الاثنين، 27 فبراير 2017

الرد على من أنكر السنة وشبهات والرد عليها عمرو العدوي أبو حبيبة



الرد على من أنكر السنة عمرو العدوي أبو حبيبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يُضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه؛ والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين , وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد : لا يزال أعداء الدِّين يحرصون على النيل من دين الله تعالى بشتى الصور والأساليب، وينشرون شبهاتهم وضلالاتهم بين عامة المسلمين، فينساق وراءهم بعض ضعاف الإيمان، والجهلة من المسلمين، ولو أن واحداً من هؤلاء العامة فكَّر قليلاً لعلم أن شبههم خاوية، وأن حجتهم داحضة.
ومن أيسر ما يمكن أن يرد به العامي على هذه الشبهة المتهافتة أن يسأل نفسه: كم ركعة أصلي الظهر؟ وكم هو نصاب الزكاة؟ وهذا سؤالان يسيران، ولا غنى بمسلم عنهما، ولن يجد إجابتهما في كتاب الله تعالى، وسيجد أن الله تعالى أمره بالصلاة، وأمره بالزكاة، فكيف سيطبق هذه الأوامر من غير أن ينظر في السنَّة النبوية؟ إن هذا من المحال، ولذا كانت حاجة القرآن للسنَّة أكثر من حاجة السنَّة للقرآن! كما قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله -: " الكتاب أحوج إلى السنَّة من السنَّة إلى الكتاب "، كما في " البحر المحيط " للزركشي (6 / 11) انظر سؤال وجواب (1/1167)
قال الألباني رحمه الله في منزلة السنة في الإسلام (7) قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] مثال صالح لذلك فإن السارق فيه مطلق كاليد فبينت السنة القولية الأول منهما وقيدته بالسارق الذي يسرق ربع دينار بقوله صلى الله عليه وسلم : "  لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا " [أخرجه الشيخان]. كما بينت الآخر بفعله  صلى الله عليه وسلم  أو فعل أصحابه وإقراره فإنهم كانوا يقطعون يد السارق من عند المفصل كما هو معروف في كتب لحديث وبينت السنة القولية اليد المذكورة في آية التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43، المائدة: 6] بأنها الكف أيضا بقوله  صلى الله عليه وسلم : "  التيمم ضربة للوجه والكفين " [أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما] ثم قال : قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ .. } [المائدة: 3] فبينت السنة القولية أن ميتة الجراد والسمك والكبد والطحال من الدم حلال فقال  صلى الله عليه وسلم : "  أحلت لنا ميتتان ودمان: الجراد والحوت (أي السمك بجميع أنواعه) والكبد والطحال " [أخرجه البيهقي وغيره مرفوعا وموقوفا وإسناد الموقوف صحيح وهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي] 00 ومما تقدم يتبين لنا أيها الإخوة أهمية السنة في التشريع الإسلامي فإننا إذا أعدنا النظر في الأمثلة المذكورة فضلا عن غيرها مما لم نذكر نتيقن أنه لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم فهما إلا مقرونا بالسنة. اهـ
السنة لغة : فَهِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ، وَأَصْلُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ سَنَنْتُ الشَّيْءَ بِالْمِسَنّ إِذَا أَمْرَرْتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهِ سَنًّا أَيْ: طَرِيقًا 0
وَأَمَّا مَعْنَاهَا شَرْعًا: أَيْ: فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ: قَوْلُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلُهُ وَتَقْرِيرُهُ ، وَتُطْلَقُ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ عَلَى الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ فِي عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ، وَأَمَّا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْفِقْهِ فَإِنَّمَا يُطْلِقُونَهَا عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الْبِدْعَةَ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.انظر إرشاد الفحول (1/95)
اعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اتَّفَقَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ مُسْتَقِلَّةٌ بِتَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ وَأَنَّهَا كَالْقُرْآنِ فِي تَحْلِيلِ الْحَلَالِ وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ،والدليل على ذلك 1- قال تعالى : {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ ] سورة النساء ( 113)
الحكمة هنا السنة والدليل : قوله تعالى : {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} [الأحزاب: 34] فالله عز وجل حث نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكرن ما يتلى في بيوت النبي وجعل المتلو نوعين الأول : آيات الله تعالى وهو القرآن الثاني : الحكمة وقد وصفها الله بأنها تتلى ولا شيء كان يتلى في بيوتات النبي جنبا جنب القرآن إلا سنة النبي صل الله عليه وسلم فالحكمة هي السنة كما قال علماء التفسير فالسنة منزلة من عند الله كما نزل القرآن سواء بسواء 
قال الطبري في تفسيره (19/108) وَعَنَى بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} [الأحزاب: 34] وَاذْكُرْنَ مَا يُقْرَأُ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ كِتَابِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ؛ وَيَعْنِي بِالْحِكْمَةِ: مَا أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْكَامِ دَيْنِ اللَّهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ قُرْآنٌ، وَذَلِكَ السُّنَّةُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 00 عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] أَيِ السُّنَّةَ قَالَ: يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ اهـ
 قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرَ اللَّهُ الْكِتَابَ وَهُوَ الْقُرْآنُ وَذَكَرَ الْحِكْمَةَ فَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ: الْحِكْمَةُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انظر معرفة السنن والآثار (1/104)
2- قال الله عزَّ وجلَّ: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ) سورة النساء (171) قال الشافعي رحمه الله : وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دِينِهِ وَفَرْضِهِ وَكِتَابِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ عَلَمًا لِدِينِهِ بِمَا افْتَرَضَ مِنْ طَاعَتِهِ وَحَرَّمَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَبَانَ مِنْ فَضِيلَتِهِ بِمَا قَرَنَ مِنَ الْإِيمَانِ بِرَسُولِهِ مَعَ الْإِيمَانِ بِهِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 171]، وَقَالَ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]
فَجَعَلَ كَمَالَ ابْتِدَاءِ الْإِيمَانِ الَّذِي مَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ فلو آمن عبد به ولم يؤمن برسوله، لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله - صلى الله عليه وسلم – معه انظر تفسير الشافعي (2/ 676)
3- قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا] سورة النساء (59)
قال ابن كثير في تفسيره (2/304) أَطِيعُوا اللَّهَ أَيْ اتَّبِعُوا كِتَابَهُ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ أَيْ خُذُوا بِسُنَّتِهِ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ أَيْ فِيمَا أَمَرُوكُمْ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ لَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» اهـ
قال ابن حجر في فتح الباري (13/111)
النُّكْتَةُ فِي إِعَادَةِ الْعَامِلِ فِي الرَّسُولِ دُونَ أُولِي الْأَمْرِ مَعَ أَنَّ الْمُطَاعَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَوْنُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّكْلِيفُ هُمَا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ فَكَأَنَّ التَّقْدِيرَ أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا نَصَّ عَلَيْكُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فِيمَا بَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَا يَنُصُّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ السُّنَّةِ أَوِ الْمَعْنَى أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ مِنَ الْوَحْيِ الْمُتَعَبَّدِ بِتِلَاوَتِهِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فِيمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ مِنَ الْوَحْيِ الَّذِي لَيْسَ بِقُرْآنٍ اهـ
4- قال تعالى :{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العقاب} (الحشر: من الآية 7)  ان الله تعالى أمر بأخذ الذي آتانا الرسول وترك ما نهانا عنه، والأمر يفيد الوجوب. وما آتى الرسول وما نهى عنه هو السنة النبوية، وبالتالي فهي واجبة الاتباع. ويؤكد هذا المعنى تتمة الآية: ( واتقوا الله إن الله شديد العقاب ).
5- قال تعالى : [وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الْأَحْزَابِ: (36)]
قال ابن كثير في تفسيره (6/377) فَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا حَكَمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُخَالَفَتُهُ، وَلَا اخْتِيَارَ لأحد هنا، ولا رأي ولا قول اهـ
6- قال تعالى : [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]
 سورة النساء (65) قال ابن كثير في تفسيره (2/306) يُقْسِمُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ الْمُقَدَّسَةِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ حَتَّى يُحَكِّمَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، فَمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ الِانْقِيَادُ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَلِهَذَا قَالَ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً أَيْ إِذَا حَكَّمُوكَ يُطِيعُونَكَ فِي بَوَاطِنِهِمْ فَلَا يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا حَكَمْتَ بِهِ، وَيَنْقَادُونَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، فَيُسَلِّمُونَ لِذَلِكَ تَسْلِيمًا كُلِّيًّا مِنْ غَيْرِ مُمَانِعَةٍ وَلَا مُدَافِعَةٍ وَلَا مُنَازِعَةٍ اهـ
7- قال تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) [النجم: 3، 4] وجه الاستدلال : أن الله عز وجل نفى الهوى عن كل ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ثم أثبت سبحانه أن الذي نطق به النبي صلى الله عليه وسلم إلا وحي ومعلوم أن الذي نطق به النبي صلى الله عليه وسلم هو الكتاب والسنة 0
قال ابن حزم في الأحكام (1/97)
فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين أحدهما وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن والثاني وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو لكنه مقروء وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا قال الله تعالى { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق فقال تعالى : { وأطيعوا الله والرسول} فكانت الأخبار التي ذكرنا أحد الأصول الثلاثة التي ألزمنا طاعتها في الآية الجامعة لجميع الشرائع أولها عن أخرها وهي قوله تعالى { يا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ } فهذا أصل وهو القرآن ثم قال تعالى { وأطيعوا لرسول } فهذا ثان وهو الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى :{ وأولي لأمر منكم } فهذا ثالث وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه وصح لنا بنص القرآن أن الأخبار هي أحد الأصلين المرجوع إليهما عند التنازع قال تعالى { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ } قال علي والبرهان على أن المراد بهذا الرد إنما هو إلى القرآن والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا وإلى كل من يخلق ويركب روحه في جسده إلى يوم القيامة من الجنة والناس كتوجهه إلى من كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من أتى بعده عليه السلام وقبلنا ولا فرق اهـ
8- قال تعالى : [ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ] سورة الأحزاب (21)الله عز وجل لم يأمر الأمة بالإقتداء به – صلى الله عليه وسلم – إلا لكونه حجة ومبلغا عن ربه – جل وعلا
9- حذر الله عز وجل من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتوعد من عصاه بالخلود في النار، قال تعالى: [ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ] [النور: 63]
10- قال تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) سورة النساء (80) وجه الاستدلال :
1- أن الآية نص في أن طاعة الرسول تحقيقا هي طاعة الله عز وجل 0
وأنتم تعلمون : أن التلازم بين الشرط والمشروط ، بمعنى : من أطاع الرسول ، فقد أطاع الله 0
ومن لم يطع الرسول ، لم يطع الله0
فإما أن يراد بطاعة الرسول ، طاعته فيما بلغه من القرآن 0
وإما أن يراد بطاعة الرسول ، طاعته فيما بلغه من السنة 0
وإما أن يراد بطاعة الرسول ، طاعته فيما بلغه من القرآن ومن السنة
فأي مزية للنبي صلى الله عليه وسلم إن كان المراد طاعته فيما بلغه من القرآن 0
فإن قبول خبر الصادق متعين من أي أحد ، فإلم يكن هناك أمر زائد يطاع فيه ، فلا معنى للآية 0
فتعيَّن ؛ أن معنى الآية :
من أطاع الرسول فيما بلغه من القرآن ، وفيما بلغه مما ليس في القرآن فقد أطاع الله
فتعيَّن ؛ أن السنة منزلة من عند الله ، كما أن القرآن منزل من عند الله سواء بسواء انظر أصول الفهم (1/80) لحبيبنا الشيخ مصطفى سلامه فك الله أسره 0
11- قال تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] وجه الاستدلال : أن لفظ الذكر عام يشمل الكتاب والسنة ، لأن السنة ذكر ، ولا مخصص ، والحكم المعلق بالذكر هو أنزلنا وعليه فالسنة منزلة من عند الله تعالى فمن خصص فعليه بالدليل0
12- هذا الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم من دين الله فعن عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ» قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: «وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ فَقَالَ: " لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] رواه البخاري (5931) ومسلم (2125)
فهذا يؤكد وجوب اتباع النبي وأن طاعته من طاعة الله فمن جحد السنة فقد جحد كلام الله فهما متلازمان - هب أننا نعدُّ هذا تنازعاً بيننا وبين خصومنا الذين يرون الاكتفاء بالقرآن: فإننا نقول: إننا أُمرنا في القرآن الكريم عند التنازع أن نرجع إلى القرآن والسنَّة! فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء/59، فماذا هو صانعٌ خصمنا بهذه الحجة القرآنية؟ إن قبلها: رجع إلى السنَّة فبطل قوله، وإن لم يرجع: فقد خالف القرآن الذي يزعم أنه كافٍ عن السنَّة انظر سؤال وجواب (1/1167)
 قال الشافعي: ولا أعلم من الصحابة، ولا من التابعين أحدًا أخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا قُبِل خبره، وانتُهِيَ إليه، وأُثبت ذلك سنة  وصنع ذلك الذين بعد التابعين، والذين لقيناهم، كلهم يثبت الأخبار ويجعلها سنة، يحمد من تبعها، ويعاب من خالفها، فمن فارق هذا المذهب كان عندنا مفارق سبيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل العلم بعدهم إلى اليوم، وكان من أهل الجهالة.
انظر مشارق الأنوار (1/325)
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1/250) فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِكَلَامِهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ جَمِيعَ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَجَمِيعَ مَا نَهَى عَنْهُ وَجَمِيعَ مَا أَحَلَّهُ وَجَمِيعَ مَا حَرَّمَهُ وَجَمِيعَ مَا عَفَا عَنْهُ، وَبِهَذَا يَكُونُ دِينُهُ كَامِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] اهـ


[ شبهات والرد عليها ]
الشبهة الأولى : قال تعالى ( مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءء ) سورة الأنعام (38) وقال تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) سورة النحل (89) قالوا : وهذا يدل على أن الكتاب قد حوى كل شيء من أمور الدين ، وكل حكم من أحكامه وأنه بينه وفصله بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر كالسنة وإلا كان الكتاب مفرطا فيه ، ولما كان تبيانا لكل شيء ، فيلزم الخلف في خبره – تعالى – وهو محال 0
وأجيب من المتفق عليه بين العلماء ، والمعلوم من الدين بالضرورة ، أن القرآن الكريم هو الأصل الأول للتشريع ، لأنه نزل بلفظه ومعناه وهو الذي نص على أن السنة حجة يرجع إليها ، كما يرجع إلى القرآن نفسه0 وما دام الأمر كذلك ، فلا نزاع في أن القرآن قد حوى أصول الدين ، وقواعد الأحكام العامة ، وكان صريحا في دلاته على بعضها ، مفصلا له تفصيلا دقيقا ومحددا ، لا يحتاج إلى بيان ، ولا يدخل تحت دائرة الاجتهاد 000قال الشافعي في الرسالة (1/19) : فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليلُ على سبيل الهدى فيها.
قال الله تبارك وتعالى: (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (إبراهيم 1)
وقال: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل 44)
وقال: (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل 89)
وقال: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى 52) والبيان اسم جامع لمعاني مجتمعةِ الأصول، متشعبةِ الفروع: فأقلُّ ما في تلك المعاني المجتمعة المتشعبة: أنها بيانٌ لمن خوطب بها ممن نزل القُرَآن بلسانه، متقاربة، الاستواء عنده، وإن كان بعضها أشدَّ تأكيدَ بيانٍ من بعض. ومختلفةٌ عند من يجهل لسان العرب فجِمَاع ما أبان الله لخلقه في كتابه، مما تَعَبَّدَهم به، لما مضى من حكمه جل ثناؤه: من وجوه.
فمنها ما أبانه لخلقه نصاً. مثلُ جمُل فرائضه، في أن عليهم صلاةً وزكاةً وحجاً وصوماً وأنه حرَّم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن، ونصِّ الزنا والخمر، وأكل الميتة والدم، ولحم الخنزير، وبيَّن لهم كيف فَرْضُ الوضوء، مع غير ذلك مما بين نصاً. ومنه: ما أَحكم فرضه بكتابه، وبيَّن كيف هو على لسان نبيه؟ مثل عدد الصلاة، والزكاة، ووقتها، وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه.
ومنه: ما سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس لله فيه نصُّ حكم، وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والانتهاء إلى حكمه، فمَن قبل عن رسول الله فبِفَرْضِ الله قَبِل.
ومنه: ما فرض الله على خلقه الاجتهادَ في طلبه، وابتلى طاعتهم في الاجتهاد، كما ابتلى طاعتهم في غيره مما فرض عليهم.
ثم ساق رحمه الله تعالى أمثله لكل نوع من الأنواع المتقدمة اهـ
 قال الشافعي أيضا في الرسالة (1/32) : كل ما سنَّ رسول الله مما ليس فيه كتاب، وفيما كتبنا في كتابنا هذا، من ذِكرِ ما مَنَّ الله به على العباد من تَعَلُّم الكتاب والحكمة: دليلٌ على أن الحكمة سنة رسول الله.
مع ما ذكرنا مما افترض الله على خلقه من طاعة رسوله، وبيَّن من موضعه الذي وضعه الله به من دينه: الدليلُ على أن البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله من أحد هذه الوجوه.
منها: ما أتى الكتاب على غاية البيان فيه، فلم يحتج مع التنزيل فيه إلى غيره ومنها: ما أتى على غاية البيان في فرضه وافترض طاعة رسوله، فبين رسول الله عن الله كيف فرْضُهُ؟ وعلى من فرْضُهُ؟ ومتى يزول بعضه وَيَثبُتُ وَيَجِبُ؟
ومنها: ما بينه عن سنة نبيه بلا نص كتاب.
وكل شيء منها بيانٌ في الكتاب الله.
فكل من قَبِلَ عن الله فرائضه في كتابه: قَبِلَ عن رسول الله سننه بفرْض الله طاعةَ رسوله على خلقه، وأن ينتهوا إلى حكمه، ومن قَبِلَ عن رسول الله، فمن الله قَبِلَ لِمَا افترض الله من طاعته.
فيجمع القبول لما في كتاب الله، ولسنة رسول الله: القبولَ لكل واحد منهما عن الله، وإن تفرقت فروع الأسباب التي قُبِل بها عنهما، كما أحل وحرم، وفرض وحدَّ بأسباب متفرقة، كما شاء جل ثناؤه، (لا يُسأل عما يفعل، وهم يسألون) (الأنبياء 23) اهـ فثبت بكل ما تقدم أن ما تعلق به هؤلاء الشذاذ إنما هو مجرد وهم وسوء فهم لنصوص القرآن ، وثبت ما عليه جمهور الأمة ، سلفا وخلفا ، من أن القرآن والسنة متعانقان ، لا ينفك أحدهما عن الآخر وكلاهما وحي صدر من جهة واحدة ، ولا يختلفان إلا من حيث إن أحدهما نزل باللفظ والمعنى ، وهو القرآن الكريم ، والآخر نزل بالمعنى فقط ، وهو السنة ، لكن الجميع يندرج تحت قول الله تعالى [وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (4)] على أن هناك الكثير من المفسرين من يرى أن المراد من الكتاب في قوله تعالى : [مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ]
هو اللوح المحفوظ 0
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (6/420)
 قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) أَيْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَإِنَّهُ أَثْبَتَ فِيهِ مَا يَقَعُ مِنَ الْحَوَادِثِ. وَقِيلَ: أَيْ فِي الْقُرْآنِ أَيْ مَا تَرَكْنَا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ إِلَّا وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ، إِمَّا دَلَالَةً مُبَيَّنَةً مَشْرُوحَةً، وَإِمَّا مُجْمَلَةً يُتَلَقَّى بَيَانُهَا مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَوْ مِنَ الْإِجْمَاعِ، أَوْ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي ثَبَتَ بِنَصِ الْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ"] النحل: 89] وَقَالَ:" وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"] النحل: 44] وَقَالَ:" وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"] الحشر: 7] فَأَجْمَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَآيَةِ (النَّحْلِ) مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ، فَصَدَقَ خَبَرُ اللَّهِ بِأَنَّهُ مَا فَرَّطَ فِي الْكِتَابِ من شي إِلَّا ذَكَرَهُ، إِمَّا تَفْصِيلًا وَإِمَّا تَأْصِيلًا، وَقَالَ:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ"] المائدة: 3] وسواء فسرنا الكتاب بأنه اللوح المحفوظ ، أو القرآن الكريم ، فإنه لا يبقى أدنى شك في أن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع ، سواء منها ما جاء مفسرا ومبينا لما أجمله القرآن الكريم ، أم كان ذلك على سبيل الاستقلال ، فالكل مصدره واحد ، وهو الوحي سواء كان باللفظ والمعنى ، أم بالمعنى فقط انظر أصول الفقه الميسر (1/231)
قال الخطابي في معالم السنن (1/8)                              
أخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئا من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب إلاّ أن البيان على ضربين بيان جلي تناول الذكر نصا وبيان خفي اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معنى قوله سبحانه: {لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44] فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان اهـ 
الشبهة الثانية : قال تعالى : [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنا له لحافظونَ 
]سورة الحجر (9) قالوا : يدل على أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن دون السنة ، ولو كانت دليلا وحجة كالقرآن لتكفل بحفظها 0
وأجيب إن ما وعد الله تعالى به من حفظ الذكر وهو القرآن الكريم ، ليس قاصرا على القرآن وحده ، بل المراد به شرع الله تعالى ، ودينه الذي بعث به رسوله ، وهو أعم من أن يكون قرآنا أو سنة
قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: "أمَّا قولهم لو كان الدين في حاجة إلى السنة لتكفل الله بحفظها؛ كما تكفَّل بحفظ القرآن، فيرده أن الله سبحانه وتعالى إنما تكفل بحفظ ما أنزله من الذكر والسنة، وقد صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا للقرآن أوحى بها إليه، بدليل قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى  إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى  سورة النجم (5)، وكانت لذلك من الذكر وتابعة له محفوظة بكفالة الله سبحانه وتعالى، وكان ذلك مما دلت عليه هذه الآية، فإن المراد بالذكر فيها شرع الله ودينه، قرآنًا كان أو سنة؛ يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [54]؛ أي اسألوا أهل العلم بشريعة الله ودينه، وقد صدق الله وعده فحفظ سنة رسوله كما حفظ كتابه، بما هيَّأ لها ممن حفظها، وتناقلها، ودارسها، وميز صحيحها من سقيمها ودخيلها، فأصبحت بذلك مدروسة محفوظة مدونة في مصادرها".
وقد نص الشافعي رحمه الله أيضًا في الرسالة على أن سنة رسوله موجودة عند عامة أهل العلم، وإن كان بعضهم أجمع من بعض، فإذا جمع علمهم جميعًا أتى عليها كلها
انظر أصول الفقه الميسر (1/242)
قال ابن حزم في الأحكام (1/121)
ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة والشريعة في أن كل وحي نزل من عند الله تعالى فهو ذكر منزل فالوحي كله محفوظ بحفظ الله تعالى له بيقين وكل ما تكفل الله بحفظه فمضمون ألا يضيع منه وألا يحرف منه شيء أبدا تحريفا لا يأتي البيان ببطلانه إذ لو جاز غير ذلك لكان كلام الله تعالى كذبا وضمانه خائسا وهذا لا يخطر ببال ذي مسكة عقل فوجب أن الذي أتانا به محمد صلى الله عليه وسلم محفوظ بتولي الله تعالى حفظه مبلغ كما هو إلى كل ما طلبه مما يأتي أبدا إلى انقضاء الدنيا قال تعالى { لأنذركم به ومن بلغ }
فإذ ذلك كذلك فبالضروري ندري أنه لا سبيل البتة إلى ضياع شيء قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين ولا سبيل البتة إلى أن يختلط به باطل موضوع اختلاطا لا يتميز عن أحد من الناس بيقين إذ لو جاز ذلك لكان الذكر غير محفوظ ولكان قول الله تعالى {إنا نحن نزلنا لذكر وإنا له لحافظون} كذبا ووعدا مخلفا وهذا لا يقوله مسلم فإن قال قائل إنما عنى تعالى بذلك القرآن وحده فهو الذي ضمن تعالى حفظه لسائر الوحي الذي ليس قرآنا قلنا له وبالله تعالى التوفيق هذه دعوى كاذبة مجردة من البرهان وتخصيص للذكر بلا دليل وما كان هكذا فهو باطل لقوله تعالى {وقالوا لن يدخل لجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} فصح أن لا برهان له على دعواه فليس بصادق فيها والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم من قرآن أو من سنة وحي يبين بها القرآن وأيضا فإن الله تعالى يقول {بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} فصح أنه عليه السلام مأمور ببيان القرآن للناس وفي القرآن مجمل كثير كالصلاة والزكاة والحج وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمنا الله تعالى فيه بلفظه لكن بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان بيانه عليه السلام لذلك المجمل غير محفوظ ولا مضمون سلامته مما ليس منه فقد بطل الانتفاع بنص القرآن فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا فيه فإذا لم ندر صحيح مراد الله تعالى منها فما أخطأ فيه المخطىء أو تعمد فيه الكذب الكاذب ومعاذ الله من هذا اهـ

الشبهة الثالثة : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ رواه مسلم (3004) قال ابن حبان في صحيحه (64): زَجْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكِتْبَةِ عَنْهُ سِوَى الْقُرْآنِ، أَرَادَ بِهِ الْحَثَّ عَلَى حِفْظِ السُّنَنِ دُونَ الِاتِّكَالِ عَلَى كِتْبَتِهَا وَتَرْكِ حِفْظِهَا وَالتَّفَقُّهِ فِيهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا إِبَاحَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي شَاهٍ كَتْبَ الْخُطْبَةِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِالْكِتْبَة اهـ
قال النووي في شرح مسلم (18/ 129) :
 قَالَ الْقَاضِي كَانَ بَيْنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي كِتَابَةِ الْعِلْمِ فَكَرِهَهَا كَثِيرُونَ مِنْهُمْ وَأَجَازَهَا أَكْثَرُهُمْ)
ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازهَا , وَزَالَ ذَلِكَ الْخِلاف.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث الْوَارِد فِي النَّهْي , فَقِيلَ: هُوَ فِي حَقّ مَنْ يَوْثُق بِحِفْظِهِ , وَيُخَاف اِتِّكَاله عَلَى الْكِتَابَة إِذَا كَتَبَ. وَتُحْمَل الأَحَادِيث الْوَارِدَة بِالإِبَاحَةِ عَلَى مَنْ لا يَوْثُق بِحِفْظِهِ كَحَدِيثِ: " اُكْتُبُوا لأَبِي شَاه – رواه البخاري (2434) ومسلم (1355)- وَحَدِيث صَحِيفَة عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , - رواه البخاري (3047)- وَحَدِيث كِتَاب عَمْرو بْن حَزْم الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِض وَالسُّنَن وَالدِّيَات. وَحَدِيث كِتَاب الصَّدَقَة وَنُصُب الزَّكَاة الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ , وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ كَانَ يَكْتُب وَلا أَكْتُب , - رواه البخاري (113) ومسلم - وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الأَحَادِيث. وَقِيلَ: إِنَّ حَدِيث النَّهْي مَنْسُوخ بِهَذِهِ الأَحَادِيث , وَكَانَ النَّهْي حِين خِيفَ اِخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَمِنَ ذَلِكَ أَذِنَ فِي الْكِتَابَة , وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ كِتَابَة الْحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي صَحِيفَة وَاحِدَة ; لِئَلا يَخْتَلِط , فَيَشْتَبِه عَلَى الْقَارِئ فِي صَحِيفَة وَاحِدَة. وَاللَّهُ أَعْلَم اهـ
قال ابن حجر: وَيُسْتَفَاد مِنْهُ وَمن الحَدِيث عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمِ وَمِنْ قِصَّةِ أَبِي شَاهٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي كِتَابَةِ الْحَدِيثِ عَنْهُ وَهُوَ يُعَارِضُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِوَقْتِ نُزُولِ الْقُرْآنِ خَشْيَةَ الْتِبَاسِهِ بِغَيْرِهِ وَالْإِذْنَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِكِتَابَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ مَعَ الْقُرْآنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالْإِذْنَ فِي تَفْرِيقِهِمَا أَوِ النَّهْيَ مُتَقَدِّمٌ وَالْإِذْنَ نَاسِخٌ لَهُ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنَ الِالْتِبَاسِ وَهُوَ أَقْرَبُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهَا وَقِيلَ النَّهْيُ خَاصٌّ بِمَنْ خُشِيَ مِنْهُ الِاتِّكَالُ عَلَى الْكِتَابَةِ دُونَ الْحِفْظِ وَالْإِذْنُ لِمَنْ أُمِنَ مِنْهُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ الصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كِتَابَةَ الْحَدِيثِ وَاسْتَحَبُّوا أَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُمْ حِفْظًا كَمَا أَخَذُوا حِفْظًا لَكِنْ لَمَّا قَصُرَتِ الْهِمَمُ وَخَشِيَ الْأَئِمَّةُ ضَيَاعَ الْعلم دَوَّنُوهُ انظر فتح الباري (1/ 208)
 فائدة : حديث عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَقْضِي؟»، فَقَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟»، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟»، قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ» رواه الترمذي (1327) وضعفه البخاري ، والترمذي ، والعراقي ، والألباني 0
قال الألباني رحمه الله في منزلة السنة (21) :  ألفت انتباه إلى حديث مشهور قلما يخلو منه كتاب من كتب أصول الفقه لضعفه من حيث إسناده ولتعارضه مع ما انتهينا إليه في هذه الكلمة من عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة ووجوب الأخذ بهما معا ألا وهو حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنهـ - أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال له حين أرسله إلى اليمن:"بم تحكم؟ قال: بكتاب الله قال: " فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي ولا آلو، قال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله "
أما ضعف إسناده فلا مجال لبيانه الآن وقد بينت ذلك بيانا شافيا ربما لم أسبق إليه في السلسلة السابقة الذكر ، وحسبي الآن أن أذكر أن أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري  رحمه الله  تعالى قال فيه: (حديث منكر). وبعد هذا يجوز لي أن أشرع في بيان التعارض الذي أشرت إليه فأقول: إن حديث معاذ هذا يضع للحاكم منهجا في الحكم على ثلاث مراحل لا يجوز أن يبحث عن الحكم في الرأي إلا بعد أن لا يجده في السنة ولا في السنة إلا بعد أن لا يجده في القرآن. وهو بالنسبة للرأي منهج صحيح لدى كافة العلماء وكذلك قالوا إذا ورد الأثر بطل النظر. ولكنه بالنسبة للسنة ليس صحيحا لأن السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة له فيجب أن يبحث عن الحكم في السنة ولو ظن وجوده في الكتاب لما ذكرنا فليست السنة مع القرآن كالرأي مع السنة كلا ثم كلا بل يجب اعتبار الكتاب والسنة مصدرا واحدا لا فصل بينهما أبدا كما أشار إلى ذلك قوله  صلى الله عليه وسلم : "  ألا إني أتيت القرآن ومثله معه " يعني السنة وقوله: " لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح لأنه يقتضي التفريق بينهما وهذا باطل لما سبق بيانه. فهذا هو الذي أردت أن أنبه إليه فإن أصبت فمن الله. وإن أخطأت فمن نفسي، والله تعالى أسأل أن يعصمنا وإياكم من الزلل ومن كل ما لا يرضيه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين اهـ
وأخيرا : الرد على الهالك  إسلام البحيري فقال قال الله تعالى : {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} من الآية "178" من سورة البقرة وقوله تعالى : {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] قال إن القرآن لم يفصل بين قتيل و آخر فكل من قتل وجب أن يقتص منه حتى ولو كان مسيحي - نصراني - وأجيب عنه من عدة أوجه : الأول : أن هذا العموم خص بقوله صلى الله عليه وسلم (لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ رواه البخاري(3047) وكما سبق ان السنة كالقرآن
 الثاني :أنها في حق المؤمنين لأنه سبحانه وتعالى قال في أولها : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى } [البقرة: 178]. 
الثالث: كما أنه قال في آخرها : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] و بإتفاق أن المسلم ليس أخا للكافر . فسقط الاستدلال بالآية . 
الرابع :أن آية المائدة في شرع من قبلنا و قد ورد في شرعنا ما يعارضه وهو الحديث وهذا قول جمهور الفقهاء الي هو محروق دمه منهم فقس على ذلك جميع شبهاته على أنكاره السنة 0  
بهذا القدر نكتفي سائلين الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا  نسأل الله عز وجل أن يرفع راية الْإِسْلام والمسلمين عالية خفاقة وأن ينصر بنصره من أعان على نشر الْإِسْلَام في إرجاء المعمورة
ونسْأَله سبحانه أن يخذل من خذل الْإِسْلام والمسلمين وسعى لنشر الرذيلة وابتغى في  الأَرْض  وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك  محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق