إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً
عبده ورسوله.
أما
بعد:
فهذه
بعض الأسطر نوضّح من خلالها القول الصحيح - إن شاء الله- في مسألة حكم بيع التقسيط – فذكرت أقوال العلماء ودليل كل
فريق وذكرت القول الصحيح من أَقوالهموالرد على المخالف 0
(
ما حكم بيع التقسيط )قلت : تنازع العلماء في ذلك على قولين ؟
القول الأول : إلى عدم
جواز ذلك وهذا مذهب مالك انظر الموطأ (2/437) ورجحه الألباني 0 ودليلهم : 1- قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ )
البقرة (275) قالوا : تُفيد أن كل زيادة تُؤخَذ مقابل الأجل فهي محرمة ؛ لدخولها
في عموم الربا وأجيب : بأن هذه الآية نص عام يشمل جميع أنواع البيوع ، إلا ما ورد
النص بِحُرمته ، ولا نص هنا يُحرِم البيع بالأجل
2- - قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً
عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء (29) قالوا :لأن البائع مضطر إليه للإقدَام عليه
لِترويج سِلعَتِه والمشتري مضطر إليه لحاجته إلى السلعة وليس معه ثمنها فلا رضا
هنا منهما وأجيب : أن الرضا ثابت هنا ، إذ أن البائع يحدد السعر الذي يريد ، وكذا
المدة يحددها على ما يُحب ويرضى وكذا المشتري فإنه بالخيار ، إما أن يأخذ بالثمن
المَعجَل وهو الأقل ، أو يأخذ بالمؤجل وهو الأكثر ، فيقع منه الرضا .
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» رواه الترمذي (1231) صحيح لغيره وصححه الترمذي والألباني وقد فسر سِمَاك
وهو راوي الحديث كما عند أحمد (3783) فقال : " الرَّجُلُ يَبِيعُ الْبَيْعَ، فَيَقُولُ: هُوَ بِنَسَاءٍ
– يعني أجل - بِكَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِنَقْدٍ - يعني حال - بِكَذَا وَكَذَا
وأجيب : هذا الحديث يَحتمل أكثر من تفسير ، فمنها تفسير سماك وكما سيأتي باقي
التفاسير وعلى ذلك لا دلالة واضحة في النص على حرمة بيع التقسيط – الأجل – وكذا
قول سماك لي بحجة لأنه ليس من الصحابة قال شيخنا عادل العزازي : وقد فسر سِمَاك وهو راوي الحديث فقال : " الرَّجُلُ
يَبِيعُ الْبَيْعَ، فَيَقُولُ: هُوَ بِنَسَاءٍ – يعني أجل - بِكَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِنَقْدٍ -
يعني حال - بِكَذَا وَكَذَا "وهذا كما هو معلوم الآن أن يكتب على السلعة بسعر
كذا كاش وبسعر كذا قسط لكن هذه الصورة المذكورة تكون إذا تم البيع دون الاتفاق على
أحد الشيئين نقدا أم قسطا ، وأما إذا اتفقا على إحدى الصورتين ، فيكون البيع جائزا
، وتكون قبل الاتفاق مساومة على البيع وليست بيعا انظر تمام المنة (3/369)
القول الثاني : ذهب أكثر
أهل العلم منهم الشافعي وأبو حنيفة وابن تيمية وابن القيم ورجحه ابن عثيمين إلى
جواز بيع التقسيط وهو الراجح إلى جوازه ورجحه ابن عثيمين
واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ، منها :
1- قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة (275).
فالآية بعمومها تشمل جميع صور البيع ومنها زيادة الثمن مقابل الأجل .
2- قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 .
فالآية بعمومها أيضاً تدل على جواز البيع إذا حصل التراضي من الطرفين . فإذا رضي المشتري بالزيادة في الثمن مقابل الأجل كان البيع صحيحاً .
3- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ رواه البخاري (2240)
وبيع السلم جائز بالنص والإجماع . وهو شبيه ببيع التقسيط . وذكر العلماء من حكمته أنه ينتفع المشتري برخص الثمن ، والبائع بالمال المعجل ، وهذا دليل على أن للأجل في البيع نصيباً من الثمن. وأن هذا لا بأس به في البيوع . انظر : المغني (6/385)
واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ، منها :
1- قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة (275).
فالآية بعمومها تشمل جميع صور البيع ومنها زيادة الثمن مقابل الأجل .
2- قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 .
فالآية بعمومها أيضاً تدل على جواز البيع إذا حصل التراضي من الطرفين . فإذا رضي المشتري بالزيادة في الثمن مقابل الأجل كان البيع صحيحاً .
3- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ رواه البخاري (2240)
وبيع السلم جائز بالنص والإجماع . وهو شبيه ببيع التقسيط . وذكر العلماء من حكمته أنه ينتفع المشتري برخص الثمن ، والبائع بالمال المعجل ، وهذا دليل على أن للأجل في البيع نصيباً من الثمن. وأن هذا لا بأس به في البيوع . انظر : المغني (6/385)
4-
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ
يَأْخُذَ فِي قِلَاصِ الصَّدَقَةِ»، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ رواه أبو داود (3357)، صحَّحه الحاكم، ووافقه الذَّهبي، وصححه البيهقي والنووي انظر توضيح
الأحكام (4/406) وحسنه ابن حجر والألباني في الإرواء (1358) وحسنه الأرنؤوط وهو
دليل واضح على جواز أخذ زيادة على الثمن نظير الأجل
5- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ: " لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ
لِلسِّلْعَةِ: هِيَ بِنَقْدٍ بِكَذَا وَبِنَسِيئَةٍ بِكَذَا، وَلَكِنْ لَا يَفْتَرِقَا
إِلَّا عَنْ رِضًا رواه ابن أبي شيبه (20453) سنده ضعيف وضعفه الألباني في الإرواء (5/152)
سئل الشيخ ابن باز عن حكم الزيادة في الثمن مقابل الأجل فقال:
إن هذه المعاملة لا بأس بها لأن بيع النقد غير التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل هذه المعاملة وهو كالإجماع منهم على جوازها، وقد شذ بعض أهل العلم فمنع الزيادة لأجل الأجل وظن ذلك من الربا وهو قول لا وجه له وليس من الربا في شيء لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة وعجزه عن تسليم الثمن نقداً، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز ذلك وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشاً فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل، ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) البقرة/282.
وهذه المعاملة من المداينات الجائزة الداخلة في الآية المذكورة وهي من جنس معاملة بيع السلم. . . اهـ فتاوى إسلامية (2/331)
قال ابن عثيمين رحمه الله كما في نور على الدرب (16/2)
إن هذه المعاملة لا بأس بها لأن بيع النقد غير التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل هذه المعاملة وهو كالإجماع منهم على جوازها، وقد شذ بعض أهل العلم فمنع الزيادة لأجل الأجل وظن ذلك من الربا وهو قول لا وجه له وليس من الربا في شيء لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة وعجزه عن تسليم الثمن نقداً، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز ذلك وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشاً فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل، ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) البقرة/282.
وهذه المعاملة من المداينات الجائزة الداخلة في الآية المذكورة وهي من جنس معاملة بيع السلم. . . اهـ فتاوى إسلامية (2/331)
قال ابن عثيمين رحمه الله كما في نور على الدرب (16/2)
بيع التقسيط له أمثلة كما
قال السائل والمثال الجائز هو أن يشتري السلعة الموجودة عند البائع - من قبل تساوي
ألفاً - بألفٍ وخمسمائة إلى سنة وهو يريد السلعة نفسها وهذا جائز بالإجماع أو يريد أن يتجر
بهذه السلعة بأن يشتريها في هذا البلد ويذهب بها إلى بلدٍ آخر ليزيد ثمنها هذا أيضاً
جائز بالإجماع مثال ذلك أتى رجل إلى شخص عنده فيلا تساوي أربعمائة ألف نقداً فقال أريد
أن أشتريها منك بخمسمائة ألف مؤجلة إلى سنة فاتفقا على ذلك فلا بأس في هذا بالإجماع
لأن الرجل اشتراها ليسكنها لكن زاد في ثمنها من أجل أنه ثمنٌ مؤخر ومعلومٌ أن الثمن
المؤخر يختلف عن الثمن المقدم أو إنسان اشترى سلعةً بثمنٍ مؤجل يريد بها الربح فهذا
أيضا جائز كإنسان اشترى من شخص فيلا تساوي أربعمائة نقداً بخمسمائة إلى أجل يريد أن
يربح فيها فلعلها تكون بستمائة إلى أجل أو بخمسمائة نقداً فيربح هذا لا بأس به بالإجماع
الصورة الثالثة أن يأتي شخصٌ إلى آخر إلى تاجر فيقول أنا محتاج إلى سيارة صفتها كذا
وكذا فيقول التاجر اذهب إلى المعرض وتخير السيارة التي تريد ثم ائتني حتى اشتريها من
المعرض ثم أبيعها عليك بثمنٍ مؤجل أكثر مما اشتراها به فهذا حرام وذلك لأن البائع لم
يشتر السلعة إلا من أجل الطالب الذي طلبها ولولا طلبه إياها لما اشتراها فيكون كالذي
أقرض المحتاج إلى السيارة أقرضه دراهم إلى أجل بزيادة وما شراء التاجر لهذه السيارة
ليبيعها على هذا المحتاج إلا حيلة فقط وإلا فليس له غرض في السيارة هذا حرام وإن كان
بعض الناس قد يفتي بجوازه فإن قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنما الأعمال
بالنيات) يدل على منعه لأن هذا التاجر ما نوى إلا الزيادة ما له غرض بالسيارة وقول
بعضهم إن التاجر يقول إذا اشتريتها فأنت أيها المحتاج بالخيار هذا وإن قاله فهو تدليس
يعني من المعلوم أن الذي احتاج السلعة لن يردها يريدها على كل حال هذه ثلاثة صور الصورة
الأخيرة غير جائزة صورة رابعة تسمى مسألة التورق وهي أن يحتاج الإنسان إلى دراهم فيأتي
إلى صاحب المعرض ويشتري منه السيارة التي تساوي خمسين ألفاً بستين ألفاً إلى سنة وقصد
المشتري الدراهم فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة فمنهم من قال إنها جائزة
لأن البائع يقول أنا ما لي وللمشتري وغرضه أنا بعت سيارة والمشتري يفعل ما شاء واختار
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن ذلك حرام وأنه من العينة التي حذر منها النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم والورع أن يتركها الإنسان وألا يتعامل بها فهذه أربعة صور
في مسألة البيع بالتقسيط اهـ
قال أبو مالك حفظه الله في صحيح فقه السنة (4/ 356) هناك فروق جوهرية بين الربا والبيع بالنسيئة – التقسيط - أبرزها
ما يأتي:
1 - أن الربا زيادة أحد المتساويين على الآخر، ولا
تساوى بين الشىء وثمنه مع اختلاف جنسهما، فلا يصح تحريم الزيادة في البيع بثمن مؤجل
لكونها ربا 2 - أن البيع في حالة البيع سلعة لها منافع ولها غلات،
وإن كانت مما ينتفع به باستهلاكه فإن أسعارها تختلف باختلاف الأزمان، وإن كانت مما
ينتفع به بسعر، فإذا احتاط البائع لنفسه فباعها بثمن مؤجل مرتفع ومعجل غير مرتفع فلأن
موضوع المعاملة يقبل الارتفاع والانخفاض في الأزمان، وله غلات بنفسه، أما النقود في
حالة الربا فهي وحدة التقدير، فالمفروض أن لا يؤثر فيها الزمان، وينبغي أن تكون كذلك
دائمًا، لأنها ليست سلعًا ترتفع وتنخفض.
وعليه، فما يأخذه البائع
بثمن مؤجل فرقًا بين العاجل والآجل إنما يأخذه ثمن غلة، بخلاف الديون التي تجرى في
النقدين، فإن من يتسلمها يتسلم عينًا لا تختلف فيها الأسعار باختلاف الأزمنة، لأنها
مقوِّمة الأسعار، وهي لا تغل بنفسها، بل تغل بالاتجار وتنقلها من الأيدى ببضائع تعلو
وتنخفض، فالبضائع هى التي تغل وليست هى موضع الدين
3 - أن هناك فرقًا بين أن يكون الأجل مراعى عند تقدير
ثمن السلعة في البيع بثمن مؤجل، وبين أن يكون الأجل قد خصص له جزء معين من المال بالإضافة
إلى المقدار الذي جعل بدلًا في المعاوضة.
إن فرقًا بين أن يبيع شخص
سلعة تساوى في السوق الحاضرة مائة بمائة وخمسة مؤجلة، وبين أن يقترض شخص من آخر إلى
أجل معين على أن يردها إليه عند حلول الأجل مائة وخمسة، فإن الأول جائز ولا شىء فيه
من الربا، فإن المقدار كله المائة والخمسة قد جعل ثمنًا للسلعة، والسلعة التي كان سعرها
في السوق الحاضرة مائة يمكن أن تباع مع تأجيل الثمن وعدم تأجيله بمائة وبمائة وخمسة
وبمائة إلا خمسة، على حسب الظروف والأحوال واختلاف الرغبات. وأما الثاني فغير جائز
لأنه من ربا النساء الذي جعل فيه الزمن مقصودًا قصدًا أصليًا في العقد مفروضًا له قدر
معين من الثمن يتزايد هذا المقدار عادة إذا حل الأجل ولم يوف المدين بأداء الدين.
والخلاصة أن المائة والخمسة
في صورة البيع بها إلى أجل وقعت كلها ثمنًا للسلع التي كان يمكن أن تباع بذلك الثمن
حالًا، وأما المائة والخمسة في صورة اقتراض
المائة بمائة وخمسة فإنها وقعت بدلا لشيئين: المائة بدل المائة، والخمسة بدل الزمن
وثمن له خاصة، وهذا لا شك أنه الربا الممنوع.
4 - أن البيع بالتقسيط فيه تخيير للمشترى بين الشراء
نقدًا بثمن أقل أو بثمن أكثر مؤجلًا، بخلاف الربا فإنه لا تخيير فيه.
كما أن الربا استغلال للناس
ومص للدماء، وخيانة للمجتمع، وظلم للطبقة الكادحة من قبل أخذ الطمع والجشع. أما البيع
بالتقسيط فهو تيسير لمعاملات الناس وتخفيف عنهم.
5 - أن البيع بثمن مؤجل لا تحدث فيه زيادة في الثمن
حتى ولو ماطل المشترى في الدفع عند حلول أجل الوفاء، فليس للبائع إلا ما اتفق عليه،
وذلك بخلاف عقد الربا حيث يستمر المقترض في دفع الفوائد في حالة عدم تسديد القرض حتى
يتضاعف بشكل كبير إذ في الغالب قد تكون الفائدة بسعر أعلى من السعر العادى عند التأخير
في الدفع.
6 - أن البيع بالتقسيط يترتب على من يتعامل به مختلف
آثار ومقتضيات البيع بالطرق الشرعية ولاسيما ما يتعلق بالخيارات، وليس الأمر كذلك فيما
يتعلق بالقرض بفائدةٍ ربويةٍ.
7 - أن الثمن في البيع بالأجل هو للسلعة مراعى فيه
الأجل وهو من التجارة المشروعة المعرض للربح والخسارة. وأما الزيادة في الربا فهي بلا
مقابل وهو الذي حرَّمه الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لأخطاره وأضراره.
8 - أنه في حالة البيع بثمن مؤجل يفترض أن تكون العلاقة
بين البائع والمشترى علاقة تكافؤ -في الأعم الأغلب، ولا عِبرة للحالات الشاذة- لأن
القدرة على المساومة والتفاوض مفتوحة لكلا الطرفين على قدم المساواة. أما في حالة القرض
الربوى فيفترض عدم التكافؤ إذ إن طرفًا فيها يعاني من حالة صعبة بالنسبة للطرف الآخر.
9 - أن التبادل في حالة الربا يتم على أشياء مثلية،
في حين أن التبادل في حالة البيع يتم على أشياء مختلفة؛ سلعة مقابل نقد، وهذا الاختلاف
في الأشياء المتبادلة هو الذي ينشىء النشاط التجارى المفيد المنتج في البيع بالمقارنة
مع النشاط الربوى اهـ
قال العلامة البسام رحمه الله في توضيح
الأحكام (4/ 283)
اختلف العلماء في معنى
"بيعتين في بيعة" فسَّره الحنابلة بأن يشترط أحد المتابيعين على الأخر عقداً
آخر، كسلف وقرض، وبيع وإجارة وشركة، ونحو ذلك، كقول البائع للمشتري: بعتك كذا بكذا
على أن تؤجرني دارك بكذا ونحو ذلك، فهذا الشرط يبطل العقد عندهم من أصله.
وحكمه البطلان؛ لأنَّه إذا
فسد الشرط وجب رد ما يقابله من الثمن، وهو مجهول، فيصير الثمن مجهولاً.
وفسَّره بعضهم بأن يقول البائع:
بعتك هذه السلعة بألفين نسيئة، وبألف نقداً، فأيَّهما شئت أخذتَ به.
أما ابن القيم: فيقول:
"البيعتان في بيعة" أن يبيعه السلعة بمائة مؤجلة، ثم يشتريها منه بثمانين
حالَّة، فقد باع بيعتين في بيعة، فإن أخذ بالثمن الزائد أخذ بالربا، وإن أخذ بالناقص
أخذ بأوكسهما، وهذا من أعظم الذرائع إلى الربا.
وهذا هو المعنى المطابق للحديث،
فإنَّه إذا كان مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلاَّ رأس ماله، وهو أوكس
الثمنين، فإن أخذه أخذ أوكسهما، وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا، فلا محيد له عن
أوكس الثمنين، أو الربا، ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى، أما أخذه بمائة مؤجلة أو
بثمانين حالة، فليس في هذا ربا ولا جهالة، وإنما خيَّره بأي الثمنين شاء.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:
الذي يدخل في النَّهي عن بيعتين في بيعة مسألة العِينة وعكسها؛ لأنَّ
فيه محذور الربا، وحيلة الربا.
وأما تفسير الحديث بأن يقول:
بعتك هذا البعير بمائة على أن تبيعني الشاة بعشرة، فلا تدخل، لأنَّه لا محذور في ذلك.
قال ابن القيم: في إعلام الموقعين (3/ 119) :
. أَنَّهُ نَهَى
عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَهُوَ الشَّرْطَانِ فِي الْبَيْعِ فِي الْحَدِيثِ
الْآخَرِ، وَهُوَ الَّذِي لِعَاقِدَةِ أَوْكَسُ الْبَيْعَتَيْنِ أَوْ الرِّبَا فِي
الْحَدِيثِ الثَّالِثِ، وَذَلِكَ سَدٌّ لِذَرِيعَةِ الرِّبَا؛ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَهُ
السِّلْعَةَ بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمِائَتَيْنِ حَالَّةٍ
فَقَدْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فَإِنْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ الزَّائِدِ أَخَذَ
بِالرِّبَا، وَإِنْ أَخَذَ بِالنَّاقِصِ أَخَذَ بِأَوْكَسِهِمَا، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الذَّرَائِعِ إلَى
الرِّبَا، وَأَبْعَدُ
كُلِّ الْبَعْدِ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْبَيْعِ بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ
خَمْسِينَ حَالَّةٍ، وَلَيْسَ هَاهُنَا رِبًا وَلَا جَهَالَةٌ وَلَا غَرَرٌ وَلَا قِمَارٌ
وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَفَاسِدِ؛ فَإِنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ أَيِّ الثَّمَنَيْنِ شَاءَ،
وَلَيْسَ هَذَا بِأَبْعَدَ مِنْ تَخْيِيرِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْإِمْضَاءِ
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا
ذَرِيعَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا إلَى الرِّبَا - وَهُمَا السَّلَفُ وَالْبَيْعُ، وَالشَّرْطَانِ
فِي الْبَيْعِ - وَهَذَانِ الْعَقْدَانِ بَيْنَهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَالْإِخَاءِ وَالتَّوَسُّلِ
بِهِمَا إلَى أَكْلِ الرِّبَا مَا يَقْتَضِي الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ،
فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ كَلَامُهُ الشِّفَاءُ وَالْعِصْمَةُ وَالْهُدَى
وَالنُّورُ اهـفائدة : جاء في قرارات "المجمع الفقهي": "إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق، أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم" انتهى من "مجلة المجمع الفقهي" (6/1/445-448)
انتهى، والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق