السبت، 12 نوفمبر 2016

أحكام الطلاق الجزء الثاني عمرو العدوي أبو حبيبة



--- كم عدة المختلعة ؟
قلت : اختلف العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : ذهب أَكْثَر أَهْل الْعِلْم أن : عِدَّة الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ؛ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ وَخِلَاسُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو عِيَاضٍ وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ،َ– انظر المغني (8\ 97)  ودليلهم : قَوْله تَعَالَى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْحَيَاةِ، فَكَانَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، كَغَيْرِ الْخُلْعِ 0
القول الثاني : أَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ وهو عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ،ورواية عن أحمد – انظر المغني (8\ 97) وهذا هو القول  الصحيح ، والدليل عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ. رواه الترمذي ( 1185) وصححه الألباني 0ورجح هذا القول شيخنا مصطفى العدوي وحديث الربيع بنت معوذ مخصص عموم هذه الْآيَة الي استدلوا بها 0
قال:شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  من نظر هذا القول وجده مقتضى قواعد الشريعة: فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض، ليطول زمن الرجعة، ويتروى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدة، فإذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء.وقال ابن القيم: هذا مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبد الله ابن عمر، والربيع بنت معوذ، وعمها وهو من كبار الصحابة رضي الله عنهم، فهؤلاء الاربعة من الصحابة لا يعرف لهم مخالف انظر فقه السنة (2\306)
 قال ابن باز رحمه الله ؟
إذا كانت المختلعة حاملا فعدتها وضع الحمل بإجماع العلماء. المغني (11/227) .أما إذا كانت غير حامل فاختلف العلماء في عدتها، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنها تعتد بثلاث حيضات لعموم قول الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228. (والصواب أنه يكفي المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زوجة ثابت بن قيس لما اختلعت منه أن تعتد بعد الخلع بحيضة. [رواه الترمذي (1185) – قلت : وصححه الألباني -. وهذا الحديث مخصص للآية الكريمة المذكورة آنفاً، وإن اعتدت بثلاث حيضات كان ذلك أكمل وأحوط خروجا من خلاف بعض أهل العلم القائلين بأنها تعتد بثلاث حيضات لعموم الآية المذكورة) . فتاوى الطلاق للشيخ ابن باز 1/286.
 ألفاظ الخلع
قال شيخنا العزازي في تمام المنة 3/194
اعلم أن الخلع بذل عوض لتفتدي به المرأة نفسها والالفاظ الواردة في ذلك لها صيغ
أ- أن يخلعها بلفظ الطلاق الصريح كأن يقول طلقتك ويكون ذلك على عوض
أ‌-              أن يخلعها بلفظ كناية الطلاق مع قصده وقوع الطلاق كأن يقول حررتها بألف جنيه مثلا وينوي بذلك فراقها
ج‌-         أن يخلعها بلفظ الخلع أو الفسخ أوالفداء ولا ينوي طلاقا
د- أن يخلعها بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء وينوي الطلاق وبناء على هذه الالفاظ اختلف العلماء في الأثر المترتب عليها على ثلاثة أقوال
الأول قالوا هو طلاق بكل حال وبأي لفظ يعني أنه يحسب من الطلقات الثاني اعتبروا الحالات – أ-ب – د- طلاقا والحالة رقم ج فقط فسخا الثالث وهو الراجح أن كله فسخ بأي لفظ كان وبأي نية كانت فهو فسخ لأنه في مقابل عوض وقد سماه الله فداء ولك يفرق بين لفظ ولفظ ولا عبرة باللفظ وإنما العبرة بالمعاني فطالما أن المرأة قد بذلت المال فداء لنفسها فهو فسخ وليس بطلاق وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية الاختبارات الفقهية 431
تنبيه : اعلم أن الخلع يجوز والمرأة حائض ويجوز أن يختلعها في طهر قد جامعها فيه يعني أنه ليس هناك خلع بدعيا وسنيا كما هو الحال في
الطلاق 0
 --- هل يجوز للزوج إعضالها لتختلع ؟
قال تعالى {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] قال ابن عثيمين في الشرح الممتع 12/463 فإذا فعل هذا بدون سبب، كرجل ـ والعياذ بالله ـ طماع لا يخاف رب العالمين، ولا يرحم الخلق، ما أحب هذه الزوجة، وقال: لا يمكن مالي يذهب هدراً، وصار يضيق عليها، ويمنعها حقها، ويهجرها في المضجع؛ من أجل أن تفتدي منه، نقول: هذا حرام عليك؛ لأن الله نهى عنه.انتهى لكنه يمكن إعضالها في الحالات الاتية
1- إن زنت جاز له أن يضيق عليها لتختلع كما قال تعالى {إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ويرى ابن عثيمين أنه يجوز له إعضالها كذلك إذا خرجت تكلم الشباب وتتكلم معهم في الهاتف  قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع  12/ 463 وقوله: «ولم يكن لزناها» فإذا كان لغير زناها، لكن لتوسعها في مخاطبة الشباب، تتكلم في الهاتف، وما أشبه ذلك، فهل نقول: إن هذا من سوء الخلق الذي يبيح له أن يعضلها لتفتدي منه؟
نعم، ونجعل قوله: «لزناها» شاملاً لزنا النطق، والنظر، والسمع، والبطش، والمشي، كما أخبر الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ «أن العين تزني، والأذن تزني، واليد تزني، والرجل تزني»  ، فهذا الرجل يقول: ما أصبر على هذه المرأة، وهي بهذه الحال، فصار يضيق عليها لتفتدي منه، فهذا جائز.
فإن قال قائل: إن الله يقول: {إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} والكلام أو النظر ليس من الفواحش، فنقول: إن هذا وسيلة إلى الفواحش، ثم إن كثيراً من الناس يكون عنده غَيْرة، أن تخاطب امرأته الرجال، أو أن تتحدث إليهم.
ولكن إذا قدر أنه عضلها لزناها فلم تبذل، ولم يهمها، فهل يجوز أن يبقيها عنده على هذه الحال؟ الجواب: لا يجوز، ويجب أن يفارقها؛ لأنه لو أبقاها عنده وهي تزني ـ والعياذ بالله ـ صار ديوثاً.
2- وكذلك إن تركت فرضا من فرائض الله كتركها للصلاة أو الصيام  أو ترك الحجاب فله أن يعضلها إذا لم يكن من إصلاحها سبيل أما إذا كان يرغب في المرأة ويمكن أن يربيها فلا حرج أن تبقى معه.انظر الشرح الممتع464/12
 3- وقوله: «أو نشوزها» ، وهو معصية الزوجة زوجها فيما يجب عليها، فإذا صار عندها نشوز وعضلها وضيق عليها لتفتدي فلا حرج.
انظر الشرح الممتع
--- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُشْتَرَط فِي صِحَّتِهِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ نَاشِزَةً أَمْ لَا فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ الْهَادِي ، وَالظَّاهِرِيَّةُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مُسْتَدِلِّينَ بِقِصَّةِ ثَابِتٍ هَذِهِ فَإِنَّ طَلَبَ الطَّلَاقِ نُشُوزٌ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] ، وَقَوْلُهُ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْمُؤَيَّدُ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى الثَّانِي، وَقَالُوا يَصِحُّ الْخُلْعُ مَعَ التَّرَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَالُ مُسْتَقِيمَةً بَيْنَهُمَا، وَيَحِلُّ الْعِوَضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: 4] الْآيَةَ، وَلَمْ تُفَرِّقْ، وَلِحَدِيثِ «إلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ» ، وَقَالُوا إنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ثَابِتٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الِاشْتِرَاطِ، وَالْآيَةُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخَوْفَ فِيهَا، وَهُوَ الظَّنُّ، وَالْحُسْبَانُ يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَالُ مُسْتَقِيمًا بَيْنَهُمَا، وَهُمَا مُقِيمَانِ لِحُدُودِ اللَّهِ فِي الْحَالِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ أَنْ يَعْلَمَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ، وَلَا يَكُونُ الْعِلْمُ إلَّا لِتَحَقُّقِهِ فِي الْحَالِ كَذَا قِيلَ.وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِلْمَ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ النُّشُوزُ مُسْتَقْبَلًا، وَالْمُرَادُ إنِّي أَعْلَمُ فِي الْحَالِ أَنِّي لَا أَحْتَمِلُ مَعَهُ إقَامَةَ حُدُودِ اللَّهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ النُّشُوزِ فِي الْآيَةِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ،انظر سبل السلام (2\245)
----- قال ابن قدامة رحمه الله وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ، وَلِعَانُهُ، وَيَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، بِالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ خَالَعَهَا صَحَّ خُلْعُهُ. انظر المغني (7\519)
--- الإشهاد على الخلع ، فليس واجبا ، فلو خالع الرجل امرأته بدون حضور أحد ، فالخلع صحيح انظر المجموع (9\195)
--- هل يملك الزوج مراجعة المختلعة في عدتها؟
لا خلاف بين الفقهاء أن المختلعة لا يملك زوجها مراجعتها في عدتها، بل ولا تحل له إلا بعقد جديد مع توافر أركان النكاح وشروطه. قال ابن رشد: "جمهور العلماء أجمعوا على أنه لا رجعة للزوج على المختلعة في العدة، إلا ما روي عن سعيد بن المسيب وابن شهاب أنهما قالا: إن رد لها ما أخذ منها في العدة أشهد على رجعتها" انظر بداية المجتهد (2\52)
--- يستحب للزوج إجابة طلبها إلى الخلع إذا طلبته؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اقْبِل الحديقة، الحديث
--- الإيلاء
الْإِيلَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْحَلِفُ. فَأَمَّا الْإِيلَاءُ فِي الشَّرْعِ، فَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ. انظر المغني (7\536)
حكمه : محرم شرعا لأنه يمين على ترك واجب 0
الأصل فيه : قول الله عزَّ وجلَّ: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  سورة البقرة (226)
معنى يُؤْلُونَ أي يحلفون
--- وعلى أي شيء يكون الحلف :
قال شيخنا مصطفى العدوي في أحكام الطلاق (ص 100)
أكثر أهل العلم يذهبون إلى أن الحلف يكون على ترك الجماع 0
بينما ذهب فريق منهم إلى أن الإيلاء الحلف على ترك الكلام أو على أَنْ يَغِيظَهَا أو لا يجامعها أو يَسُوءَهَا أو نحو ذلك ، وهذا التأويل يشهد له العموم الوارد في الآية ، والجماع داخل فيه انتهى
--- معنى قوله تعالى تربص قال الطبري رحمه الله والتربص : النظر والتوقف 0انظر تفسير الطبري 0
--- معنى قوله تعالى :( فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
قال شيخنا مصطفى العدوي في أحكام الطلاق (101)
أصل الفيء هو الرجوع 0والمعني والله أعلم إن رجعوا إلى ما كانوا عنه قبل الإيلاء 0 وعلى رأي من قال إن الإيلاء هو الحلف على ترك الجماع فالمراد بالفيئة هنا الجماع وهي كذلك عند أكثر أهل العلم فصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الفيء هو الجماع كما أخرجه عنه الطبري (4\466) 000 وأكثر أهل العلم على أن المراد بالفيء هنا الجماع 0 وذهب آخرون إلى أن الفيء يشمل الكلام وحسن الصحبة إذا كان آلى من نسائه ذلك أيضا 0
شروط صحة الإيلاء خمسة ؟
1-         أن يكون من زوج يصح طلاقه0
فلا يصح الإيلاء من غير الزوج ، وأن يكون هذا الزوج أهلا للطلاق فلا يصح إيلاء المجنون والصبي والمكره 0
 عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ " رواه أبو داود (4403) وصححه الألباني
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رواه ابن ماجه (2045) وصححه الألباني
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (7\ 549)
وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ عَلَى الْوَطْءِ.
وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، فَلَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ تَجِبُ بِمُخَالَفَتِهِ كَفَّارَةٌ أَوْ حَقٌّ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ مِنْهُمَا كَالنَّذْرِ.
--- فائدة : أ-ذهب الجمهور، خلافًا للمالكية إلى أنه يصح الإيلاء من غير المسلم لدخوله في عموم الآية وإن لم يدخل في أهل المغفرة والرحمة وإذا كان الزوج عاجزًا عن الوطء تمامًا (كالمجبوب والخصي ونحوهما) فقال الجمهور - خلافًا للحنفية -: لا يصح إيلاؤه، لأنه يكون على ترك مستحيل فلم تنعقد، ولأنه لم يتحقق منه قصد الإيذاء والضرر بالزوجة لامتناع الأمر في نفسه انظر صحيح فقه السنة (3\362)
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\218)
قوله: «من كافر» أي: يصح من الكافر، والمسلم من باب أولى، فإذا حلف اليهودي أو النصراني على أن لا يطأ زوجته لمدة ستة أشهر، وحاكمته إلينا، حكمنا أنه مولٍ، وكيف يصح من الكافر؟ وهل لنا سبيل على الكافر بأن نلزمه بأحكام الإسلام؟ نعم قد يولي من زوجته وهو كافر، ثم يسلمان جميعاً، فهل نقول: إن الإيلاء الذي في الكفر لغى أو بقي حكمه؟ الجواب: يبقى حكمه بعد الإسلام.
ب-  آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا
قال ابن حزم في المحلى (9\188)
وَأَمَّا قَوْلُنَا فِيمَنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ؟ فَلِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا قَالَ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] فَمَنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَمْ يُؤْلِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ، فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَارَتْ مِنْ نِسَائِهِ؟ قُلْنَا: مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَسْقُطَ الْحُكْمُ حِينَ إيجَابِهِ، وَيَجِبَ حِينَ لَمْ يَجِبْ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصٌّ وَارِدٌ، وَلَا جَاءَتْ بِهِ سُنَّةٌ، وَلِأَنَّ التَّرَبُّصَ لَا يَكُونُ إلَّا حَيْثُ يُؤْخَذُ بِالْفَيْئَةِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2-         أن لا يكون عاجزا عن الجماع ؟
قال ابن قدامة في المغني (7\ 549)
وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ لِعَارِضٍ مَرْجُوٍّ زَوَالُهُ كَالْمَرَضِ وَالْحَبْسِ، صَحَّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ، فَصَحَّ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ كَالْجُبِّ وَالشَّلَلِ، لَمْ يَصِحَّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ مُسْتَحِيلٍ، فَلَمْ تَنْعَقِدْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْلِبَ الْحِجَارَةَ ذَهَبًا، وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ الْيَمِينُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْوَطْءِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُهُ يَمِينُهُ، فَإِنَّهُ مُتَعَذَّرٌ مِنْهُ، وَلَا تَضُرُّ الْمَرْأَةَ يَمِينُهُ. انتهى
3- أن يكون الحلف بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته
قال جمهور العلماء :  يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِكُلِّ يَمِينٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ سَوَاءٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ،  انظر سبل السلام (2\269) ولكن القول الراجح أن الحلف يكون بالله تعالى أو صفة من صفاته كأن يقول والله لن أجامع زوجتي لمدة كذا أو وعزة الله لن أجامع زوجتي لمدة كذا وهكذا وأما إن حلف بالطلاق أو بالظهار أو نحوه فلا يكون إيلاء 0وقد ذهب إلى ذلك الشافعي في القديم ورواية عن أحمد انظر المغني (7\536 ) وابن حزم والصنعاني ورجحه شيخنه مصطفى العدوي وهو الراجح 0
قال ابن حزم في المحلى (9\178)
وَمَنْ حَلَفَ فِي ذَلِكَ بِطَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ مَشْيٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُؤْلِيًا، وَعَلَيْهِ الْأَدَبُ، لِأَنَّهُ حَلَفَ بِمَا لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] .
فَهَذِهِ الْآيَةُ تَقْتَضِي كُلَّ مَا قُلْنَا، لِأَنَّ الْأَلِيَّةَ هِيَ الْيَمِينُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إلَّا بِاَللَّهِ» .
فَصَحَّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَحْلِفْ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، فَلَيْسَ حَالِفًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ..انتهى
4- أن يحلف ألا يجامعها أكثر من أربعة أشهر ؟
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَاوُسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ.- ورجحه شيخنا مصطفى العدوي
- وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمَا زَادَ، كَانَ مُولِيًا. وَحَكَى ذَلِكَ الْقَاضِي وَأَبُو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْوَطْءِ بِالْيَمِينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَكَانَ مُولِيًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مَا زَادَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ: مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي قَلِيلٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَوْ كَثِيرٍ، وَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَهُوَ مُولٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . وَهَذَا مُولٍ؛ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ الْحَلِفُ، وَهَذَا حَالِفٌ انظر المغني (7\538) وهذا القول : هو الصحيح  قال الصنعاني رحمه الله : اخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَآخَرُونَ يَنْعَقِدُ بِقَلِيلِ الزَّمَانِ وَكَثِيرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ إذْ قَدْ قَدَّرَ اللَّهُ الْمُدَّةَ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] فَالْأَرْبَعَةُ قَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ وَهِيَ كَأَجَلِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] بِفَاءِ التَّعْقِيبِ، وَهُوَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةً أَوْ أَقَلَّ لَكَانَتْ قَدْ انْقَضَتْ، فَلَا يُطَالَبُ بَعْدَهَا وَالتَّعْقِيبُ لِلْمُدَّةِ لَا لِلْإِيلَاءِ لِبُعْدِهِ.انظر سبل السلام (2\270)
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (13\218)
وقوله: «أكثر من أربعة أشهر» ظاهر كلام المؤلف أنه لو آلى أن لا يطأها لمدة أربعة أشهر فليس بإيلاء، أو لمدة ثلاثة أشهر فليس بإيلاء، والصواب أنه إيلاء؛ لأن الله قال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] فأثبت الله الإيلاء، لكن جعل المدة التي ينظرون فيها أربعة أشهر، فإذا قال: والله لا أجامع زوجتي ثلاثة أشهر، فإن هذا مولٍ؛ لأنه حلف أن لا يجامعها، ولكننا ما نقول له شيئاً الآن؛ لأنه إذا تمت المدة انحلت اليمين، مثاله: رجل قال لزوجته: والله لا أجامعك لمدة ثلاثة أشهر، فهنا نقول: هو مولٍ لكن ما نلزمه بحكم الإيلاء، بل ننظره حتى تنتهي ثلاثة أشهر، فإذا انتهت زال حكم اليمين.
قال : شيخنا عادل العزازي 0
حدد كثير من العلماء أن مدة الإيلاء أربعة أشهر وأنها إذا نقصت لا تكون إيلاء ، والصحيح أن كلمة إيلاء عامة في الآية ، سواء قلت المدة أم كثرت ويؤيد ذلك الحديث : آلَى  رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا -رواه البخاري (1910) ومسلم (1479)- إلا أن الفرق بينهما ما يترتب عليه ، فإن كان أقل من أربعة أشهر فلا يطالب الزوج بشيء ، وإن كان أكثر من أربعة أشهر فالحكم كما جاء في الآية وهو أن يطالب بالفيء وذلك بجماعها ، وإلا فالطلاق 0 وأصل الفيء الرجوع ، ومقصوده هنا : الجماع انتهى
5- لفظ الإيلاء وصيغته :
التحقيق أن يقال: كل لفظ دلَّ بنفسه على الامتناع عن وطء الزوج زوجته في فرجها وكانت هذه الدلالة هي المتبادرة إلى الذهن لجريان العرف بأن هذا هو المراد، فإن هذا اللفظ يعتبر صريحًا في دلالته على الإيلاء.وكل لفظ لا يصل في دلالته على الإيلاء إلى هذا الحد، فلا يكون صريحًا في الإيلاء، وإنما هو كناية يفتقر إلى النية لوقوع الإيلاء به، ويصدَّق الزوج فيما أراده منه - في أحكام الدنيا - ولا يصدَّق في اللفظ الصريح أنه لم يرد به الإيلاء في أحكام الدنيا.انظر صحيح فقه السنة (3\369)
--- الآثار المترتبة على الإيلاء :
1-         إذا حلف الزوج أن لا يجامع  زوجته ثم بدا له أن يجامعها قبل مضي الأربعة أشهر فله ذلك ويكفر عن يمينه 0
قلت :  وهو قول أكثر أهل العلم : منهم ابن عباس ، والثوري ، ومالك ، وابن المنذر ، وغيرهم  ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  وقال الشافعي لا كفارة عليه والصحيح عليه كفارة
قال ابن قدامه بعد أن ذكر أقوال العلماء في المغني (7\558)
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] . وَقَالَ سُبْحَانَهُ {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ حَالِفٌ حَانِثٌ فِي يَمِينِهِ، فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ فَرِيضَةٍ ثُمَّ فَعَلَهَا، وَالْمَغْفِرَةُ لَا تُنَافِي الْكَفَّارَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: «إنِّي وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.انتهى
--- ما كفارة اليمين ؟
قال الله تعالى : {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]
قلت : هو مخير بين الإطعام ، أو الكسوة ، أو العتق ، فإن لم يستطع واحدة من الثلاث ن فعليه أن يصوم ثلاثة أيام 0
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (9\538)
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الْحَانِثَ فِي يَمِينِهِ بِالْخِيَارِ؛ إنْ شَاءَ أَطْعَمَ، وَإِنْ شَاءَ كَسَا، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ أَجْزَأَهُ؛ انتهى
في اللجنة الدائمة (20\258) س: إني متزوج ولي ثلاث بنات، وقد صار بيني وبين زوجتي خصام، مما جعلني أحرم أن لا أجامعها إلا بعد سنة من تاريخ الحرام، أي: بما معناه: (علي الحرام أني ما أجامعها إلا بعد سنة) أي: مثل الليلة التي صار فيها الخلاف، ونحن نتعالج لكي يكرمنا الله بمولود؛ لأنه من أكثر من ست سنوات لم نرزق مولودا، وهذا يرجع إلى ضعف جنسي، أرجو من فضيلتكم إفتائي إذا كان يحق لي شرعا الرجوع إلى أهلي قبل هذه المدة من عدمه، أثابكم الله ورعاكم.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من قولك لزوجتك: علي الحرام ألا أجامعك إلا بعد سنة من تاريخ الزعل والتحريم- فقد ارتكبت إثما بتحريمك ما أحل الله لك، وعليك أن تتوب إلى الله وتستغفره مما صنعت، ولا يحرم عليك جماع زوجتك بهذا الحلف، بل لك أن تجامعها أثناء هذه السنة، وإذا جامعتها قبل انتهاء السنة فعليك كفارة يمين عما حصل منك من التحريم؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}{وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} الآية، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، والأولى أن تكون متتابعات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
2-         إذا انقضت الأربعة الأشهر ، ولم يجامع امرأته ، هل تطلق المرأة ، أو يجبر الزوج على أحد شيئين : الفيء قد سبق ما معنى الفيء  أو الطلاق ؟ فإن أبى أن يفيء ويجامعها ، وأبى تطليقها ، طلقها عليه القاضي بين ذلك خلاف عند  العلماء : فذهب فريق منهم عبد الله بن مسعود وابن عباس وأبي حنيفة قالوا بمجرد انقضاء الأربعة أشهر تطلق المرأة على زوجها طلقة بائنة وقال سعيد بن المسيب تطلق طلقة رجعية انظر الحاوي (10\338)  وذهب أكثر أهل العلم منهم  أحمد والشافعي ومالك فِي أَنَّ الْمُدَّةَ إِذَا انْقَضَتْ يُخَيَّرُ الْحَالِفُ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ – أي يجامع- وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ انظر فتح الباري (9\428) وزاد المعاد 5\303
 ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو القول الراجح وَالدليل
أ- عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: «شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْقَفَ الْمُولِيَ» رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار (14916) قال ابن حجر في الفتح سَنَدُهُ صَحِيحٌ  (أوقف المولي: أي أحضر القاضي المولى وأوقفه أمامه وخيره بين الفيء أي الجماع أوالطلاق) .
ب- عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُولِي , فَقَالُوا: «لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَيُوقَفُ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ»رواه الدارقطني (4039) معنى هذا الكلام أي يحددون له مدة الإيلاء المباحة أربعة أشهر ، فإذا مضت أوقفوه عند هذا الحد ، إما أن يفيء ، وإما أن يطلق 0
ج- عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ فِي الإِيلاَءِ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ: «لاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلَّا أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلاَقِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» رواه البخاري (5290)
قال ابن حجر :
وَتَفْسِيرُ الصَّحَابَةِ فِي مِثْلِ هَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا نَقَلَهُ الْحَاكِمُ فَيَكُونُ فِيهِ تَرْجِيحٌ لِمَنْ قَالَ يُوقَفُ انظر فتح الباري (9\428)
فائدة : ما الحكم لو امتنع من الطلاق أو الفيئة ؟
يرى كثير من أهل العلم أن الحاكم يطلق عليه إذا طلبت المرأة منه تطليقها ، فيستوفي لها حقها بتطليقها0 ويرى بعض أهل العلم أنه ليس للحاكم أن يطلقها ولكن له أن يضيق عليه ولو بالحبس حتى يستوفي لها الحق إما بأن يفيء وإما بأن يطلق انظر تمام المنة لشيخنا (3\201)
3- الصحيح أن الإيلاء عام ، سواء كان حلفه في حالة الغضب أو في حالة الرضى ، لأن الآية لم تنص على هذا التفريق 0
 رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيَّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ انظر المغني (7\550) وذهب ابن عباس إلى أن الإيلاء يكون في الغضب فقط انظر المغني  قال شيخنا مصطفى العدوي في أحكام النساء (5\494) هذا الإيلاء يكون في الغضب والرضا على رأي كثير من أهل العلم ، وهو الصواب ، لأن الآية الكريمة لم تقيد0
4- لا يعتبر الجماع إلا في القبل ، فإن جامعها في دبرها ، أو دون القبل أي يجامع بين الفخذين فلا يعد جماع ، وبالتالي لا يعد رجوعا 0
5-إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَبِالْمُولِي عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ حَبْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ، فَيَقُولَ: مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُهَا. وَنَحْوَ هَذَا. وَمِمَّنْ قَالَ: يَفِيءُ بِلِسَانِهِ إذَا كَانَ ذَا عُذْرٍ. ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. انظر المغني (7\560)
6-إِذَا عَلَّقَ الْإِيلَاء بِشَرْطِ مُسْتَحِيلٍ، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك حَتَّى تَصْعَدِي السَّمَاءَ، أَوْ تَقْلِبِي الْحَجَرَ ذَهَبًا، أَوْ يَشِيبَ الْغُرَابُ. فَهُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَرْكُ وَطْئِهَا؛ فَإِنَّ مَا يُرَادُ إحَالَةُ وُجُودِهِ يُعَلَّقُ عَلَى الْمُسْتَحِيلَاتِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] . وَمَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَ
أبَدًا.انظر المغني (7\539)
7- يرى  الإمام مالك والشافعي انظر المغني  أنه إذا آلى منها وهي في عدتها من طلاق رجعي أن ذلك إيلاء ويثبت له حكمه ، والصحيح أنه ليس بإيلاء حتى يرتجعها لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقْطَعُ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ إذَا طَرَأَ، فَلَأَنْ يَمْنَعَ صِحَّتَهُ ابْتِدَاءً أَوْلَى.وهذه رواية عن الإمام أحمد انظر المغني (7\548)
8- وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ بِكُلِّ لُغَةٍ مِنْ الْعَجَمِيَّةِ وَغَيْرِهَا، مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، وَمِمَّنْ لَا يُحْسِنُهَا؛انظر المغني (7\552)
9- نوع الفرقة بسبب الإيلاء:
اختلف الفقهاء في نوع الفرقة الحاصلة بسبب الإيلاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الفرقة بسبب الإيلاء طلاق بائن وهو مذهب الحنفية وقول أبي ثور ؛ لأنه طلاق لدفع الضرر عن الزوجة ولا يتحقق ذلك إلا بالبينونة.
القول الثاني: أن هذه الفرقة طلاق رجعي ما لم يستكمل الرجل عدد الطلقات، سواء أوقعه بنفسه أو طلق الحاكم عليه، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المذهب عندهم ؛ لأنه طلاق بدون عوض ولم يستكمل العدد كغير الإيلاء. القول الثالث: أنها طلاق رجعي إن أوقعه بنفسه، وبائن إن طلق عليه الحاكم وهو رواية عند الحنابلة انظر المغني (8\542) الإنصاف (23\216) قلت : الصحيح هو القول الثاني أنه طلاق رجعي ، لأنه لم يقم دليل على أنه بائن ، ولأنه طلاق زوجة مدخول بها والله أعلم قال ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات الفقهية ص (395) وإذا لم يفيء وطلق بعدَ المدة أو طلق الحاكمُ عليه : لم يقَع إلا طلقةً واحدة رجعيةً ، وهو الذي يَدُّلُ عليه القرآنُ ، وروايةٌ عن أحمد ، فإذا رجعَ فعليهِ أن يطأ عقبَ الرجعةِ إذا طلبت ذلك منه ، ولا يمكنُ من الرجعة إلا بهذا الشرط انتهى
10- إذا اختُلِفَ في مُدَّة الإيلاء فالقولُ قوله ؛ لأنه هو أعلمُ به والقولُ صدرَ من جِهَتِه ويكونُ ذلك مع يمينه وهو مذهب الشافعي وغيره قال ابن عثيمين رحمه الله (13\230) قوله: «وإن ادعى بقاء المدة أو أنه وطئها وهي ثيب صُدِّق مع يمينه» ادعى بقاء المدة وهي أربعة أشهر، فقالت الزوجة: إنه قد تم له أربعة أشهر فليطلق، وقال هو: إنها لم تتم أربعة الأشهر، فالأصل بقاء المدة، لكن لما كان قول المرأة محتملاً قلنا: لا بد
أن يحلف فيُصدق بيمينه، أو ادعى أنه وطئها وهي ثيب فإن القول قوله.
فإذا قال قائل: الأصل عدم الوطء؟!
فالجواب: أن هذا أمر خفي لا يعلم إلا من جهته، فإن الإنسان إذا أراد أن يفيء إلى أهله لا يقول للناس: تعالوا اشهدوا، فلا يكلف البينة بأمر لم تجرِ به العادة؛ ولأننا لو فتحنا هذا الباب لتسلطت المرأة على زوجها، وقالت: إنه لم يجامع، فإذا كانت ثيباً فالقول قوله لكن مع يمينه، فإن أبى أن يحلف قضي عليه بالنكول، فيحكم عليه بالطلاق فإن أبى أن يطلق طلق القاضي.
ويستثنى من ذلك إذا دلت القرينة على كذبه، مثل أن تكون المرأة في هذه المدة عند أهلها، وهي ثيب، ويدعي أنه وطئها فلا نقبله؛ لأن القرينة تكذبه، فلو قال: أنا جئت بالليل وأهلها غير موجودين وجامعتها، نقول: هذا خلاف الظاهر، فلا نقبل قوله.
فتبين أنه إذا ادعى بقاء المدة فالقول قوله؛ لأن الأصل البقاء، وإذا ادعى أنه جامعها وهي ثيب فالقول قوله؛ لأن هذا أمر خفي لا يعلم إلا من جهته فصدق فيه انتهى
11- قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\231) قوله: «وإن كانت بكراً أو ادعت البكارة وشهد بذلك امرأة عدل صُدِّقت» إن كانت بكراً، وقال: إنه جامعها، وقالت: ما جامعها، وشهدت امرأة ثقة بأن بكارتها لم تَزُل، فالقول قولها؛ لأن الظاهر معها، فالبكارة ما تبقى مع الجماع.وهنا اكتفينا بامرأة واحدة، مع أن المعروف أن شهادة المرأتين الثنتين بشهادة رجل، فكيف قبلنا شهادة امرأة واحدة؟ قال أهل العلم: لأن هذا مما لا يطلع عليه إلا النساء غالباً، فاكتفي فيه بشهادة امرأة واحدة كالرضاع، فالرضاع يُكتفى فيه بشهادة امرأة واحدة كما في الحديث الصحيح ، وهذا مثله؛ وفي وقتهم لا شك أن هذا هو الواقع أن النساء ما يكشف عليهن في مثل هذه الأحوال إلا النساء، لكن الآن يكشف النساء والرجال، ولكن ما قاله الفقهاء ـ رحمهم الله ـ معتمد صحيح، أنه إذا شهدت امرأة عدل أن بكارتها لم تزل فإن قوله: إنه جامعها، ليس بصحيح، والقول قولها.
12- إذا حلف ألا يجامعها حتى تأتي بمحرم كشرب الخمر مثلا ، فهذا الإيلاء لا يقع لأنه على شيء محرم وهو آثم ، ولا تطيعه الزوجة ، قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (13\225) قوله: «أو حتى تشربي الخمر» قال: لا وطئتك حتى تشربي الخمر، وهذا ليس معناه أن الخمر حلال، لكن لو فرض أن الزوج قاله، وإلا فحرام عليه أن يقول مثل هذا القول؛ لأن هذا قد يحدوها إلى شرب الخمر إذا اشتاقت إلى زوجها، وهذا قد يقع من بعض السفهاء يكون هو ـ والعياذ بالله ـ مفتوناً بشرب الخمر، فيقول: والله ما أطؤك حتى تشربي الخمر، نقول: هذا يؤمر بالجماع ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ وإلا يفسخ النكاح منه انتهى
13- إذا تغيب الزوج عن زوجته مدة من الزمن لسفر ، أو علاج لمرض ، أونحوذلك ، فلا يعد ذلك إيلاء ولا طلاقا ، حتى لو هجرها إضرارا بها بدون قسم ، لا يعد موُليا وللمرأة الحق في هذه الحالة بطلب الطلاق للإضرار بها ، لأنه لا ضرر ولا ضرار انظر تمام المنة (3\201)
14- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ إِيلَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةُ وَالسَّنَتَيْنِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَوَقَّتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ إِيلَاؤُهُ " وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ " فَمَنْ كَانَ إِيلَاؤُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ رواه البيهقي في الكبرى (15237)
--- التفريق بسبب إعسار الزوج :
 إذا أعسر الزوج بحيث أنه لا يستطيع النفقة على أهله ، فهل للزوجة أن تطالبه بالفسخ ؟
قلت : اختلف العلماء في ذلك على أربعة أقوال ؟
القول الأول : قالوا الزَّوْجَ إذَا أُعْسِرَ عَنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وعَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَحَمَّادٍ وَرَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ يَحْيَى انظر نيل الأوطار (6\385)
ودليلهم : 1 - قوله تعالى: {ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا}سورة البقرة: 231. .وإمساك المرأة بدون النفقة عليها إضرار بها.
2-قوله تعالى: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ}  سورة البقرة: 229. وإمساك الزوجة مع ترك الإنفاق عليها ليس إمساكًا بمعروف، فيتعين التسريح
3- عن أبي هريرة مرفوعا فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ , قَالَ:  «يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا»أخرجه الدارقطنى (3784) وضعفه الألباني في الإرواء (2161)
4- عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» تَقُولُ المَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ العَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ الِابْنُ: أَطْعِمْنِي، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي "، فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «لاَ، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ» رواه البخاري (5355)
وأجاب المخالفون: بأن قوله: (تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تُطلقني) ليس مرفوعًا بل هو قول أبي هريرة كما هو مصرَّح به هنا، وهو الراجح من طرق الحديث.
5- عن أَبِي الزِّنَادِ قَالَ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قُلْت: سُنَّةٌ؟ قَالَ سُنَّةٌ. أخرجه سعيد بن منصور 2022  قال الشوكاني في نيل الأوطار وَهَذَا مُرْسَلٌ قَوِيٌّ وقَالَ الشَّافِعِيُّ الَّذِي يُشْبِهُ أَنَّ قَوْلَ سَعِيدٍ سُنَّةٌ أَنْ يَكُونَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم انظرسبلالسلام(2\304)
6-عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حُبِسُوا» رواه البيهقي في الصغير (2889)
وصَحَّحَهُ الْحَافِظُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ وقال الصنعاني إِسْنَاد جَيِّد انظر سبل السلام (2\321)
القول الثاني : وهو عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ قالوا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الصَّبْرُ وَتَتَعَلَّقُ النَّفَقَةُ بِذِمَّةِ الزَّوْجِ انظر نيل الأوطار (6\385) وحجتهم 1 - قوله تعالى: {ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ مَا آتَاهَا}[الطلاق: 7] 
قَالُوا: وَإِذَا أُعْسِرَ وَلَمْ يَجِدْ سَبَبًا يُمْكِنُهُ بِهِ تَحْصِيلُ النَّفَقَةِ فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ الْآيَةِ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّا لَمْ نُكَلِّفْهُ النَّفَقَةَ حَالَ إعْسَارِهِ، بَلْ دَفَعْنَا الضَّرَرَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَخَلَّصْنَاهَا مِنْ حِبَالِهِ لِتَكْتَسِبَ لِنَفْسِهَا أَوْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ انظر نيل الأوطار(6\385)
2 - قوله تعالى: {وإن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ} سورة البقرة: 280. قالوا: وغاية ما يقال في نفقة الزوجة أنها تكون دينًا في الذمة، وقد أعسر بها الزوج، فتكون الزوجة مأمورة بالانتظار بموجب نص هذه الآية.
3-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ، لَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، قَالَ: فَأُذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَاجِمًا سَاكِتًا، قَالَ: فَقَالَ: لَأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ، سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ، فَقُمْتُ إِلَيْهَا، فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «هُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى، يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ»، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، فَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلَاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَقُلْنَ: وَاللهِ لَا نَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عِنْدَهُ،ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا 000 رواه مسلم (1478)
قالوا : َضَرْبُهُمَا لَاِبْنَتَيْهِمَا فِي حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَجْلِ مُطَالَبَتِهِمَا بِالنَّفَقَةِ الَّتِي لَا يَجِدُهَا، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِقَةِ لِمُجَرَّدِ الْإِعْسَارِ عَنْهَا،وَيُجَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ زَجْرَهُمَا عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْفَسْخِ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُنَّ طَلَبْنَهُ وَلَمْ يُجَبْنَ إلَيْهِ، كَيْفَ وَقَدْ خَيَّرَهُنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتَرْنَهُ، وَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ جَوَازَ الْمُطَالَبَةِ لِلْمُعْسِرِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَعَدَمَهَا بَلْ مَحَلُّهُ: هَلْ يَجُوزُ الْفَسْخُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ أَمْ لَا وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْدَمْنَ النَّفَقَةَ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَدْ اسْتَعَاذَ مِنْ الْفَقْرِ الْمُدْقِعِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِيمَا زَادَ عَلَى قِوَامِ الْبَدَنِ مِمَّا يَعْتَادُ النَّاسُ النِّزَاعَ فِي مِثْلِهِ، انظر نيل الأوطار (6\386)
4-أنه كان في الصحابة المعسر بلا ريب، ولم يخبر النبي  صلى الله عليه وسلم أحدًا منهم بأن للزوجة الفسخ،ولا فسخ أحد. وأجيب: بأنه لم يُعلم أن امرأة طلبت الفسخ أو الطلاق لإعسار الزوج بالنفقة ومنعها عن ذلك حتى تكون حجة، بل كان نساء الصحابة كرجالهن يصبرن عل ضنك العيش وتعسُّره،كما قال مالك: إن نساء الصحابة كنَّ يردن الآخرة فلم يكن يبالين بعسر أزواجهن. انظر صحيح فقه السنة (3\403)
القول الثالث : ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُوسِرَةِ الْإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجِهَا الْمُعْسِرِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ انظر نيل الأوطار(6\386)
القول الرابع : وهو الصحيح
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (5\465)
وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدُهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرَّ الْمَرْأَةَ بِأَنَّهُ ذُو مَالٍ فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَظَهَرَ مُعْدِمًا لَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ كَانَ ذَا مَالٍ وَتَرَكَ الْإِنْفَاقَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَخْذِ كِفَايَتِهَا مِنْ مَالِهِ بِنَفْسِهَا وَلَا بِالْحَاكِمِ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَلَا فَسْخَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ تَزَلِ النَّاسُ تُصِيبُهُمُ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ وَلَمْ تَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إِلَى الْحُكَّامِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
--- أحكام العدة ؟
.معنى العدة :
الْعِدَّةُ اسْمٌ لِمُدَّةٍ تَتَرَبَّصُ بِهَا الْمَرْأَةُ عَنِ التَّزْوِيجِ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقِهِ لَهَا إِمَّا بِالْوِلَادَةِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ أَوِالْأَشْهُرِانظر فتح الباري (9\470)
فائدة :هل على الرجل عِدَّة؟
لا تجب العدة على الرجل، فإنه يجوز له بعد فراق زوجته أن يتزوج غيرها دون انتظار مضي مدة عدَّتها، إلا إذا كان هناك مانع يمنعه من ذلك، كما لو أراد الزواج بأختها أو خالتها أو عمتها أو غير ممن لا يحل له الجمع بينهما، أو طلق رابعة ويريد الزواج بأخرى، فيجب عليه الانتظار في عدة الطلاق الرجعي بالاتفاق، ولا يجب في عدة الطلاق البائن عند الجمهور خلافًا للحنفية.وهذا الانتظار من الرجل لا يُطْلَق عليه «عدة» لا لغةً ولا اصطلاحًا، وإن كان يحمل معنى العدة.انظر صحيح فقه السنة (3\318)
أنواع الْعِدَّة:
أولا : غير المدخول بها ، لا عدة عليها إذا طلقها زوجها 0
ثانيا : عدة المرأة المدخول بها التي تحيض0
ثالثا : عدة المرأة التي يئست من الحيض والصغيرة التي لم تحض0
رابعا : عدة الحامل0
خامسا : عدة المتوفى عنها زوجها0
سادسا : عدة المختلعة  والمستبرأة والموطوءة بشبهة والمزني بها : عدتها حيضة واحدة 0
سابعا : عدة امرأة المفقود 0
ثامنا : عدة أم الولد0
تاسعا : عدة الأمة 0
أولا : عدة غير المدخول بها :
 إذا كان الطلاق قبل الدخول لا تجب العدة على المرأة
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب49]
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير ت سلامة  (6\441)
هَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَتَذْهَبُ فَتَتَزَوَّجُ فِي فَوْرِهَا مَنْ  شَاءَتْ، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا إِلَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا.انتهى
ثانيا : عدة المرأة المدخول بها التي تحيض0
وهي ثلاثة قروء قال الله عز وجل {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]  قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (8\100)
إنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ، إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ. بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛انتهى
--- ما معنى القرء :
اختلف أهل العلم في معناه - بسبب كونه لفظًا مشتركًا بين معنيين - على قولين ؟
الأول: أن القُرء هو الطُّهر (الفترة بين الحيضتين): وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو منقول عن عائشة – انظر سبل السلام (2\299)، واستدلوا بما يلي:
1 - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ} [الطلاق: 1]  قالوا: واللام هي لام الوقت والمعنى: في زمان عدتهن أي في الزمان الذي يصلح لعدتهن، ووجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بالطلاق في الطهر - لا في الحيض لحرمته بالإجماع - فعلم أن القُرءْ: الطهر الذي يسمى عدة وتُطلَّق فيه النساء.
2 -.حديث ابن عمر في تطليقه امرأته وهي حائض، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ رواه البخاري (5251) ومسلم (1471)
قالوا: فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعِدَّةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ هِيَ الطُّهْرُ الَّذِي بَعْدَ الْحَيْضَةِ، وَلَوْ كَانَ الْقُرْءُ هُوَ الْحَيْضَ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْعِدَّةِ لَا فِي الْعِدَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ تَطْوِيلًا عَلَيْهَا، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ انظر زاد المعاد
3 - عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " الْأَقْرَاءُ: الْأَطْهَارُ  رواه مالك (1197) وقال الصنعاني سنده صحيح  قال الشافعي في «الأم» (5/ 209): وَالنِّسَاءُ بِهَذَا أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِنَّ لَا فِي الرِّجَالِ،. اهـ.
القول الثاني: أن القُرء هو الحيضة: وهو مذهب الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَحْمَدُ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كُنْت أَقُولُ إنَّهَا الْأَطْهَارُ، وَأَنَا الْيَوْمُ أَذْهَبُ إلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ انظر سبل السلام (2\300) وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\358) ولكن القول الصواب في ذلك أنها الحِيَض، كما قال المؤلف، وهذا قول عشرة من الصحابة، منهم الخلفاء الأربعة ـ وإذا جاء قول للخلفاء الأربعة ـ رضي الله عنهم ـ فلا قول لأحد سواهم، إلا إذا كان الكتاب والسنة معه ـ وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وابن عباس رضي الله عنهم وجماعة كثيرون، وهو ظاهر القرآن والسنة؛ انتهى ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الصحيح0
وحجتهم: 1 - أن قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] .قالوا : فيه الأمر بالاعتداد بثلاثة قروء، ولو حمل القُرء على الطهر لكان الاعتداد بطهرين وبعض الثالث، لأن بقية الطهر الذي صادفه الطلاق محسوب من الأقراء - عند أصحاب القول الأول - والثلاثة اسم لعدد مخصوص فلا يقع على ما دونه، فيكون ترك العمل بالكتاب.
أما لو حمل على الحيض، فيكون الاعتداد بثلاث حيضات كوامل لأن ما بقي من الطهر غير محسوب من العدة، فكان الحمل على الحيض أولى لموافقة ظاهر القرآن.
2 -عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: تَدَعُ الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي.
رواه الترمذي (126) وصححه الألباني قالوا - أَنَّ لَفْظَ الْقُرْءِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ إِلَّا لِلْحَيْضِ، وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ اسْتِعْمَالُهُ لِلطُّهْرِ، فَحَمْلُهُ فِي الْآيَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ الْمَعْرُوفِ مِنْ خِطَابِ الشَّارِعِ أَوْلَى، بَلْ مُتَعَيِّنٌ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ " «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» انظر زاد المعاد (5\541)
3 - قوله تعالى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]  فجعل كل شهر بإزاء حيضة، وعلق الحكم بعدم الحيض لا بعدم الطهر من الحيض. 4 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَلَاقُ الْأَمَةِ اثْنَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ رواه ابن ماجه (2079) وضعفه الألباني
ومعلوم أنه لا تفاوت بين الحرة والأمة فيما يقع به الانقضاء، فدل على أن أصل ما تنقضي به العدة هو الحيض.
5 - أن عدة المختلعة حيضة عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» رواه الترمذي (1185) وقال حديث حسن وصححه الألباني وكذلك الأمة فإنها تُستبرأ بحيضة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَرَفَعَهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً رواه أبو داود (2157) وصححه الألباني
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: إنَّ لَفْظَ الْقُرْءِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ إلَّا لِلْحَيْضِ، وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ اسْتِعْمَالُهُ لِلطُّهْرِ، فَحَمْلُهُ فِي الْآيَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ الْمَعْرُوفِ مِنْ خِطَابِ الشَّارِعِ أَوْلَى، بَلْ يَتَعَيَّنُ، فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ: " دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ " وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُعَبِّرُ عَنْ اللَّهِ وَبِلُغَةِ قَوْمِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَإِذَا أَوْرَدَ الْمُشْتَرَكَ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ وَجَبَ حَمْلُهُ فِي سَائِرِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ، إذَا لَمْ يَثْبُتْ إرَادَةُ الْآخَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ أَلْبَتَّةَ، وَيَصِيرُ هُوَ لُغَةَ الْقُرْآنِ الَّتِي خُوطِبْنَا بِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الشَّارِعِ لِلْقُرْءِ فِي الْحَيْضِ عُلِمَ أَنَّ هَذَا لُغَتُهُ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَيْهَا فِي كَلَامِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي سِيَاقِ الْآيَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وَهَذَا هُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْمَخْلُوقُ فِي الرَّحِمِ إنَّمَا هُوَ الْحَيْضُ الْوُجُودِيُّ، وَبِهَذَا قَالَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ الطُّهْرُ، وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ بِإِزَاءِ حَيْضَةٍ، وَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِعَدَمِ الْحَيْضِ لَا بِعَدَمِ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، انظر زاد المعاد (5\541) وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَأَطَابَ، أما الرد على أدلة الفريق الأول فراجع زاد المعاد
فوائد :
1- قال شيخنا مصطفى العدوي حفظه الله :
فعلى قول من قال : إن المراد بالقروء الأطهار عندهم أن المرأة إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها ولا ترثه ولا يرثها ،وعلى قول من قال : إن المراد بالقروء الحيض ، فإذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وبينهما الميراث ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، والعلم عند الله تعالى 0 انظر أحكام النساء (5\510)
2-إذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل جاز له أن يراجعها وَلَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ نِكَاحُهَا. فإن اغتسلت فقد بانت منه ولا يملك مراجعتها إلا بعقد جديد وهو قول : عُمَرُ وَعَلِيُّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ.انظر المغني (8\103)
3-         قال شيخنا عادل العزازي حقظه الله ؟
واعلم أن العدة بالحيض قد تكون أكثر من ثلاثة أشهر ، وقد تكون أقل ، لأنها قد تحيض كل شهرين مثلا ، أو تكون ينتهي رضاعها ويعود إليها الحيض لتعتد به ، ولا يكفي في هذه الحالة الاعتداد بالأشهر كما يظن كثير من العوام ، وكذلك قد تحيض في أقل من شهر فتنتهي عدتها قبل الثلاثة أشهر 0انظر تمام المنة (3\224)
4- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (13\348)
والحكمة في أنها أربعة أشهر وعشر ـ والله أعلم ـ أنها حماية لحق الزوج الأول، ولهذا لما عظم حق الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ صارت نساؤه حراماً على الأمة كل الحياة، أما غيره فيكتفى بأربعة أشهر وعشرة أيام، ولماذا كانت أربعة أشهر وعشرة؟
الجواب: أن الأربعة ثلث الحول والعشرة ثلث الشهر، وقد
جاء في الحديث: «الثلث والثلث كثير»  ، وكانت النساء في الجاهلية يبقين في العدة سنة في أكره بيت، يضعون لها خباء صغيراً في البيت، وتقعد به بالليل والنهار، ولا تغتسل ولا تتنظف، وتبقى سنة كاملة، يمر عليها الصيف والشتاء، فإذا خرجت أَتَوْا لها بعصفور أو دجاجة أو غير ذلك لتتمسح به، ثم تخرج من هذا الخباء المنتن الخبيث، وتأخذ بعرة من الأرض وترمي بها  ، كأنها تقول بلسان الحال: كل الذي مَرَّ عليَّ ما يساوي هذه البعرة! لكن الإسلام ـ الحمد لله ـ جاء بهذه المدة الوجيزة، أربعة أشهر وعشرة أيام، ثم مع ذلك هل منعها من التنظف؟ لا، تتنظف كما شاءت، وتلبس ما شاءت غير أن لا تتبرج بزينة، ولا تتطيب كما سيأتي.وهذه المدة سواء حاضت أم لم تحض، فلو كانت ممن تحيض وحاضت ثلاث حيض، فلا أثر لذلك، ولو كانت ممن لا يحيض في الشهرين إلا مرة ولم تحض إلا مرتين فإنها تنتهي عدتها بأربعة أشهر وعشرة أيام.انتهى
--- فوائد عن الحيض ؟
1- سن ابتداء الحيض وانتهائه :
اختلف العلماء في سن ابتداء الحيض وانتهائه، ذهب أكثرأهل العلم إلى أنه لا يمكن الحيض إلا بعد تسع سنين، والدم الذي يدفعه الرحم بعد تمام خمس سنين أو ثمان سنين لا يعتبر حيضاً عندهم.
أما الانتهاء عندهم: فببلوغ المرأة بَعْد الْخَمْسِين لَا تَحِيض. ، فإذا بلغت المرأة الخمسين ونزل منها الدم فلا يعتبر دم حيض عندهم
، واستدلوا عن  عائشة رضي الله عنها قالت: " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهى امرأة " . وروى عن ابن عمر مرفوعا قال الألباني في الارواء (1829) ضعيف مرفوعا.والموقوف علقه البيهقى ولم أقف على إسناده
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ( قال الألباني في الارواء (186) لم أقف عليه).
 قالوا : فهذا دليل على أنها قبل التسع السنين لا تكون امرأة، أي: لا تكون حائضاً.ولا حيض بعد الخمسين ، قلت : ولكن هذه الاحاديث ضعيفه  وهناك أقْوال أخْرى ضعيفة  فِي أقل سن تحيض له الْمَرْأة فقيل ستّ، وقيل سبْع. وقيل اثنتا عشرة 0
قلت : الصحيح هو ما ذهب إليه  ابن حزم، ورجحه ابن المنذر وشيخ الإسلام ابن تيمية : أنه لا يصح تحديد سن للجارية، ولا يصح تحديد سن للمرأة الكبيرة، فلو رأت البنت الجارية عند خمس سنين  الدَّم المعروف عند النِّساء أنه حيض فهو حيض، ولو رأت عند سبع سنين فهو حيض، والمرأة بعد الخمسين إذا رأت الدَّم المعروف عند النِّساء أنه حيض فهو حيض؛ والدليل على ذلك
1- عموم قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً} [البقرة: 222] ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ، فقوله: {قُلْ هُوَ أَذىً} حكمٌ معلَّقٌ بِعلَّة، وهو الأذى، فإِذا وُجِدَ هذا الدَّمُ الذي هو الأذى ـ وليس دم العِرْق ـ فإِنَّه يُحكمُ بأنه حيضٌ.
وصحيحٌ أن المرأة قد لا تحيضُ غالباً إلا بعد تمام تسع سنين، لكن النِّساء يختلفن، فالعادةُ خاضعةٌ لجنس النِّساء، وأيضاً للوراثة، فمن النساء من يبقى عليها الطُّهر أربعة أشهر، ويأتيها الحيض لمدَّة شهر كامل، كأنه ـ والله أعلم ـ ينحبس، ثم يأتي جميعاً. ومن النِّساء من تحيض في الشهر ثلاثة أيام، أو أربعة، أو خمسة، أو عشرة.انظر الشرح الممتع (1/467)
2- قال تعالى: {وَاللاََّّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاََّّئِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] ، قال ابن عثيمين رحمه الله :أي: عِدَّتهن ثلاثةُ أشهر، ولم يقل: واللائي قبل التسع أو بعد الخمسين، بل قال: واللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن، فالله سبحانه رَدَّ هذا الأمر إِلى معقول معلَّل، فوجب أن يثبت هذا الحكم بوجود هذه الأمور المعقولة المعلَّلة، وينتفي بانتفائها، والمرأة التي حاضت في آخر شهر من الخمسين، وأوَّل شهر من الحادية والخمسين غير آيسة، فهو حيضٌ مطَّردٌ بعدده وعدد الطُّهر بين الحيضات ولا اختلاف فيه، فمن يقول بأنَّ هذه آيسة؟!.
والله علَّق نهاية الحيض باليأس، وتمام الخمسين لا يحصُل به اليأس إِذا كانت عادتُها مستمرَّةٌ، فتبيَّن أنَّ تحديد أوَّله بتسع سنين، وآخره بخمسين سَنَة لا دليل عليه.
فالصَّواب: أنَّ الاعتماد إِنَّما هو على الأوصاف، فالحيض وُصِفَ بأنَّه أذى، فمتى وُجِدَ الدَّمُ الذي هو أذىً فهو حيض.
فإِن قيل: هل جرت العادة أن يذكر القرآن السَّنوات بأعدادها؟.
فالجواب: نعم، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: 15] ، ولو كانت مدَّة الحيض معلومة بالسَّنوات لبيَّنه الله تعالى، لأنَّ التَّحديدَ بالخمسين أوضحُ من التحديد بالإِياس.
انظر الشرح الممتع (1/469)
3- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن دم الحيض قال: (دم
الحيض أسود يعرف) رواه أبو داود (304) وحسنه الألباني ، ولم يقل: عندما تصل المرأة سن تسع سنين فهو حيض .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
وقد اختلف العلماء رحمهم الله هل للسن الذي يتاتى فيه الحيض حد معين بحيث لا تحيض الانثى قبله ولا بعده وأن ما يأتيها قبله أو بعده فهو دم فساد لا حيض ؟ اختلف العلماء في ذلك 0 قال الدارمي بعد أن ذكر الاختلافات: كل هذا عندي خطأ! لأن المرجع في جميع ذلك إلى الوجود،- يعني وجود الدم -  فأي قدر وجد في أي حالٍ وسنً وجب جعله حيضًا. والله أعلم .
وهذا الذي قاله الدارمي هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فمتى رأت الأنثى الحيض فهي حائض، وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين، وذلك لأن أحكام الحيض علقها الله ورسوله على وجوده، ولم يحددْ الله ورسوله لذلك سنًّا معينًا، فوجب الرجوع فيه إلى الوجود الذي عُلقت الأحكام عليه، وتحديده بسنّ معين يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة ولا دليل في ذلك.. الدماء الطبيعية ص6
2- مدة الحيض
 قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ انظر المغني (1/224):
 إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام، بمعنى: أن المرأة إذا نزل منها دفعة واحدة من الدم فلا يعتبر عندهما حيضاً، فلا بد أنه يستمر معها ثلاثة أيام، وأكثر أيام الحيض عندهما  عشرة أيام، فلو زاد على عشرة أيام فهو دم استحاضة.واستدلوا عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ». رواه الدارقطني 847  وقال ابْنُ مِنْهَالٍ مَجْهُولٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَنَسٍ ضَعِيفٌ وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1077) وقال  أكثر أهل العلم  بأن أَقَلُّ الحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ انظر سنن الترمذي 1/ 221 ودليلهم  أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال (النساء ناقصات عقل ودين، قيل: وما نقص دينهن؟ قال: تَمْكُثُ شَطْرَ دَهْرِهَا لا تصلي)، فشطر عمرها أي: نصفه، وهو: خمسة عشر يوماً بالنسبة للشهر، ففيه دلالة على أن أقصى مدة هي: خمسة عشر يوماً قلت : قال النووي في المجموع (2/377) عن هذا الحديث باطل ، قلت : الصحيح هو ما ذهب اليه ابن حزم وابن تيمية ورجحه الألباني 0 انظر الضعيفة للألباني (3/609) أنه لا حد لأقله ولا لأكثره 0
قال ابن تيمية  رحمه الله :
وَمِنْ ذَلِكَ اسْمُ الْحَيْضِ عَلَّقَ اللَّهُ بِهِ أَحْكَامًا مُتَعَدِّدَةً فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُقَدَّرْ لَا أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ وَلَا الطُّهْرُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مَعَ عُمُومِ بَلْوَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ وَاللُّغَةُ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَدْرٍ وَقَدْرٍ فَمَنْ قَدَّرَ فِي ذَلِكَ حَدًّا فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ 0 مجموع الفتاوى 19 /237
قال الشوكاني رحمه الله :
 لم يأت في تقدير أقل الحيض وأكثره ما يصلح للتمسك به ، بل جميع الوارد في ذلك إما موضوع أو ضعيف لمرة ، والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال : تمكث احداهن الليالي ذوات العدد لا تصلي 0 السيل الجرار 1/337
3- الحائض ترى الحيض يوماً والطهر يوماً:
إذا كانت المرأة ترى الحيض يوماً وترى الطهر يوماً، فيوم السبت نزل منها دم الحيض ويوم الأحد انقطع، ويوم الإثنين نزل ويوم الثلاثاء انقطع، ويوم الأربعاء نزل ويوم الخميس انقطع، فهذه لها حالتان: الحالة الأولى: أن ينزل الدم يوم السبت، ويوم الأحد ترى الطهر، أي: أنها ترى القصة البيضاء،  أو الجفوف، ففي هذه الحالة يكون يوم السبت حيضاً، ويوم الأحد طهراً، ويوم الإثنين حيضاً، ويوم الثلاثاء  طهراً، وهكذا.
وهذا هو الراجح عند أهل العلم، فيوم السبت لا تصلي ولا تصوم ، وفي يوم  الأحد إذا رأت الطهر بأن ترى القصة البيضاء أو الجفاف، فتصلي وتصوم بعد الاغتسال وتفعل ما تفعله الطاهر.
والدليل على ذلك أولا: عموم قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222] الحكم يدور حول العلة وجودا وعدما 0
الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دم الحيض أسود يعرف) أخرجه أبو داود (286) وحسنه الألباني ، فإن كان الدم فهو حيض، وإن انقطع ورأت  القصة البيضاء أو الجفوف فهو طهر ،
قال العلامة الشنقيطي :  فإذا رأت المرأة يوماً دماً، ثمّ يوماً نقاءً – أي طهر-، ثمّ يوماً دماً، ثمّ يوماً نقاءً؛ فالحكم ما ذكره المصنف – أي الإمام أحمد- رحمه الله: يوم الدم يومُ حيض، ويومُ النّقاء يومُ طُهْرٍ، فتحسب عادتها في أيام الدّماء وحْدَها، وهذا هو مذهب جمهور العلماء رحمهم الله، ودليله ظاهر الكتاب، والسُّنة، وهو أن النّصوص فيهما دلّت على أن الحيض في زمانه مترتب على وجود الدم، فإذا وجد الدم حكمنا بكونها حائضاً، وإذا لم يوجد حكمنا بكونها طاهراً، فهذا هو الأصل.انظر زاد المستقنع(1/427)
الحالة الثانية: أن ترى الدم يوماً، ثم في اليوم الثاني لا ترى الدم من غير أن ترى الطهر بالجفاف أو بالقصة البيضاء ولكن  ترى صفرة أو كدرة أو أثر دم ، ففي يوم السبت نزل الدم، وفي يوم الأحد  صفرة أوكدرة ، أو أثر دم ، وهكذا  ففي هذه الحالة تكون حائضاً في جميع هذه الأيام، سيأتي معنى الصفرة والكدرة
قال النووي رحمه الله في المجموع (2/506)  لَوْ أَدْخَلَتْ فِي فَرْجِهَا قُطْنَةً يَخْرُجُ عَلَيْهَا أَثَرُ الدَّمِ مِنْ حُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ فَهِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَائِضٌ قَوْلًا وَاحِدًا طَالَ ذَلِكَ أَمْ قَصُرَ0
وشيخنا مصطفى العدوي حفظه الله له رأي آخر على الحالة الاولى ولكن ما ذكرته هو الراجح قال : شيخنا مصطفى العدوي ، في أحكام النساء (1/207):
والذي يظهر لي والله أعلم – أن المرأة إذا كانت ( في مدة حيضتها ) ترى الدم يوما ويتوقف آخر وترى الدم في اليوم الثالث وهكذا فإن ذلك ما دام في مدة الحيض فهو دم حيض ولا عبرة باليوم الذي يتوقف فيه الدم اللهم الا أن ترى في ذلك اليوم القصة البيضاء ، وهذا شيء لم أسمع به ، لم أسمع أن امرأة ترى القصة البيضاء اليوم ثم ينزل عليها دم حيض غدا ثم ترى القصة البيضاء بعد غد فعليه فتوقف الدم في اليوم الذي يتوقف فيه لا عبرة به إنما العبرة برؤية القصة البيضاء بعد انتهاء مدة الحيض ، والله أعلم 0وبنحو هذا أفتى الشيخ عبد الله الجبرين
( من علماء الرياض ) فسئل حفظه الله من سائلة قالت : إن دم الحيض في أيام العادة الشهرية يأتي يومين ثم ينقطع ثم في اليوم الرابع يعود مرة أخرى فهل أصلي اليوم الثالث من أيام العادة أم لا أصلي ؟ فاجأب بقوله : ما دامت المرأة في أيام عادتها التي تعرفها فانها تسقط عنها الصلاة ولا يجزئها الصوم في وسط أيام العادة ولو توقف الدم في بعض الأيام ما دامت في زمن العادة ولم تر علامة الطهر – وهي القصة البيضاء – التي تعرفها النساء علامة على انقضاء الحيض فهذه المراة تتوقف عن الصلاة في أيام عادتها كلها فلا تصلي ولا تصوم 00 في اليوم الثالث الذي ذكرت أو بعده حتى ترى الطهر الكامل 0 (
4- -التغير في مدة الحيض : اذا زادت مدة الحيض أو نقصت عن المدة المعتادة بأن تكون عادتها مثلا ستة أيام فتزيد لسبع أو عكسه فالصحيح أنه متى رأت الدم فهو حيض ومتى رأت الطهر فهو طهر،قال الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ  قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222) والحكم يدور حول العله وجودا وعدما
0قال ابن تيميه رحمه الله :
إذَا تَغَيَّرَتْ عَادَتُهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، أَوْ انْتِقَالٍ، فَذَلِكَ حَيْضٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهَا اسْتِحَاضَةٌ بِاسْتِمْرَارِ الدَّمِ. الفتاوى (19/239
--- التغير في وقت الحيض : وكذلك اذا تقدم أو تاخر الحيض عن عادتها كأن يكون في أول الشهر فتراه مثلا في آخره أو عكس ذلك فالصحيح أنه متى رأت الدم فهو حيض ومتى رأت الطهر فهو طهر كالمسألة السابقة تماما وهذا مذهب الشافعي واختيار ابن تيمية  وقواه صاحب المغني 0 انظر الدماء الطبيعية (16) 


ثالثا - عدة المرأة التي يئست من الحيض والصغيرة التي لم تحض0
عدة كل منهما ثلاثة أشهر 0
قال الله تعالى : {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] .
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (10\45)
فَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ خِلْقَةٍ وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَكَانَ قَدْ وَطِئَهَا: فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ بُلُوغِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا أَوْ إلَى أَهْلِهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ - يَعْنِي: لُزُومَ ذَلِكَ لِلصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ.وَقَالَ مَالِكٌ: لَا عِدَّةَ عَلَى الصَّغِيرَةِ جِدًّا.قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهَذَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ؛ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِهِ.
وَثَانِيهَا - أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ - وَلَوْ أَنَّهَا فِي الْمَهْدِ - وَأَسْقَطَ عَنْهَا عِدَّةَ الطَّلَاقِ - وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ مُطَلَّقَةٌ - وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ.
وَثَالِثُهَا - أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ مُنْتَهَى الصِّغَرِ الَّذِي أَسْقَطَ فِيهِ عَنْهَا عِدَّةَ الطَّلَاقِ مِنْ مَبْدَأِ وَقْتٍ أَلْزَمَهَا فِيهِ الْعِدَّةَ - وَهَذَا تَلْبِيسٌ لَا خَفَاءَ بِفَسَادِهِ، وَمَزْجٌ لِلْفَرْضِ بِمَا لَيْسَ فَرْضًا -.وَيَكْفِي مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلَا قَوْلِ سَلَفٍ - وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ سَاقِطٌ بِيَقِينٍ.انتهى
فوائد ؟
1- أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، فَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ فِي عَادَتِهَا، وَلَمْ تَدْرِ مَا رَفَعَهُ،-(كأن تكون لم تبلغ سن اليأس ) - فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ سَنَةً؛ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مِنْهَا تَتَرَبَّصُ فِيهَا لِتَعْلَمَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ هِيَ غَالِبُ مُدَّةُ الْحَمْلِ، فَإِذَا لَمْ يَبْنِ الْحَمْلُ فِيهَا، عُلِمَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ ظَاهِرًا، فَتَعْتَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ، ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. هَذَا قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا قَضَاءُ عُمَرَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، لَا يُنْكِرُهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ عَلِمْنَاهُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ انظر المغني (8\109)
2- المستحاضة التي نسيت عادتها أو المبتدأة ما لم يكن لديهما تمييز فعدتهن ثلاثة شهور ، أما إن كانت لديها تمييز أو عادة اعتدت بالأقراء انظر المحلى (10\342)  3- إن انقطع الحيض لسبب نعلمه كرضاع أو مرض أو غيرهما فهي في عدة حتى يزول السبب فتعتد به – أعني : بالأقراء – أو تبلغ سن اليأس فتعتد بالأشهر 0 فإن زال السبب واستمر الانقطاع وهي لم تبلغ بعد سن اليأس  فالأقرب والأولى أن ترجع للحالة السابقة التي قضى بها عمر رضي الله عنه وهي أن تنتظر سنة0 انظر تمام المنة لشيخنا العزازي (3\224)
4- المرأة التي استأصل رحمها تعتبر من الآيسات ، لأنه لا يرجى عود الحيض إليها مرة أخرى 0 انظر تمام المنة لشيخنا العزازي (3\224)
رابعا : عدة الحامل ؟
تشتمل هذه المسألة على أمرين :
أولا : إذا كانت المرأة حاملا وطلقت :
الحامل إن كانت مطلقة فعدتها وضع حملها وتحل للزواج لا خلاف في ذلك ، والدليل قوله تعالى : {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (8\117)
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ، عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْحَامِلَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا. انتهى
ثانيا :  إذا كانت المرأة حاملا ومات عنها زوجها 0ذهب بعض أهل العلم إلى أنها تتربص آخر الأجلين فإن كان الأبعد هو الأربعة أشهر وعشر فإنها تنتظر الأربعة أشهر وعشرا ، وإن كان الأبعد هو وضع الحمل فإنها تنتظر إلى أن تضع حملها وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم  قلت : الصحيح  ان عدتها تنتهي بوضع حملها  حتى ولو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله انقضت عدتها  وحلت في الحال للأزواج  ولو في النفاس إلا أن زوجها الثاني لا يقربها حتى تطهر لقوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] وهو قول : الائمة الأربعة والدليل على ذلك عموم قول الله تعالى : {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]وعن سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّة: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ، إِنَّكِ، وَاللهِ، مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ، جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، «فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي»، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ رواه البخاري (3991) ومسلم (1484)
قال النووي في شرح مسلم (10\109)
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ وَأَنَّهَا حَلَّتْ لِلزَّوَاجِ فَأَخَذَ بِهَذَا جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَقَالُوا عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ حَتَّى لَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا بِلَحْظَةٍ قَبْلَ غُسْلِهِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَحَلَّتْ فِي الْحَالِ لِلْأَزْوَاجِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً الا رواية عن على وبن عَبَّاسٍ وَسَحْنُونٍ الْمَالِكِيِّ أَنَّ عِدَّتَهَا بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَوَضْعُ الْحَمْلِ وَإِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَحَمَّادٍ أَنَّهَا لَا يَصِحُّ زَوَاجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ نِفَاسِهَا وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ سُبَيْعَةَ الْمَذْكُورُ وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعشرا وَمُبَيِّنٌ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أن يضعن حملهن عَامٌّ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَأَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَدْ تَعَارَضَ عُمُومُ هَاتَيْنِ الآيتين إذا تَعَارَضَ الْعُمُومَانِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى مُرَجِّحٍ لِتَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا وَقَدْ وُجِدَ هُنَا حَدِيثُ سُبَيْعَةَ الْمُخَصِّصُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى غَيْرِ الْحَامِلِ وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى الشَّعْبِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ أَنَّهَا قَالَتْ فَأَفْتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِنَفْسِ الْوَضْعِ فَإِنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا أَيْ طَهُرَتْ مِنْهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ وَقْتِ سُؤَالِهَا وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا حَلَّتْ حِينَ وَضَعَتْ وَلَمْ يُعَلِّلْ بِالطُّهْرِ مِنَ النِّفَاسِ قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهُمْ سَوَاءٌ كَانَ حَمْلُهَا وَلَدًا أَوْ أَكْثَرَ كَامِلَ الْخِلْقَةِ أَوْ نَاقِصَهَا أَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ إِذَا كَانَ فِيهِ صُورَةُ خَلْقِ آدَمِيٍ سَوَاءٌ كَانَتْ صُورَةً خَفِيَّةً تَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِمَعْرِفَتِهَا أَمْ جَلِيَّةً يَعْرِفُهَا كُلُّ أَحَدٍ وَدَلِيلُهُ إِطْلَاقُ سُبَيْعَةَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ عَنْ صِفَةِ حَمْلِهَا انتهى
فوائد :
1-         أَنْ تَضَعَ مَا بَانَ فِيهِ خَلْقُ الْآدَمِيِّ، مِنْ الرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، فَهَذَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمَرْأَةِ تَنْقَضِي بِالسَّقْطِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ وَلَدٌ، انظر المغني (8\119)
2- إذا أَلْقَتْ نُطْفَةً أَوْ دَمًا، لَا تَدْرِي هَلْ هُوَ مَا يُخْلَقُ مِنْهُ الْآدَمِيُّ أَوْ لَا؟ فَهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ وَلَدٌ، لَا بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَا بِالْبَيِّنَةِ.  انظر السابق قلت : ممكن نستفيد من الطب الأن إن كان بداية حمل الحق بما سبق
3-   قال شيخنا عادل العزازي :
لو تم نقل الماء المنوي من الرجل إلى فرج المرأة وحملت دون أن يجامعها ، فالراجح أنها تعتد بوضع حملها ، ولا يقال إنها لا عدة لها ، لم يمسها ، لأن الآية شملت كل حامل بأي وسيلة ، سواء كانت من زواج صحيح ، أو وطء بشبة أو زنا ، وسواء كان الحمل بجماع ، أو إدخال مني الرجل رحمها ، أو كان التلقيح خارج الرحم ثم وضع فيه0
 انظر تمام المنة (3\223)
4-وَإِذَا كَانَ الْحَمْلُ وَاحِدًا، انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ، وَانْفِصَالِ جَمِيعِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ، فَهِيَ فِي عِدَّتِهَا حَتَّى يَنْفَصِلَ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ وَاضِعَةً لِحَمْلِهَا مَا لَمْ يَخْرُجَ كُلُّهُ. وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ هُوَ الْجَمِيعُ. هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَبَا قِلَابَةَ وَعِكْرِمَةَ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَضَعَ الْآخَرَ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا وَضَعَتْ أَحَدَهُمَا، فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. قِيلَ لَهُ: فَتَتَزَوَّجُ؟ قَالَ لَا. قَالَ قَتَادَةُ خُصِمَ الْعَبْدُ. .وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَقَوْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْمَعْنَى فَإِنَّ الْعِدَّةَ شُرِعَتْ لِمَعْرِفَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ، فَإِذَا عُلِمَ وُجُودُ الْحَمْلِ، فَقَدْ تُيُقِّنَ وُجُودُ الْمُوجِبِ لِلْعِدَّةِ، وَانْتَفَتْ الْبَرَاءَةُ الْمُوجِبَةُ لِانْقِضَائِهَا، وَلِأَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْأَوَّلِ، لَأُبِيحَ لَهَا النِّكَاحُ، كَمَا لَوْ وَضَعَتْ الْآخَرَ. فَإِنْ وَضَعَتْ وَلَدًا، وَشَكَّتْ فِي وُجُودِ ثَانٍ، لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، وَتَتَيَقَّنَ أَنَّهَا لَمْ يَبْقَ مَعَهَا حَمْلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ.انظر المغني (8\119)
5- قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\339) قوله: «وأكثر مدة الحمل أربع سنين وأقلها ستة أشهر وغالبها تسعة أشهر» الحمل له أقل، وأكثر، وغالب، غالبه تسعة أشهر كما هو معروف، وأقله ستة أشهر بمقتضى دلالة القرآن، فإن الله تعالى يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] ، ويقول: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فإذا أخذنا عامين للفصال بقي للحمل ستة أشهر، وهذا واضح.
وقوله: «وأكثر مدة الحمل أربع سنين» لا يوجد دليل لا من القرآن ولا من السنة على هذا، ولذلك اختلف فيها العلماء، فقال بعضهم: أربع سنين، وقال بعضهم: سنتان، وقال بعضهم: ست سنوات، وقال بعضهم: سبع سنوات، وقال آخرون: لا حد لأكثره؛ لأن القرآن دل على أقله ولم يذكر أكثره، ولأن المعنى قتضي ذلك، فإذا رأينا امرأة حاملاً وما زال الحمل في بطنها، ولم يجامعها أحد، ومضى أربع سنوات، ثم نقول: الحمل ليس لزوجها؟! هذا لا يمكن أن يقال به، والمسألة مبنية على أنه ما وجد أكثر من أربع سنين، وهذا ليس بصحيح، بل وجد أكثر من أربع سنين، وجد إلى سبع سنوات، أو تسع، أو قد يوجد أكثر، فالمسألة معلقة بشيء موجود في البطن يبقى حتى يوضع، فالصواب أنه لا حد لأكثره.
6- قال ابن حزم في المحلى (10\40) فَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ حَامِلًا مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا أَوْ مِنْ زِنًى أَوْ بِإِكْرَاهٍ فَعِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا - وَلَوْ إثْرَ طَلَاقِ زَوْجِهَا لَهَا بِسَاعَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ - وَهُوَ آخِرُ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا، فَإِذَا وَضَعَتْهُ - كَمَا ذَكَرْنَا - أَوْ أَسْقَطَتْهُ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَحَلَّ لَهَا الزَّوَاجُ. وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقَةُ - وَهِيَ حَامِلٌ - تَتَخَيَّرُ فِرَاقَ زَوْجِهَا وَلَا فَرْقَ.
وَكَذَلِكَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا - وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، أَوْ مِنْ زِنًى، أَوْ مِنْ إكْرَاهٍ - فَإِنَّ عِدَّتُهَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ آخِرِ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا - وَلَوْ وَضَعَتْهُ إثْرَ مَوْتِ زَوْجِهَا - وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ شَاءَتْ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَتْهُ، وَلَا فَرْقَ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَلَمْ يَخُصَّ عَزَّ وَجَلَّ كَوْنَ الْحَمْلِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ - وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَطَأْهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَا ذَكَرْنَا.
خامسا - عدة المتوفى عنها زوجها :
سواء كانت مدخول بها أم غير مدخول بها ، سواء كانت كبيرة أو صغيرة  وكذلك المجنونة عند مالك والشافعي وابن حزم انظر المحلى (10\62)، عدتها أربعة أشهر وعشرة0
قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]
قَالَتْ زَيْنَبُ: سَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ، تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا، أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا - ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ رواه البخاري (5336) ومسلم (1488)
وأما الدليل على أن غير المدخول بها ينطبق عليها الحكم فعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا، لَا وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا العِدَّةُ، وَلَهَا المِيرَاثُ، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ، فَقَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةٍ مِنَّا مِثْلَ الَّذِي قَضَيْتَ»، فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ رواه الترمذي (1145) وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وصححه الألباني
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (8\115)
أَجْمَعْ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ غَيْرِ ذَاتِ الْحَمْلِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، مَدْخُولًا بِهَا، أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ كَبِيرَةً بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً لَمْ تَبْلُغْ؛انتهى
فوائد ؟
1- قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\350) يقول المؤلف: «إن مات زوج رجعية في عدة طلاق سقطت وابتدأت عدة وفاة منذ مات» مثال ذلك: رجل طلق زوجته طلاقاً رجعياً، وحاضت مرتين وبقيت عليها الحيضة الثالثة ثم مات، تبتدئ عدة وفاة منذ مات، والدليل قوله تعالى في المطلقات: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا} [البقرة: 228] ، وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى سمى المُطَلِّق بعلاً، أي: زوجاً، فإذا ضممت هذه الآية إلى قوله: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] صارت الرجعيةُ زوجةً متروكةً بعد الوفاة، فيلزمها عدة الوفاة.انتهى قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ انظر المغنى (8\116)
2- قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (8\116)
وَالْعَشْرُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْعِدَّةِ هِيَ عَشْرُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا، فَتَجِبُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ مَعَ اللَّيَالِي. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجِبُ عَشْرُ لَيَالٍ وَتِسْعَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْعَشْرَ تُسْتَعْمَلُ فِي اللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ،، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْأَيَّامُ اللَّاتِي فِي أَثْنَاءِ اللَّيَالِي تَبَعًا. قُلْنَا: الْعَرَبُ تُغَلِّبُ اسْمَ التَّأْنِيثِ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً عَلَى الْمُذَكَّرِ، فَتُطْلِقُ لَفْظَ اللَّيَالِي وَتُرِيدُ اللَّيَالِيَ بِأَيَّامِهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِزَكَرِيَّا: {آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10] . يُرِيدُ بِأَيَّامِهَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: 41] . يُرِيدُ بِلَيَالِيِهَا.وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، لَزِمَهُ، اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ. وَيَقُولُ الْقَائِلُ: سِرْنَا عَشْرًا، يُرِيدُ اللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا. فَلَمْ يَجُزْ نَقْلُهَا عَنْ الْعِدَّةِ إلَى الْإِبَاحَة بِالشَّكِّ.انتهى
سادسا - عدة المختلعة  والمستبرأة والموطوءة بشبهة والمزني بها : عدتها حيضة واحدة 0
قلت : عدة المختلعة فقد سبق ذلك وقلت الصحيح :أن عدتها حيضة واحدة 0
--- أما المستبرأة وهي الأمة إذا بيعت أو وهبت ، فإنها تستبرأ بحيضة والدليل عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَرَفَعَهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً رواه أبو داود (2157) وصححه الألباني  وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، فِي مَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَمَةٍ كَانَ يُصِيبُهَا. وقَالَ عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ، كَعِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَة وقال أبو حنيفة لَيْسَ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا، فَكَانَ لَهُ تَزْوِيجُهَا، كَاَلَّتِي لَا يُصِيبُهَا. انظر المغني (8\ 145)
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية - رَحِمَهُ اللَّهُ  في الفتاوى (34\ 30)
عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً؛ ثُمَّ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ: فَهَلْ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الثَّانِي أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ؟
فَأَجَابَ:
لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةِ}
--- أما الموطوءة بشبهة مثل أن يجامع امرأة يظن أنها زوجته وهي ليست بزوجته فهذه يفرق بينهما والقول الراجح أنها تستبرىء رحمها بحيضة فقط وهو قول مالك ورواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقال جمهور العلماء على أن عدتها عدة المطلقة 0
قال  ابن تيمية بعد أن ذكر أقوال العلماء في الفتاوى (23\ 110)
 وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَطْ؛ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ زَوْجَةً يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَلَيْسَتْ أَعْظَمَ مِنْ الْمُسْتَبْرَأَةِ الَّتِي يَلْحَقُ وَلَدُهَا سَيِّدَهَا وَتِلْكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ فَهَذِهِ أَوْلَى انتهى
--- أما المزني بها : قلت : ذهب بعض العلماء أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ،ورواية عن أحمد – وهو اختيار ابن تيمية كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ وقال بعض العلماء لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحِفْظِ النَّسَبِ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبٌ. وقال بعض العلماء عدتها كالمطلقة وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ. لأنه وَطْءٌ يَقْتَضِي شَغْلَ الرَّحِمِ، فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُ، انظر المغني (8\98)
قلت : القول الصحيح هو ما قاله العلامة ابن عثيمين رحمه الله قال ؟
القول الثالث: أنها لا عدة عليها ولا استبراء، وهو مروي عن أبي بكر وعمر وعلي ـ رضي الله عنهم ـ وهو مذهب الشافعي، وهذا القول أصح الأقوال، لكن إن حملت على هذا القول لم يصح العقد عليها حتى تضع الحمل؛ لأنه لا يمكن أن توطأ في هذه الحال؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم «نهى أن توطأ ذات حمل حتى تضع» (1) ، والفائدة من ذلك أنها إذا كانت ذات زوج ما نقول للزوج: تجنبها إذا زنت مثلاً، بل نقول: لك أن تجامعها، ولا يجب عليك أن تتجنبها، إلا إن ظهر بها حمل فلا تجامعها، أما إذا لم يظهر بها فإنها لك.فلو قال قائل: ألا يحتمل أن تكون نشأت بحمل من وطء الزنا ؟ نقول: هذا الاحتمال وارد، لكن قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فما دمنا ما تيقنا أنها حملت من الزاني فإن الولد يحكم بأنه للفراش، وإذا حملت من الزاني وقلنا لزوجها: لا تطأها، فإنه يجوز أن يستمتع بها بغير الوطء؛ لأنها زوجته، وإنما منع من الوطء من أجل أن لا يسقي ماءه زرع غيره  انظر الشرح الممتع (13\332) قلت : يقصد حديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» - يَعْنِي: إِتْيَانَ الْحَبَالَى –رواه أبو داود (2158) وحسنه الألباني
ثم قال رحمه الله : بل إن القول المروي عن أبي بكر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أن المزني بها لا عدة عليها إطلاقاً ولا تستبرأ، لا سيما إذا كانت ذات زوج؛ لقول الرسول عليه الصلاة السلام: «الولد للفراش»  بل ينبغي للإنسان إذا علم أن زوجته زنت ـ والعياذ بالله ـ وتابت أن يجامعها في الحال، حتى لا يبقى في قلبه شك في المستقبل هل حملت من جماع الزنا أو لم تحمل؟ فإذا جامعها في الحال حمل الولد على أنه للزوج وليس للزاني، أما إذا كانت المرأة الزانية ليس لها زوج فلا بد أن تستبرئ بحيضة على القول الراجح. انظر الشرح الممتع (13\382)
سابعا : الحكم في امرأة المفقود ؟
إذا غاب الزوج عن زوجته  وانقطعت أخباره، وجهلت فيها حياته، فهذا يسمى (المفقود) للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال :
القول الأول : ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ورِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ ، وبه قال ابن حزم ،إلَى أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى يَصِحَّ لَهَا مَوْتُهُ، أَوْ طَلَاقُهُ، أَوْ رِدَّتُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِ ذَلِكَ قَالُوا: لِأَنَّ عَقْدَهَا ثَابِتٌ بِيَقِينٍ، فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ انظر سبل السلام (2\303)
وحجتهم: 1- عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ، » رواه البيهقي في الصغير (2834)  قلت فيه : سَوَّارٌ بْنُ مُصْعَبٍ قال البيهقي : ضَعِيفٌ قلت : بل هو متروك كما قال أحمد والدارقطني ، وقال الألباني في الضعيفة (2931) ضعيف جدا.
2- عن عَلِيّ: «إِذَا فَقَدَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَسْتَبِينَ أَمْرَهُ» رواه سعيد بن منصور في سننه (1758) قال شيخنا مصطفى العدوي في أحكام النساء (4\201) في أسانيدها نظر
3 - لأنها زوجة كباقي الزوجات، فلا تقع الفرقة بينها وبين زوجها إلا بما يوجب الفرقة من موت أو طلاق وليس فقدان الزوج موجبًا للفرقة.
قال ابن حزم في المحلى (9\316)
وَمَنْ فُقِدَ فَعُرِفَ أَيْنَ مَوْضِعُهُ، أَوْ لَمْ يُعْرَفْ فِي حَرْبٍ فُقِدَ، أَوْ فِي غَيْرِ حَرْبٍ - وَلَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ وَأَمَةٌ وَمَالٌ -: لَمْ يُفْسَخْ بِذَلِكَ نِكَاحُ امْرَأَتِهِ أَبَدًا، وَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَصِحَّ مَوْتُهُ أَوْ تَمُوتَ هِيَ، وَلَا تَعْتِقُ أُمُّ وَلَدِهِ، وَلَا تُبَاعُ أَمَتُهُ، وَلَا يُفَرَّقُ مَالُهُ، لَكِنْ يُنْفَقُ عَلَى مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ مَالِهِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ الْأَمَةُ، وَقِيلَ لِلزَّوْجَةِ، وَلِأُمِّ الْوَلَدِ: اُنْظُرَا لِأَنْفُسِكُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ مُكْتَسَبٌ أُنْفِقَ عَلَيْهِمَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ الصَّدَقَاتِ كَسَائِرِ الْفُقَرَاءِ، وَلَا فَرْقَ انتهى
القول الثاني : تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ؛ وهو قول مالك والشافعي في القديم وهو قول عمر وعثمان وعلي وابن عباس وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَحْمَدُ: خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَاللَّيْثُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ. انظر المغني  (8\131)
ودلليلهم : 1-  عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، «قَضَيَا فِي الْمَفْقُودِ أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ فَإِنَّ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ» رواه عبد الرزاق (12317)
2- عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: «تَنْتَظِرُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ» . قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «يُنْفَقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ مَالَ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ» . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِذًا أَجْحَفَ ذَلِكَ بِالْوَرَثَةِ، وَلَكِنْ تَسْتَدِينُ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ غَابَ قَضَتْ مِنْ نَصِيبِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ» . وَقَالَا جَمِيعًا: «يُنْفَقُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ» رواه سعيد بن منصور (1756)
3- أنه لا يصح خلاف هذا عن أحد من الصحابة.
القول الثالث : لا وجه لتربُّصها ولها أن تطالب الحاكم بالفسخ: وهذا القول نقله الصنعاني عن الإمام يحيى،وقال الصنعاني : وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ انظر سبل السلام (2\304) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وقيَّد طلبها للتفريق بخشية الوقوع في الفتنة .
ودليلهم : عموم الأدلة الرافعة للضرر، كقوله تعالى {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} [البقرة: 231]. وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ » رواه ابن ماجة (2340) وصححه الألباني
وأنه قد شُرع التفريق لرفع المضارة في الإيلاء والظهار وللعيوب ونحو ذلك، وهو هنا أبلغ، وأما المدة التي تتربَّصها فليس فيها شيء مرفوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم تكن لازمة.
قال شيخنا عادل العزازي في تمام المنة ( 3\217 )
إذا غاب الزوج عن زوجته ، وانقطعت أخباره ، ولا يعلم له موضع ويغلب على الظن هلاكه ، فالراجح في هذه المسألة إذا رفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم أن تتربص أربع سنين ، ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ، ثم إن شاءت أن تتزوج تزوجت 0فقد ثبت عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: فَقَدَتْ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فَمَكَثَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ ذَكَرَتْ أَمْرَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ حِينِ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا وَإِلَّا تَزَوَّجَتْ؟ فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ أَنْ مَضَتْ السَّنَوَاتُ الْأَرْبَعُ وَلَمْ تَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ - ثُمَّ جَاءَ زَوْجُهَا فَأُخْبِرَ بِالْخَبَرِ، فَأَتَى إلَى عُمَرَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنْ شِئْت رَدَدْنَا إلَيْك امْرَأَتَك، وَإِنْ شِئْت زَوَّجْنَاك غَيْرَهَا؟ قَالَ: بَلْ زَوِّجْنِي غَيْرَهَا. رواه ابن حزم في المحلى ( 11\401) وفي رواية : فخيره عمر بين الصداق وبين امرأته وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَا فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: «تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رواه ابن أبي شيبة (16717)
ومما سبق يمكن نلخص أحكام امرأة المفقود فيما يلي :
(أ) تؤجل المرأة أربع سنين ، على أن تبدأ هذه المدة من حين رفع أمرها للحاكم ، ولا تحتسب من حين غيبته0
ب- أنها بعد ذلك تعتد أربعة أشهر وعشرا
ج – فإن قدم زوجها قبل أن تتزوج سواء انتهت المدة ولم تتزوج بآخر ، أو في خلال المدة فهو أحق بها 0
د- وأما إن تزوجت ثم قدم زوجها فهو بالخيار بين زوجته وبين الصداق ، وقد ثبت ذلك عن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، وثبت في رواية أخرى عن عمر أنه بالخيار بين زوجته وبين أن يزوجه زوجة أخرى 0
بقى بعد ذلك حكم نفقة المفقود ، فعن جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: «تَنْتَظِرُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ» . قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «يُنْفَقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ مَالَ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ» . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِذًا أَجْحَفَ ذَلِكَ بِالْوَرَثَةِ، وَلَكِنْ تَسْتَدِينُ،- أي تستلف- فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ غَابَ قَضَتْ مِنْ نَصِيبِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ» . وَقَالَا جَمِيعًا: «يُنْفَقُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ» صحيح : المحلى (11\402) انتهى كلام الشيخ عادل حفظه الله
فائدة :قال ابن قدامة في المغني (8\139)
فَإِنْ غَابَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَتِهِ، فَشَهِدَ ثِقَاتٌ بِوَفَاتِهِ، فَاعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ لِلْوَفَاةِ، أُبِيحَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ. فَإِنْ عَادَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَفْقُودِ، يُخَيَّرُ زَوْجُهَا بَيْنَ أَخْذِهَا، وَتَرْكِهَا وَلَهُ الصَّدَاقُ. وَكَذَلِكَ إنْ تَظَاهَرَتْ الْأَخْبَارُ بِمَوْتِهِ. وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ سُهَيَّةَ، أَنَّ زَوْجَهَا صَيْفِيَّ بْنَ فُسَيْلٍ، نُعِيَ لَهَا مِنْ قَنْدَابِيلَ، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ إنَّ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ قَدِمَ، فَأَتَيْنَا عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: كَيْفَ أَقْضِي بَيْنَكُمْ وَأَنَا عَلَى هَذَا الْحَالِ، فَقُلْنَا: قَدْ رَضِينَا بِقَوْلِكَ. فَقَضَى أَنْ يُخَيَّرَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ. فَرَجَعْنَا. فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أَتَيْنَا عَلِيًّا، فَخَيَّرَ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، فَاخْتَارَ الصَّدَاقَ، فَأَخَذَ مِنِّي أَلْفَيْنِ، وَمِنْ زَوْجِي الْآخَرِ أَلْفَيْنِ. – رواه البيهقي في الكبرى (15575)- فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِشَهَادَةِ مَحْصُورَةٍ، فَمَا حَصَلَ مِنْ غَرَامَةٍ فَعَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا سَبَبٌ فِي إيجَابِهَا.
وَإِنْ شَهِدُوا بِمَوْتِ رَجُلٍ، فَقُسِّمَ مَالُهُ، ثُمَّ قَدِمَ، فَمَا وَجَدَ مِنْ مَالِهِ أَخَذَهُ. وَمَا تَلِفَ مِنْهُ أَوْ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فِيهِ، فَلَهُ تَضْمِينُ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْمُتْلِفِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
ثامنا : عدة أم الولد0
في عون المعبود أم الولد هِيَ الْجَارِيَةُ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ فَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَالَا تَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا كَالْحُرَّةِ وَرُوِيَ ذلك عن بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وبن سِيرِينَ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وبن مَسْعُودٍ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عدتها حيضة وروي ذلك عن بن عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ انظر عون المعبود (6\ 299)  وقال ابن حزم في المحلى لا عدة على أم الولد انظر المحلى (10\304)  ورجحه شيخنا مصطفى العدوي قلت : الصحيح هو قول الأوزاعي وغيره والدليل عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «لَا تُفْسِدُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا رواه ابن ماجه (2083) وصححه الألباني
تاسعا :- عدة الأمة ؟
تنازع العلماء في ذلك على قولين 0
القول الأول : أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: عِدَّةُ الْأَمَةِ بِالْقُرْءِ قُرْءَانِ. مِنْهُمْ؛ عُمَرُ وَعَلِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.ودليلهم : عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «طَلَاقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» رواه الترمذي (1182) وضعفه الألباني
القول الثاني : عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وابن حزم انظر المغني والمحلى (10\306) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0
قال ابن حزم في المحلى (10\115) وَعِدَّةُ الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ سَوَاءً سَوَاءً وَلَا فَرْقَ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَّمَنَا الْعِدَدَ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذْ أَبَاحَ لَنَا زَوَاجَ الْإِمَاءِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِنَّ الْعِدَدُ الْمَذْكُورَاتُ فَمَا فَرَّقَ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ حُرَّةٍ وَلَا أَمَةٍ فِي ذَلِكَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] .
وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْقَوْلِ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَقُلْ، وَمِنْ أَنْ نُشَرِّعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ.انتهى
--- تحوُّل العدة : العدة قد تنتقل من حالة إلى أخرى كما يلي:
1- إذا طلقت المرأة طلاقا رجعيا ، ثم مات زوجها وهي في العدة ، انتقلت إلى عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا من وقت الوفاة ، لأن المطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة ، فدخلت في عموم قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] وقد نقل القرطبي  رحمه الله وغيره الإجماع على هذا انظر تفسير القرطبي (3\182)
فائدة : المرأة التي طلقها زوجها الطلقات الثلاث ثم مات قبل انقضاء عدتها : ذهب أبو حنيفة : تعتد أطول الأجلين ، عدة الطلاق أو أشهر الحمل 0قلت الصحيح أنها تستمر في عدتها ولا تنتقل إلى عدة الوفاة وهو مذهب جمهور العلماء وحجتهم في ذلك ظاهرة وهي أنها ليست زوجة ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ثم تطلق فتحل له وهذا مذهب جمهور العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد انظر أقوال العلماء في الفقه الميسر (3\127)
قال الشافعي في الأم (5\241)
لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ غَيْرُهَا حَتَّى يَكُونَ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ وَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَرِيضًا ثُمَّ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْهُ وَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ انتهى
2- إذا بدأت عدتها بالأقراء ، ثم تبين أنها حامل انتقلت إلى عدة الحامل ، لأنها الأصل وسقط حكم ما مضى من القروء وهذا مذهب جمهور الفقهاء انظر صحيح فقه السنة (3\330) لقوله تعالى {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} سورة الطلاق، الآية: 4.
3- من بدأت عدتها بالحيض ، ثم انقطع حيضها بأن بلغت سن اليأس ، قبل تمام الثلاث حيض ، انتقلت عدتها إلى الأشهر ، لأن العدة إما أن تكون بالحيض أو بالأشهر وحيث إنها لم تستكملها بالحيض عادت إلى الأشهر 0 ومعنى هذا أنها تبدأ العدة ، وتحسبها بالأشهر ، ولا يدخل في حسابها ما تقدم أثناء حيضها 0انظر تمام المنة لشيخنا العزازي (3\226)
قلت وهو قول جمهور العلماء لقوله تعالى{وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]
4- إذا اعتدَّت المرأة بالأشهُر ثم حاضت بعد فراغها، فقد انقضت العدة، ولا تلزمها العدة بالأقراء. ولو حاضت أثناء الأشهر فإنها تستأنف عدتها بالحيض نقل ابن المنذر رحمه الله : الإجماع على ذلك انظر الإجماع (ص49)
أحكام المعتدات :
أولا : المعتدة من طلاق :
يتعلق بالمعتدة المطلقة بعض الأحكام أهمها :
1- تحريم خطبتها : فإن كانت المطلقة رجعية أي التطليقة الأولى أو الثانية  فلا يجوز لأحد أن يخطبها  لا تصريحا ولا تعريضا ، لأنها زوجة وجاز للزوج أن يراجعها في أي وقت طالما أنها في العدة سواء رضيت أم كرهت ذلك وقد سمى الله المعتدة الرجعية زوجة  قال الله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) [سورة البقرة: 228]وقد نقل الإجماع على ذلك القرطبي وغيره انظر الجامع لأحكام القرآن (3\124)
قال ابن قدامة في المغني (7\147)
فَلَا يَحِلُّ لَأَحَدٍ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتِهَا، وَلَا التَّصْرِيحُ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ، فَهِيَ كَالَّتِي فِي صُلْبِ نِكَاحِهِ انتهى
 أما المطلقة طلاقا بائنا آخر ثلاث تطليقات فهذه لا يجوز التصريح لها بالخطبة بالاتفاق : واختلفوا في التعريض بالخطبة والصحيح يجوز ذلك  لقوله تعالى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] .
وعن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قال لها النبي صلى الله عليه وسلم «إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» رواه مسلم (1480)
 وهو مذهب الجمهور منهم المالكية والشافعية والحنابلة  خلافا للحنفية
أما إن كانت معتدة من وفاة الزوج ، فهذه لا يجوز خطبتها إجماعا ولكن يجوز التعريض لها بالخطبة لقوله تعالى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32\8)
لَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ؛ وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ الَّتِي تَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُعَاقَبُ الْخَاطِبُ وَالْمَخْطُوبَةُ جَمِيعًا وَيُزْجَرُ عَنْ التَّزْوِيجِ بِهَا؛ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فائدة : ما معنى التعريض :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] يَقُولُ: «إِنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ» وَقَالَ القَاسِمُ: «يَقُولُ إِنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ نَحْوَ هَذَا» وَقَالَ عَطَاءٌ: " يُعَرِّضُ وَلاَ يَبُوحُ، يَقُولُ: إِنَّ لِي حَاجَةً، وَأَبْشِرِي، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ نَافِقَةٌ، وَتَقُولُ هِيَ: قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَلاَ تَعِدُ شَيْئًا، وَلاَ يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا، وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلًا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا "رواه البخاري في صحيحه (5124)
2- ولا يحل لأحد أن  يعقد عليها مطلقا : سواء كانت مطلقة رجعية أم بائنا حتى تنتهي عدتها ، فإن عقد عليها أحد أثناء العدة فالنكاح باطل ، ويجب التفريق بينهما 0فإن كان قد دخل بها فرق بينهما ،وتكمل عدتها من الأول ، ثم اعتدت من الثاني إن كان دخل بها ، وبه قال : عمر وعلي والشافعي رضي الله عنهم انظر الأم (5\249) وهو مذهب أحمد ، ومالك ، بينما يرى الحنفية ، أن تعتد عدة واحدة لهما 0 واختلفوا : هل يجوز للزوج  الثاني أن يتزوجها بعد ذلك  بعد انقضاء العدتين أم لايجوز ، مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه يمنع ذلك أبدا وبه قال مالك والليث والأوزاعي قلت : الصحيح يجوز له ذلك ، وهو قول : علي بن أبي طالب ، وبه قال  الجمهور ، ورجحه شيخنا مصطفى العدوي 0
قال شيخنا مصطفى العدوي  في أحكام النساء (3\230)
والنفس أميل في هذا الباب إلى رأي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، لأن الله جل ذكره ذكر المحرمات في كتابه ثم قال : ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم من هذه صفته على هذه المرأة
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الأم (5\233) 
ّوبقول عمر وعلي نَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تَنْكِحُ فِي عِدَّتِهَا تَأْتِي بِعِدَّتَيْنِ مَعًا وَبِقَوْلِ عَلِيٍّ نَقُولُ إنَّهُ يَكُونُ خَاطِبًا مِنْ الْخُطَّابِ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ. ثم قال شيخنا والذي يظهر لي أن ما فعله أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه من باب التعزير والله أعلم 0
3- المطلقة الرجعية لها السكنى والنفقة : طوال مدة العدة ،عن فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَنَا بِنْتُ آلِ خَالِدٍ، وَإِنَّ زَوْجِي فُلَانًا أَرْسَلَ إِلَيَّ بِطَلَاقِي، وَإِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَهُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى فَأَبَوْا عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ رواه النسائي (3403) وصححه الألباني
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (6\361)
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا لِمَنْ عَدَاهَا إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا انتهى
وأما المطلقة البائنة فلا نفقة لها ولا سكنى  إلا أن تكون حاملا فيجب النفقة عليها من أجل الحمل عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ»، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: «تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي»، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ 000 الحديث رواه مسلم (1480)
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام ()
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ، وَلَا سُكْنَى. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ.
ذَهَبَ إلَى مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَالْقَاسِمُ وَالْإِمَامِيَّةُ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابُهُ وَدَاوُد وَكَافَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُسْتَدِلِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَذَهَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَنَفِيَّة وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مُسْتَدِلِّينَ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] ، وَهَذَا فِي الْحَامِلِ وَبِالْإِجْمَاعِ فِي الرَّجْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ النَّفَقَةُ. وَعَلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] .
وَذَهَبَ الْهَادِي وَآخَرُونَ إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ دُونَ السُّكْنَى مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: 241] وَلِأَنَّهَا حُبِسَتْ بِسَبَبِهِ كَالرَّجْعِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ الزَّوْجُ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاخْتِلَاطَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي حَقِّ الرَّجْعِيَّةِ.
قَالُوا وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَدْ طُعِنَ فِيهِ بِمَطَاعِنَ يَضْعُفُ مَعَهَا الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَحَاصِلُهَا أَرْبَعَةُ مَطَاعِنَ: الْأَوَّلُ كَوْنُ الرَّاوِي امْرَأَةً وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ يُتَابِعَانِهَا عَلَى حَدِيثِهَا.
الثَّانِي أَنَّ الرِّوَايَةَ تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ.
الثَّالِثُ أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ الْمَنْزِلِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي السُّكْنَى بَلْ لِإِيذَائِهَا أَهْلَ زَوْجِهَا بِلِسَانِهَا.
الرَّابِعُ مُعَارَضَةُ رِوَايَتِهَا بِرِوَايَةِ عُمَرَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَ الرَّاوِي امْرَأَةً غَيْرُ قَادِحٍ فَكَمْ مِنْ سُنَنٍ ثَبَتَتْ عَنْ النِّسَاءِ يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ عَرَفَ السِّيَرَ وَأَسَانِيدَ الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لَا نَتْرُكُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ، فَهَذَا تَرَدُّدٌ مِنْهُ فِي حِفْظِهَا وَإِلَّا، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ عِدَّةُ أَخْبَارٍ وَتَرَدُّدُهُ فِي حِفْظِهَا عُذْرٌ لَهُ فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يَكُونُ شَكُّهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] ، فَإِنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ بِحَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّخْصِيصِ لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ عُمَرَ فَأَرَادُوا بِهَا قَوْلَهُ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، وَقَدْ عُرِفَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا يَكُونُ مَرْفُوعًا.
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ وَجَعَلَ يُقْسِمُ وَيَقُولُ وَأَيْنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إيجَابُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا؟ وَقَالَ هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ «عُمَرَ سَمِعْت - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ» ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بِسِنِينَ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ خُرُوجَ فَاطِمَةَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا كَانَ لِإِيذَائِهَا لِأَهْلِ بَيْتِهِ بِلِسَانِهَا فَكَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَمَّا يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَتْ، وَلَوْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى لَمَا أَسْقَطَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَذَاءَةِ لِسَانِهَا وَلَوَعَظَهَا وَكَفَّهَا عَنْ إذَايَةِ أَهْلِ زَوْجِهَا، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذِهِ الْمَطَاعِنِ فِي رَدِّ الْحَدِيثِ فَالْحَقُّ مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي ذَلِكَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ نَاصِرًا لِلْعَمَلِ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ.انتهى
أما الحامل : فيجب النفقة عليها من أجل الحمل لقوله تعالى [وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ]
 قال شيخنا مصطفى العدوي في أحكام الطلاق (177) قال كثير من العلماء منهم ابن عباس وطائفة من السلف وجماعات من الخلف هذه في البائن إن كانت حاملا أنفق عليها حتى تضع حملها قالوا بدليل أن الرجعية تجب نفقتها سواء كانت حاملا أو حائلا 0 وقال آخرون بل السياق كله في الرجعيات ، وإنما نص على الإنفاق على الحامل وإن كانت رجعية لأن الحمل تطول مدتة غالبا فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق على الوضع لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة0 قلت أي الشيخ مصطفى : والآية عامة فالحامل ينفق عليها حتى تضع الحمل سواء كانت بائنة أو رجعية والله أعلم
4- المطلقة الرجعية  لا يجوز لها الخروج من بيت مطلقها إلا إذا انتهت العدة وكذلك لا يجوز لزوجها أن يخرجها عنه حتى تنقضي العدة فعليه القيام بكفايتها  لقوله تعالى :{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}الطلاق (1)  قال شيخنا مصطفى العدوي وهذا مذهب أكثر أهل العلم  وقال المالكية والحنابلة: يجوز لها الخروج نهارًا لقضاء حوائجها، وتلزم منزلها بالليل لأنه مظنة الفساد واستدلوا بحديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» رواه مسلم (1483) وفي رواية في سنن أبي داود (2297) عنْ جَابِرٍ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا،
 قلت: في الاستدلال به نظر ظاهر، فالحديث صريح في أنها طلاق ثلاثا ، والكلام هنا على الرجعية  والأظهر قول الجمهور  لعموم الآية وعدم المخصص.
ويجوز لها أن تتزين أمام زوجها وأن يتردد عليها ما دامت في العدة 0أما المطلقة ثلاثا  تعتد حيث شاءت لأنها ليست زوجة له، ويحرم عليه الخلوة بها وهو مذهب أحمد وابن حزم وغيرهما لحديث فاطمة بنت قيس السابق وهو الراجح  وذهب أبو حنيفة والشافعي ومالك قالوا تعتد في منزل الزوج ويجعل بينه وبينها حجاب واستدلوا بقوله تعالى0{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}الطلاق (1)
ويجوز لها الخروج نهارا وهو مذهب أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي في احد قوليه وأحمد وذهب أبو حنيفة إلى عدم جواز خروجها  ليلا ولا نهارا حتى تنقضي عدتها انظر الفقه الميسر (3\134) قلت : الصحيح قول مالك وغيره  لقول فاطمة بنت قيس رضي الله عنها رواه مسلم (1480) في احتجاجها على مَرْوَان بقولها قال الله عز وجل {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] الْآيَةَ، قَالَتْ: " هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ، وحديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» رواه مسلم (1483)
قال الصنعاني في سبل السلام (2\ 295)
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ مِنْ مَنْزِلِهَا فِي النَّهَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، انتهى
فائدة ما معنى قوله تعالى : [وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ]
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير ت سلامة (8\ 143)
أَيْ لَا يَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ إِلَّا أَنْ تَرْتَكِبَ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً مُبَيِّنَةً فَتَخْرُجَ مِنَ الْمَنْزِلِ، وَالْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ تَشْمَلُ الزِّنَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو قِلَابَةَ، وَأَبُو صَالِحٍ وَالضَّحَّاكُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ والسُّدِّيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَغَيْرُهُمْ، وَتَشْمَلُ مَا إِذَا نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ أَوْ بَذَتْ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَآذَتْهُمْ فِي الْكَلَامِ وَالْفِعَالِ كَمَا قَالَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عباس وعكرمة وغيرهم. انتهى
5- أبن تعتد المتوفى عنها زوجها ؟ وهل يجوز لها الخروج نهارا لحاجة ؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول: أنه يجب عليها لزوم بيت زوجها الذي توفي عنها وهي فيه،  وممن ذهب إلى ذلك عمر ،وابنه عبد اله ، وعثمان ، وابن مسعود ، وأم سلمة رضي الله عنهم وهو مذهب الائمة الأربعة إلا أنهم رخصوا لهن أن يخرجن بالنهار لكن لا بد أن تبيت بلليل في بيتها انظر تمام المنة لشيخنا (3\231) واستدلوا : 1- أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ، وَلَا نَفَقَةٍ؟ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ»، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، دَعَانِي، أَوْ أَمَرَ بِي، فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: «كَيْفَ قُلْتِ؟»، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، قَالَتْ: فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِه رواه أبوداود (2300) ضعفه ابن حزم  وعبد الحق وشيخنا مصطفى العدوي وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم  والألباني مره يضعفه ومرة يصححه 0
2-         قَالَ مُجَاهِدٌ: اسْتُشْهِدَ رِجَالٌ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ نِسَائِهِمْ، وَكُنَّ مُتَجَاوِرَاتٍ فِي دَارِهِ، فَجِئْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ: إِنَّا نَسْتَوْحِشُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِاللَّيْلِ، فَنَبِيتُ عِنْدَ إِحْدَانَا، حَتَّى إِذَا أَصْبَحْنَا تَبَدَّدْنَا إِلَى بُيُوتِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَ مَا بَدَا لَكِنَّ، حَتَّى إِذَا أَرَدْتُنَ النَّوْمَ فَلْتَأْتِ كُلُّ امْرَأَةٍ إِلَى بَيْتِهَا» رواه عبد الرزاق (12077) وضعفه الألباني في الضعيفة (5597)
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\412) قوله: «ولها الخروج لحاجتها نهاراً لا ليلاً» الانتقال من المنزل لا يجوز، لكن الخروج مع البقاء في المنزل، هل يجوز أو لا؟ نقول: هذا لا يخلو من ثلاث حالات: إما أن يكون لضرورة، أو لحاجة، أو لغير ضرورة ولا حاجة.
الحال الأولى: إذا كان لغير ضرورة ولا حاجة، فإنه لا يجوز، مثل لو قالت: أريد أن أخرج للنزهة، أو للعمرة، فإنه لا يجوز؛ لأنه ليس لحاجة ولا لضرورة.الحال الثانية: أن يكون الخروج من البيت للضرورة، فهذا جائز ليلاً ونهاراً، مثلاً حصل مطر، وخشيت على نفسها أن يسقط البيت فإنها تخرج للضرورة، لكن إذا وقف المطر وصُلِّح البيت ترجع، ومثل ذلك لو شبت نار في البيت.الحال الثالثة: أن يكون لحاجة، مثل لو ذهبت تشتري مثلاً عصيراً؛ أو تشتري شاياً، ومنها أن تكون مدرِّسة فتخرج للتدريس في النهار، ومنها أن تكون دارسة فتخرج للدراسة في النهار لا في الليل، ومنها أنها إذا ضاق صدرها فإنها تخرج إلى جارتها في البيت لتستأنس بها في النهار فقط؛ لأن أزمة ضيق الصدر قد تتطور إلى مرض نفسي، ومنها أن تخرج لتزور أباها المريض، فهي حاجة من جهة الأب، ومن جهتها هي، أما هي فستكون قلقة؛ حيث لم ترَ بعينها حال أبيها، وأما أبوها فإن قلب الوالد يحن إلى ولده، فنقول: لا بأس أن تخرج لتعود أباها إذا مرض، أو أمها، أو أحداً من أقاربها، فلها أن تخرج نهاراً لا ليلاً؛ ووجه التفريق بين الليل والنهار أن الناس في النهار في الخارج والأمن عليها أكثر، وبالليل الناس مختفون والخوف عليها أشد انتهى.
القول الثاني: أنه لا يجب عليها لزوم بيت زوجها بل تعتد حيث شاءت وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس، وجابر، وعائشة، وجابر بن زيد، والحسن، وعطاء وابن حزم انظر زاد المعاد (5\605). وحكاه البغوي عن أبي حنيفة، ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح
واستدلوا 1- عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ العِدَّةُ، تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ [ص:30] فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 240] فَالعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] قَالَ عَطَاءٌ: " إِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ} [البقرة: 234] " قَالَ عَطَاءٌ: «ثُمَّ جَاءَ المِيرَاثُ، فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا» وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا، وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] " نَحْوَه رواه البخاري في صحيحه (4531)
2- قال عَبْدُ الرَّزَّاقِ في المصنف (12051)، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَمْ يَقُلْ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا، تَعَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ ".
3-عَنْ عَلِيٍّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِنْ شَاءَتْ». رواه الدارقطني (3852) وقال  لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ أَبِي مَالِكٍ النَّخَعِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ , وَمَحْبُوبٌ ضَعِيفٌ أَيْضًا
4- أنه قد قتل من الصحابة - رضي الله عنهم - على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - خلق كثير، واعتدَّ أزواجهم بعدهم، فلو كان كل امرأة منهن تلازم منزلها زمن العدة، لكان ذلك من أظهر الأشياء، ولما خفي على من هو دون ابن عباس وعائشة وجابر وعليًّ، فكيف خفي عليهم.
سادسا -  المطلقة الرجعية إذا مات أحد الزوجين أثناء العدة ورثه الثاني  ، بخلاف البائنة فإنه لا توارث بينهما 0
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل ترث المرأة المطلقة التي توفي زوجها فجأة وكان قد طلقها وهي في فترة العدة أو بعد انقضاء العدة؟
فأجاب: "المرأة المطلقة إذا مات زوجها وهي في العدة فإما أن يكون الطلاق رجعياً أو غير رجعي.فإذا كان الطلاق رجعياً فهي في حكم الزوجة، وتنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة. والطلاق الرجعي هو أن تكون المرأة طلقت بعد الدخول بها بغير عوض، وكان الطلاق لأول مرة أو ثاني مرة، فإذا مات زوجها فإنها ترثه؛ لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) . وقوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبنية وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) فقد أمر الله سبحانه وتعالى الزوجة المطلقة أن تبقى في بيت زوجها في فترة العدة، وقال: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) يعني به الرجعة.أما إذا كانت المطلقة التي مات زوجها فجأة مطلقة طلاقا بائناً مثل أن يكون الطلقة الثالثة، أو أعطت الزوج عوضا ليطلقها، أو كانت في عدة فسخ لا عدة طلاق فإنها لا ترث ولا تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة.ولكن هناك حالة ترث فيها المطلقة طلاقا بائنا مثل إذا طلقها الزوج في مرض موته متهماً بقصد حرمانها، فإنها في هذه الحالة ترث منه ولو انتهت العدة ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا إرث لها " انظر "فتاوى إسلامية" (3/53) .
7- لا تطالب المرأة بمؤخر صداقها إلا إذا انقضت عدتها في حال الطلاق الرجعي ، بينما لها حق المطالبة مباشرة في حق الطلاق البائن 0 انظر تمام المنة لشيخنا العزازي  (3\229)
8- لا يجوز للزوج أن يتزوج ممن يحرم عليه الجمع بينهن وبين زوجته طالما أنها في العدة 0 فلا يجوز له أن يتزوج أختها أو عمتها أو خالتها حتى تنقضي العدة سواء كانت المطلقة رجعية أو بائنة 0 انظر تمام المنة لشيخنا العزازي  (3\229)
9- المطلقة بينونة صغرى بعوض ونقصد بها في هذا الباب المختلعة التي طلقت على عوض لا يثبت لها حق من الحقوق ، فليس عليها عدة بل تستبرأ بحيضة ، وليس لها نفقة ، ولا سكنى ، ولا توارث بينها وبين زوجها ، ويجب عليها أن تحتجب عنه ، ولا يجوز له مراجعتها إلا بعقد ومهر جديدين وبرضاها 0 وكذلك من البينونة الصغرى المطلقة قبل الدخول فليس عليها عدة ، ولا نفقة لها ، ولا سكنى ، ولا توارث ، ويجوز للزوج – إن لم يكن طلقها آخر ثلاث تطليقات – ولغيره أن يخطبها وأن يعقد عليها 0 انظر تمام المنة لشيخنا (3 \230)
10 - إِذَا تَزَوَّجَ مُعْتَدَّةً، وَهُمَا عَالِمَانِ بِالْعِدَّةِ، وَتَحْرِيمِ النِّكَاحِ فِيهَا، وَوَطِئَهَا، فَهُمَا زَانِيَانِ، عَلَيْهِمَا حَدُّ الزِّنَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَلَا يَلْحَقُهُ النَّسَبُ. وَإِنْ كَانَا جَاهِلِينَ بِالْعِدَّةِ، أَوْ بِالتَّحْرِيمِ، ثَبَتَ النَّسَبُ، وَانْتَفَى الْحَدُّ، وَوَجَبَ الْمَهْرُ. وَإِنْ عَلِمَ هُوَ دُونَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَلَا نَسَبَ لَهُ. وَإِنْ عَلِمَتْ هِيَ دُونَهُ، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِهِ. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا نِكَاحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى بُطْلَانِهِ، فَأَشْبَهَ نِكَاحَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ.انظر المغني (8\127)
---متعة المطلَّقات:
تعريف المتعة: مال يدفعه الزوج لمطلَّقته قال الطبري رحمه الله : وقد يكون هذا المال ثيابًا أو كسوة أو نفقة أو خادمًا أو غير ذلك مما يستمتع به، انظر الطبري (5\262)
أما عن مقدارها فقد قال تعالى : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: 236]
قال الطبري رحمه الله في لتفسير (5\120)
أي  وأعطوهن ما يتمتعن به من أموالكم، على أقداركم ومنازلكم من الغنى والإقتار انتهى
اختلف أهل العلم في حكم المتعة على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : تجب المتعة لكل مطلقة مدخولاً بها كانت أو غير مدخول بها،سواء كان سمى لها صداقا أم لم يسم  هذا قول على بن أبى طالب رضي الله عنه والزهري وسعيد بن جبير وعطاء وإبراهيم النخعي وأبو قلابة والثوري والحسن واختاره ابن تيمية ورجحه ابن عثيمين  انظر الشرح الممتع (12\308) وتمام المنة لشيخنا العزازي (3\229) وهو مذهب ابن حزم وابن حجر ورجحه شيخنا مصطفى العدوي قالوا لعموم الآيات الآمرة بها 0 قال تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّا عَلَى المُتَقِينَ) [البقرة: 241] وقال تعالى : {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ }[البقرة: 236]
القول الثاني : تستحب المتعة لكل مطلقة ولا تجب : هذا قول ابن أبى ليلى، وأبى الزناد، وربيعة، وهو قول مالك، والليث، وابن أبى سلمة. انظر شرح البخاري لابن بطال (7\523)
القول الثالث : المتعة واجبة للمطلقة التى لم يدخل بها ولم يسم لها صداقًا، روى ذلك عن ابن عباس، وابن عمر، وهو قول عطاء، والشعبى، والنخعى، والزهرى، وبه قال الكوفيون،- ابو حنيفة- انظر شرح البخاري لابن بطال (7\523)  واحتجوا : عن مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلاَّ الَّتِي تُطَلَّقُ، وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ ، وَلَمْ تُمْسَسْ، فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا رواه مالك في الموطأ وإسناده صحيح (2121)  واحتجوا: أيضا بقوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) الْبَقَرَةِ 237 قالوا إن الله عز وجل لم يذكر للمفروض لها التي طلقت قبل المسيس المتعة ويرد على هؤلاء عموم الآيات السابقة 0
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (3\10)
الْمُتْعَةُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُطَلِّقٍ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - أَوْ آخَرَ ثَلَاثٍ - وَطِئَهَا أَوْ لَمْ يَطَأْهَا - فَرَضَ لَهَا صَدَاقَهَا أَوْ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا شَيْئًا -: أَنْ يُمَتِّعَهَا، وَكَذَلِكَ الْمُفْتَدِيَةُ أَيْضًا وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ.وَلَا مُتْعَةَ عَلَى مَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ مِنْهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا يُسْقِطُ التَّمَتُّعَ عَنْ الْمُطَلِّقِ مُرَاجَعَتُهُ إيَّاهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا مَوْتُهَا -.وَالْمُتْعَةُ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ يَضْرِبُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ تَعَاسَرَ فِي الْمُتْعَةِ قَضَى عَلَى الْمُوسِرِ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ عَظِيمَ الْيَسَارِ أَوْ زَادَ فَضْلَةٌ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ خَادِمٌ يَسْتَقِلُّ بِالْخِدْمَةِ. وَعَلَى مَنْ لَا فَضْلَةَ عِنْدَهُ عَنْ قُوتِ أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا بِالْعِرَاقِيِّ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ الزَّكَاةِ ".وَيَقْضِي عَلَى الْمُقِلِّ وَلَوْ بِمُدٍّ أَوْ بِدِرْهَمٍ - عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241] فَعَمَّ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ مُطَلَّقَةٍ وَلَمْ يَخُصَّ وَأَوْجَبَهُ لَهَا عَلَى كُلِّ مُتَّقٍ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى.انتهى
--- الإحداد
الإِْحْدَادُ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَمِنْهُ: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنِ الزِّينَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا إِظْهَارًا لِلْحُزْنِ وَالأَْسَفِ.
وفي الشرع :قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (13\321) كِتَابُ الْعِدَدِ هذا الكتاب من أهم أبواب الفقه؛ لأنه ينبني عليه مسائل كثيرة من المواريث، وصحة النكاح وغير ذلك قوله: «العِدَدَ» جمع عِدَّة بكسر العين، وهو في اللغة مأخوذ من العدد يعني من واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة ... إلى آخره.وفي الشرع: تربص محدود شرعاً بسبب فرقة نكاح، وما ألحق به.فقولنا: «تربص» يعني انتظار، مأخوذ من قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] ، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] .وقولنا: «محدود شرعاً» أي: من قبل الشرع.وقولنا: «بسبب فرقة نكاح، وما ألحق به» كوطء الشبهة مثلاً، فالمرأة إذا وطئت بشبهة عليها أن تعتد، مع أنه ليس ذلك من نكاح، لكنه ملحق به.أما حكم العدة فواجب؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} قال أهل العلم: إن هذا خبر بمعنى الأمر، وإنما جاء بصيغة الخبر لإقراره وتثبيته، كأنه أمر مفروغ منه، وكذلك قوله: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] انتهى
--- ذهب أكثر أهل العلم إلى وجوب إحداد المرأة على زوجها  والدليل : قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ، خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رواه البخاري (5334) ومسلم (1486)
1- قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (10\112)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزوجة الأمة وأجمعوا على أنه لا احداد عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ ومالك والليث والشافعى وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا وَقَالَ الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَا احداد عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ فَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتُفِيدَ وُجُوبُ الْإِحْدَادِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْكُحْلِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمَنْعِهَا مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَالْمُرَادُ بِهِ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلُّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ لَيْلَةُ الْحَادِي عَشَرَ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ عِنْدَنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ خَرَجَ عَلَى غَالِبِ الْمُعْتَدَّاتِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ قَصُرَتِ الْمُدَّةُ أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَادَ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُ) الْعُلَمَاءِ لَا يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَإِنْ لَمْ تَضَعِ الْحَمْلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ دُونَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الزِّينَةَ وَالطِّيبَ يَدْعُوَانِ إِلَى النِّكَاحِ وَيُوقِعَانِ فِيهِ فَنُهِيَتْ عَنْهُ لِيَكُونَ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ زَاجِرًا عَنِ النِّكَاحِ لِكَوْنِ الزَّوْجِ مَيِّتًا لَا يَمْنَعُ مُعْتَدَّتَهُ مِنَ النِّكَاحِ وَلَا يُرَاعِيهِ نَاكِحُهَا وَلَا يَخَافُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُطَلِّقِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِوُجُودِهِ عَنْ زَاجِرٍ آخَرَ وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَجَبَتِ الْعِدَّةُ عَلَى كُلِّ مُتَوَفَّى عَنْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَاسْتُظْهِرَ لِلْمَيِّتِ بِوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَجُعِلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ فِيهَا يُنْفَخُ الرُّوحُ فِي الْوَلَدِ إِنْ كَانَ وَالْعَشْرُ احْتِيَاطًا وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَتَحَرَّكُ الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ قَالُوا وَلَمْ يُوَكَّلْ ذَلِكَ إِلَى أَمَانَةِ النِّسَاءِ وَيُجْعَلْ بِالْأَقْرَاءِ كَالطَّلَاقِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ لِلْمَيِّتِ وَلَمَّا كَانَتِ الصَّغِيرَةُ مِنَ الزَّوْجَاتِ نَادِرَةً أُلْحِقَتْ بِالْغَالِبِ فِي حُكْمِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَالْإِحْدَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
2- قال ابن حجر في فتح الباري (3\146)
وَأَبَاحَ الشَّارِعُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِمَا يَغْلِبُ مِنْ لَوْعَةِ الْحُزْنِ وَيَهْجُمُ مِنْ أَلَمِ الْوَجْدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَاجِبًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ طَالَبَهَا بِالْجِمَاعِ لَمْ يَحِلَّ لَهَا مَنْعُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ انتهى
3- لا إحداد على غير الزوجات لنص الحديث فلا تحد المرأة الموطوءة بشبهة ، لأنها ليست زوجة ، ولا المزني بها ، لأنها ليست بزوجة ولا المخطوبة
4-تَحْرِيمُ إحْدَادِ الْمَرْأَةِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى أَيِّ مَيِّتٍ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَجَوَازُهُ ثَلَاثًا عَلَيْهِ.وَعَلَى الزَّوْجِ فَقَطْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى أَبِيهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَعَلَى مَنْ سِوَاهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَلَوْ صَحَّ كَانَ مُخَصِّصًا لِلْأَبِ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ لَا يَقْوَى عَلَى التَّخْصِيصِ. انظر سبل السلام (2\291)
--- ما يجب على الحادة اجتنابه :
 1- الكحل :
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ نَكْتَحِلَ وَلاَ نَتَطَيَّبَ وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ»، رواه البخاري (313) ومسلم (938)
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهَا لَا لَيْلًا، وَلَا نَهَارًا وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ «أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَخَافُوا عَلَى عَيْنِهَا فَأَتَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ فَمَا أَذِنَ فِيهِ بَلْ قَالَ لَا مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا» . وَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كمالك، وأحمد، وأبي حنيفة، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ فَقَالُوا: إِنِ اضْطُرَّتْ إِلَى الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ تَدَاوَيًا لَا زِينَةً فَلَهَا أَنْ تَكْتَحِلَ بِهِ لَيْلًا وَتَمْسَحَهُ نَهَارًا،انظر زاد المعاد (5\624)
قلت : الصحيح قول الجمهور والدليل : عن أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ أَسِيدٍ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّ زَوْجَهَا، تُوُفِّيَ وَكَانَتْ تَشْتَكِي عَيْنَيْهَا فَتَكْتَحِلُ بِالْجِلَاءِ، - قَالَ أَحْمَدُ: الصَّوَابُ بِكُحْلِ الْجِلَاءِ - فَأَرْسَلَتْ مَوْلَاةً لَهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَتْهَا عَنْ كُحْلِ الْجِلَاءِ؟، فَقَالَتْ: لَا تَكْتَحِلِي بِهِ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ يَشْتَدُّ عَلَيْكِ، فَتَكْتَحِلِينَ بِاللَّيْلِ، وَتَمْسَحِينَهُ بِالنَّهَارِ، ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ  أَبُو سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنِي صَبْرًا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟» فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، قَالَ: «إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَتَنْزَعِينَهُ بِالنَّهَارِ، رواه أبوداود (2305) وضعفه الالباني قلت: بل الصحيح أنه حديث حسن قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (1118) إسناده حسن.وقال الصنعاني في سبل السلام (2\292)  قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَفِي سَنَدِهِ غَرَابَةٌ قَالَ وَلَكِنْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ، وَهُوَ مِمَّا يَتَقَوَّى بِهِ الْحَدِيثُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا وقال ابن القيم في زاد المعاد (5/ 624): وَذَكَرَ أبو عمر فِي " التَّمْهِيدِ " لَهُ طُرُقًا يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيَكْفِي احْتِجَاجُ مالك بِهِ، وَأَدْخَلَهُ أَهْلُ السُّنَنِ فِي كُتُبِهِمْ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْأَئِمَّةُ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا،
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (10\114)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْتَحِلْ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الِاكْتِحَالِ عَلَى الْحَادَّةِ سَوَاءٌ احْتَاجَتْ إِلَيْهِ أَمْ لَا وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَيْهِ لَا يَحِلُّ لَهَا وَإِنْ احْتَاجَتْ لَمْ يَجُزْ بِالنَّهَارِ وَيَجُوزُ بِاللَّيْلِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَإِنَّ فَعَلَتْهُ مَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ فَحَدِيثُ الْإِذْنِ فِيهِ لِبَيَانِ أَنَّهُ بِاللَّيْلِ لِلْحَاجَةِ غَيْرُ حَرَامٍ وحَدِيثُ النَّهْيِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْحَاجَةِ وَحَدِيثُ الَّتِي اشْتَكَتْ عَيْنُهَا فَنَهَاهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا انتهى
2- الطيب ؟
يحرم ذلك : لحديث أم عطية السابق
قال ابن القيم  رحمه الله (5\623)
  وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ، 000، وَيَدْخُلُ فِي الطِّيبِ الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَالْكَافُورُ وَالنَّدُّ وَالْغَالِيَةُ وَالزَّبَادُ وَالذَّرِيرَةُ وَالْبُخُورُ وَالْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ كَدُهْنِ الْبَانِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْمِيَاهِ الْمُعْتَصَرَةِ مِنَ الْأَدْهَانِ الطَّيِّبَةِ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الْقُرُنْفُلِ وَمَاءِ زَهْرِ النَّارَنْجِ، فَهَذَا كُلُّهُ طِيبٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الزَّيْتُ، وَلَا الشَّيْرَجُ، وَلَا السَّمْنُ، وَلَا تُمْنَعُ مِنَ الْأَدْهَانِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.انتهى
فائدة :
أ- حديث أم عطية السابق وفيه (وَلَا تَمَسَّ طَيِّبًا إِلَّا إِذَا طهرت نبذة قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ)  قال النووي رحمه الله : النُّبْذَةُ الْقِطْعَةُ وَالشَّيْءُ الْيَسِيرُ وَأَمَّا الْقُسْطُ فَبِضَمِّ الْقَافِ وَيُقَالُ فِيهِ كُسْتٌ بِكَافٍ مَضْمُومَةٍ بَدَلَ الْقَافِ وَبِتَاءٍ بَدَلَ الطَّاءِ  وَهُوَ وَالْأَظْفَارُ نَوْعَانِ مَعْرُوفَانِ مِنَ الْبَخُورِ وَلَيْسَا مِنْ مَقْصُودِ الطَّيِبِ رَخَّصَ فِيهِ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ تَتْبَعُ بِهِ أَثَرَ الدَّمِ لَا لِلتَّطَيُّبِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انظر شرح مسلم (10\119)
ب- وَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ الْمَنْدُوبِ إِلَى حَلْقِهِ، وَلَا مِنَ الِاغْتِسَالِ بِالسِّدْرِ وَالِامْتِشَاطِ بِهِ انظر زاد المعاد
ج-  ليست المحدَّة ممنوعة من مخاطبة الرجال الأجانب عند الحاجة إلى ذلك؛ فإنَّ الشارع لم ينه عنه، وما لم ينه عنه، فالأصل بقاؤه على العفو والإباحة.
3- الخضاب :
الخضاب : هو ما يُخضَب به من حنّاء ونحوه 0
يحرم عليها أن تختضب لحديث : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ رواه أبو داود (2304) وصححه الألباني
قال ابن القيم رحمه الله (5\623)
فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخِضَابُ وَالنَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ وَالْحُمْرَةُ وَالِاسْفِيدَاجُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى الْخِضَابِ مُنَبِّهًا بِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ زِينَةً مِنْهُ وَأَعْظَمُ فِتْنَةً وَأَشَدُّ مُضَادَّةً لِمَقْصُودِ الْإِحْدَادِ انتهى
قلت : وكذلك المكياج يحرم عليها التزين به
4- الْحُلِيّ
يحرم عليها ذلك لحديث أم سلمة السابق 0
قال النووي في شرح مسلم (10\ 118)
وَيَحْرُمُ حِلِيُّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ انتهى
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (13\405)
قوله: «وحلي» وهو معطوف على قوله: «من الزينة» يعني ومن الحلي، سواء كان في الأذنين، أو في الرأس، أو في الرقبة، أو في اليد، أو في الرجل، أو على الصدر، فالساعة ـ مثلاً ـ تمنع منها؛ لأن المرأة تتحلى بها، وعليه فإذا احتاجت إلى الساعة تجعلها في الجيب، أو كان في الأسنان فإنه لا يجوز أن تلبسه، فلو أرادت أن تتجمل بوضع سِنٍّ من الذهب، فلا يجوز. فإذا كان الحلي عليها حين موت الزوج هل تزيله أو نقول: إن الاستدامة أقوى من الابتداء؟ نقول: تخلعه، وكذلك السن إذا كان يمكن خلعه، ولكن الغالب أنه ما يمكن خلعه، فإنها لا تخلعه لكن تحرص على أن لا يبين.فإن كان الحلي من غير الذهب والفضة، كما لو كان من الزمرد، أو اللؤلؤ، أو الماس فإنه مثل الذهب والفضة، بل قد يكون أعظم انتهى
5- الثياب الْمَصْبُوغَة والْمُعَصْفَرة وَالْمُمَشَّقَة
يحرم عليها ذلك لحديث أم سلمة السابق
معنى  مصبوغا : صبغ الشيء هو تلوينه، والمراد هنا: صبغه وتلوينه بالعصفر، وكذلك الألوان الحسنة التي تتخذ للزينة.
قال ابن القيم في زاد المعاد (5\ 626)
فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا نَهَاهَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْهُ وَمَا هُوَ مِثْلُهُ.، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ": «وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» "، وَهَذَا يَعُمُّ الْمُعَصْفَرَ وَالْمُزَعْفَرَ وَسَائِرَ الْمَصْبُوغِ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ الصَّافِي وَكُلَّ مَا يُصْبَغُ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ.
وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ ( «، وَلَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ» ) وَهَهُنَا نَوْعَانِ آخَرَانِ.أَحَدُهُمَا: مَأْذُونٌ فِيهِ، وَهُوَ مَا نُسِجَ مِنَ الثِّيَابِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ صَبْغٌ مِنْ خَزٍّ، أَوْ قَزٍّ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ كَتَّانٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ، أَوْ شَعَرٍ، أَوْ صَبْغٍ غَزَلَهُ وَنُسِجَ مَعَ غَيْرِهِ كَالْبُرُودِ.
وَالثَّانِي: مَا لَا يُرَادُ بِصَبْغِهِ الزِّينَةُ مِثْلَ السَّوَادِ وَمَا صُبِغَ لِتَقْبِيحٍ، أَوْ لِيَسْتُرَ الْوَسَخَ، فَهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْهُ.قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الثِّيَابِ زِينَتَانِ. إِحْدَاهُمَا: جَمَالُ الثِّيَابِ عَلَى اللَّابِسِينَ وَالسُّتْرَةُ لِلْعَوْرَةِ. فَالثِّيَابُ زِينَةٌ لِمَنْ يَلْبَسُهَا، وَإِنَّمَا نُهِيَتِ الْحَادَّةُ عَنْ زِينَةِ بَدَنِهَا وَلَمْ تُنْهَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهَا، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنَ الْبَيَاضِ؛ لِأَنَّ
الْبَيَاضَ لَيْسَ بِمُزَيِّنٍ، وَكَذَلِكَ الصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَكُلُّ مَا يُنْسَجُ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ صَبْغٌ مِنْ خَزٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ صَبْغٍ لَمْ يُرَدْ بِهِ تَزْيِينُ الثَّوْبِ مِثْلَ السَّوَادِ وَمَا صُبِغَ لِتَقْبِيحِهِ، أَوْ لِنَفْيِ الْوَسَخِ عَنْهُ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِينَةٍ، أَوْ وَشْيٍ فِي ثَوْبِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا تَلْبَسُهُ الْحَادَّةُ وَذَلِكَ لِكُلِّ حُرَّةٍ، أَوْ أَمَةٍ كَبِيرَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ مُسْلِمَةٍ، أَوْ ذِمِّيَّةٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ أبو عمر: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ مالك، وَقَالَ أبو حنيفة: لَا تَلْبَسُ ثَوْبَ عَصَبٍ، وَلَا خَزٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْبُوغًا إِذَا أَرَادَتْ بِهِ الزِّينَةَ، وَإِنْ لَمْ تُرِدْ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ الزِّينَةَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَهُ.انتهى
فائدة :
ما معني وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ متفق عليه سبق تخريجه
قال النووي رحمه الله : الْعَصْبُ بِعَيْنٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ صَادٍ سَاكِنَةٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ بُرُودُ الْيَمَنِ يُعْصَبُ غَزْلُهَا ثُمَّ يُصْبَغُ مَعْصُوبًا ثُمَّ تُنْسَجُ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ جَمِيعِ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ لِلزِّينَةِ إِلَّا ثَوْبَ الْعَصْبِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحَادَّةِ لُبْسُ الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ وَالْمُصَبَّغَةِ إِلَّا مَا صُبِغَ بِسَوَادٍ فَرَخَّصَ بِالْمَصْبُوغِ بِالسَّوَادِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَكَرِهَهُ الزُّهْرِيُّ وَكَرِهَ عُرْوَةُ الْعَصَبَ وَأَجَازَهُ الزُّهْرِيُّ وَأَجَازَ مَالِكٌ غَلِيظَهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا تَحْرِيمُهُ مُطْلَقًا وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لمن أجازه قال بن الْمُنْذِرِ رَخَّصَ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ فِي الثِّيَابِ الْبِيضِ وَمَنَعَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ جَيِّدَ الْبِيضِ الَّذِي يُتَزَيَّنُ بِهِ وَكَذَلِكَ جَيِّدُ السَّوَادِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجُوزُ كُلُّ مَا صُبِغَ وَلَا تُقْصَدُ مِنْهُ الزِّينَةُ وَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْحَرِيرِ فِي الْأَصَحِّ انتهى
فائدة  :
1- قال شيخنا عادل العزازي اعتاد النساء أن يلبسن السواد في الحداد ، ولا دليل على إلزامها بالسواد إلا في الثلاثة الأيام الأولى فقط من وفاة زوجها ، ولها بعد ذلك أن تلبس الثياب المأذون لها فيها ، وتجتنب الثياب المنهي عنها طوال مدة الإحداد 0 وذلك لما ثبت في الحديث عَنِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تَسَلَّبِي ثَلَاثًا ثُمَّ اصْنَعِي مَا شِئْتِ» رواه أحمد (27468) وصححه الألباني في الصحيحة (3226) ومعنى تسلبي البسي ثوب السلاب وهو الحداد ، وقيل : هو ثوب أسود تغطى به المحدة رأسها انظر تمام المنة
2- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (13\407) قوله: «ولا نقاب» أي: ما يحرم عليها النقاب؛ لأن النقاب ليس زينة، وإنما هو لباس عادي، كالقفازين.ونص المؤلف على نفيه؛ لأن بعض أهل العلم ـ رحمهم الله ـ يقولون: إنها لا تنتقب، قياساً على المحرمة، وهذا القياس ليس بصحيح؛ لأنه ليس هناك علة جامعة بينهما، ولذلك يحرم على المحرمة ما لا يحرم على المحادة، ويحرم على المحادة ما لا يحرم على المحرمة، فالمرأة المحرمة لها أن تتحلى، ولها أن تكتحل، ولها أن تلبس ثياباً جميلة، إذا لم يكن أَمامَ الرجال، وما أشبه ذلك، والمحادة ليس لها ذلك، كما أن المحادة يجوز لها أن تقص أظفارها، وأن تتنظف، وأن تقص الشعر المأمور بإزالته، وما أشبه ذلك، والمحرمة لا تفعل ذلك، فالمهم أن هذا قياس مع الفارق العظيم.
أما البرقع فإنه ليس مثل النقاب؛ لأن البرقع يعتبر من التجمل؛ لأنه أجمل من النقاب، فالنقاب هو الغطاء، يُنْقَب للعين فقط، لكن البرقع يزخرف ويحسن ويوشى بالتلوين، فهو من باب الجمال.انتهى
3- قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (13\413)
قوله: «وإن تركت الإحداد أثمت» يعني إن تركت ما يلزمها من الإحداد، مثل أن تتطيب، أو تتحسن، أو تلبس الحلي، أو الزينة، فإنها تأثم؛ لأنها تركت الواجب وقوله: «أثمت» أي: استحقت ذلك، ولا يلزم أن يصيبها الإثم كتعبير بعضهم الواجب ما أثيب فاعله وعوقب تاركه، يريدون بذلك أنه استحق أن يعاقب، ولكن ليس بلازم؛ لجواز أن يعفو الله عنه؛ لأن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وهل لهذا الإثم من دواء؟ نعم دواؤه التوبة إلى الله عزّ وجل، أن تندم على ما مضى، وأن تعزم على أن لا تعود في المستقبل.
قوله: «وتمت عدتها بمضي زمانها» لأن الإحداد ليس بشرط لها، وإنما هو واجب، ولهذا لو أنها تركت الإحداد فإنها تنتهي العدة إذا مضى زمانها.
4- قال ابن حزم رحمه الله : إنْ غُسِلَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ أَثَرُ صِبَاغٍ فَلَيْسَ مَصْبُوغًا: فَلَهَا لِبَاسُهُ.انظر المحلى (10\ 70)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق