتكم ". فإذا قيل بأن الخطاب في قوله :" فزوروها ". خاص بالرجال . اختل نظام الكلام وذهبت طراوته، الأمر الذي لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم، ومن هو أفصح من نطق بالضاد، صلى الله عليه وسلم . ويزيده تأييدا الوجوه الآتية:
الثاني: مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور ؛ فإنها ترق القلب ، وتدمع العين ، وتذكر الآخرة .
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رخص لهن في زيارة القبور، في حديثين حفظتهما لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها 0 سبق 0ينظر أحكام الجنائز 1/181
القول الرابع: أن زيارة القبور فرض ولو مرة في العمر على الرجال والنساء لا فرق بينهما .
وهو مذهب ابن حزم . ينظر المحلى 3/388 .
 . واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم : " فزوروها ". والأمر على الوجوب .
قلت عمرو : هذا ينافي القاعدة الأصولية ، أن الأمر إِذا جاء بعد الحظر ، فانه للْإِباحة ، فقوله فزوروها أمر وقعت بعد قوله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن زيارة القبور حظر ، فالأمر جاء بعد حظر فيكون للِْإِبَاحة والله اعلم
قلت  : القول الراجح  عندي ، والله أعلم ، القول الثالث ، وهو إباحة زيارة النساء للقبور ؛ لأن الأحاديث المبيحة للزيارة متأخرة عن أحاديث  النهي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ . رواه الترمذي (1056) . وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .  وحسنه الألباني
، وبالتالي فهي ناسخة لها .  
أما قوله: صلى الله عليه وسلم " فزوروها". يعم الرجال والنساء ؛ فالنساء شقائق الرجال في الأحكام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ". رواه الترمذي (113) . وصححه الألباني . قلت: ويعضد هذا الفهم  حديث عَائِشَةَ المتقدم ، أنها أَقْبَلْتِ مِنْ قَبْرِ أَخِيها وقالت : كَانَ قَدْ نَهَى، ثُمَّ أُمِرَ بِزِيَارَتِهَا ". والقاعدة في الأصول: (أن الأصل في العام أن يبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه).  
قال الحاكم : وهذه الأحاديث المروية في النهي عن زيارة القبور منسوخة . ثم ساق حديث بريدة المتقدم  . المستدرك 1/530 .
وقال ابن عبد البر : قال بعضهم : كان النهي عن زيارة القبور عاما للرجال والنساء ، ثم ورد النسخ كذلك بالإباحة عاما أيضا ، فدخل في ذلك الرجال والنساء . الاستذكار 5/235 .
قال الترمذي : رحمه الله : وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور ، فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء . الترمذي 2/362
قال ابن حجر رحمه الله 0
وَمِمَّنْ حَمَلَ الْإِذْنَ عَلَى عُمُومِهِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَائِشَة فروى الْحَاكِم من طَرِيق بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ راّها زارت قبر أخيها عبد الرحمن 00 وساق الحديث 0 فتح الباري (3/177)
قال شيخنا مصطفى العدوي :
بالنظر في أَادلة المجيزين والمانعين نرى الْآتي :
أولا : أحاديث الجواز أصح من أحاديث المنع فلا يثبت من احاديث المنع  إلا حديث : لعن الله زوارات القبور على ما فيه 0
ثانيا : تقدم التنبيه على أن لفظ ( زوارات ) يقتضي كثرة الزيارة فلا يدخل فيه من زارت مرة بعد مرة كل حين 0
ثالثا : حديث : لعن الله زوارات القبور ذكر بعض اهل العلم أنه منسوخ بحديث: كنت نهيتكم عن زيارة القبور أَالا فزورها فانها تذكركم الاخرة 0والنساء يحتجن  إِالى تذكر الْآخرة كالرجال 0
رابعا : ما فهمته عائشة رضي الله عنها فهي  إحدى النساء – بل هي أمهن و أمنا – اللواتي يعنيهن الأمر وكون رسول الله علمها ما تقول  إذا أتت المقبرة وكونها زارت قبر أخيها بعد موته كل هذا يدل على جواز زيارة النساء للقبور ويقوي القول القائل بهذا والله أعلم 0ينظر احكام النساء 1/580
تنبيهات :
1 - إذا عُلم من حال النساء وأنهن - بذهابهن إلى القبور - يصحن  وينحْن ويعددن على الأموات ويفعلن البدعة والمحرمات ، فتحرم حينئذ زيارتهن للقبور فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.0
2 - إذا عُلم من أحوالهن كذلك أنهن يذهبن إلى قبور بعض ما يطلقون عليهم الصالحين أولياء يلتمسون عندهم تفريج الكربات وقضاء الحاجات وكشف الغمات فهذا شرك وتحرم  عندئذ الزيارة بلا شك 0.
3 – إذا ذهبت النساء متبرجات متعطرات فكذلك يحرم خروجهن 0
4- إذا خصصت النساء  يوما لزيارة القبور فيه – كما يحدث من تخصيص أيام الجمع والأعياد ونحو ذلك ، فهذا من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان 0 .
ينظر أحكام النساء لشيخنا مصطفى العدوي 1/581
--- هل يجوز تعزية اليهود والنصارى ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى انه يعزي المسلم بالكافر وبالعكس ينظر المجموع (5\251) وحاشية ابن عابدين (3\140) ورجحه الألباني وشيخنا مصطفى العدوي  وقال : أحمد في رواية لَا نُعَزِّيهِمْ انظر المغني(2\406)  ورجحه ابن عثيمين وشيخنا عادل العزازي انظر تمام المنة (2\120) قلت : الصحيح القول الأول : والدليل : قال تعالى{لاَ يَنْهَاكُمُ الله عنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أنْ تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} (الممتحنة: 8) وجه الدلالة في الآية : أنها تدل بمنطوقها على مشروعية البر بالكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين ، ولم يخرجوهم من ديارهم ويفهم من ذلك جواز تعزية الكافر لأن هذا من قبيل البر والتوادد
قال ابن قدامة في المغني (2\406) وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، عَنْ تَعْزِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهِيَ تُخَرَّجُ عَلَى عِيَادَتِهِمْ، وَفِيهَا رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، لَا نَعُودُهُمْ، فَكَذَلِكَ لَا نُعَزِّيهِمْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ» .وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ. وَالثَّانِيَةُ، نَعُودُهُمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى غُلَامًا مِنْ الْيَهُودِ كَانَ مَرِضَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ. فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ. فَأَسْلَمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّارِ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَعَلَى هَذَا نُعَزِّيهِمْ انتهى
قال الدمياطي في إعانة الطالبين ( 1\144) وتعزية المسلم للكافر جائزة ولكن لا يقال له فيها : غفر لميتك ؛ لأن الله لا يغفر للكافر 0
وقال النووي في المجموع (5\251) ويعزي المسلم بقريب الكافر والدعاء للحي ويعزي الكافر بقريب المسلم والدعاء للميت انتهى
قال شيخنا مصطفى العدوي لا أعلم مانعا من ذلك لكن لا تتضمن التعزية دعاء للميت بالمغفرة لأن الله عز وجل قال : [ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) [التوبة: 113- 114].000 ومما يؤيد تعزية النصراني قوله تعالى [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا] سورة البقرة (83) فائدة : يجوز زيارة قبر الكافر قال النووي في المجموع (5\144) وَأَمَّا زِيَارَةُ قَبْرِهِ (فالصواب) جوازها وبه قطع الا كثرون وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي لَا يَجُوزُ وَهَذَا غَلَطٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ انتهى
--- ما صحة حديث عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» رواه أبو داود (3121)
قلت : حديث ضعيف فيه ثلاث علل:
1 - جهالة أبي عثمان. قال ذلك علي ابن المديني وغيره
2 - جهالة أبيه. قال ذلك علي ابن المديني وغيره
3 - الاضطراب.
 وضعفه الألباني  والمنذري والدارقطني والحافظ ابن حجر انظر ضعيف أبي داود (2\ 475)
وأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالِاضْطِرَابِ وَبِالْوَقْفِ وَبِجَهَالَةِ حَالِ أَبِي عُثْمَانَ وَأَبِيهِ الْمَذْكُورِينَ فِي السَّنَدِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ مَجْهُولُ الْمَتْنِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ ينظر نيل الأوطار (4\ 29)
وقال النووي قلت: إسناده ضعيف، فيه مجهولان ينظرالأذكار (1\ 144) وضعفه شيخنا مصطفى العدوي 0
قلت :  صح عن غضيف بن الحارث رضى الله عنه موقوفا عليه  عن صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي الْمَشْيَخَةُ، أَنَّهُمْ حَضَرُوا غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ الثُّمَالِيَّ، حِينَ اشْتَدَّ سَوْقُهُ، فَقَالَ: " هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ يس؟ " قَالَ: فَقَرَأَهَا صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا قُبِضَ، قَالَ: وَكَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّفَ عَنْه بها رواه أحمد في المسند (16969) حسنه ابن حجر في الإصابة ترجمة غضيب وصححه الألباني في الإرواء (3\ 152) وحسنه الأرنؤوط في مسند أحمد
قال الحافظ ابن حجر هذا موقوف حسن الإسناد وغضيف صحابى عند الجمهور، والمشيخة الذين نقل عنهم لم يسموا لكنهم ما بين صحابى وتابعى كبير ومثله لا يقال بالرأى فله حكم الرفع :ينظر روضة المحدثين  (10\ 266)
--- ما صحة حديث عن أنس يدعى النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ سَتْرًا من الله عز وجل عليهم رواه ابن عدي (17 / 2) قال : الألباني فى الضعيفة (433) موضوع وقال شيخنا العدوي لا يثبت
قلت : ولكن الصحيح أن الناس يوم القيامة يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم والدليل : عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ  رواه البخاري (6177)  ومسلم (1735)
قال ابن القيم رحمه اللَّه وَفِي هَذَا الْحَدِيث – يقصد حديث عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ»رواه أبو داود (4948) وضعفه الألباني - رَدّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا يُدْعَوْنَ بِأُمَّهَاتِهِمْ لَا آبَائِهِمْ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه لِذَلِكَ فَقَالَ بَاب يُدْعَى النَّاس بِآبَائِهِمْ وذكر فيه حديث نافع عن بْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْغَادِر يُرْفَع لَهُ لِوَاء يَوْم الْقِيَامَة يُقَال لَهُ هَذِهِ غَدْرَة فُلَان بْن فُلَان ينظر عون المعبود (13\199
--- ما حكم من أخرج زكاة الفطر بعد صلاة العيد ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين
القول الأول : أجاز أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وهو قول عن أحمد إخراجها يوم العيد كله ينظر الفقه الميسر (2\431) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  وحجتهم : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ» رواه البخاري (1510) ومسلم (985) ووجه الدلالة : أن ظاهر قوله يوم الفطر صحة الإخراج في اليوم كله ؛ لصدق اليوم على جميع النهار
قال النووي في المجموع (6\128)
وَاتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُخْرِجَهَا يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُهَا فِي يَوْمِ الْعِيدِ كُلِّهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهَا عَصَى وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهَا وَسَمُّوا إخْرَاجَهَا بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ قَضَاءً وَلَمْ يَقُولُوا فِي الزَّكَاةِ إذَا أَخَّرَهَا عَنْ التَّمَكُّنِ إنَّهَا قَضَاءٌ بَلْ قَالُوا يَأْثَمُ وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا انتهى
القول الثاني : وهو مذهب ابن حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشوكاني وابن باز وابن عثيمين وهو الصحيح قالوا :إن أخرها بعد الصلاة يأثم
والدليل : 1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ رواه أبو داود (1609) قلت : حديث حسن قال الدارقطنى: ليس فيهم مجروح وصححه الحاكم ووافقه الذهبى وأقره المنذرى والحافظ – ابن حجر - وحسنه النووى وابن قدامة والألباني ينظر إرواء الغليل (843)
 قال الشوكاني في نيل الأوطار (4\218) (فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، قَوْلُهُ: (فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ) الْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ قَوْلُهُ: (فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ) يَعْنِي الَّتِي يُتَصَدَّقُ بِهَا فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، وَأَمْرُ الْقَبُولِ فِيهَا مَوْقُوفٌ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى انتهى
قال صديق بن حسن خان رحمه الله في الروضة الندية (1\217) وهذا يدل على أنها لا تجزئ بعد الصلاة؛ لأنها حينئذ صدقة كسائر الصدقات التي يتصدق بها الإنسان، وليست بزكاة الفطر.
2- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ رواه البخاري (1509) ومسلم (986)
قال ابن القيم في زاد المعاد (2\20) وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْرَاجُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَفِي " السُّنَنِ " عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ: ( «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» ) .
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ( «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» ) . وَمُقْتَضَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَأَنَّهَا تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَإِنَّهُ لَا مُعَارِضَ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَلَا نَاسِخَ، وَلَا إِجْمَاعَ يَدْفَعُ الْقَوْلَ بِهِمَا، وَكَانَ شَيْخُنَا يُقَوِّي ذَلِكَ وَيَنْصُرُهُ،
قال ابن حزم : فالتأخير عنه – عن وقت صلاة العيد – حرام وأما إن أخرها عن يوم العيد فذلك أشد إثما 0 انظر تمام المنة لشيخنا (2\272)
سئل : ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (14\ 216) أعددت زكاة الفطر قبل العيد لإعطائها إلى فقير أعرفه، ولكنني نسيت إخراجها، ولم أتذكر إلا في صلاة العيد، وقد أخرجتها بعد الصلاة فما الحكم؟  .
ج: لا ريب أن الواجب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد كما أمر بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن لا حرج عليك فيما فعلت، فإخراجها بعد الصلاة يجزئ والحمد لله، وإن كان جاء في الحديث أنها صدقة من الصدقات، لكن ذلك لا يمنع الإجزاء، وأنه وقع في محله، ونرجو أن يكون مقبولا، وأن تكون زكاة كاملة؛ لأنك لم تؤخر ذلك عمدا، وإنما أخرته نسيانا، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله عز وجل: قد فعلت  » ، فأجاب دعوة عباده المؤمنين في عدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ انتهى
وقال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب (10\2)
وأما وقت إخراجها فإن لها وقتان وقت فضيلة ووقت جواز أما وقت الفضيلة فأن تؤدى صباح يوم العيد قبل الصلاة وأما وقت الجواز فأن تؤدى قبل العيد بيومين أما إخراجها بعد الصلاة فإنه محرم ولا يجزئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة فإذا أُخرجت بعد الصلاة فقد فُعلت على وجه لم يأمر الله به ولا رسوله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) إلا إذا كان الإنسان معذورا مثل أن ينسى إخراجها ولا يذكرها إلا بعد الصلاة أو يكون معتمداً في إخراجها على من كان عادته أن يخرجها عنه ثم يتبين له بعد ذلك أنه لم يخرج فإنه يخرج ومثل أن يأتي خبر يوم العيد مباغتاً قبل أن يتمكن من إخراجها ثم يخرجها بعد الصلاة ففي حال العذر لا بأس من إخراجها بعد الصلاة وتكون في هذه الحال مقبولة لأن الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة من (نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) وإذا كان هذا في الصلاة وهي من أعظم الواجبات المؤقتة ففي ما سواها أولى انتهى
--- ما صحة حديث  عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ،وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، رواه ابن خزيمة (1887) قلت : هذا الحديث ضعيف فيه عَلِيّ بْن زَيْدِ بْن جُدْعَان قال الحافظ ابن حجر في إتحاف الخيرة (7\ 391)  مداره عَلَى عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.انتهى وضعفه الألباني والأعظمي وشيخنا مصطفى العدوي
--- ما صحة حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ صَامَهُ» رواه الترمذي (723) حديث ضعيف وضعفه البخاري  وابن خزيمة والمنذري والبغوي والقرطبي والذهبي والدميري والحافظ ابن حجروالألباني ينظر تمام المنة (1\396) وضعفه الحافظ ابن حجر وذكر له ثلاث علل: الاضطراب والجهالة والانقطاع "فتح الباري" 4 / 161وضعفه شيخنا مصطفى العدوي
--- الترهيب من إفطار شيء من رمضان
عن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ،رواه ابن خزيمه (1986) وصححه ابن خزيمة والألباني والأعظمي معنى عواء أي صراخ ومعنى قبل تحلة صومهم أي قبل أن يحل لهم ما حرم عليهم بسببه والمراد أنهم يفطرون قبل تمام صومهم
قال الألباني هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمداً قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلاً؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة"،السلسلة الصحيحة (7\1672)
---ما هو العدد المعتبر في رؤية الهلال ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول قالوا : إذا رأى واحدٌ عدل يوثق به هلال رمضان فإنه يُعمل بخبره وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ.ورواية عن أحمد  ينظرالمغني (3\164)
وابن حزم ورجحه ابن باز وابن عثيمين ورجحه شيخنا محمد عبد المقصود ودليلهم : عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «تَرَائِى النَّاسُ الْهِلَالَ،» فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ  رواه أبو داود (2342)قال الألباني رحمه الله قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم وابن حزم والذهبي ينظر صحيح أبي داود(7\105) قلت : وله شاهد عن ابن عباس 
 القول الثاني :قالوا : لَا يُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ اثْنَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ ينظر المغني (3\164) ورجحه شيخنا عادل العزازي
ودليلهم : عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَالَ: أَلَا إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَاءَلْتُهُمْ، وَإِنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَانْسُكُوا لَهَا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا، وَأَفْطِرُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ (2116)
 وصححه الألباني قالوا : َدَلَّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ الَّذِي أَفَادَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْآتِي أَقْوَى مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَيُقْبَلُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ.ينظر سبل السلام (1\560)
.قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (4\ 373)  وَمَنْ صَحَّ عِنْدَهُ بِخَبَرِ مَنْ يُصَدِّقُهُ - مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ: عَبْدٍ، أَوْ حُرٍّ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ حُرَّةٍ، فَصَاعِدًا - أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ رُئِيَ الْبَارِحَةَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ فَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، صَامَ النَّاسُ أَوْ لَمْ يَصُومُوا، وَكَذَلِكَ لَوْ رَآهُ هُوَ وَحْدَهُ، وَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ بِخَبَرِ وَاحِدٍ أَيْضًا - كَمَا ذَكَرْنَا - فَصَاعِدًا: أَنَّ هِلَالَ شَوَّالٍ قَدْ رُئِيَ فَلْيُفْطِرْ، أَفْطَرَ النَّاسُ أَوْ صَامُوا؛ وَكَذَلِكَ لَوْ رَآهُ هُوَ وَحْدَهُ؛ فَإِنْ خَشِيَ فِي ذَلِكَ أَذًى فَلْيَسْتَتِرْ بِذَلِكَ 
--- إذا رُؤى الهلال في بلد، هل يلزم جميع  المسلمين  الصوم؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : إذا رؤى الهلال في بلدة من البلاد الإسلامية لزم جميع البلاد الصيام. وهذا قول جمهور أهل العلم منهم الحنابلة والحنفية ينظر الفقه الميسر (3\455)-ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ،رواه البخاري (1909) ومسلم (1081)  قالوا:هذا خطاب عام للأمة، فظاهر ذلك العموم لسائر البلدان
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ،رواه الترمذي (697) وصححه الألباني قالوا:فقوله الصوم " يدل على أن الأمة يجتمعون على الصيام فصومهم واحد وفطرهم واحد، وإجماعهم واحد.
القول الثاني: أنه يجب الصوم على البلاد التي لا تختلف مطالعها: وهذا أصح الأوجه عند الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام 
القول الثالث : أن لكل بلد رؤيتهم. روي ذلك عن بن عَبَّاسٍ
وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وإليه ذهب بن المبارك وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَطَائِفَةٌ ينظر الاستذكار (3\ 282)
وهو الراجح والدليل : عَنْ كُرَيْبٍ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ، فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: " لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه مسلم  (1087) بن عَبَّاسٍ لَمْ يَعْمَلْ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ بَلَدٍ الْعَمَلُ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدٍ آخَرَ
وقال الترمذي في سننه (693) وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ
قال الألباني رحمه الله في تمام المنة (1\398 ) وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ولا ينقسم على نفسه فيصوم بعضهم معها وبعضهم مع غيرها ممن تقدمت في صيامها أو تأخرت لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين. والله المستعان.انتهى
--- هل من أفطر في رمضان عمدا لغير عذر شرعي كافر
 قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين  ؟
.القول الأول :قالوا : بكفره  روى ذلك عن الحكم بن عتيبة ورواية عن أحمد - وعبد الملك بن حبيب المالكي وهو قول أبي بكر الحميدي  ينظرفتح الباري لابن رجب (1\24)
ودليلهم : عن ابن عباس عن النبي صل الله عليه وسلم قال : عُرَى الْإِسْلَامِ، وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ: مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالصَّلَاةُ، المكتوبة وَصَوْمُ رَمَضَانَ رواه أبو يعلى في " مسنده " (ق 126 / 2) وضعفه الألباني في الضعيفة (94) وضعفه حسين سليم أسد 0
القول الثاني : ذهب أكثر أهل العلم مِنْهم الحنفية والمالكية والشافعية  وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَد ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (7\610)  واختاره ابن تيمية ورجحه ابن باز وابن عثيمين والألباني وشيخنا مصطفى العدوي قالوا : من أفطر في رمضان عمدا لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر، ولا يكفر بذلك ودليلهم 1-:قالوا :  تارك الصيام تهاوناً وتكاسلاً ليس بكافر، وذلك لأن الأصل بقاء الإنسان على إسلامه حتى يقوم دليل على أنه خارج من الإسلام، ولم يقم دليل على أن تارك الصيام خارج من الإسلام إذا كان تركه إياه تكاسلاً وتهاوناً.ينظر  مجموع فتاوى لابن عثيمين (19\13)
2- قالوا : ويدل على عدم كفره أن تارك الزكاة والزكاة أكد من الصيام لا يكفر لما في صحيح مسلم (987) من حديث أبي هريرة أن النبي صَل اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في تارك الزكاة ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ولو كان كافرا لم ير سبيله إلى الجنة  
قال : ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (15\ 331)
 من أفطر في رمضان عمدا لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر، ولا يكفر بذلك في أصح أقوال العلماء، وعليه التوبة إلى الله سبحانه مع القضاء. والأدلة كثيرة تدل على أن ترك الصيام ليس كفرا أكبر إذا لم يجحد الوجوب وإنما أفطر تساهلا وكسلا.
--- ما حكم صيام شهر رجب ؟
تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : ذهب أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي إلى استحباب صيام شهر رجب كله ينظر الفتاوى الهندية (1\202) وكفاية الطالب (2\407) والمجموع (6\386) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل : أولا : عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ رواه النسائي (2357) حديث حسن قال المنذرى فى " مختصر السنن " (3/320) : " وهو حديث حسن ".وحسنه الألباني قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (4\292) ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ: " إنَّ شَعْبَانَ شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ رَجَبٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَغْفُلُونَ عَنْ تَعْظِيمِ شَعْبَانَ بِالصَّوْمِ كَمَا يُعَظِّمُونَ رَمَضَانَ وَرَجَبًا بِهِ انتهى وفي مواهب الجليل للرُّعَيْنِيّ (2\408) فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ فِي رَجَبٍ مُشَابَهَةً بِرَمَضَانَ، وَأَنَّ النَّاسَ يَشْتَغِلُونَ فِيهِ عَنِ الْعِبَادَةِ بِمَا يَشْتَغِلُونَ بِهِ فِي رَمَضَانَ، وَيَغْفُلُونَ عَنْ نَظِيرِ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ، وَلِذَلِكَ كَانَ يَصُومُهُ، وَفِي تَخْصِيصِهِ ذَلِكَ بِالصَّوْمِ إِشْعَارٌ بِفَضْلِ صِيَامِ رَجَبٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُقَرَّرِ لَدَيْهِمْ
ثانيا : عمومات التي وردت بفضل الصوم منها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ رواه البخاري (5927) ومسلم (1151)
قَالَ النووي في المجموع (6\386)  قال أَصْحَابُنَا وَمِنْ الصَّوْمِ الْمُسْتَحَبِّ صَوْمُ الاشهر الحرم وهي ذوالقعدة وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ اه
القول الثاني : يُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ 0
وحجتهم : أولا : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «نَهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ رواه ابن ماجه (1743) وقال الألباني ضعيف جدا
ثانيا : عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَضْرِبُ أَكُفَّ النَّاسِ فِي رَجَبٍ، حَتَّى يَضَعُوهَا فِي الْجِفَانِ، وَيَقُولُ: كُلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ أخرجه ابن أبى شيبة فى "المصنف " (9758) وصححه الألباني في الإرواء (957) وأجيب لا حجة في هذا الأثر لوجود الأخبار المعارضة له كما سبق 0
قال ابن رجب في لطائف المعارف (1\119) وعن ابن عباس: أنه كره أن يصام رجب كله وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياما وكرهه أنس أيضا وسعيد بن جبير وكره صيام رجب كله يحيى بن سعيد الأنصاري والإمام أحمد وقال: يفطر منه يوما أو يومين وحكاه عن ابن عمر وابن عباس وقال الشافعي في القديم: أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان واحتج بحديث عائشة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل شهرا قط إلا رمضان قال: وكذلك يوما من بين الأيام وقال: إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب وإن فعل فحسن انتهى
وقال بعض العلماء من البدع صوم رجب
--- هل يباح للحامل والمرضع الفطر في رمضان ؟
قلت : يباح للحامل والمرضع الفطر في رمضان والدليل : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ رواه الترمذي (715) وابن ماجه واللفظ له (1667) حديث حسن قال الألباني  إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن وصححه ابن خزيمة
وحسنه الأرنؤوط
واختلف العلماء فيما يجب عليها إذا أفطرتا على خمسة أقوال:
القول الأول: (قَالَ) ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُفْطِرَانِ وَيُطْعِمَانِ - مكان كل يوم مسكينًا - وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا ينظر المجموع (6\269) وهو اختيار العلامة الألباني، ودليلهم : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ، الْكَبِيرَةِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا وَيُطْعِمَا كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] فَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ، إِذْا كَانَا لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، وَالْحُبْلَى، وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رواه البيهقي (1351)"وصححه الألباني في الإرواء (4\18) وأجيب عن ذلك قال شيخنا مصطفى العدوي قلت : هذا رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن الآية غير منسوخة ، بل باقية للشيخ الكبير والحامل والمرضع إلا أن هذا الرأي من حبر الأمة رضي الله عنه رأي مرجوح لأمرين : أولهما : أن جمهور الصحابة خالفوه في ذلك فورد عنهم أن الآية منسوخة الثاني : أنه على فرض أن الآية لم تنسخ فالآية لفظها [000 يطيقونه] وابن عباس يقرؤها يُطَوَّقُونَهُ - ينظر صحيح البخاري (4505) - والقراءة التي بها ابن عباس شاذة ، كما بين ذلك غير واحد من أهل العلم ينظر أحكام النساء (2\400)
القول الثاني : (وَقَالَ) عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَلَا فِدْيَةَ كَالْمَرِيضِ واختاره ابن المنذر ينظر المجموع (6\269)  ورجحه ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله  ودليلهم : قال تعالى {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] سورة البقرة 184 ] فالحامل والمرضع في حكم المريض قال ابن قدامة في المغني (3\ 150)  وَلَنَا أَنَّهُمَا يُطِيقَانِ الْقَضَاءَ، فَلَزِمَهُمَا، كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَالْآيَةُ أَوْجَبَتْ الْإِطْعَامَ، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْقَضَاءِ، فَأَخَذْنَاهُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. وَالْمُرَادُ بِوَضْعِ الصَّوْمِ وَضْعُهُ فِي مُدَّةِ عُذْرِهِمَا، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» . وَلَا يُشْبِهَانِ الشَّيْخَ الْهَرِمِ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْقَضَاءِ، وَهُمَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ.قَالَ أَحْمَدُ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. يَعْنِي وَلَا أَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي مَنْعِ الْقَضَاءِ.
وقال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى  (15\ 223)حكم الحامل التي يشق عليها الصوم حكم المريض، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصوم تفطران وتقضيان؛ لقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}  وذهب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن عليهما الإطعام فقط. والصواب الأول؛ لأن حكمهما حكم المريض؛ لأن الأصل وجوب القضاء ولا دليل يعارضه. ومما يدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع  » رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد حسن. فدل على أنهما كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان انتهى
وقال ابن عثيمين رحمه الله  يلزمها القضاء فقط دون الإطعام وهذا القول أرجح الأقوال عندي؛ لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض، والمسافر، فيلزمهما القضاء فقط، وأما سكوت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن القضاء فلأنه معلوم.وأما حديث: «إن الله تعالى وضع الصيام عن الحبلى والمرضع» فالمراد بذلك وجوب أدائه، وعليهما القضاء.ينظر الشرح الممتع (6\ 350)
القول الثالث : (وَقَالَ) الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَيَفْدِيَانِ – أي أطعام كل يوم مسكينا -:وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ ينظر المجموع (6\269) قال شيخنا ولا أعلم دليلا على هذا المذهب
القول الرابع : (وَقَالَ) مَالِكٌ الْحَامِلُ تُفْطِرُ وَتَقْضِي وَلَا فِدْيَةَ والمرضع تفطر وتقضى وتفدى ينظر المجموع (6\269)
القول الخامس: ليس عليهما قضاء ولا إطعام: وهو مذهب ابن حزم وهو الراجح ودليله : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ سبق تخريجه  قال ابن حزم : وَإِذْ هُوَ فَرْضٌ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا الصَّوْمُ، وَإِذَا سَقَطَ الصَّوْمُ فَإِيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى الْقَضَاءَ إلَّا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ، وَالْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، وَمُتَعَمِّدِ الْقَيْءِ فَقَطْ،000 وَأَمَّا تَكْلِيفُهُمْ إطْعَامًا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إيجَابُ غَرَامَةٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ.ينظر المحلى (4\ 411) وقال شيخنا مصطفى العدوي بعد أن نقل أقوال العلماء ومن أدلة هؤلاء – أي ابن حزم- أن الذمة بريئة ما دام لم يأت نص ملزم لها بشيء ، ولما لم يأت نص ملزم بشيء قلنا ببراءة ذمتها من أي شيء ، وأيضا قال النبي صل الله عليه وسلم - ذكر حديث الكعبي السابق – فدل ذلك على أن الصوم قد وضع عن الحامل والمرضع والمسافر ، ولا يقال هنا إننا نقيسهما على المسافر فكما أن المسافر يقضي فكذلك الحامل والمرضع تقضيان ، وذلك لأن المسافر إنما لزمه القضاء بنص خارج عن الحديث ألا وهو قوله تعالى : [فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخير ] ( سورة البقرة 184) أما الحامل والمرضع فأين الملزم لهما ؟ ثم إنه بإمعان النظر في الحديث نفسه : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ - نرى أن المسافر إذا قصر الصلاة في السفر لا يطالب – بعد رجوعه – بإتمام ما كان حذفه من ركعات ، فليقل كذلك : إن الحامل والمرضع لا يلزمان بقضاء ما فعلتاه من إفطار ، والله أعلم انظر أحكام النساء (5/224)
فائدة : لو استؤجرت المرأة لإرضاع غير ولدها ، أو أرضعته تقربا إلى الله ، فإنه يباح لها الفطر ، ويكون حكمها حكم المرضع لولدها ، والخلاف فيها كما سبق 0
--- ما حكم الصَّومِ في السفر؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول :. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ –منهم ابن حزم - وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وبن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ قالوا : لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ عَنِ الْفَرْضِ بَلْ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي الْحَضَرِ ينظر فتح الباري (4\183)  ودليلهم : 1-قال الله تعالى [فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ] سورة البقرة (184)
قالوا : فالمسافر صيامه في أيام أخر ، وليس في رمضان وأجيب : معنى الآية  لمن أخذ برخصة السفر ، فإنه يجب عليه قضاء هذه الأيام
2-  عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» رواه البخاري (1946) ومسلم  (1115) قالوا : وَمُقَابَلَةُ الْبِرِّ الْإِثْمُ وَإِذَا كَانَ آثِمًا بِصَوْمِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ والرد على ذلك  بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْم  وترجم له البخاري بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الحَرُّ «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»وذكر حديث جابر قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أُخِذَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ كَرَاهَةَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ مِمَّنْ يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَوْ يُؤَدِّي بِهِ إِلَى تَرْكِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ مِنْ وُجُوهِ الْقُرَبِ فَيُنَزَّلُ قَوْلُهُ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ عَلَى مِثْلِ هَذِه انظر فتح الباري (4/184)
3- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ رواه مسلم (1114)  وأجيب :  قال النووي في شرح مسلم (7\232) وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ أَوْ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْفِطْرِ أَمْرًا جَازِمًا لِمَصْلَحَةِ بيان جوازه فَخَالَفُوا الْوَاجِبَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَكُونُ الصَّائِمُ الْيَوْمَ فِي السَّفَرِ عَاصِيًا إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ انتهى
4- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأَجْرِ رواه البخاري (2890) ومسلم (1119) وأجيب قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ
ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ " فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرَادَ بِالْأَجْرِ أَجْرُ تِلْكَ الْأَفْعَالِ الَّتِي فَعَلُوهَا، وَالْمَصَالِحُ الَّتِي جَرَتْ عَلَى أَيْدِيهِمْ. وَلَا يُرَادُ مُطْلَقُ الْأَجْرِ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُمْ قَدْ بَلَغَ فِي الْكَثْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَجْرِ الصَّوْمِ مَبْلَغًا يَنْغَمِرُ فِيهِ أَجْرُ الصَّوْمِ فَتَحْصُلُ الْمُبَالَغَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَجْرَ كُلَّهُ لِلْمُفْطِرِ. انظر إحكام الأحكام (2/ 23)
5- عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَائِمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ رواه ابن ماجه (1666) وضعفه ابن حجر والألباني
القول الثاني : قالوا بجواز صوم المسافر وإباحة فطره وهو مذهب الجمهور منهم الائمة الأربعة ورجحه ابن عثيمين وابن باز وشيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح  والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟  وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ رواه البخاري (1943) ومسلم (1121) قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (7\232)  فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ جَمِيعًا
2- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلاَ المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ رواه البخاري (1947) ومسلم (1118)
3- عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ رَوَاحَةَ»رواه البخاري (1945) ومسلم (1122)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الصَّوْمُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (15\237)
الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقا، ومن صام فلا حرج عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه هذا وهذا، وهكذا الصحابة رضي الله عنهم. لكن إذا اشتد الحر، وعظمت المشقة، تأكد الفطر، وكره الصوم للمسافر؛ لأنه «صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا قد ظلل عليه في السفر من شدة الحر وهو صائم؛ قال عليه الصلاة والسلام: ليس من البر الصوم في السفر  » . ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته  » ، وفي لفظ: «كما يحب أن تؤتى عزائمه  » .ولا فرق في ذلك بين من سافر على السيارات أو الجمال أو السفن والبواخر وبين من سافر في الطائرات. فإن الجميع يشملهم أسم السفر، ويترخصون برخصه، والله سبحانه شرع للعباد أحكام السفر والإقامة في عهده صلى الله عليه وسلم ولمن جاء بعده إلى يوم القيامة. فهو سبحانه يعلم ما يقع من تغير الأحوال وتنوع وسائل السفر. ولو كان الحكم يختلف لنبه عليه سبحانه كما قال عز وجل في سورة النحل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}  وقال سبحانه أيضا: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
--- هل الصوم أفضل للمسافر أم الفطر مذْهَب ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ وأحمد قالوا : الْأَفْضَل -، الْفِطْر فِي السَّفَرِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ.وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَنَسٌ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ: أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ أَيْسَرِهِمَا ينظر المغني (3\ 157)
قال ابن حجر في فتح الباري (4\ 183)
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ وَالْفِطْرُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَشَقَّةَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ انتهى قلت : وهذا القول هو الراجح والدليل : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، فَلَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا، فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ»رواه مسلم (1116)
---  هل يجوز الكحل للصائم أو الصائمه
على قولين ؟ قلت : تنازع العلماء في ذلك
القول  الأول :  قالوا: أَنَّهُ جَائِز وَلَا يُكْرَهُ وَلَا يُفْطِرُ بِهِ سَوَاءٌ وَجَدَ
طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا؛ وهو قول الشافعي  وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحَكَاهُ غَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى الصَّحَابِيَّيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ دَاوُد انظر المجموع 6/ 348 ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح0
والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «اكْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ رواه ابن ماجه (1678) وصححه الألباني وقال ابن حجر في التلخيص ط قرطبة (2/366) وَفِي الْبَابِ عَنْ بَرِيرَةَ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ فِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ انتهى
2- عموم قوله صل الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اكْتَحَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْتَحِلْ وِتْرًا، وَإِذَا اسْتَجْمَرَ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا "رواه أحمد (8611) حديث حسن وصححه الألباني في صحيح الجامع (375) وحسنه الأرنؤوط في مسند أحمد
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي  رواه البخاري 7492 ومسلم 1151 قلت : والكحل ليس بطعام ولا بشراب ولا بشهوة  
القول الثاني : وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ قَالُوا يَبْطُلُ بِهِ صَوْمُهُ وَقَالَ قَتَادَةُ يَجُوزُ بِالْإِثْمِدِ وَيُكْرَهُ بِالصَّبْرِ* وَقَالَ الثوري وإسحق يكره
·      وقال مَالِكٌ وَأَحْمَدُ يُكْرَهُ وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْحَلْقِ أَفْطَرَ
·      انظر المجموع 6/ 348
استدلوا : بِحَدِيثِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوِّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد 2377 وَقَالَ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وضعفه الألباني قلت : الصحيح هو القول الأول
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في مجموع الفتاوى (25/233)
وَأَمَّا الْكُحْلُ وَالْحُقْنَةُ وَمَا يُقْطَرُ فِي إحْلِيلِهِ وَمُدَاوَاةُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ فَهَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَطِّرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَطَّرَ بِالْجَمِيعِ لَا بِالْكُحْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَطَّرَ بِالْجَمِيعِ لَا بِالتَّقْطِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَطِّرْ بِالْكُحْلِ وَلَا بِالتَّقْطِيرِ وَيُفَطِّرُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنَّ الصِّيَامَ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي الصِّيَامِ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهَا لَكَانَ هَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ بَيَانُهُ وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ لَعَلِمَهُ الصَّحَابَةُ وَبَلَّغُوهُ الْأُمَّةَ كَمَا بَلَّغُوا سَائِرَ شَرْعِهِ. فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَا حَدِيثًا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا وَلَا مُسْنَدًا وَلَا مُرْسَلًا - عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي الْكُحْلِ ضَعِيفٌ انتهى وقال ابن تيمية أيضا (25/241) فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكُحْلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَمَا تَعُمُّ بِالدُّهْنِ وَالِاغْتِسَالِ وَالْبَخُورِ وَالطِّيبِ. فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُفْطِرُ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا بَيَّنَ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الطِّيبِ وَالْبَخُورِ وَالدُّهْنِ وَالْبَخُورُ قَدْ يَتَصَاعَدُ إلَى الْأَنْفِ وَيَدْخُلُ فِي الدِّمَاغِ وَيَنْعَقِدُ أَجْسَامًا وَالدُّهْنُ يَشْرَبُهُ الْبَدَنُ وَيَدْخُلُ إلَى دَاخِلِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِ الْإِنْسَانُ وَكَذَلِكَ يَتَقَوَّى بِالطِّيبِ قُوَّةً جَيِّدَةً فَلَمَّا لَمْ يَنْهَ الصَّائِمَ عَنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ تَطْيِيبِهِ وَتَبْخِيرِهِ وَادِّهَانِهِ وَكَذَلِكَ اكْتِحَالُهُ. وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْرَحُ أَحَدُهُمْ إمَّا فِي الْجِهَادِ وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ مَأْمُومَةً وَجَائِفَةً فَلَوْ كَانَ هَذَا يُفْطِرُ لَبَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يَنْهَ الصَّائِمَ عَنْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ مُفْطِرًا اهـ
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله "مجموع الفتاوى" (15/260) :
ما حكم استعمال الكحل وبعض أدوات التجميل للنساء خلال نهار رمضان؟ وهل تفطر هذه أم لا؟
فأجاب:" الكحل لا يفطر النساء ولا الرجال في أصح قولي العلماء مطلقا، ولكن استعماله في الليل أفضل في حق الصائم.
وهكذا ما يحصل به تجميل الوجه من الصابون والأدهان وغير ذلك مما يتعلق بظاهر الجلد، ومن ذلك الحناء والمكياج وأشباه ذلك، كل ذلك لا حرج فيه في حق الصائم، مع أنه لا ينبغي استعمال المكياج إذا كان يضر الوجه، والله ولي التوفيق " انتهى.
--- ما حكم  القبلة والمباشرة  لزوجته في نهار رمضان ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : إباحة القبلة والمباشرة للصائم والصائمة قَالَ الْقَاضِي قَدْ قَالَ بِإِبَاحَتِهَا لِلصَّائِمِ مُطْلَقًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ ينظر المجموع (7\215) وابن عثيمين ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» رواه البخاري (1927) ومسلم (1106) قال شيخنا مصطفى العدوي المراد بالإرب هنا الحاجة فمعنى إربه حاجته والله أعلم والمعنى والله تعالى أعلم أن النبي صل الله عليه وسلم كان يضبط نفسه ، فلا يقع في الجماع المحظور ، وليس مراد عائشة رضي الله عنها منع الصائمين من تقبيل أزواجهن وقد ورد عنها – وسيأتي قريبا – حثها لابن أخيها على تقبيل زوجته وهو صائم
َ2- عنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ رواه مسلم (1107)
3- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ , قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَالْحِجَامَةِ».رواه الدارقطني (2268) وصححه ابن حزم والألباني ينظرالإرواء (4\74)
4- عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ صَائِمًا؟ قَالَتْ: «كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ»رواه عبد الرزاق في المصنف (7439) وصححه الألباني في الصحيحة (1\435) قال بعض العلماء أن قبلة الصائم خاصة برسول الله صل الله عليه وسلم وأجيب عن ذلك
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (4\339) فَأَمَّا مَنْ ادَّعَى أَنَّهَا خُصُوصٌ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَمَا يَعْجَزُ عَنْ الدَّعْوَى مَنْ لَا تَقْوَى لَهُ؟ فَإِنْ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» . قُلْنَا: لَا حُجَّةَ لَكَ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ هَذَا؛ 0000- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاشِرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرَهَا، قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْلِكُ إرْبَهُ» ؟ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ يُوجِبُ أَنَّهُ لَهُ خُصُوصٌ فَقَوْلُهَا هَذَا فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ يُوجِبُ أَنَّهَا لَهُ أَيْضًا خُصُوصٌ، أَوْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، أَوْ أَنَّهَا لِلشَّيْخِ دُونَ الشَّابِّ وَلَا يُمْكِنُهُمْ هَاهُنَا دَعْوَى الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ كَرِهُوا مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ؛ جُمْلَةً وَلَعَمْرِي إنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ لَأَشَدُّ غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى عَنْ جِمَاعِهَا أَيَّامًا وَلَيَالِيَ فَتَشْتَدُّ حَاجَتُهُ، وَأَمَّا الصَّائِمُ فَالْبَارِحَةُ وَطِئَهَا، وَاللَّيْلَةَ يَطَؤُهَا، فَهُوَ بِشَمٍّ مِنْ الْوَطْءِ؟ 000عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهَا فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ لَهَا: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُخِّصَ لَهُ فِي أَشْيَاءَ، فَارْجِعِي إلَيْهِ، فَرَجَعَتْ إلَيْهِ، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللَّهِ» .- قلت : صححه شيخنا مصطفى العدوي -
000«عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلْ هَذِهِ، يَعْنِي أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ» .- رواه مسلم (1108) -
فَهَذَانِ الْخَبَرَانِ يُكَذِّبَانِ قَوْلَ مَنْ ادَّعَى فِي ذَلِكَ الْخُصُوصَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ اسْتَفْتَاهُ،
القول الثاني : قالوا : بالتفريق بين الشاب والشيخ في القبلة والمباشرة فأجازوها للشيخ أي كبير السن ومنعوا منها الشاب قَالَ بن عَبَّاسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ تُكْرَهُ لِلشَّابِّ دُونَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مالك ينظر المجموع (7\215) ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، «فَرَخَّصَ لَهُ»، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، «فَنَهَاهُ»، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابّ رواه أبو داود (2387) قلت : حديث صحيح له شواهد وقال الألباني  إسناده حسن صحيح قلت : هذا الحديث مخالف لحديث عند مسلم (1108) عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ هَذِهِ» لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»
قال ابن حزم في المحلى (4\340) وَيُكَذِّبُ قَوْلَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ لِلشَّابِّ مُبَاحَةٌ لِلشَّيْخِ؟ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ شَابًّا جِدًّا فِي قُوَّةِ شَبَابِهِ إذْ مَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَوَّجَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنْتَ حَمْزَةَ عَمِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.«عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ أَهْوَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُقَبِّلَنِي، فَقُلْتُ: إنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ: وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَبَّلَنِي» .
وَكَانَتْ عَائِشَةُ إذْ مَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِنْتَ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً فَظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ، وَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهَا مَكْرُوهَةٌ؛ وَصَحَّ أَنَّهَا حَسَنَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، سُنَّةٌ مِنْ السُّنَنِ، وَقُرْبَةٌ مِنْ الْقُرْبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُقُوفًا عِنْدَ فُتْيَاهُ بِذَلِكَ؟
القول الثالث : وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وغيره عن بن مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ قَضَى يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِ الْقُبْلَةِ ينظر المجموع
ودليلهم : 1- قال اللَّهِ تَعَالَى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } [البقرة: 187] فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمَنْعُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ؟ قُلْنَا قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبَاحَةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى مُرَادُهُ مِنَّا، فَصَحَّ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْمُحَرَّمَةَ فِي الصَّوْمِ إنَّمَا هِيَ الْجِمَاعُ فَقَطْ؛ينظر المحلى (4\341) وسبل السلام (1\568)
قلت: الراجح أنه يباح القبلة والمباشرة للصائم والصائمة ، فإن قبَّل أو باشر فأمذى أو أمذت فلا شيء عليهما قال النووي رحمه الله في المجموع (6\323) لَوْ قَبَّلَ امْرَأَةً وَتَلَذَّذَ فَأَمْذَى وَلَمْ يُمْنِ لَمْ يُفْطِرْ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ يُفْطِرُ دَلِيلُنَا أَنَّهُ خَارِجٌ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَأَشْبَهَ الْبَوْل انتهى
 فإن كان يعلم من نفسه أنه يمني بذلك لم يجز له، فإن فعل وأمنى أو أَمْنت هي فقد أفطر الذي أنزل المني منهما وبطل صومه وعليه القضاء والدليل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال الله عز وجل يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي،رواه البخاري (7492) ومسلم (1151)
قال العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع (6\ 427)
القبلة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ألا يصحبها شهوة إطلاقاً، مثل تقبيل الإنسان أولاده الصغار، أو تقبيل القادم من السفر، أو ما أشبه ذلك، فهذه لا تؤثر ولا حكم لها؛ باعتبار الصوم.
القسم الثاني: أن تحرك الشهوة، ولكنه يأمن من إفساد الصوم بالإنزال، أو بالإمذاء، ـ إذا قلنا: بأن الإمذاء يفسد الصوم ـ، فالمذهب أن القبلة تكره في حقه.
القسم الثالث: أن يخشى من فساد الصوم إما بإنزال وإما بإمذاء ـ إن قلنا بأنه يفطر بالإمذاء، وسبق أن الصحيح أنه لا يفطر ـ فهذه تحرم إذا ظن الإنزال، بأن يكون شاباً قوي الشهوة، شديد المحبة لأهله، فهذا لا شك أنه على خطر إذا قبل زوجته في هذه الحال، فمثل هذا يقال في حقه يحرم عليه أن يقبل؛ لأنه يعرض صومه للفساد.
أما القسم الأول فلا شك في جوازها؛ لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع، وأما القسم الثالث فلا شك في تحريمها.
وأما القسم الثاني وهو الذي إذا قبَّل تحركت شهوته لكن يأمن على نفسه، فالصحيح أن القبلة لا تكره له وأنه لا بأس بها، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يقبل وهو صائم»  ، «وسأله عمر بن أبي سلمة ـ رضي الله عنهما ـ عن قبلة الصائم وكانت عنده أم سلمة فقال له: سل هذه، فأخبرته أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل وهو صائم، فقال السائل: أنت رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: إني لأخشاكم لله وأعلمكم به»  وهذا يدل على أنها جائزة سواء حركت الشهوة أم لم تحرك، ويروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: «ما أبالي قبلت امرأتي أو شممت ريحاناً»  وشم الريحان لا يفطر الصائم لكنه ينعش النفس ويسرها، وتقبيل الزوجة كذلك يسر وينعش الإنسان لكن ليس جماعاً ولا إنزالاً، فبأي شيء تكون الكراهة.وأما ما يروى من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «سأله رجل عن القبلة فأذن له، وسأله آخر فلم يأذن له، فإذا الذي أذن له شيخ والذي لم يأذن له شاب»  فحديث ضعيف لا تقوم به الحجة، ضعفه ابن القيم ـ رحمه الله ـ وقال: لا يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم إذاً القبلة في حق الصائم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم جائز، وقسم مكروه، وقسم محرم، والصحيح أنهما قسمان فقط:
قسم جائز، وقسم محرم، فالقسم المحرم إذا كان لا يأمن فساد صومه، والقسم الجائز له صورتان:
الصورة الأولى: ألا تحرك القبلة شهوته إطلاقاً.
الصورة الثانية: أن تحرك شهوته، ولكن يأمن على نفسه من فساد صومه.أما غير القبلة من دواعي الوطء كالضم ونحوه، فحكمها حكم القبلة ولا فرق.
!!! هل الإبر والحقن العلاجية في نهار رمضان تفطرالصائم؟
قلت تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : قال النووي الْحُقْنَةُ ذَكَرْنَا أَنَّهَا مُفْطِرَةٌ عِنْدَنَا وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عن عطاء والثوري وابى حنيفة واحمد واسحق وَحَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ ينظر المجموع (6\320)
القول الثاني : قَالَه الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَدَاوُد ينظر المجموع وهذا مذهب ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه ابن باز وابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي ؟ قالوا : صومه صحيح؛ لأن الحقنة ليست من جنس الأكل والشرب وهو الراجح والدليل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال الله عز وجل يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي،رواه البخاري (7492) ومسلم (1151) وكما هو معلوم أن الحقنة ليست بطعام ولا بشراب ولا بجماع  قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (6\368) قوله: «أو احتقن» الاحتقان هو إدخال الأدوية عن طريق الدبر، وهو معروف، ولا يزال يعمل، فإذا احتقن فإنه يفطر بذلك، لأن العلة وصول الشيء إلى الجوف، والحقنة تصل إلى الجوف، أي: تصل إلى شيء مجوف في الإنسان، فتصل إلى الأمعاء فتكون مفطرة، فإذا وصل إلى الجوف شيء عن طريق الفم، أو الأنف، أو أي منفذ كان، فإنه يكون مفطراً، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد  ، وعليه أكثر أهل العلم.وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: لا فطر بالحقنة؛ لأنه لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً، وليس هناك دليل في الكتاب والسنة، أن مناط الحكم وصول الشيء إلى الجوف، ولو كان لقلنا: كل ما وصل إلى الجوف من أي منفذ كان فإنه مفطر، لكن الكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب.وقال بعض العلماء المعاصرين: إن الحقنة إذا وصلت إلى الأمعاء فإن البدن يمتصها عن طريق الأمعاء الدقيقة، وإذا امتصها انتفع منها، فكان ما يصل إلى هذه الأمعاء الدقيقة كالذي يصل إلى المعدة من حيث التغذي به، وهذا من حيث المعنى قد يكون قوياً. لكن قد يقول قائل: إن العلة في تفطير الصائم بالأكل والشرب ليست مجرد التغذية، وإنما هي التغذية مع التلذذ بالأكل والشرب، فتكون العلة مركبة من جزأين:أحدهما: الأكل والشرب.
الثاني: التلذذ بالأكل والشرب؛ لأن التلذذ بالأكل والشرب مما تطلبه النفوس، والدليل على هذا أن المريض إذا غذي بالإبر لمدة يومين أو ثلاثة، تجده في أشد ما يكون شوقاً إلى الطعام والشراب مع أنه متغذٍ.
فإن قيل: ينتقض قولكم إن العلة مركبة من جزأين إلى آخره أن السعوط مفطر مع أنه لا يحصل به تلذذ بالأكل والشرب. فالجواب أن الأنف منفذ معتاد لتغذية الجسم، فألحق بما كان عن طريق الفم.
وبناء على هذا نقول: إن الحقنة لا تفطر مطلقاً، ولو كان الجسم يتغذى بها عن طريق الأمعاء الدقيقة. فيكون القول الراجح في هذه المسألة قول شيخ الإسلام ابن تيمية مطلقاً، ولا التفات إلى ما قاله بعض المعاصرين انتهى
!!! بخاخ الربو لا يفطر ولا يفسد الصوم وليس عليه إطعام وهو ما رجحه ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وقال شيخنا مصطفى العدوي يطعم احتياطا مكان كل يوم طعام مسكين ؟  قلت : الصحيح ما رجحه ابن باز وابن عثيمين ودليلهم : الصائم له أن يتمضمض ويستنشق بالإجماع وإذا تمضمض سيبقى شيء من أثر الماء في بليع الريق سيدخل المعدة ، والداخل من بخاخ الربو إلى المريء ثم إلى المعدة هذا قليل جدا فيقاس على الماء المتبقى من المضمضة 2- أن الأطباء ذكروا أن السواك يحتوي على ثمان مواد كيميائية وهو جائز للصائم مطلقا ولا شك أنه سينزل شيء من السواك إلى المعدة فنزول السائل الدوائي كنزول أثر السواك قياسا
سئل ابن عثيمين - رحمه الله تعالى – في مجموع فتاوى (19/212) : رجل فيه مرض الربو وعنده علاج بخاخ هل يجوز استعماله في نهار رمضان وهل هو يفطر أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا يقول: إنه رجل فيه مرض الربو، والربو هو مرض يضيق معه النفس، ويستعمل المريض له شيئاً يسمونه بخاخ، يبخه في فمه، فتنفتح أفواه النفس فيتنفس، يقول السائل: هل يجوز استعماله في نهار رمضان؟ وهل هو يفطر الصائم أم لا؟
نقول له: يجوز لك أن تستعمله في نهار رمضان وأنت صائم، ولا يفطرك، أيضاً لأن الذي يخرج من هذه الا"لة شيء يتطاير ويتبخر، لأنه عبارة عن غاز لا يثبت ولا يبقى، وإنما فائدته أنه يفتح أفواه العروق فيتنفس المريض، وعلى هذا يجوز للمريض أن يستعمل هذا البخاخ في نهار رمضان وهو صائم، وفي غير نهار رمضان إذا كان صائماً، ولا يفطر، لأن ذلك ليس أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب اهـ
هل الحجامة تفطر الصائم ؟
تنازع العلماء في ذلك على قولين  :
القول الأول : ذهب الجمهور: أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم إلى أن الحجامة لا يفطر بها الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس وأبو سعيد الخدري وطائفة من السلف انظر صحيح فقه السنة (2/113) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0
والدليل : 1- عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم رواه البخاري (1939)
2- سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»  رواه البخاري (1940)
القول الثاني : ذهب أحمد وابن سيرين وعطاء والأوزاعي وإسحاق وابن المنذر وابن خُزيمة، واختاره ابن تيمية أن المحتجم يفطر بالحجامة وهو قول عليٍّ وأبي هريرة وعائشة، انظر صحيح فقه السنة (2/113) وعن عطاء قال على من احتجم وهو صائم في شهر رمضان القضاء والكفارة انظر معالم السنن 2/110 وحجة هذا المذهب عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» رواه أبو داود (2367) وصححه الألبَاني
قلت : حديث افطر الحاجم والمحجوم منسوخ بحديثين 1- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ , فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ» , ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ , وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. رواه الدارقطني2260   وقال كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً وأقره البيهقى (4/268) وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث (931) وقال فائدة حديث أنس هذا صريح في نسخ الأحاديث المتقدمة فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم انتهى سيأتي كلام ابن حزم 
2- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ» رواه النسائي في الكبرى (3241) حديث صحيح وما قبله شاهد له وصححه الألباني في الإرواء (4/74)
وَقَالَ بن حَزْمٍ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ وَجَدْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ الْفِطْرِ بِالْحِجَامَةِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجِمًا أَوْ مَحْجُومًا انظر في فتح الباري (4/178)
تنبيه : خروج الدم لا يفسد الصوم سواء كان من بدنه أَو رعافا من أَنفه أَو من أَسنانه أَو من قلع ضرس أَو الضغط على بثرة دمل لكنه يحترز من ابتلاعه وكذلك خروجه عن طريق الحقن لاخذ عينات أَو للتبرع به لا يفسد الصوم انظر تمام المنة لشيخنا عادل العزازي   (2\157) قلت : قياسا على الحجامة
--- هل يجوز للصائم أن يستعمل البخور والطيب ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي لا بأس باستعمال الصائم للبخور والطيب ، وقد كان البخور والطيب موجودين زمن رسول الله صل الله عليه وسلم ولم يرد أن النبي صل الله عليه وسلم نهى عن شيء من ذلك أو أفاد أن ذلك يفطر ، ثم إن البخور والطيب ليسا بطعام ولا بشراب ولا بجماع انظر فتاوى مهمة (1/119)
!!! استعمال السواك للصائم جائز في أي وقت سواء كان قبل الزوال أَو بعد الزوال وسواء كان رطبا أَو يابسا وذلك لعموم حديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ رواه البخاري (887) ومسلم (252) وقال البخاري ولم يخص الصائم من غيره
قال ابن تيميه في مجموع الفتاوى 25/266
أَمَّا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَمَشْرُوعَانِ لِلصَّائِمِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ يَتَمَضْمَضُونَ وَيَسْتَنْشِقُونَ مَعَ الصَّوْمِ. لَكِنْ قَالَ لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: " {وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا} فَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَالَغَةِ؛ لَا عَنْ الِاسْتِنْشَاقِ. وَأَمَّا السِّوَاكُ فَجَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهِيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. وَلَمْ يَقُمْ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ يَصْلُحُ أَنْ يَخُصَّ عمومات نُصُوصِ السِّوَاكِ
!!! قال ابن عثيمين في الشرح الممتع 6/427
 لا ينبغي للصائم أن يستعمل المعجون في حال الصوم، لأنه ينفذ إلى الحلق بغير اختيار الإنسان، لأن نفوذه قوي، واندراجه تحت الريق قوي أيضاً، فنقول: إن كنت تريد تنظيف أسنانك، فانتظر إلى أن تغرب الشمس ونظفها، لكن مع هذا لا يفسد الصوم باستعمال المعجون.
-- حكم تذوق الطعام ؟
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَذُوقَ الْخَلَّ أَوِ الشَّيْءَ، مَا لَمْ يَدْخُلْ حَلْقَهُ وَهُوَ صَائِمٌ» رواه ابن أبي شيبة في المصنف (9277) وحسنه الألباني في إرواء الغليل (4/86)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25/266)
وَذَوْقُ الطَّعَامِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؛ لَكِنْ لَا يُفْطِرُهُ. وَأَمَّا لِلْحَاجَةِ
فَهُوَ كَالْمَضْمَضَةِ انتهى
سئل شيخنا مصطفى العدوي هل يجوز للصائمة أَن تتذوق الطعام وتمضغه لصبيها قال شيخنا: نعم يجوز لها ذلك ما لم يصل شيء من ذلك إلى جوفها ، وقد قال بذلك عدد من العلماء منهم ابن عباس رضي الله عنهما فقد ورد عنه بِإِسْنَاد حسن بمجموع طرقه أنّه قال : لا بَأْس أَن يتذوق الخل أَو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم وصح عن حماد أنّه سئل عن الْمرأة الصائمة هل تتذوق المرقة فلم ير عليها في ذلك بأْسا ، قال : وإنهم ليقولون ما شيء أبْلغ في ذلك من الماء يمضمض به الصائم وصح عن الحسن أنّه كان لا يرى  بأْسا أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه ثم يمجه وصح عن كثير من أهل العلم نحو هذا أيضا والله تعالى أعلم انظرأحكام النساء (5/220)
--- ما حكم الصائم اذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا فِي صَوْمِ فَرْضٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ
ذهب اكثر اهل العلم أن الصائم اذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا لا يفطر وممن قال بهذا الشافعي وأبو حنيفة وداود وآخرون انظر شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 35) . واستدلوا على ذلك بما يأتي: أولاً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» رواه البخاري 1933 ومسلم 1155
 ثانيا : عن أبي هريرة رضي الله عنه: "من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة" رواه الحاكم 1/430 وصححه ووافقه الذهبي وقال الدارقطني كلهم ثقات وحسنه الألبانيانظرالإرواء   4/87 .قال ابن حجر: "وهو صحيح". والإفطار عام في الجماع وغيره.
ثالثا : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «مَنْ أَكَلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ» رواه الدارقطني 2240 قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ صَالِحٌ لِلْمُتَابَعَةِ، فَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا فَيَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ،انظر نيل الاوطار 4/245
رابعا ً: العمومات الواردة في مثل قوله تعالى: {ربَّنَا لا تُؤاخِذْنَا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]
وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فِي الْجِمَاعِ نَاسِيًا دُونَ الْأَكْلِ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ يَفْسُدُ صَوْمُ النَّاسِي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ
* وَقَالَ أَحْمَدُ يَجِبُ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ولا شئ فِي الْأَكْلِ انظر المجموع 6/324
قلت الصحيح القول الاول
قال ابن حزم في المحلى 4/356
وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ أَنَّهُ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، أَوْ فِي صَوْمِ فَرْضٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ: فَأَكَلَ، وَشَرِبَ، وَوَطِئَ، وَعَصَى؛ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْلٌ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا بِهِ قَدْ أَصْبَحَ؛ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَابَتْ الشَّمْسُ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا بِهَا لَمْ تَغْرُبْ -: فَإِنَّ صَوْمَ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا تَامٌّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .
من مات وعليه صوم واجب من رمضان هل يقضي عنه وليه
قلت : 1- إذا استمر به المرض الذي يرجى برؤه – لم يُشف- حتى مات  فلا شيء عليه ، ولا على أوليائه لا صيام ولا إطعام ،وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد ورجحه ابن باز وشيخنا مصطفى العدوي قال تعالى : {، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] قال السَّرَخْسِيُّ: في المبسوط (3\ 89)   مَرِيضٌ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ وَقْتَ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ بِالنَّصِّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ؛ وَلِأَنَّ الْمَرَضَ لَمَّا كَانَ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي وَقْتِهِ لِدَفْعِ الْحَرَجِ فَلَأَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ أَوْلَى انتهى 2- وأما إن شُفي ولم يقض حتى مات ، فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : يُصام عنه النذور والقضاء مطلقًا وهو مذهب أبي ثور وأحد قولي الشافعي وابن حزم واختاره النووي ينظر شرح مسلم (4\278) والمحلى (4\420) ورجحه ابن باز وشيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»رواه البخاري (1952) ومسلم (1147)
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، [وفي رواية: «صوم نذر»] أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى "رواه البخاري (1953) ومسلم (1148)
القول الثاني : وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ لَا يُصَامُ عَنْهُ إِلَّا النَّذْرُ انظر فتح الباري (4/ 193) وحجتهم:
  أن حديث عائشة عام، وحديث ابن عباس خاص فيحمل عليه، ويكون المراد بالصيام الذي يصومه الولي صيام النذر العام قلت : حديث عائشة لا يُخَصَّصُ بأحد أفراده (في حديث ابن عباس) إلا عند التعارض -كما تقرر في الأصول- ولا تعارض هنا، قال الحافظ في «الفتح» (4/ 193 ): حَمْلًا لِلْعُمُومِ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ حَتَّى يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَحَدِيث بن عَبَّاسٍ صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ سَأَلَ عَنْهَا مَنْ وَقَعَتْ لَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ تَقْرِيرُ قَاعِدَةٍ عَامَّة اهـ.
القول الثالث : ذهب جمهور العلماء، منهم أبو حنيفة، ومالك، والمشهور عن الشافعي فقه السنة (1\471)  قالوا : لا يصام عنه ولكن يُطعم أولياؤه عنه مكان كل يوم مسكينا وقال بعضهم يطعم عنه مدا ودليلهم 1- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رواه الترمذي (718) وضعفه الترمذي والألباني .
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ رواه أبوداود(2401) وصححه الألباني
وفي رواية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ» رواه النسائي في الكبرى (2930) صححه شيخنا مصطفى العدوي
3- عَنْ عَمْرَة: أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَعَلَيْهَا مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَقْضِيه عَنْهَا؟ قَالَتْ: لَا، بَلْ تَصَدَّقِي عَنْهَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ عَلَى كُلِّ مِسْكِين رواه ابن حزم في المحلى (4/422)
 قالوا : قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - وَهُمَا رَوَيَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ - أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا الصِّيَامَ عَنْ الْمَيِّتِ 00وَإِذَا تَرَكَ الصَّاحِبُ الْخَبَرَ الَّذِي رُوِيَ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إذْ لَوْ تَعَمَّدَ مَا رَوَاهُ لَكَانَتْ جُرْحَةً فِيهِ، وَقَدْ أَعَاذَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ. وَقَالُوا: لَا يُصَامُ عَنْهُ كَمَا لَا يُصَلَّى عَنْهُ وأجيب قال ابن حزم (4/423) وَأَمَّا تَمْوِيهُهُمْ بِأَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ رَوَيَا الْخَبَرَ وَتَرَكَاهُ فَقَوْلٌ فَاسِدٌ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا قَالُوا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا افْتَرَضَ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ رِوَايَةِ الصَّاحِبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَفْتَرِضْ عَلَيْنَا قَطُّ اتِّبَاعَ رَأْيِ أَحَدِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الصَّاحِبُ اتِّبَاعَ مَا رَوَى لِوُجُوهٍ غَيْرِ تَعَمُّدِ الْمَعْصِيَةِ، وَهِيَ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِيمَا رَوَى تَأْوِيلًا مَا اجْتَهَدَ فِيهِ فَأَخْطَأَ فَأُجِرَ مَرَّةً، أَوْ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ مَا رَوَى فَأَفْتَى بِخِلَافِهِ؛ أَوْ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِخِلَافِهِ وَهُمَا مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ الصَّاحِبِ؛ فَإِذْ كُلُّ ذَلِكَ مُمْكِنُ فَلَا يَحِلُّ تَرْكُ مَا اُفْتُرِضَ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا لَمْ يَأْمُرْنَا بِاتِّبَاعِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذِهِ الْعِلَلُ فَكَيْفَ وَكُلُّهَا مُمْكِنٌ فِيهِ؟ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ يُعَارَضُ بِأَنْ يُقَالَ: كَوْنُ ذَلِكَ الْخَبَرِ عِنْدَ ذَلِكَ الصَّاحِبِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِخِلَافِهِ، أَوْ لَعَلَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. 00وَالرَّابِعُ - أَنْ نَقُولَ: لَعَلَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِيهِ الْإِطْعَامُ كَأَنْ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَتْ فَلَا صَوْمَ عَلَيْهَا؟
وَالْخَامِسُ - أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْفُتْيَا بِمَا رُوِيَ مِنْ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَصَحَّ أَنَّهُ قَدْ نَسِيَ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ مِمَّنْ لَمْ نُكَلَّفْهُ اهـ
قال ابن حزم في المحلى (4/420)
وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَاجِبَةٍ فَفَرْضٌ عَلَى أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَصُومُوهُ عَنْهُ هُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَلَا إطْعَامَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا - أَوْصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مَنْ يَصُومُهُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ - أَوْصَى بِكُلِّ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ - وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى دُيُونِ النَّاسِ اهـ
سئل ابن باز رحمه الله في نور على الدرب (14\325) :
 هل الصلاة والصيام ينفعان الميت إذا عملا له؟
ج: الصلاة ما هي مشروعة، لا يصلى عن الميت، وهكذا القراءة، أما الصيام إذا كان عليه صوم يصام عنه صوم الواجب، إذا كان عليه صيام فرط فيه، عليه صيام ولم يصم - يصوم عنه أولياؤه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه » فيصوم عنه ولده الذكر والأنثى أو زوجته أو غيرهما من أقربائه، هذا طيب وينفع الميت، وقد سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الصوم، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء » شبهه بالدين، سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذرا، كله يصام عنه على الصحيح ولو كان صوم رمضان، ولو كان صوم الكفارة، قال بعض أهل العلم: إنما يصام عنه النذر خاصة، ولكن هذا قول ضعيف الأحاديث الصحيحة تدل على خلافه، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه يصام عنه حتى رمضان؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه » أخرجه الشيخان في الصحيحين، وفي الصحيح عن عدة من الصحابة «أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وعليه صوم شهر، وبعضهم قال: صوم شهرين، أنصوم عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا عنه » - رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (36121) - وشبهه بالدين، ولم يستفسر هل هو رمضان، وهل هو كفارة وهل هو نذر؟ فدل ذلك على أن الأمر عام، يعم الكفارة ويعم النذر، ويعم رمضان، وفي مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنها؟ قال: " صومي عن أمك، أرأيت لو كان عليها دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء  » وهذا صريح في رمضان، وإسناده قوي جيد أما إذا كان الميت ما فرط بل مات في مرضه هذا فلا صوم عليه عند عامة أهل العلم وجمهور أهل العلم، لا يقضى عنه صوم، ولايطعم عنه؛ لأنه غير مفرط معذور؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
فالذي توفي في مرضه فأدرك الأيام الأخر معذور ليس عليه صيام، وليس عليه إطعام، أي ليس على ورثته إطعام ولا صيام اهـ
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/450)
مسألة: إذا مات وعليه صوم فرض بأصل الشرع، فهل يُقضى عنه؟
الجواب: لا يقضى عنه؛ لأن المؤلف خصص هذا بصوم النذر، والعبادات لا قياس فيها، ثم لا يصح القياس هنا أيضاً؛ لأن الواجب بالنذر أخف من الواجب بأصل الشرع، فلا يقاس الأثقل على الأخف، فصار ما وجب بالنذر تدخله النيابة لخفته بخلاف الواجب بأصل الشرع ، فإن الإنسان مطالب به من قبل الله ـ عزّ وجل ـ وهذا مطالب به من قبل نفسه فهو الذي ألزم نفسه به، فكان أهون ودخلته النيابة.إذاً من مات وعليه صوم رمضان أو كفارة أو غيرها فلا يقضى عنه.والقول الراجح أن من مات وعليه صيام فرض بأصل الشرع فإن وليه يقضيه عنه، لا قياساً ولكن بالنص، وهو حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» «وصوم» نكرة غير مقيدة بصوم معين، وأيضاً كيف يقال: إن المراد به صوم النذر، وصوم النذر بالنسبة لصوم الفرض قليل، يعني ربما يموت الإنسان وما نذر صوم يوم واحد قط، لكن كونه يموت وعليه صيام رمضان هذا كثير، فكيف نرفع دلالة الحديث على ما هو غالب ونحملها على ما هو نادر؟! هذا تصرف غير صحيح في الأدلة، والأدلة إنما تحمل على الغالب الأكثر، والغالب الأكثر في الذين يموتون وعليهم صيام، أن يكون صيام رمضان أو كفارة أو ما أشبه ذلك، وهم يقولون حديث المرأة خصص حديث عائشة فيقال: إن ذكر فرد من أفراد العام بحكم يوافق العام، لا يكون تخصيصاً، بل يكون تطبيقاً مبيناً للعموم، وأن العموم في حديث عائشة «من مات وعليه صوم» شامل لكل صور الواجب، وهذا هو القول الصحيح وهو مذهب الشافعي وأهل الظاهر.لكن من هو الذي إذا مات كان القضاء واجباً عليه؟
الجواب: هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل فإذا مات قلنا لوليه: صم عنه، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» .والولي هو الوارث، والدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» فذكر الأولوية في الميراث، إذاً الولي هو الوارث.وقيل: الولي هو القريب مطلقاً.والأقرب أنه الوارث.وحتى على القول بأنه القريب، فيقال: أقرب الناس وأحق الناس به هم ورثته، وعلى هذا فيصوم الوارث.
مسألة: هل يلزم إذا قلنا: بالقول الراجح إِنّ الصومَ يشمل الواجب بأصل الشرع والواجب بالنذر ـ أَنْ يقتصر ذلك على واحد من الورثة؛ لأن الصوم واجب على واحد الجواب: لا يلزم؛ لأن قوله صلّى الله عليه وسلّم: «صام عنه وليه» ، مفرد مضاف فيعم كل ولي وارث، فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابناً، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يوماً فيجزئ، ولو كانوا ثلاثين وارثاً وصاموا كلهم يوماً واحداً، فيجزئ لأنهم صاموا ثلاثين يوماً، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده، حتى يتموا ثلاثين يوماً. أما في كفارة الظهار ونحوها فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع؛ ولأن كل واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين. وقد يقول قائل: يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام وهلم جرّاً حتى تتم؟فيجاب بأنه لا يصدق على واحد منهم أنه صام شهرين متتابعين، وعليه فنقول: إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً اهـ
!!! هل قضاء الصوم عن الميت على الوجوب أم على الاستحباب ؟ ذهب جمهور العلماء على الاستحباب ينظر فتح الباري (4\228) منهم الشافعي وأحمد والنووي وهو ما رجحه شيخنا مصطفى العدوي  وقال ابن حزم فَفَرْضٌ عَلَى أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَصُومُوهُ عَنْهُ هُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ،ينظر المحلى (4\420) واستدل ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» يحمل الأمر فيه على الوجوب  قلت :قول الجمهور هو الصحيح وصارف هذا الحديث  عن الوجوب  حديث طَلْحَة بْن عُبَيْدِ اللَّهِ، قالُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، رواه البخاري (2678) ومسلم (11)
فلم يفرض النبي صل الله عليه وسلم غير شهر رمضان فهذا الحديث دليل : على أن الصوم عن الميت مستحب والله أعلم وأيضا الصارف عن الوجوب قال : ابن قدامة في المغني (3\153) الصَّوْمَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ انتهى

---هل يجوز للمرأة أن تعتكف في بيتها أم في المسجد
قلت : ذهب أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي ورجحه النووي انظر شرح مسلم ( 4/325 ) وهو مذهب ابن حزم انظر المحلى( 3/428 )
قالوا إنها مثل الرجل لا يصح اعتكافها إلا في المسجد
استدلوا بقوله تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً، فَأَذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الأَخْبِيَةَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَأُخْبِرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ» فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ
أخرجه البخاري ( 2033 ) ومسلم ( 1173 )
وقال أبو حنيفة ان المرأة يصح اعتكافها في مسجد بيتها انظر شرح مسلم (4/ 325) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي
ودليلهم  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَ
أخرجه أبو داود في سننه 750 وصححه الألباني
معنى في مخدعها المخدع البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير تحفظ فيه الامتعة النفيسة عون المعبود 2/195
قال النووي في شرح مسلم ( 4/325 ) وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجَهُ وَأَصْحَابَهُ إِنَّمَا اعْتَكَفُوا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْمَشَقَّةِ فِي مُلَازَمَتِهِ فَلَوْ جَازَ فِي الْبَيْتِ لفعلوه ولو مرة لاسيما النِّسَاءُ لِأَنَّ حَاجَتَهُنَّ إِلَيْهِ فِي الْبُيُوتِ أَكْثَرُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ اخْتِصَاصِهِ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ وَالْجُمْهُورِ سَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ مِنْ بَيْتِهَا لِصَلَاتِهَا قَالَ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَكَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِمَا
---هل يشترط الصوم للاعتكاف؟
 اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
الأول: لا يصح الاعتكاف إلا بصوم: وهو قول الجمهور المالكية والحنابلة والحنفية وهو ما ذهب إلَيْه ابن عمر وابن عباس و عائشة وذهب إلَيْه عروة والزهري و الأوزاعي والثوري رحمهم الله ورجحه شيخ الْإِسْلَام ابن تيميه وابن القيم انظر تمام المنة لشيخنا العزازي 2/197
.  وحجتهم:
1-عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " والسنة فيمن اعتكف أن يصوم "
.رواه أبوداود 2473والبيهقي (4/315 , 320) قال الألباني حسن صحيح
قال النووي لَوْ ثَبَتَ - هذا الحديث - لَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الِاعْتِكَافِ الْأَكْمَلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ انظر المجموع 6/488
2- {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] .
-قَالُوا: فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الِاعْتِكَافَ إثْرَ ذِكْرِهِ لِلصَّوْمِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الِاعْتِكَافُ إلَّا بِصَوْمٍ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ابن حزم في المحلى 53/3
وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ: إنَّ الصِّيَامَ فَرْضٌ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الِاعْتِكَافَ مَعَ ذِكْرِهِ لِلصَّوْمِ -: أَنْ يَجْعَلَ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَرْضًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مَعَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ يقصد قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]
وقال ايضا رحمه الله3/415 :
 مَا سُمِعَ بِأَقْبَحَ مِنْ هَذَا التَّحْرِيفِ لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِقْحَامِ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَمَا عَلِمَ قَطُّ ذُو تَمْيِيزٍ: أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى شَرِيعَةً إثْرَ ذِكْرِهِ أُخْرَى مُوجِبَةٌ عَقْدَ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: بَلْ لَمَّا ذَكَرَ الصَّوْمَ ثُمَّ الِاعْتِكَافَ: وَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِئَ صَوْمٌ إلَّا بِاعْتِكَافٍ؟
فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ قُلْنَا: فَقَدْ أَقْرَرْتُمْ بِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِ حُجَّتِكُمْ، وَعَلَى أَنَّ ذِكْرَ شَرِيعَةٍ مَعَ ذِكْرِ أُخْرَى لَا يُوجِبُ أَنْ لَا تَصِحَّ إحْدَاهُمَا إلَّا بِالْأُخْرَى.
3- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جَعَلَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَيْلَةً، أَوْ يَوْمًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اعْتَكِفْ وَصُمْ»،رواه أبوداود 2474  وضعفه الألباني
 القول الثاني: لا يشترط الصوم للاعتكاف وإنما يستحب: وهو مذهب الشافعي وأحمد -في المشهور عنه- و ابن حزم - وهو مروي عن عليٍّ وابن مسعود، انظر صحيح فقه السنة 2/153 والمحلى 3/413 ورجحه ابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي وحجتهم:
 1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ نَذْرَكَ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً»
 رواه البخاري 2042  ومسلم 1656 قالوا والليل ليس بمحل للصيام وقد جوز الاعتكاف فيه وفي رواية عند مسلم 1656 يوما بدلا من ليلة قلت هذه الرواية شاذه  قال ابن حجر في فتح الباري 4/274
اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ صَوْمٍ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ ظَرْفًا لِلصَّوْمِ فَلَوْ كَانَ شَرْطًا لِأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَوْمًا بَدَلَ لَيْلَة فَجمع بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَمَنْ أَطْلَقَ لَيْلَةً أَرَادَ بِيَوْمِهَا وَمَنْ أَطْلَقَ يَوْمًا أَرَادَ بِلَيْلَتِهِ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَن بن عُمَرَ صَرِيحًا لَكِنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ وَقَدْ زَادَ فِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ اعْتَكِفْ وَصُمْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلٍ وَهُوَ ضَعِيف وَذكر بن عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ عَنْ عَمْرِو بن دِينَار وروايةمن رَوَى يَوْمًا شَاذَّةٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَبْوَابٍ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى نَذْرِهِ شَيْئًا وَأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا صَوْمَ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ حَدٌّ مُعَيَّنٌ انتهى
2- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَالَ: «أَلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ» ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ
 رواه البخاري 2034 ومسلم 1173
قالوا واول شوال وهو يوم الفطر لا يحل صومه
قال ابن حزم في المحلى421/3
فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ شَوَّالٍ وَفِيهَا يَوْمُ الْفِطْرِ، وَلَا صَوْمَ فِيهِ
3- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رواه الحاكم 1/605 وقال الحاكم  هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ انتهى وصححه النووي في المجموع 6/ 488 وضعفه الالباني في ضعيف الجامع 4896
قال ابن حزم في المحلى 3/413
وَلَيْسَ الصَّوْمُ مِنْ شُرُوطِ الِاعْتِكَافِ، لَكِنْ إنْ شَاءَ الْمُعْتَكِفُ صَامَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْ.انتهى قلت وهو القول الصحيح 


---ما صحة حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» رواه الحاكم (3519) (ج4 ص389) قلت : حسنه الألباني في  صحيح الجامع (6118) وقال شيخنا مصطفى العدوي ضعيف وضعفه الأرنؤوط  وشيخنا طارق بن عوض الله وهو الراجح فيه رواي اسمه عبدالله بن عياش  قال الحاكم: صحيح مثل الأول -يعني حديث: (مَن وجد سَعةً لأن يضحي فلم يُضَحّ .. ) - ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن: ابن عياش ضعفه أبو داود، وقال في "مختصر السنن الكبرى" (14910): "عبد الله بن عياش ضُعِّف، وقد أخرجَ له مسلم".
وضعفه النسائي -وهو من العارفين برواة مصر؛ لنزوله بها مدة سنين- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، لَيْسَ بِالْمَتِينِ. وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ قَرِيبٌ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ.وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وقال الحافظ ابن يونس صاحب "تاريخ المصريين" وهو أخبَر الناس برواتهم: "منكر الحديث"، وأما إخراج مسلم لحديثه، فقال الحافظ في التهذيب: "إنما أخرج له حديثًا واحدًا [عن يزيد بن أبي حبيب المصري] في الشواهد لا في الأصول"
وذكره ابن حبان في الثقات  انظر تهذيب الكمال والتهذيب وقال ابن حجر في التقريب صدوق يغلط انتهى
---هل يجوز تسليم النساء على الرجال وعكسه من غير مصافحة
قال الشيخ مصطفى العدوي  يجوز ذلك إذا أمنت الفتنة وهو الراجح
والدليل على ذلك عن أُمّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ أخرجه البخاري (357) ومسلم (336) فهذا دليل على جواز تسليم المرأة على الرجل من غير مصافحة ومحله إذا امنت الفتنة
وأما الدليل على أنه يجوز للرجل السلام على النساء من غير مصافحة عن أَسْمَاء بِنْتَ يَزِيد: «مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ رواه أبو داود (5204) والترمذي (2697) وقال : «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ» وصححه الألباني وفي أحاديث أخرى بمعنى هذا الحديث
وقد بوب الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا بِلَفْظِ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ
قَالَ الْحَافِظُ ابن حجر في فتح الباري (11\ 33)
 أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى رَدِّ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ أَوْ مُعْضَلٌ وَالْمُرَادُ بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ يُؤْخَذُ الْجَوَازُ مِنْهُمَا وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ 000وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنَ الْفِتْنَةِ فَمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالسَّلَامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلَّا فَالصَّمْتُ أَسْلَمُ وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ مَرْفُوعًا يُسَلِّمُ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا يُسَلِّمُ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ وَسَنَدُهُ وَاهٍ – أي ضعيف جدا –
أقوال العلماء في هذه المسأله وقد بينت الراجح في هذه المسألة في فتح الباري (11\ 34) وَقَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ سَلَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ جَائِزٌ إِذَا أُمِنَتِ الْفِتْنَةُ وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَمَنَعَ مِنْهُ رَبِيعَةُ مُطْلَقًا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ مُنِعْنَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ قَالُوا وَيُسْتَثْنَى الْمَحْرَمُ فَيَجُوزُ لَهَا السَّلَامُ عَلَى مَحْرَمِهَا قَالَ الْمُهَلَّبُ وَحُجَّةُ مَالِكٍ حَدِيثُ سَهْلٍ فِي الْبَابِ فَإِنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ كَانُوا يَزُورُونَهَا وَتُطْعِمُهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ مَحَارِمِهَا انْتَهَى وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ زَوْجَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ أَمَةٌ فَكَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً نَظَرَ إِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً يُخَافُ الِافْتِتَانُ بِهَا لَمْ يُشْرَعِ السَّلَامُ لَا ابْتِدَاءً وَلَا جَوَابًا فَلَوِ ابْتَدَأَ أَحَدُهُمَا كُرِهَ لِلْآخَرِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا يُفْتَتَنُ بِهَا جَازَ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّابَّةِ بَيْنَ الْجَمَالِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّ الْجَمَالَ مَظِنَّةُ الافتتان بِخِلَافِ مُطْلَقِ الشَّابَّةِ فَلَوِ اجْتَمَعَ فِي الْمَجْلِسِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ جَازَ السَّلَامُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ قَوْلُهُ تَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَقَالَ يُونُسُ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَبَرَكَاتُهُ أَمَّا مُتَابَعَةُ شُعَيْبٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الرِّقَاقِ وَأَمَّا زِيَادَةُ يُونُسَ وَهُوَ بن يَزِيدَ فَتَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ بِتَمَامِهِ مَوْصُولًا فِي كتاب المناقب وَأما مُتَابعَة النُّعْمَان وَهُوَ بن رَاشد فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَوَقَعَتْ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي جُزْءِ هِلَالٍ الْحَفَّارِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَدْ أخرجنَا فِيهِ من حَدِيث بن الْمُبَارَكِ وَبَرَكَاتُهُ وَكَانَ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْبُنَانِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى كِلَاهُمَا عَن بن الْمُبَارَكِ وَكَذَا قَالَ عُقَيْلٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أبي زِيَاد عَن الزُّهْرِي
--- هل تسقط الحدود بالتوبه أم لا مثل حد الزنا وشرب الخمر والسرقه
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : قالوا تسقط الحدود بالتوبه وهو مذَهَبَ الشَّافِعِيَّة - فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ - وَأحمد في رواية  ينظر الموسوعة الفقهية الكويتية (24\343) واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والألباني وشيخنا مصطفى العدوي  وغيرهم
 وحجتهم : أولا َذَكَرَ الله حَدَّ السَّارِقِ، ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: 39] وَهُوَ يَدُل عَلَى أَنَّ التَّائِبَ لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، إِذْ لَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بَعْدَ التَّوْبَةِ لَمَا كَانَ لِذِكْرِهَا فَائِدَةٌ
ثانيا : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاَةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أَوْ قَالَ: حَدَّكَ "رواه البخاري (6823) ومسلم(2764)
قال الحافظ ابن حجر فَظَاهِرُ تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِ إِذَا تَاب ثم قال : رحمه الله وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ إِذَا جَاءَ تَائِبًا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ ينظر فتح الباري (12\ 134)
ثالثا : عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ رواه ابن ماجه (4250) وحسنه ابن حجر والألباني انظر الضعيفة (14\ 63)  فهذا دليل على أن التوبة تجب ما قبلها
رابعا :عن عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ،زَعَمَ أَنَّ امْرَأَةً وَقَعَ عَلَيْهَا رَجُلٌ فِي سَوَادِ الصُّبْحِ وَهِيَ تَعْمِدُ إِلَى الْمَسْجِدِ عَكُورَةً عَلَى نَفْسِهَا فَاسْتَغَاثَتْ بِرَجُلٍ مَرَّ عَلَيْهَا، وَفَرَّ صَاحِبُهَا ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهَا ذَوُو عَدَدٍ فَاسْتَغَاثَتْ بِهِمْ فَأَدْرَكُوا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَتِ اسْتَغَاثَتْ بِهِ فَأَخَذُوهُ وَسَبَقَهُمُ الْآخَرُ فَجَاءُوا بِهِ يَقُودُونَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا: أَنَا الَّذِي أَغَثْتُكِ وَقَدْ ذَهَبَ الْآخَرُ قَالَ: فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَ الْقَوْمُ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوهُ يَشْتَدُّ فَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أُغِيثُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَأَدْرَكُونِي هَؤُلَاءِ فَأَخَذُونِي قَالَتْ: كَذَبَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْطَلِقُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» فَقَامَ الرَّجُلُ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ: لَا تَرْجُمُوهُ وَارْجُمُونِي فَأَنَا الَّذِيُ فَعَلْتُ بِهَا الْفِعْلَ فَاعْتَرَفَ فَاجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا وَالَّذِي أَغَاثَهَا وَالْمَرْأَةُ فَقَالَ: أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ غُفِرَ لَكِ وَقَالَ لِلَّذِي أَغَاثَهَا قَوْلًا حَسَنًا، فَقَالَ عُمَرُ: أَرْجُمُ الَّذِي اعْتَرَفَ بِالزِّنَى؟ فَأَبَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا إِنَّهُ قَدْ تَابَ إِلَى اللهِ» رواه النسائي في الكبرى (7270) وحسنه الترمذي في سننه  (1454) والألباني قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (2\569) قلت: وفي هذا الحديث فائدة هامة، وهي أن الحد يسقط عمن تاب توبة صحيحة وإليه ذهب ابن القيم
خامسا : قَالَ تَعَالَى : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]
سادسا : قال ابن القيم في إعلام الموقعين (15\3) َإِذَا كَانَ اللَّهُ لَا يُعَذِّبُ تَائِبًا فَهَكَذَا الْحُدُودُ لَا تُقَامُ عَلَى تَائِبٍ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ الْمُحَارِبِينَ بِالتَّوْبَةِ الَّتِي وَقَعَتْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ عَظِيمِ جُرْمِهِمْ، وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى سُقُوطِ مَا دُونَ الْحِرَابِ بِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
القول الثاني : قالوا لا تسقط الحدود بالتوبه وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ورواية عن أحمد ينظرالمغني (9\ 152) ومذهب ابن حزم
وحجتهم أولا :  قال  اللَّه تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] وَهَذَا عَامٌّ فِي التَّائِبِينَ وَغَيْرِهِمْ. قلت : هذا العموم خصص بالأدلة السابقة
ثانيا : قالوا الأحاديث التي فيها أن النبي صل الله عليه وسلم أقام الحد على من جاء تائبا يطلب التطهير بإقامة الحد عليه كماعز والغامدية قالوا فلو كانت التوبه قبل القدرة مسقطه للحد لم يحدهم النبي وأجيب عن ذلك في اللجنة الدائمة (22\15)  قالوا : الحدود إذا بلغت الحاكم الشرعي وثبتت بالأدلة الكافية وجب إقامتها ولا تسقط بالتوبة بالإجماع، قد جاءت الغامدية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - طالبة إقامة الحد عليها بعد أن تابت، وقال في حقها: «لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لوسعتهم » ، ومع ذلك قد أقام عليها الحد الشرعي، وليس ذلك لغير السلطان.
أما إذا لم تبلغ العقوبة السلطان، فعلى العبد المسلم أن يستتر بستر الله، ويتوب إلى الله توبة صادقة، عسى الله أن يقبل منه انتهى
قلت : الصحيح إذا لم يصل الحد إلى الحاكم فالتوبة النصوح تكفي وليستر الإنسان نفسه
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاوى (34\179)
عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا فَتَابَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ: فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِالتَّوْبَةِ؟
الْجَوَابُ: إنْ تَابَ مِنْ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ؛ أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ، قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ: فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنْهُ، كَمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُحَارِبِينَ بِالْإِجْمَاعِ إذَا تَابُوا قَبْلَ الْقُدْرَة انتهى
فائدة : قال ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى نور على الدرب (6\2)
 التوبة النصوح لها خمسة شروط
الشرط الأول الإخلاص لله تعالى بها بحيث لا يحمله على التوبة الخوف من الناس أو مراءاة الناس أو الوصول إلى منصب أو ما أشبه ذلك فتكون توبته لله عز وجل فراراً من عقابه ورجاءً لثوابه
الشرط الثاني الندم على ما وقع منه من الذنب بحيث يشعر في نفسه تحسراً وغماً لما حصل منه حتى ينكسر قلبه لله عز وجل وتخضع نفسه لله وتذل لله عز وجل بندمه على ما صدر منه
الشرط الثالث الإقلاع عن الذنب فلا توبة مع الإصرار على الذنب بل التوبة مع الإصرار على الذنب نوعٌ من السخرية فإذا أراد الإنسان مثلاً أن يتوب من الربا ولكنه يمارس الربا مستمرٌ عليه فإن دعواه التوبة منه كذب وهي إلى الاستهزاء بالله أقرب منه إلى تعظيم الله ولو أراد الإنسان أن يتوب من شرب الخمر ولكنه يمارس شرب الخمر فإن توبته لا تصح لأنه كيف يكون صادقاً في توبته وهو يفعل الذنب أراد أن يتوب من غيبة الناس ولكنه يغتابهم فالتوبة لا تصح لأنه لا بد أن يقلع عن الذنب أراد أن يتوب من غصب أموال الناس وأموالهم عنده ولم يردها عليهم فكيف تصح توبته
الشرط الرابع العزم على أن لا يعود في المستقبل يعني بأن ينطوي قلبه على أنه لا يعود إلى هذا الذنب أبدا فإن قال إنه تائب وهو بنيته أنه متى سنحت له فرصة فعل هذا الذنب فإنه ليس بتائب بل لا بد من أن يعزم على أن لا يعود في المستقبل فإن عاد في المستقبل بعد أن عزم أن لا يعود فإن توبته الأولى لا تفسد لكن لا بد من تجديد التوبة
الشرط الخامس أن تكون قبل حضور الأجل فإذا بقي الإنسان مصراً على المعصية حتى حضره الأجل فتاب فإنه لا يقبل منه ذلك لقول الله تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) وكذلك لا تصح التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) فهذه الشروط الخمسة هي الشروط لكون التوبة نصوحاً مقبولة عند الله.
---هل يجوز أن أقول قابلت فلانا صدفة نعم يجوز والدليل : عن أنس قال فَانْطَلَقْتُ بِهِ – يعني بعبد الله بن أبي طلحلة - إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَم رواه مسلم (2550)
سئل: ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاوى (3\ 117) ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة " صدفة "؟ .
فأجاب بقوله: رأينا في هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف
وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله " لكن لا يحضرني الآن حديث معين في هذا الخصوص ".
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع؛ لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو - سبحانه وتعالى - لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبدًا، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له: صدفة، ولا حرج فيه، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجو
---. حكم العقيقة
قلت : تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول قالوا : هِيَ وَاجِبَةٌ وَهُوَ قَوْلُ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي الزِّنَادِ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ انظر المجموع (8/447 ) وابن حزم المحلى 6/ 234، وبه قال الشيخ الألباني رحمهم الله
واستدلوا ؟
1- عن سَمُرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمي فيه ويحلق رأسه ).أخرجه أبو داود ( 2838) وصححه الألباني
والشاهد قوله: " رهينة بعقيقته " قالوا: فهو محبوس مرتهن بعقيقته فلا فكاك له من هذا الحبس وهذا الارتهان إلا بالعقيقة. وكما أن الرهن يجب أن يفك فكذلك يجب أن يفك رهن هذا الغلام فيعق عنه.
 2- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نَعُقَّ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً» رواه ابن ماجه (3163 ) وصححه الألباني 0
قال في شرح زاد المستقنع للحمد (11/279 ) عن هذين الحديثين قال وفي الاستدلال بهذين الدليلين - فيما يظهر لي - نظر.
أما الدليل الأول: فإن الله عز وجل لا يوجب على أحد - إلا أن يكون هذا صريحاً - لا يوجب على أحدٍ ما يكون فكاكاً لغيره إلا أن يرد هذا صريحاً كإيجاب صدقة الفطر على الولد أو من تحت اليد ممن ينفق عليه، وأما أن يوجب هذا لفك رهينة على الوالد فإن في هذا نظراً.
فالذي يظهر أن هذا لا يقوى على الإيجاب فهو مرتهن ومحبوس بذلك لكن لا يعني ذلك أن هذا واجب على الأب، كما أنه لا يجب على الأب أن يقضي دين ولده الذي توفي وعليه دين مع أنه محبوس بدينه أعظم من هذا الحبس فإن هذا يتعلق بحق الآدمي وأما الأول فغايته أن يكون متعلقاً بحق الله وحقوق الله عز وجل مبنية على المسامحة فلا يظهر لي الاستدلال بهذا على وجوب العقيقة.
وأما حديث عائشة: فلا يظهر الاستدلال به على الوجوب فالأمر فيه للاستحباب فيما يظهر، بدليل أنه لو عُق عن الغلام بشاة، فإنه ذلك يجزئ كما سيأتي الدليل عليه، فدل هذا على أن الأمر للاستحباب، فإن الحديث فيه الأمر أن يعق عنه بشاتين وقد دلت الأحاديث على أنه لو عق عنه بشاة، فإن ذلك يجزئ.
ففي سنن أبي داود بإسناد حسن عن بريدة قال: (كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام نذبح شاة ونلطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح الشاة " أي عن الغلام " ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران) فكره الشارع لطخ رأسه بدم العقيقة وشرع حلق رأسه وأن يلطخ بزعفران والشاهد أنه قال: (فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح الشاة) فالظاهر أن الشاة تجزئ لهذا الحديث. فالأقوى ما ذهب إليه جمهور العلماء وأن النسيكة – أي العقيقة- سنة مستحبة وليست بواجبة والله أعلم.
القول الثاني قالوا أَنَّ الْعَقِيقَةَ مُسْتَحَبَّةٌ  - وليست بواجبة - وَبِهِ قَالَ – الشافعي - مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ - أي أكثر أهل العلم - وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية انظر المجموع( 8/447 ) والمغني 9/ 459 ومجموع الفتاوى (32/206 ) ورجحه ابن باز مجموع فتاوى( 18/48) وابن عثيمين في الشرح الممتع( 7/491 )ورجحه شيخنا حسن أبو الاشبال وشيخنا مصطفى العدوي  وهو الصحيح 0
واستدلوا : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أُرَاهُ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ العَقِيقَةِ؟ فَقَالَ: «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ». كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَقَالَ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ». أخرجه أبو داود( 2842 )وحسنه الألباني0
جاء في الروضة الندية ( 2/347 ) بعد أن ذكر هذا الحديث قال فكان هذا الحديث دليلا على أن الأحاديث الواردة في رهن الغلام بعقيقته ليست على الوجوب بل للاستحباب فقط ولو كان واجبا لم يكن مفوضا إلى الإرادة ولما قال صلى الله عليه وسلم من أحب أن ينسك والأولى في تفسير قوله مرتهن بعقيقته أن العقيقة لما كانت لازمة شبهت باعتبار لزومها للمولود بالرهن باعتبار لزومه وقيل إن معنى كونه مرهونا بعقيقته أنه لا يسمي ولا يحلق شعره إلا بعد ذبحها وبه صرح صاحب المشارق والنهاية وقال أحمد بن حنبل إن معناه إذا مات وهو طفل ولم يعق عنه لم يشفع لأبويه 0
وفي التمهيد ( 7/104 ) قال أبو عمر قوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ وُلِدَ لَهُ موَلَودٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَفعل > دليل على أن العقيقة ليست بواجبة لأن الواجب لا يقال فيه من أحب فليفعله 0
القول الثالث  العقيقة عن الغلام فقط دون الجارية فلا يعق عنها، وهو قول قتادة ، و محمد بن سيرين وأبي وائل شقيق بن سلمة، انظر المحلى(6/241)  
.واستدلوا عن سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً ...رواه البخاري (5471)
تمسك هؤلاء بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مع الغلام) والغلام اسم الذكر دون الأنثى .  قلت يرد على هذا القول حديث عائشة وغيره
 عن عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نَعُقَّ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً» رواه ابن ماجه (3163 ) وصححه الألباني 0
قلت الأدلة التي ساقها اصحاب القول الاول على وجوب العقيقة مصروفة للاستحباب بحديث: (من ولد له ولد فأحب أن يسنك عنه فلينسك) فعلق ذلك على المحبة والاختيار فهذ ا الحديث صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وأحاديثهم محمولة على تأكيد الاستحباب جمعاً بين الأخبار
قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى
العقيقة هي: الذبيحة عن المولود، وهي مأخوذة من العق وهو: القطع؛ لأن الذابح يقطع أوداجها وما يجب أن يقطع في حال الذبح.
وهي سنة للمولود الذكر اثنتان، وتجزئ واحدة، وللأنثى واحدة، والسنة أن يكون ذبحها في اليوم السابع من ولادته، قال العلماء: فإن فات ففي أربعة عشر، فإن فات ففي واحد وعشرين، فإن فات ففي أي يوم، ويأكل منها، ويهدي ويتصدق، وإن شاء جمع عليها أصحابه وأقاربه وجيرانه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها على القادر، والصحيح أنها ليست بواجبة على القادر، وإنما يكره للقادر تركها.انتهى
تنبيه قال أبو حنيفة رحمه الله عن العقيقة ليست بواجبة ولا سنة بل هى بدعة انظر المجموع 8/447 واستدل : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ العَقِيقَةِ؟ فَقَالَ: «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ». كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَقَالَ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» سبق تخريجه
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 9/588 ) وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِنَفْيِ مَشْرُوعِيَّتِهَا بَلْ آخِرُ الْحَدِيثِ يُثْبِتُهَا وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تُسَمَّى نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَأَنْ لَا تسمى عقيقة 00
واستدل كذلك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن حسين عن أبى رافع قال: " لما ولدت فاطمة حسنا , قالت: ألا أعق عن ابنى بدم؟ قال: لا , ولكن احلقى رأسه , وتصدقى بوزن شعره من فضة على المساكين , والأوفاض , وكان الأوفاض ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجين فى المسجد , أو فى الصفة ففعلت ذلك , قالت: فلما ولدت حسينا فعلت مثل ذلك "
أخرجه أحمد ( 6/309 ) وحسنه الألباني في الإرواء( 4/403)
قال الألباني رحمه الله في الإرواء (4/404 ) قلت: ومن أجل هذه الطرق قال البيهقى: " تفرد به ابن عقيل ".
قلت: وهو حسن الحديث إذا لم يخالف , وظاهر حديثه مخالف لما استفاض عنه صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن والحسين رضى الله عنهما كما تقدم برقم (1150) , وأجيب عن ذلك بجوابين ذكرهما الحافظ فى " الفتح " (9/515) : " قال شيخنا فى " شرح الترمذى ": يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم كان عق عنه , ثم استأذنته فاطمة أن تعق عنه أيضا فيمنعها. قلت: ويحتمل أن يكون منها لضيق ما عندهم حينئذ , فأرشدها إلى نوع من الصدقة , أخف , ثم تيسر له عن قرب ما عق به عنه ".
قلت: وأحسن من هذين الجوابين , جواب البيهقى: " وهو إن {صح} , فكأنه أراد أن يتولى العقيقة عنهما بنفسه , كما رويناه (يعنى فى الأحاديث التى أشرنا إليها آنفا) فأمرها بغيرها , وهو التصدق بوزن شعرهما من الورق. وبالله التوفيق
--- حكم الأضحية :
اختلف أهل العلم في حكم الأضحة ، على قولين :
الاول : أنها واجبة: وهو قول الأوزاعي، والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، قال شيخ الإسلام: وهو أحد القولين في مذهب مالك أو ظاهر مذهب مالك. واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين انظر أحكام الأضحية والذكاة (2/214) ومجموع الفتاوى (23/ 162.) واستدلوا بأدلة منها :
1- قال الله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر: 2) قالوا فأمر بالنحر، أي انحر الأضحية والأصل في الأمر الوجوب.واجيب بأن للعلماء في تأويل الآيه خمسة أقوال أظهرها أن المراد : صل لله ، وانحر لله قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَاجْعَلْ صَلَاتَكَ كُلَّهَا لِرَبِّكَ خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ وَكَذَلِكَ نَحْرَكَ اجْعَلْهُ لَهُ دُونَ الْأَوْثَانِ؛ شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ، الَّذِي لَا كِفَاء لَهُ، وَخَصَّكَ بِهِ - قال ابن كثير - وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى: مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَعَطَاءٌ انظر تفسير ابن كثير ت سلامة  (8/504)
2- عَنْ جُنْدَبٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، فَقَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ» رواه البخاري (985) ومسلم (1960) قالوا والأمر يقضتي الوجوب
 وأجيب قال ابن حزم في المحلى (6/5)
وَكُلُّ سُنَّةٍ لَيْسَتْ فَرْضًا، فَإِنَّ لَهَا حُدُودًا مَفْرُوضَةً لَا تَكُونُ إلَّا بِهَا كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِصَلَاةٍ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَلَّا يُصَلِّيَهَا إلَّا بِوُضُوءٍ، وَإِلَى الْقِبْلَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا، وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا وَيَرْكَعَ، وَيَسْجُدَ، وَيَجْلِسَ وَلَا بُدَّ، وَكَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُهُ الصَّائِمُ وَإِلَّا فَلَيْسَ صَوْمًا. انتهى وكذلك من أراد أن يضحي فعليه أن يأتي بشروط الأضحية ومنها أن يذبح بعد الصلاة كما جاء في هذا الحديث
وقال ابن حجر في فتح الباري (12/ 99) وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِوُقُوعِ الْأَمْرِ فِيهِمَا بِالْإِعَادَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ شَرْطِ الْأُضْحِيَّةِ الْمَشْرُوعَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِمَنْ صَلَّى رَاتِبَةَ الضُّحَى مَثَلًا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَعِدْ صَلَاتَكَ
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا»رواه ابن ماجه  (3123) وحسنه الألباني قلت بل هو ضعيف ضعفه الترمذي والبيهقي انظر المعرفة (14/16) والدارقطني  في العلل (10/34)وابن عبد البر في التمهيد  (7/17) والنووي في المجموع 08/355) والأرنؤوط قلت : في إسناده عبد الله بن عياش قال أبو حاتم : ليس بالمتين ، صدوق ، يكتب حديثه ، و هو قريب من ابن لهيعة . و قال أبو داود ، و النسائى : ضعيف . و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " و قال ابن يونس : منكر الحديث . اهـ
 قلت : وان صح فهو ليس بصريح في الإيجاب، إذ يحتمل أن منعه من المسجد، وحرمانه من حضور الصلاة ودعوة المسلمين عقوبة له على ترك هذه الشعيرة، وإن لم تكن واجبة، لكن من أجل تأكدها،وأيضا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، كَمَا فِي حَدِيثِ: مَنْ أَكَلَ الثُّومَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا. انظر مرعاة المفاتيح (5/72) قال ابن عبد البرلَيْسَ فِي اللَّفْظِ تَصْرِيحٌ (بِإِيجَابِهَا) لَوْ كَانَ مَرْفُوعًا فَكَيْفَ وَالْأَكْثَرُ يَجْعَلُونَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ)سيأتي تخريجه) وَلَا شَيْءَ يُقَالُ فِي الْوَاجِبِ مَنْ أَرَادَ فِعْلَهُ انظر الاستذكار (5/229)
4-عَنِ البَرَاءِ، قَالَ:قَالَ أَبُو بُرْدَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ قَالَ: " اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَالَ: اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ رواه البخاري (968)
وأجاب الخطابي في معالم السنن (2/230)عن الاستدلال به على الوجوب فقال :
وقد استدل بعض من يوجب الأضحية بقوله تجزىء عنك ولن تجزىء عن أحد بعدك. قلت : وهذا لا يدل على ما قاله لأن أحكام الأصول مراعاة في إبدالها فرضاً كانت أو نفلا وإنما هو على الندب كما كان الأصل على الندب، ومعناه أنها تجزىء عنك إن أردت الأضحية ونويت الأجر فيها.
5- عن البراء بن عازب أن النبي صل الله عليه وسلم قال " أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ - فَقَالَ -: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى ".رواه أبو داود (2802) وصححه الألباني قالوا فقوله أربع لا تجوز 00 دليل على وجوبها لأن التطوع لا يقال فيه : لا تجزيء ، قالوا : والسلامة من العيوب انما تراهى في الرقاب الواجبة ، وأما التطوع فجائز أن يتقرب الى الله فيه بالأعور وغيره 0وأجيب بأن الضحايا قربان سنة رسول الله صل الله عليه وسلم يتقرب به الى الله عز وجل حسبما ورد به الشرع وهو حكم ورد به التوقيت فلا يتعدي به سنته صل الله عليه وسلم لأنه محال أن يتقرب اليه بما نهى عنه على لسان رسول الله صل الله عليه وسلم انظر صحيح فقه السنة (2/368)
6- عن مِخْنَفُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: وَنَحْنُ وُقُوفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً،رواه أبو داود (2788) قلت : حديث حسن وحسنه ابن حجر والأرنؤوط وضعفه الألباني ثم حسنه قالوا ووجه الشاهد فيه أن كلمه على للإيجاب كما هو الأصل
قال البيهقي في المعرفة (14/ 16): وَهَذَا إِنْ صَحَّ، فَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ , فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَتِيرَةِ، وَالْعَتِيرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بِالْإِجْمَاعِ
وقال ابن حجر : وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ 00بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْوُجُوبِ الْمُطْلَقِ وَقَدْ ذَكَرَ مَعَهَا الْعَتِيرَةَ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ اهـ
القول الثاني : الأضحيةُ سنةٌ وليست واجبة ، وهذا قول أكثر العلماء، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبِلَالٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَبِهِ قَالَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ – وأحمد - وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ انظر المغني (9/435)وابن حزم وهو الراجح
والدليل :1- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»رواه مسلم (1977) قالوا فقوله وأراد أن يضحي دليل على أن الأضحية ليست بواجبة 0 قَالَ الشَّافِعِيُّ هذا دليل ان التضحية ليست بواجبة لقوله صلى الله عليه وسلم (وَأَرَادَ) فَجَعَلَهُ مُفَوَّضًا إلَى إرَادَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ واجبة لقال فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ انظر المجموع (8/386)
2-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَضْحَى بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ، فَأُتِيَ بِكَبْشٍ، فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي» رواه الترمذي ( 1521) وصححه الألباني قال الشوكاني في نيل الأوطار (5/131)
وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْحَدِيثَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَضْحِيَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أُمَّتِهِ وَعَنْ أَهْلِهِ تُجْزِئُ كُلَّ مَنْ لَمْ يُضَحِّ سَوَاءٌ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ
3- وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ»
 ذكره البخاري في صحيحه تعليقا بصيغة الجزم (7/99) قال ابن حجر في فنح الباري (10/3) وَصَلَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلمَة فِي مُصَنفه بِسَنَد جيد إِلَى بن عُمَرَ
4- عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ يَعْنِي حُذَيْفَةَ بْنَ أَسِيدٍ الْغِفَارِيَّ، قَالَ: " أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ، أَوْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يُضَحِّيَانِ. فِي بَعْضِ حَدِيثِهِمْ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يُقْتَدَىَ بِهِمَا "رواه البيهقي في الصغرى (2/222) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1139)
قال ابن حزم في المحلى (6/3)
الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ، وَلَيْسَتْ فَرْضًا، وَمَنْ تَرَكَهَا غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْهَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. وَمَنْ ضَحَّى عَنْ امْرَأَتِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فَحَسَنٌ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ.
--- هل الأضحية تجوز بأي حيوان مأكول اللحم كالغزال والطيورأم هى خاصة ببهيمة الأنعام الإبل البقر الماعز0
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : لا يجزيء في الأضحية إلا الأنعام : وهي الغنم بنوعيه الضأن والماعز.والإبل والبقر وهذا مذهب الائمة الأربعة انظر شرح المهذب (8/366) مذهب : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد واستدلوا 1- لقوله تعالى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] قال القرطبي : [والأنعام هنا هي الإبل والبقر والغنم] تفسير القرطبي 11/44
2- عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» رواه البخاري (5558) ومسلم (1966)
قال ابن القيم
وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ هَدْيٌ، وَلَا أُضْحِيَّةٌ، وَلَا عَقِيقَةٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ مَجْمُوعِ أَرْبَعِ آيَاتٍ.إِحْدَاهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1] [الْمَائِدَةِ: 1] .وَالثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28] [الْحَجِّ: 28] .
3- قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ - ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الأنعام: 142 - 143] [الْأَنْعَامِ 142، 143] ثُمَّ ذَكَرَهَا.
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] [الْمَائِدَةِ 95] انظر زاد المعاد (1/385) قال القرطبي: [والذي يضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية وهي الضأن والمعز والإبل والبقر] تفسير القرطبي 15/109. قال شيخنا مصطفى العدوي الذي يضحي به أحد الأزواج الثمانية التي قال الله عز وجل : ثم ذكر آية الأنعام ثم قال وهي : الكبش ، والنعجة ، والجدي ، والعنز ، والجمل ، والناقة ، والثور ، والبقرة ، ويدخل فيها الجاموس اهـ
القول الثاني : وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِبَقَرِ الْوَحْشِ عَنْ سَبْعَةٍ وَبِالضَّبَا عَنْ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ دَاوُد فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ انظر المجموع (8/ 394) قلت هذا القول مردود مخالف للكتاب وللسنة
القول الثالث : قال ابن حزم وَالْأُضْحِيَّةُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ ذِي أَرْبَعٍ، أَوْ طَائِرٍ، كَالْفَرَسِ، وَالْإِبِلِ، وَبَقَرِ الْوَحْشِ، وَالدِّيكِ، وَسَائِرِ الطَّيْرِ وَالْحَيَوَانِ الْحَلَالِ أَكْلُهُ،انظر المحلى (6/ 29) واستدل
1- قال ابن حزم فَوَجَدْنَا النُّصُوصَ تَشْهَدُ لِقَوْلِنَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَالتَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى - بِكُلِّ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ قُرْآنٌ وَلَا نَصُّ سُنَّةٍ - حَسَنٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وَالتَّقَرُّبُ إلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ التَّقَرُّبِ إلَيْهِ بِهِ فِعْلُ خَيْرٍ.انظر المحلى (6/30)
وأجيب عن استدلال ابن حزم: أن الآية عامة والأدلة الواردة في التضحية بالأنعام خاصة فتقدم عليها، لأن الخاص يقدم على العام كما في أصول الفقه.
2- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم  وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَةَ».رواه البخاري (929) ومسلم (850) وأجيب عن استدلال ابن حزم بالحديث فمردود ، حيث إنه كان يلزم ابن حزم أن يجيز الأضحية بالبيضة لأنها وردت في الحديث! فلماذا قصر الأضحية على الحيوان والطائر؟ فأعمل بعض الحديث وأهمل بعضه، وأيضاً يلزم ابن حزم القول بإجزاء الدجاجة والعصفور والفرس ونحوها في هدايا الحج، لأن الحديث ورد بلفظ الهدي وهو لا يقول بجوازها في الهدي بل الهدي عنده هو من الأنعام فقط.والصحيح أن الإهداء المذكور في الحديث مفسر بالتصدق، وليس المقصود إراقة الدم بدليل ذكر البيضة فيه. وكذلك فقد ورد في الحديث (فكأنما قرب .00 ) والتقريب هو التصدق بالمال تقرباً إلى الله عز وجل، وصحيح أن الأضحية تقريب ولكنها مقيدة بإراقة الدم كالهدي انظر المفصل (53).
3- عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ لِي بِلَالٌ: مَا كُنْت أُبَالِي لَوْ ضَحَّيْت بِدِيكٍ،رواه ابن حزم في المحلى (6/9)
4-عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَعْطَى مَوْلًى لَهُ دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ: اشْتَرِ بِهِمَا لَحْمًا وَمَنْ لَقِيَك فَقُلْ: هَذِهِ أُضْحِيَّةُ ابْنِ عَبَّاسٍ.رواه ابن حزم في المحلى (6/10)
وأجيب أما احتجاج ابن حزم بما ورد عن بلال وعن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين فلا حجة في أحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم. فإنه لا يدفع به ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه كان يضحي بالأنعام فقط. لأن الحجة فيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خالفه من الصحابة، فمن بعدهم فإنه يلتمس له العذر حيث يستحق ذلك، والله تعالى إنما يسأل الناس يوم القيامة عن إجابتهم الرسل، قال الله تعالى: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) القصص الآية: 65.
--- ما حكم التسمية على الذبيحة واجبة أم مستحبة :
تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة اقوال 0
القول الاول : قالوا كل من ترك التسمية عامداً كان أو ناسيا فذبيحته لا تحل ، وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما ومولاه نافع  والشعبي وابن سيرين ورواية عن أحمد وهو اختيار أبو ثور وداود . وابن حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثيمين رحمهم الله 0 ينظر أحكام الأضحية والذكاة لابن عثيمين ( 2/265 / 267)
واستدلوا أَولا : عن رافع بن خديج مرفوعا «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه فَكُلْ»  رواه [ البخاري 3075 ]  [ ومسلم 1968]
قالوا : فشرط النبي صلى الله عليه وسلم للحل ذكر اسم الله عليه مع إنهار الدم.
ثانيا : قال الله تعالى :{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}  {الانعام}   (121)
قالوا:أن النهي يقتضي التحريم لاسيما مع وصف الفسق؛ فإن الذي يسمى فسقا في الشرع لابد أن يكون حراما.
قال ابن حزم رحمه الله 0
وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِعَمْدٍ أَوْ نِسْيَانٍ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] فَعَمَّ تَعَالَى وَلَمْ يَخُصَّ. ينظر المحلى (6/87)
القول الثاني : قالوا إِنْ تركها ناسيا حلت وإنْ تركها عامدا لم تحل وهو مذهب  الجمهور : وهو قول  علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وهو مذهب أَبي حَنِيفَة، وَمَالِك ، وبه قال الثوري ، وإسحاق ، وَمَال إِلَيْه البُخَارِي في صحيحه 0
ينظر معالم السنن (4/ 283 ) والمحلى ( 6/89 )  وفتح الباري( 9/624)
 والموسوعة الفقهية الكويتية (21/189)
وهؤلاء احتجوا : بِأَدلة الفريق الأول في المتعمد ، وبِأَدِلة الفريق الثالث في الناسي، وزادوا في حجتهم :  قوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286].
 وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رواه ابن ماجه  [2043] وصححه الألباني  
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ:  «الْمُسْلِمُ يَكْفِيهِ اسْمُهُ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحُ فَلْيُسَمِّ وَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ لِيَأْكُلْ» رواه الدارقطني في السنن[ 4808]  قلت : هذا الحديث ضعيف مرفوعا صحيح موقوفا عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال البيهقى ورجحه الألباني: الأصح وقفه ينظر الارواء ( 8/171)
قال الزرقاني رحمه الله : 
 بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ
جَمْعُ ذَبِيحَةٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الذَّاكِرِ الْقَادِرِ لَا النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ وَالْأَخْرَسِ.قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] (سُورَةُ الْأَنْعَامِ: الْآيَةُ: 121) وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنَ الْآيَةِ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْفِسْقِ عَقِبَهُ إِنْ كَانَ عَنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ إِهْمَالُ التَّسْمِيَةِ فَلَا يُدْخَلُ النَّاسِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُ فِسْقًا، وَإِنْ كَانَ عَنْ نَفْسِ الذَّبِيحَةِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ مَصْدَرًا فَهُوَ مَنْقُولٌ مِنَ الْمَصْدَرِ، وَالذَّبِيحَةُ الْمَتْرُوكَةُ لِتَسْمِيَةٍ عَلَيْهَا نِسْيَانًا، لَا يَصِحُّ تَسْمِيَتُهَا فِسْقًا، إِذِ الْفِعْلُ الَّذِي نُقِلَ مِنْهُ هَذَا الِاسْمُ لَيْسَ بِفِسْقٍ، فَإِمَّا أَنْ تَقُولَ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْعَمْدِ لَا الْمَنْسِيِّ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، أَوْ نَقُولُ: فِيهَا دَلِيلٌ مِنْ حَيْثُ مَفْهُومِ تَخْصِيصِ النَّهْيِ بِمَا هُوَ فِسْقٌ، فَمَا لَيْسَ بِفِسْقٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الِانْتِصَافِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ظَاهَرُ الْآيَةِ تَحْرِيمُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَخُصَّتْ حَالَةُ النِّسْيَانِ بِالْحَدِيثِ أَوْ يُجْعَلُ النَّاسِي ذَاكِرًا تَقْدِيرًا وَمَنْ أَوَّلَ الْآيَةَ بِالْمَيْتَةِ أَوْ مِمَّا ذُكِرَ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَدْ عَدَلَ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ.  شرح الزرقاني على الموطأ [3/122]    
القول الثالث : قالوا أَنْ التسمية على الذبيحة مستحبة إِنَّ تركها الذابح عمدا أَوْ سهوا حلت الذبيحة  حكي ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وهو مذهب الشافعي ، ورواية عن أحمد ، واختاره ابن عبدالبر ، وهو الراجح 0
 ينظر معالم السنن (4/ 283). تمام المنة لشيخنا العزازي ( 4/ 227)
الاستذكار (5/ 249).
 واستدلوا أولا : قال الله تعالى :{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ 000 الي قوله تعالى  إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } [المائدة 3}
فاباح المذكي ولم يذكر التسمية 0
 قال النووي رحمه الله :
فَأَبَاحَ الْمُذَكَّى وَلَمْ يَذْكُرْ التَّسْمِيَةَ (فَإِنْ قِيلَ) لَا يَكُونُ مُذَكًّى إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ (قُلْنَا) الذَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ الشَّقُّ وَالْفَتْحُ وَقَدْ وُجِدَا 0 ينظر المجموع {8/411}
 ثانيا : قال الله تعالى : (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ )
[سورة المائدة -5]  فاباح ذبائحهم ولم يشترط التسمية 0
المجموع للنووي { 8/411}
ثالثا : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ، لاَ نَدْرِي: أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ؟ فَقَالَ: «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ» قَالَتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالكُفْرِ  رواه البخاري[ 5507]
قال ابن عبد البر رحمه الله :
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْأَكْلِ إِنَّمَا مَعْنَاهَا التَّبَرُّكُ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلذَّكَاةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا تُدْرِكُهُ ذَكَاةٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا لَوْ كَانَتِ التَّسْمِيَةُ وَاجِبَةً فَرْضًا عَلَى الذَّبِيحَةِ لَمَا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِ لَحْمٍ ذَبَحَتْهُ الْأَعْرَابُ بِالْبَادِيَةِ إِذْ مُمْكِنٌ أَنْ يُسَمُّوا وَمُمْكِنٌ أَنْ لَا يُسَمُّوا اللَّهَ لِجَهْلِهِمْ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ أَلَّا يُؤْكَلَ مِنْ ذَبَائِحِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزِ اسْتِبَاحَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنَ التَّسْمِيَةِ إِذِ الْفَرَائِضُ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِيَقِينٍ وَإِذِ الشَّكُّ وَالْإِمْكَانُ لَا يُسْتَبَاحُ بِهِ الْمُحَرَّمَاتُ 0 التمهيد ( 7/50)
قال الخطابي عن هذا الحديث :
فيه دليل على أن التسمية غير واجبة عند الذبح لأن البهيمة أصلها على التحريم حتى يتيقن وقوع الذكاة فهي لا تستباح بالأمر المشكوك فيه فلو كانت التسمية من شرط الذكاة لم يجز أن يحمل الأمر فيها على حسن الظن بهم فيستباح أكلها كما لو عرض الشك في نفس الذبح فلم يعلم هل وقعت الذكاة أم لا لم يجز أن تؤكل 0
معالم السنن(4/283  )
رابعا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ  أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ مِنَّا يَذْبَحُ وَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ؟ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «اسْمُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ». مَرْوَانُ بْنُ سَالِمٍ ضَعِيفٌ ,» رواه الدارقطني في السنن[4803] وضعفه الالباني في الارواء [8/169]وقال النووي في المجموع[ 8/412] فهذا الحديث منكر مجمع على ضعفه
خامسا : عَنِ الصَّلْتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ، ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، إِنَّهُ إِنْ ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا اسْمَ اللَّهِ» رواه أَبُو دَاوُدَ في المراسيل [378]
وقال الألباني:  هذا مرسل ضعيف إرواء الغليل [ 8 /170] 
قلت عمرو : الصحيح هو القول الثالث : أَن التَّسْمِيَة على الذبيحة مستحبة ، أَمَّا   حجتهم  بقوله تعالى : {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } الانعام  (121)  قلت : قد حمل الإمام الشافعي ، هذه الآية على ما ذبح لغير الله كقوله تعالى : (أَوْ فِسْقا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) [الأنعام: 145]  قال ابن كثير : في تفسيره ت سلامة (3/325 ) وهذا المسلك الذي طرقه الإمام الشافعي رحمه الله قوي انتهى
وقال النووي رحمه الله :
(وَأَجَابَ) أَصْحَابُنَا عَنْ الْآيَةِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الْأَوَّلُونَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى (وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب وما أهل به لغير الله) وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يذكر اسم الله عليه وانه لفسق) وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ لَيْسَ بِفَاسِقٍ فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ 0 ينظر المجموع( 8/412)
قال ابن عبد البر رحمه الله :
قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا خَرَجَ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَتَحْرِيمِ مَا ذُبِحَ لِلنُّصُبِ وَأُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتِ الْآيَةُ حِينَ خَاصَمَ الْمُشْرِكُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 0 التمهيد (7/50)
 أما حديث : «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه فَكُلْ»  هذا الوجوب صرف للندب بِالْآيَتَيْن : وبحديث عائشة رضي الله عنها : فالصحيح أَن التَّسْمِيَة  على الذبيحة مستحبة والله اعلم 0
سالت شيخنا : مصطفى العدوي قلت له  ما حكم من نسي التسمية على الذبيحة اثناء الذبح قال شيخنا لا بأس والذبيحة تأكل
تنبيه
استحباب التكبير مع التسمية عند الذبح
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» رواه البخاري 5558 ومسلم 1966
--- ما حكم رضاعة الكبير هل تؤثر في الرضاعة أم لا تؤثر
قلت : تنازع العلماء في ذلك على تسع أقوال ولكن أشهرها ثلاثة أقوال ومن أراد الزياده فلينظر نيل الأوطار (6/373)  
 القول الأول : قالوا بوقوع التحريم بالرضاعة للصغير والكبير على حد سواء وعدم التفريق بين ما كان في الحولين – أي عامين-  أو بعدهما
وهو قول : عَائِشَة وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْرِ وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ وَاللَّيْث بْن سَعْدٍ وَابْن عُلَيَّةَ ودَاوُد الظَّاهِرِيِّ، وابْنُ حَزْمٍ انظر نيل الأوطار( 6/372)
قال ابن حزم في المحلى (10\203)
وَرَضَاعُ الْكَبِيرِ مُحَرِّمٌ - وَلَوْ أَنَّهُ شَيْخٌ يُحَرِّمُ - كَمَا يُحَرِّمُ رَضَاعُ الصَّغِيرِ وَلَا فَرْقَ؟
استدلوا : 1- عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَالِمًا، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ، فَأَتَتْ - تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ - النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ. وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا. وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا. وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ» فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ. فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ  رواه مسلم ((1453))
وكان أبو حذيفة قد تبنى سالما قبل أن ينزل تحريم التبني
وأجيب : عن هذا الحديث قال النووي في شرح مسلم (10\ 31)  وَحَمَلُوا حَدِيثَ سَهْلَةَ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَا وَبِسَالِمٍ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَسَائِرِ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُنَّ خَالَفْنَ عَائِشَةَ فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع ( 13/435)  رضاع الكبير لا يؤثر مطلقاً، إلا إذا وجدنا حالاً تشبه حال أبي حذيفة من كل وجه. - وهذا غير ممكن - لأن التبني أُبطل، فلما انتفت الحال انتفى الحكم،000 والخلاصة أنه بعد انتهاء التبني نقول: لا يجوز إرضاع الكبير، ولا يؤثر إرضاع الكبير، بل لا بد إما أن يكون في الحولين، وإما أن يكون قبل الفطام، وهو الراجح انتهى باختصار   
ثانيا :  قال تعالى : (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِى أَرْضَعْنَكُمْ) [النساء: 23]قالوا : فالآية مطلقة، وهي بإطلاقها تتناول رضاع الكبير، ويدخل فيها رضاع الصغير. وأجيب : بأن السنن الصحاح التي استدلّ بها أصحاب القول الثاني تقيّد هذا الإطلاق بالرضاع في حال الصغر
 القول الثاني : وهواختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، جمع بين القولين واختار أن رضاع الكبير لا يؤثر ولا يعتبر إلا عند الحاجه إليه ، ورجح هذا القول  ،ابن القيم ، والصنعاني ، في سبل السلام 2/313 والشوكاني ،
قال الشوكاني في نيل الأوطار (6/373) أَنَّ الرَّضَاعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الصِّغَرُ إلَّا فِيمَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُسْتَغْنَى عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَيَشُقُّ احْتِجَابُهَا مِنْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُجْعَلَ قِصَّةُ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةُ مُخَصِّصَةً لِعُمُومِ «إنَّمَا الرَّضَاعُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» ، «وَلَا رَضَاعَ إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ» ، «وَلَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ» ، «وَلَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» وَهَذِهِ طَرِيقٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ طَرِيقَةِ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِرَضَاعِ الْكَبِيرِ مُطْلَقًا، وَبَيْنَ مَنْ جَعَلَ رَضَاعَ الْكَبِيرِ كَرَضَاعِ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا لِمَا لَا يَخْلُو عَنْهُ وَاحِدَةٌ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ مِنْ التَّعَسُّفِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ سُؤَالَ سَهْلَةَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ، وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِعَدَمِ جَوَازِ إبْدَاءِ الزِّينَةِ لِغَيْرِ مَنْ فِي الْآيَةِ، فَلَا يُخَصُّ مِنْهَا غَيْرُ مَنْ اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا بِدَلِيلٍ كَقَضِيَّةِ سَالِمٍ وَمَا كَانَ مُمَاثِلًا لَهَا فِي تِلْكَ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْحَاجَةُ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِحَاجَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ الْحَاجَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِرَفْعِ الْحِجَابِ وَلَا بِشَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ وَلَا بِمِقْدَارٍ مِنْ عُمْرِ الرَّضِيعِ مَعْلُومٍ وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ سَهْلَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ سَالِمًا ذُو لِحْيَةٍ فَقَالَ: أَرْضِعِيهِ» انتهى
القول الثالث : الرضاع المحرِّم ما كان في السنتين الأوليين فقط وهو الراجح
قال ابن قدامة في المغني (8/177) مِنْ شَرْطِ تَحْرِيمِ الرَّضَاعِ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَوْلَيْنِ. - أي عامين - وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَى عَائِشَةَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ قلت : ورجحه العلامة ابن باز وشيخنا مصطفى العدوي 0
واستدلوا أولا :  بقوله تعالى : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] قالوا : فَجَعَلَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ حَوْلَيْنِ،- عامين -  فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهَا بَعْدَهُمَا.000 قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِسَاعَةٍ، لَمْ يُحَرِّم انظر المغني (8\178)
ثانيا : عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِي، فَقَالَ: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ»أخرجه البخاري (5102) ومسلم (1455)
قال ابن القيّم في "زاد المعاد" (5/ 516):
قَالُوا: وَلَوْ كَانَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ مُحَرِّمًا لَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة - وَقَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَكَرِهَ دُخُولَ أَخِيهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ عَلَيْهَا لَمَّا رَآهُ كَبِيرًا: - " انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنُّ " فَلَوْ حَرَّمَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ، وَلَمَا كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ» ثُمَّ قَالَ: «فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ» وَتَحْتَ هَذَا مِنَ الْمَعْنَى خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَدِ ارْتَضَعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الرَّضَاعِ وَهُوَ زَمَنُ الْمَجَاعَةِ، فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، فَلَا يَكُونُ أَخًا. اهـ
الدليل الثالث : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ، وَكَانَ قَبْلَ الفِطَامِ»: أخرجه الترمذي (1152) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»وصححه الألباني 0
قال : الترمذي وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ الرَّضَاعَةَ لَا تُحَرِّمُ إِلَّا مَا كَانَ دُونَ الحَوْلَيْنِ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ الكَامِلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا انتهى
كما علمت : ان إرضاع الكبير فيه خلاف بين العلماء ولكل قول معه دليل ؛  فلا نسخر من القول الأول كما فعله بعض المتخلفين مثل الفنان الكبير المخرف بكبره الي عليه من الله ما يستحق عادل إمام وأمثاله أهل الفسق قالوا : أن زوجة رجل الأعمال يجب أن ترضع السائق والسفرجى والطباخ والبواب هولاء يسخرون بالقول الأول حسبي الله ونعم الوكيل هذا جهل منهم أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فهولاء نقول لهم سلاما لقول ربنا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 0
--- هل يقع طلاق الهازل ؟
 قلت : ذهب أكثر أهل العلم - منهم الشافعية والحنفية إلى أن طلاق الهازل يقع انظر نيل الأوطار  (6/278) واستدلوا عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ "رواه أبو داود (2194) هذا الحديث حسنه الألباني ولكن الصحيح انه حديث ضعيف ضعفه ابن حزم في المحلى (9/ 266)، وابن القطان في بيان الوهم (3/ 510) وابن العربي في عارضة الأحوذي (5/ 156)، والذهبي في التلخيص (2/ 198) حيث تعقب الحاكم في تصحيحه.وضعفه شيخنا مصطفى العدوي 0
قال الأستاذ الفاضل مراد شكري في كتابه " المنخلة النونية في فقه الكتاب والسنة النبوية وشرحها " (161):
" وشواهده لا تنهض لتصحيحه؛ لسببين:
الأول: ضعفها الشديد.والثاني: عدم كونها في محل الشاهد؛ ففرق بين قوله: " ثلاث هزلهنَّ جدٌّ "، وقوله: " ثلاث لا يُلعَب بهن "؛ فالأولى إثبات للطلاق، والثانية نهي عن اللعب فيه، والنهي لا يفيد الوقوع، بل يفيد الإثم فقط " أ. هـ.
قال الشوكاني في نيل الأوطار  (6/278)
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَلَفَّظَ هَازِلًا بِلَفْظِ نِكَاحٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ رَجْعَةٍ أَوْ عَتَاقٍ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ. أَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ
 وقالا: أحمد ومالك: إنَّهُ يَفْتَقِرُ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ إلَى النِّيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ} [البقرة: 227]  فَدَلَّتْ الآية عَلَى اعْتِبَارِ الْعَزْمِ وَالْهَازِلُ لَا عَزْمَ مِنْهُ.قال الشوكاني رحمه الله : وَأَجَابَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ فَقَالَ: يُعْتَبَرُ الْعَزْمُ فِي غَيْرِ الصَّرِيحِ لَا فِي الصَّرِيحِ فَلَا يُعْتَبَرُ. وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْجَمْعِ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَقِّ الْمَوْلَى انظر نيل الأوطار (6/278)
 قلت : واستدلوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، متفق عليه قلت : طلاق الهازل لا يقع لضعف حديث أبي هريرة لو صح لقلت به : قال النبي صل الله عليه وسلم «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، والهازل لا عزم له ولا نية والله أعلم
قال الشيخ محمد بن أبراهيم موسوعة الفقه الإسلامي (4\186)
 الهازل: هو الذي يتكلم ولا يقصد الحقيقة كأن يطلق زوجته هازلاً ولاعباً، فهذا آثم، ويقع طلاقه إن قصد الطلاق، فإن لم يقصد الطلاق فلا يقع؛ لأن الطلاق عمل يفتقر إلى نية، والهازل لا عزم له ولا نية.انتهى ---
---- هل يقع طلاق الغضبان ؟
المعلوم أن الغضبان لا يؤاخذ بما صدر منه ، قال الله تعالى وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ سورة الأعراف( 150)
أقسام الغضب ؟
تكلم العلماء في وقوع طلاق الغضبان والتحقيق أن الغضب ينقسم الى ثلاثة أقسام 0
قال ابن القيم في زاد المعاد (5/195)
وَالْغَضَبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ، فَلَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِمَا قَالَ، وَهَذَا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ بِلَا نِزَاعٍ.
وَالثَّانِي: مَا يَكُونُ فِي مَبَادِيهِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ تَصَوُّرِ مَا يَقُولُ وَقَصْدِهِ، فَهَذَا يَقَعُ طَلَاقُهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَحْكِمَ وَيَشْتَدَّ بِهِ، فَلَا يُزِيلُ عَقْلَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَكِنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِيَّتِهِ بِحَيْثُ يَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ إِذَا زَالَ، فَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَعَدَمُ الْوُقُوعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَوِيٌّ مُتَّجِهٌ.انتهى قلت : القسم الثالث فيه خلاف بين العلماء فمنهم من قال : الطلاق يقع ، وهو قول : أكثر أهل العلم ، ومنهم من قال : لا يقع وهو الراجح  وهو اختيارشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، ورجحه ابن باز ، وابن عثيمين  ، وشيخنا مصطفى العدوي ، والدليل  عن عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا طَلَاقَ، وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ رواه ابن ماجة (2046) حديث حسن وحسنه الألباني  قال أحمد وأبوداود وغيرهما أن معنى الْإِغْلَاق الغضب انظر زاد المعاد (5/195) وقال الله تعالى (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ) سورة الأعراف( 150) وجه الاستشهاد بالآية الكريمة على عدم وقوع طلاق الغضبان من ناحية عدم مؤاخذة موسى عليه السلام بما صدر منه أثناء غضبه من القاء الألواح فكذلك فليكن  أمر الغضبان بالنسبة للطلاق 0
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن تسيء إليه زوجته وتشتمه، فطلقها في حال الغضب فأجاب:
"إذا كان الطلاق المذكور وقع منك في حالة شدة الغضب وغيبة الشعور، وأنك لم تدرك نفسك، ولم تضبط أعصابك، بسبب كلامها السيئ وسبها لك وشتائمها ونحو ذلك، وأنك طلقت هذا الطلاق في حال شدة الغضب وغيبة الشعور، وهي معترفة بذلك، أو لديك من يشهد بذلك من الشهود العدول، فإنه لا يقع الطلاق؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على أن شدة الغضب - وإذا كان معها غيبة الشعور كان أعظم - لا يقع بها الطلاق.
ومن ذلك: ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) .
قال جماعة من أهل العلم: الإغلاق: هو الإكراه أو الغضب؛ يعنون بذلك الغضب الشديد، فالغضبان قد أغلق عليه غضبُه قصدَه، فهو شبيه بالمعتوه والمجنون والسكران، بسبب شدة الغضب، فلا يقع طلاقه. وإذا كان هذا مع تغيب الشعور وأنه لم يضبط ما يصدر منه بسبب شدة الغضب فإنه لا يقع الطلاق.
والغضبان له ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: حال يتغيب معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين، ولا يقع الطلاق عند جميع أهل العلم.
الحال الثانية: وهي إن اشتد به الغضب، ولكن لم يفقد شعوره، بل عنده شيء من الإحساس، وشيء من العقل، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق، وهذا النوع لا يقع به الطلاق أيضاً على الصحيح.
والحال الثالثة: أن يكون غضبه عادياً ليس بالشديد جداً، بل عادياً كسائر الغضب الذي يقع من الناس، فهو ليس بملجئ، وهذا النوع يقع معه الطلاق عند الجميع " انتهى من فتاوى الطلاق ص 19- 21، جمع: د. عبد الله الطيار، ومحمد الموسى.
--- الاستثناء في الطلاق :
 معنى الاستثناء أن يقول رجل لزوجته أنت طالق إن شاء الله هل يقع طلاق
قلت : الصحيح لا يقع  وينفعه  الِاسْتِثْنَاء وهو مذهب - طاووس وحماد - وأبي حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد وابن حزم انظر المغني (7/357) والمحلى(9/484) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي0
 والدليل 1- أن الاستثناء في الطلاق داخل في عموم حديث ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ رواه الترمذي (1531) وقال الترمذي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.وصححه الألباني فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ أَيْ: فَلَا يَمِينَ لَهُ
2- قال ابن حزم في المحلى (9/484)
 وَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ لَا يَشَاءَ اللَّهُ -: فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلَا يَقَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ طَلَاقٌ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30]
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ إمْضَاءَ هَذَا الطَّلَاقِ لَيَسَّرَهُ لِإِخْرَاجِهِ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ.فَصَحَّ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ وُقُوعَهُ إذْ يَسَّرَهُ لِتَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهِ - عَزَّ وَجَلَّ.انتهى
3- عن الثوري - في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى - قال: قال طاووس وحماد: «لا يقع عليها الطلاق أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11326) وصححه شيخنا مصطفى العدوي0
         وذهب مالك وأحمد في رواية قالوا يقع الطلاق لا ينفعه الاستثناء انظر المغني (7\357) ودليلهم 1- (قال ابن عباس: " إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله فهى طالق " (2/251) .
قال الألباني لم أره عن ابن عباس من قوله. وإنما أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (7/88/1) عن الحسن وهو البصرى قال: " إذا قال لامرأته: هى طالق إن شاء الله فهى طالق , وليس استثناؤه بشىء " وإسناده صحيح. والمروى عن ابن عباس مرفوعا خلافه , رواه إسحاق بن أبى يحيى الكعبى عن عبد العزيز بن أبى رواد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله , أو غلامه حر إن شاء الله أو عليه المشى إلى بيت الله إن شاء الله , فلا شىء عليه ".أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (16/2) وعنه البيهقى (7/361) وقالا:وهذا الحديث بإسناده منكر , ليس يرويه إلا إسحاق الكعبى انظر الإرواء (2071)
2- عن  ابْن عُمَرَ، وَأَبُي سَعِيدٍ قَالَا: كُنَّا مَعَاشِرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَرَى الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا فِي الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ.قال صاحب صحيح فقه السنة (3/308) لم اجده مسندا – أي ضعيف- وقد ذكره ابن قدامة في المغني
قلت : الصحيح لا يقع ؟
فائدة : سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ – ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ –عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْدَ هُنَيْهَةٍ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَلَامُ؟
فَأَجَابَ:لَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالْحَالُ هَذِهِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ أَيْضًا؛ وَلَوْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا لِمَا قِيلَ لَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انظر مجموع الفتاوى (33\238)
قلت : والدليل على كلام ابن تيميه رحمه الله 1- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا»، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ شَاءَ اللَّهُ»،رواه أبوداود(3285)
 وصححه ابن حبان (4343) والألباني
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ المَلَكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ رواه البخاري (5242) ومسلم (1654)
--------[هل يجوز الزواج من امرأة كانت تمارس الزنى؟]
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : لا يصح نكاح الزانية أو الزاني حتى يتوبا، فإن لم تتب المرأة أو الرجل لم يصح النكاح. وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
 وأحمد انظر المغني (7\ 141) واختاره شيخ الإسلام وابن القيم
ودليلهم : 1- قال الله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/3. قال ابن كثير في تفسيره (6\9)
{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ  }هَذَا خَبَر مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ الزَّانِيَ لَا يَطأ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً. أَيْ: لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى مُرَادِهِ مِنَ الزِّنَى إِلَّا زَانِيَةٌ عَاصِيَةٌ أَوْ مُشْرِكَةٌ، لَا تَرَى حُرْمَةَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ: {الزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ} أَيْ: عَاصٍ بِزِنَاهُ، {أَوْ مُشْرِكٌ} لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ.
2- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأَسَارَى بِمَكَّةَ، وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا: عَنَاقُ وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقَ؟ قَالَ فَسَكَتَ عَنِّي، فَنَزَلَتْ: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ وَقَالَ: «لَا تَنْكِحْهَا» رواه أبو داود (2051) وصححه الألباني
قال في "عون المعبود (6\ 34)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمَنْ ظَهَرَ منها الزنى وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي آخِرِهَا وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فإنه صريح في التحريم انتهى.
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ». رواه َأَبُو دَاوُد (2052) وصححه الألباني
قال الصنعاني في سبل السلام (2\187)
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُزَوَّجَ بِمَنْ ظَهَرَ زِنَاهُ، وَلَعَلَّ الْوَصْفَ بِالْمَجْلُودِ بِنَاءً عَلَى الْأَغْلَبِ فِي حَقِّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ الزِّنَى، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالزَّانِيَةِ الَّتِي ظَهَرَ زِنَاهَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ قَوْله تَعَالَى {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] إلَّا أَنَّهُ حَمَلَ الْحَدِيثَ وَالْآيَةَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى " لَا يَنْكِحُ " لَا يَرْغَبُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إلَّا فِي مِثْلِهِ، وَالزَّانِيَةُ لَا تَرْغَبُ فِي نِكَاحِ غَيْرِ الْعَاهِرِ هَكَذَا تَأَوَّلُوهُمَا، وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَالْآيَةُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لَا الْإِخْبَارُ عَنْ مُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ الزَّانِي الْعَفِيفَةَ، وَالْعَفِيفِ الزَّانِيَةَ، وَلَا أَصَرْحُ مِنْ قَوْلِهِ {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] أَيْ كَامِلِي الْإِيمَانِ الَّذِينَ هُمْ لَيْسُوا بِزُنَاةٍ، وَإِلَّا فَإِنَّ الزَّانِيَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مُسَمَّى الْإِيمَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.انتهى
القول الثاني : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ
فأجازوا زواج الزانية، لأمور:
1 - أن ظاهر الآية غير مراد لأنه يستلزم القول بأن الزاني المسلم تحل له المشركة، وكذلك الزانية المسلمة يحل لها المشرك وهما ممتنعان كما تقدم.
2 - قالوا: الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}  قد خلت الزانية في أيامى المسلمين، ويعكِّر على هذا الجهل بالتاريخ فلا يثبت النسخ. قال ابن القيم في زاد المعاد (5\104)
وَأَمَّا نِكَاحُ الزَّانِيَةِ فَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِتَحْرِيمِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ نَكَحَهَا فَهُوَ إِمَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَلْتَزِمَ حُكْمَهُ سُبْحَانَهُ وَيَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ أَوَ لَا، فَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَمْ يَعْتَقِدْهُ فَهُوَ مُشْرِكٌ. وَإِنِ الْتَزَمَهُ وَاعْتَقَدَ وُجُوبَهُ وَخَالَفَهُ فَهُوَ زَانٍ، ثُمَّ صَرَّحَ بِتَحْرِيمِهِ فَقَالَ: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] [النُّورِ: 3]
وَلَا يَخْفَى أَنَّ دَعْوَى نَسْخِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] [النُّورِ: 34] مِنْ أَضْعَفِ مَا يُقَالُ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ حَمْلُ النِّكَاحِ عَلَى الزِّنَى، إِذْ يَصِيرُ مَعْنَى الْآيَةِ الزَّانِي لَا يَزْنِي إِلَّا بِزَانِيَةٍ أَوْ مُشْرِكَةٍ، وَالزَّانِيَةُ لَا يَزْنِي بِهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، وَكَلَامُ اللَّهِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَانَ عَنْ مِثْلِ هَذَا.
وَكَذَلِكَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى امْرَأَةٍ بَغِيٍّ مُشْرِكَةٍ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ لَفْظِهَا وَسِيَاقِهَا، كَيْفَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ بِشَرْطِ الْإِحْصَانِ، وَهُوَ الْعِفَّةُ، فَقَالَ: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25] [النِّسَاءِ: 25] فَإِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، فَإِنَّ الْأَبْضَاعَ فِي الْأَصْلِ عَلَى التَّحْرِيمِ، فَيُقْتَصَرُ فِي إِبَاحَتِهَا عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَمَا عَدَاهُ فَعَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ.وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور: 26] [النُّورِ: 26] وَالْخَبِيثَاتُ: الزَّوَانِي. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِهِنَّ فَهُوَ خَبِيثٌ مِثْلُهُنَّ.
وَأَيْضًا فَمِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ زَوْجَ بَغِيٍّ، وَقُبْحُ هَذَا مُسْتَقِرٌّ فِي فِطَرِ الْخَلْقِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ غَايَةُ الْمَسَبَّةِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْبَغِيَّ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تُفْسِدَ عَلَى الرَّجُلِ فِرَاشَهُ، وَتُعَلِّقَ عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ، وَالتَّحْرِيمُ يَثْبُتُ بِدُونِ هَذَا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي وَجَدَهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَى.
وَأَيْضًا فَإِنَّ ( «مرثد بن أبي مرثد الغنوي اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عناق وَكَانَتْ بَغِيًّا، فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةَ النُّورِ، وَقَالَ: لَا تَنْكِحْهَا» ) .
3 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ قَالَ: «غَرِّبْهَا»- أي طلقها -  قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي، قَالَ: «فَاسْتَمْتِعْ بِهَا»
 وأجيب قال الصنعاني في سبل السلام (2\284)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ عَلَى قَوْلَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنَّ مَعْنَاهُ الْفُجُورُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَالْخَلَّالُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْخَطَّابِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَطْلِيقُ مَنْ فَسَقَتْ بِالزِّنَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُفَارَقَتِهَا.
(وَالثَّانِي) أَنَّهَا تُبَذِّرُ بِمَالِ زَوْجِهَا، وَلَا تَمْنَعُ أَحَدًا طَلَبَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ وَالْأَصْمَعِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَهُوَ أَشْبَهَ بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ يَشْكُلُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] ، وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ.(قُلْت) : الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي غَايَةٍ مِنْ الْبُعْدِ بَلْ لَا يَصِحُّ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْمُرُ الرَّجُلَ أَنْ يَكُونَ دَيُّوثًا فَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ وَالثَّانِي بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ التَّبْذِيرَ إنْ كَانَ بِمَالِهَا فَمَنْعُهَا مُمْكِنٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ فَكَذَلِكَ، وَلَا يُوجِبُ أَمْرُهُ بِطَلَاقِهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ لَا يَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ كِنَايَةً عَنْ الْجُودِ فَالْأَقْرَبُ الْمُرَادُ أَنَّهَا سَهْلَةُ الْأَخْلَاقِ لَيْسَ فِيهَا نُفُورٌ وَحِشْمَةٌ عَنْ الْأَجَانِبِ لَا أَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ وَكَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مَعَ الْبُعْدِ مِنْ الْفَاحِشَةِ، وَلَوْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا عَنْ الْوِقَاعِ مِنْ الْأَجَانِبِ لَكَانَ قَاذِفًا لَهَا.انتهى
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:في مجموع الفتاوى (32/110) :
نِكَاحُ الزَّانِيَةِ " حَرَامٌ حَتَّى تَتُوبَ سَوَاءٌ كَانَ زَنَى بِهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ. هَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ وَهُوَ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: مِنْهُمْ
أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ 000. وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ؛ وَالْمَشْهُورُ فِي ذَلِكَ آيَةُ النُّورِ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وَفِي السُّنَنِ حَدِيثُ أَبِي مَرْثَدٍ الغنوي
قال ابن عثيمين في نور على الدرب (2\19)
لا يجوز لك أن تزوج ابنتك برجل زان حتى تظهر توبته من الزنا وتستقيم حاله لقول الله تعالى (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ومعنى الآية الكريمة أنه يحرم على المؤمنين أن يزوجوا الزاني أو أن يتزوجوا الزانية فإن فعلوا ذلك كانوا إما زناة وإما مشركين ووجه هذا أن الرجل إذا تزوج الزانية فإما أن يرفض كون الزواج بها حرام ولا يعترف به وحينئذٍ يكون مشركاً لأنه أحل ما حرم الله وإما أن يؤمن بأن الزواج بها حرام ولكن لم يتمكن من التحكم في نفسه حتى عصى الله عز وجل بفعل ذلك فيكون زانياً لأن النكاح ليس بصحيح هذا هو معنى الآية البين الظاهر الواضح الذي لا يحتاج إلى تكلف أو تأويل وأما إذا كان الخاطب عفيفاً عن الزنا ولكنه يشرب الخمر فإننا لا ننصحه بتزويجها إياه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) وشارب الخمر لا يرضى دينه لأنه فاسق حتى يتوب من شرب الخمر ويقلع ولكن لو زوجها به مع رضاها به فإن النكاح صحيح بخلاف ما إذا زوجها برجل زان لم تظهر توبته
---ما - حكم بيع السنور – القط -
قلت : اختلف العلماء في ذلك على قولين
القول الأول : ذهب اكثر أهل العلم إلى جواز بيع السنور  رَخَّصَ فِي بَيْعِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ سِيرِينَ والحكم وحماد ومالك والثوري والشافعي وأحمد واسحق وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ انظرالمجموع (9/ 229)
القول الثاني قالوا بتحريم بيع السنور وبه قال أَبو هُرَيْرَةَ وَطَاوُس وَمُجَاهِد وَجَابِر بْنِ زَيْدٍ انظر شرح مسلم نووي (10\234)  قلت : وهو مذهب ابن حزم المحلى ( 7/498 ) وابن القيم في زاد المعاد (5/685) استدلوا  عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا، عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ- أي القط- قَالَ: «زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ»
أخرجه مسلم( 1569) قلت : هذا الحديث ضعفه أحمد والترمذي والبغوي وابن المنذر وابن عبد البر وشيخنا مصطفى العدوي 0
وصححه مسلم والبيهقي والنووي والألباني فله طرق انظر السلسلة الصحيحة للألباني (2971)
قال النووي في شرح مسلم (10\234)
وَأَمَّا ما ذكره الخطابى وأبو عمرو بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ ضَعِيفٌ فَلَيْسَ كَمَا قَالَا بَلِ الحديث صحيح رواه مسلم وغيره وقول بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ غَلَطٌ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّ مُسْلِمًا قَدْ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ كما تروى مِنْ رِوَايَةِ مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَهَذَانِ ثِقَتَانِ رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَهُوَ ثِقَةٌ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قال الشوكاني في نيل الأوطار (5\172)
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْهِرِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمُجَاهِدٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَحَكَاهُ الْمُنْذِرِيُّ أَيْضًا عَنْ طَاوُسٍ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى جَوَازِ بَيْعِهِ. وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْعِيفِهِ، وَقَدْ عَرَفْت دَفْعَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: إنَّهُ يُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَأَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْمُرُوءَاتِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إخْرَاجُ النَّهْيِ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ بِلَا مُقْتَضٍ.انتهى
قلت : والقول بالتحريم بيعه هو الراجح لثبوت النهي عن بيعه عن النبي صل الله عليه وسلم وليس له ما يعارضه والله اعلم
---ما حكم أكل الخيول الفرس الحصان هل هو حلال أم حرام ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : قَالَ الْحَافِظُ وَصَحَّ الْكَرَاهَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَمَالِكٍ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ التَّحْرِيمُ انظر تحفة الأحوذي (5\412)
واستدلوا : 1- عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ رواه أبو داود (3790) ضعفه البخاري والخطابي والنووي والألباني
2- وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] الْآيَةَ، فَقَدْ مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَنْفَعَةِ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فِي الْخَيْلِ، وَلَوْ كَانَ مَأْكُولًا لَكَانَ الْأَوْلَى بَيَانَ مَنْفَعَةِ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ وُجُوهِ الْمَنْفَعَةِ، وَبِهِ بَقَاءُ النُّفُوسِ، وَلَا يَلِيقُ بِحِكْمَةِ الْحَكِيمِ تَرْكُ أَعْظَمِ وُجُوهِ الْمَنْفَعَةِ عِنْدَ إظْهَارِ الْمِنَّةِ وَذِكْرُ مَا دُونَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْأَنْعَامِ ذَكَرَ الْأَكْلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] وَلِأَنَّهُ ضَمَّ الْخَيْلَ إلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فِي الذِّكْرِ دُونَ الْأَنْعَامِ، وَالْقُرْآنُ فِي الذِّكْرِ دَلِيلُ الْقُرْآنِ فِي الْحُكْمِ انظر المبسوط (11\234)
وأجيب : قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (6\82)
وَأَمَّا الْآيَةُ: فَلَا ذِكْرَ فِيهَا لِلْأَكْلِ لَا بِإِبَاحَةٍ وَلَا بِتَحْرِيمٍ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا، وَلَا ذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا الْبَيْعَ - فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَرِّمُوهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْآيَةِ، وَإِبَاحَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا حَاكِمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ انتهى
وقال النووي رحمه الله في المجموع (9\5)
(وَأَمَّا) الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الْآخَرُونَ فَهُوَ مَا أَجَابَ
الْخَطَّابِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا مَقْصُورَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَانِ بِالذَّكَرِ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخنزير) فَذَكَرَ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ وَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ وَدَمِهِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ قَالُوا وَلِهَذَا سَكَتَ عَنْ حَمْلِ الْأَثْقَالِ عَنْ الْخَيْلِ مَعَ قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَامِ (وَتَحْمِلُ أثقالكم) وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ هَذَا تَحْرِيمُ حَمْلِ الْأَثْقَالِ عَلَى الْخَيْلِ وَيَنْضَمُّ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي إبَاحَةِ لَحْمِ الْخَيْلِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الصَّحِيحِ لَهَا وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَسَبَقَ جَوَابُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
القول الثاني : وهو مذهب الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وعطاء وشريح وسعد بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلْمَانَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرُهُمْ  قالوا جواز أكل لحوم الخيل - الفرس الحصان - انظر تحفة الأحوذي (5\412) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الصحيح والدليل : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَرَخَّصَ فِي الخَيْلِ رواه البخاري (4219) ومسلم (1941)
ثانيا : عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: «نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلْنَاهُ رواه البخاري (5519) ومسلم (1942)
ثالثا : عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَافَرْنَا , يَعْنِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ وَنَشْرَبُ أَلْبَانَهَا رواه البيهقي في الكبرى (19437) وصححه النووي في المجموع (9\5)
قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى كَرَاهَةِ أَكْلِ الْخَيْلِ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَغَيْرُهُمَا وَاحْتَجُّوا بِالْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي حِلِّهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ لَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَرْقٌ وَلَكِنِ الْآثَارُ إِذَا صَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاتَرَتْ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهَا مِنَ النَّظَرِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا قَدْ أَخْبَرَ جَابِرٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لَهُمْ لُحُومَ الْخَيْلِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي مَنَعَهُمْ فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِهَا انتهى قال المباركفوري : قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ بِحِلِّ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ مِنْ دُونِ كَرَاهَةٍ هُوَ الْحَقُّ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي هِيَ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ فِي الْحِلِّ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ  انظر تحفة الأحوذي (5\412)
فائدة : سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية- رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ بَغْلٍ تَوَلَّدَ مِنْ حِمَارِ وَحْشٍ وَفَرَسٍ: هَلْ يُؤْكَلُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:إذَا تَوَلَّدَ الْبَغْلُ بَيْنَ فَرَسٍ وَحِمَارِ وَحْشٍ أَوْ بَيْنَ أَتَانٍ وَحِصَانٍ جَازَ أَكْلُهُ وَهَكَذَا كُلُّ مُتَوَلِّدٍ بَيْنَ أَصْلَيْنِ مُبَاحَيْنِ؛ وَإِنَّمَا حَرُمَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ بَيْنِ حَلَالٍ وَحَرَامٍ " كَالْبَغْلِ " الَّذِي أَحَدُ أَبَوَيْهِ حِمَارٌ أَهْلِيٌّ و " كَالسَّبْعِ " الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّبْعِ وَالذِّئْبِ " وَالْإِسْبَارِ " الْمُتَوَلِّدِ مِنْ بَيْنِ الذِّئْبِ وَالضِّبْعَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.انظر مجموع الفتاوى (35\209
--- هل يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن
تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول :  ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ انظر سبل السلام (2\ 117) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي
ودليلهم : 1- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقَالُوا: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ رواه البخاري (5736) ومسلم (2201)
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (14\ 188)
هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرقية بالفاتحة والذكر وأنها حلال لاكراهة فِيهَا وَكَذَا الْأُجْرَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ انتهى
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ رواه البخاري (5737)
قال الشيخ ابن عثيمين في نور على الدرب (16\2)
وأما أخذ الأجرة على إقراء القرآن أي على تعليم القرآن فهذا مختلفٌ فيه والراجح أنه جائز لأن الإنسان يأخذه على تعبه وعمله لا على قراءته القرآن وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (إن أفضل ما أخذتم عليه أجراً أو قال أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجل الذي لم يجد مهراً قال (زوجتكها بما معك من القرآن) أي يعلمها ما معه من القرآن فتبين بهذا أن الاستئجار لقراءة القرآن محرم وفيه إثم وليس فيه أجر ولا ينتفع به الميت وأما الأجرة على تعليم القرآن فالصحيح أنها جائزة ولا بأس بها
القول الثاني : ذهب أبو حنيفة وَغَيْرُهُ إلَى تَحْرِيمِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ انظر سبل السلام (2\ 117)
ودليلهم : عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْكِتَابَ، وَالْقُرْآنَ فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا فَقُلْتُ: لَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأَسْأَلَنَّهُ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ أَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ [ص:265] وَالْقُرْآنَ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا»رواه أبو داود (3416) وصححه الألباني
وأجيب عن هذا الحديث قال الصنعاني في سبل السلام (2\117)
قَالُوا وَلَوْ صَحَّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ عُبَادَةَ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالْإِحْسَانِ وَبِالتَّعْلِيمِ غَيْرَ قَاصِدٍ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ فَحَذَّرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إبْطَالِ أَجْرِهِ وَتَوَعَّدَهُ، وَفِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ بِخُصُوصِهِمْ كَرَاهَةٌ وَدَنَاءَةٌ لِأَنَّهُمْ نَاسٌ فُقَرَاءُ كَانُوا يَعِيشُونَ بِصَدَقَةِ النَّاسِ فَأَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ انتهى
القول الثالث : وهو رواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الراجح جمعا بين القولين يباح للمحتاج – أي يجوز أخذ الأجرة للمحتاج لها - انظر مجموع الفتاوى (30\193)
--- ما حكم تعلم التجويد ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي ليس بواجب والدليل : عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ، وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ» رواه البخاري (4937) ومسلم (798)
قلت : قال ابن باز رحمه الله لا أعلم دليلا شرعيا يدل على وجوب الالتزام بأحكام التجويد ، أما قوله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) الْمُزَّمِّلِ 4 فهو يدل على شرعية التمهل بالقراءة وعدم العجلة
سئل ابن عثيمين في فتاوى على الدرب (5\2) بالنسبة لقراءة القرآن بدون تجويد هل عليها أجر كوني لا أعرف القراءة بالتجويد وهل إذا وضع المصحف في مسجد يعتبر صدقة جارية أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم القراءة بالتجويد ليست واجبة وإنما هي سنة لتحسين الصوت بالقرآن لأنه ينبغي على الإنسان أن يحسن صوته بتلاوة كتاب الله ومن التحسين التجويد وأما كونه واجبا فلا إذا كان الإنسان يقيم الحركات يرفع المضموم ويفتح المنصوب ويكسر المجرور ويسكن الساكن فليس عليه إثم في ذلك وأما وضع المصحف في المسجد فهو إن شاء الله تعالى من الخير ويجري أجره على صاحبه ما دام الناس ينتفعون به فإذا تلف انقطع الأجر لكن أريد أن أنبه على أمر مهم وهو اللحن الذي يحيل المعنى فإن بعض الناس ولا سيما كبار السن لا يبالون به ويقرؤون القرآن بهذا اللحن وهذا حرام عليهم ولا يصح أن يكونوا أئمة في المساجد ولو كان لهم مدة طويلة في الإمامة فإنه لا يجوز إبقاء إمامتهم إذا لم يقيموا ألسنتهم بكتاب الله مثال ذلك أن بعضهم يقرأ قول الله تعالى (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) بفتح التاء فيضمها فيقول صراط الذين أنعمت عليهم وهذا لحن يحيل المعنى ويجب على الإنسان أن يقوم لسانه عنه فإذا قال أنا لا أستطيع أنا لا أقدر إلا هذا قلنا إذن لا تصل في الناس إماما لأن لحنك هذا يحيل المعنى ومثل أن يقول إياكي نعبد وإياكي نستعين هذا أيضا يحيل المعنى إحالة فاحشة فيجب عليه أن يقوم لسانه فيقول إياك نعبد فإن لم يستطع فإنه لا يجوز أن لا يكون إماما للناس وعليه أن يتنحى وإن كان له مدة طويلة في الإمامة.
وسئل أيضا ابن عثيمين في مجموع فتاوى (26\206) ما رأي فضيلتكم في تعلم التجويد والالتزام به؟
وهل صحيح ما يذكر عن فضيلتكم- حفظكم الله تعالى- من الوقوف بالتاء في نحو (الصلاة، الزكاة) ؟فأجاب بقوله: لا أرى وجوب الالتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة، وباب التحسين غير باب الإلزام، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس ابن مالك- رضي الله عنهما- أنه سئل كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كانت مدًا، ثم قرأ "بسم الله الرحمن الرحيم " يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم والمد هنا طبيعي لا يحتاج إلى تعمده، والنص عليه هنا يدل على أنه فوق الطبيعي.ولو قيل بأن العلم بأحكام التجويد المفصلة في كتب التجويد
واجب للزم تأثيم أكثر المسلمين اليوم، ولقلنا لمن أراد التحدث باللغة الفصحى: طبق أحكام التجويد في نطقك بالحديث وكتب أهل العلم وتعليمك ومواعظك.وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة أمام الله - عز وجل- في إلزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو إجماع المسلمين، وقد ذكرنا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي- رحمه الله- في جواب له أن التجويد حسب القواعد المفصلة في كتب التجويد غير واجب.وقد اطلعت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- حول حكم التجويد قال فيه ص 50 مجلد 16 من مجموع ابن قاسم - رحمه الله- للفتاوى: "ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن، إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها، وإمالتها، والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك، فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه، وكذلك شغل النطق بـ (أأنذرتهم) وضم الميم من (عليهم) ووصلها بالواو وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت) .
وأما ما سمعتم من أني أقف بالتاء في نحو "الصلاة، والزكاة" فغير صحيح بل أقف في هذا وأمثاله على الهاء.
---ما حكم قراءة القرآن على الماء قال شيخنا مصطفى العدوي لم يثبت ذلك عن النبي صل الله عليه وسلم قلت : بل ثبت عنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَدَغَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْرَبٌ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ، لَا يَدَعُ مُصَلِّيًا، وَلَا غَيْرَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَيَقْرَأُ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ رواه الطبراني في الأوسط (5890) وصححه الألباني في الصحيحة (548) قال ابن مفلح في الأداب الشرعية (2\456) قَالَ صَالِحٌ رُبَّمَا اعْتَلَلْتُ – أي مرضت- فَيَأْخُذُ أَبِي – أي الإمام أحمد - قَدَحًا فِيهِ مَاءٌ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ لِي اشْرَبْ مِنْهُ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ وَيَدَيْكَ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ رَأَى أَبَاهُ يُعَوِّذُ فِي الْمَاءِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ وَيَشْرَبُهُ وَيَصُبُّ عَلَى نَفْسِهِ مِنْه انتهى وفي فتاوى اللجنة الدائمة (1\88) تكون بالقراءة والنفث على المريض، سواء كان يرقي نفسه أو يرقيه غيره. ومنها قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه، كما في كتاب الطب من (سنن أبي داود) بسند جيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس، قال أحمد: وهو مريض. فقال: «اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه انتهى قلت : حديث ثابت رواه أبو داود (3558) بسند ضعيف وضعفه الألباني 0
قال ابن باز في مجموع فتاوى (3\279) ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل، ويقرأ فيهاآية الكرسي و (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) وآيات السحر التي في سورة الأعراف، وهي قوله سبحانه: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} والآيات التي في سورة يونس وهي قوله سبحانه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}{وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} والآيات التي في سورة طه
{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى}{قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}{قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى}  {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء.
ومن علاج السحر أيضا وهو من أنفع علاجه بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها والله ولي التوفيق
--- هل يجوز الأغتسال في أماكن الخلاء بالماء المقروء عليه أم لا قلت فيه خلاف  سئلت : اللجنة الدائمة (1\103) هل يجوز للإنسان أن يدهن بعض جسمه بزيت زيتون عليه قرآن الرقية، ثم يدخل الحمام (بيت الخلاء) ج: نعم يجوز للإنسان أن يدهن بزيت الزيتون المقروء عليه القرآن، ولا بأس أن يدخل الحمام بعد ذلك.انتهى ورجح هذا القول شيخنا مصطفى العدوي
وسئل ابن عثيمين رحمه الله في نور على الدرب (7\2) هل يجوز للحائض أن تستحم بماء الرقية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا أرى في هذا بأساً، لأن ماء الرقية ليست به كتابة القرآن وليس به شيء يعتبر محترماً من القرآن إنما هو ريق القارئ يؤثر بأذن الله عز جل.
سئل ابن باز هل يجوز الاغتسال بالماء المقروء في أماكن الخلاء فأجاب نعم ، الاغتسال بالماء المقروء في الحمام ليس فيه بأس انظر فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين
 سئل الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ كما في التمهيد لشرح كتاب التوحيد (1\621) ما حكم الاغتسال بماء زمزم، والماء الذي قرئ فيه القرآن في بيوت الخلاء؟
الجواب: لا بأس بذلك؛ لأنه ليس فيه قرآن مكتوب، وليس فيه المصحف مكتوبا، وإنما فيه الريق، أي: النفث، وهو: الهواء الذي خالطه المصحف، أو خالطته القراءة.
ومن المعلوم أن أهل مكة في أزمنتهم الأولى كانوا يستعملون ماء زمزم ولم يكن عندهم غير ماء زمزم، فالصواب أن لا كراهة في ذلك، وأنه جائز، والماء ليس فيه قرآن إنما فيه نفث بالقرآن وفرق بين المقامين.
----- هل يجب على المرأة تغطية شعرها عند قراءة القرآن كما في الصلاة ؟ قال شيخنا مصطفى العدوي لا تجب لها ذلك إذ لا دليل على ذلك 0
قال الشيخ ابن عثيمين: (قراءة القرآن لا يشترط فيها ستر الرأس ... ) فتاوى ابن عثيمين 1/420
وقال أيضا الشيخ ابن عثيمين في كلامه على سجود التلاوة: " وسجود التلاوة يكون حال قراءتها للقرآن، لا بأس بالسجود على أي حال ولو مع كشف الرأس ونحوها لأن هذه السجدة ليس لها حكم الصلاة " الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 1/249.
---ما حكم الشرب قائما ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين
القول الأول : قال ابن حزم وَلَا يَحِلُّ الشُّرْبُ قَائِمًا، وَأَمَّا الْأَكْلُ قَائِمًا فَمُبَاحٌ انظر المحلى (6\229) ورجحه الألباني انظر السلسة الصحيحه (1\ 340) ودليلهم : 1- عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا»، قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْنَا فَالْأَكْلُ، فَقَالَ: «ذَاكَ أَشَرُّ أَوْ أَخْبَثُ رواه مسلم (2024) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الشُّرْبِ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي النَّهْي قلت : هذا النهي أنصرف للكراهة كما سيأتي
2-عَنْ أَبِي زِيَادٍ الطَّحَّانِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَشْرَبُ قَائِمًا، فَقَالَ لَهُ: " قِهِ " قَالَ: لِمَهْ؟ قَالَ: " أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، الشَّيْطَانُ رواه أحمد (8003) وصححه الألباني
وأجيب َأَمَّا قَوْلُهُ قِهِ قال الصنعاني  فَإِنَّهُ نُقِلَ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ شَرِبَ قَائِمًا أَنْ يَسْتَقْيِئَ وَكَأَنَّهُمْ حَمَلُوا الْأَمْرَ أَيْضًا عَلَى النَّدْبِ.انظر سبل السلام (2\ 622)
القول الثاني : ذهب جمهور أهل العلم – أكثر أهل العلم - على الكراهة، انظر: شرح النووي على مسلم (13 - 282 285)، ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح وشيخ الإسلام ابن تيمية  حمله على الجواز للعذر والحاجة. مجموع الفتاوى (32 - 208) والدليل : 1- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ قَائِمًا وَقَاعِدًا»:رواه الترمذي (1883) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَن وحسنه الألباني
2- عَنْ زَاذَانَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، شَرِبَ قَائِمًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهُ، فَقَالَ: مَا تَنْظُرُونَ  إِنْ أَشْرَبْ قَائِمًا، " فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ قَائِمًا، وَإِنْ أَشْرَبْ قَاعِدًا، فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ قَاعِدًا " رواه أحمد (795) وصحح إسناده أحمد شاكر
ثالثا : عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ»: رواه الترمذي (1880) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وصححه الألباني 
رابعا : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ» رواه البخاري (5617) ومسلم (2027)
قال النووي في شرح مسلم (13\195)
هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَشْكَلَ مَعْنَاهَا عَلَى بَعْضِ العلماء حتى قال فيها أقوالا باطلة وَزَادَ حَتَّى تَجَاسَرَ وَرَامَ أَنْ يُضَعِّفَ بَعْضَهَا وادعى فيها دعاوى باطلة لاغرض لنا فى ذكرها ولاوجه لِإِشَاعَةِ الْأَبَاطِيلِ وَالْغَلَطَاتِ فِي تَفْسِيرِ السُّنَنِ بَلْ نَذْكُرُ الصَّوَابَ وَيُشَارُ إِلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِمَا خَالَفَهُ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِحَمْدِ الله تعالى اشكال ولافيها ضَعْفٌ بَلْ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَالصَّوَابُ فِيهَا أَنَّ النَّهْيَ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَأَمَّا شُرْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَبَيَانٌ للجواز فلا اشكال ولاتعارض وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ نَسْخًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا وَكَيْفَ يُصَارُ إِلَى النَّسْخِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ لَوْ ثَبَتَ التَّارِيخُ وَأَنَّى لَهُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الشُّرْبُ قَائِمًا مَكْرُوهًا وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْجَوَابُ أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ بيانا للجواز لايكون مَكْرُوهًا بَلِ الْبَيَانَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ مَعَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا وَالطَّوَافَ مَاشِيًا أَكْمَلُ وَنَظَائِرُ هَذَا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فَكَانَ صَلَّى الله عليه وسلم ينبه على جواز الشئ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ وَيُوَاظِبُ عَلَى الْأَفْضَلِ مِنْهُ وَهَكَذَا كَانَ أَكْثَرُ وُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأَكْثَرُ طَوَافِهِ مَاشِيًا وَأَكْثَرُ شربه جالسا وهذا واضح لايتشكك فِيهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى نِسْبَةٍ إِلَى عِلْمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (فمن نسى فليستقىء) فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالنَّدْبِ فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا أَنْ يَتَقَايَأَهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ فان الأمر اذاتعذر حَمْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَأَمَّا قول القاضي عياض لاخلاف بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ شَرِبَ نَاسِيًا ليس عليه ان يتقيأه فأشار بذلك إلى تضعيف الحديث فلايلتفت إِلَى إِشَارَتِهِ وَكَوْنُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يُوجِبُوا الاستقاءة لايمنع كَوْنَهَا مُسْتَحَبَّةً فَإِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ مَنْعَ الِاسْتِحْبَابِ فهو مجازف لايلتفت إِلَيْهِ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِحْبَابِ وَكَيْفَ تُتْرَكُ هَذِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ بِالتَّوَهُّمَاتِ وَالدَّعَاوَى وَالتُّرَّهَاتِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الِاسْتِقَاءَةُ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا نَاسِيًا أَوْ مُتَعَمِّدًا وَذِكْرُ النَّاسِي فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْقَاصِدَ يُخَالِفُهُ بَلْ لِلتَّنْبِيهِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إِذَا أَمَرَ بِهِ النَّاسِي وَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فَالْعَامِدُ الْمُخَاطَبُ الْمُكَلَّفُ أولى وهذا واضح لاشك فيه لاسيما عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي أَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَأَنَّ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رقبة لايمنع وُجُوبَهَا عَلَى الْعَامِدِ بَلْ لِلتَّنْبِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قال ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (25\ 275)
الأحاديث الواردة في هذا صحيحة جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الشرب قائما والأكل مثل ذلك، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرب قائما، فالأمر في هذا واسع وكلها صحيحة والحمد لله، فالنهي عن ذلك للكراهة، فإذا احتاج الإنسان إلى الأكل واقفا أو إلى الشرب واقفا فلا حرج، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرب قاعدا وقائما، فإذا احتاج الإنسان إلى ذلك فلا حرج أن يأكل قائما وأن يشرب قائما، وإن جلس فهو أفضل وأحسن، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه شرب من زمزم واقفا (1) » عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه أنه شرب قائما وقاعدا، والأمر في هذا واسع، والشرب قاعدا والأكل قاعدا أفضل وأهنأ، وإن شرب قائما فلا حرج، وهكذا إن أكل قائما فلا حرج
--- ما صحة حديث عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ دَخَلَ سُوقًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيُّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةً، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةً
قال شيخنا مصطفى العدوي حديث ضعيف قلت : بل هو حديث حسن  أخرجه الترمذي () والطبراني في (الدعاء) (792) وصححه الحاكم (1\539) واللفظ له وحسنه ابن حجر والألباني انظر الصحيحة (3139) وقال المنذري في "الترغيب " (3/5) :"وإسناده متصل حسن وحسنه البغوي في شرح السنة (5\133) وقال الدمياطي في "المتجر الرابح" (ص 476): "إسناده حسنٌ".
--- هل يجوز قبول هدية الكافر ؟
الجواب يجوز ذلك ورجح ذلك شيخنا مصطفى العدوي  وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه فقال بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قال ابن حجر (قَوْلُهُ – أي البخاري - بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أَيْ جَوَازِ ذَلِكَ ينظرفتح الباري (5\ 230)  
قلت : والدليل على ذلك 1- عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قال : أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ رواه البخاري (1481) ومسلم (1392)  فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةَ الْكَافِرِ
  2- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ: أَلاَ نَقْتُلُهَا، قَالَ: «لاَ»، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رواه البخاري (2617) ومسلم (2190) 3- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا رواه البخاري (2585) وهو عام في كل هدية
4- قال تعالى :{لاَ يَنْهَاكُمُ الله عنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أنْ تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} (الممتحنة: 8) .
 قال الشوكاني في نيل الأوطار (6\7) وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْهَدِيَّةِ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا مِنْ الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَا مُنَافَاةَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَ قَوْله تَعَالَى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الْآيَةُ، فَإِنَّهَا عَامَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ قَاتَلَ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ خَاصَّةٌ بِمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَيْضًا الْبِرُّ وَالصِّلَةُ وَالْإِحْسَانُ لَا تَسْتَلْزِمُ التَّحَابَّ وَالتَّوَادَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِالْجَوَازِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَمِنْهَا أَيْضًا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسَا عُمَرَ حُلَّةً فَأَرْسَلَ بِهَا إلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ» انتهى
أما حديث عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً لَهُ أَوْ نَاقَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلَمْتَ»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ المُشْرِكِينَ»:رواه الترمذي (1577) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ المُشْرِكِينَ»، يَعْنِي: هَدَايَاهُم وصححه الألباني
فيجمع بينه وبين الأحاديث السابقة في فتح الباري (5\ 231)  بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ بِهَدِيَّتِهِ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ وَالْقَبُولَ فِي حَقِّ مَنْ يُرْجَى بِذَلِكَ تَأْنِيسُهُ وَتَأْلِيفُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ انتهى وذهب ابن حزم إلى نسخ هذا الحديث فقال في المحلى (8\ 122) قُلْنَا: هَذَا مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ أَبِي حُمَيْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي تَبُوكَ، وَكَانَ إسْلَامُ عِيَاضٍ قَبْلَ تَبُوكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (5\ 166) قُلْتُ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَنِ ادَّعَى نَسْخَ الْمَنْعِ بِأَحَادِيثِ الْقَبُولِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ – قلت عمرو بسندضعيف- عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعْدٍ عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِهَدَايَا ضِبَابٍ وَأَقِطٍ وَسَمْنٍ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَأَنْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا كَذَا فِي الْمُنْتَقَى
وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْأَصْلَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ قَبُولِ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ لَكِنْ إِذَا كَانَتْ فِي قَبُولِ هَدَايَاهُمْ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ فَيَجُوزُ قَبُولُهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
ونقل العيني عن الخطابي قوله: يشبه أَن يكون هذا الحديث مَنْسُوخا، لِأَنَّهُ قبل هَدْيه غير وَاحِد من المشركين ، أهْدى لَهُ الْمُقَوْقس مارية والبغلة وأهدى له أكيدر دومة فقبل منهما عمدة القاري 9/ 436.
فائدة : يجوز لنا أن نهديهم الهدايا  عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْتَعْ هَذِهِ الحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الوَفْدُ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ»، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا تَبِيعُهَا، أَوْ تَكْسُوهَا»، فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِم رواه البخاري(2619)
قال النووي بعد ذكر فوائد هذا الحديث جَوَازِ إِهْدَاءِ الْمُسْلِمِ إِلَى الْمُشْرِكِ ثَوْبًا وَغَيْرَهُ انظر شرح مسلم (14\ 38)
2- يجوز لنا أن نقبل هديتهم في أعيادهم وغير أعيادهم ما لم تشتمل على محاذير أخرى كلحم خنزير أو خمر ونحو ذلك عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِهَدِيَّةِ النَّيْرُوزِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَوْمُ النَّيْرُوزِ , قَالَ: فَاصْنَعُوا كُلَّ يَوْمٍ فَيْرُوزَ.رواه البيهقي قي الكبرى (18865) عَنْ قَابُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ لَنَا أَطْيَارًا مِنَ الْمَجُوسِ، وَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمُ الْعِيدُ فَيُهْدُونَ لَنَا، فَقَالَتْ: «أَمَّا مَا ذُبِحَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا تَأْكُلُوا، وَلَكِنْ كُلُوا مِنْ أَشْجَارِهِمْ» رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (24371)
 عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ سُكَّانٌ مَجُوسٌ فَكَانُوا يُهْدُونَ لَهُ فِي النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ , فَيَقُولُ لِأَهْلِهِ: مَا كَانَ مِنْ فَاكِهَةٍ فَاقْبَلُوهُ , وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَرُدُّوهُ رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (32674)
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط (2\ 52) بعد أن ذكر هذه الأثار فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائركفرهم. لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مسألة مستقلة بنفسها؛ فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم، بابتياع أو هدية، أو غير ذلك مما  لم يذبحوه للعيد، فأما ذبائح المجوس، فالحكم فيها معلوم، فإنها حرام عند العامة انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق