الجمعة، 9 مارس 2018

ما حكم غسل يوم الجمعة عمرو العدوي أبو حبيبة



ما حكم غسل يوم الجمعة
: ننازع العلماء  في ذلك على ثلاثة أقوال
القول الأول : قالوا غسل الجمعة واجب حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَحَكَاهُ بن حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ وَجَمْعٍ جَمٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ انظر فتح الباري (2\361) ورجحه ابن عثيمين والالباني ودليلهم : 1- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» رواه البخاري (858) ومسلم (846) قالوا : - وجعل ما صرح النبي صلى الله عليه وسلم - بإنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَعَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَإِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُحْتَلِمٍ. ثُمَّ نَقُولُ نَحْنُ: لَيْسَ هُوَ وَاجِبًا وَلَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. هَذَا أَمْرٌ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجُلُودُ انظر المحلى (1/266)
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ رواه البخاري(877) ومسلم (844) قالوا : قوله فَلْيَغْتَسِلْ هَذَا دَلِيلُ فِي إيجَاب غُسْلَ الْجُمُعَةِ قلت : توجد أكثر من قرينة تصرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب كما سيأتي 0
القول الثاني : قالوا غسل الجمعة سنة وليس بواجب وهومذهب أكثر أهل العلم وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ورواية عن أحمد انظر المغني (2\256) ورجحه العلامة ابن باز وهو الراجح والدليل : أولا : عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ» أخرجه الترمذي (497) حديث صحيح صححه أبو حاتم وحسنه الترمذي والألباني قال ابن حجر : قَالَ فِي الْإِمَامِ مَنْ يَحْمِلُ رِوَايَةَ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَلَى الِاتِّصَالِ يُصَحِّحُ هذا الحديث قلت : وهو مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ انظر التلخيص (2/164) وقد بينت ذلك بالتفصيل وله شواهد انظر كتابي الأحاديث الصحيحة المرفوعة قالوا  : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ عَلَى الْوُضُوءِ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي أَصْلِ الْفَضْلِ فَيَسْتَلْزِمُ إِجْزَاءَ الْوُضُوءِ
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا»
رواه مسلم  (857) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَمَا مَعَهُ مُرَتِّبًا عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ كَافٍ انظر فتح الباري
ثالثا : عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ، فَقَالَ: وَالوُضُوءُ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ رواه البخاري (878) ومسلم  (845)
قال الخطابي في معالم السنن (1\106)
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَشْبَهَ أَنْ يَأْمُرَ عُمَرُ عُثْمَانَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَيَغْتَسِلَ فَدَلَّ سُكُوتُ عُمَرَ وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ يَجُوزُ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ انتهى
وقال ابن حجر في فتح الباري (2\361)
وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ عَوَّلَ أَكْثَرُ الْمُصَنِّفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَابْنِ خُزَيْمَةَ والطبري والطَّحَاوِي وبن حبَان وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَلُمَّ جَرًّا وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَافَقُوهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ انتهى
رابعا : عن عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ»  رواه البخاري (880) ومسلم (846) مختصرا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الِاسْتِنَانِ وَالطِّيبِ لِذِكْرِهِمَا بِالْعَاطِفِ فَالتَّقْدِيرُ الْغُسْلُ وَاجِبٌ وَالِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ كَذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ اتِّفَاقًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِذْ لَا يَصِحُّ تَشْرِيكُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَعَ الْوَاجِبِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيّ والطَّحَاوِي انظر فتح الباري (2\362)
قال ابن باز في مجموع فتاوى (10\171)
غسل الجمعة سنة مؤكدة للرجال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك ويتطيب» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من راح إلى الجمعة فليغتسل  » ، في أحاديث أخرى كثيرة، وليس بواجب الوجوب الذي يأثم من تركه، ولكنه
واجب بمعنى: أنه متأكد؛ لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام  وقوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل  » .
وبذلك يعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: " واجب " ليس معناه الفرضية، وإنما هو بمعنى: المتأكد، كما تقول العرب في لغتها: حقك علي واجب، والمعنى: متأكد، جمعا بين الأحاديث الواردة في ذلك؛ لأن القاعدة الشرعية في الجمع بين الأحاديث: تفسير بعضها ببعض إذا اختلفت ألفاظها؛ لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا، وهكذا كلام الله عز وجل في كتابه العظيم يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا.
ومن اغتسل عن الجنابة يوم الجمعة كفاه ذلك عن غسل الجمعة، والأفضل أن ينوي بهما جميعا حين الغسل. ولا يحصل الغسل المسنون يوم الجمعة إلا إذا كان بعد طلوع الفجر. والأفضل أن يكون غسله عند توجهه إلى صلاة الجمعة؛ لأن ذلك أكمل في النشاط والنظافة.
والله ولي التوفيق.
القول الثالث : وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : وَيَجِبُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ لَهُ عَرَقٌ أَوْ رِيحٌ يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ انظر الفتاوى الكبرى  (5\307) ويستحب لمن ليس له رائحة والدليل : عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ، فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا رواه البخاري (902) ومسلم (847)
قال النووي في المجموع (4/535) : فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ * مَذْهَبُنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ يَعْصِي بِتَرْكِهِ بَلْ لَهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ هُوَ فَرْضٌ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَنْ رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ 0
* وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ " غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ " وَبِحَدِيثِ " مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ إلَى الْجُمُعَةِ فَلِيَغْتَسِلْ " وَهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا بَيَّنَّاهُ* وَاحْتَجَّ اصحابنا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ (أَحَدُهُمَا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَبِهَا " وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِمَّا سَبَقَ فِي تَفْسِيرِهِ تَحْصُلُ الدَّلَالَةُ 0
(وَالثَّانِي) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ " وَالْأَصْلُ فِي أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى مُشْتَرِكَيْنِ فِي الْفَضْلِ يُرَجَّحُ أَحَدَهُمَا فِيهِ وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أتي الجمعة فدنى وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذْ دَخَلَ عُثْمَانُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ فَقَالَ عُثْمَانُ مَا زِدْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءَ أَيْضًا أَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ دَخَلَ رَجُلٌ وَلَمْ يُسَمِّ عُثْمَانَ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ وَهُمْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ أَقَرُّوا عُثْمَانَ عَلَى تَرْكِ الْغُسْلِ وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِالرُّجُوعِ لَهُ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَتْرُكْهُ وَلَمْ يَتْرُكُوا أَمْرَهُ بِالرُّجُوعِ لَهُ قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ لَا يَتَحَرَّيَنَّهُ (وَقَوْلُهُ) وَالْوُضُوءَ أَيْضًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ وَتَوَضَّأْتَ الْوُضُوءَ أَيْضًا وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ " كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَمِنْ الْعَوَالِي فَيَأْتُونَ فِي الْعَبَاءِ وَيُصِيبُهُمْ الْغُبَارُ فيخرج منهم الريح فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو أنكم تطهرتم ليؤمكم هَذَا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " غُسْلُ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَكِنَّهُ أَطْهُرُ وَخَيْرٌ لِمَنْ اغْتَسَلَ وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْغُسْلِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَالْجَوَابُ) عَمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ
فوائد 1- وَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا تَصِحُّ بِدُونِهِ. انظر فتح الباري (2\361)
2- من أجنب يوم الجمعة لا يلزم بغسلين غسل للجمعة وغسل للجنابة بل يكفيه ويجزئه غسل واحد عن الجنابة وعن الجمعة وهذا قول أكثر أهل العلم
قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (8/91) : من عليه غسل الجنابة، فاغتسل للجنابة يوم الجمعة، فإنه يجزئه عن غسل الجمعة، وسواء نوى به الجمعة، أو لم ينو.
أما إن نواهما بالغسل، فإنه يحصل له رفع حدث الجنابة وسنة غسل الجمعة بغير خلافٍ بين العلماء، روي ذلك عن ابن عمر، وتبعه جمهور العلماء.
وللشافعية وجهٌ ضعيفٌ: لا يجزئه عنهما، وقاله بعض الظاهرية.
وحكي عن مالكٍ، وقيل: إنه لا يصح عنه، إنما قاله بعض المتأخرين من
أصحابه، وقد ذكر ذلك للإمام أحمد عن مالكٍ فأنكره.
وأما أن نوى بغسله الجنابة خاصةً، فإنه يرتفع حدثه من الجنابة.
وهل يحصل له سنة إلاغتسأل للجمعة؟ على قولين: أشهرهما: لا يحصل له، وروي عن أبي قتادة الأنصاري صأحب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الأعمال بالنيات، وإنما لامريءٍ ما نوى)) ، وهو المشهور عن مالكٍ، وروي نحوه عن الأوزاعي، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي وأحمد، ونص عليه أحمد في رواية الشالنجي.
والثاني: يحصل له غسل الجمعة بذلك، وهو أحد قولي الشافعي، وقول أشهب المالكي، وهو نص الشافعي، وقول أبي حنيفة وإسحاق، مع كون أبي حنيفة يعتبر النية لنقل الطهارة، وحكاه ابن عبد البر عن عبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والشافعي والليث بن سعد والطبري، وهو أحد الوجهين لأصحابنا.
وأما إن نوى الجنب غسل الجمعة، ولم ينو غسل الجنابة، فهل يرتفع حدث الجنابة بذلك؟ فيه قولان للشافعي، وروايتان عن أحمد.
ومن أصحابنا من رجح: أنه لا يرتفع، لأن غسل الجنابة ليس سببه الحدث؛ ولهذا يشرع للطاهر.
وعلى هذا: فهل يحصل له به سنة غسل الجمعة مع بقاء غسل الجنابة عليه؟ فيه وجهان لأصحابنا والشافعية، أصحهما: أنه يحصل له ذلك.
 اهـ
 3- ومن مس ذكره بعد الغسل لا يلزم بالوضوء ولكن من المستحب له أن يتوضأ 
4- لا يجب الغسل على من لم يحضر الجمعة قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2\ 359) في شرح حديث«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ وَاسْتُدِلَّ مِنْ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يُشْرَعُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ- يعني أكثر أهل العلم -
5 - قال شيخنا مصطفى العدوي في فتاوى مهمة (1\55) بداية الغسل يوم الجمعة : ومن المعلوم أن اليوم يبدأ من الفجر، فعليه فغسل الجمعة بدايته من الفجر ، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم ، وغسل الجمعة بدايته من الفجر وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم - من خرج منه ريح بعد أن اغتسل ولبس ثيابه أو قضى حاجته فلا يلزم بإعادة الغسل مرة ثانية بل يجزئه الوضوء وهذا رأي الجمهور
6- لَوْ أَحْدَثَ – أي أخرج ريح أو نحوه - الْمُغْتَسِلُ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي غُسْلِهِ بَلْ يُتِمُّهُ وَيُجْزِيه فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ نَصَّ عَلَى هَذَا كُلِّهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْغُسْلَ: دَلِيلُنَا أَنَّ الْحَدَثَ لَا يُبْطِلُ الْغُسْلَ بَعْدَ فَرَاغِهِ فلا يبطله في أثنائه كالاكل 0 انظر المجموع (2/200)
7- هل غسل الجمعة يجزيء عن الوضوء :
قال في حاشية الصاوي (1/173) : يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ أَصْلِيٌّ لِكَوْنِهِ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَلَوْ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ. وَلَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ اهـ وهو ما رجحه ابن باز وابن عثيمين سئل ابن عثيمين رحمه الله كما في لقاء الباب المفتوح (181/18) : إذا اغتسل شخص للتبرد غسلاً مجزئاً، فهل يكفيه عن الوضوء؟ وإن لم يكفه، فما هو الغسل الذي يكفي عن الوضوء؟ وهل لا بد فيه من نية؟
الجواب
 التبرد ليس عبادة وليس طاعة، فإذا اغتسل للتبرد لم يجزئه عن الوضوء، الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل من الجنابة، أو غسل المرأة من الحيض والنفاس؛ لأنه عن حدث، وأما الغسل المستحب كالغسل عند الإحرام مثلاً فإنه لا يجزئ عن الوضوء، وكذلك الغسل الواجب لغير حدث كغسل يوم الجمعة لا يجزئ عن الوضوء، لا يجزئ عن الوضوء إلا الغسل الذي يكون عن حدث؛ جنابةً أو حيضاً أو نفاساً.
السائل: وماذا يكون لو نوى؟ الشيخ: ولو نوى؛ لأنه لابد من الترتيب.
السائل: والغسل عن الحدث، هل لابد من نية؟ الشيخ: إذا نوى الغسل عن الجنابة كفى عن الوضوء، لقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] ولم يذكر الوضوء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق