السبت، 22 أكتوبر 2016

هل لمس الذكر ينقض الوضوء أم لا عمرو العدوي أبو حبيبة



 عمرو العدوي 
أبو حبيبة
هل لمس الذكر ينقض الوضوء أم لا ؟
تنازع : العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؟ .
 القول الأول : الوضوء من مسِّ الذكر مستحب مطلقًا وليس بواجب: وهو مذهب أحمد في إحدى الروايتين وشيخ الإسلام ابن تيمية،ينظر مجموع الفتاوى (20/526) وهو الراجح والدليل عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ» رواه أبوداود (182) وَصَحَّحَهُ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ وَقَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إسْنَادُهُ مُسْتَقِيمٌ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ بِخِلَافِ حَدِيثِ بُسْرَةَ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ ينظر نيل الأوطار (1\250) وصححه الألباني ، فحملوا حديث بسرة على الاستحباب وحديث طلق على أن السؤال فيه كان عن الوجوب.
قال شيخ لإسلام ابن تيمية: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَلَا النِّسَاءِ  مجموع فتاوى 20/526.
القول الثاني  : مس الذكر يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُرْوَةَ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ.- ورواية عن أحمد -
،المغني (1\131) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي ودليلهم:
أ- عن بُسْرَة بِنْت صَفْوَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ رواه أبو داود (181) وصححه الألباني
ب - أنه لو صح حديث طلق لكان حديث بسرة- مقدمًا عليه لأن طلقًا قدم المدينة وهم يبنون المسجد، وأبو هريرة أسلم عام خيبر بعد ذلك بست سنين فيكون ناسخًا لحديث طلق وأجيب قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (1\ 279)  وأما دعوى أن حديث طلق بن علي منسوخ، لأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني مسجده أول الهجرة، ولم يعد إليه بعد. فهذا غير صحيح لما يلي:
1- أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، والجمع هنا ممكن.
2 - أن في حديث طلق علة لا يمكن أن تزول، وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول فإن الحكم لا يمكن أن يزول؛ لأن الحكم يدور مع علته، والعلة هي قوله: (إنما هو بضعة منك) ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكر الإنسان ليس بضعة منه، فلا يمكن النسخ.
3 - أن أهل العلم قالوا: إن التاريخ لا يعلم بتقدم إسلام الراوي، أو تقدم أخذه؛ لجواز أن يكون الراوي حدث به عن غيره.
بمعنى: أنه إذا روى صحابيان حديثين ظاهرهما التعارض، وكان أحدهما متأخرا عن الآخر في الإسلام، فلا نقول: إن الذي تأخر إسلامه حديثه يكون ناسخا لمن تقدم إسلامه، لجواز أن يكون رواه عن غيره من الصحابة، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث به بعد ذلك.انتهى
القول الثالث : لَا وُضُوءَ فِيهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَعِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ – أبو حنيفة- – ورواية عن أحمد – ينظر المغني (1\132) ودليلهم :حديث طلق السابق 0
القول الرابع : ينقض إذا كان مس الذكر بشهوة ولا ينقض إذا مسَّ بدونها: وهو رواية عن مالك، واختاره العلامة الألباني وابن عثيمين 
قال ابن عثيمين في نور على الدرب (7\2)
إذا اغتسل ثم لمس عورته فهل عليه شيء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليه شيء - يعني - أن مس الذكر لا ينقض الوضوء لكن إذا كان لشهوة فإنه ينقض الوضوء لأنه بهذا التفصيل تجتمع الأدلة فإن (النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء؟ قال لا إنما هو بضعة منك) أي جزءٌ منك ومس الإنسان لجزءٍ من نفسه لا يعتبر ناقضا للوضوء فهو كما لو مس رجله بيده فإن وضوءه لا ينتقض والحديث الآخر حديث بسرة بنت صفوان (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ) يدل على وجوب الوضوء من مس الذكر والجمع بينه وبين الحديث الأول أن يقال إن مسه الإنسان لشهوة فإنه يخالف مس بقية الأعضاء فينتقض وضوؤه وأما إذا مسه لغير شهوة فإنه لا ينتقض وضوؤه وليعلم أن المس هو المس بلا حائل أما إذا كان مع حائل فإن ذلك لا يعد مساً فلا ينقض الوضوء حتى لو كان لشهوة فإنه لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه ما يوجب الوضوء انتهى
قال الألباني في تمام المنة (1\103) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. والله أعلم انتهى .قلت : قوله : وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. رحمه الله قلت : بل ما اختاره ابن تيمية القول الأول كما سبق فجل َّ من لا يسهو فالقول الصحيح هو القول الأول واختاره ابن تيمية كماسبق فيجمع بين الحديثين، أي بين حديث بسرة وبين حديث طلق فيحمل حديث بسرة على الاستحباب ويحمل حديث طلق على نفي الوجوب.فعلى ذلك يكون المعنى في حديث طلق: فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ»،  أي لا يجب عليك الوضوء، ولم ينف الاستحباب بخلاف حديث بسرة (من مس ذكره فليتوضأ) فهذا يحمل على الاستحباب والله أعلم
فوائد : 1- المرأة إذا مست فرجها من المستحب أيضا أن تتوضأ: والأصل أن النساء شقائق الرجال في الأحكام،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ رواه الترمذي (113) وصححه الألباني
2- مس المرأة فرج زوجها لا ينقض وضوءها إذ ليس هناك دليل صريح في ذلك 0انظر أحكام النساء لشيخنا 1/41
3- مس المرأة دبرها - لا ينقض وضوءها إذ ليس هناك دليل على ذلك وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد انظر المغني (1/134) وكذلك الرجل    
4- مس المرأة ذكر طفلها لا ينقض وضوءها  إذ ليس هناك دليل على ذلك وهو قول مالك و الزهري والأوزاعي  انظرالكافي لابن عبد البر (1\149) والاوسط (1\210)
5- سئل  ابن تيمية رحمه الله إذَا تَوَضَّأَ وَقَامَ يُصَلِّي أَحَسَّ بِالنُّقْطَةِ فِي صَلَاتِهِ، فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا أَصَابَ النُّقْطَةَ يَغْسِلُ الثَّوْبَ؟
الْجَوَابُ: مُجَرَّدُ الْإِحْسَاسِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» ، وَأَمَّا إذَا تَيَقَّنَ خُرُوجَ الْبَوْلِ إلَى ظَاهِرِ الذَّكَرَ، فَقَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَعَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ إذَا فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.الفتاوى الكبرى(1/281)ا

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم شيخ عمرو هذا بحث فيه توسع حول هذه المسئلة https://archive.org/details/20240125_20240125_1843

    ردحذف