السبت، 12 نوفمبر 2016

باب الصيام الجزء الأول عمرو العدوي أبو حبيبة



عمرو العدوي ابو حبيبة
الصيام ؟
الصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ: الْإِمْسَاكُ، يُقَالُ: صَامَ النَّهَارُ. إذَا وَقَفَ سَيْرُ الشَّمْسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ مَرْيَمَ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] . أَيْ صَمْتًا؛ لِأَنَّهُ إمْسَاكٌ عَنْ الْكَلَامِ انظر المغني (3/104)
وَفِي الشَّرِيعَةِ: عِبَارَةٌ عَنْ إمْسَاكٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ قَضَاءِ الشَّهْوَتَيْنِ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَشَهْوَةِ الْفَرْجِ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا طَاهِرًا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَفِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ مَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ فَالِاسْمُ شَرْعِيٌّ فِيهِ مَعْنَى اللُّغَة انظر المبسوط (3/54) فائدة : هل يجوز النذر بالمنع عن المباحات مثل ما فعلت مريم ؟ كأن ينذر أنه لا يتكلم أو يمشي مسافة شاقة عليه ولا يركب ولا يستظل الجواب لا يجوز ذلك فأن قال قائل : كيف تقول لا يجوز والله عز وجل هو الذي أمرها أن تنذر ألا تتكلم والله لا يأمر ألا بخير الجواب أن هذا شرع من قبلنا وقد تنازع العلماء في ذلك على قولين القول الأول : شرع ما قبلنا ليس شرع لنا وهو روايه عن أحمد ومذهب ابن حزم القول الثاني : شَرْع مَنْ قَبْلَنَا شرع لنا مَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِخِلَافِهِ وهو مذهب أكثر أهل العلم انظر مجموع الفتاوى (1/258) وعلى كلا القولين لا يجوز لأنه أن لم يكن شرع لنا فلا نعمل به وان كان على القول الثاني فقد جاء في شرعنا ما يبطله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ، وَلاَ يَسْتَظِلَّ، وَلاَ يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» رواه البخاري (6704)  
 فضيلة الصوم :
عن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ "«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ»
" لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ رواه البخاري (1904) ومسلم (1151)
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ فَرِحَ بِزَوَالِ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ وَهَذَا الْفَرَحُ طَبِيعِيٌّ وَهُوَ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَقِيلَ إِنَّ فَرَحَهُ بِفِطْرِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَمَامُ صَوْمِهِ وَخَاتِمَةُ عِبَادَتِهِ وَتَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّهِ وَمَعُونَةٌ عَلَى مُسْتَقْبَلِ صَوْمِهِ قُلْتُ وَلَا مَانِعَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ فَفَرَحُ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ لِاخْتِلَافِ مَقَامَاتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فَرَحُهُ مُبَاحًا وَهُوَ الطَّبِيعِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَهُوَ مَنْ يَكُونُ سَبَبَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ أَيْ بِجَزَائِهِ وَثَوَابِهِ وَقِيلَ الْفَرَحُ الَّذِي عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ إِمَّا لِسُرُورِهِ بِرَبِّهِ أَوْ بِثَوَابِ رَبِّهِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ قُلْتُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ إِذْ لَا يَنْحَصِرُ الْأَوَّلُ فِي الصَّوْمِ بَلْ يَفْرَحُ حِينَئِذٍ بِقَبُولِ صَوْمِهِ وترتب الْجَزَاء الوافر عَلَيْهِ انظر فتح الباري (4/118) وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا رواه البخاري (2840) ومسلم (1153) وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي  فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ "، قَالَ: " فَيُشَفَّعَان رواه أحمد (6626) قلت : حديث حسن وصححه الحاكم والذهبي وأحمد شاكر انظر مسند أحمد ت شاكر حديث رقم (6626) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (973) وحسنه في تمام المنة (394)
والأحاديث في فضل الصيام كثيرة 0
!!! ما معنى حديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ، رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ» رواه البخاري (1912) ومسلم (1089)
قال النووي في شرح مسلم (7/199)
قوله صلى الله عليه وسلم (شهرا عيد لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ) الْأَصَحُّ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُمَا وَالثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ نَقَصَ عَدَدُهُمَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَنْقُصَانِ جَمِيعًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ غَالِبًا وَقِيلَ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُ ذِي الْحِجَّةِ عَنْ ثَوَابِ رَمَضَانَ لِأَنَّ فِيهِ الْمَنَاسِكَ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَقَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَغَيْرَ ذَلِكَ فَكُلُّ هَذِهِ الْفَضَائِلِ تَحْصُلُ سَوَاءٌ تَمَّ عَدَدُ رَمَضَانَ أم نقص والله أعلم
 الترهيب من إفطار شيء من رمضان :
عن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ،رواه ابن خزيمه (1986) حديث صحيح صححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني والأعظمي والأرنؤوط معنى – ضبعي- وسط الذراع ، ويقال للإبط ضبع للمجاورة ، ومعنى عواء أي صراخ – بعراقيبهم- جمع عرقوب وهو الوتر الذي خلف الكعبين – أشداقهم- جوانب الفم ومعنى قبل تحلة صومهم أي قبل أن يحل لهم ما حرم عليهم بسببه والمراد أنهم يفطرون قبل تمام صومهم
قال الألباني هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمداً قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلاً؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة"،السلسلة الصحيحة (7\1672)
أقسامه :
الصوم قسمان : واجب ونفل0
أولا : صوم الواجب ، وهو ثلاثة أقسام :
1- صوم رمضان
2- صوم الكفارات والقضاء 0
3- صوم النذر0
ثانيا : صوم التطوع 0
والكلام هنا ينحصر في صوم رمضان ، وفي صوم التطوع ، أما بقية الأقسام ، فتأتي في مواضعها إن شاء الله
 صوم رمضان ؟
حكمه :  قال ابن قدامة في المغني (3/104) وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَاجِبٌ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] إلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] . وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» . ذَكَرَ مِنْهَا صَوْمَ رَمَضَانَ، وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصِّيَامِ؟ قَالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الزَّكَاةِ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ. قَالَ: وَاَلَّذِي أَكْرَمَك لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إنْ صَدَقَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ انتهى
!!!  أجمع العلماء على أن الصوم ركن من أركان الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة بحيث يكفر مُنكره، وأنه لا يسقط عن المكلف إلا بعذر من الأعذار الشرعية المعتبرة  التي يأتي ذكرها
!!! سئل ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: عن الحكمة من إيجاب الصوم ؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا قرأنا قول الله عز وجل: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم، وهي التقوى والتعبد لله سبحانه وتعالى، والتقوى هي ترك المحارم، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك المحظور، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه» . وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب الناس ولا يكذب، ولا ينم بينهم، ولا يبيع بيعاً محرماً. ويجتنب جميع المحرمات، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام. ولكن المؤسف أن كثيراً من الصائمين لا يفرقون بين يوم صومهم ويوم فطرهم، فهم على العادة التي هم عليها من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم، وهذه الأفعال لا تبطل الصوم، ولكن تنقص من أجره، وربما عند المعادلة ترجح على أجر الصوم فيضيع ثوابه انظر مجموع فتاوى (19/14)
!!! هل ورد عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاء خاص يقوله من رأى الهلال؟ وهل يجوز لمن سمع خبر الهلال أن يدعو به ولو لم ير الهلال؟ قال ابن عثيمين : نعم يقول: الله أكبر، اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحبه وترضاه، ربي وربك الله، هلال خير ورشد، فقد جاء في ذلك حديثان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهما مقال قليل.وظاهر الحديث أنه لا يدعى بهذا الدعاء إلا حين رؤية الهلال، أما من سمع به ولم يره فإنه لا يشرع له أن يقول ذلك.انظر مجموع فتاوى (19/38) قلت : ثبت بلفظ بِلَالُ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ»
رواه الترمذي (3451) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وصححه الألباني أما رواية والتوفيق لما تحبه وترضاه رواه ابن حبان (2374) قال الألباني : وبالجملة؛ فهذه طرق كثيرة يثبت بها أنه عليه السلام كان يدعو إذا رأى الهلال، وأما بماذا كان يدعو؟ فهذا مما اختلفت فيه الأحاديث؛ على ما في أسانيدها من ضعف كما علمت، والذي تطمئن إليه النفس وينشرح له الصدر ثبوت الدعاء عنه عليه السلام بـ: (اللهم! أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال خير ورشد) ؛ لورود ذلك في عدة طرق، وأما بقية الأدعية فشاذة منكرة؛ لم يأت ما يدعمها ويأخذ بعضدها، فالأولى الاكتفاء بهذا القدر من الدعاء، والله سبحانه وتعالى أعلم. انظر الضعيفة (8/ 9)
!!! هل من أفطر في رمضان عمدا لغير عذر شرعي كافر :
 قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين  ؟
.القول الأول :قالوا : بكفره  روى ذلك عن الحكم بن عتيبة ورواية عن أحمد - وعبد الملك بن حبيب المالكي وهو قول أبي بكر الحميدي  ينظرفتح الباري لابن رجب (1\24)
ودليلهم : عن ابن عباس عن النبي صل الله عليه وسلم قال : عُرَى الْإِسْلَامِ، وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ: مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالصَّلَاةُ، المكتوبة وَصَوْمُ رَمَضَانَ رواه أبو يعلى في " مسنده " (ق 126 / 2) قلت : حديث ضعيف ضعفه الألباني في الضعيفة (94) وضعفه حسين سليم أسد في مسند أبي يعلى0
القول الثاني : ذهب أكثر أهل العلم مِنْهم الحنفية والمالكية والشافعية  وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَد ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (7\610)  واختاره ابن تيمية ورجحه ابن باز وابن عثيمين والألباني وشيخنا مصطفى العدوي قالوا : من أفطر في رمضان عمدا لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر، ولا يكفر بذلك ودليلهم 1-:قالوا :  تارك الصيام تهاوناً وتكاسلاً ليس بكافر، وذلك لأن الأصل بقاء الإنسان على إسلامه حتى يقوم دليل على أنه خارج من الإسلام، ولم يقم دليل على أن تارك الصيام خارج من الإسلام إذا كان تركه إياه تكاسلاً وتهاوناً.ينظر  مجموع فتاوى لابن عثيمين (19\13)
2- قالوا : ويدل على عدم كفره أن تارك الزكاة والزكاة أكد من الصيام لا يكفر لما في صحيح مسلم (987) من حديث أبي هريرة أن النبي صَل اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في تارك الزكاة ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ولو كان كافرا لم ير سبيله إلى الجنة  
قال : ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (15\ 331)
!!! من أفطر في رمضان عمدا لغير عذر شرعي فقد أتى كبيرة من الكبائر، ولا يكفر بذلك في أصح أقوال العلماء، وعليه التوبة إلى الله سبحانه مع القضاء. والأدلة كثيرة تدل على أن ترك الصيام ليس كفرا أكبر إذا لم يجحد الوجوب وإنما أفطر تساهلا وكسلا.
!!! هل يجوز أن أقول رمضان بدون شهر :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُولُوا رَمَضَانُ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ رواه البيهقي في الكبرى (7904) قال الألباني في الضعيفة (6768)باطل.
وقال ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/187) :" هذا حديث موضوع لا أصل له قلت : والدليل أن قول : رمضان بدون شهر يجوز فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه البخاري (3277) ومسلم (1079)  قال النووي في شرح مسلم (7/187) عن هذا الحديث  فِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ قَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُقَالُ رَمَضَانُ عَلَى انْفِرَادِهِ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ شَهْرُ رَمَضَانَ هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غيره الا بقيد وقال أكثر أصحابنا وبن الْبَاقِلَّانِيِّ إِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى الشَّهْرِ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ قَالُوا فَيُقَالُ صُمْنَا رَمَضَانَ قُمْنَا رَمَضَانَ وَرَمَضَانُ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ وَيُنْدَبُ طَلَبُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي هَذَا كُلِّهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ جَاءَ رَمَضَانُ وَدَخَلَ وَحَضَرَ رَمَضَانُ وَأُحِبُّ رَمَضَانَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ بِقَرِينَةٍ وَبِغَيْرِ قَرِينَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبَانِ الْأَوَّلَانِ فَاسِدَانِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِنَهْيِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بصحيح ولم يصح في شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ كَرَاهَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ عَلَى الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
!!! ما حكم قول : رمضان كريم قلت : منع ذلك العلامة ابن عثيمين قلت : بل يجوز ذلك ففي فتاوى الشبكة الإسلامية (9/ 2056)
ـ[ما الحكم في مقولة رمضان كريم , وجزاكم الله خيرا]ـ
 [الفَتْوَى]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:فعبارة رمضان كريم من العبارات التي يكثر تداولها بين الناس في شهر رمضان وهي جملة خبرية، ولعل قائلها يقصد بها الدعاء فكأنه يدعو لغيره بأن يكون رمضان شهر كرم وبركة عليه، ويمكن أن يقصد بها الإخبار على حقيقته، ويكون معناها الإخبار عما يحصل من تفضل الله تعالى على عباده في هذا الشهر العظيم، وهذا في الأصل لا مانع منه ولا محذور فيه، لكن إذا كان قائلها معتقدا مشروعيتها في زمن معين فهذا داخل في تعريف البدعة الإضافية
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
أسمع كثير من الناس عند قدوم شهر رمضان يقولون هذه العبارات شهر رمضان المعظم رمضان كريم فيرد عليه الثاني الله أكرم مبارك عليك الشهر شهر رمضان المبارك أي العبارات هذه صحيحة وأيها غير صحيح وهل نأثم عند قولها
الجواب :
هذه عبارات لا بأس بها ؛ لأن شهر رمضان مُعظّم ، فقد عظّمه الله ، وأنْزَل فيه القرآن ، وجَعَل فيه ليلة القَدْر خير من ألف شهْر ، وجَعَل فيها فَصْل أرزاق العباد وآجالهم ، وجميع أمورهم في ذلك العام وتُنْسَخ مِن اللوح المحفوظ في ليلة القدر
وشهر رمضان كريم ، وليس مِن شَرْط كونه كَرِيمًا أن يكون يُعطِي ، بل لِفضله ، كما قال الله تعالى عن أهل الجنة : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا) .قال البغوي في تفسيره : قوله تعالى : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيما) ، أي : حَسَنًا ، وهو الجنة . اهـ . وقال الله تعالى عن المؤمنين : (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا) .قال ابن كثير : يعني : الجنة وما فيها مِن المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، والمناكح والملاذّ والمناظر ، وما لا عين رأت، ولا أذُن سَمِعَت، ولا خَطَر على قَلْب بَشَر . اهـ . وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) .قال ابن كثير : أي : مِن كُلّ زوج مِن النبات كريم ، أي : حَسَن الْمَنْظَر .وقال الشعبي: والناس - أيضًا - مِن نبات الأرض ؛ فَمَنْ دخل الجنة فهو كريم ، ومَنْ دخل النار فهو لئيم والشاهد من هذا أن وصْف الْكَرَم يُطْلِق على الأشياء المعنوية ، مثل : الْمُدْخَل ، وعلى الجمادات ، مثل : النباتات .. ويُطْلَق الْكَرَم بمعنى الْحُسْن . فعلى هذا لا مانع مِن قول " رمضان كريم " ، وإن منعها بعض مشايخنا رحمهم الله . وفي اللسان مادة " كَرَم " : ويُستعمل في الخيل والإبل والشجر وغيرها مِن الجواهر إذا عَنوا العِتْق ، وأَصله في الناس . قال ابن الأَعرابي : كَرَمُ الفرَس أن يَرِقَّ جلده ويَلِين شعره وتَطِيب رائحته . اهـ . والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
!!! فضل شهر رمضان وصيامه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رواه البخاري (37) ومسلم (759) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»رواه البخاري (1901) ومسلم (760)
قال ابن حجر في فتح الباري (4/115) وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الِاعْتِقَادُ بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ وَبِالِاحْتِسَابِ طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ احْتِسَابًا أَيْ عَزِيمَةً وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ انتهى
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَى الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقَى الدَّرَجَةَ الْأُولَى قَالَ: «آمِينَ» ، ثُمَّ رَقَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ: «آمِينَ» ، ثُمَّ رَقَى الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «آمِينَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْنَاكَ تَقُولُ: «آمِينَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: " لَمَّا رَقِيتُ الدَّرَجَةَ الْأُولَى جَاءَنِي جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ رَمَضَانَ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ "رواه البخاري في الأدب المفرد (644)
[قال الألباني] :  صحيح
!!! ورد في بعض الأحاديث أن الشياطين سُلْسِلَت في رمضان ومع ذلك نرى معاصي كثيرة فما تعليل ذلك 0
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ رواه البخاري (3277) ومسلم (1079) قلت : الصحيح هو ما قالوا ابن خزيمة وابن حبان قال ابن حبان ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِنَّمَا يُصَفِّدُ الشَّيَاطِينَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَدَتَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ انظر صحيح ابن حبان (8/221) ثم ذكر حديث سيأتي
وقال ابن خزيمة بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» مَرَدَةُ الْجِنِّ مِنْهُمْ، لَا جَمِيعَ الشَّيَاطِينِ «إِذِ اسْمُ الشَّيَاطِينِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ ثم ذكر حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ مَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ رواه ابن خزيمة (1883) حديث حسن قال الألباني: إسناده حسن للخلاف في أبو بكر بن عياش وقال الأرنؤوط إسناده قوي قال القرطبي في تفسيره (2/292) فَقَوْلُهُ (مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: (صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَسُلْسِلَتْ اهـ
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَدِ اسْتَرَابَ مُرِيبٌ فَقَالَ: نَرَى الْمَعَاصِيَ فِي رَمَضَانَ كَمَا هِيَ فِي غَيْرِهِ فَمَا هَذَا التَّصْفِيدُ؟ وَمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ؟ وَقَدْ كَذِبَ وَجَهِلَ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَةِ أَنْ تَكُونَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَدْ يَكُونُ مِنَ النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا، سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ وَسْوَسَتِهِ الَّتِي يَجِدُهَا الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ اتِّصَالُهَا بِالنَّفْسِ إِذْ قَدْ يَكُونُ مَعَ بُعْدِهِ عَنْهَا لِأَنَّهَا مِنْ فِعْلِ اللَّهِ، فَكَمَا يُوجَدُ الْأَلَمُ فِي جَسَدِ الْمَسْحُورِ وَالْمَعْيُونِ عِنْدَ تَكَلُّمِ السَّاحِرِ أَوِ الْعَايِنِ فَكَذَلِكَ يُوجَدُ عِنْدَ وَسْوَسَتِهِ مِنْ خَارِجٍ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّيَاطِينِ الْمَرَدَةُ لِأَنَّهُمْ فِي الْكُفْرِ وَالتَّمَرُّدِ طَبَقَاتٌ فَتُصَفَّدُ الْمَرَدَةُ لَا غَيْرَ فَتَقِلُّ الْمُخَالَفَاتُ، وَلَا شَكَّ فِي قِلَّتِهَا فِي رَمَضَانَ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا فِيهِ كَغَيْرِهِ فَقَدْ بَاهَتْ وَسَقَطَتْ مُكَالَمَتُهُ. انظر شرح الموطأ للزرقاني (2/ 299)
سئل ابن عثيمين رحمه الله -: بالنسبة لأيام رمضان الجليل يقول الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: «تصفد الشياطين» . ومع ذلك نرى أناساً يصرعون في نهار رمضان، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون؟ ثم هل معنى الحديث أنه إذا كان هناك بيت مسكون أو من الجن من يتعرض للناس في البر، ويظهر بأشكال مختلفة من حيات وكلاب أنها لا تظهر في رمضان مع العلم أن هناك منزلاً في منطقة ... يضع أهله الأغراض فيه، وإذا أتى المساء لا يجدون الأغراض، بل يجدونها خارج المنزل، فهل مثل هذه الحالات فقط تظهر في رمضان، وأن مسألة الصرع هي التي تظهر؟فأجاب فضيلته بقوله: في بعض روايات الحديث: «تصفد فيه مردة الشياطين» أو «تغل» وهي عند النسائي، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه: إن الإنسان يصرع في رمضان. قال الإمام: هكذا الحديث ولا تكلم في ذا.ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان انظر مجموع فتاوى (20/75)
قال ابن حجر في فتح الباري (4/114) قَوْلُهُ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ يَحْتَمِلُ أَن يكون المُرَاد من الشَّيَاطِين مسترقوا السَّمْعِ مِنْهُمْ وَأَنَّ تَسَلْسُلَهُمْ يَقَعُ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ دُونَ أَيَّامِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُنِعُوا فِي زَمَنِ نُزُولِ الْقُرْآنِ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ فَزِيدُوا التَّسَلْسُلَ مُبَالَغَةً فِي الْحِفْظِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ لَا يَخْلُصُونَ مِنَ افْتِتَانِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالصِّيَامِ الَّذِي فِيهِ قَمْعُ الشَّهَوَاتِ وَبِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالشَّيَاطِينِ بَعْضُهُمْ وهم المردة مِنْهُم وَترْجم لذَلِك بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ 000عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ – حسنه الألباني- وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ زَادَ أَبُو صَالِحٍ فِي رِوَايَتِهِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَنَادَى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كل لَيْلَة لفظ بن خُزَيْمَةَ وَقَوْلُهُ صُفِّدَتْ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ ثَقِيلَةٌ مَكْسُورَةٌ أَيْ شُدَّتْ بِالْأَصْفَادِ وَهِيَ الْأَغْلَالُ وَهُوَ بِمَعْنَى سُلْسِلَتْ وَنَحْوُهُ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ وَقَالَ فِيهِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ الشَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ كُله عَلامَة للْمَلَائكَة لدُخُول الشَّهْر وَتَعْظِيمِ حُرْمَتِهِ وَلِمَنْعِ الشَّيَاطِينِ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعَفْوِ وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ يَقِلُّ إِغْوَاؤُهُمْ فَيَصِيرُونَ كَالْمُصَفَّدِينَ قَالَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَة يُونُس عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتْحُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ عِبَارَةً عَمَّا يَفْتَحُهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَذَلِكَ أَسْبَابٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَغَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ عِبَارَةً عَنْ صَرْفِ الْهِمَمِ عَنِ الْمَعَاصِي الْآيِلَةِ بِأَصْحَابِهَا إِلَى النَّارِ وَتَصْفِيدُ الشَّيَاطِينِ عِبَارَةً عَنْ تَعْجِيزِهِمْ عَنِ الْإِغْوَاءِ وَتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ فَمِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَالْأَصْلُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ بِدَلِيلِ مَا يُقَابِلُهُ وَهُوَ غَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ لِإِقَامَةِ هَذَا مَقَامَ هَذِهِ فِي الرِّوَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَجَزَمَ التُّورِبِشْتِيُّ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ بِالِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ وَعِبَارَتُهُ فَتْحُ أَبْوَابِ السَّمَاءِ كِنَايَةٌ عَنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَإِزَالَةِ الْغَلْقِ عَنْ مَصَاعِدِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ تَارَةً بِبَذْلِ التَّوْفِيقِ وَأُخْرَى بِحُسْنِ الْقَبُولِ وَغَلْقُ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ كِنَايَةٌ عَنْ تَنَزُّهِ أَنْفُسِ الصُّوَّامِ عَنْ رِجْسِ الْفَوَاحِشِ وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الْبَوَاعِثِ عَنِ الْمَعَاصِي بِقَمْعِ الشَّهَوَاتِ 000وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَانَ كَثِيرًا فَلَوْ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنِ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ أَوِ الْمُصَفَّدُ بَعْضُ الشَّيَاطِين وهم المردة لاكلهم كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوِ الْمَقْصُودُ تَقْلِيلُ الشُّرُورِ فِيهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فَإِنَّ وُقُوع ذَلِك فِيهِ أقل من غَيره اذلا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيدِ جَمِيعِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ شَرٌّ وَلَا مَعْصِيَةٌ لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْرَ الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ وَالشَّيَاطِينِ الْإِنْسِيَّة انتهى
!!! أحوال فرض صوم رمضان :
قال ابن القيم : وَكَانَ فَرْضُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَامَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ 000وَكَانَ لِلصَّوْمِ رُتَبٌ ثَلَاثٌ، إِحْدَاهَا: إِيجَابُهُ بِوَصْفِ التَّخْيِيرِ.- قلت عمرو : أي من شاء أن يصومه صامه ، ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا حتى ولو كان يستطيع الصوم عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا فِي رَمَضَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ فَافْتَدَى بِطَعَامِ مِسْكِينٍ»، حَتَّى أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] رواه البخاري (4507) ومسلم (1145) واللفظ له -
وَالثَّانِيَةُ: تَحَتُّمُهُ، لَكِنْ كَانَ الصَّائِمُ إِذَا نَامَ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ إِلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ، فَنُسِخَ ذَلِكَ بِالرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا الشَّرْعُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. انظر زاد المعاد (2/29)
عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187رواه البخاري (1915)
!!! أجمع العلماء: على أنه يجب الصيام على المسلم العاقل البالغ، الصحيح المقيم، ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض، والنفاس.
لا يجب الصيام على الكافر، ولا الصبي ، ولا المجنون، ولا المريض، ولا المسافر، ولا الحائض، ولاالنفساء، ولاالشيخ كبير، ولا الحامل، ولا مرضع وهذا بيان كل على حدة
1- لا يجب الصيام على الكافر ولا يُلزم به ؛ لأنه لا يُقبَلُ منه ، وإذا أسلم لا يُطال بقضاء ما فاته من الصيام
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/321) فالكافر لا يلزمه الصوم، ولا يصح منه.ومعنى قولنا لا يلزمه أننا لا نلزمه به حال كفره، ولا بقضائه بعد إسلامه، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ
أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ *} [التوبة] .
فإذا كانت النفقات ونفعها متعد لا تقبل منهم لكفرهم، فالعبادات الخاصة من باب أولى.
وكونه لا يقضي إذا أسلم؛ دليله قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] ، وثبت عن طريق التواتر عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه كان لا يأمر من أسلم بقضاء ما فاته من الواجبات.
ولكن هل يعاقب على تركها في الآخرة إذا لم يسلم؟
الجواب: نعم، يعاقب على تركها في الآخرة، وعلى ترك جميع واجبات الدين؛ لأنه إذا كان المسلم المطيع لله الملتزم بشرعه قد يعاقب عليها، فالمستكبر من باب أولى، وإذا كان الكافر يعذب على ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس، ففعل المحرمات وترك الواجبات من باب أولى.والدليل ما ذكره الله تعالى عن أصحاب اليمين أنهم يقولون للمجرمين: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ *قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ *وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ *وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ *وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ *} [المدثر] . فذكروا أربعة أسباب منها ترك واجبات
فإن قال قائل: تكذيبهم بيوم الدين كفر وهو الذي أدخلهم سقر؟
فالجواب: أنهم ذكروا أربعة أسباب ولولا أن لهذه المذكورات، مع تكذيبهم بيوم الدين أثراً في إدخالهم النار، لم يكن في ذكرها فائدة، ولو أنهم لم يعاقبوا عليها ما جرت على بالهم.
فالسبب الأول: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} الصلاة.
والثاني: {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ *} الزكاة.
والثالث: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ *} مثل الاستهزاء بآيات الله.
والرابع: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ *}
2- . لا يجب الصيام على الطفل الصغير حتى يبلغ ؟
عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ "رواه أبو داود (4399) حديث صحيح وصححه الألباني 0
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله  إذا كان صغيراً لم يبلغ فإنه لا يلزمه الصوم، ولكن إذا كان يستطيعه دون مشقة فإنه يؤمر به، وكان الصحابة رضي الله عنهم يُصوِّمون أولادهم، حتى إن الصغير منهم ليبكي فيعطونه اللعب يتلهى بها، ولكن إذا ثبت أن هذا يضره فإنه يمنع منه، وإذا كان الله سبحانه وتعالى منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفاً من الإفساد بها، فإن خوف إضرار الأبدان من باب أولى أن نمنعهم منه، ولكن المنع يكون عن غير طريق القسوة، فإنها لا تنبغي في معاملة الأولاد عند تربيتهم " انتهى. " مجموع فتاوى " (19/83)
وقال أيضا " أوجب الله الصيام أداء على كل مسلم مكلف قادر مقيم، فأما الصغير الذي لم يبلغ فإن الصيام لا يجب عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: وذكر: الصبي حتى يبلغ) ، ولكن يجب على وليه أن يأمره بالصيام إذا بلغ حدّاً يطيق الصيام فيه؛ لأن ذلك من تأديبه وتمرينه على فعل أركان الإسلام، ونرى بعض الناس ربما يترك أولاده فلا يأمرهم بصلاة ولا صوم وهذا غلط، فإنه مسؤول عن ذلك بين يدي الله تبارك وتعالى، وهم يزعمون أنهم لا يُصَوِّمون أولادهم شفقة عليهم ورحمة بهم، والحقيقة أن الشفيق على أولاده والراحم لهم هو من يمرنهم على خصال الخير وفعل البر، لا من يترك تأديبهم وتربيتهم تربية نافعة " انتهى. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (  19 /20)
3- لا يجب على المجنون الصيام لحديث علي رضي الله عنه السابق
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (11/191) وَأَمَّا الْمَجْنُونُ الَّذِي رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ فَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ عِبَادَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ إيمَانٌ وَلَا كُفْرٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ انتهى وقال النووي في المجموع (6/254)الْمَجْنُونُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فِي الْحَالِ بِالْإِجْمَاعِ قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/323) والعاقل ضده المجنون، أي: فاقد العقل، من مجنون ومعتوه ومهزرٍ؛ فكل من ليس له عقل بأي وصف من الأوصاف فإنه ليس بمكلف، وليس عليه واجب من واجبات الدين لا صلاة ولا صيام ولا إطعام بدل صيام، أي: لا يجب عليه شيء إطلاقاً، إلا ما استثني كالواجبات المالية، وعليه فالمهذري أي: المخرف لا يجب عليه صوم، ولا إطعام بدله لفقد الأهلية وهي العقل.وهل مثل المهذري من أضل عقله بحادث؟فالجواب أنه إن كان كالمغمى عليه فإنه يلزمه الصوم؛ لأن المغمى عليه يلزمه الصوم فيقضيه بعد صحوه، وإن وصل به فقد العقل إلى الجنون، ومعه شعوره فله حكم المجنون، وكذلك من كان يجن أحياناً، ففي اليوم الذي يجن فيه لا يلزمه الصوم، وفي اليوم الذي يكون معه عقله يلزمه
فوائد : أ- إذا كان الجنون مُطْبِقاً، وذلك بأن يستمر إلى أن يستغرق كل شهر رمضان، فإن الصوم يسقط عنه؛ ولا قضاء عليه وهذا مذهب جمهور أهل العلم: الحنفية، والشافعية ، والحنابلة ، واختاره ابن حزم ، وابن عبد البر انظر الموسوعة الفقهية الدرر السنية (1/289)
وذلك لأن صاحب الجنون المطبق ليس أهلاً للوجوب؛ وذلك لفقدان شرط من شروطه وهو العقل؛ فلذا يرتفع عنه التكليف؛ ولا يُطالَب بالقضاء.
ب- صوم من كان يُجنُّ أحياناً ويُفيق أحياناً
من كان يُجَنُّ أحياناً ويُفيق أحياناً، فعليه أن يصوم في حال إفاقته، ولا يلزمه حال جنونه وذلك لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ففي الأوقات التي يكون فيها عاقلاً يجب عليه الصوم، وفي الأوقات التي يكون فيها مجنوناً لا صوم عليه. قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى (20/228) فإن كان يُجَنُّ أحيانا ويفيق أحيانا لزمه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه، وإن جُنَّ في أثناء النهار لم يبطل صومه كما لو أُغْمِيَ عليه بمرض أو غيره؛ لأنه نوى الصوم وهو عاقل بنية صحيحة، ولا دليل على البطلان خصوصا إذا كان معلوما أن الجنون ينتابه في ساعات معينة، وعلى هذا فلا يلزم قضاء اليوم الذي حصل فيه الجنون، وإذا أفاق المجنون أثناء نهار رمضان لزمه إمساك بقية يومه؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا يلزمه قضاؤه كالصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم.انتهى
!!! بم يثبت الشهر ؟
يثبت شهر رمضان برؤية الهلال من واحد عدل كما سيأتي ، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما عن أبي هريرة قال قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ» رواه البخاري (1909) ومسلم (1081) عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ رواه أبو داود (2325) حديث صحيح قال : الألباني في صحيح أبي داود (7/92)(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود وابن حبان
والدارقطني والحاكم والذهبي)
!!! ما هو العدد المعتبر في رؤية الهلال ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول قالوا : إذا رأى واحدٌ عدل يوثق به هلال رمضان فإنه يُعمل بخبره وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ.ورواية عن أحمد  ينظرالمغني (3\164)
وابن حزم ورجحه ابن باز وابن عثيمين ورجحه شيخنا محمد عبد المقصود ودليلهم : عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «تَرَائِى النَّاسُ الْهِلَالَ،» فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ  رواه أبو داود (2342) حديث صحيح وله شاهد عن ابن عباس  قال الألباني رحمه الله قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم وابن حزم والذهبي ينظر صحيح أبي داود (7\105)
القول الثاني : قالوا : لَا يُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ اثْنَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ ينظر المغني (3\164) ورجحه شيخنا عادل العزازي
ودليلهم : عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَالَ: أَلَا إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَاءَلْتُهُمْ، وَإِنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَانْسُكُوا لَهَا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا، وَأَفْطِرُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ (2116) وصححه الألباني
قالوا : َدَلَّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ الَّذِي أَفَادَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْآتِي أَقْوَى مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَيُقْبَلُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ.ينظر سبل السلام (1\560)
.قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (4\ 373)  وَمَنْ صَحَّ عِنْدَهُ بِخَبَرِ مَنْ يُصَدِّقُهُ - مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ: عَبْدٍ، أَوْ حُرٍّ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ حُرَّةٍ، فَصَاعِدًا - أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ رُئِيَ الْبَارِحَةَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ فَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، صَامَ النَّاسُ أَوْ لَمْ يَصُومُوا، وَكَذَلِكَ لَوْ رَآهُ هُوَ وَحْدَهُ، وَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ بِخَبَرِ وَاحِدٍ أَيْضًا - كَمَا ذَكَرْنَا - فَصَاعِدًا: أَنَّ هِلَالَ شَوَّالٍ قَدْ رُئِيَ فَلْيُفْطِرْ، أَفْطَرَ النَّاسُ أَوْ صَامُوا؛ وَكَذَلِكَ لَوْ رَآهُ هُوَ وَحْدَهُ؛ فَإِنْ خَشِيَ فِي ذَلِكَ أَذًى فَلْيَسْتَتِرْ بِذَلِكَ انتهى
 !!!  إذا رُؤى الهلال في بلد، هل يلزم جميع  المسلمين  الصوم؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : إذا رؤى الهلال في بلدة من البلاد الإسلامية لزم جميع البلاد الصيام. وهذا قول جمهور أهل العلم منهم الحنابلة والحنفية ينظر الفقه الميسر (3\455)-ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ،رواه البخاري (1909) ومسلم (1081)  قالوا:هذا خطاب عام للأمة، فظاهر ذلك العموم لسائر البلدان
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ،رواه الترمذي (697) وصححه الألباني قالوا:فقوله الصوم " يدل على أن الأمة يجتمعون على الصيام فصومهم واحد وفطرهم واحد، وإجماعهم واحد.
القول الثاني: أنه يجب الصوم على البلاد التي لا تختلف مطالعها: وهذا أصح الأوجه عند الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام  انظر القوانين الفقهية (103)
القول الثالث : أن لكل بلد رؤيتهم. روي ذلك عن بن عَبَّاسٍ
وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وإليه ذهب بن المبارك وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَطَائِفَةٌ ينظر الاستذكار (3\ 282)
وهو الراجح والدليل : 1- عموم قوله تعالى :  (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة: من الآية185) وجه الدلالة: 
أن الذين لا يوافقون في المطالع من شاهده، لا يُقال إنهم شاهدوه حقيقة ولا حكماً، والله تعالى أوجب الصوم على من شاهده
 2- عَنْ كُرَيْبٍ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ، فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: " لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه مسلم  (1087) بن عَبَّاسٍ لَمْ يَعْمَلْ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ بَلَدٍ الْعَمَلُ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدٍ آخَرَ
وقال الترمذي في سننه (693) وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ
قال الألباني رحمه الله في تمام المنة (1\398 ) وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ولا ينقسم على نفسه فيصوم بعضهم معها وبعضهم مع غيرها ممن تقدمت في صيامها أو تأخرت لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين. والله المستعان.انتهى
سئل ابن باز في مجموع فتاوى (15/84) يحصل كل عام بلبلة حول شهر رمضان المبارك دخولا وخروجا، فتختلف بلاد المسلمين ما بين متقدم وبين متأخر، ما الحل لهذه المشكلة؟
ج: الأمر واسع بحمد الله، فلكل أهل بلد رؤيتهم كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما لما قدم عليه كريب من الشام في المدينة سأله ابن عباس: بم صام معاوية رضي الله عنه وأهل الشام فقال له كريب: قد رآه الناس بالجمعة وصام معاوية وصام الناس، فقال ابن عباس: "نحن رأيناه يوم السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل العدة أو نراه ". فرأى أن الشام بعيد، وأنه لا تلزم أهل المدينة رؤية الشام، وبهذا قال جماعة من أهل العلم ورأوا أن لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا ثبتت في المملكة العربية السعودية مثلا وصام برؤيته أهل الشام ومصر وغيرهم فحسن؛ لعموم الأحاديث، وإن لم يصوموا وتراءوا الهلال وصاموا برؤيتهم فلا بأس، وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بأن لكل أهل بلد رؤيتهم؛ لحديث ابن عباس المذكور وما جاء في معناه اهـ
سئل فضيلة الشيخ  ابن عثيمين - رحمه الله تعالى (19\ 48)-: إذا رؤي الهلال في بلد من بلاد المسلمين فهل يلزم المسلمين جميعاً في كل الدول الصيام، وكيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم أي إذا رؤي الهلال في بلد من بلاد المسلمين، وثبتت رؤيته شرعاً، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية؟
000وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته. وإذا لم تختلف المطالع فإنه يجب على من لم يروه إذا ثبتت رؤيته بمكان يوافقهم في المطالع أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية. واستدل هؤلاء بنفس ما استدل به الأولون فقالوا: إن الله تعالى يقول: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . ومن المعلوم أنه لا يراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده، فيعمل به في المكان الذي رؤي فيه، وفي كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال. أما من لا يوافقهم في مطالع الهلال فإنه لم يره لا حقيقة ولا حكماً. قالوا: وكذلك نقول في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» فإن من كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال لم يكن رآه لا حقيقة ولا حكماً، قالوا: والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب، ويفطرون قبلهم أيضاً.فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي، فإن مثله تماماً في التوقيت الشهري.ولا يمكن أن يقول قائل: إن قوله تعالى: {فَالنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» لا يمكن لأحد أن يقول: إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار.
وكذلك نقول في عموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» ، وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ والنظر الصحيح والقياس الصحيح، أيضاً قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأمر معلق بولي الأمر في هذه المسألة، فمتى رأى وجوب الصوم، أو الفطر مستنداً بذلك إلى مستند شرعي فإنه يعمل بمقتضاه، لئلا يختلف الناس ويتفرقوا
تحت ولاية واحدة، واستدل هؤلاء بعموم الحديث. «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس» .
وهناك أقوال أخرى ذكرها أهل العلم الذين ينقلون الخلاف في هذه المسألة.وأما الشق الثاني من السؤال وهو: كيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس بها رؤية شرعية؟
فإن هؤلاء يمكنهم أن يثبتوا الهلال عن طريق شرعي، وذلك بأن يتراءوا الهلال إذا أمكنهم ذلك، فإن لم يمكنهم هذا، فإن قلنا بالقول الأول في هذه المسألة فإنه متى ثبتت رؤية الهلال في بلد إسلامي، فإنهم يعملون بمقتضى هذه الرؤية، سواء رأوه أو لم يروه.
وإن قلنا بالقول الثاني، وهو اعتبار كل بلد بنفسه إذا كان يخالف البلد الآخر في مطالع الهلال، ولم يتمكنوا من تحقيق الرؤية في البلد الذي هم فيه، فإنهم يعتبرون أقرب البلاد الإسلامية إليهم، لأن هذا أعلى ما يمكنهم العمل به انتهى
!!!  أركان الصوم:
للصوم ركنان أساسيان وهما0
الركن الأول : الإمساك :
والمقصود به : الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] مِنَ الْفَجْرِ قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ: عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ، أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ رواه البخاري (1916) ومسلم (1090)
الركن الثاني : النية :
قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» رواه البخاري (1) ومسلم (1907)
متى تكون النية في الصوم الواجب والتطوع
 أَولا : صوم الواجب ؟
ذهب جمهور أَهْل العلم منهم الشافعي وأحمد واسحق وَدَاوُد انظر المجموع 6/301 إِلَى أَنَّه لا صيام لمن لم يبت نية الصوم قبل طلوع الفجر في رمضان وذلك في كل ليلة أَو في قضاء رمضان أَو في صوم نذر أَو الكفارة وهو الصحيح والدليل عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ»روا ه أبو داود (2454) حديث صحيح صححه ابن خزيمة و ابْن حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ و ابن حزم ينظر سبل السلام (1\ 561) وصححه النووي في المجموع 6\289 وصححه الألباني  ،
قال الصنعاني في سبل السلام (1\ 561)
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الصِّيَامُ إلَّا بِتَبْيِيتِ النِّيَّةِ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ الصِّيَامَ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَأَوَّلُ وَقْتِهَا الْغُرُوبُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَأَجْزَاءُ النَّهَارِ غَيْرُ مُنْفَصِلَةٍ مِنْ اللَّيْلِ بِفَاصِلٍ يُتَحَقَّقُ فَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ وَاقِعَةً فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِكُلِّ يَوْمٍ عَلَى انْفِرَادِهِ انتهى
وقال مالك وراوية عن أحمد  أنه تجزئه نية واحدة لجميع الشهر إذا نوى صوم جميعه ينظر المحلى(4\ 289) ورجحه ابن عثيمين
واستدلوا : قالوا : هذه الصلاة ركعات ولا يحتاج لكل ركعة نية قلت : 1- هذا قياس فاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص حديث حفصة السابق  2- نقول لهم ما تقولون في إنسان أفسد صومه في يوم من أيام رمضان هل يفسد بذلك الشهر كله طبعا لا فقد بطل حجتكم
قال ابن حزم في المحلى - (4\ 289)
وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ، فَكُلُّ يَوْمٍ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ وَقَدْ يَمْرَضُ فِيهِ أَوْ يُسَافِرُ، أَوْ تَحِيضُ، فَيَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَكَانَ بِالْأَمْسِ صَائِمًا، وَيَكُونُ غَدًا صَائِمًا. وَإِنَّمَا شَهْرُ رَمَضَانَ كَصَلَوَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَا لَيْسَ صَلَاةً، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي صَوْمِهِ مِنْ نِيَّةٍ.انتهى
وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُ صِيَامُ رَمَضَانَ وَكُلُّ صَوْمٍ مُتَعَيِّنٍ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ؛ ينظرالمغني (3\109) ودليله : عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ «إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلاَ يَأْكُلْ» رواه البخاري 1924 ومسلم 1135
 » قَالُوا: وَقَدْ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَنَسْخُ وُجُوبِهِ لَا يَرْفَعُ سَائِرَ الْأَحْكَامِ فَقِيسَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِنْ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَالتَّطَوُّعِ فَخُصَّ عُمُومُ " فَلَا صِيَامَ لَهُ " بِالْقِيَاسِ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصُومُ تَطَوُّعًا مِنْ غَيْرِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ» . وَأُجِيبَ: بِأَنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ غَيْرُ مُسَاوٍ لِصَوْمِ رَمَضَانَ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْزَمَ الْإِمْسَاكَ لِمَنْ قَدْ أَكَلَ وَلِمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَعُلِمَ أَنَّهُ أَمْرٌ خَاصٌّ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا أَجْزَأَ عَاشُورَاءُ بِغَيْرِ تَبْيِيتٍ لِتَعَذُّرِهِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ كَمَنْ نَامَ حَتَّى أَصْبَحَ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَمَامِ الْإِمْسَاكِ وَوُجُوبِهِ أَنَّهُ صَوْمٌ مُجْزِئٌ، انظر سبل السلام 1/563. ولو سلمنا أنه كانت هناك نية في النهار فقد نسخت بحديث حفصة رضي الله عنها وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ سيأتي أنه خاص بالنوافل
!!! النية في صيام التطوع متى تكون
ذهب جمهور الفقهاء إلَى جواز صوم التطوع بنية يحدثها في النهار قال ابن قدامة (3/113) صوم التطوع يجوز بنية من النهار عند إمامنا (الإمام أحمد) وأبي حنيفة والشافعي. وروى ذلك عن أبي الدرداء وأبي طلحة وابن مسعود وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي انتهى
 وحجتهم : ما رواه مسلم  (1154) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ» قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ - أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ - قَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ - أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ - وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا، قَالَ: «مَا هُوَ؟» قُلْتُ: حَيْسٌ، قَالَ: «هَاتِيهِ» فَجِئْتُ بِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا» قَالَ طَلْحَةُ: فَحَدَّثْتُ مُجَاهِدًا بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: «ذَاكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا»
قال النووي في شرح مسلم 8/35 وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ صَوْمَ النَّافِلَةِ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ فِي النَّهَارِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَيَتَأَوَّلُهُ الْآخَرُونَ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لِكَوْنِهِ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ وَكَانَ نَوَاهُ مِنَ اللَّيْلِ فَأَرَادَ الْفِطْرَ لِلضَّعْفِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ وَتَكَلُّفٌ بَعِيدٌ انتهى
وقال ابن قدامة:3/114 وَأَيَّ وَقْتٍ مِنْ النَّهَارِ نَوَى أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ قَالَ: أَحَدُكُمْ بِأَخِيرِ النَّظَرَيْنِ، مَا لَمْ يَأْكُلْ أَوْ يَشْرَبْ. وَقَالَ رَجُلٌ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إنِّي لَمْ آكُلْ إلَى الظُّهْرِ، أَوْ إلَى الْعَصْرِ، أَفَأَصُومُ بَقِيَّةَ يَوْمِي؟ قَالَ: نَعَمْ انتهى
قال : آخرون لا يجوز صوم فرض أو نفل من غير أن يجمع النية من الليل وحجتهم : حديث حفصة السابق وهذا مذهب مالك انظر الاستذكار 3/285 وابن حزم في المحلى 4/285  
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25\ 120) فَالْفَرْضُ لَا يُجْزِئُ إلَّا بِتَبْيِيتِ النِّيَّةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ حَفْصَةَ وَابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الزَّمَانِ يَجِبُ فِيهِ الصَّوْمُ وَالنِّيَّةُ لَا تَنْعَطِفُ عَلَى الْمَاضِي. وَأَمَّا النَّفْلُ فَيُجْزِئُ بِنِيَّةِ مِنْ النَّهَارِ. كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {إنِّي إذًا صَائِمٌ} كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ يَجِبُ فِيهَا مِنْ الْأَرْكَانِ - كَالْقِيَامِ وَالِاسْتِقْرَارِ عَلَى الْأَرْضِ - مَا لَا يَجِبُ فِي التَّطَوُّعِ تَوْسِيعًا مِنْ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي طُرُقِ التَّطَوُّعِ. فَإِنَّ أَنْوَاعَ التَّطَوُّعَاتِ دَائِمًا أَوْسَعُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَفْرُوضَاتِ وَصَوْمُهُمْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إنْ كَانَ وَاجِبًا: فَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّهَارِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا قَبْلَ ذَلِكَ. وَمَا رَوَاهُ بَعْضُ الخلافيين الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ: فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. وَهَذَا أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد
وفي اللجنة الدائمة 10/ 244
 يجب تبييت نية صوم شهر رمضان ليلا قبل الفجر، ولا يجزئ بدء نية صومه من النهار، فمن علم وقت الضحى أن هذا اليوم من رمضان فنوى الصوم وجب عليه الإمساك إلى الغروب، وعليه القضاء؛ لما رواه ابن عمر عن حفصة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له0000. هذا في الفرض، أما في النفل فتجوز نية صومه نهارا إذا لم يكن أكل أو شرب أو جامع بعد الفجر؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه دخل عليها ذات يوم ضحى فقال: «هل عندكم شيء؟ فقالت: لا، فقال: إني إذا صائم » خرجه مسلم في صحيحه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
!!!  قال ابن حزم في المحلى (4/302) وَمَنْ نَوَى وَهُوَ صَائِمٌ إبْطَالَ صَوْمِهِ بَطَلَ، إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ ذَاكِرًا لِأَنَّهُ فِي صَوْمٍ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَا شَرِبَ وَلَا وَطِئَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَنْ نَوَى إبْطَالَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الصَّوْمِ فَلَهُ مَا نَوَى بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي لَا تَحِلُّ مُعَارَضَتُهُ، وَهُوَ قَدْ نَوَى بُطْلَانَ الصَّوْمِ، فَلَهُ بُطْلَانُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِأَنَّهُ فِي صَوْمٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] .
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ نَوَى إبْطَالَ صَلَاةٍ هُوَ فِيهَا، أَوْ حَجٍّ هُوَ فِيهِ، وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا كَذَلِكَ، فَلَوْ نَوَى ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ أَوْ أَعْمَالِهِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ آثِمًا، وَلَمْ يُبْطِلْ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا قَدْ صَحَّتْ وَتَمَّتْ كَمَا أُمِرَ، وَمَا صَحَّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْطِلَ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي بُطْلَانِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَمْ يُتِمَّ عَمَلَهُ فِيهَا كَمَا أُمِرَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
 !!! من يرخص لهم في الفطر ؟
!!! الشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض
 رخص جمهور أهل العلم – منهم الحنفية والشافعي في رواية وأحمد وابن تيمية  ينظر المجموع (6\ 258) ومجموع الفتاوى" (25/ 217)   والفقه الميسر (2/463) ورجحه ابن باز وابن عثيمين وغيرهم قالوا – للشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذي لا يرجى برؤه- أن يفطروا إذا كان الصوم يشق عليهم ويجهدهم جهدا لا يحتمل ، وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا ، وحجتهم : قوله تعالى : [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] وأجيب ذهب الأكثرون إلى أن هذه الآية منسوخة بما بعدها – سيأتي ذلك- سئل ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مجموع فتاوى (19\ 110) : رجل مريض مرضاً لا يرجى برؤه، ولا يستطيع الصوم، فما الحكم؟ أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير؟ فأجاب فضيلته بقوله: المريض مرضاً لا يرجى زواله لا يلزمه الصوم؛ لأنه عاجز، ولكن يلزمه بدلاً عن الصوم أن يطعم عن كل يوم مسكيناً هذا إذا كان عاقلاً بالغاً، وللإطعام كيفيتان: الكيفية الأولى: أن يصنع طعاماً غداءً أو عشاءً ثم يدعو إليه المساكين بقدر الأيام التي عليه كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعل ذلك حين كبر.والكيفية الثانية: أن يوزع حبًّا من بر، أو أرز، ومقدار هذا الإطعام مد من البر أو من الأرز، والمدّ يعتبر بمد صاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ربع الصاع، وصاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبلغ كيلوين وأربعين غراماً، فيكون المدّ نصف كيلو وعشرة غرامات، فيطعم الإنسان هذا القدر من الأرز أو من البر، ويجعل معه لحماً يؤدمه انتهى
وذهب ابن حزم : أن الشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذي لا يرجى برؤه لا يلزمهما الفدية ، وهو القول القديم للشافعي ، وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ الْإِطْعَامَ عَلَيْهِ وَاجِبًا "ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  انظر المحلى (4/ 413) والفقه الميسر (2/463) وحجتهم قول الله تعالى : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [الْبَقَرَةِ: 286] وهو القول الراجح 0قال ابن حزم في المحلى (4/411) وَأَمَّا الشَّيْخُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ لِكِبَرِهِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الصَّوْمُ فِي وُسْعِهِ فَلَمْ يُكَلِّفْهُ. وَأَمَّا تَكْلِيفُهُمْ إطْعَامًا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إيجَابُ غَرَامَةٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ.ثم قال ابن حزم (4/ 415) وَالشَّيْخُ،وَالْعَجُوزُ اللَّذَانِ لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ فَالصَّوْمُ لَا يَلْزَمُهُمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا الصَّوْمُ فَالْكَفَّارَةُ لَا تَلْزَمُهُمَا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُلْزِمْهُمَا إيَّاهَا وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي المريض مرضا مزمنا لا يرجى برؤة ليس هناك – فيما علمت – دليلا يلزمه بإطعام مسكين مكان كل يوم قد أفطره وإن أطعم فهو خير له ، إذ الله قال : {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} آل عمران 115 والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم0 انظر فتاوى مهمة (2/129)
!!! ماذا يجب على المريض إذا أفطر ؟
1- إن كان المرض مما يرجى برؤه وشفاؤه ، فيجب عليه أن يقضيه في أيام أخر ، كما ورد في قوله تعالى قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]
2- وإن كان المرض مما لا يرجى برؤه بأن كان المرض مرضا مزمنا أجمع العلماء على انه يجوز له الفطر ولا قضاء عليه،ينظر المجموع(6\ 258)   ثم اختلفوا فيما عليه إذا أفطر، ففيه قولان : كما سبق
3- إذا استمر به المرض الذي يرجي برؤة فلا شيء عليه ، ولا على أوليائه لا صيام ولا إطعام ، قال في عون المعبود (7/26) اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَفْطَرَ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ثُمَّ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/372) السؤال الآتي :
كانت والدتي مريضة في شهر رمضان عام 97هـ ولم تستطع صيام ثمانية أيام منه ، وتوفيت بعد شهر رمضان بثلاثة أشهر ، فهل أصوم عنها ثمانية الأيام ، وهل يمكن تأجيلها إلى ما بعد رمضان 98هـ أو أتصدق عنها ؟
فكان الجواب :
" إذا كانت والدتك شفيت بعد شهر رمضان الذي أفطرت فيه ثمانية أيام ، ومر بها قبل وفاتها وقت تستطيع القضاء فيه ، وماتت ولم تقض ، استحب لك أو لأحد أقاربها صيام ثمانية الأيام عنها ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) متفق عليه ، ويجوز تأجيل صيامها ، والأَوْلى المبادرة به مع القدرة .
أما إن كان المرض استمر معها ، وماتت ولم تقدر على القضاء ، فلا يُقضَى عنها لعدم تمكنها من القضاء ، لعموم قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) وقوله : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) " انتهى
وأما إن عوفي من ذلك ولم يقض حتى مات ، فقد تنازع العلماء في وجوب الصيام عنه ، أو الإطعام كما سيأتي 0
!!! اختلف العلماء في المرض المبيح للفطر على النحو الآتي : ذهب مالك والشافعي وأبوحنيفة بأنه المرض الذي تلحقه المشقة إن صام فيه ، أو يخاف زيادته وقال أحمد رحمه الله : هو المرض الغالب – الشديد- وعند الظاهرية : كل ما أطلق عليه اسم المرض لعموم اللفظ في الآية -(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 184] – انظرتمام المنة لشيخنا العزازي (2/167)
وقد قسمه الشيخ ابن عثيمين ثلاثة أقسام : الأول: ألا يتأثر بالصوم، مثل الزكام اليسير، أو الصداع اليسير، أو وجع الضرس، وما أشبه ذلك، فهذا لا يحل له أن يفطر، وإن كان بعض العلماء يقول: يحل له لعموم الآية {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} [البقرة: 185] ولكننا نقول: إن هذا الحكم معلل بعلة، وهي أن يكون الفطر أرفق به فحينئذ نقول له الفطر، أما إذا كان لا يتأثر فإنه لا يجوز له الفطر ويجب عليه الصوم.
الحال الثانية: إذا كان يشق عليه الصوم ولا يضره، فهذا يكره له أن يصوم، ويسن له أن يفطر.
الحال الثالثة: إذا كان يشق عليه الصوم ويضره، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكر، وما أشبه ذلك، فالصوم عليه حرام. ولكن لو صام في هذه الحال هل يجزئه الصوم؟
قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: لا يجزئه الصوم؛ لأن الله ـ تعالى ـ جعل للمريض عدة من أيام أخر، فلو صام في مرضه فهو كالقادر الذي صام في شعبان عن رمضان، فلا يجزئه ويجب عليه القضاء.
وقول أبي محمد هذا مبني على القاعدة المشهورة، أن ما نهي عنه لذاته فإنه لا يقع مجزئاً، فإذا قلنا بالتحريم فإنَّ مقتضى القواعد أنه إذا صام لا يجزئه؛ لأنه صام ما نهي عنه كالصوم في أيام التشريق، وأيام العيدين لا يحل، ولا يصح، وبهذا نعرف خطأ بعض المجتهدين من المرضى الذين يشق عليهم الصوم وربما يضرهم، ولكنهم يأبون أن يفطروا فنقول: إن هؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله ـ عزّ وجل ـ، ولم يقبلوا رخصته، وأضروا بأنفسهم، والله ـ عزّ وجل ـ يقول: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] انظر الشرح الممتع (6/341)
!!! هل يجوز للعمال إذا شق عليهم العمل أن يفطروا؟
قال ابن عثيمين رحمه الله : عليهم أن يصوموا وأن يستعينوا بالله عز وجل، فمن استعان بالله أعانه الله، فإذا رأوا أثناء النهار عطشاً يضرهم، أو يكون سبباً في هلاكهم فلا حرج عليهم أن يفطروا للضرورة، ولكن خير من هذا أن يتفقوا مع الكفيل، أو صاحب العمل على أن يكون عملهم في رمضان ليلاً، أو بعضه في الليل وبعضه في أول النهار، أو أن يخفف من ساعات العمل حتى يقوموا بالعمل والصيام على وجه مريح.انظر مجموع فتاوى (19/ 89)
وقال ابن باز في مجموع فتاوى (15/245)
وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين، وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان، وأن يصبحوا صائمين، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره، ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصيام، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب، وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب أعمال شاقة كالمسألة المسئول عنها أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل- إن أمكن- ما يضطرهم إلى الفطر في نهار رمضان بأن يجعل العمل ليلا أو توزع ساعات العمل في النهار بين العمال توزيعا عادلا يوفقون به بين العمل والصيام انتهى
!!! هل يباح للحامل والمرضع الفطر في رمضان ؟
قلت : يباح للحامل والمرضع الفطر في رمضان والدليل : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ رواه الترمذي (715) وابن ماجه واللفظ له (1667) حديث حسن قال الألباني  إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن وصححه ابن خزيمة
وحسنه الأرنؤوط
واختلف العلماء فيما يجب عليها إذا أفطرتا على خمسة أقوال:
القول الأول: (قَالَ) ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُفْطِرَانِ وَيُطْعِمَانِ - مكان كل يوم مسكينًا - وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا ينظر المجموع (6\269) وهو اختيار العلامة الألباني، ودليلهم : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ، الْكَبِيرَةِ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاءَا وَيُطْعِمَا كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] فَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ، إِذْا كَانَا لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، وَالْحُبْلَى، وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رواه البيهقي (1351)"وصححه الألباني في الإرواء (4\18) وأجيب عن ذلك قال شيخنا مصطفى العدوي قلت : هذا رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن الآية غير منسوخة ، بل باقية للشيخ الكبير والحامل والمرضع إلا أن هذا الرأي من حبر الأمة رضي الله عنه رأي مرجوح لأمرين : أولهما : أن جمهور الصحابة خالفوه في ذلك فورد عنهم أن الآية منسوخة الثاني : أنه على فرض أن الآية لم تنسخ فالآية لفظها [000 يطيقونه] وابن عباس يقرؤها يُطَوَّقُونَهُ - ينظر صحيح البخاري (4505) - والقراءة التي بها ابن عباس شاذة ، كما بين ذلك غير واحد من أهل العلم ينظر أحكام النساء (2\400)
القول الثاني : (وَقَالَ) عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَلَا فِدْيَةَ كَالْمَرِيضِ واختاره ابن المنذر ينظر المجموع (6\269)  ورجحه ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله  ودليلهم : قال تعالى {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] سورة البقرة 184 ] فالحامل والمرضع في حكم المريض قال ابن قدامة في المغني (3\ 150)  وَلَنَا أَنَّهُمَا يُطِيقَانِ الْقَضَاءَ، فَلَزِمَهُمَا، كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَالْآيَةُ أَوْجَبَتْ الْإِطْعَامَ، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْقَضَاءِ، فَأَخَذْنَاهُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. وَالْمُرَادُ بِوَضْعِ الصَّوْمِ وَضْعُهُ فِي مُدَّةِ عُذْرِهِمَا، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» . وَلَا يُشْبِهَانِ الشَّيْخَ الْهَرِمِ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْقَضَاءِ، وَهُمَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ.قَالَ أَحْمَدُ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. يَعْنِي وَلَا أَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي مَنْعِ الْقَضَاءِ.
وقال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى  (15\ 223)حكم الحامل التي يشق عليها الصوم حكم المريض، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصوم تفطران وتقضيان؛ لقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}  وذهب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن عليهما الإطعام فقط. والصواب الأول؛ لأن حكمهما حكم المريض؛ لأن الأصل وجوب القضاء ولا دليل يعارضه. ومما يدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع  » رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد حسن. فدل على أنهما كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان انتهى
وقال ابن عثيمين رحمه الله  يلزمها القضاء فقط دون الإطعام وهذا القول أرجح الأقوال عندي؛ لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض، والمسافر، فيلزمهما القضاء فقط، وأما سكوت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن القضاء فلأنه معلوم.وأما حديث: «إن الله تعالى وضع الصيام عن الحبلى والمرضع» فالمراد بذلك وجوب أدائه، وعليهما القضاء.ينظر الشرح الممتع (6\ 350)
القول الثالث : (وَقَالَ) الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَيَفْدِيَانِ – أي أطعام كل يوم مسكينا -:وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ ينظر المجموع (6\269) قال شيخنا ولا أعلم دليلا على هذا المذهب
القول الرابع : (وَقَالَ) مَالِكٌ الْحَامِلُ تُفْطِرُ وَتَقْضِي وَلَا فِدْيَةَ والمرضع تفطر وتقضى وتفدى ينظر المجموع (6\269)
القول الخامس: ليس عليهما قضاء ولا إطعام: وهو مذهب ابن حزم وهو الراجح ودليله : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ سبق تخريجه  قال ابن حزم : وَإِذْ هُوَ فَرْضٌ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا الصَّوْمُ، وَإِذَا سَقَطَ الصَّوْمُ فَإِيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى الْقَضَاءَ إلَّا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ، وَالْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، وَمُتَعَمِّدِ الْقَيْءِ فَقَطْ،000 وَأَمَّا تَكْلِيفُهُمْ إطْعَامًا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إيجَابُ غَرَامَةٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ.ينظر المحلى (4\ 411) وقال شيخنا مصطفى العدوي بعد أن نقل أقوال العلماء ومن أدلة هؤلاء – أي ابن حزم- أن الذمة بريئة ما دام لم يأت نص ملزم لها بشيء ، ولما لم يأت نص ملزم بشيء قلنا ببراءة ذمتها من أي شيء ، وأيضا قال النبي صل الله عليه وسلم - ذكر حديث الكعبي السابق – فدل ذلك على أن الصوم قد وضع عن الحامل والمرضع والمسافر ، ولا يقال هنا إننا نقيسهما على المسافر فكما أن المسافر يقضي فكذلك الحامل والمرضع تقضيان ، وذلك لأن المسافر إنما لزمه القضاء بنص خارج عن الحديث ألا وهو قوله تعالى : [فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخير ] ( سورة البقرة 184) أما الحامل والمرضع فأين الملزم لهما ؟ ثم إنه بإمعان النظر في الحديث نفسه : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ - نرى أن المسافر إذا قصر الصلاة في السفر لا يطالب – بعد رجوعه – بإتمام ما كان حذفه من ركعات ، فليقل كذلك : إن الحامل والمرضع لا يلزمان بقضاء ما فعلتاه من إفطار ، والله أعلم انظر أحكام النساء (5/224)
فائدة : لو استؤجرت المرأة لإرضاع غير ولدها ، أو أرضعته تقربا إلى الله ، فإنه يباح لها الفطر ، ويكون حكمها حكم المرضع لولدها ، والخلاف فيها كما سبق 0
!!! ما حكم الصَّومِ في السفر؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول :. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ –منهم ابن حزم - وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وبن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ قالوا : لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ عَنِ الْفَرْضِ بَلْ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي الْحَضَرِ ينظر فتح الباري (4\183)  ودليلهم : 1-قال الله تعالى [فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ] سورة البقرة (184)
قالوا : فالمسافر صيامه في أيام أخر ، وليس في رمضان وأجيب : معنى الآية  لمن أخذ برخصة السفر ، فإنه يجب عليه قضاء هذه الأيام
2-  عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» رواه البخاري (1946) ومسلم  (1115) قالوا : وَمُقَابَلَةُ الْبِرِّ الْإِثْمُ وَإِذَا كَانَ آثِمًا بِصَوْمِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ والرد على ذلك  بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْم  وترجم له البخاري بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الحَرُّ «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»وذكر حديث جابر قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أُخِذَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ كَرَاهَةَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ مِمَّنْ يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَوْ يُؤَدِّي بِهِ إِلَى تَرْكِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ مِنْ وُجُوهِ الْقُرَبِ فَيُنَزَّلُ قَوْلُهُ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ عَلَى مِثْلِ هَذِه انظر فتح الباري (4/184)
3- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ رواه مسلم (1114)  وأجيب :  قال النووي في شرح مسلم (7\232) وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ أَوْ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْفِطْرِ أَمْرًا جَازِمًا لِمَصْلَحَةِ بيان جوازه فَخَالَفُوا الْوَاجِبَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَكُونُ الصَّائِمُ الْيَوْمَ فِي السَّفَرِ عَاصِيًا إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ انتهى
4- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأَجْرِ رواه البخاري (2890) ومسلم (1119) وأجيب قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ
ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ " فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرَادَ بِالْأَجْرِ أَجْرُ تِلْكَ الْأَفْعَالِ الَّتِي فَعَلُوهَا، وَالْمَصَالِحُ الَّتِي جَرَتْ عَلَى أَيْدِيهِمْ. وَلَا يُرَادُ مُطْلَقُ الْأَجْرِ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُمْ قَدْ بَلَغَ فِي الْكَثْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَجْرِ الصَّوْمِ مَبْلَغًا يَنْغَمِرُ فِيهِ أَجْرُ الصَّوْمِ فَتَحْصُلُ الْمُبَالَغَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَجْرَ كُلَّهُ لِلْمُفْطِرِ. انظر إحكام الأحكام (2/ 23)
5- عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَائِمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ رواه ابن ماجه (1666) وضعفه ابن حجر والألباني
القول الثاني : قالوا بجواز صوم المسافر وإباحة فطره وهو مذهب الجمهور منهم الائمة الأربعة ورجحه ابن عثيمين وابن باز وشيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح  والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟  وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ رواه البخاري (1943) ومسلم (1121) قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (7\232)  فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ جَمِيعًا
2- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلاَ المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ رواه البخاري (1947) ومسلم (1118)
3- عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ رَوَاحَةَ»رواه البخاري (1945) ومسلم (1122)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الصَّوْمُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (15\237)
الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقا، ومن صام فلا حرج عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه هذا وهذا، وهكذا الصحابة رضي الله عنهم. لكن إذا اشتد الحر، وعظمت المشقة، تأكد الفطر، وكره الصوم للمسافر؛ لأنه «صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا قد ظلل عليه في السفر من شدة الحر وهو صائم؛ قال عليه الصلاة والسلام: ليس من البر الصوم في السفر  » . ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته  » ، وفي لفظ: «كما يحب أن تؤتى عزائمه  » .ولا فرق في ذلك بين من سافر على السيارات أو الجمال أو السفن والبواخر وبين من سافر في الطائرات. فإن الجميع يشملهم أسم السفر، ويترخصون برخصه، والله سبحانه شرع للعباد أحكام السفر والإقامة في عهده صلى الله عليه وسلم ولمن جاء بعده إلى يوم القيامة. فهو سبحانه يعلم ما يقع من تغير الأحوال وتنوع وسائل السفر. ولو كان الحكم يختلف لنبه عليه سبحانه كما قال عز وجل في سورة النحل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}  وقال سبحانه أيضا: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
!!! هل الصوم أفضل للمسافر أم الفطر مذْهَب ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ وأحمد قالوا : الْأَفْضَل -، الْفِطْر فِي السَّفَرِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ.وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَنَسٌ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ: أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ أَيْسَرِهِمَا ينظر المغني (3\ 157)
قال ابن حجر في فتح الباري (4\ 183)
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ وَالْفِطْرُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَشَقَّةَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ انتهى قلت : وهذا القول هو الراجح والدليل : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، فَلَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا، فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ»رواه مسلم (1116)
!!! هل يجوز الفطر لمن نوى الصيام وهو مقيم ثم سافر نهارا ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك فذهب أبو حنيفة والشافعي ومالك إلى عدم جواز الفطر لمن نوى الصيام وهو مقيم ثم سافر أثناء اليوم ، وحجتهم أنه شرع في الصوم الواجب فلزمه إتمامه وذهب أحمد وإسحاق والحسن -وهو اختيار ابن تيمية، إلى جواز الفطر في ذلك اليوم انظر صحيح فقه السنه (2/ 122) والفقه الميسر (2/473)
ورجحه ابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي وهوالراجح والدليل : 1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ، فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ، أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ المُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا رواه البخاري (4277) 2- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ رواه مسلم (1114) قال الشوكاني : وَاَلَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى جَوَازِ إفْطَارِ مَنْ أَصْبَحَ فِي حَضَرٍ مُسَافِرًا هُوَ حَدِيثُ الْبَابِ.- حديث ابن عباس- وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ انظر نيل الأوطار (4/270)
!!! قلت : الصحيح أيضا أن له الفطر في بيته يوم يريد أن يخرج وهو قول أنس والحسن البصري فيما روى عنه وابن راهويه ورجحه الألباني انظر تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر (29) وقال بعض العلماء ورجح هذا القول شيخنا مصطفى العدوي قالوا : لا يفطر إلا بعد الخروج من البلد لأنه لا يعد مسافرا قياسا على قصر الصلاة لا تجوز إلا بعد الخروج من البلد وضعفوا الأدلة الآتية قلت : النص الصحيح كما سيأتي مقدم على القياس كما في أصول الفقه فقول أنس رضي الله عنه وغيره هو الصحيح والدليل : 1- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَرًا، وَقَدْ رُحِلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ، وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ، فَقُلْتُ لَهُ: سُنَّةٌ؟ قَالَ: «سُنَّةٌ» ثُمَّ رَكِب رواه الترمذي (799) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وصححه الألباني وقال الترمذي وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى هَذَا الحَدِيثِ، وَقَالُوا: لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ فِي بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جِدَارِ المَدِينَةِ أَوِ القَرْيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيِّ "2- عن جَعْفَر ابْن جَبْرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَرُفِعَ ثُمَّ قُرِّبَ غَدَاهُ، قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَلَمْ يُجَاوِزِ الْبُيُوتَ حَتَّى دَعَا بِالسُّفْرَةِ، قَالَ: اقْتَرِبْ قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ، قَالَ أَبُو بَصْرَةَ «أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَأَكَل رواه أبو داود (2412) قلت : صحيح بشواهده ويشهد له ما قبله وصححه الألباني وقال الأرنوؤط حسن لغيره
قال الشوكاني : وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَ السَّفَرَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَصَحِيحٌ يَقْتَضِي جَوَازَ الْفِطْرِ مَعَ أُهْبَةِ السَّفَرِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ السُّنَّةِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إلَى التَّوْقِيفِ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ. وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صَرَّحَ هَذَانِ الصَّحَابِيَّانِ بِأَنَّ الْإِفْطَارَ لِلْمُسَافِرِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ مِنْ السُّنَّةِ.انظر نيل الأوطار (4/271)
!!! الذين يسافرون دائما كسائقي الشاحنات والقطارات والطائرات ونحوهم لهم الترخيص برخصة السفر ؛ لأن الله أطلق إباحة الترخيص بالسفر ، ولم يقيده بشيء – يباح الإفطار للمسافر ولو كان سفره بوسائل النقل المريحة ، سواء وجد مشقة أو لم يجدها ، إذ إن علة الفطر وجود السفر دون التقيد بشيء آخر انظر تمام المنة (2/165)
!!! هل يدخل في حكم السفر المبيح للفطر البعثات الدراسية أو المهمات التي تزيد عن شهر خاصة وأن الصيام في بلاد الغربة شاق وبه متاعب كثيرة؟ وما هو السفر الذي لا يجوز فيه قصر الصلاة ولا الفطر في رمضان؟ قال ابن عثيمين رحمه الله : هذه المسألة فيها نزاع بين أهل العلم وخلاف كثير، وهو: هل المسافر ينقطع حكم السفر بحقه إذا نوى إقامة مقدرة، تزيد على أربعة أيام، أو على خمسة عشر يوماً، أو على تسعة عشر يوماً، أو أن المسافر مسافر مادام لم ينو الاستيطان في البلد؟ هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمه الله أن الإنسان مادام على سفر ولم ينو الإقامة المطلقة وإنما أقام لحاجة، متى انتهت رجع إلى بلده، فهو في حكم المسافر، واختار هذا القول من المشائخ: الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، واختاره أيضاً الشيخ محمد رشيد رضا صاحب المنار، واختاره شيخنا عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمهم الله جميعاً، لأنه ليس هناك دليل يدل على انقطاع حكم السفر بإقامة إذا كان الإنسان إنما أقام لحاجة، متى انتهت رجع. وقد ذكروا آثاراً في هذه المسألة منها: أن ابن عمر رضي الله عنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وقد حبسه الثلج، وكذلك ذكروا آثاراً عن بعض التابعين الذين يقيمون في الثغور الإسلامية، ولكن مع ذلك أرى أنه لا ينبغي لهم أن يؤخروا صوم رمضان إلى رمضان الثاني، لأنه إذا فعلوا ذلك تراكمت عليهم الشهور، وثقل عليهم القضاء فيما بعد.والسفر الذي لا يجوز فيه قصر الصلاة، ولا الفطر هو ما كان دون المسافة عند القائلين بأنه يحدد السفر بمسافة أربعة برد ستة عشر فرسخاً والفرسخ ثلاثة أميال، وتقدر بالكيلوات نحو واحد وثمانين كيلو وثلاثمائة متر أو نحوها. انظر مجموع فتاوى (19/ 153)
!!! لا يجوز للحائض أو النفساء أن تصوما ، ويجب عليهما القضاء0
عَنْ مُعَاذَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» رواه البخاري (321) ومسلم (335)واللفظ له
قال ابن قدامة في المغني (3/152) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَا يَحِلُّ لَهُمَا الصَّوْمُ، وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ، وَيَقْضِيَانِ، وَأَنَّهُمَا إذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ انتهى
قال النووي رحمه الله في المجموع( 2/351)
ونقل الترمذي وابن المنذر وابن جرير وآخرون الْإِجْمَاع على أنها لا تقضي الصلاة وتقضي الصوم اهـ!!! الحيض والنفاس إذا وقع قبل غروب الشمس ولو بلحظات :
قال النووي في المجوع (6/257)
لَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلَوْ أَمْسَكَتْ لَا بِنِيَّةِ الصَّوْمِ لم تأثم وانما تأثم إذَا نَوَتْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْعَقِدُ انتهى
!!! الحائض إذا طهرت قبل الفجر ونوت هل يصح صومها بدون غسل0
جاء في عون المعبود (7/12) وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي اللَّيْلِ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ اغْتِسَالِهِمَا صَحَّ صَوْمُهُمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا إِتْمَامُهُ سَوَاءٌ تَرَكَتِ الْغُسْلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْجُنُبِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِمَّا لَا نَعْلَمُ صَحَّ عَنْهُ أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِتَغْيِيرٍ انتهى
!!! امرأة تقول: جاءها الحيض، وتوقف عنها الدم في اليوم السادس من المغرب حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، واغتسلت هذا اليوم وصامت اليوم الذي بعده، ثم جاءتها كدرة بنية وصامت هذا اليوم، هل يعتبر هذا من الحيض مع أن عادتها تجلس سبعة أيام؟
قال ابن عثيمين : هذه الكدرة ليست من الحيض، الكدرة التي تصيب المرأة من بعد طهارتها ليست بشيء، قالت أم عطية رضي الله عنها: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً» . وفي رواية أخرى: «كنا لا نعدها شيئاً» . ولم تذكر بعد الطهر. والحيض دم ليس بكدرة ولا صفرة، وعلى هذا فيكون صيام هذه المرأة صحيحاً، سواء في اليوم الذي لم تر فيه الكدرة، أو اليوم الذي رأت فيه الكدرة، لأن هذه الكدرة ليست بحيض انظر مجموع فتاوى (19/ 105)
!!! هل يجوز للمرأة أَن تتناول دواء يقطع الحيضة في رمضان كي تصوم رمضان كاملا وتقومه قال ابن قدامة في المغني : رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَشْرَبَ الْمَرْأَةُ دَوَاءً يَقْطَعُ عَنْهَا الْحَيْضَ، إذَا كَانَ دَوَاءً مَعْرُوفًا انظر المغني (1/ 266)
وقال شيخنا مصطفى العدوي : اعلم أَن هذا لا يستحب للمرأة وذلك لأن الحيض كتبه الله على بنات ادم ولم تكن النسوة على عهد رسول الله يتكلفن ذلك بل لم نقف على امَرْأَة على عهد رسول الله فعلت ذلك
س- لكن هب أنَّه حدث فما حكمه
ج- حكمه إِذا قطع الدم أن الصوم معه جائز ولا إعادة أما إذا   شك في انقطاع الدم من وجوده فحينئذ حكمها حكم الحائض وعليها أن تفطر أيام حيضها وتعيد صوم تلك الأيام  بعد والله أعلم انظر أحكام النساء 5/223
!!! قال شيخنا مصطفى العدوي نعم الحائض لا تصوم , ولو صامت فصومها باطل , وعليها الإعادة أما كونها تمتنع عن الطعام والشراب توقيرا للشهر ، فليس على هذا القول دليل ، وقد ألزمت بالفطر أما كونها تتحفظ في الأكل أمام الأبناء ، فإن كان الأبناء يفهمون الأحكام الشرعية ، ويعرفون أن هذا من حق الحائض ، فلا بأس بالأكل والشرب أمامهم ، أما إذا كانوا لا يستوعبون ذلك ، فالأولى أن تأكل بعيدا عنهم حتى لا يظنوا بها سوءا والله أعلم انظر فتاوى مهمة (2/185)
!!! بالنسبة للمستحاضة فلا يمنعها دمها من صلاة ولا صوم بإجماع العلماء ، كما نقل ذلك القرطبي عنهم انظر أحكام النساء (2/390)
!!! من أكل أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر؟
قلت : تنازع في ذلك على قولين القول الأول : قال النووي في المجموع (6/309)إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ ظَانًّا غُرُوبَ الشَّمْسِ أَوْ عَدَمَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانِ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ كَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ واحمد وابو ثور والجمهور 000وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ الي الليل) وَهَذَا قَدْ أَكَلَ فِي النَّهَارِ قلت : سيأتي الرد على ذلك من كلام ابن تيمية رحمه الله
القول الثاني : وقال اسحق بْنُ رَاهْوَيْهِ وَدَاوُد صَوْمُهُ صَحِيحٌ وَلَا قَضَاءَ وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُجَاهِدٍ
انظر المجموع (6/309) وهو مذهب ابن حزم وابن تيمية وهو الراجح والدليل : قال تعالى : {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]  وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ رواه ابن ماجه (2045) حديث صحيح بشواهده وصححه الألباني
فَإِنَّ اللَّهَ رَفَعَ الْمُؤَاخَذَةَ عَنْ النَّاسِي وَالْمُخْطِئِ وَهَذَا مُخْطِئٌ وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ الْأَكْلَ وَالْوَطْءَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ وَاسْتَحَبَّ تَأْخِيرَ السُّحُورِ وَمَنْ فَعَلَ مَا نُدِبَ إلَيْهِ وَأُبِيحَ لَهُ لَمْ يُفَرِّطْ فَهَذَا أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنْ النَّاسِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انظر مجموع الفتاوى (25/264)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (20/572)
وَاَلَّذِينَ قَالُوا: لَا يُفْطِرُ فِي الْجَمِيعِ قَالُوا: حُجَّتُنَا أَقْوَى وَدَلَالَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى قَوْلِنَا أَظْهَرُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} فَجَمَعَ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ فَعَلَ الْمَحْظُورَاتِ الْحَجَّ وَالصَّلَاةَ مُخْطِئًا كَمَنْ فَعَلَهَا نَاسِيًا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ أَفْطَرُوا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ وَلَكِنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ وَأَبُوهُ أَعْلَمُ مِنْهُ وَكَانَ يَقُولُ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ {كَانُوا يَأْكُلُونَ حَتَّى يَظْهَرَ لِأَحَدِهِمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِهِمْ: إنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إنَّمَا ذَلِكَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ} وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِقَضَاءِ وَهَؤُلَاءِ جَهِلُوا الْحُكْمَ فَكَانُوا مُخْطِئِينَ. وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَفْطَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ النَّهَارُ فَقَالَ: لَا نَقْضِي فَإِنَّا لَمْ نَتَجَانَفْ لِإِثْمِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: نَقْضِي؛ وَلَكِنَّ إسْنَادَ الْأَوَّلِ أَثْبَتُ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْخَطْبُ يَسِيرٌ. فَتَأَوَّلَ ذَلِكَ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ خِفَّةَ أَمْرِ الْقَضَاءِ لَكِنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى أَثَرًا وَنَظَرًا وَأَشْبَهُ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي النَّاسِي أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَالْأَصْلُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَحْظُورًا نَاسِيًا لَمْ يَكُنْ قَدْ فَعَلَ مَنْهِيًّا عَنْهُ؛ فَلَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي إحْرَامٍ أَوْ صِيَامٍ.انتهى
!!! ما حكم من أفسد صومه الواجب بسبب العطش؟
قال ابن عثيمين : حكمه أنه يحرم على من كان في صوم واجب سواء من رمضان أو قضائه، أو كفارة، أو فدية يحرم عليه أن يفسد هذا الصوم، لكن إن بلغ به العطش إلى حد يخشى عليه من الضرر، أو من التلف فإنه يجوز له الفطر ولا حرج عليه، حتى ولو كان ذلك في رمضان إذا وصل إلى حد يخشى على نفسه الضرر، أو الهلاك فإنه يجوز له أن يفطر. والله أعلم.انظر مجموع فتاوى (19/202)
!!! الصائم يصبح جنبا ، هل يصح صومه أم لا ؟
قلت : من أجنب ليلاً، ثم أصبح صائماً، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، ولا إثم عليه وهو قول أكثر أهل العلم وقال بعض أهل العلم إذا علم بجنابته ثم نام حتى يصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم حتى يصبح فهو صائم. وروى ذلك عن طاوس، وعروة بن الزبير وروى عن الحسن البصرى فى أحد قوليه أنه يتم صومه ويقضيه، وعن سالم بن عبد الله مثله انظر شرح البخاري لابن البطال (4/49) وحجتهم : عن أبي هريرة قال قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ، صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَحَدُكُمْ جُنُبٌ، فَلَا يَصُمْ يَوْمَئِذٍ رواه أحمد (8145) حديث صحيح صححه أحمد شاكر والألباني والأرنؤوط  قلت : الصحيح صومه صحيح، ولا قضاء عليه، ولا إثم عليه والدليل : عن مَرْوَان،أَنَّ عَائِشَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ» رواه البخاري (1926) ومسلم (1109)
قال الصنعاني عن هذا الحديث قال : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ أَيْ دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ جِمَاعٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ إجْمَاعٌ، وَقَدْ عَارَضَهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ - صَلَاةِ الصُّبْحِ - وَأَحَدُكُمْ جُنُبٌ فَلَا يَصُمْ يَوْمَهُ» وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا رُوِيَ لَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَفْتَى بِقَوْلِهِمَا وَيَدُلُّ لِلنَّسْخِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَفْتِيهِ وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُدْرِكنِي الصَّلَاةُ أَيْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَأَنَا جُنُبٌ فَقَالَ النَّبِيُّ: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ. قَالَ: لَسْت مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي» وَقَدْ ذَهَبَ إلَى النَّسْخِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدْفَعُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ خَاصًّا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدَّ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: بِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَقْوَى سَنَدًا حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ صَحَّ وَتَوَاتَرَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ وَرِوَايَةُ الرَّفْعِ أَقَلُّ وَمَعَ التَّعَارُضِ يُرَجَّحُ لِقُوَّةِ الطَّرِيقِ.انظر سبل السلام (1/579)
قلت : الصحيح حمل حديث أبي هريرة  على نفي الكمال أي من المستحب لمن أراد أن يصوم أن يغتسل قبل الفجر ، فإن أخر الاغتسال إلى بعد الفجر فهو جائز والله أعلم
قال ابن كثير في تفسيره (1/ 517)
 وَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى نَسْخَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَلَكِنْ لَا تَارِيخَ مَعَهُ.وَادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا، وَأَبْعَدُ؛ إِذْ لَا تَارِيخَ، بَلِ الظَّاهِرُ مِنَ التَّارِيخِ خِلَافُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ "فَلَا صَوْمَ لَهُ" لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ الدَّالَّيْنِ عَلَى الْجَوَازِ. وَهَذَا الْمَسْلَكُ أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ وَأَجْمَعُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
 !!! لا يبطل الصوم بالاحتلام لأنه يحصل بدون اختيار الصائم ؟
عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ رواه أبو داود (4403) صحيح وصححه الألباني
قال النووي في المجموع (6/322)  إذَا احْتَلَمَ فَلَا يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَمَنْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ فَوَقَعَتْ فِي جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ انتهى

ما يباح للصائم ؟
 سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى – في مجموع فتاوى (19/284) : ما حكم السباحة للصائم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس للصائم أن يسبح، وله أن يسبح كما يريد، وينغمس في الماء، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع، وهذه السباحة تنشط الصائم وتعينه على الصوم، وما كان منشطاً على طاعة الله فإنه لا يمنع منه، فإنه مما يخفف العبادة على العباد وييسرها عليه، وقد قال الله تبارك وتعالى في معرض آيات الصوم: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» . والله أعلم.
!!! المضمضة والاستنشاق من غير مبالغة :
عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَخْبِرْنِي، عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رواه أبو داود (142)
قلت : سنده صحيح وقال الألباني في صحيح أبي داود (قلت: إسناده صحيح. وروى بعضه الترمذي، والحاكم، وصححاه، وكذا صححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والبغوي وابن القطان والنووي والذهبي)
!!! قال ابن قدامة في المغني (3/123)
وَإِنْ تَمَضْمَضَ، أَوْ اسْتَنْشَقَ فِي الطَّهَارَةِ، فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إسْرَافٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ الْمَاءَ إلَى جَوْفِهِ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، فَأَفْطَرَ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ شُرْبَهُ.وَلَنَا أَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا قَصْدٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ إلَى حَلْقِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُتَعَمِّدَ.
!!! هل يجوز الكحل للصائم أو الصائمه
على قولين ؟ قلت : تنازع العلماء في ذلك
القول  الأول :  قالوا: أَنَّهُ جَائِز وَلَا يُكْرَهُ وَلَا يُفْطِرُ بِهِ سَوَاءٌ وَجَدَ
طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا؛ وهو قول الشافعي  وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحَكَاهُ غَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى الصَّحَابِيَّيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ دَاوُد انظر المجموع 6/ 348 ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح0
والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «اكْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ رواه ابن ماجه (1678) وصححه الألباني وقال ابن حجر في التلخيص ط قرطبة (2/366) وَفِي الْبَابِ عَنْ بَرِيرَةَ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ فِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ انتهى
2- عموم قوله صل الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اكْتَحَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْتَحِلْ وِتْرًا، وَإِذَا اسْتَجْمَرَ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا "رواه أحمد (8611) حديث حسن وصححه الألباني في صحيح الجامع (375) وحسنه الأرنؤوط في مسند أحمد
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي  رواه البخاري 7492 ومسلم 1151 قلت : والكحل ليس بطعام ولا بشراب ولا بشهوة  
القول الثاني : وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ قَالُوا يَبْطُلُ بِهِ صَوْمُهُ وَقَالَ قَتَادَةُ يَجُوزُ بِالْإِثْمِدِ وَيُكْرَهُ بِالصَّبْرِ* وَقَالَ الثوري وإسحق يكره
·      وقال مَالِكٌ وَأَحْمَدُ يُكْرَهُ وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْحَلْقِ أَفْطَرَ
·      انظر المجموع 6/ 348
استدلوا : بِحَدِيثِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوِّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد 2377 وَقَالَ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وضعفه الألباني قلت : الصحيح هو القول الأول
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في مجموع الفتاوى (25/233)
وَأَمَّا الْكُحْلُ وَالْحُقْنَةُ وَمَا يُقْطَرُ فِي إحْلِيلِهِ وَمُدَاوَاةُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ فَهَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَطِّرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَطَّرَ بِالْجَمِيعِ لَا بِالْكُحْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَطَّرَ بِالْجَمِيعِ لَا بِالتَّقْطِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَطِّرْ بِالْكُحْلِ وَلَا بِالتَّقْطِيرِ وَيُفَطِّرُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنَّ الصِّيَامَ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي الصِّيَامِ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهَا لَكَانَ هَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ بَيَانُهُ وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ لَعَلِمَهُ الصَّحَابَةُ وَبَلَّغُوهُ الْأُمَّةَ كَمَا بَلَّغُوا سَائِرَ شَرْعِهِ. فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَا حَدِيثًا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا وَلَا مُسْنَدًا وَلَا مُرْسَلًا - عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي الْكُحْلِ ضَعِيفٌ انتهى وقال ابن تيمية أيضا (25/241) فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكُحْلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَمَا تَعُمُّ بِالدُّهْنِ وَالِاغْتِسَالِ وَالْبَخُورِ وَالطِّيبِ. فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُفْطِرُ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا بَيَّنَ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الطِّيبِ وَالْبَخُورِ وَالدُّهْنِ وَالْبَخُورُ قَدْ يَتَصَاعَدُ إلَى الْأَنْفِ وَيَدْخُلُ فِي الدِّمَاغِ وَيَنْعَقِدُ أَجْسَامًا وَالدُّهْنُ يَشْرَبُهُ الْبَدَنُ وَيَدْخُلُ إلَى دَاخِلِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِ الْإِنْسَانُ وَكَذَلِكَ يَتَقَوَّى بِالطِّيبِ قُوَّةً جَيِّدَةً فَلَمَّا لَمْ يَنْهَ الصَّائِمَ عَنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ تَطْيِيبِهِ وَتَبْخِيرِهِ وَادِّهَانِهِ وَكَذَلِكَ اكْتِحَالُهُ. وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْرَحُ أَحَدُهُمْ إمَّا فِي الْجِهَادِ وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ مَأْمُومَةً وَجَائِفَةً فَلَوْ كَانَ هَذَا يُفْطِرُ لَبَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يَنْهَ الصَّائِمَ عَنْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ مُفْطِرًا اهـ
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله "مجموع الفتاوى" (15/260) :
ما حكم استعمال الكحل وبعض أدوات التجميل للنساء خلال نهار رمضان؟ وهل تفطر هذه أم لا؟
فأجاب:" الكحل لا يفطر النساء ولا الرجال في أصح قولي العلماء مطلقا، ولكن استعماله في الليل أفضل في حق الصائم.
وهكذا ما يحصل به تجميل الوجه من الصابون والأدهان وغير ذلك مما يتعلق بظاهر الجلد، ومن ذلك الحناء والمكياج وأشباه ذلك، كل ذلك لا حرج فيه في حق الصائم، مع أنه لا ينبغي استعمال المكياج إذا كان يضر الوجه، والله ولي التوفيق " انتهى.
!!! ما حكم  القبلة والمباشرة  لزوجته في نهار رمضان ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : إباحة القبلة والمباشرة للصائم والصائمة قَالَ الْقَاضِي قَدْ قَالَ بِإِبَاحَتِهَا لِلصَّائِمِ مُطْلَقًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ ينظر المجموع (7\215) وابن عثيمين ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل : 1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» رواه البخاري (1927) ومسلم (1106) قال شيخنا مصطفى العدوي المراد بالإرب هنا الحاجة فمعنى إربه حاجته والله أعلم والمعنى والله تعالى أعلم أن النبي صل الله عليه وسلم كان يضبط نفسه ، فلا يقع في الجماع المحظور ، وليس مراد عائشة رضي الله عنها منع الصائمين من تقبيل أزواجهن وقد ورد عنها – وسيأتي قريبا – حثها لابن أخيها على تقبيل زوجته وهو صائم
َ2- عنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ رواه مسلم (1107)
3- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ , قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَالْحِجَامَةِ».رواه الدارقطني (2268) وصححه ابن حزم والألباني ينظرالإرواء (4\74)
4- عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ صَائِمًا؟ قَالَتْ: «كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ»رواه عبد الرزاق في المصنف (7439) وصححه الألباني في الصحيحة (1\435) قال بعض العلماء أن قبلة الصائم خاصة برسول الله صل الله عليه وسلم وأجيب عن ذلك
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (4\339) فَأَمَّا مَنْ ادَّعَى أَنَّهَا خُصُوصٌ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَمَا يَعْجَزُ عَنْ الدَّعْوَى مَنْ لَا تَقْوَى لَهُ؟ فَإِنْ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» . قُلْنَا: لَا حُجَّةَ لَكَ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ هَذَا؛ 0000- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاشِرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرَهَا، قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْلِكُ إرْبَهُ» ؟ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ يُوجِبُ أَنَّهُ لَهُ خُصُوصٌ فَقَوْلُهَا هَذَا فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ يُوجِبُ أَنَّهَا لَهُ أَيْضًا خُصُوصٌ، أَوْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، أَوْ أَنَّهَا لِلشَّيْخِ دُونَ الشَّابِّ وَلَا يُمْكِنُهُمْ هَاهُنَا دَعْوَى الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ كَرِهُوا مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ؛ جُمْلَةً وَلَعَمْرِي إنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ لَأَشَدُّ غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى عَنْ جِمَاعِهَا أَيَّامًا وَلَيَالِيَ فَتَشْتَدُّ حَاجَتُهُ، وَأَمَّا الصَّائِمُ فَالْبَارِحَةُ وَطِئَهَا، وَاللَّيْلَةَ يَطَؤُهَا، فَهُوَ بِشَمٍّ مِنْ الْوَطْءِ؟ 000عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهَا فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ لَهَا: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُخِّصَ لَهُ فِي أَشْيَاءَ، فَارْجِعِي إلَيْهِ، فَرَجَعَتْ إلَيْهِ، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللَّهِ» .- قلت : صححه شيخنا مصطفى العدوي -
000«عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلْ هَذِهِ، يَعْنِي أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ» .- رواه مسلم (1108) -
فَهَذَانِ الْخَبَرَانِ يُكَذِّبَانِ قَوْلَ مَنْ ادَّعَى فِي ذَلِكَ الْخُصُوصَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ اسْتَفْتَاهُ،
القول الثاني : قالوا : بالتفريق بين الشاب والشيخ في القبلة والمباشرة فأجازوها للشيخ أي كبير السن ومنعوا منها الشاب قَالَ بن عَبَّاسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ تُكْرَهُ لِلشَّابِّ دُونَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مالك ينظر المجموع (7\215) ودليلهم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، «فَرَخَّصَ لَهُ»، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، «فَنَهَاهُ»، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابّ رواه أبو داود (2387) قلت : حديث صحيح له شواهد وقال الألباني  إسناده حسن صحيح قلت : هذا الحديث مخالف لحديث عند مسلم (1108) عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ هَذِهِ» لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»
قال ابن حزم في المحلى (4\340) وَيُكَذِّبُ قَوْلَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ لِلشَّابِّ مُبَاحَةٌ لِلشَّيْخِ؟ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ شَابًّا جِدًّا فِي قُوَّةِ شَبَابِهِ إذْ مَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَوَّجَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنْتَ حَمْزَةَ عَمِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.«عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ أَهْوَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُقَبِّلَنِي، فَقُلْتُ: إنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ: وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَبَّلَنِي» .
وَكَانَتْ عَائِشَةُ إذْ مَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِنْتَ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً فَظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ، وَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهَا مَكْرُوهَةٌ؛ وَصَحَّ أَنَّهَا حَسَنَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، سُنَّةٌ مِنْ السُّنَنِ، وَقُرْبَةٌ مِنْ الْقُرْبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُقُوفًا عِنْدَ فُتْيَاهُ بِذَلِكَ؟
القول الثالث : وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وغيره عن بن مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ قَضَى يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِ الْقُبْلَةِ ينظر المجموع
ودليلهم : 1- قال اللَّهِ تَعَالَى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } [البقرة: 187] فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمَنْعُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ؟ قُلْنَا قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبَاحَةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى مُرَادُهُ مِنَّا، فَصَحَّ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْمُحَرَّمَةَ فِي الصَّوْمِ إنَّمَا هِيَ الْجِمَاعُ فَقَطْ؛ينظر المحلى (4\341) وسبل السلام (1\568)
قلت: الراجح أنه يباح القبلة والمباشرة للصائم والصائمة ، فإن قبَّل أو باشر فأمذى أو أمذت فلا شيء عليهما قال النووي رحمه الله في المجموع (6\323) لَوْ قَبَّلَ امْرَأَةً وَتَلَذَّذَ فَأَمْذَى وَلَمْ يُمْنِ لَمْ يُفْطِرْ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ يُفْطِرُ دَلِيلُنَا أَنَّهُ خَارِجٌ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَأَشْبَهَ الْبَوْل انتهى
 فإن كان يعلم من نفسه أنه يمني بذلك لم يجز له، فإن فعل وأمنى أو أَمْنت هي فقد أفطر الذي أنزل المني منهما وبطل صومه وعليه القضاء والدليل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال الله عز وجل يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي،رواه البخاري (7492) ومسلم (1151)
قال العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع (6\ 427)
القبلة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ألا يصحبها شهوة إطلاقاً، مثل تقبيل الإنسان أولاده الصغار، أو تقبيل القادم من السفر، أو ما أشبه ذلك، فهذه لا تؤثر ولا حكم لها؛ باعتبار الصوم.
القسم الثاني: أن تحرك الشهوة، ولكنه يأمن من إفساد الصوم بالإنزال، أو بالإمذاء، ـ إذا قلنا: بأن الإمذاء يفسد الصوم ـ، فالمذهب أن القبلة تكره في حقه.
القسم الثالث: أن يخشى من فساد الصوم إما بإنزال وإما بإمذاء ـ إن قلنا بأنه يفطر بالإمذاء، وسبق أن الصحيح أنه لا يفطر ـ فهذه تحرم إذا ظن الإنزال، بأن يكون شاباً قوي الشهوة، شديد المحبة لأهله، فهذا لا شك أنه على خطر إذا قبل زوجته في هذه الحال، فمثل هذا يقال في حقه يحرم عليه أن يقبل؛ لأنه يعرض صومه للفساد.
أما القسم الأول فلا شك في جوازها؛ لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع، وأما القسم الثالث فلا شك في تحريمها.
وأما القسم الثاني وهو الذي إذا قبَّل تحركت شهوته لكن يأمن على نفسه، فالصحيح أن القبلة لا تكره له وأنه لا بأس بها، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يقبل وهو صائم»  ، «وسأله عمر بن أبي سلمة ـ رضي الله عنهما ـ عن قبلة الصائم وكانت عنده أم سلمة فقال له: سل هذه، فأخبرته أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل وهو صائم، فقال السائل: أنت رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: إني لأخشاكم لله وأعلمكم به»  وهذا يدل على أنها جائزة سواء حركت الشهوة أم لم تحرك، ويروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: «ما أبالي قبلت امرأتي أو شممت ريحاناً»  وشم الريحان لا يفطر الصائم لكنه ينعش النفس ويسرها، وتقبيل الزوجة كذلك يسر وينعش الإنسان لكن ليس جماعاً ولا إنزالاً، فبأي شيء تكون الكراهة.وأما ما يروى من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «سأله رجل عن القبلة فأذن له، وسأله آخر فلم يأذن له، فإذا الذي أذن له شيخ والذي لم يأذن له شاب»  فحديث ضعيف لا تقوم به الحجة، ضعفه ابن القيم ـ رحمه الله ـ وقال: لا يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم إذاً القبلة في حق الصائم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم جائز، وقسم مكروه، وقسم محرم، والصحيح أنهما قسمان فقط:
قسم جائز، وقسم محرم، فالقسم المحرم إذا كان لا يأمن فساد صومه، والقسم الجائز له صورتان:
الصورة الأولى: ألا تحرك القبلة شهوته إطلاقاً.
الصورة الثانية: أن تحرك شهوته، ولكن يأمن على نفسه من فساد صومه.أما غير القبلة من دواعي الوطء كالضم ونحوه، فحكمها حكم القبلة ولا فرق.
!!! هل الإبر والحقن العلاجية في نهار رمضان تفطرالصائم؟
قلت تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : قال النووي الْحُقْنَةُ ذَكَرْنَا أَنَّهَا مُفْطِرَةٌ عِنْدَنَا وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عن عطاء والثوري وابى حنيفة واحمد واسحق وَحَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ ينظر المجموع (6\320)
القول الثاني : قَالَه الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَدَاوُد ينظر المجموع وهذا مذهب ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه ابن باز وابن عثيمين وشيخنا مصطفى العدوي ؟ قالوا : صومه صحيح؛ لأن الحقنة ليست من جنس الأكل والشرب وهو الراجح والدليل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال الله عز وجل يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي،رواه البخاري (7492) ومسلم (1151) وكما هو معلوم أن الحقنة ليست بطعام ولا بشراب ولا بجماع  قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (6\368) قوله: «أو احتقن» الاحتقان هو إدخال الأدوية عن طريق الدبر، وهو معروف، ولا يزال يعمل، فإذا احتقن فإنه يفطر بذلك، لأن العلة وصول الشيء إلى الجوف، والحقنة تصل إلى الجوف، أي: تصل إلى شيء مجوف في الإنسان، فتصل إلى الأمعاء فتكون مفطرة، فإذا وصل إلى الجوف شيء عن طريق الفم، أو الأنف، أو أي منفذ كان، فإنه يكون مفطراً، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد  ، وعليه أكثر أهل العلم.وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: لا فطر بالحقنة؛ لأنه لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً، وليس هناك دليل في الكتاب والسنة، أن مناط الحكم وصول الشيء إلى الجوف، ولو كان لقلنا: كل ما وصل إلى الجوف من أي منفذ كان فإنه مفطر، لكن الكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب.وقال بعض العلماء المعاصرين: إن الحقنة إذا وصلت إلى الأمعاء فإن البدن يمتصها عن طريق الأمعاء الدقيقة، وإذا امتصها انتفع منها، فكان ما يصل إلى هذه الأمعاء الدقيقة كالذي يصل إلى المعدة من حيث التغذي به، وهذا من حيث المعنى قد يكون قوياً. لكن قد يقول قائل: إن العلة في تفطير الصائم بالأكل والشرب ليست مجرد التغذية، وإنما هي التغذية مع التلذذ بالأكل والشرب، فتكون العلة مركبة من جزأين:أحدهما: الأكل والشرب.
الثاني: التلذذ بالأكل والشرب؛ لأن التلذذ بالأكل والشرب مما تطلبه النفوس، والدليل على هذا أن المريض إذا غذي بالإبر لمدة يومين أو ثلاثة، تجده في أشد ما يكون شوقاً إلى الطعام والشراب مع أنه متغذٍ.
فإن قيل: ينتقض قولكم إن العلة مركبة من جزأين إلى آخره أن السعوط مفطر مع أنه لا يحصل به تلذذ بالأكل والشرب. فالجواب أن الأنف منفذ معتاد لتغذية الجسم، فألحق بما كان عن طريق الفم.
وبناء على هذا نقول: إن الحقنة لا تفطر مطلقاً، ولو كان الجسم يتغذى بها عن طريق الأمعاء الدقيقة. فيكون القول الراجح في هذه المسألة قول شيخ الإسلام ابن تيمية مطلقاً، ولا التفات إلى ما قاله بعض المعاصرين انتهى
!!! بخاخ الربو لا يفطر ولا يفسد الصوم وهو ما رجحه ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله ؟ ودليلهم : الصائم له أن يتمضمض ويستنشق بالإجماع وإذا تمضمض سيبقى شيء من أثر الماء في بليع الريق سيدخل المعدة ، والداخل من بخاخ الربو إلى المريء ثم إلى المعدة هذا قليل جدا فيقاس على الماء المتبقى من المضمضة 2- أن الأطباء ذكروا أن السواك يحتوي على ثمان مواد كيميائية وهو جائز للصائم مطلقا ولا شك أنه سينزل شيء من السواك إلى المعدة فنزول السائل الدوائي كنزول أثر السواك قياسا
سئل ابن عثيمين - رحمه الله تعالى – في مجموع فتاوى (19/212) : رجل فيه مرض الربو وعنده علاج بخاخ هل يجوز استعماله في نهار رمضان وهل هو يفطر أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا يقول: إنه رجل فيه مرض الربو، والربو هو مرض يضيق معه النفس، ويستعمل المريض له شيئاً يسمونه بخاخ، يبخه في فمه، فتنفتح أفواه النفس فيتنفس، يقول السائل: هل يجوز استعماله في نهار رمضان؟ وهل هو يفطر الصائم أم لا؟
نقول له: يجوز لك أن تستعمله في نهار رمضان وأنت صائم، ولا يفطرك، أيضاً لأن الذي يخرج من هذه الا"لة شيء يتطاير ويتبخر، لأنه عبارة عن غاز لا يثبت ولا يبقى، وإنما فائدته أنه يفتح أفواه العروق فيتنفس المريض، وعلى هذا يجوز للمريض أن يستعمل هذا البخاخ في نهار رمضان وهو صائم، وفي غير نهار رمضان إذا كان صائماً، ولا يفطر، لأن ذلك ليس أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب اهـ
!!! اختلف العلماء في كون القطرة في العين مفسدة للصوم أم لا على قولين:
1- فذهب المالكية والحنابلة إلى أن التقطير في العين مفسد للصوم، إذا وصل إلى الحلق، لأن العين منفذ، وإن لم يكن معتاداً.
2- وذهب الحنفية ـ في الأصح عندهم ـ وجماعة من العلماء إلى أن التقطير لا يفسد الصوم لأنه لا ينافيه، وإن وجد طعمه في حلقه. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، سئل ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: ما حكم الكحل للصائم والقطرة في العين والأذن والأنف؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس على الصائم أن يكتحل، وأن يقطر في عينه، وأن يقطر كذلك في أذنه حتى وإن وجد طعمه في حلقه فإنه لا يفطر به، لأنه ليس بأكل ولا شرب، ولا بمعنى الأكل والشرب، والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الصواب، أما لو قطر في أنفه فدخل جوفه فإنه يفطر إن قصد ذلك، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» مجموع فتاوى (19/205)
!!! ما حكم التحاميل التي تؤخذ عن طريق الدبر : اللبوس 0ذهب الأئمة الأربعة : أنها مفطرة لأنها تصل إلى الجوف وذهب ابن حزم وابن تيمية وابن عثيمين  أنها لا تفطر وهو الراجح سئل ابن عثيمين في مجموع فتاوى (19/204) - رحمه الله تعالى -: ما حكم استعمال التحاميل في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يستعمل الصائم التحاميل التي تجعل في الدبر إذا كان مريضاً، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب، والشارع إنما حرم علينا الأكل أو الشرب، فما كان قائماً مقام الأكل والشرب أعطي حكم الأكل والشرب، وما ليس كذلك فإنه لا يدخل في الأكل والشرب لفظاً ولا معنى، فلا يثبت له حكم الأكل والشرب، والله أعلم
!!! قلت : كذلك التحاميل – لبوس – غسول- وما شابه ذلك التي تستخدم عن طريق فرج المرأة لا تفطر عند المالكية والحنابلة وكذلك الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج بعض أزمات القلب ومنظار المعدة وهو مذهب أبي حنيفة وابن تيمية وحشو الدرس أو خلعه غازات التخدير – البنج كل هذه الأشياء لا تفطر
!!! يباح للصائم بلع ريقه ، حتى لو جمعه ثم ابتلعه
قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى (19/355)
البلغم أو النخامة إذا لم تصل إلى الفم فإنها لا تفطر، قولاً واحداً في المذهب، فإن وصلت إلى الفم ثم ابتلعها ففيه قولان لأهل العلم:
منهم من قال: إنها تفطر، إلحاقاً لها بالأكل والشرب.
ومنهم من قال: لا تفطر، إلحاقاً لها بالريق، فإن الريق لا يبطل به الصوم، حتى لو جمع ريقه وبلعه، فإن صومه لا يفسد.
وإذا اختلف العلماء فالمرجع الكتاب والسنة، وإذا شككنا في هذا الأمر هل يفسد العبادة أو لا يفسدها؟ فالأصل عدم الإفساد وبناء على ذلك يكون بلع النخامة لا يفطر.والمهم أن يدع الإنسان النخامة ولا يحاول أن يجذبها إلى فمه من أسفل حلقه، ولكن إذا خرجت إلى الفم فليخرجها، سواء كان صائماً أم غير صائم. أما التفطير فيحتاج إلى دليل يكون حجة للإنسان أمام الله عز وجل في إفساد الصوم انتهى ثم قال إذا كان في الإنسان نزيف من أنفه وبعض الدم ينزل إلى جوفه، وبعض الدم يخرج فإنه لا يفطر بذلك، لأن الذي ينزل إلى جوفه ينزل بغير اختياره، والذي يخرج لا يضره.وأنبه على مسألة النخامة والبلغم، فإن بعض الصائمين يتكلف ويشق على نفسه فتجده إذا أحس بذلك في أقصى حلقه ذهب يحاول إخراجه، وهذا خطأ، وذلك لأن البلغم أو النخامة لا تفطر الصائم إلا إذا وصلت إلى فمه ثم ابتلعها فإنه يفطر عند بعض العلماء، وعند بعض العلماء لا يفطر أيضاً.وأما ما كان في حلقه ونزل في جوفه فإنه لا يفطر به ولو أحس به، فلا ينبغي أن يتعب الإنسان نفسه في محاولة أن يخرج ما في حلقه من هذا الأذى انتهى
!!! هل الحجامة تفطر الصائم ؟
تنازع العلماء في ذلك على قولين  :
القول الأول : ذهب الجمهور: أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم إلى أن الحجامة لا يفطر بها الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس وأبو سعيد الخدري وطائفة من السلف انظر صحيح فقه السنة (2/113) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح 0
والدليل : 1- عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم رواه البخاري (1939)
2- سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»  رواه البخاري (1940)
القول الثاني : ذهب أحمد وابن سيرين وعطاء والأوزاعي وإسحاق وابن المنذر وابن خُزيمة، واختاره ابن تيمية أن المحتجم يفطر بالحجامة وهو قول عليٍّ وأبي هريرة وعائشة، انظر صحيح فقه السنة (2/113) وعن عطاء قال على من احتجم وهو صائم في شهر رمضان القضاء والكفارة انظر معالم السنن 2/110 وحجة هذا المذهب عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» رواه أبو داود (2367) وصححه الألبَاني
قلت : حديث افطر الحاجم والمحجوم منسوخ بحديثين 1- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ , فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ» , ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ , وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. رواه الدارقطني2260   وقال كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً وأقره البيهقى (4/268) وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث (931) وقال فائدة حديث أنس هذا صريح في نسخ الأحاديث المتقدمة فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم انتهى سيأتي كلام ابن حزم 
2- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ» رواه النسائي في الكبرى (3241) حديث صحيح وما قبله شاهد له وصححه الألباني في الإرواء (4/74)
وَقَالَ بن حَزْمٍ صَحَّ حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ وَجَدْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ الْفِطْرِ بِالْحِجَامَةِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجِمًا أَوْ مَحْجُومًا انظر في فتح الباري (4/178)
تنبيه : خروج الدم لا يفسد الصوم سواء كان من بدنه أَو رعافا من أَنفه أَو من أَسنانه أَو من قلع ضرس أَو الضغط على بثرة دمل لكنه يحترز من ابتلاعه وكذلك خروجه عن طريق الحقن لاخذ عينات أَو للتبرع به لا يفسد الصوم انظر تمام المنة لشيخنا عادل العزازي   (2\157) قلت : قياسا على الحجامة
!!! هل يجوز للصائم أن يستعمل البخور والطيب ؟
قال شيخنا مصطفى العدوي لا بأس باستعمال الصائم للبخور والطيب ، وقد كان البخور والطيب موجودين زمن رسول الله صل الله عليه وسلم ولم يرد أن النبي صل الله عليه وسلم نهى عن شيء من ذلك أو أفاد أن ذلك يفطر ، ثم إن البخور والطيب ليسا بطعام ولا بشراب ولا بجماع انظر فتاوى مهمة (1/119)
!!! استعمال السواك للصائم جائز في أي وقت سواء كان قبل الزوال أَو بعد الزوال وسواء كان رطبا أَو يابسا وذلك لعموم حديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ رواه البخاري (887) ومسلم (252) وقال البخاري ولم يخص الصائم من غيره
قال ابن تيميه في مجموع الفتاوى 25/266
أَمَّا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَمَشْرُوعَانِ لِلصَّائِمِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ يَتَمَضْمَضُونَ وَيَسْتَنْشِقُونَ مَعَ الصَّوْمِ. لَكِنْ قَالَ لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: " {وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا} فَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَالَغَةِ؛ لَا عَنْ الِاسْتِنْشَاقِ. وَأَمَّا السِّوَاكُ فَجَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهِيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. وَلَمْ يَقُمْ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ يَصْلُحُ أَنْ يَخُصَّ عمومات نُصُوصِ السِّوَاكِ
!!! قال ابن عثيمين في الشرح الممتع 6/427
 لا ينبغي للصائم أن يستعمل المعجون في حال الصوم، لأنه ينفذ إلى الحلق بغير اختيار الإنسان، لأن نفوذه قوي، واندراجه تحت الريق قوي أيضاً، فنقول: إن كنت تريد تنظيف أسنانك، فانتظر إلى أن تغرب الشمس ونظفها، لكن مع هذا لا يفسد الصوم باستعمال المعجون.
!!! حكم تذوق الطعام ؟
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَذُوقَ الْخَلَّ أَوِ الشَّيْءَ، مَا لَمْ يَدْخُلْ حَلْقَهُ وَهُوَ صَائِمٌ» رواه ابن أبي شيبة في المصنف (9277) وحسنه الألباني في إرواء الغليل (4/86)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25/266)
وَذَوْقُ الطَّعَامِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؛ لَكِنْ لَا يُفْطِرُهُ. وَأَمَّا لِلْحَاجَةِ
فَهُوَ كَالْمَضْمَضَةِ انتهى
سئل شيخنا مصطفى العدوي هل يجوز للصائمة أَن تتذوق الطعام وتمضغه لصبيها قال شيخنا: نعم يجوز لها ذلك ما لم يصل شيء من ذلك إلى جوفها ، وقد قال بذلك عدد من العلماء منهم ابن عباس رضي الله عنهما فقد ورد عنه بِإِسْنَاد حسن بمجموع طرقه أنّه قال : لا بَأْس أَن يتذوق الخل أَو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم وصح عن حماد أنّه سئل عن الْمرأة الصائمة هل تتذوق المرقة فلم ير عليها في ذلك بأْسا ، قال : وإنهم ليقولون ما شيء أبْلغ في ذلك من الماء يمضمض به الصائم وصح عن الحسن أنّه كان لا يرى  بأْسا أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه ثم يمجه وصح عن كثير من أهل العلم نحو هذا أيضا والله تعالى أعلم انظرأحكام النساء (5/220)
 المفطرات ؟
!!! هل صيامُ تاركِ الصلاةِ جائزٌ صحيحٌ؟.
قلت : تنازع العلماء في ذلك والراجح في هذه المسألة هو التفصيل ووجهه  ان تركها تكاسلا وهذا المتكاسل يتركها تماما لا يصلي أبدا حتى يموت فهذا لا يكون مؤمنا ولا يصح منه صوم ولا عمل فهذا داخل في حديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ رواه الترمذي (2621) وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وصححه الألباني
 وداخل كذلك في قول : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ العُقَيْلِيِّ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ رواه الترمذي (2622) وصححه الألباني  وأما الذي يصلي أحيانا ويتركها أحيانا لا يكون كافرا لإنه يصلي أحيانا ويترك أحيانا فهذا غير محافظ عليها وليس بكافر ، بل هو مسلم يدخل تحت المشيئة والوعيد ويصح صومه والدليل : عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمَخْدَجِيَّ، سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، قَالَ الْمَخْدَجِيُّ: فَرُحْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» رواه أبو داود (1420) حديث صحيح  وصححه الألباني والأرنؤوط وعن أبي هريرة قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ " رواه الترمذي (413) وصححه الألباني والأرنؤوط
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/49) فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى تَرْكِهَا لَا يُصَلِّي قَطُّ، وَيَمُوتُ عَلَى هَذَا الْإِصْرَارِ وَالتَّرْكِ فَهَذَا لَا يَكُونُ مُسْلِمًا؛ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يُصَلُّونَ تَارَةً، وَيَتْرُكُونَهَا تَارَةً، فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا، وَهَؤُلَاءِ تَحْتَ الْوَعِيدِ، وَهُمْ الَّذِينَ جَاءَ فِيهِمْ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ حَدِيثُ عبادة00 الحديث فَالْمُحَافِظُ عَلَيْهَا الَّذِي يُصَلِّيهَا فِي مَوَاقِيتِهَا، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَلَّذِي يُؤَخِّرُهَا أَحْيَانًا عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يَتْرُكُ وَاجِبَاتِهَا، فَهَذَا تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَكُونُ لِهَذَا نَوَافِلُ يُكَمِّلُ بِهَا فَرَائِضَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ انتهى وانظر باب الصلاة حكم تارك الصلاة
!!! هل يبطل الصوم بالإغماء ؟
 مذهب الإمامين الشافعي وأحمد أن من أصيب بإغماء في رمضان لا يخلو من حالين:
الأولى: مَنْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَمْ يُفِقْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ ذَلِكَ الْيَوْمِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ، فَلَمْ يُفِقْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، فِي قَوْلِ إمَامِنَا – أحمد- وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ؛ انظر المغني (3/115) والدليل على عدم صحة صومه أن الصوم إمساك عن المفطرات مع النية، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) . فَأَضَافَ تَرْكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَلَا يُضَافُ الْإِمْسَاكُ إلَيْهِ وأما الدليل على وجوب القضاء عليه فقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
الثانية:أن يفيق جزءً من النهار - ولو لحظة - فهذا يصح صيامه. سواء أفاق من أول النهار أو آخره أو وسطه وهذا مذهب الشافعي وأحمد ورجحه ابن عثيمين
قال النووي رحمه الله:(أَصَحُّ) الْأَقْوَالِ يَشْتَرِطُ الْإِفَاقَةَ فِي جُزْءٍ مِنْهُ انظر المجموع (6/346) أي: يشترط لصحة صوم المغمى عليه أن يفيق جزءً من النهار والدليل على صحة صومه إذا أفاق جزءً من النهار أنه قد وجد منه الإمساك عن المفطرات في الجملة.انظر: "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/381)
قال ابن عثيمين رحمه الله قوله: «ومن نوى الصوم، ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار، ولم يفق جزءاً منه لم يصح صومه، لا إن نام جميع النهار، ويلزم المغمى عليه القضاء فقط» قوله: «فقط» في عبارته هذه فيه شيء من الخلل؛ لأن قوله: «فقط» ، يوهم أن المراد بلا إطعام وليس هذا هو المراد، بل المراد أن المغمى عليه من بين هؤلاء الثلاثة هو الذي يلزمه القضاء، ولهذا لو قال: ويلزم المغمى عليه فقط القضاء لكان أبين.هذه ثلاثة أشياء متشابهة: الجنون، والإغماء، والنوم، وأحكامها تختلف.
أولاً: الجنون، فإذا جن الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس فلا يصح صومه؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومن شرط الوجوب والصحة العقل، وعلى هذا فصومه غير صحيح، ولا يلزمه القضاء، لأنه ليس أهلاً للوجوب.
ثانياً: المغمى عليه، فإذا أغمي عليه بحادث، أو مرض ـ بعد
أن تسحر ـ جميع النهار، فلا يصح صومه؛ لأنه ليس بعاقل، ولكن يلزمه القضاء؛ لأنه مكلف، وهذا قول جمهور العلماء وقال صاحب الفائق أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ويسمى ابن قاضي الجبل، وله اختيارات جيدة جداً، قال: إن المغمى عليه لا يلزمه القضاء كالإنسان الذي أغمي عليه أوقات الصلاة، فإن جمهور العلماء لا يلزمونه بالقضاء، وقال: إنه لا فرق بين الصلاة والصوم.
ولو فرض أن الرجل أغمي عليه قبل أذان الفجر، وأفاق بعد طلوع الشمس لصح صومه، وأما صلاة الفجر فلا تلزمه على القول الراجح؛ لأنه مر عليه الوقت وهو ليس أهلاً للوجوب .الثالث: النائم، فإذا تسحر ونام من قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس، فصومه صحيح، لأنه من أهل التكليف ولم يوجد ما يبطل صومه، ولا قضاء عليه.والفرق بينه وبين المغمى عليه أن النائم إذا أوقظ يستيقظ بخلاف المغمى عليه. انظر الشرح الممتع (6/352)
!!! ما حكم الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا فِي صَوْمِ فَرْضٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ ؟
ذهب أكثر أهل العلم أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا لا يفطر وممن قال بهذا الشافعي وأبو حنيفة وداود وآخرون انظر شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 35) . واستدلوا على ذلك بما يأتي:
أولاً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» رواه البخاري (1933) ومسلم (1155)
 ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ» رواه الحاكم (1/430) وصححه ووافقه الذهبي وقال الدارقطني كلهم ثقات وحسنه الألباني انظرالإرواء (4/87).قال ابن حجر: "وهو صحيح". والإفطار عام في الجماع وغيره.
ثالثا : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «مَنْ أَكَلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ» رواه الدارقطني 2240 قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ صَالِحٌ لِلْمُتَابَعَةِ، فَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا فَيَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ،انظر نيل الاوطار (4/245)
رابعا ً: العمومات الواردة في مثل قوله تعالى: {ربَّنَا لا تُؤاخِذْنَا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]
وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فِي الْجِمَاعِ نَاسِيًا دُونَ الْأَكْلِ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ يَفْسُدُ صَوْمُ النَّاسِي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ
* وَقَالَ أَحْمَدُ يَجِبُ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ولا شئ فِي الْأَكْلِ انظر المجموع 6/324
قلت : الصحيح القول الأول
قال ابن حزم في المحلى 4/356
وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ أَنَّهُ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، أَوْ فِي صَوْمِ فَرْضٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ: فَأَكَلَ، وَشَرِبَ، وَوَطِئَ، وَعَصَى؛ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْلٌ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا بِهِ قَدْ أَصْبَحَ؛ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَابَتْ الشَّمْسُ فَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا بِهَا لَمْ تَغْرُبْ -: فَإِنَّ صَوْمَ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا تَامٌّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» انتهى وقال ابن القيم في زاد المعاد (2/56) فَصْلٌ وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْقَاطُ الْقَضَاءِ عَمَّنْ أَكَلَ وَشَرِبَ نَاسِيًا، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ، فَلَيْسَ هَذَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ يُضَافُ إِلَيْهِ فَيُفْطِرُ بِهِ، فَإِنَّمَا يُفْطِرُ بِمَا فَعَلَهُ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ فِي نَوْمِهِ، إِذْ لَا تَكْلِيفَ بِفِعْلِ النَّائِمِ، وَلَا بِفِعْلِ النَّاسِي انتهى
!!! قال أكثر أهل العلم : من تعمد وصول الدخان إلى حلق الصائم يفسد صومه والدليل القاعدة الأحكام مبناها على الأسماء وهذا يسمى عرفا شرب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي سبق تخريجه
 سئل فضيلة الشيخ – ابن عثيمين رحمه الله تعالى -: يعتقد بعض الصائمين الذين ابتلاهم الله بشرب الدخان أن تعاطي الدخان في نهار رمضان ليس من المفطرات، لأنه ليس أكلاً ولا شرباً فما رأي فضيلتكم في هذا القول؟ فأجاب فضيلته بقوله: أرى أنه قول لا أصل له، بل هو شرب، وهم يقولون: إنه يشرب الدخان، ويسمونه شرباً، ثم إنه لا شك يصل إلى المعدة وإلى الجوف، وكل ما وصل إلى المعدة والجوف فإنه مفطر، سواء كان نافعاً أم ضارًّا، حتى لو ابتلع الإنسان خرزة سبحة مثلاً، أو شيئاً من الحديد، أو غيره فإنه يفطر، فلا يشترط في المفطر، أو في الأكل والشرب أن يكون مغذياً، أو أن يكون نافعاً، فكل ما وصل إلى الجوف فإنه يعتبر أكلاً وشرباً، وهم يعتقدون بل هم يعرفون أن هذا شرب ولكن يقولون هذا إن كان أحد قد قاله مع إني أستبعد أن يقوله أحد لكن إن كان أحد قد قاله فإنما هو مكابر، ثم إنه بهذه المناسبة أرى أن شهر رمضان فرصة لمن صدق العزيمة، وأراد أن يتخلص من هذا الدخان الخبيث الضار، أرى أنها فرصة لأنه سوف يكون ممسكاً عنه طول نهار رمضان، وفي الليل بإمكانه أن يتسلى عنه بما أباح الله له من الأكل والشرب والذهاب يميناً وشمالاً إلى المساجد، وإلى الجلساء الصالحين، وأن يبتعد عمّن ابتلوا بشربه، فهو إذا امتنع عنه خلال الشهر فإن ذلك عون كبير على أن يدعه في بقية العمر، وهذه فرصة يجب أن لا تفوت المدخنين انظر مجموع فتاوى (19/203) وقال ابن عثيمين أيضا في مجموع الفتاوى (19/202) إن شرب الدخان حرام عليك في رمضان وفي غير رمضان، وفي الليل وفي النهار، فاتق الله في نفسك، وأقلع عن هذا الدخان طاعة لله تعالى، واحفظ إيمانك وصحتك، ومالك وأولادك، ونشاطك مع أهلك، حتى ينعم الله عليك بالصحة والعافية.
وأما قوله: إنه ليس بشراب فإني أقول له: هل يقال فلان يشرب الدخان؟ يقال: يشرب الدخان، وشرب كل شيء بحسبه،فهذا شراب بلا شك، ولكنه شراب ضار محرم، ونصيحتي له ولأمثاله: أن يتقي الله في نفسه، وماله، وولده، وفي أهله، لأن كل هذه الأشياء يصحبها ضرر من تعاطي هذا الدخان، وبهذا تبين أن شرب الدخان يفطر الصائم مع ما فيه من الإثم. وأسأل الله سبحانه وتعالى له ولإخواننا المسلمين العصمة مما يغضب الله اهـ
!!! ما حكم القيء – الترجيع - عمدا ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : عَلَى أَنَّ تَعَمُّدَ الْقَيْءِ يُفْطِرُ وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد ينظر الفقه الميسر (2\502) ورجحه ابن عثيمين وهو الراجح والدليل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» رواه الترمذي (720) قلت : حديث صحيح  وقال الترمذي حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن العربي وابن تيمية والألباني قال الشوكاني في نيل الاوطار (4\242) وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُ مَنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَيَبْطُلُ صَوْمُ مَنْ تَعَمَّدَ إِخْرَاجَهُ وَلَمْ يَغْلِبْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ
القول الثاني : رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَالْهَادِي أَنَّ الْقَيْءَ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا إلَّا إذَا رَجَعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ سبل السلام (1\573) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي 0
ودليلهم 1- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الحِجَامَةُ، وَالقَيْءُ، وَالِاحْتِلَامُ رواه الترمذي (719) حديث ضعيف وضعفه الترمذي والألباني 
2- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ: «الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» رواه البخاري (3/ 33) معلقا موقوفا على ابن عباس وعكرمة وقال الألباني وصله ابن أبي شيبة (3/51/39) بإسنادين صحيحين عنهما
سئل ابن عثيمين - رحمه الله تعالى –في مجموع فتاوى (19\231): عن القيء في رمضان هل يفطر؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قاء الإنسان متعمداً فإنه يفطر، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض» .
فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها، فهل نقول: يجب عليك أن تمنعه؟ لا. أو تجذبه؟ لا. لكن نقول: قف موقفاً حياديًّا، لا تستقيء، ولا تمنع، لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت. فدعه إذا خرج بغير فعل منك، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك انتهى
!!! الجماع في صيام رمضان ووجوب الكفارة :
عن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» رواه البخاري (1936) ومسلم (1111)
قال النووي في شرح مسلم (7/224) وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ إِذَا جَامَعَ عَامِدًا جِمَاعًا أَفْسَدَ بِهِ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَان انتهى قال ابن قدامة في المغني (3/134)
أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَلْزَمُ مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي رَمَضَانَ عَامِدًا، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ قَضَائِهَا، فَلَا تَجِبُ فِي أَدَائِهَا، كَالصَّلَاةِ. وَلَنَا: مَا رَوَى عن أبي هريرة 000 وساق حديث الباب
!!! هل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان على المرأة أيضا ؟
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين القول الأول : يَلْزَمُهَا. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَلِأَنَّهَا هَتَكَتْ صَوْمَ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ كَالرَّجُلِ.
انظر المغني (3/137)
القول الثاني : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا. قَالَ أَبُو دَاوُد: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَنْ أَتَى أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ، أَعْلَيْهَا كَفَّارَةٌ؟ قَالَ: مَا سَمِعْنَا أَنَّ عَلَى امْرَأَةٍ كَفَّارَةً. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ كَالرِّوَايَتَيْنِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْوَاطِئَ فِي رَمَضَانَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً. وَلَمْ يَأْمُرْ فِي الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ ذَلِكَ مِنْهَا، وَلِأَنَّهُ حَقُّ مَالٍ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ مِنْ بَيْنِ جِنْسِهِ، فَكَانَ عَلَى الرَّجُلِ كَالْمَهْرِ انظر المغني وهو القول الراجح قال الشافعي في الأم (2/109) وَلَوْ جَامَعَ بَالِغَةً كَانَتْ كَفَّارَةً لَا يُزَادُ عَلَيْهَا عَلَى الرَّجُلِ، وَإِذَا كَفَّرَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَعَنْ امْرَأَتِهِ،
!!! ذهب جمهور العلماء إلى وجوب ترتيب الكفارة ، فعليه العتق أولا فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا كما في حديث أبي هريرة السابق  قال ابن حجر وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا – أي حديث أبي هريرة -  أَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالْخِصَالِ الثَّلَاثِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقَلَهُ مِنْ أَمْرٍ بَعْدَ عَدَمِهِ لِأَمْرٍ آخَرَ وَلَيْسَ هَذَا شَأْنَ التَّخْيِيرِ انظر فتح الباري (4/167) وقال الصنعاني في سبل السلام (1/577) ثُمَّ الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ فَلَا يُجْزِئُ الْعُدُولُ إلَى الثَّانِي مَعَ إمْكَانِ الْأَوَّلِ وَلَا إلَى الثَّالِثِ مَعَ إمْكَانِ الثَّانِي لِوُقُوعِهِ مُرَتَّبًا فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَرَوَى الزُّهْرِيُّ التَّرْتِيبَ عَنْ ثَلَاثِينَ نَفْسًا أَوْ أَكْثَرَ وَرِوَايَةُ التَّخْيِيرِ مَرْجُوحَةٌ مَعَ ثُبُوتِ التَّرْتِيبِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَيُؤَيِّدُ رِوَايَةَ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ شَبِيهَةٌ بِهَا اهـ
!!! تنازع العلماء في قضاء ذلك اليوم مع الكفارة ؟
قال مالك: عليه قضاء ذلك اليوم مع الكفارة، وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، والثورى، وأبى ثور، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعى: إن كفر بالعتق أو الإطعام صام يوما مكان ذلك اليوم الذى أفطر، وإن صام شهرين متتابعين دخل فيهما قضاء ذلك اليوم، وقال الشافعى: يحتمل أن تكون الكفارة بدلا من الصيام، ويحتمل أن يكون الصيام مع الكفارة، وأحب إلى أن يكفر ويصوم انظر شرح البخاري لابن بطال (4/ 71) قلت : قول الإمام مالك وغيره هو الصحيح والدليل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَقَعَ بِأَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «فَصُمْ يَوْمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ»رواه أبو داود (2393) وابن خزيمة (1954) واللفظ له قلت : حديث صحيح بشواهده قال الألباني في صحيح أبي داود (7/158) (قلت: حديث صحيح، وقوّاه الحافظ) قال  الكاساني
في بدائع الصنائع (2/98) وَيَجِبُ مَعَ الْكَفَّارَةِ الْقَضَاءُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ: إنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَزَعَمَ أَنَّ الصَّوْمَيْنِ يَتَدَاخَلَانِ وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ يَجِبُ تَكْفِيرًا زَجْرًا عَنْ جِنَايَةٍ الْإِفْسَادِ، أَوْ رَفْعًا لِذَنْبِ الْإِفْسَادِ، وَصَوْمُ الْقَضَاءِ يَجِبُ جَبْرًا لِلْفَائِتِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شُرِعَ لِغَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ الْآخَرُ، فَلَا يَسْقُطُ صَوْمُ الْقَضَاءِ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ، كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْتَاقِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الَّذِي وَاقَعَ امْرَأَتَهُ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا» انتهى
!!! إذا تكرر الجماع هل تتكرر الكفارة ؟
في المجموع (6/337){فَرْعٌ} فِي مذاهبهم في من وَطِئَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ* قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَدَاوُد وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ انتهى وقال الحنفية : ليس عليه إلا كفارة واحدة وإن تكرر الجماع وعليه قضاء الأيام التي جامع فيها ، وحجتهم : أن حرمة الشهر واحدة ولا تتجدد فيجب عليه أن يكفر مرة واحدة ، وإن تكرر الجماع ، فإن كفر ثم أفطر بجماع فعليه كفارة أخرى انظر الفقه الميسر (2/511) قلت : قول مالك وغيره هو الصحيح
قال الشنقيطي في زاد المستقنع (105/8)
قال رحمه الله: [وإن جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية وفي الأولى اثنتان].
جامع امرأته متعمداً في اليوم الأول، وجامعها في اليوم الثاني، فهذا جماع تكرر في يومين وفي محلين مختلفين، قد أوجب الله عز وجل عليه صيام اليوم الأول وصيام اليوم الثاني، فانتهك الحرمة في اليوم الأول وانتهك الحرمة في اليوم الثاني فعليه كفارتان، سواء كفّر عن اليوم الأول أو لم يكفر، فعليه كفارتان.وأما لو جامع في اليوم الواحد وتكرر منه الجماع في اليوم الواحد فإنه لا تجب عليه إلا كفارة واحدة، سواء كفر عن الجماع الأول أو لم يُكَفِّر.مثال ذلك: لو جامع امرأته أول النهار، ثم جامعها وسط النهار، ثم جامعها آخر النهار قبل غروب الشمس، فهذه ثلاث مرات، فتجب عليه كفارة واحدة؛ لأنه قد أفطر وحصل الإخلال بالجماع الأول، وتلزمه الكفارة من ثم، وأما بقية اليوم فإنه لا تلزمه فيه كفارة هذا بالنسبة للجماع.
من الصور التي ذكرها العلماء: لو جامع أربع زوجات في يوم واحد فإنه تلزمه كفارة واحدة بالنسبة لنفسه، أما بالنسبة للنساء فعلى التفصيل الذي ذكرناه في المرأة: أن المرأة إذا طاوعت واختارت فعليها كفارة غير كفارة زوجها، وأما إذا كانت دافعت ومانعت فمن العلماء من يقول: إنه يجب عليه أن يكفر عنها، ومنهم من يقول: لا تجب عليه الكفارة على ظاهر حديث الذي جامع امرأته في نهار رمضان وهو صائم.[أو كرره في يوم ولم يكفر، فكفارة واحدة في الثانية، وفي الأولى اثنتان].قال بعض العلماء: إن جامع أكثر من مرة في يوم واحد نظرنا: فإن كفر عن الجماع الأول لزمته الكفارة عن الجماع الثاني، وهذا مذهب مرجوح.
والصحيح: أنه إذا كرر الجماع في اليوم الواحد ولو عشر مرات فإنه تلزمه كفارة واحدة، ولكنه في إخلاله بحق الله عز وجل قد تكرر إخلاله عشر مرات، ولذلك عليه الندم والاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل من هذا الوجه، وأما بالنسبة للكفارة فلا تلزمه إلا كفارة واحدة، ولا يلزمه إلا القضاء والكفارة ليوم واحد.
والذين يقولون: إنه تتكرر الكفارة يقولون: إذا كفر عن الجماع الأول، وحصل الجماع الثاني بعده فعليه كفارة ثانية، كأن يجامع في أول النهار في الساعة الثامنة صباحاً، ثم يكفر في الساعة العاشرة، ثم يجامع في الثانية عشرة وفي الواحدة وفي الثانية وفي الثالثة، قالوا: لما كفر عن الجماع الأول في الساعة العاشرة فإنه يلزم بتكرار الكفارة، وحينئذٍ تلزمه كفارة عن الجماع الثاني الذي وقع منه في بقية اليوم.
والصحيح: ما ذكرناه أن اليوم الواحد له كفارة واحدة، سواء وقع الجماع مرة أو وقع مرات؛ وذلك لأنه إخلال واحد وقد أفطر ذلك اليوم بجماعه الأول، فكأنه بجماعه الثاني والثالث والرابع والجماع المتكرر قد وقع بعد جماعه الأول وهو مفطر ولم يقع وهو صائم، ولذلك لا تجب عليه الكفارة من هذا الوجه.
قال رحمه الله: [وإن جامع ثم كفر، ثم جامع في يومه فكفارة ثانية].
الصحيح: أنه ليس عليه كفارة ثانية، وأن الكفارة الأولى تغنيه؛ لأنه قد أفطر ذلك اليوم، ووقع جماعه الثاني وهو مفطر، وشرطه: أن يقع جماعه وهو صائم انتهى
!!! قال ابن قدامة وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْفِطْرِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تَجِبُ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَدَائِهَا، فَوَجَبَتْ فِي قَضَائِهَا، كَالْحَجِّ.وَلَنَا أَنَّهُ جَامَعَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ جَامَعَ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ، وَيُفَارِقُ الْقَضَاءُ الْأَدَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ بِزَمَانٍ مُحْتَرَمٍ، فَالْجِمَاعُ فِيهِ هَتْكٌ لَهُ، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ انظر المغني (3/139)
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/400)
وقوله: «والكفارة» احتراماً للزمن، وبناء على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان، فعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه وليس عليه كفارة؛ لأنه خارج شهر رمضان انتهى
!!! تنازع العلماء في مقدار الإطعام فذهب أبو حنيفة : أنه لا يجزيء إلا مدين وذهب أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأحمد بأن يطعم كل يوم مسكين مدا من طعام وهو الراجح والدليل ما ثبت في بعض روايات الحديث : العَرَقَ وَهُوَ مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا والصاع أربعة أمداد ، فيكون لكل مسكين ربع صاع أي : مد وانظر باب الظهار0
 !!! متى يكون قضاء رمضان ؟
ذهب جمهور العلماء منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد إلى جواز قضاء شهر رمضان متفرقا وهو الراجح وحجتهم قول الله تعالى :[ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ» رواه البخاري (1950) ومسلم (1146) قال النووي في شرح مسلم (8/22) وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ قَضَاءَ رمضان في حَقِّ مَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ كَحَيْضٍ وَسَفَرٍ يَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْإِمْكَانِ اهـ القول الثاني : قال ابن حزم في المحلى (4/408) وَالْمُتَابَعَةُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَاجِبَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَيَقْضِيهَا مُتَفَرِّقَةً وَتُجْزِئُهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَلَمْ يَحُدَّ تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَقْتًا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِخُرُوجِهِ اهـ
!!! هل على من أخر قضاء صوم رمضان كفارة :
قلت : الصحيح : أن أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر، صام رمضان الحاضر، ثم يقضي بعده ما عليه، ولا كفارة عليه، سواء كان التأخير لعذر، أم لغير عذر والدليل : قوله تعالى [فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}فلم يذكر الله سبحانه وتعالى الإطعام مع القضاء ولم يتعين الوقت فكان عليه القضاء فقط .وهذا مذهب أبي حنيفة ، والحسن البصري.وداود وابن حزم ورجحه شيخنا مصطفى العدوي  وقال مالك والشافعي، وأحمد، وإسحق، في أنه لا كفارة عليه، إذا كان التأخير بسبب العذر.و إذا لم يكن له عذر في التأخير، فقالوا: عليه أن يصوم رمضان الحاضر.ثم يقضي ما عليه بعده وعليه كفارة ما فاته عن كل يوم مدا من طعام..ينظر المحلى (4\407) وفقه السنة (1\470)
قال ابن حزم في المحلى (4\407) وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَأَخَّرَ قَضَاءَهَا عَمْدًا، أَوْ لِعُذْرٍ، أَوْ لِنِسْيَانٍ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنَّهُ يَصُومُ رَمَضَانَ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا أَفْطَرَ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ قَضَى الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ وَلَا مَزِيدَ، وَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَهَا عِدَّةَ سِنِينَ وَلَا فَرْقَ ثم قال وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَعَمِّدَ لِلْقَيْءِ، وَالْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ: بِالْقَضَاءِ؛ وَلَمْ يَحُدَّ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَقْتًا بِعَيْنِهِ، فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى يُؤَدَّى أَبَدًا، وَلَمْ يَأْتِ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ بِإِيجَابِ إطْعَامٍ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُ ذَلِكَ أَحَدًا لِأَنَّهُ شَرْعٌ وَالشَّرْعُ لَا يُوجِبُهُ فِي الدِّينِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ
!!! حكم من أفطر متعمدا في رمضان بغير جماع
"قلت : أولا الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله،
ثانيا : هل عليه قضاء هذا اليوم أم لا ، تنازع : العلماء في ذلك على قولين القول الأول : يجب عليه القضاء، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم ينظر المجموع (6\360) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل : 1- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في رمضان بالقضاء قال له وَصُمْ يَوْمًا، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ»
 رواه أبوداود (2393) وصححه ابن حجر والألباني
قلت : هذا الرجل  أفطر متعمدا فالنبي صل الله عليه وسلم أمره بقضاء صيام الذي أفطره
2- لأن الله تعالى أوجب على المسافر والمريض القضاء فإذا أوجب الله القضاء على المعذور فغيره من باب أولى،
3-.عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا رواه مسلم (684) فأوجب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة على من نسيها حتى خرج وقتها، وأوجب على من نام عنها حتى خرج وقتها أن يقضيها، قالوا: فإذا وجب القضاء على المعذور فغير المعذور من باب أولى
القول الثاني : أنه لا يقضي ذلك اليوم وهو مذهب ابن حزم  رواه عن أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة واختاره ابن تيمية ورجحه الألباني ينظر تمام المنة (1\425) ورجحه ابن عثيمين ودليلهم : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» رواه ابن أبي شيبة (9784)
2- قال ابن عثيمين في مجموع فتاوى (12\ 91) والقول الثاني في المسألة: أنه لا يجب القضاء على من ترك عبادة مؤقتة حتى خرج وقتها بدون عذر، وذلك لأن العبادة المؤقتة عبادة موصوفة أن تقع في ذلك الزمن المعين، فإذا أخرجت عنه بتقديم أو تأخير فإنها لا تقبل، فكما أن الرجل لو صلى قبل الوقت لم تقبل منه على أنها فريضة، ولو صام قبل رمضان لم يقبل منه على أنه فريضة، فكذلك إذا أخر الصلاة عن وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه، وكذلك لو أخر صيام رمضان بدون عذر فإنه لا يقبل منه، وهذا القول هو الراجح وذلك لأن الإنسان إذا أخرج العبادة عن وقتها وعملها بعده فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "  وإذا كان عمله مردوداً فإن تكليفه بقضائه تكليف بما لا فائدة منه، وعلى هذا السائل أن يتوب إلى الله توبة صادقة نصوحاً، ويكثر من الأعمال الصالحة، والتوبة تجب ما قبلها كما ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..
!!! واختلفوا في الكفارة قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ مَا عَلَى الْمُجَامِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ والشعبي وقتادة وروى مغيرة عن إبرهيم مثله ينظر التمهيد (7\169) قلت : القول الصحيح هو ما قاله الشَّافِعِي وغيره ورجحه شيخنا مصطفى العدوي لأن الكفارة وردت في المجامع وليس الأكل والشرب كالجماع قلت : والدليل أيضاعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» رواه الترمذي (720) وصححه الألباني  قال الخطابي في معالم السنن (2\112) قلت وفي إسقاط أكثر العلماء الكفارة عن المستقيء عامداً دليل على أن لا كفارة على من أكل عامداً في نهار رمضان، إلاّ أن المستقيء عامدا مشبه بالآكل متعمدا ومن ذرعه القيء مشبه بالآكل ناسيا انتهى
سئلت اللجنة الدائمة (10\ 355) س2: ما كفارة الرجل الذي أفطر متعمدا بغير عذر شرعي في رمضان؟
ج2: إن كان إفطار الرجل متعمدا بجماع فعليه القضاء والكفارة مع التوبة إلى الله سبحانه، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وعلى المرأة مثل ذلك إذا كانت غير مكرهة، وإن كان بأكل وشرب ونحوهما فعليه القضاء والتوبة، ولا كفارة عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
!!! من مات وعليه صوم واجب من رمضان هل يقضي عنه وليه
قلت : 1- إذا استمر به المرض الذي يرجى برؤه – لم يُشف- حتى مات  فلا شيء عليه ، ولا على أوليائه لا صيام ولا إطعام ،وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد ورجحه ابن باز وشيخنا مصطفى العدوي قال تعالى : {، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] قال السَّرَخْسِيُّ: في المبسوط (3\ 89)   مَرِيضٌ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ وَقْتَ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ بِالنَّصِّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ؛ وَلِأَنَّ الْمَرَضَ لَمَّا كَانَ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي وَقْتِهِ لِدَفْعِ الْحَرَجِ فَلَأَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ أَوْلَى انتهى 2- وأما إن شُفي ولم يقض حتى مات ، فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : يُصام عنه النذور والقضاء مطلقًا وهو مذهب أبي ثور وأحد قولي الشافعي وابن حزم واختاره النووي ينظر شرح مسلم (4\278) والمحلى (4\420) ورجحه ابن باز وشيخنا مصطفى العدوي وهو الراجح والدليل : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»رواه البخاري (1952) ومسلم (1147)
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، [وفي رواية: «صوم نذر»] أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى "رواه البخاري (1953) ومسلم (1148)
القول الثاني : وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ لَا يُصَامُ عَنْهُ إِلَّا النَّذْرُ انظر فتح الباري (4/ 193) وحجتهم:
  أن حديث عائشة عام، وحديث ابن عباس خاص فيحمل عليه، ويكون المراد بالصيام الذي يصومه الولي صيام النذر العام قلت : حديث عائشة لا يُخَصَّصُ بأحد أفراده (في حديث ابن عباس) إلا عند التعارض -كما تقرر في الأصول- ولا تعارض هنا، قال الحافظ في «الفتح» (4/ 193 ): حَمْلًا لِلْعُمُومِ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ حَتَّى يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَحَدِيث بن عَبَّاسٍ صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ سَأَلَ عَنْهَا مَنْ وَقَعَتْ لَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ تَقْرِيرُ قَاعِدَةٍ عَامَّة اهـ.
القول الثالث : ذهب جمهور العلماء، منهم أبو حنيفة، ومالك، والمشهور عن الشافعي فقه السنة (1\471)  قالوا : لا يصام عنه ولكن يُطعم أولياؤه عنه مكان كل يوم مسكينا وقال بعضهم يطعم عنه مدا ودليلهم 1- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رواه الترمذي (718) وضعفه الترمذي والألباني .
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ رواه أبوداود(2401) وصححه الألباني
وفي رواية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ» رواه النسائي في الكبرى (2930) صححه شيخنا مصطفى العدوي
3- عَنْ عَمْرَة: أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَعَلَيْهَا مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَقْضِيه عَنْهَا؟ قَالَتْ: لَا، بَلْ تَصَدَّقِي عَنْهَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ عَلَى كُلِّ مِسْكِين رواه ابن حزم في المحلى (4/422)
 قالوا : قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - وَهُمَا رَوَيَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ - أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا الصِّيَامَ عَنْ الْمَيِّتِ 00وَإِذَا تَرَكَ الصَّاحِبُ الْخَبَرَ الَّذِي رُوِيَ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إذْ لَوْ تَعَمَّدَ مَا رَوَاهُ لَكَانَتْ جُرْحَةً فِيهِ، وَقَدْ أَعَاذَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ. وَقَالُوا: لَا يُصَامُ عَنْهُ كَمَا لَا يُصَلَّى عَنْهُ وأجيب قال ابن حزم (4/423) وَأَمَّا تَمْوِيهُهُمْ بِأَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ رَوَيَا الْخَبَرَ وَتَرَكَاهُ فَقَوْلٌ فَاسِدٌ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا قَالُوا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا افْتَرَضَ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ رِوَايَةِ الصَّاحِبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَفْتَرِضْ عَلَيْنَا قَطُّ اتِّبَاعَ رَأْيِ أَحَدِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الصَّاحِبُ اتِّبَاعَ مَا رَوَى لِوُجُوهٍ غَيْرِ تَعَمُّدِ الْمَعْصِيَةِ، وَهِيَ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِيمَا رَوَى تَأْوِيلًا مَا اجْتَهَدَ فِيهِ فَأَخْطَأَ فَأُجِرَ مَرَّةً، أَوْ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ مَا رَوَى فَأَفْتَى بِخِلَافِهِ؛ أَوْ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِخِلَافِهِ وَهُمَا مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ الصَّاحِبِ؛ فَإِذْ كُلُّ ذَلِكَ مُمْكِنُ فَلَا يَحِلُّ تَرْكُ مَا اُفْتُرِضَ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا لَمْ يَأْمُرْنَا بِاتِّبَاعِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذِهِ الْعِلَلُ فَكَيْفَ وَكُلُّهَا مُمْكِنٌ فِيهِ؟ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ يُعَارَضُ بِأَنْ يُقَالَ: كَوْنُ ذَلِكَ الْخَبَرِ عِنْدَ ذَلِكَ الصَّاحِبِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِخِلَافِهِ، أَوْ لَعَلَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. 00وَالرَّابِعُ - أَنْ نَقُولَ: لَعَلَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِيهِ الْإِطْعَامُ كَأَنْ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَتْ فَلَا صَوْمَ عَلَيْهَا؟
وَالْخَامِسُ - أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْفُتْيَا بِمَا رُوِيَ مِنْ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَصَحَّ أَنَّهُ قَدْ نَسِيَ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ مِمَّنْ لَمْ نُكَلَّفْهُ اهـ
قال ابن حزم في المحلى (4/420)
وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَاجِبَةٍ فَفَرْضٌ عَلَى أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَصُومُوهُ عَنْهُ هُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَلَا إطْعَامَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا - أَوْصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مَنْ يَصُومُهُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ - أَوْصَى بِكُلِّ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ - وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى دُيُونِ النَّاسِ اهـ
سئل ابن باز رحمه الله في نور على الدرب (14\325) :
 هل الصلاة والصيام ينفعان الميت إذا عملا له؟
ج: الصلاة ما هي مشروعة، لا يصلى عن الميت، وهكذا القراءة، أما الصيام إذا كان عليه صوم يصام عنه صوم الواجب، إذا كان عليه صيام فرط فيه، عليه صيام ولم يصم - يصوم عنه أولياؤه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه » فيصوم عنه ولده الذكر والأنثى أو زوجته أو غيرهما من أقربائه، هذا طيب وينفع الميت، وقد سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الصوم، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء » شبهه بالدين، سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذرا، كله يصام عنه على الصحيح ولو كان صوم رمضان، ولو كان صوم الكفارة، قال بعض أهل العلم: إنما يصام عنه النذر خاصة، ولكن هذا قول ضعيف الأحاديث الصحيحة تدل على خلافه، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه يصام عنه حتى رمضان؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه » أخرجه الشيخان في الصحيحين، وفي الصحيح عن عدة من الصحابة «أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وعليه صوم شهر، وبعضهم قال: صوم شهرين، أنصوم عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا عنه » - رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (36121) - وشبهه بالدين، ولم يستفسر هل هو رمضان، وهل هو كفارة وهل هو نذر؟ فدل ذلك على أن الأمر عام، يعم الكفارة ويعم النذر، ويعم رمضان، وفي مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنها؟ قال: " صومي عن أمك، أرأيت لو كان عليها دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء  » وهذا صريح في رمضان، وإسناده قوي جيد أما إذا كان الميت ما فرط بل مات في مرضه هذا فلا صوم عليه عند عامة أهل العلم وجمهور أهل العلم، لا يقضى عنه صوم، ولايطعم عنه؛ لأنه غير مفرط معذور؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
فالذي توفي في مرضه فأدرك الأيام الأخر معذور ليس عليه صيام، وليس عليه إطعام، أي ليس على ورثته إطعام ولا صيام اهـ
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/450)
مسألة: إذا مات وعليه صوم فرض بأصل الشرع، فهل يُقضى عنه؟
الجواب: لا يقضى عنه؛ لأن المؤلف خصص هذا بصوم النذر، والعبادات لا قياس فيها، ثم لا يصح القياس هنا أيضاً؛ لأن الواجب بالنذر أخف من الواجب بأصل الشرع، فلا يقاس الأثقل على الأخف، فصار ما وجب بالنذر تدخله النيابة لخفته بخلاف الواجب بأصل الشرع ، فإن الإنسان مطالب به من قبل الله ـ عزّ وجل ـ وهذا مطالب به من قبل نفسه فهو الذي ألزم نفسه به، فكان أهون ودخلته النيابة.إذاً من مات وعليه صوم رمضان أو كفارة أو غيرها فلا يقضى عنه.والقول الراجح أن من مات وعليه صيام فرض بأصل الشرع فإن وليه يقضيه عنه، لا قياساً ولكن بالنص، وهو حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» «وصوم» نكرة غير مقيدة بصوم معين، وأيضاً كيف يقال: إن المراد به صوم النذر، وصوم النذر بالنسبة لصوم الفرض قليل، يعني ربما يموت الإنسان وما نذر صوم يوم واحد قط، لكن كونه يموت وعليه صيام رمضان هذا كثير، فكيف نرفع دلالة الحديث على ما هو غالب ونحملها على ما هو نادر؟! هذا تصرف غير صحيح في الأدلة، والأدلة إنما تحمل على الغالب الأكثر، والغالب الأكثر في الذين يموتون وعليهم صيام، أن يكون صيام رمضان أو كفارة أو ما أشبه ذلك، وهم يقولون حديث المرأة خصص حديث عائشة فيقال: إن ذكر فرد من أفراد العام بحكم يوافق العام، لا يكون تخصيصاً، بل يكون تطبيقاً مبيناً للعموم، وأن العموم في حديث عائشة «من مات وعليه صوم» شامل لكل صور الواجب، وهذا هو القول الصحيح وهو مذهب الشافعي وأهل الظاهر.لكن من هو الذي إذا مات كان القضاء واجباً عليه؟
الجواب: هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل فإذا مات قلنا لوليه: صم عنه، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» .والولي هو الوارث، والدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» فذكر الأولوية في الميراث، إذاً الولي هو الوارث.وقيل: الولي هو القريب مطلقاً.والأقرب أنه الوارث.وحتى على القول بأنه القريب، فيقال: أقرب الناس وأحق الناس به هم ورثته، وعلى هذا فيصوم الوارث.
مسألة: هل يلزم إذا قلنا: بالقول الراجح إِنّ الصومَ يشمل الواجب بأصل الشرع والواجب بالنذر ـ أَنْ يقتصر ذلك على واحد من الورثة؛ لأن الصوم واجب على واحد الجواب: لا يلزم؛ لأن قوله صلّى الله عليه وسلّم: «صام عنه وليه» ، مفرد مضاف فيعم كل ولي وارث، فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابناً، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يوماً فيجزئ، ولو كانوا ثلاثين وارثاً وصاموا كلهم يوماً واحداً، فيجزئ لأنهم صاموا ثلاثين يوماً، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده، حتى يتموا ثلاثين يوماً. أما في كفارة الظهار ونحوها فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع؛ ولأن كل واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين. وقد يقول قائل: يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام وهلم جرّاً حتى تتم؟فيجاب بأنه لا يصدق على واحد منهم أنه صام شهرين متتابعين، وعليه فنقول: إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً اهـ
!!! هل قضاء الصوم عن الميت على الوجوب أم على الاستحباب ؟ ذهب جمهور العلماء على الاستحباب ينظر فتح الباري (4\228) منهم الشافعي وأحمد والنووي وهو ما رجحه شيخنا مصطفى العدوي  وقال ابن حزم فَفَرْضٌ عَلَى أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَصُومُوهُ عَنْهُ هُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ،ينظر المحلى (4\420) واستدل ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» يحمل الأمر فيه على الوجوب  قلت :قول الجمهور هو الصحيح وصارف هذا الحديث  عن الوجوب  حديث طَلْحَة بْن عُبَيْدِ اللَّهِ، قالُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، رواه البخاري (2678) ومسلم (11)
فلم يفرض النبي صل الله عليه وسلم غير شهر رمضان فهذا الحديث دليل : على أن الصوم عن الميت مستحب والله أعلم وأيضا الصارف عن الوجوب قال : ابن قدامة في المغني (3\153) الصَّوْمَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ انتهى
الأيام المنهي عن صيامها ؟
!!! يوما العيدين :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى "رواه البخاري (1991) ومسلم (1140) واللفظ له
قال ابن حجر في فتح الباري (4/239) وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدِ سَوَاءٌ النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَالتَّطَوُّعُ وَالْقَضَاءُ وَالتَّمَتُّعُ وَهُوَ بِالْإِجْمَاع انتهى
!!! أيام التشريق ؟
أيام التشريق هي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة.والدليل : على انها ثلاثة أيام  عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنَ السَّنَةِ، ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ التَّشْرِيقِ، وَيَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، مُخْتَصَّةً مِنَ الْأَيَّامِ» رواه أبو داود الطيالسي في المسند  (2219) حديث ضعيف  وصححه الألباني في الصحيحة (2398) وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3 / 203) : رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ طُرُقِهِ كُلِّهَا.
تنازع العلماء في حكم صيام أيام التشريق على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنه لا يصح صومها بحال وهوعَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قال أبو حنيفة وبن الْمُنْذِرِ وابن حزم  انظر فتح الباري (4/242) وشرح مسلم نووي (8/17) ورجحه شيخنا مصطفى العدوي ودليلهم : عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» رواه مسلم (1141)
قال ابن حزم في المحلى (4/451)
وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى، لَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَلَا فِي نَذْرٍ، وَلَا فِي كَفَّارَةٍ، وَلَا لِمُتَمَتِّعٍ بِالْحَجِّ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْهَدْيِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. انتهى
القول الثاني : يجوز صيامها لكل أحد تطوعاً وغيره. قال الحافظ في فتح الباري (4/ 242)  وَقد روى بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَبِي طَلْحَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا انتهى وأجيب قال الشوكاني وَأَمَّا الْقَائِلُ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا فَأَحَادِيثُ الْبَابِ جَمِيعًا تَرُدُّ عَلَيْهِ انظر نيل الأوطار (4/311)
القول الثالث : يجوز صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولا يجوز لغيره وهو عن بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ انظر فتح الباري (4/ 242) ورجحه ابن باز وابن عثيمين  وهو الراجح والدليل : عَنْ عَائِشَةَ، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالاَ: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ رواه البخاري (1997)
قال الشَّوْكَانِيُّ وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِالْجَوَازِ لِلْمُتَمَتِّعِ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ لِلْمُتَمَتِّعِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ لَهَا حُكْمُ الرَّفْعِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّحَاوِيُّ بِلَفْظِ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُتَمَتِّعِ إذَا لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ» وَفِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عُمُومُ الْآيَةِ. قَالُوا: وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ، وَكَذَلِكَ بِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهَذَا أَقْوَى الْمَذَاهِبِ انظر نيل الأوطار (4/311)
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/481)
قوله: «وصيام أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران» أي: يحرم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيها: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عزّ وجل» وهذا يدل على أن هذه الأيام لا تصلح أن تكون أيام إمساك، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله، وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر هي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وهذه الأيام تسمى أيام التشريق؛ لأن الناس كانوا يشرقون فيها اللحم، أي: يقددونه، ثم ينشرونه في الشمس من أجل أن ييبس حتى لا يتعفن، ويفسد.وقوله: «إلا عن دم متعة وقران» أي: فيجوز صيامها فإذا حج الإنسان وكان متمتعاً، والمتمتع هو الذي يأتي بالعمرة أولاً في أشهر الحج، ثم يحل، ويأتي بالحج في عامه بعد ذلك، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، والقارن كالمتمتع، وهو الذي يحرم بالعمرة والحج جميعاً، فيقول: لبيك عمرة وحجاً، أو يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع من الحج.
ودم المتعة والقران إذا لم يجدهما الحاج، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وتبتدئ هذه الأيام الثلاثة في حين الإحرام بالعمرة، ولو كان قبل شهر ذي الحجة، فإذا كان متمتعاً وأحرم بالعمرة في آخر ذي القعدة، وهو يعلم أنه لن يجد الهدي، لأنه ليس معه دراهم، فله أن يصوم.فإن قيل: كيف يصوم في العمرة والآية الكريمة يقول الله فيها {ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] ؟فالجواب، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «دخلت العمرة في الحج» وينتهي صوم الثلاثة بآخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فإذا لم يصم قبل ذلك، فإنه يصوم الأيام الثلاثة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر.ودليل ذلك حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي»  وقول الصحابي لم يرخص، أو رخص لنا، أو ما أشبه ذلك يعتبر مرفوعاً حكماً.
قال ابن باز رحمه الله في مجموع فتاوى (15\ 381)
لا يجوز صيام اليوم الثالث عشر من ذي الحجة لا تطوعا ولا فرضا؛ لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها ولم يرخص في ذلك لأحد إلا لمن لم يجد هدي التمتع، فله أن يصوم أيام التشريق الثلاثة عن الهدي ويصوم السبعة الباقية عند أهله؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما قال: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي أما صوم الرابع عشر والخامس عشر فلا بأس به؛ لأنهما ليسا من أيام التشريق. وبالله التوفيق.
!!! صيام يوم الجمعة منفردا :
تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ يَوْمٌ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ.انظر المغني (3/170) - قال مالك في الموطأ- لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ بِهِ يُقْتَدَى نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الَّذِي رَآهُ وَقَدْ رَأَى غَيْرُهُ خِلَافَ مَا رَأَى هُوَ وَالسُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَا رَآهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ وَمَالِكٌ مَعْذُورٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ انظر شرح مسلم نووي (8/19)
القول الثاني : قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ فان وصله يصوم قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ شِفَاءِ مَرِيضِهِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ أَبَدًا فَوَافَقَ الْجُمُعَةَ لَمْ يُكْرَهْ 000وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ انظر المجموع (6/437) قلت : وهو مذهب أكثر أهل العلم منهم الشافعي وأحمد واختاره ابن تيمية  ودليلهم : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَلَّمَا كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الجُمُعَةِ رواه الترمذي (742) قلت : حديث حسن وحسنه الترمذي والألباني قالوا: فَكَانَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرِينَةً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ – كما سيأتي-  لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ 0
القول الثالث : قال ابن حزم في المحلى (4/440) وَلَا يَحِلُّ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إلَّا لِمَنْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ فَلَوْ نَذَرَهُ إنْسَانٌ كَانَ نَذْرُهُ بَاطِلًا، فَلَوْ كَانَ إنْسَانٌ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَجَاءَهُ صَوْمُهُ فِي الْجُمُعَةِ فَلْيَصُمْهُ انتهى قلت : هذا القول هو الصحيح وهو مذهب ابن المنذر  والدليل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ رواه البخاري (1985) ومسلم (1144)
قال الصنعاني في سبل السلام (1/587) وَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ النَّفْلِ بِصَوْمِ يَوْمِهَا مُنْفَرِدًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا ثَبَتَ عَنْ صَوْمِ الْعِيدِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ الْعِيدِ وَلَوْ صَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ.وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إفْرَادِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ لِلتَّنْزِيهِ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَلَّمَا كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ فَكَانَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرِينَةً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال.
 ما حكم صيام يوم السبت منفردا تطوعا!!!  
قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول: جواز صيام السبت تطوعًا ولو مفردًا: وهذا مذهب - مالك - ، وهو اختيار الزهري والأوزاعي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وهو رواية عن الإمام أحمد انظر فتاوى يسألونك (9/57)
 ورجحه ابن باز و شيخنا مصطفى العدوي - وهؤلاء ضعَّفوا الحديث،سيأتي وقدموا عليه الأحاديث الصحاح التي تحث على صيام عرفة وست من شوال وعاشوراء وصيام ثلاثة أيام البيض وصيام يوم وإفطار يوم، فلابد أن يوافق أحد هذه الأيام يوم السبت!!وكذلك حديث صيام يوم قبل الجمعة أو يومًا بعده، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لجويرية لما صامت الجمعة: «أتريدين أن تصومي غدًا»؟ ... –سبق تخريج هذه الأحاديث قال شيخنا مصطفى العدوي  الحديث ضعيف حكم عليه خمسة من الأئمة الأولين بالضعف، فقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى فيه: هذا حديث كذب، وقال أبو داود رحمه الله تعالى: هذا حديث مضطرب.فضعفه خمسة من الأوائل، وإن كانت له أسانيد يُحكم عليها في الظاهر بالحسن إلا أن هؤلاء الخمسة الأئمة على تضعيف هذا الحديث.وأما من ناحية المعنى فإن المعنى ضعيف كذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يصومن أحدكم الجمعة إلا ويوماً قبله أو يوماً بعده) ، واليوم الذي بعده هو السبت يقيناً، وقال صلوات الله وسلامه عليه: (إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوما) ، فمن حافظ على هذا فسيصوم السبت يقينا، وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالثلاث البيض من كل شهر) ، وبالمحافظة عليها يأتي فيها السبت يقيناً على مدار العام.
أما أن يفهم من هذا الحديث أنه لا يصام السبت حتى وإن كان يوم عرفة فهذا فهم خاطئ، ولم يقل به السلف، بل جماهير السلف رحمهم الله تعالى على خلافه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فإن صح الخبر فهو منزلٌ على من يخصص يوم السبت لاعتقاد منه على أن في ذلك خيراً، فسيكون قد خصص السبت وشابه اليهود في تخصيصهم السبت من دون الأيام؛ إذ اليهود يسبتون يوم السبت، ويؤخرون الأعمال فيه، ويعتقدون أن في السبت فضيلة، فإن فعلت وأنت تعتقد هذا الاعتقاد اليهودي فلا شك أنك مذموم انتهى
القول الثاني: وقال جماهير أهل العلم يكره إفراد يوم السبت بالصيام فإذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فلا كراهة وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد انظر فتاوى يسألونك (9/57) وهو الراجح والدليل : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ أُخْتِهِ، - وَقَالَ يَزِيدُ: الصَّمَّاءِ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِي مَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضَغْهُ» رواه الترمذي (744) حديث صحيح وقال الترمذي : «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ» وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى ".قال الألباني : قلت: وهو كما قال , وأقره الذهبى انظر الإرواء (960) - وقد حملوا هذا الحديث على المنع من إفراده بالصوم لأنه تشبه باليهود، وأيدوا هذا عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «فَأَفْطِرِي» رواه البخاري (1986) وعن أم سلمة قالت : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ رواه النسائي في الكبرى (2789) وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي وقال الهيثمي: رجاله ثقات" المجمع 3/ 198 وحسنه الألباني ثم ضعفه في الضعيفة (1099) وحسنه الأرنؤوط قلت : حديث صحيح وله شاهد عن عائشة رضي الله عنها عند الترمذي وحسنه (746) فهذان الحديثان يدلان دلالة صريحة على جواز صوم يوم السبت في غير رمضان لمن صام الجمعة قبله أو الأحد بعده  
قال ابن حبان: فَصْلٌ فِي صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ : ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ مُفْرَدًا ثم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق، ثم عقبه بقوله: ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ مَعَ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ إِذَا قُرِنَ بِيَوْمٍ آخَرَ جَازَ صَوْمُهُ ، ثم ذكر حديث أم سلمة السابق انظر صحيح ابن حبان ( 8/ 379) قال الشوكاني : وَقَدْ جَمَعَ صَاحِبُ الْبَدْرِ الْمُنِيرِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ: النَّهْيُ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْإِفْرَادِ وَالصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ انْضِمَامِ مَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ إلَيْهِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ صَامَ الْجُمُعَةَ أَنْ يَصُومَ السَّبْتَ بَعْدَهَا وَالْجَمْعُ مَهْمَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ انظر نيل الأوطار (4/ 299)
قال ابن عثيمين رحمه الله : في فتاوى نور على الدرب (11/2) اختلف العلماء رحمهم الله في صوم يوم السبت هل هو جائز أو مكروه أو يفرق بين أن يصومه منفرداً أو مضمون إليه ما قبله أو ما بعده فمن العلماء من قال إن صومه لا بأس به وأن الحديث الوارد فيه حديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة ومن شرط العمل بالحديث ألا يكون شاذّاً لأن عدم الشذوذ شرط لصحة الحديث أولكونه حسناً وما ليس بصحيح ولا حسن لا يجوز العمل به وإلى هذا ذهب جماعة من العلماء السابقين والمعاصرين ومنهم من قال إن صومه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) ومنهم من فصل أو فرق بين أن يصومه منفرداً أو يصوم يوماً قبله أو يوم بعده وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لجويرية وقد كانت صائمة يوم الجمعة قال (أصمتِ أمس، قالت: لا، قال: أتصومين غداً، قالت: لا، قال: فأفطري) فأمرها أن تفطر لئلا تفرد يوم الجمعة بصوم والشاهد من هذا الحديث أنه (قال أتصومين غداً) يعني يوم السبت فدل ذلك على جواز صوم يوم السبت مع الجمعة وهذا ما لم يكن هناك سبب لتخصيص يوم السبت مثل أن يصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو يوماً يصومه الإنسان فإنه لا كراهة في ذلك لأن الصائم لم يصمه لأنه يوم سبت ولكن لأنه صادف فمثلاً لو كان يوم السبت يوم عرفة فإنه يصومه بلا كراهة أو كان يوم عاشوراء فإنه يصومه بلا كراهة لكن يوم عاشوراء ينبغي أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده أو كان في صوم يصومه مثل أن يكون هذا الرجل يصوم يوماً ويفطر يوماً فصادف يوم صومه يوم السبت فإنه لا بأس بذلك انتهى
تنبيه : ذهب الألباني رحمه الله إلى تحريم صيام يوم السبت مطلقا والصحيح هو ما ذكرته والله أعلم
!!! صوم يوم الدهر؟
تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟
القول الأول : كره قوم من السلف صوم الدهر، روى ذلك عن عمر، وابن مسعود، وأبى ذر، وسلمان، وعن مسروق، وابن أبى ليلى، وعبد الله بن شداد، وعمرو بن ميمون، انظر شرح البخاري لابن بطال (4/121) وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم. مجموع الفتاوى) [22/ 302]، (زاد المعاد) [2/ 80 - 82] ودليلهم :
1 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلاَ تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا»، قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ» قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: «كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى»، قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ - قَالَ عَطَاءٌ: لاَ أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ - قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ» مَرَّتَيْنِ
 رواه البخاري (1977) ومسلم (1159) وَأَجَاب أصحاب القول الثالث : عَنْ حَدِيثِ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يَصُومَ مَعَهُ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقَ وَبِهَذَا أَجَابَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِهِ أَوْ فَوَّتَ بِهِ حَقًّا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ خِطَابًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ عَنْهُ أَنَّهُ عَجَزَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَنَدِمَ عَلَى كَوْنِهِ لم يقبل الرخصة قالوا فنهى بن عمر وكان لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَعْجَزُ وَأَقَرَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو لِعِلْمِهِ بِقُدْرَتِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَالثَّالِثَ أَنَّ مَعْنَى لَا صَامَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مِنْ مَشَقَّتِهِ مَا يَجِدُهَا غَيْرُهُ فَيَكُونُ خَبَرًا لَا دُعَاءً انظر شرح مسلم (8/40) وأجيب: وَهُوَ تَأْوِيلٌ مَرْدُودٌ بِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عَمْرٍو عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّ لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ حَقًّا وَلِأَهْلِهِ حَقًّا وَلِضَيْفِهِ حَقًّا وَلِقَوْلِهِ «أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَأُفْطِرُ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»  (سبل السلام) [1/ 591].
2- قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» رواه مسلم ((1162)
3- عَنْ أَنَسٍ قال جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي رواه البخاري (5063) ومسلم (1401) قالوا : هذا وعيد شديد من مخالفة صوم النبي صل الله عليه وسلم كصيام الدهر كما فعل بعض الصحابة أن قال أحدهم – أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ - فقال النبي صل الله عليه وسلم فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
القول الثاني : يحرم وهو مذهب ابن حزم انظر فتح الباري (4/ 222) وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ خُزَيْمَةَ والصنعاني انظر سبل السلام (1/ 591) ودليلهم :  1- عَنِ الْأَشْعَرِيِّ يَعْنِي أَبَا مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا» وَعَقَدَ تِسْعِينَ
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه [2154] صححه ابن حبان والألباني و الأعظمي وحسنه أبو علي الطوسي وقال الهيثمي (3/193) :
"رواه أحمد والبزار والطبراني في " الكبير"، ورجاله رجال الصحيح قلت : الصحيح ضعيف مرفوعا صحيح موقوفا قال العقيلي: وقد روي هذا عن أبي موسى موقوفاً، ولا يصح مرفوعا" 2- واستدلوا : أيضا بأدلة القول الأول قال ابن حزم: وَأَفْضَلُ الصَّوْمِ بَعْدَ الصِّيَامِ الْمَفْرُوضِ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ.وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ مِمَّنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا الْحُجَّةُ، وَلَا يَحِلُّ صَوْمُ الدَّهْرِ أَصْلًا (المحلى) [4/ 431].
القول الثالث : ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ منهم الشافعي ومالك وأحمد  إِلَى جَوَازِه إِذَا لَمْ يَصُمِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَهِيَ الْعِيدَانِ وَالتَّشْرِيقُ إن قوى على صوم الدهر ولم يلحق به ضرر انظر شرح مسلم (8/40) والفقه الميسر (2/542) ودليلهم : 1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ، سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: «صُمْ إِنْ شِئْتَ، وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ» رواه البخاري [1943]، ومسلم [1121]واللفظ له
ووجه استدلالهم منه: هو عدم إنكار النبي على حمزة الأسلمي قوله: ((إني رجل أسرد الصوم))، فلو كان لا يجوز لنهاه النبي  إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، قال نحوه النووي رحمه الله. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سُؤَالَ حَمْزَةَ إِنَّمَا كَانَ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ لَا عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سَرْدِ الصِّيَامِ صَوْمُ الدَّهْرِ فَقَدْ قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَيُقَالُ لَا يُفْطِرُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ – قلت : عمرو حديث حسن وحسنه الألباني في الإرواء (4/103) - وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ الدَّهْرَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ السَّرْدِ صِيَامُ الدَّهْرِ انظر فتح الباري (4/ 223)
2 - عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رواه مسلم (1164)
قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 591)
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَهُ صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ مَعَ رَمَضَانَ وَشَبَهُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ بِصَوْمِ الدَّهْرِ فَلَوْلَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَمَّا شُبِّهَ بِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَإِنَّهَا تُغْنِي عَنْهُ كَمَا أَغْنَتْ الْخَمْسُ الصَّلَوَاتُ عَنْ الْخَمْسِينَ الصَّلَاةِ الَّتِي قَدْ كَانَتْ فُرِضَتْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا أَحَدٌ لِوُجُوبِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ ثَوَابًا بَلْ يَسْتَحِقَّ الْعِقَابَ اهـ
3- عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ صَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَا يُفْطِرُ إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى» رواه الحاكم في (المستدرك) [5506] وصححه ووافقه الذهبي وأجيب أن هذا الأثر موقوف لا حجة فيه 0
قال النووي قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ نَحْوَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُرَادُ بِصَوْمِ الدَّهْرِ سَرْدُ الصَّوْمِ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ إلَّا الْأَيَّامَ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا وَهِيَ الْعِيدَانِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَحَاصِلُ حكمه عندنا انه إنْ خَافَ ضَرَرًا أَوْ فَوَّتَ حَقًّا بِصِيَامِ الدهر كره له وإن يَخَفْ ضَرَرًا وَلَمْ يُفَوِّتْ حَقًّا لَمْ يُكْرَهْ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُور انظر المجموع (6/389) قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ابن حبان :- عن حديث«مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا» وَعَقَدَ تِسْعِينَ -  الْقَصْدُ فِي هَذَا الْخَبَرِ صَوْمُ الدَّهْرِ الَّذِي فِيهِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ، وَأَوْقَعَ التَّغْلِيظَ عَلَى مَنْ صَامَ الدَّهْرَ مِنْ أَجْلِ صَوْمِهِ الْأَيَّامَ الَّتِي نُهِيَ عَنْ صِيَامِهَا، لَا أَنَّهُ إِذَا صَامَ الدَّهْرَ وَقَوِيَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْأَيَّامِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ صِيَامِهَا يُعَذَّبُ فِي الْقِيَامَةِ انتهى
!!! صيام يوم الشك ؟
يَوْمَ الشَّكِّ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا لَمْ يُرَ الْهِلَالُ فِي لَيْلِهِ بِغَيْمٍ سَاتِرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَكَوْنُهُ مِنْ شَعْبَان انظر سبل السلام (1/558)
قلت : تنازع العلماء في ذلك ؟
القول الأول : لَا يَجِبُ صَوْمُهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ إنْ صَامَهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ؛ انظر المغني (3/108) وهو الراجح والدليل :
1 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ رواه البخاري (1907) وغيره وجه الدلالة:
قوله: ((أكملوا العدة ثلاثين)) أمر، والأصل في الأمر الوجوب، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً، حرم صوم يوم الشك.
2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ رواه البخاري (1914) ومسلم (1082)
3 - عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ، فَقَالَ: كُلُوا، فَتَنَحَّى بَعْضُ القَوْمِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: «مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه الترمذي (686) قلت : حديث صحيح قال الألباني : في صحيح أبي داود (7/ 98) (قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني والحاكم والذهبي) .
4 - أن صيام هذا اليوم على سبيل الاحتياط من التنطُّع في الدين، لأن الاحتياط إنما يكون فيما كان الأصل وجوبه، أما ما كان الأصل عدمه فلا احتياط في إيجابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعِّون» قال ابن حزم في المحلى (4/444) وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ الَّذِي مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ، وَلَا صِيَامُ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ إلَّا مَنْ صَادَفَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ فَيَصُومُهُمَا حِينَئِذٍ لِلْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُمَا لَهُ لَا لِأَنَّهُ يَوْمُ شَكٍّ وَلَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَان انتهى
 قال الشيخ العلامة ابن باز: لا يجوز صيام يوم الشك ولو كانت السماء مغيمة هذا الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما  » . وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا
رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه » وأما ما يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصوم يوم الثلاثين إذا كان غيما، فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه والصواب خلافه وأن الواجب الإفطار، وابن عمر اجتهد في هذا المقام ولكن اجتهاده مخالف للسنة عفا الله عنه، والصواب أن المسلمين عليهم أن يفطروا يوم الثلاثين إذا لم ير الهلال ولو كان غيما فإنه يجب الإفطار، ولا يجوز الصوم حتى يثبت الهلال أو يكمل الناس العدة، عدة شعبان ثلاثين يوما، هذا هو الواجب على المسلمين ولا يجوز أن يخالف النص لقول أحد من الناس لا لقول ابن عمر ولا غيره؛ لأن النص مقدم على الجميع؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}  ولقوله جل وعلا: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} انظر مجموع فتاوى (15/ 409)
القول الثاني : (وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ غَيْمٌ، أَوْ قَتَرٌ وَجَبَ صِيَامُهُ، وَقَدْ أَجْزَأَ إذَا كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ)  وهو رواية عن أحمد وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَعَمْرِو بْن الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَبِهِ قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمُطَرِّفٌ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ انظر المغني (3/108) واستدلوا بما يلي:
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَه رواه البخاري (1906) ومسلم (1080) قالوا : وَمَعْنَى اُقْدُرُوا لَهُ: أَيْ ضَيَّقُوا لَهُ الْعَدَدَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] . أَيْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ. وَقَوْلِهِ: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26] . وَالتَّضْيِيقُ لَهُ أَنْ يُجْعَلَ شَعْبَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا انظر المغني (3/108)
وأجيب قال ابن عثيمين : أما حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فيقال: إذا سلمنا ما قلتم فلماذا لا نقول القدر أن يجعل رمضان تسعة وعشرين فتجعل التضيق على رمضان لأنه لم يهل هلاله إلى الآن، فليس له حق في الوجود فيبقى مضيقاً عليه، ولكننا نقول: الصواب أن المراد بالقدر هنا ما فسرته الأحاديث الأخرى، وهو إكمال شعبان ثلاثين يوماً إن كان الهلال لرمضان وإكمال رمضان، ثلاثين يوماً إن كان الهلال لشوال انظر الشرح الممتع (6/304)
2- - فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، إِذَا كَانَ شَعْبَانُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ نَظَرَ لَهُ، فَإِنْ رُئِيَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُرَ، وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ، وَلَا قَتَرَةٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ، أَوْ قَتَرَةٌ أَصْبَحَ صَائِمًا أن ابن عمر رضي الله عنهما «كان إذا كان يوم الثلاثين من شعبان وحال دونه غيم أو قتر أصبح صائمًا» رواه أبو داود (2320) قالوا: وابن عمر هو راوي حديث «فإن غم عليكم ...» فعمله تفسير له وأجيب فعل عمر هذا مخالف لفعله صل الله عليه وسلم فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ رواه أبو داود (2325) وصححه الألباني
3 - أن قوله «فإن غم عليكم فاقدروا له» إنما هو في حال الصحو لأنه علَّق الصيام على الرؤية، فأما في حال الغيم فله حكم آخر.
4 - أنه يحتمل أن يكون الهلال قد ظهر ومنعه الغيم، فيصوم احتياطًا
القول الثالث : أَنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ صَامَ صَامُوا، وَإِنْ أَفْطَرَ أَفْطَرُوا.وهو رواية عن أحمد،وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ انظر المغني (3/108)  وحجتهم :  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ» رواه الترمذي (697) وقال «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» وصححه الألباني  قال الألباني في الصحيحة (1/443) قال الترمذي عقب هذا الحديث وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ هَذَا الحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَنَّ الصَّوْمَ وَالفِطْرَ مَعَ الجَمَاعَةِ وَعُظْمِ النَّاسِ
وقال الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 72) :
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْعِيدِ الْمُوَافَقَةُ لِلنَّاسِ، وَأَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِمَعْرِفَةِ يَوْمِ الْعِيدِ بِالرُّؤْيَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِفْطَارِ، وَالْأُضْحِيَّةِ،". وذكر معنى هذا ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " (3 / 214) ، وقال: "وَقِيلَ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ مَنْ عَرَفَ طُلُوعَ الْقَمَرِ بِتَقْدِيرِ حِسَابِ الْمَنَازِلِ جَازَ لَهُ أَنْ يَصُومَ بِهِ وَيُفْطِرَ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقِيلَ إِنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ وَلَمْ يَحْكُمِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ صَوْمًا لَهُ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ
 ". وقال أبو الحسن السندي في " حاشيته على ابن ماجه " بعد أن ذكر حديث أبي هريرة عند الترمذي: " والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل، وليس لهم التفرد فيها، بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة، ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة، وعلى هذا، فإذا رأى أحد الهلال، ورد الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور، ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك ".قلت: وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث، ويؤيده احتجاج عائشة به على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر، فبينت له أنه لا عبرة برأيه وأن عليه اتباع الجماعة فقالت: " النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس ".قلت: وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم، وإبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم من الآراء الفردية، فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد - ولو كان صوابا في وجهة نظره - في عبادة جماعية كالصوم والتعبيد وصلاة الجماعة، ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم كان يصلي بعضهم وراء بعض وفيهم من يرى أن مس المرأة والعضو وخروج الدم من نواقض الوضوء، ومنهم من لا يرى ذلك، ومنهم من يتم في السفر، ومنهم من يقصر، فلم يكن اختلافهم هذا وغيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد، والاعتداد بها، وذلك لعلمهم بأن التفرق في الدين شر من الاختلاف في بعض الآراء، ولقد بلغ الأمر ببعضهم في عدم الإعتداد بالرأي المخالف لرأى الإمام الأعظم في المجتمع الأكبر كمنى، إلى حد ترك العمل برأيه إطلاقا في ذلك المجتمع فرارا مما قد ينتج من الشر بسبب العمل برأيه، فروى أبو داود (1 / 307) أن عثمان رضي الله عنه صلى بمنى أربعا، فقال عبد الله بن مسعود منكرا عليه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صدرا من إمارته ثم أتمها، ثم تفرقت بكم الطرق فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين، ثم إن ابن مسعود صلى أربعا! فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعا؟ ! قال: الخلاف شر. وسنده صحيح. وروى أحمد (5 / 155) نحو هذا عن أبي ذر رضي الله عنهم أجمعين. فليتأمل في هذا الحديث وفي الأثر المذكور أولئك الذين لا يزالون يتفرقون في صلواتهم، ولا يقتدون ببعض أئمة المساجد، وخاصة في صلاة الوتر في رمضان، بحجة كونهم على خلاف مذهبهم! وبعض أولئك الذين يدعون العلم بالفلك، ممن يصوم ويفطر وحده متقدما أو متأخرا عن جماعة المسلمين، معتدا برأيه وعلمه، غير مبال بالخروج عنهم،فليتأمل هؤلاء جميعا فيما ذكرناه من العلم، لعلهم يجدون شفاء لما في نفوسهم من جهل وغرور، فيكونوا صفا واحدا مع إخوانهم المسلمين فإن يد الله مع الجماعة انتهى
القول الرابع : أن صومه مباح، وليس بواجب، ولا مكروه، ولا محرم ولا مستحب  لتعارض الأدلة عندهم وهو غالب نصوص أحمد واختاره ابن تيمية قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25/124) فَإِنَّ تَحْرِيمَ الصَّوْمِ أَوْ إيجَابَهُ كِلَاهُمَا فِيهِ بُعْدٌ عَنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ 000فَهَذَا الْقَوْلُ الْمُتَوَسِّطُ – وهو أنه يجوز صومه من رمضان ، ويجوز فطره والأفضل صومه من وقت الفجر-  هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ غَالِبُ نُصُوصِ أَحْمَد اهـ
قلت : الصحيح تحريم صيام يوم الشك إلا أن يوافق صوم كان يصومه فليصمه والدليل : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) في معالم السنن (2/ 99) اختلف الناس في معنى النهي عن صيام يوم الشك فقال قوم إنما نهى عن صيامه إذا نوى به أن يكون عن رمضان. فأما من نوى به صوم يوم من شعبان فهو جائز. هذا قول مالك بن أنس والأوزاعي وأصحاب الرأي، ورخص فيه على هذا الوجه أحمد وإسحاق 000.قال الشافعي إن وافق يوم الشك يوما كان يصومه صامه وإلا لم يصمه وهو أن يكون من عادته أن يصوم صوم داود فإن وافق يوم صومه صامه وإن وافق يوم فطره لم يصمه انتهى  وقال النووي في شرح مسلم (7/194) فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ لِمَنْ لَمْ يُصَادِفْ عَادَةً لَهُ أَوْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ وَلَا صَادَفَ عَادَةً فَهُوَ حَرَامٌ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا انتهى
!!! لا تصوم المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه ؟
َعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» رواه البخاري (5192) ومسلم (1026)
قال النووي رحمه الله وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ أَيْ مُقِيمٌ فِي الْبَلَدِ أَمَّا إِذَا كَانَ مُسَافِرًا فَلَهَا الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ انظر شرح مسلم (7/115)
قال الشوكاني : وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِدُونِ إذْنِ زَوْجِهَا الْحَاضِرِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يُكْرَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، قَالَ: فَلَوْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَأَثِمَتْ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَأَمْرُ الْقَبُولِ إلَى اللَّهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا: وَيُؤَكِّدُ التَّحْرِيمَ ثُبُوتُ الْخَبَرِ بِلَفْظِ النَّهْيِ، وَوُرُودُهُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الْأَمْرِ فِيهِ فَيَكُونُ دَالًّا عَلَى التَّحْرِيمِ. قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا التَّحْرِيمِ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحَقُّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا تُفَوِّتُهُ بِالتَّطَوُّعِ، وَإِذَا أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا جَازَ وَيَفْسُدُ صَوْمُهَا.وَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِالشَّاهِدِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّطَوُّعُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، فَلَوْ صَامَتْ وَقَدِمَ فِي أَثْنَاءِ الصِّيَامِ قِيلَ: فَلَهُ إفْسَادُ صَوْمِهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَفِي مَعْنَى الْغَيْبَةِ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِمَاعَ. وَحَمَلَ الْمُهَلَّبُ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ عَلَى التَّنْزِيهِ فَقَالَ: هُوَ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَلَهَا أَنْ تَفْعَلَ مِنْ غَيْرِ الْفَائِضِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَضُرُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ شَيْئًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ إذَا دَخَلَتْ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ انظر نيل الأوطار (6/252)
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ إِطْلَاقُ مَنْعِ صَوْمِ النَّفْلِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فِي اسْتِثْنَاءِ نَحْوِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ انظر تحفة الأحوذي (3/414)
!!! وِصال الصوم:
الْوِصَال، وَهُوَ أَنْ لَا يُفْطِرَ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ بِأَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ انظر المغني
قلت : تنازع العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال ؟ القول الأول : ذهب الحنفية ومالك وأحمد وقول للشافعي أنه يكره ودليلهم : 1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ»، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ» رواه البخاري (1964) ومسلم (1105)
.قال ابن قدامة وَأَمَّا النَّهْيُ فَإِنَّمَا أَتَى بِهِ رَحْمَةً لَهُمْ، وَرِفْقًا بِهِمْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ. كَمَا نَهَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ صِيَامِ النَّهَارِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوِصَالِ، رَحْمَةً لَهُمْ» وَهَذَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَلِهَذَا لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّحْرِيمَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ وَاصَلُوا بَعْدَهُ، وَلَوْ فَهِمُوا مِنْهُ التَّحْرِيمَ لَمَا اسْتَجَازُوا فِعْلَهُ انظر المغني (3/175) وأجيب : أن هذا الحديث نهي ، والأصل في النهي هو التحريم وأما قول عائشة رضي الله عنها رَحْمَةً لَهُمْ لَا يَمْنَعُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّ مِنْ رَحْمَتِهِ لَهُمْ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ ، وما من شيء حرمه الله على عباده إلا وهو رحمة لهم أما قوله رحمه الله بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ وَاصَلُوا بَعْدَه سيأتي الرد على ذلك 0
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ تُوَاصِلُوا»، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي»، فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ، قَالَ: فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ تَأَخَّرَ الهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ» كَالْمُنَكِّلِ لَهُم رواه البخاري (7299) قالوا : أنه صل الله عليه وسلم واصل بأصحابه بعد النهي ، فهو نهي إرشاد ، ولو كان النهي للتحريم لما أقرهم على فعلهم
وفي فتح الباري : وَمِنْ حُجَّتِهِمْ 000أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ بِأَصْحَابِهِ بَعْدَ النَّهْيِ فَلَوْ كَانَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ لَمَا أَقَرَّهُمْ عَلَى فِعْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّهْيِ الرَّحْمَةَ لَهُمْ وَالتَّخْفِيفَ عَنْهُمْ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عَائِشَةُ فِي حَدِيثِهَا وَهَذَا مِثْلُ مَا نَهَاهُمْ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ مِمَّنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ فَمَنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا رَغِبَ عَنِ السُّنَّةِ فِي تَعْجِيلِ الْفِطْرِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الْوِصَالِ انظر فتح الباري (4/ 204)وأجيب عن ذلك : أما مواصلته صل الله عليه وسلم بهم بعد نهيه ، فلم يكن تقريرا بل تقريرا وتنكيلا ، واحتمل ذلك منهم لأجل مصلحة النهي في تأكيد زجرهم ، لأنهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي ، وكان ذلك أدعى إلى وعظهم 0ونظير ذلك  عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ المَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ: «سَلُونِي»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ»، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ»، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَضَبِ قَالَ: إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ رواه البخاري (7291) ومسلم (2360) فالتكلف في السؤال محرم ، ومع ذلك قال لهم النبي صل الله عليه وسلم سلوني فكان عقوبة لهم وتنكيلا كذلك الوصال
وفي فتح الباري (4/ 205)
بِأَنَّ قَوْلَهُ رَحْمَةً لَهُمْ لَا يَمْنَعُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّ مِنْ رَحْمَتِهِ لَهُمْ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا مُوَاصَلَتُهُ بِهِمْ بَعْدَ نَهْيِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَقْرِيرًا بَلْ تَقْرِيعًا وَتَنْكِيلًا فَاحْتَمَلَ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِأَجْلِ مُصْلِحَةِ النَّهْيِ فِي تاكيد زجرهم لأَنهم إِذا باشروه ظَهَرَتْ لَهُمْ حِكْمَةُ النَّهْيِ وَكَانَ ذَلِكَ أُدْعَى إِلَى قُلُوبِهِمْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَلَلِ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَأَرْجَحُ مِنْ وَظَائِفِ الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْجُوعُ الشَّدِيدُ يُنَافِي ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْوِصَالَ يَخْتَصُّ بِهِ لِقَوْلِهِ لَسْتُ فِي ذَلِكَ مِثْلَكُمْ وَقَوْلُهُ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ هَذَا مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِنِ اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ انتهى
3- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ» فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، فَقَالَ: «إِنِّي أُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، وَرَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي رواه أبو داود (2374) حديث صحيح وصححه ابن حجر والألباني والأرنؤوط وأجيب : يحمل هذا الحديث على الوصال إلى السحر ، فذاك الذي نهى عنه ، ثم رخص فيه
4- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى رواه البخاري (1922) ومسلم (1102)
قال ابن قدامة في المغني (3/175)
وَهَذَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِذَلِكَ، وَمَنْعَ إلْحَاقِ غَيْرِهِ بِهِ. وَقَوْلُهُ: (إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى) . يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُعَانُ عَلَى الصِّيَامِ، وَيُغْنِيه اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ، بِمَنْزِلَةِ مِنْ طَعِمَ وَشَرِبَ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ: إنِّي أُطْعَمُ حَقِيقَةً، وَأُسْقَى حَقِيقَةً، حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لَوْ طَعِمَ وَشَرِبَ حَقِيقَةً لَمْ يَكُنْ مُوَاصِلًا، وَقَدْ أَقَرَّهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ: إنَّك تُوَاصِلُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: (إنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي) . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي النَّهَارِ، وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ فِي النَّهَارِ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْوِصَالَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، تَقْرِيرًا لِظَاهِرِ النَّهْيِ فِي التَّحْرِيمِ.
وَلَنَا أَنَّهُ تَرَكَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ الْمُبَاحَ، فَلَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا، كَمَا لَوْ تَرَكَهُ فِي حَالِ الْفِطْرِ. فَإِنْ قِيلَ: فَصَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ مُحَرَّمٌ، مَعَ كَوْنِهِ تَرْكًا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ الْمُبَاحِ. قُلْنَا: مَا حُرِّمَ تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِنَفْسِهِ؛ وَإِنَّمَا حُرِّمَ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ، وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الصَّوْمِ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا. وَأَمَّا النَّهْيُ فَإِنَّمَا أَتَى بِهِ رَحْمَةً لَهُمْ، وَرِفْقًا بِهِمْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ. كَمَا نَهَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ صِيَامِ النَّهَارِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوِصَالِ، رَحْمَةً لَهُمْ» .
وَهَذَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَلِهَذَا لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّحْرِيمَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ وَاصَلُوا بَعْدَهُ، وَلَوْ فَهِمُوا مِنْهُ التَّحْرِيمَ لَمَا اسْتَجَازُوا فِعْلَهُ
القول الثاني : ذهب الشافعي في أصح قوليه وابن حزم ورجحه ابن عثيمين إلى التحريم قال ابن حزم في المحلى (4/ 443) وَلَا يَحِلُّ صَوْمُ اللَّيْلِ أَصْلًا، وَلَا أَنْ يَصِلَ الْمَرْءُ صَوْمَ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ آخَرَ لَا يُفْطِرُ بَيْنَهُمَا، وَفُرِضَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا بُدَّ انتهى وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/443) :
والذي يظهر في حكم الوصال التحريم اهـ
القول الثالث : روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير أَنَّهُ كَانَ يُوَاصِلُ قال ابن حجر  وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ كَانَ يُوَاصِلُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ، وَمِنْ التَّابِعِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ انظر فتح الباري (4/ 204) قلت : ما روى عن ابن الزبير وغيره رضوان الله عليهم  ليس حجة وإنما الحجة قول النبي صل الله عليه وسلم كما هو معلوم لعله لم يبلغه النهي 0
فالقول الراجح : يحرم مواصلة الصوم ومتابعة بعضه بعضًا دون فطر أو سحور، لكن إذا لم تكن هناك مشقة فلا بأس بالوصال إلى السحر فقط؛ لحديث : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ»، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ رواه البخاري (1963)
 قال ابن حجر في فتح الباري (4/204)
وَذهب أَحْمد وَإِسْحَاق وبن الْمُنْذر وبن خُزَيْمَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (3/333)
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (3/333)
ومنها أيضاً: الوِصال إلى السَّحر للصائم، فإنه جائز، أي: يجوز ألا يفطر إلا في آخر الليل، أقرَّه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السَّحر»  لكنه ليس بمشروع، أي: لا نقول للناس: الأفضل أن يمسكوا حتى يكون السَّحَر، بل نقول: الأفضل أن يبادروا بالفِطر انتهى
--- صيام التطوع :
الاثنين والخميس :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: " إِنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ - أَوْ: لِكُلِّ مُؤْمِنٍ - إِلَّا الْمُتَهَاجِرَيْنِ، فَيَقُولُ: أَخِّرْهُمَا رواه أحمد (8361) قلت : حديث حسن وحسنه الترمذي (747) وحسنه السيوطي وصححه أحمد شاكر وصححه الألباني في صحيح الجامع (4804)
قال المناوي في فيض القدير (5/168) (كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس) فصومهما سنة مؤكدة (فقيل له) أي فقال له بعض أصحابه لم تخصهما بأكثرية الصوم (فقال الأعمال تعرض) على الله تعالى هذا لفظ رواية الترمذي وعند النسائي على رب العالمين (كل اثنين وخميس فيغفر لكل مسلم إلا المتهاجرين) أي المسلمين المتقاطعين (فيقول) الله لملائكته (أخروهما) حتى يصطلحا وفي معناه خبر تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا وفي خبر آخر اتركوا هذين حتى يفيئا قال الطيبي: لا بد هنا من تقدير من يخاطب بقول أخروا أو اتركوا أو أنظروا أو ادعوا كأنه تعالى لما غفر للناس سواهما قيل اللهم اغفر لهما أيضا فأجاب بذلك اه. وما قدرته أولا أوضح وفيه رد على الحليمي في قوله اعتياد صومهما مكروه ولذلك حكموا بشذوذه وتسميتهما بذلك يقتضي أن أول الأسبوع الأحد وهو ما نقله ابن عطية عن الأكثر لكن ناقضه السهيلي فنقل عن العلماء إلا ابن جرير أن أوله السبت انتهى
!!! صيام يوم وفطر يوم :
عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ: «فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ رواه البخاري (1976)
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/472) قوله: «وأفضله صوم يوم وفطر يوم» أي: أفضل صوم التطوع صوم يوم، وفطر يوم.فإذا قال قائل: لماذا لم يفعله الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والرسول ينشر الأفضل وهو أخشانا لله وأتقانا له؟ قلنا: لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يشتغل بعبادات أخرى أجل من الصيام، من الدعوة إلى الله، والأعمال الأخرى الوظيفية التي تستدعي أن يفعلها، ولهذا ثبت عنه فضل الأذان، وأن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة  ، ومع ذلك لم يباشره؛ لأنه مشغول بعبادات أخرى جليلة لا يتمكن من مراقبة الشمس في طلوعها، وزوالها وما أشبه ذلك، وقال في الرجل الذي دخل وصلى وحده: من يتصدق على هذا؟ فقام بعض أصحابه فصلى معه ، فلا يقول قائل: لماذا لم يقم هو لأنها صدقة، وهو أسبق الناس إلى الخير؟ فالجواب لأنه مشتغل بما هو أهم، من تعليم الناس، والتحدث إليهم وتأليفهم وما أشبه ذلك، المهم أنه لا يُظن أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم إذا ندب إلى فعل شيء وبين أنه أفضل ولم يفعله هو، فهو قصور منه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، ولكن اشتغاله بما هو أولى وأهم، ولهذا لما سئل عن صوم يوم وإفطار يومين؟ قال: «ليت أنا نقوى على ذلك» ، يعني أنه ما يقوى على ذلك مع أعماله الأخرى الجليلة التي لا يقوم بها غيره.وعلى هذا إذا جاءنا طالب علم، وقال: إنني إذا صمت قصرت عن طلب العلم وصار عندي خورٌ وضعف وتعب، وإذا لم أصم نشطت على العلم، فهل الأفضل في أن أصوم يوماً وأفطر يوماً؛ لأنه أفضل الصيام، أو أن أقوم بطلب العلم؛ نقول: الأفضل أن تقوم بطلب العلم.وإذا جاءنا رجل عابد ليس له شغل، لا قيام على عائلة، ولا طلب علم، وقال: ما الأفضل لي، أن أصوم يوماً وأفطر يوماً، أو لا أصوم؟ نقول: الأفضل أن تصوم يوماً وتفطر يوماً، فالمهم أن التفاضل في العبادات وتمييز بعضها عن بعض وتفضيل بعضها على بعض، أمر ينبغي التفطن له؛ لأن بعض الناس قد يلازم طاعة معينة ويترك طاعات أهم منها وأنفع، وقد جاء وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فجلس يتحدث إليهم وترك راتبة الظهر ولم يصلها إلا بعد العصر ، فعلى هذا ينبغي للإنسان أن يعادل بين نوافل العبادات وإذا ترك شيئاً لما هو أهم منه، فلا يقال إنه تركه، بل فعل ما هو خير منه، فلا يعد ذلك قصوراً.ودليل ذلك أن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: «لأصومن النهار، ولا أفطر، ولأقومن الليل ولا أنام، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله: «أنت الذي قلت كذا؟ قال: نعم، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: صم كذا، صم كذا، قال: إني أطيق أكثر من ذلك،حتى قال له: صم يوماً وأفطر يوماً فذلك أفضل الصيام، وهو صيام داود، وقال له في القيام: نم نصف الليل، وقم ثلث الليل، ونم سدس الليل، فذلك أفضل القيام وهو قيام داود»  ؛ لأن هذا الصيام يعطي النفس بعض الحرية، والبدن بعض القوة؛ لأنه يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكذلك القيام إذا نام نصف الليل، ثم قام ثلثه، ثم نام سدسه، فإن تعبه في قيام الثلث سوف يزول بنومه السدس، فيقوم في أول النهار نشيطاً.ولكن هذا، أي: صوم يوم وفطر يوم، مشروط بما إذا لم يضيع ما أوجب الله عليه، فإن ضيع ما أوجب الله عليه كان هذا منهياً عنه؛ لأنه لا يمكن أن تضاع فريضة من أجل نافلة، فلو فرض أن هذا الرجل إذا صام يوماً وأفطر يوماً، تخلف عن الجماعة في المسجد، لأنه يتعب في آخر النهار، ولا يستطيع أن يصل إلى المسجد، فنقول له: لا تفعل؛ لأن إضاعة الواجب أعظم من إضاعة المستحب، فهذا مستحب لا تأثم بتركه فاتركه.
كذلك لو انشغل بذلك عن مؤونة أهله، أي: انقطع عن البيع والشراء والعمل الذي يحتاجه لمؤونة أهله، فإننا نقول له: لا تفعل؛ لأن القيام بالواجب أهم من القيام بالتطوع، وكذلك لو أدى هذا الصيام إلى عدم القيام بواجب الوظيفة كان منهياً عنه.وقد التزم عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ بذلك حتى كبر فتمنى أنه قبل رخصة النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، حتى اجتهد ـ رضي الله عنه ـ فصار يصوم خمسة عشر يوماً متتابعة، ويفطر خمسة عشر يوماً متتابعة، ويرى أن هذا بدل عن صيام يوم وإفطار يوم.انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق